المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر: - بيان المعاني - جـ ٥

[ملا حويش]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌تفسير سورة البقرة عدد 1- 87 و 2

- ‌مطلب الإيمان يزيد وينقص وحال المنافقين وفضيحتهم وأفعالهم:

- ‌مطلب في المثل لماذا يضرب وما هو الرعد والبرق وضمير مثله:

- ‌مطلب في ثمار الجنة ونسائها وأهلها وضرب المثل والعهود التي أخذها الله على خلقه:

- ‌مطلب في المخترعات الحديثة والتحليل والتحريم وبحث في الخلق وقصة الجنّ ومغزى اعتراضهم:

- ‌مطلب تفضيل الرسل على الملائكة وامتناع إبليس عن السجود وكونه ليس من الملائكة:

- ‌مطلب إغواء إبليس لآدم وحواء وخروجهما من الجنة وإسكانهما الأرض:

- ‌مطلب في العقل ومعناه وأحاديث ومواعظ في الصبر والتقوى وغيرهما والصلاة وما خوطب به بنو إسرائيل:

- ‌مطلب خروج بني إسرائيل من مصر وأخذهم ضريح يوسف وإنجائهم وإغراق فرعون والميقات الأول:

- ‌مطلب في الشكر وتوبة بني إسرائيل والميقات الثاني:

- ‌مطلب في التيه والمنّ والسلوى ومخالفتهم أمر الله ثانيا:

- ‌مطلب رفع الطور على بني إسرائيل وكيفية مسخهم قودة وخنازير:

- ‌مطلب ما قاله الإمام المراغي وقصة البقرة وإحياء الميت:

- ‌مطلب مثالب بني إسرائيل وتحويفهم كلام الله ونقضهم عهوده:

- ‌مطلب حرص اليهود على الدنيا وعداوتهم لجبريل عليه السلام وابن حوريا وعمر بن الخطاب وقوة إيمانه:

- ‌مطلب في السحرة وهاروت وماروت والحكم الشرعي في السحر والساحر وتعلمه وتعليمه والعمل به:

- ‌مطلب في النسخ وأسبابه وأنه لا يكون إلا بمثله أو خير منه:

- ‌مطلب الاختلاف في سبب نزول الآية 108 وتفنيد الأقوال فيها ومجهولية الفاعل:

- ‌مطلب مناظرة اليهود والنصارى، ولغز في ذلك:

- ‌مطلب فيما ابتلى به إبراهيم ربه والكلمات التي علمها له وبناء الكعبة وغيرها:

- ‌مطلب وصية يعقوب وبقية قصة إسماعيل عليهما السلام:

- ‌مطلب بناء البيت وحدوده من جهاته وتحريمه واحترام ما فيه وبدء بنائه:

- ‌مطلب كيفية الإيمان والإسلام والمعمودية ومن سنها وتحويل القبلة وأن الشهادة قد تكون بلا مشاهدة ومنها شهادة خزيمة:

- ‌مطلب آيات الصفات والشكر على النعم والذكر مفرد أو جماعة وثواب الشهيد:

- ‌مطلب في الصبر وثوابه وما يقوله المصاب عند المصيبة:

- ‌مطلب في السعي وأدلة السمعية والحكم الشرعي فيه وكتم العلم:

- ‌مطلب الدلائل العشر المحتوية عليها الآية 164 من هذه السورة:

- ‌مطلب في الأكل وأحكامه وأكل الميتة والدم وغيرهما من المحرمات:

- ‌مطلب أنواع البرّ والقصاص وما يتعلق بهما:

- ‌مطلب في الوصايا ومن يوصى له ومن لا وما على الوصي والموصى له والموصي:

- ‌مطلب في الصوم وفرضيته والأعذار الموجبة للفطو والكفارة وإثبات الهلال وإنزال الكتب السماوية:

- ‌مطلب الدعاء وشروطه والجمع بين الآيات الثلاث فيه وشروط الإجابة:

- ‌مطلب أخذ أموال الناس باطلا والقضاء لا يحلل ولا يحرم ومعنى الأهلة وما كان في الجاهلية وأنه القتال الأولى:

- ‌مطلب المقابلة بالمثل وفضل العفو والإنفاق في سبيل الله والإحسان:

- ‌مطلب في المحافظة على الأدب في الحج ولزوم التقوى فيه وجواز البيع والشراء في الموسم ودوام ذكر الله تعالى:

- ‌مطلب مقتل زيد بن الدثنة وخبيب الأنصاري وإظهار حبهم لحضرة الرسول والصلاة عند القتل وقصة صهيب:

- ‌مطلب لا يصح نزول الآية في عبد الله بن سلام وبحث قيم في آيات الصفات وأن المزين في الحقيقة هو الله تعالى:

- ‌مطلب الأنبياء والرسل المتفق عليهم والمختلف فيهم ورسالتهم وعددهم وعدد الكتب المنزلة عليهم:

- ‌مطلب في الإنفاق والجهاد وفوائدهما وما يترتب على القعود عنهما من البلاء:

- ‌مطلب في الخمر والميسر ومخالطة اليتامى والنظر إليهم وبحث في النفقة أيضا وحفظ بيت المال

- ‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

- ‌مطلب في الأيمان وكفّارتها والإيلاء والطلاق والعدة وكلمات من الأضداد وما يتعلق بحقوق الزوجين:

- ‌كراهة الطلاق وجواز الخلع على مال وحرمة أخذه إن كان لا يريدها ووقوع الطلاق الثلاث:

- ‌مطلب في الرضاع وعدة الوفاة والطلاق وما يجب فيهما ونفقة الأولاد والمعتدات:

- ‌مطلب قصة ذي الكفل ونادرة السلطان سليم وقصة أشمويل عليه السلام:

- ‌مطلب في التابوت ومسيرهم للجهاد ومخالفتهم توصية نبيهم بالشرب من النهر وقتل جالوت وتولية داود عليه السلام:

- ‌مطلب التفاضل بين الأنبياء واختصاص كل منهم بشيء وتفضيل محمد على الجميع وإعطائه ما أعطاهم كلهم من المعجزات:

- ‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

- ‌مطلب محاججة النمروذ مع إبراهيم عليه السلام وقصة عزير عليه السلام وسؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى وجوابه عليها:

- ‌مطلب في الصدقة الخالصة والتوبة وما يتعلق بهما وبيان أجرها وعكسه:

- ‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

- ‌مطلب الهداية من الله، وفضل إخفاء وإعلان الصدقة، والربا وما يتعلق به والحكم الشرعي فيه:

- ‌مطلب فائدة انظار المعسر وتحذير الموسر عن المماطلة بالأداء وأجر العافي عن الدين والتوبة عن الربا وآخر آية نزلت فيه:

- ‌مطلب في الكتابة والشهادة على الدين وتحذير الكاتب والشاهد من الإضرار بأحد المتعاقدين وحجر القاصر ومن هو بحكمه:

- ‌مطلب المحاسبة غير المعاقبة ومعنى الخطأ والنسيان والهمّ والطاقة والإصر وغيرهما:

- ‌تفسير سورة الأنفال عدد 2 و 98 و 8

- ‌تفسير سورة آل عمران عدد 3 و 89 و 3

- ‌مطلب في وفد نجران ومناظرته مع حضرة الرسول، وبيان المحكم والمتشابه في القرآن العظيم:

- ‌مطلب آيات الله في واقعة بدر. ومأخذ القياس في الأحكام الشرعية. وأن الله خلق الملاذ إلى عباده ليشكروه عليها ويعبدوه:

- ‌مطلب في معنى الحساب وعلامة رضاء الله على خلقه وموالاة الكفرة وتهديد من يواليهم أو يحبتهم:

- ‌مطلب من معجزات القرآن تماثيل الأعمال كالسينما وفي طاعة الله ورسوله التي لا تقبل الأولى إلا مع الثانية وهناك من الأمثال ما يقاربها:

- ‌مطلب ولادة مريم من حنة وتزويج زكريا من إيشاع وقصتهما وما يتعلق فيهما:

- ‌مطلب في الاصطفاء، ومن كمل من النساء، وما احتوت عليه هذه الآيات وما يتعلق بها:

- ‌مطلب معجزات عيسى عليه السلام وقصة رفعه إلى السماء وعمل حوارييه من بعده:

- ‌مطلب في المباهلة ما هي وعلى أي شيء صالح رسول الله وقد نجوان وحكاية أسير الروم

- ‌مطلب في الحلف الكاذب والمانّ بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

- ‌مطلب وقت قبول التوبة وعدم قبولها. ومعنى البر والإثم. والتصديق بالطيب. والوقف الذري. وتبدل الأحكام بتبدل الأزمان:

- ‌مطلب في البيت الحوام والبيت المقدس وفرض الحج وسقوطه وتاريخ فرضه والزكاة والصوم والصلاة أيضا:

- ‌مطلب فتن اليهود وإلقائها بين المسلمين وسبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول وألفتهم:

- ‌مطلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاجتماع والفرقة وكون هذه الأمة خير الأهم ومعنى كان والتذكير والتأنيث:

- ‌مطلب حقد اليهود والمنافقين ورؤية حضرة الرسول وقصة أحد وما وقع فيها:

- ‌مطلب من أمي قديم، إلى حزن حادث وفي الربا ومفاسده. ووجود الجنة والنار والأوراق النقدية:

- ‌مطلب في التقوى وكظم الغيظ والعفو والإحسان، ومكارم الأخلاق والتنزه عن مذامتها:

- ‌مطلب الأيام دول بين الناس، وكون الجهاد لا يقرب الأجل، وكذب المنافقين، واللغات التي تجوز في كأين:

- ‌مطلب المقتول ميت بأجله، وأنواع العبادة ثلاثة، وبحث في الشورى ومن يشاور، وخطبة أبي طالب:

- ‌مطلب في حياة الشهداء، وخلق الجنة والنار، وقصة أهل بنو معونة، وما قاله معبد الخزاعي:

- ‌مطلب غزوة حمراء الأسد، وبدر الصغرى، وأحاديث في فضل الجهاد والرباط:

- ‌مطلب في الزكاة وعقاب تاركها، وتحذير العلماء من عدم قيامهم بعلمهم، وحقيقة النفس:

- ‌مطلب إخبار الله تعالى عما يقع على المؤمنين وقتل كعب بن الأشرف والاعتبار والتفكر والذكر وفضلهما وصلاة المريض:

- ‌مطلب فيما وقع للنجاشي مع أصحاب رسول الله ووفد قريش. ومأخذ قانون عدم تسليم المجرمين السياسيين. والصلاة على الغائب:

- ‌تفسير سورة الأحزاب عدد 4- 90 و 33

- ‌مطلب في غزوة الخندق وما سلط فيها على الأحزاب وهزيمتهم

- ‌مطلب لا يسمى ما وقع من حضرة الرسول وما في بعض آيات القرآن شعرا لفقد شروطه وقصة بني قريظة:

- ‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

- ‌مطلب زواج حضرة الرسول بمطلقة زيد، وكونه خاتم الأنبياء، والطلاق قبل الدخول:

- ‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

- ‌مطلب كيفية الصلاة على النبي، وهل يجوز إطلاقها على غيره، والذين لعنهم الله ومن يؤذي أولياءه:

- ‌مطلب تفطية وجه المرأة، والنهي عن نقل القول، وما اتهم به موسى من قومه والأمانة:

- ‌تفسير سورة الممتحنة عدد 5- 91 و 60

- ‌مطلب الاخبار بالغيب في كتاب حاطب لأهل هكة ونصيحة الله للمؤمنين في ذلك:

- ‌مطلب من جحد عهد الحديبية وما يتعلق بالنسخ ونص المعاهدة وما وقع فيها من المعجزات:

- ‌تفسير سورة النساء عدد 6 و 92 و 4

- ‌مطلب في أخلاق الجاهلية وفوائد السلطان للبلاد والعباد. وأكل مال اليتيم:

- ‌مطلب في الوصايا وأموال الأيتام وحفظها وتنميتها ورخصة الأكل منها للمحتاج:

- ‌مطلب حد الزنى واللواطة. وأصول التشريع. والمراد بالنسخ. وإيمان اليأس والتوبة:

- ‌مطلب في المحرمات من النساء وفي نكاح الحرة والأمة ونكاح التبعة والتفاضل بين الناس:

- ‌مطلب أكل المال بالباطل وجواز البيع بالتراضي ومن يقتل نفسه وكبائر الذنوب وصغائرها وما يتعلق بهذا:

- ‌مطلب تفضيل الرجل على المرأة. وعدم مقاصصتهن لرجالهن. وأمر تأديبهن منوط برجالهن أيضا:

- ‌مطلب أجمع آية في القرآن لمصارف الصدقة. وحق القرابة والجوار وشبههما وذم البخل:

- ‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

- ‌مطلب طبايع اليهود أخزاهم الله واسلام عبد الله بن سلام وأصحابه وغفران ما دون الشرك وعلقة اليهود:

- ‌مطلب توصية الله الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

- ‌في مطلب معنى زعم قصة بشر واليهودي والزبير والأنصاري وامتثال أوامر الرسول:

- ‌مطلب ما فعله ابو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب

- ‌مطلب في قوله تعالى كل من عند الله، وكيفية حال المنافقين مع حضرة الرسول، وان كلام الله لا يضاهيه كلام خلقه محمد فمن سواه صلى الله عليه وسلم:

- ‌مطلب أمر حضرة الرسول بالقتال والآية المبشرة إلى واقعة أحد وبدر الصغرى والشفاعة والرجاء ومشروعية السلام ورده:

- ‌مطلب من يقتل ومن لا يقتل ومن يلزمة الكفارة للقتل ومن لا وما هو يلزم القاتل وأنواع القتل:

- ‌مطلب في قصر الصلاة وكيفيتها وهل مقيدة بالخوف أم لا ومدتها، وقصة سرقة طعيمة بن أبيرق وجواز الكذب أحيانا:

- ‌مطلب غفران مادون الشرك وتوبة الشيخ على يد رسول الله:

- ‌مطلب ارث النساء والقسم من الزوجات وجواز الفداء والعداء والظلم والعدل:

- ‌مطلب في التهكم والكتاب والنهي عن مجالسة الغواة وأفعال المنافقين وأقوال اليهود الباطلة:

- ‌مطلب عدم تيقن اليهود بان عيسى هو المصلوب، وآية الربا الرابعة، وعدد الأنبياء والرسل وفرق النصارى ونص الأقانيم الثلاث:

الفصل: ‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

من يعقله من الناس شيخ كبير ضعف جسمه وكثر عياله أفقر ما كان إلى جنته وإن أحدكم والله أفقر ما يكون إلى عمله إذا انقطعت عنه الدنيا، قال ابن عباس نزلت هذه الآية مثلا لرجل غني يعمل الحسنات ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله كلها. وترمي هذه الآية إلى أن الفرق بين المرائي والمنّان في النفقة من حيث وقع المصيبة وتأثيرها في النفس لأن المرائي لم يبرح ثوابا على نفقته فلا يحزن لحرمانه من ثوابها لأن قصده إظهارها للناس وحمده عليها وقد حصل على ذلك في الدنيا، والمنّان كان يرجو ثواب صدقته فحرمه الله بسبب منّه وأذاه.

وتشير إلى أن كل ما يغضب الله تعالى بسبب زوال النعم وإلى عدم الاغترار بنعم الله لأنه يؤدي إلى سلبها وأن عدم وجود النعمة مبدئيا خير من وجودها وسلبها، فعلى العاقل أن يحذر من نقم الله أكثر مما يتطلب من نعمه وأن يتلبس بالطاعة كلما زاده الله خيرا لأن المعصية تسبب الزوال.

‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

هذا وبعد أن حذر الله جل شأنه المنفقين مما لا ينبغي فعله ليتنزهوا عنه بين ما ينبغي مراعاته في المنفق ليكون الإحسان متناسبا مع شرف الغاية التي أنفق المال من أجلها فقال «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ» من تجارة وصناعة أو جرايه وزراعة أي أنفقوا من أطيب ما تحرزون من ذلك وأحسنه وأكمله «وَ» أنفقوا أيضا «مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ» من أنواع الحبوب والثمار والفواكه والخضار التي تدخر «وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ» تقصدون الرديء «مِنْهُ تُنْفِقُونَ» على الفقراء وغيرهم «وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ» أي ذلك الخبيث لو فرض إعطاؤه لكم من قبل الغير «إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ» بأن تتسامحوا بأخذه وقت الحاجة فأولى لكم أن لا تأخذوه بغيرها لأن الإنسان إذا رأى ما يكره أغمض عينيه لئلا يراه فيأخذه حياء أو غصبا أو عند اليأس من أخذ غيره إذا تركه فيأخذه مكرها عن غير رضا وطيب قلب «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ» عن صدقاتكم وقادر على رزق الفقراء من فضله دونكم بل واغنائهم عنكم ولكن إظهار فضلكم على الغير وتفاضلكم بينكم وبيان أثر نعمه عليكم

ص: 240

«حَمِيدٌ (267) » لما تتصدقون به وأنه يظهر حمدكم على لسان عباده فيثنون عليكم، ثم حذرهم خوف فقدان ذات اليد بسبب التصدق، فقال عز قوله «الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ» يخوفكم به كي لا تتصدقوا ليحول دون ما أعده الله لكم من الثواب حسدا وليظهر على ألسنة الناس ذمكم «وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ» هذه الكلمة في جميع القرآن بمعنى ما يستقبح فعله ويفحش كالزنى واللواطة إلا هنا فإنها بمعنى البخل الذي هو منع الزكاة لأن هذه الآية من أوضح الآيات الدالة على فرض الزكاة على النقود والحبوب وغيرها لعموم لفظها وشموله، والعرب تسمي البخيل فاحشا قال طرفة بن العبد:

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي

عقيلة مال الفاحش المتشدد

«وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا» خلفا لما تتصدقون به مع العفو عن ذنوبكم «وَاللَّهُ واسِعٌ» العطاء لا تنفذ خزائنه يعطي من يشاء بغير حساب وهو «عَلِيمٌ (268) » بمن يتصدق لوجهه ممن يتصدق لغيره. تنبه هذه الآية إلى أن ما يحصل في قلب المنفق من خوف الفقر هو من الشيطان فينبغي أن لا يلتفت إليه لأنه من جملة مكايده، وأن ما يقع في قلبه من رجاء توسعة الرزق بسبب النفقة هو من الله فليثق به فإنه لا بد أن يزيده من فضله، وتشير إلى أن الشيطان يغري البشر على البخل لئلا ينفق والله جل جلاله يغريكم على الكرم مع وعد الخلف، فعلى العاقل أن يكون حكيما فيميل إلى ما به النفع الدائم لأن الله تعالى «يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ» من عباده ممن هو أهل لأن يتبصر بها لأنها لا تكون بالكسب ولا بالجهد ولا بالتعليم بل هي من الله الذي يبصر عبده بطرق الخير ويهديه لسلوكها، ويعرفه طرق الشر ويصرفه عنها، وهذا هو معنى الحكمة وهي أعظم ما يؤتى العبد بعد الإيمان «وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ» الحقيقة التي هي النبوة «فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً» لأنها ملاك خير الدنيا والآخرة «وَما يَذَّكَّرُ» بمواعظ الله وعبره وأمثاله «إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (269) » لأنهم هم المنتفعون بها العالمون بما ينتج عنها. قالوا إن الحكمة بمطلق معناها لا التي بمعنى النبوة بنيت على ثلاث: أيدي الصين وأدمغة اليونان وألسنة العرب. واعلم أن هذه الآية تشير إلى

ص: 241

أن من عرف حبائل الشيطان ولم يركن إليها وأيقن بوعد الله فهو من أهل الحكمة الجامعة كل خير المتيقن في قلوبهم صدق كل ما سمعوه عن الله ورسوله، قال تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) الآية 38 من سورة ق في ج 1، لأن القلب ملك الجوارح إذا صلح صلحت وإذا فسد فسدت. واعلم أن مغزى هذه الآية وما قبلها جعل ما يتصدق به الإنسان لوجه الله وأن يكون خير ما له إذ لا يليق بالمحسن أن يعطي ما ينكف عن أخذه وتعافه نفسه، راجع قوله تعالى (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) الآية 63 من سورة النحل في ج 2، وتحذير الأخذ بقول من يقول إن النفقة تورث الفقر لأنه من وساوس الشيطان وخداعه وان يأخذ بقول من يقول إن النفقة تورث توسع الرزق وتزيد في العمر وأن الكرم من صفات الله التي يجب على الغني الاتصاف بها، والبخل من صفات الشيطان الذي يجب الاجتناب عنه، وترمي إلى أن الحكمة هي من مواهب الله تعالى ولا طريق لها إلا الإلهام ومن يرد الله به خيرا يفقهه في معانيها وعواقبها ومراميها لأن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها. وقالوا القلوب تحتاج إلى أقواتها من الحكمة كما تحتاج الأبدان إلى الغذاء. وقال بعض الحكماء ليهنه طعام من أكله ما حله وعاد على ذوي الحاجات من فضله. وقال آخر احذر مذلة الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع. وقال ما أكلته وأنت مشتهيه فقد أكلته وما أكلت وأنت لا تشتهيه فقد أكلك وقال قصير ما الحيلة فيما أعي إلا الكفّ عنه ولا الرأي فيما لا ينال إلا اليأس منه وقال الإسكندر لا توجد لذة الملك إلا بإسعاف الراغبين واغاثة الملهوفين ومكا المحسنين، وقال البغي ذميم العقبى، وهدم البيوت القديمة غير محمود، والحرب مأمون العاقبة، ودماء الملوك لا يجوز إراقتها، وسلطان العقل على باطن العاقل أشد من سلطان السيف على ظاهر الأحمق، والسعيد من لا يعرفنا ولا نعرفه، والملوك إذا دبرت ملكها بمال رعيتها كانت بمنزلة من يعمر سطح بيته بما ينفقه من أساسه وقال رجل لكسرى ثلاث كلمات بألف دينار وهي: ليس في الناس كلهم خير ولا بد منهم، فالبسهم على قدر ذلك. وقال اردشير الدين أساس، والملك حارس وما لم يكن له أساس فمهدوم، وما لم يكن له حارس فضائع، وقال لا شيء أضر

ص: 242

على الملك من معاشرة الوضيع ومداناة السفيه، وقال كما تصلح النفس بمعاشرة الشريف تفسد بمخالطة السخيف، وكتب له رجل ينصحه بأن قوما سبّوك، فقال إن كان سبهم بألسنة شتى فقد جمعت ما قالوه في ورقتك. فجرحك أعجب ولسانك أكذب.

راجع الآية 17 من سورة النمل في ج 1 فيما يتعلق بالحكم والأمثال. ثم ذكر جل شأنه حكما آخر شاملا لكل أنواع النفقات فقال «وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ» خالصة لله أو مشوبة بشيء مما ذكر «أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ» مطلق للخير والشر فاوجبتموه على أنفسكم «فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ» ويجازيكم عليه بحسب نيتكم، فإما أن يخلف عليكم ما هو خير منه في الدنيا ويثيبكم عليه في الآخرة، وإما أن يكافيكم عليه بالدنيا بإشاعته على ألسن الناس، ويؤزركم عليه في الآخرة لأنكم لم تريدوا بها وجهه فتكونوا ظالمي أنفسكم «وَما لِلظَّالِمِينَ» المانعين رفدهم ولم يوفوا بنذورهم في الدنيا «مِنْ أَنْصارٍ (270) » يدفعون عنهم عذاب الله يوم الجزاء في الآخرة. وقد قرر الله تعالى الوعيد على البشر في هذه الآية لبيان فظاعة حال البخيل الذي لم يؤد حق الله من ماله إلى عياله، وقد أيأسه من المعين والخليل عند ما يكون أحوج إليهما، واعلم أن الأمر في هذه الآية للوجوب لأنها أدلّ وأعم وأشمل آية على فرض الزكاة، فيدخل فيها الذهب والفضة وأرباح النجارات وحاصلات الزروع والأشجار وغيرها من كل ما يقتات به ويدّخر وما يكتسب من هذا وغيره، أما الذي لا يدّخر كالبطيخ بأنواعه والخيار بأصنافه وبعض الفواكه والخضار فلا زكاة فيها، وتفصيل ما يجب زكاته وما لا، ونصاب كل منها في المال والعروض والحيوان والحبوب مفصل في كتب الفقه فراجعها. قال أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله إن المراد بهذه النفقة التي أمرنا الله باختيارها من الطيبات هي الزّكاة المفروضة، لأن الأمر فيها للوجوب. وقال مالك إن المراد بها مطلق الصدقة، والأول جرى عليه أكثر العلماء والمفسرين، إذ لا نهي في الآية عن التصدق بالرديء، وهو مخصوص بصدقة الفرض. قال عبيدة السلماني سألت عليا كرم الله وجهه عن هذه الآية فقال نزلت في الزكاة المفروضة كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه فيعزل الجيد ناحية، فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه الرديء، فقال تعالى (وَلا تَيَمَّمُوا

ص: 243

الْخَبِيثَ)

إلخ، وقال بعض المفسرين نزلت في أناس من الأنصار كانوا يتصدقون بأردأ تمرهم على اهل الصفة فنهاهم الله عن ذلك، وأعلمهم بأنهم لو كانوا هم الآخذين لم يأخذوه إلا عن إغماض وحياء فكيف يعطونه؟ وعليه فإن التصدق بالحرام لا يجوز لأنه أخبث من الرديء. روى الأثرم في سننه عن عطاء بن السائب قال: أراد عبد الله ابن المغيرة أن يأخذ من أرض موسى بن طليحة من الخضراوات صدقة، فقال له موسى ليس لك ذلك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ليس في ذلك صدقة، وهذا الحديث من أقوى المراسيل لاحتجاج من أرسله وهو دليل من قال إن هذه الآية نزلت في الزكاة المفروضة، ومن قال إنها في صدقة التطوع استدل بما أخرج في الصحيحين عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة. وهذا ليس بشيء وإن كان الحديث صحيحا لأنه لا يدل على أن هذه الآية نزلت في صدقة التطوع، وتفيد الآية الأخيرة هذه وهي العاشرة من آيات الصدقة المشار إليها في الآية 261 إلى أن الله تعالى يعلم برّكم ونفقاتكم ونذوركم وأن من لم يوف بها فهو ظالم لنفسه التي أمر بتطهيرها وتزكيتها، وفيها وعيد وتحذير وتهديد لمن لم يوف بنذره لأنه هو الذي أوجبه على نفسه فصار من قبيل العهد، وقد أمر الله تعالى بالوفاء به كما مر في الآية 152 من سورة الأنعام في ج 2، وما أشير إليه فيها من المواضع. والحكم الشرعي: وجوب الزكاة على من ملك النصاب فاضلا عن حوائجه كلها المبين تفصيلها في كتب الفقه المشحونة بكل ما يخطر على بالك بشرط حول الحول على النقدين وأموال التجارة وكل ما يعد عروضا، أما الزروع والحبوب فبنمو اسمها وعلى ما يفضل من نصابها. والحكم الشرعي في النذر إذا كان خيرا وجب الوفاء به، وإن كان شرا كفر عنه. روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه

وسلم من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية الله فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين،

ص: 244