المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا: - بيان المعاني - جـ ٥

[ملا حويش]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌تفسير سورة البقرة عدد 1- 87 و 2

- ‌مطلب الإيمان يزيد وينقص وحال المنافقين وفضيحتهم وأفعالهم:

- ‌مطلب في المثل لماذا يضرب وما هو الرعد والبرق وضمير مثله:

- ‌مطلب في ثمار الجنة ونسائها وأهلها وضرب المثل والعهود التي أخذها الله على خلقه:

- ‌مطلب في المخترعات الحديثة والتحليل والتحريم وبحث في الخلق وقصة الجنّ ومغزى اعتراضهم:

- ‌مطلب تفضيل الرسل على الملائكة وامتناع إبليس عن السجود وكونه ليس من الملائكة:

- ‌مطلب إغواء إبليس لآدم وحواء وخروجهما من الجنة وإسكانهما الأرض:

- ‌مطلب في العقل ومعناه وأحاديث ومواعظ في الصبر والتقوى وغيرهما والصلاة وما خوطب به بنو إسرائيل:

- ‌مطلب خروج بني إسرائيل من مصر وأخذهم ضريح يوسف وإنجائهم وإغراق فرعون والميقات الأول:

- ‌مطلب في الشكر وتوبة بني إسرائيل والميقات الثاني:

- ‌مطلب في التيه والمنّ والسلوى ومخالفتهم أمر الله ثانيا:

- ‌مطلب رفع الطور على بني إسرائيل وكيفية مسخهم قودة وخنازير:

- ‌مطلب ما قاله الإمام المراغي وقصة البقرة وإحياء الميت:

- ‌مطلب مثالب بني إسرائيل وتحويفهم كلام الله ونقضهم عهوده:

- ‌مطلب حرص اليهود على الدنيا وعداوتهم لجبريل عليه السلام وابن حوريا وعمر بن الخطاب وقوة إيمانه:

- ‌مطلب في السحرة وهاروت وماروت والحكم الشرعي في السحر والساحر وتعلمه وتعليمه والعمل به:

- ‌مطلب في النسخ وأسبابه وأنه لا يكون إلا بمثله أو خير منه:

- ‌مطلب الاختلاف في سبب نزول الآية 108 وتفنيد الأقوال فيها ومجهولية الفاعل:

- ‌مطلب مناظرة اليهود والنصارى، ولغز في ذلك:

- ‌مطلب فيما ابتلى به إبراهيم ربه والكلمات التي علمها له وبناء الكعبة وغيرها:

- ‌مطلب وصية يعقوب وبقية قصة إسماعيل عليهما السلام:

- ‌مطلب بناء البيت وحدوده من جهاته وتحريمه واحترام ما فيه وبدء بنائه:

- ‌مطلب كيفية الإيمان والإسلام والمعمودية ومن سنها وتحويل القبلة وأن الشهادة قد تكون بلا مشاهدة ومنها شهادة خزيمة:

- ‌مطلب آيات الصفات والشكر على النعم والذكر مفرد أو جماعة وثواب الشهيد:

- ‌مطلب في الصبر وثوابه وما يقوله المصاب عند المصيبة:

- ‌مطلب في السعي وأدلة السمعية والحكم الشرعي فيه وكتم العلم:

- ‌مطلب الدلائل العشر المحتوية عليها الآية 164 من هذه السورة:

- ‌مطلب في الأكل وأحكامه وأكل الميتة والدم وغيرهما من المحرمات:

- ‌مطلب أنواع البرّ والقصاص وما يتعلق بهما:

- ‌مطلب في الوصايا ومن يوصى له ومن لا وما على الوصي والموصى له والموصي:

- ‌مطلب في الصوم وفرضيته والأعذار الموجبة للفطو والكفارة وإثبات الهلال وإنزال الكتب السماوية:

- ‌مطلب الدعاء وشروطه والجمع بين الآيات الثلاث فيه وشروط الإجابة:

- ‌مطلب أخذ أموال الناس باطلا والقضاء لا يحلل ولا يحرم ومعنى الأهلة وما كان في الجاهلية وأنه القتال الأولى:

- ‌مطلب المقابلة بالمثل وفضل العفو والإنفاق في سبيل الله والإحسان:

- ‌مطلب في المحافظة على الأدب في الحج ولزوم التقوى فيه وجواز البيع والشراء في الموسم ودوام ذكر الله تعالى:

- ‌مطلب مقتل زيد بن الدثنة وخبيب الأنصاري وإظهار حبهم لحضرة الرسول والصلاة عند القتل وقصة صهيب:

- ‌مطلب لا يصح نزول الآية في عبد الله بن سلام وبحث قيم في آيات الصفات وأن المزين في الحقيقة هو الله تعالى:

- ‌مطلب الأنبياء والرسل المتفق عليهم والمختلف فيهم ورسالتهم وعددهم وعدد الكتب المنزلة عليهم:

- ‌مطلب في الإنفاق والجهاد وفوائدهما وما يترتب على القعود عنهما من البلاء:

- ‌مطلب في الخمر والميسر ومخالطة اليتامى والنظر إليهم وبحث في النفقة أيضا وحفظ بيت المال

- ‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

- ‌مطلب في الأيمان وكفّارتها والإيلاء والطلاق والعدة وكلمات من الأضداد وما يتعلق بحقوق الزوجين:

- ‌كراهة الطلاق وجواز الخلع على مال وحرمة أخذه إن كان لا يريدها ووقوع الطلاق الثلاث:

- ‌مطلب في الرضاع وعدة الوفاة والطلاق وما يجب فيهما ونفقة الأولاد والمعتدات:

- ‌مطلب قصة ذي الكفل ونادرة السلطان سليم وقصة أشمويل عليه السلام:

- ‌مطلب في التابوت ومسيرهم للجهاد ومخالفتهم توصية نبيهم بالشرب من النهر وقتل جالوت وتولية داود عليه السلام:

- ‌مطلب التفاضل بين الأنبياء واختصاص كل منهم بشيء وتفضيل محمد على الجميع وإعطائه ما أعطاهم كلهم من المعجزات:

- ‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

- ‌مطلب محاججة النمروذ مع إبراهيم عليه السلام وقصة عزير عليه السلام وسؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى وجوابه عليها:

- ‌مطلب في الصدقة الخالصة والتوبة وما يتعلق بهما وبيان أجرها وعكسه:

- ‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

- ‌مطلب الهداية من الله، وفضل إخفاء وإعلان الصدقة، والربا وما يتعلق به والحكم الشرعي فيه:

- ‌مطلب فائدة انظار المعسر وتحذير الموسر عن المماطلة بالأداء وأجر العافي عن الدين والتوبة عن الربا وآخر آية نزلت فيه:

- ‌مطلب في الكتابة والشهادة على الدين وتحذير الكاتب والشاهد من الإضرار بأحد المتعاقدين وحجر القاصر ومن هو بحكمه:

- ‌مطلب المحاسبة غير المعاقبة ومعنى الخطأ والنسيان والهمّ والطاقة والإصر وغيرهما:

- ‌تفسير سورة الأنفال عدد 2 و 98 و 8

- ‌تفسير سورة آل عمران عدد 3 و 89 و 3

- ‌مطلب في وفد نجران ومناظرته مع حضرة الرسول، وبيان المحكم والمتشابه في القرآن العظيم:

- ‌مطلب آيات الله في واقعة بدر. ومأخذ القياس في الأحكام الشرعية. وأن الله خلق الملاذ إلى عباده ليشكروه عليها ويعبدوه:

- ‌مطلب في معنى الحساب وعلامة رضاء الله على خلقه وموالاة الكفرة وتهديد من يواليهم أو يحبتهم:

- ‌مطلب من معجزات القرآن تماثيل الأعمال كالسينما وفي طاعة الله ورسوله التي لا تقبل الأولى إلا مع الثانية وهناك من الأمثال ما يقاربها:

- ‌مطلب ولادة مريم من حنة وتزويج زكريا من إيشاع وقصتهما وما يتعلق فيهما:

- ‌مطلب في الاصطفاء، ومن كمل من النساء، وما احتوت عليه هذه الآيات وما يتعلق بها:

- ‌مطلب معجزات عيسى عليه السلام وقصة رفعه إلى السماء وعمل حوارييه من بعده:

- ‌مطلب في المباهلة ما هي وعلى أي شيء صالح رسول الله وقد نجوان وحكاية أسير الروم

- ‌مطلب في الحلف الكاذب والمانّ بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

- ‌مطلب وقت قبول التوبة وعدم قبولها. ومعنى البر والإثم. والتصديق بالطيب. والوقف الذري. وتبدل الأحكام بتبدل الأزمان:

- ‌مطلب في البيت الحوام والبيت المقدس وفرض الحج وسقوطه وتاريخ فرضه والزكاة والصوم والصلاة أيضا:

- ‌مطلب فتن اليهود وإلقائها بين المسلمين وسبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول وألفتهم:

- ‌مطلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاجتماع والفرقة وكون هذه الأمة خير الأهم ومعنى كان والتذكير والتأنيث:

- ‌مطلب حقد اليهود والمنافقين ورؤية حضرة الرسول وقصة أحد وما وقع فيها:

- ‌مطلب من أمي قديم، إلى حزن حادث وفي الربا ومفاسده. ووجود الجنة والنار والأوراق النقدية:

- ‌مطلب في التقوى وكظم الغيظ والعفو والإحسان، ومكارم الأخلاق والتنزه عن مذامتها:

- ‌مطلب الأيام دول بين الناس، وكون الجهاد لا يقرب الأجل، وكذب المنافقين، واللغات التي تجوز في كأين:

- ‌مطلب المقتول ميت بأجله، وأنواع العبادة ثلاثة، وبحث في الشورى ومن يشاور، وخطبة أبي طالب:

- ‌مطلب في حياة الشهداء، وخلق الجنة والنار، وقصة أهل بنو معونة، وما قاله معبد الخزاعي:

- ‌مطلب غزوة حمراء الأسد، وبدر الصغرى، وأحاديث في فضل الجهاد والرباط:

- ‌مطلب في الزكاة وعقاب تاركها، وتحذير العلماء من عدم قيامهم بعلمهم، وحقيقة النفس:

- ‌مطلب إخبار الله تعالى عما يقع على المؤمنين وقتل كعب بن الأشرف والاعتبار والتفكر والذكر وفضلهما وصلاة المريض:

- ‌مطلب فيما وقع للنجاشي مع أصحاب رسول الله ووفد قريش. ومأخذ قانون عدم تسليم المجرمين السياسيين. والصلاة على الغائب:

- ‌تفسير سورة الأحزاب عدد 4- 90 و 33

- ‌مطلب في غزوة الخندق وما سلط فيها على الأحزاب وهزيمتهم

- ‌مطلب لا يسمى ما وقع من حضرة الرسول وما في بعض آيات القرآن شعرا لفقد شروطه وقصة بني قريظة:

- ‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

- ‌مطلب زواج حضرة الرسول بمطلقة زيد، وكونه خاتم الأنبياء، والطلاق قبل الدخول:

- ‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

- ‌مطلب كيفية الصلاة على النبي، وهل يجوز إطلاقها على غيره، والذين لعنهم الله ومن يؤذي أولياءه:

- ‌مطلب تفطية وجه المرأة، والنهي عن نقل القول، وما اتهم به موسى من قومه والأمانة:

- ‌تفسير سورة الممتحنة عدد 5- 91 و 60

- ‌مطلب الاخبار بالغيب في كتاب حاطب لأهل هكة ونصيحة الله للمؤمنين في ذلك:

- ‌مطلب من جحد عهد الحديبية وما يتعلق بالنسخ ونص المعاهدة وما وقع فيها من المعجزات:

- ‌تفسير سورة النساء عدد 6 و 92 و 4

- ‌مطلب في أخلاق الجاهلية وفوائد السلطان للبلاد والعباد. وأكل مال اليتيم:

- ‌مطلب في الوصايا وأموال الأيتام وحفظها وتنميتها ورخصة الأكل منها للمحتاج:

- ‌مطلب حد الزنى واللواطة. وأصول التشريع. والمراد بالنسخ. وإيمان اليأس والتوبة:

- ‌مطلب في المحرمات من النساء وفي نكاح الحرة والأمة ونكاح التبعة والتفاضل بين الناس:

- ‌مطلب أكل المال بالباطل وجواز البيع بالتراضي ومن يقتل نفسه وكبائر الذنوب وصغائرها وما يتعلق بهذا:

- ‌مطلب تفضيل الرجل على المرأة. وعدم مقاصصتهن لرجالهن. وأمر تأديبهن منوط برجالهن أيضا:

- ‌مطلب أجمع آية في القرآن لمصارف الصدقة. وحق القرابة والجوار وشبههما وذم البخل:

- ‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

- ‌مطلب طبايع اليهود أخزاهم الله واسلام عبد الله بن سلام وأصحابه وغفران ما دون الشرك وعلقة اليهود:

- ‌مطلب توصية الله الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

- ‌في مطلب معنى زعم قصة بشر واليهودي والزبير والأنصاري وامتثال أوامر الرسول:

- ‌مطلب ما فعله ابو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب

- ‌مطلب في قوله تعالى كل من عند الله، وكيفية حال المنافقين مع حضرة الرسول، وان كلام الله لا يضاهيه كلام خلقه محمد فمن سواه صلى الله عليه وسلم:

- ‌مطلب أمر حضرة الرسول بالقتال والآية المبشرة إلى واقعة أحد وبدر الصغرى والشفاعة والرجاء ومشروعية السلام ورده:

- ‌مطلب من يقتل ومن لا يقتل ومن يلزمة الكفارة للقتل ومن لا وما هو يلزم القاتل وأنواع القتل:

- ‌مطلب في قصر الصلاة وكيفيتها وهل مقيدة بالخوف أم لا ومدتها، وقصة سرقة طعيمة بن أبيرق وجواز الكذب أحيانا:

- ‌مطلب غفران مادون الشرك وتوبة الشيخ على يد رسول الله:

- ‌مطلب ارث النساء والقسم من الزوجات وجواز الفداء والعداء والظلم والعدل:

- ‌مطلب في التهكم والكتاب والنهي عن مجالسة الغواة وأفعال المنافقين وأقوال اليهود الباطلة:

- ‌مطلب عدم تيقن اليهود بان عيسى هو المصلوب، وآية الربا الرابعة، وعدد الأنبياء والرسل وفرق النصارى ونص الأقانيم الثلاث:

الفصل: ‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

«وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ» من الميل إلى بعضهن «وَكانَ اللَّهُ» ولم يزل «عَلِيماً» بأن في هذا إصلاح لحال أزواجك معك «حَلِيماً» (51) بما خصك به دون سائر خلقه لأنه قاطع لكلامهن.

‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

قال تعالى «لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ» هؤلاء اللاتي عندك حال نزول هذه الآية وكن تسعا وهو النصاب بالنسبة له صلى الله عليه وسلم. وقال الشيعة بجواز التسعة لسائر المؤمنين. وسيأتي بحث هذا في الآية الثانية من سورة النساء إن شاء الله «وَلا» يحل لك أيها الرسول أيضا «أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ» بأن تطلقهن أو بعضهن وتأخذ غيرهن أبدا، وهذا إكرام لهن من الله تعالى لأنهن اخترن الله ورسوله كما تقدم في الآية 29 فشكر الله لهن ذلك وكافأهن بالبقاء عند رسوله، ثم أكد على حبيبه التمسك بهن وعدم الزواج عليهن بقوله جل قوله «وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ» وذلك أن الرسول أراد أن يخطب أسماء بنت عميس بعد استشهاد زوجها جعفر بن أبي طالب فنهي عن ذلك «إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ» لعلمه أنه سيأخذ مارية القبطية التي يهديها له المقوقس عظيم القبط في مصر، ولذلك عددناها مع جملة نسائه آنفا «وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً» (52) ولا وجه لقول من قال إن هذه الآية منسوخة بالآية قبلها وهي (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) إلخ، وان النبي لم يمت حتى أحل له أن يتزوج من يشاء، لأن المقدم لا ينسخ المؤخر باتفاق علماء هذا الفن، وما احتج به القائل من أن ترتيب النزول ليس على ترتيب المصحف صحيح لكن لا قائل بأن آية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ) إلخ نزلت بعد هذه الآية التي نحن بصددها، ولأن سياق التنزيل ينافيه وسياق النظم يأباه، كما أن ما احتج به من أن هذه الآية الأخيرة نسخت بالسنّة لا وجه له لأن السنة لا تنسخ القرآن قطعا، ولا يوجد ما يسمى سنة في هذا الشأن إذ لم يرد حديث صحيح فيه، ولو ورد وكان متواترا فلا يكون ناسخا، كما قدمنا توضيح هذا في الآية 107 من البقرة فراجعها. ويفهم من قوله تعالى (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ)

ص: 485

إلخ، جواز رؤية المخطوبة وهو كذلك، أخرج أبو داود عن جابر قال: قال صلى الله عليه وسلم إذا خطب أحدكم المرأة فان استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل.

وروى مسلم عن أبي هريرة أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار فقال له صلى الله عليه وسلم انظر إليها فانّ في أعين الأنصار شيئا. وأخرج الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم هل نظرت إليها؟ قلت لا، قال فانظر إليها فإنه أحرى أن يدوم بينكما. أي الحب من الدوام. وفي رواية أن يؤدم بينكما من الادام. وله أن يرسل من يعتمد عليها من أقاربه لتنظرها وتمحصها وتشم مراقها وفمها وتتكلم معها وتخبره بما تراه، حتى إذا اطمأن لذلك وأحب خطبتها خطبها، وهذا أحد الأعذار التسعة المبيحة للنظر، والثاني الشهادة على فعل الزنى، والثالث لأجل الشهادة على المرأة، الرابع للقاضي النظر للمرأة عند الحكم عليها أو لها، الخامس على الولادة، السادس البكارة في دعوى العنة أو الرد بالعيب، السابع والثامن على الختان والخفض، والتاسع إرادة الشراء في الأمة. واعلم أن نظر الخطبة ينبغي أن يكون صدفة أو من بيت جارتها أو قريبها أو يريها غيره من غير علم منها، لا أن تعرض له كالدابة إن أعجبته اشتراها وإلا تركها كما يريده من لا خلاق له ولا مروءة عنده ولا شهامة لديه، إذ لا تسمح النفوس الأبية الكريمة بذلك، وقد يقع من بعض الناس لشدة رغبتهم بالخاطب حبا بعلمه أو جاهه أو ماله أو دينه أو صلاحه، والأعمال بالنيات، وإلا فلا يطمح إلى ذلك من غير هذه الأسباب إلا من تقليد الأجانب الذين لا غيرة عندهم ولا حمية لهم الذين يسمحون للخاطب مخالطتها والأكل معها، بل والذهاب معها للنزهة والاعتزال بها عن أهلها والخلوة بها أيضا، لهذا فإنه قد يقع ما يقع بينهما من المفاسد، وإذ ذاك إما يأخذها فيستر عليها أو يتركها فيفضح أمرها وتهمل، وهذا كثير الوقوع في زماننا، أجارنا الله وسلمنا منه ومن كل التقاليد المخالفة للشرع والمروءة.

ومما حبذه الآن بعض شبابنا تبادل الخواتم بين المخطوبة والخاطب دلالة على تمام الخطبة، مع أن هذا مما يتشاءم به عند العرب، لأن الخاتم يدل على الضيق وهم يتفاءلون بالسعة، وقيل في ذلك:

ص: 486

والله ما ناولت للحب خاتما

ولا قلما مبرى ولا بست عينه

ولا آلة للقطع توجب فرقة

فما سبب التفريق بيني وبينه

وانجر هذا التقليد إلى تقليدهم بالزفاف أيضا، إذ صار الزوج ليلة الزواج يأتي بسيارته إلى بيت العرس فيدخل بين النسوة والبنات الأجانب إليها، فيجلس معها ثم يأخذها ويركبها بسيارته ويذهب بها إلى بيته سافرة خالعة بدل أن كانت تزف إلى بيته من قبل النسوة فقط مستورة لا يراها غيره، ثم انجر إلى تقليد آخر، فإنه صبيحة الدخول بها يأخذها ويذهب بها لبلد آخر ويبقى معها شهرا يسمونه شهر العسل بدل أن يبقى في بلده بين أهله وأقاربه يسرون بزواجه ويباركون لهما في بيتهما القريب والبعيد، ويتركون وليمة العرس، ويحرمون من التمتع وأنظار العامة، وتراهما يكشفان الستار ويطرحان العار، ويضع أحدهما يده بيد صاحبه ويمشيان بالأسواق نابذين وصية الله وراء ظهورهما بإظهار التبرج ومخالطة الأجانب وطرح المروءة والشهامة، وقد يفعل بعض هذا الذين يذهبون إلى المصايف، وقد يفعلون المنكرات ويظنون أن لا يطلع عليهم أحد من أهل بلدهم، ولا يبالون باطلاع غيرهم كبعض النساء اللاتي لا يبالين بمقابلة الجمال والبدوي والعامل والصائغ والتاجر، ويغطين من جارهن وقريبهن، وكل هذا مخالف للشريعة الغراء التي هي بمصلحة الناس، فهم يخشون الناس ولا يخشون الله، وقال صلى الله عليه وسلم: استحيوا من الله استحياءكم من رجلين من صالحي قومكم. وقال استحيوا من الله حق الحياء.

الحديث، لأن الحياء من الإيمان، قاتل الله هؤلاء وقاتل أولياءهن، وهذا بعض ما سرى إلينا من الأجانب وحبذه بعض شبابنا ومن فقد الأخلاق الكريمة من غيرهم، فالأمر لله الواحد القهار. ثم شرع جل شأنه يؤدب المؤمنين عما لا يليق وقوعه منهم بقوله عز قوله «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ» من قبله «إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ» وقته أي إدراكه ونضجه «وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا» إلى منازلكم أو غيرها أي اخرجوا عنه وتفرقوا لا تبقوا جالسين «وَلا» تديموا

ص: 487

الجلوس «مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ» بعضكم «إِنَّ ذلِكُمْ» الدخول قبل الإذن والانتظار لنضج الطعام عنده، والجلوس بعد الطعام للسمر أو غيره، كل ذلك «كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ» وما كان لكم أن تؤذوه بشيء من ذلك ولا غيره، وهو لا يريد أن يبادركم بالمنع والخروج «فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ» أن يجابهكم بذلك «وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ» لأنه بصالحكم لذلك بينه لكم بقصد تأديبكم «وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً» غرضا ما تريدونه من النساء «فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ» لا تدخلوا عليهن من أجله وليكن سؤالكم برفق وتؤدة ولين «ذلِكُمْ» الطلب من خلف الستار على الوجه المار ذكره «أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ» من أن يقع فيها من وساوس الشيطان ودسائسه بشأنهن «وَقُلُوبِهِنَّ» وطهر أيضا لأن الخواطر القلبية قد لا يخلو منها أحد لا سيما ما ينشأ من النظر إلا من عصمه الله «وَما كانَ لَكُمْ» أيها المؤمنون «أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ» في شيء من الأشياء «وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً» لأنهن محرمات عليكم على التأييد كحرمة أمهاتكم واعلموا «إِنَّ ذلِكُمْ» كله مما يؤذي حضرة الرسول وإن أذاه «كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً» (53) فيعاقب عليه بأعظم العذاب وهذا من إعلام تعظيم الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وإيجاب حرمة وقاره حيا وميتا، تشير هذه الآية إلى ما يطيب خاطر الرسول ويسرّ قلبه ويستفرغ شكره ويشرح صدره وتطمئن نفسه. روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال إنه كان ابن عشر سنين فقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قال فكانت أم هانىء توافيني على خدمة رسول الله، فخدمته عشر سنين، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة، وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل، وكان أول ما أنزل في مبنى رسول الله بزينب بنت جحش حين أصبح يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم بها عروسا، فدعا القوم فأصابوا من الطعام، ثم خرجوا وبقي رهط عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأطالوا المكث، فقام النبي فخرج وخرجت معه لكي يخرجوا، فمشى النبي ومشت معه حتى جاء عتبة حجرة عائشة، ثم ظن أنهم قد خرجوا، فرجع ورجعت معه، حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا، فرجع، حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة وظن أنهم قد خرجوا، فرجع

ص: 488

ورجعت معه، فإذا هم قد خرجوا، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينه بالستر، وأنزل الله الحجاب. قال تعالى «إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ» في صدوركم أيها الناس ولم تنطقوا به مما يتعلق بالنبي وغيره من كل ما تتصورونه بقلوبكم أو يخطر على بالكم «فَإِنَّ اللَّهَ كانَ» ولم يزل «بِكُلِّ شَيْءٍ» يقع في كونه علنا أو سرا «عَلِيماً» (54) لا يخفى عليه شيء، وانه لا بد أن يعاقبكم على سيئه ويكافئكم على حسنه إن شاء، قالوا إن طلحة بن عبد الله التميمي قال إن محمدا يأخذ بنات عمنا يعني عائشة، لأن أبا بكر من بني تيم بن مرة ثم يمنعنا من الدخول على نسائه ويحجبهن عنا، لئن مات لأتزوجنها، فنزلت. وهذا الخبر قد لا يكون صحيحا، لأن أحدا من الأصحاب المخلصين لا يخطر بباله هذا ولا يحوك في نفسه ولا يتردد في صدره ولا يحرك به لسانه، بل قد ترجف بوادره من ذكره وترتعد فرائضه من التحدث فيه ويقشعر شعره من سماعه، اللهم إلا أن يكون منافقا، وطلحة هذا غير طلحة المبشر بالجنة، وحاشاه من هذه الوصمة، بل هو رجل شاركه في اسمه واسم أبيه ونسبه، ذكره الحافظ السيوطي. فإذا كان نساء النبي المحرمات على الأمة لا يسألن إلا من وراء حجاب وقد نهين عن التخضع بالقول كما مر في الآية 32، فنساؤنا الجائز زواجهن أولى بذلك. وإن هذا وما تقدم دليل كاف على ستر الوجه،

ولبحثه صلة في الآية 31 من سورة النور الآتية فراجعها.

وبعد نزول هذه الآية قال آباء النساء وذووهن، ونحن يا رسول الله نكلمهن أيضا من وراء حجاب؟ فأنزل الله «لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ» بالدخول عليهن ونظرا لعموم الآية يدخل فيها الكتابيات أيضا. ويخرج الكافرات لأنهن لسن من نساء المؤمنين ولأنهن غير أمينات عليهن، إذ قد ينتقلن صفاتهن لأزواجهن وغيرهم لأنهن لا دين لهن، فلا يجوز اطلاعهن على عورات المؤمنات، ولا دخول الحمام معهن، لما فيه من بدو العورات فيطلعن عليهن، وقد عدّ الفقهاء نظر الكافرة المسلمة كنظر الرجل الأجنبي «أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ» ظاهر الآية من العبيد والإماء كما نقل ابن عباس، وإليه ذهب الشافعي، وقال

ص: 489

أبو حنيفة إنه خاص بالإماء على ما قاله الخفاجي. وقال أبو حيان انه صلى الله عليه وسلم أمر بضرب الحجاب دونه أي أنس المار ذكره آنفا، وفعلته أم سلمة مع مكاتبها تيهان.

والآية مطلقة فتشمل الإماء الكافرات وغيرهن، وإنما جاز ذلك لحاجة الخدمة، ومما يؤيده العطف على النساء، إذ يفهم منه أن العبد الذكر ليس له ذلك، ومما يوافق عموم الآية أن عبد عائشة كان يدخل عليها، وقد أوصت بأنه إذا ماتت ووضعها في قبرها فهو حرّ، ولكن أين نساؤنا من عائشة، وأين خدمنا من خادمها؟ ويوشك أن يكون خفيا، والآية يدخل فيها الخفيّ وغيره. ثم إن الله تعالى حذرهن في المحافظة على ما أنزله بحقهن فقال «وَاتَّقِينَ اللَّهَ» أيها النساء واحتطن بما أوصاكن الله من المحافظة على الحجاب وغيره، ويشعر الالتفات من الغيبة إلى الخطاب بالتشديد على الاستتار من الأجانب وعدم لين الكلام معهم مما يؤدي إلى الغنج، لا سيما وقد أعقبه بقوله «إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً» (55) يعلم خطرات القلوب ويرى ما في دخائلها كما يعلم حركات الجوارح، فالظاهر والخفي في علمه سواء. روى البخاري ومسلم عن أنس أن عمر قال:

وافقت ربي في ثلاث، قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزل (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) وقلت يا رسول الله يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة فقلت (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ) الآية، فنزلت. هذا من كمال إيمانه رضي الله عنه، ولا شك أن المؤمن ينظر بنور الله، فليحذر ذو القلب أن يخطر بباله غير ذلك أو يتخيل خلاف ما هنالك، فإن كلام الله أزلي والقرآن مدوّن في لوحه كما هو لا ينزل على غير النبي لأجل أحد، ولا يخطر قبل نزوله على النبي في بال أحد، راجع الآية 92 من الأنعام في ج 2 واعقل ما ذكرناه فيها وتدبره.

قال تعالى «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ» الصلاة من الله ثناء ورحمة، ومن الملائكة رجاء واستغفار، ومن الناس دعاء وتضرع «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً» (56) حيوه بتحية الإسلام كلما ذكر، وهذا الأمر للوجوب، فيجب على كل مؤمن أن يصلي عليه ولو في العمر مرة.

ص: 490