المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب في الحلف الكاذب والمان بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد: - بيان المعاني - جـ ٥

[ملا حويش]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌تفسير سورة البقرة عدد 1- 87 و 2

- ‌مطلب الإيمان يزيد وينقص وحال المنافقين وفضيحتهم وأفعالهم:

- ‌مطلب في المثل لماذا يضرب وما هو الرعد والبرق وضمير مثله:

- ‌مطلب في ثمار الجنة ونسائها وأهلها وضرب المثل والعهود التي أخذها الله على خلقه:

- ‌مطلب في المخترعات الحديثة والتحليل والتحريم وبحث في الخلق وقصة الجنّ ومغزى اعتراضهم:

- ‌مطلب تفضيل الرسل على الملائكة وامتناع إبليس عن السجود وكونه ليس من الملائكة:

- ‌مطلب إغواء إبليس لآدم وحواء وخروجهما من الجنة وإسكانهما الأرض:

- ‌مطلب في العقل ومعناه وأحاديث ومواعظ في الصبر والتقوى وغيرهما والصلاة وما خوطب به بنو إسرائيل:

- ‌مطلب خروج بني إسرائيل من مصر وأخذهم ضريح يوسف وإنجائهم وإغراق فرعون والميقات الأول:

- ‌مطلب في الشكر وتوبة بني إسرائيل والميقات الثاني:

- ‌مطلب في التيه والمنّ والسلوى ومخالفتهم أمر الله ثانيا:

- ‌مطلب رفع الطور على بني إسرائيل وكيفية مسخهم قودة وخنازير:

- ‌مطلب ما قاله الإمام المراغي وقصة البقرة وإحياء الميت:

- ‌مطلب مثالب بني إسرائيل وتحويفهم كلام الله ونقضهم عهوده:

- ‌مطلب حرص اليهود على الدنيا وعداوتهم لجبريل عليه السلام وابن حوريا وعمر بن الخطاب وقوة إيمانه:

- ‌مطلب في السحرة وهاروت وماروت والحكم الشرعي في السحر والساحر وتعلمه وتعليمه والعمل به:

- ‌مطلب في النسخ وأسبابه وأنه لا يكون إلا بمثله أو خير منه:

- ‌مطلب الاختلاف في سبب نزول الآية 108 وتفنيد الأقوال فيها ومجهولية الفاعل:

- ‌مطلب مناظرة اليهود والنصارى، ولغز في ذلك:

- ‌مطلب فيما ابتلى به إبراهيم ربه والكلمات التي علمها له وبناء الكعبة وغيرها:

- ‌مطلب وصية يعقوب وبقية قصة إسماعيل عليهما السلام:

- ‌مطلب بناء البيت وحدوده من جهاته وتحريمه واحترام ما فيه وبدء بنائه:

- ‌مطلب كيفية الإيمان والإسلام والمعمودية ومن سنها وتحويل القبلة وأن الشهادة قد تكون بلا مشاهدة ومنها شهادة خزيمة:

- ‌مطلب آيات الصفات والشكر على النعم والذكر مفرد أو جماعة وثواب الشهيد:

- ‌مطلب في الصبر وثوابه وما يقوله المصاب عند المصيبة:

- ‌مطلب في السعي وأدلة السمعية والحكم الشرعي فيه وكتم العلم:

- ‌مطلب الدلائل العشر المحتوية عليها الآية 164 من هذه السورة:

- ‌مطلب في الأكل وأحكامه وأكل الميتة والدم وغيرهما من المحرمات:

- ‌مطلب أنواع البرّ والقصاص وما يتعلق بهما:

- ‌مطلب في الوصايا ومن يوصى له ومن لا وما على الوصي والموصى له والموصي:

- ‌مطلب في الصوم وفرضيته والأعذار الموجبة للفطو والكفارة وإثبات الهلال وإنزال الكتب السماوية:

- ‌مطلب الدعاء وشروطه والجمع بين الآيات الثلاث فيه وشروط الإجابة:

- ‌مطلب أخذ أموال الناس باطلا والقضاء لا يحلل ولا يحرم ومعنى الأهلة وما كان في الجاهلية وأنه القتال الأولى:

- ‌مطلب المقابلة بالمثل وفضل العفو والإنفاق في سبيل الله والإحسان:

- ‌مطلب في المحافظة على الأدب في الحج ولزوم التقوى فيه وجواز البيع والشراء في الموسم ودوام ذكر الله تعالى:

- ‌مطلب مقتل زيد بن الدثنة وخبيب الأنصاري وإظهار حبهم لحضرة الرسول والصلاة عند القتل وقصة صهيب:

- ‌مطلب لا يصح نزول الآية في عبد الله بن سلام وبحث قيم في آيات الصفات وأن المزين في الحقيقة هو الله تعالى:

- ‌مطلب الأنبياء والرسل المتفق عليهم والمختلف فيهم ورسالتهم وعددهم وعدد الكتب المنزلة عليهم:

- ‌مطلب في الإنفاق والجهاد وفوائدهما وما يترتب على القعود عنهما من البلاء:

- ‌مطلب في الخمر والميسر ومخالطة اليتامى والنظر إليهم وبحث في النفقة أيضا وحفظ بيت المال

- ‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

- ‌مطلب في الأيمان وكفّارتها والإيلاء والطلاق والعدة وكلمات من الأضداد وما يتعلق بحقوق الزوجين:

- ‌كراهة الطلاق وجواز الخلع على مال وحرمة أخذه إن كان لا يريدها ووقوع الطلاق الثلاث:

- ‌مطلب في الرضاع وعدة الوفاة والطلاق وما يجب فيهما ونفقة الأولاد والمعتدات:

- ‌مطلب قصة ذي الكفل ونادرة السلطان سليم وقصة أشمويل عليه السلام:

- ‌مطلب في التابوت ومسيرهم للجهاد ومخالفتهم توصية نبيهم بالشرب من النهر وقتل جالوت وتولية داود عليه السلام:

- ‌مطلب التفاضل بين الأنبياء واختصاص كل منهم بشيء وتفضيل محمد على الجميع وإعطائه ما أعطاهم كلهم من المعجزات:

- ‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

- ‌مطلب محاججة النمروذ مع إبراهيم عليه السلام وقصة عزير عليه السلام وسؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى وجوابه عليها:

- ‌مطلب في الصدقة الخالصة والتوبة وما يتعلق بهما وبيان أجرها وعكسه:

- ‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

- ‌مطلب الهداية من الله، وفضل إخفاء وإعلان الصدقة، والربا وما يتعلق به والحكم الشرعي فيه:

- ‌مطلب فائدة انظار المعسر وتحذير الموسر عن المماطلة بالأداء وأجر العافي عن الدين والتوبة عن الربا وآخر آية نزلت فيه:

- ‌مطلب في الكتابة والشهادة على الدين وتحذير الكاتب والشاهد من الإضرار بأحد المتعاقدين وحجر القاصر ومن هو بحكمه:

- ‌مطلب المحاسبة غير المعاقبة ومعنى الخطأ والنسيان والهمّ والطاقة والإصر وغيرهما:

- ‌تفسير سورة الأنفال عدد 2 و 98 و 8

- ‌تفسير سورة آل عمران عدد 3 و 89 و 3

- ‌مطلب في وفد نجران ومناظرته مع حضرة الرسول، وبيان المحكم والمتشابه في القرآن العظيم:

- ‌مطلب آيات الله في واقعة بدر. ومأخذ القياس في الأحكام الشرعية. وأن الله خلق الملاذ إلى عباده ليشكروه عليها ويعبدوه:

- ‌مطلب في معنى الحساب وعلامة رضاء الله على خلقه وموالاة الكفرة وتهديد من يواليهم أو يحبتهم:

- ‌مطلب من معجزات القرآن تماثيل الأعمال كالسينما وفي طاعة الله ورسوله التي لا تقبل الأولى إلا مع الثانية وهناك من الأمثال ما يقاربها:

- ‌مطلب ولادة مريم من حنة وتزويج زكريا من إيشاع وقصتهما وما يتعلق فيهما:

- ‌مطلب في الاصطفاء، ومن كمل من النساء، وما احتوت عليه هذه الآيات وما يتعلق بها:

- ‌مطلب معجزات عيسى عليه السلام وقصة رفعه إلى السماء وعمل حوارييه من بعده:

- ‌مطلب في المباهلة ما هي وعلى أي شيء صالح رسول الله وقد نجوان وحكاية أسير الروم

- ‌مطلب في الحلف الكاذب والمانّ بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

- ‌مطلب وقت قبول التوبة وعدم قبولها. ومعنى البر والإثم. والتصديق بالطيب. والوقف الذري. وتبدل الأحكام بتبدل الأزمان:

- ‌مطلب في البيت الحوام والبيت المقدس وفرض الحج وسقوطه وتاريخ فرضه والزكاة والصوم والصلاة أيضا:

- ‌مطلب فتن اليهود وإلقائها بين المسلمين وسبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول وألفتهم:

- ‌مطلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاجتماع والفرقة وكون هذه الأمة خير الأهم ومعنى كان والتذكير والتأنيث:

- ‌مطلب حقد اليهود والمنافقين ورؤية حضرة الرسول وقصة أحد وما وقع فيها:

- ‌مطلب من أمي قديم، إلى حزن حادث وفي الربا ومفاسده. ووجود الجنة والنار والأوراق النقدية:

- ‌مطلب في التقوى وكظم الغيظ والعفو والإحسان، ومكارم الأخلاق والتنزه عن مذامتها:

- ‌مطلب الأيام دول بين الناس، وكون الجهاد لا يقرب الأجل، وكذب المنافقين، واللغات التي تجوز في كأين:

- ‌مطلب المقتول ميت بأجله، وأنواع العبادة ثلاثة، وبحث في الشورى ومن يشاور، وخطبة أبي طالب:

- ‌مطلب في حياة الشهداء، وخلق الجنة والنار، وقصة أهل بنو معونة، وما قاله معبد الخزاعي:

- ‌مطلب غزوة حمراء الأسد، وبدر الصغرى، وأحاديث في فضل الجهاد والرباط:

- ‌مطلب في الزكاة وعقاب تاركها، وتحذير العلماء من عدم قيامهم بعلمهم، وحقيقة النفس:

- ‌مطلب إخبار الله تعالى عما يقع على المؤمنين وقتل كعب بن الأشرف والاعتبار والتفكر والذكر وفضلهما وصلاة المريض:

- ‌مطلب فيما وقع للنجاشي مع أصحاب رسول الله ووفد قريش. ومأخذ قانون عدم تسليم المجرمين السياسيين. والصلاة على الغائب:

- ‌تفسير سورة الأحزاب عدد 4- 90 و 33

- ‌مطلب في غزوة الخندق وما سلط فيها على الأحزاب وهزيمتهم

- ‌مطلب لا يسمى ما وقع من حضرة الرسول وما في بعض آيات القرآن شعرا لفقد شروطه وقصة بني قريظة:

- ‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

- ‌مطلب زواج حضرة الرسول بمطلقة زيد، وكونه خاتم الأنبياء، والطلاق قبل الدخول:

- ‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

- ‌مطلب كيفية الصلاة على النبي، وهل يجوز إطلاقها على غيره، والذين لعنهم الله ومن يؤذي أولياءه:

- ‌مطلب تفطية وجه المرأة، والنهي عن نقل القول، وما اتهم به موسى من قومه والأمانة:

- ‌تفسير سورة الممتحنة عدد 5- 91 و 60

- ‌مطلب الاخبار بالغيب في كتاب حاطب لأهل هكة ونصيحة الله للمؤمنين في ذلك:

- ‌مطلب من جحد عهد الحديبية وما يتعلق بالنسخ ونص المعاهدة وما وقع فيها من المعجزات:

- ‌تفسير سورة النساء عدد 6 و 92 و 4

- ‌مطلب في أخلاق الجاهلية وفوائد السلطان للبلاد والعباد. وأكل مال اليتيم:

- ‌مطلب في الوصايا وأموال الأيتام وحفظها وتنميتها ورخصة الأكل منها للمحتاج:

- ‌مطلب حد الزنى واللواطة. وأصول التشريع. والمراد بالنسخ. وإيمان اليأس والتوبة:

- ‌مطلب في المحرمات من النساء وفي نكاح الحرة والأمة ونكاح التبعة والتفاضل بين الناس:

- ‌مطلب أكل المال بالباطل وجواز البيع بالتراضي ومن يقتل نفسه وكبائر الذنوب وصغائرها وما يتعلق بهذا:

- ‌مطلب تفضيل الرجل على المرأة. وعدم مقاصصتهن لرجالهن. وأمر تأديبهن منوط برجالهن أيضا:

- ‌مطلب أجمع آية في القرآن لمصارف الصدقة. وحق القرابة والجوار وشبههما وذم البخل:

- ‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

- ‌مطلب طبايع اليهود أخزاهم الله واسلام عبد الله بن سلام وأصحابه وغفران ما دون الشرك وعلقة اليهود:

- ‌مطلب توصية الله الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

- ‌في مطلب معنى زعم قصة بشر واليهودي والزبير والأنصاري وامتثال أوامر الرسول:

- ‌مطلب ما فعله ابو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب

- ‌مطلب في قوله تعالى كل من عند الله، وكيفية حال المنافقين مع حضرة الرسول، وان كلام الله لا يضاهيه كلام خلقه محمد فمن سواه صلى الله عليه وسلم:

- ‌مطلب أمر حضرة الرسول بالقتال والآية المبشرة إلى واقعة أحد وبدر الصغرى والشفاعة والرجاء ومشروعية السلام ورده:

- ‌مطلب من يقتل ومن لا يقتل ومن يلزمة الكفارة للقتل ومن لا وما هو يلزم القاتل وأنواع القتل:

- ‌مطلب في قصر الصلاة وكيفيتها وهل مقيدة بالخوف أم لا ومدتها، وقصة سرقة طعيمة بن أبيرق وجواز الكذب أحيانا:

- ‌مطلب غفران مادون الشرك وتوبة الشيخ على يد رسول الله:

- ‌مطلب ارث النساء والقسم من الزوجات وجواز الفداء والعداء والظلم والعدل:

- ‌مطلب في التهكم والكتاب والنهي عن مجالسة الغواة وأفعال المنافقين وأقوال اليهود الباطلة:

- ‌مطلب عدم تيقن اليهود بان عيسى هو المصلوب، وآية الربا الرابعة، وعدد الأنبياء والرسل وفرق النصارى ونص الأقانيم الثلاث:

الفصل: ‌مطلب في الحلف الكاذب والمان بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

‌مطلب في الحلف الكاذب والمانّ بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن منصور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

من حلف على مال امرئ مسلم بغير حقه لقي الله وهو عليه غضبان. قال عبد الله ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله تعالى هذه الآية. ولفظ المسلم هنا ليس بقيد ولا شرط في هذا الحديث والذي بعده لأن اللفظ عام فيشمل هذا الحديث كل أحد. ورويا عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا أقام سلعة وهو في السوق فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يعط ليوقع رجلا من المسلمين فنزلت هذه الآية.

وعهد الله يشمل جميع العهود والمواثيق والوعود سواء كانت بين الرجل وربه أو بين الرجل وغيره، راجع الآية 34 من الإسراء في ج 1 فيما يتعلق بالعهود والمعاهدات.

ورويا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها حق امرئ مسلم، ورجل منع فضل ماله فيقول الله له اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك. وروى مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال فقرأها ثلاث مرات، قلت خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال المسبل (أي إزاره) والمان (أي فيما أعطى) والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. وللنسائى المانّ بما أعطى والمسيل إزاره، إلخ. وروى مسلم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب النار، فقالوا يا رسول الله وإن كان شيئا يسيرا؟ قال وإن كان قضيبا من أراك وكلمة بعد العصر في الحديث السابق مثل كلمة المسلم في غيره ليست بقيد ولا شر فسواء كانت اليمين بعد العصر والمحلوف له مسلما أو كانت في أي وقت كان والمحلوف له كتابيا أو مجوسيا فهو يمين يستحق صاحبها الوعيد المذكور. ولا يخفى أن اليم على نية المحلف لا على نية الحالف، ألا فليتيقظ المتيقظون، ولينتبه الغافلون

ص: 358

فإن الله لا يخفى عليه شيء وإنه ينظر إلى نياتكم وقلوبكم. قال تعالى «وَإِنَّ مِنْهُمْ» اليهود «لَفَرِيقاً يَلْوُونَ» يفتلون ويصرفون «أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ» التوراة عن المعنى المراد فيها إلى غيره وهو ضرب من ضروب التبديل والتحريف لكتاب الله ويفعلون ذلك «لِتَحْسَبُوهُ» أيها الناس وهو محرف مبدل «مِنَ الْكِتابِ» الذي أنزله الله عليهم والله تعالى يقول لكم أنه مغير «وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» والله يقول لكم أنه مبدل محرف «وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» وكررت هذه الجملة في لفظ متحد لقصد التأكيد وهو مطلوب هنا لا سيما في هذه المواقع لما فيها من نسبة ما لم يكن للحضرة الإلهية «وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» خلافا لما هو في علمه «وَهُمْ يَعْلَمُونَ 78» أنه كذب ليس من الكتاب ولا من عند الله، وكررت الجملة الأخيرة أيضا بعين ما هو في الآية 75 المارة لأنها بصنف غير الصنف المبين فيها لما اجتمع اليهود مع وقد نجران، قال أبو رافع القرظي أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ وقال السيد من وفد نجران أتريد ذلك يا محمد وأن نعبدك كما تعبد اليهود عزيرا وكما تعبد بنو مليح الملائكة؟ قال معاذ الله أن نعبد أو نأمر أو نريد غير عبادة الله وحده ما بذلك بعثت يا قوم ولا أمرني ربي به وليس هو من شأني، فأنزل الله «ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ» أي لا ينبغي هذا لأحد أصلا فضلا عن هذا الصنف الذي هو أبعد الناس عن مثله، لأن هذه النعم التي منّ الله بها عليه تمنعه من ذلك «وَلكِنْ» يقول لهم «كُونُوا رَبَّانِيِّينَ» علماء حكماء تربّون الناس بأخلاقكم وآدابكم الحسنة وتعلمونهم طرق الخير وسلوك سبل الرشاد وتمحضونهم التوحيد وأن لا تنسبوا للحضرة الإلهية ما لا يليق بها، وأن تنزهوه ولا تعزو شيئا مما في هذا الكون إلا إليه وحده «بِما» بسبب ما «كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ» لغيركم «وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ» (79) على الغير ممن تقدمكم من أهل العلم، لأنهم لم يولوكم إلا على هذا وأن تقرءوا لمن معكم ولأنفسكم ما أنزل الله لكم حرفيا، ومن هنا جاءت النسبة لأن الرباني هو

ص: 359

المنسوب إلى الرب، وزيادة الألف والنون دلالة على كمال هذه الصفة، ومبالغة لاسم الفاعل الذي هو ربان «وَلا يَأْمُرَكُمْ» أيها البشر «أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً» وهذا تنديد في بني مليح ومن تبعهم والصابئين القائلين إن الملائكة بنات الله، واليهود والنصارى القائلين إن عزيرا والمسيح ابنا الله «أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ» أيها الناس «بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» (80) وهذا استفهام على طريق التعجب والإنكار وفيها من

إلقاء الروعة والمهابة ما فيها لمن كان له قلب أو ألقى السمع. وفي يأمركم ثلاث لغات: إسكان الراء لعدم توالي الحركات، والنصب بالعطف على يقول، والرفع على الاستئناف المؤيدة بقراءة ولن يأمركم بدل من ولا يأمركم الأولى وهو ما مشيت عليه، لأنه الأظهر لخلوها عن تكلف جعل الأمر بمعنى النهي عند جعل لا غير زائدة عند من يرى ذلك، لأني أرى أن لا زائد في القرآن وأن من يقول نجاء بالحرف الزائد لتحسين الكلام وتقويته وتأكيده يقال له إذا ليس بزائد لأنه أدى معنى لم يكن عند عدمه، وكل ما يجاء به لمعنى فهو غير زائد، ولأن القراءة بالنصب تستدعي صلة لا وجعلها للتأكيد فقط أو جعلها غير زائدة بجعل عدم الأمر في معنى النهي، فيكون معنى أيأمركم ينهاكم، وتستدعي القراءة التقديم على جملة (وَلكِنْ كُونُوا) إلخ تدبر. يفهم من هذه الآيات أن الأمانة وما يضاهيها لا يثاب عليها المرء إلا إذا راعى فيها خوف الله، وإن أداءها حال طلبها من الخصال الحميدة، وإن جميع الشرائع تحت على أدائها بالمعروف على الوفاء بالعهد والوعد، وإن الخيانة والنكث من الكبائر التي نهى الله ورسوله عنها، وإنما كان أداؤها محمودا لما فيه من الوثوق بالناس ومحافظة حقوقهم، وبضدها عدم الثقة وضياع الحقوق. وترمي هذه الآيات لعدم الوثوق بأهل الكتاب فيما ينقلونه من أمر الدين، وان اتخاذ الأيمان الكاذبة وسائل لبيع السلع وأخذ مال الغير حرام قطعا. وتشير أيضا إلى حرمة ما يتفكه به من معارضة الكوثر أعطيناك كلام الله كقولهم بدل إنا أعطيناك كذا، أو إنك أقصر من سورة الكوثر، أو أفرغ من فؤاد أم موسى، وقولهم والسماء والطارق أي لا يملك شيئا من حطام الدنيا على قبيل ضرب المثل، لأن كلام الله لا يجوز أن يدخله الهزل والسخرية

ص: 360

وهو منزه منهما، وعدم جواز قراءة شيء منه يقصد به إيهام سامعه أنه من كلام الله على سبيل التفكه أيضا، لأنه يعد من قبيل الانتهاك لحرمته مما قد يؤدي إلى الكفر. وتفيد الآيتان الأخيرتان إلى أن ما يدعيه أهل الكتاب من أن الأنبياء دعوا الناس إلى عبادتهم أو إلى عبادة الملائكة كذب بحت وباطل محض، يدحضه الشرع وينفيه العقل. وتفيد أن من أوتي سلطة ما ليس له أن يستعبد الناس أو يسترقهم أو يتعاظم عليهم بها، وأن ليس للبشر أن يحب الأنبياء والصالحين كحب الله ولا يخافهم كخوفه ولا يعظمهم كتعظيمه ولا ينسب إليهم ضرا ولا نفعا مطلقا.

قال تعالى «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما» تقرأ بفتح اللام أي من أجل الذي، وبكسرها توطئة للقسم، لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستخلاف، ويكون المعنى وإذا استخلف النبيين للذي «آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ» من الكتب الإلهية، وجواب القسم قوله «لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ» أي الرسول والمراد به هنا محمد صلى الله عليه وسلم لما أخرج ابن جرير عن علي كرم الله وجهه قال: لم يبعث الله نبيا، آدم فمن بعده إلا أخذ الله تعالى عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم لئن بعث وهو حيّ ليؤمنن به وليتصرنه ويأمره فيأخذ العهد على قومه، ثم تلا هذه الآية. وإذا كان حكم الأنبياء هكذا فأممهم من باب أولى، لأن العهد مع المتبوع عهد مع التابع حتما «قالَ» تعالى بعد أخذ العهد عليهم «أَأَقْرَرْتُمْ» بهذا الميثاق «وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ» العهد «إِصْرِي» ميثاقي «قالُوا أَقْرَرْنا قالَ» تعالى لهم «فَاشْهَدُوا» على بعضكم في هذا الإقرار «وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ» (81) عليه وعلى تشاهدكم على بعضكم، ثم هدد من ينكث ذلك الميثاق بقوله «فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ» فأعرض عن هذا الميثاق ونكث عهده وأنكر شهادته ولم يؤمن بهذا الرسول «فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» (82) الخارجون عن الإيمان كله هذا عهد النبوة أما عهد الربوبية فقد تقدم في الآية 173 من سورة الأعراف ج 1 فراجعه. ولما تخاصم إلى حضرة الرسول وفد نجران مع اليهود في ادعاء كل منهم دين إبراهيم وقال لهما كل منكما بريء منه، وقالا له لا نرضى بقضائك ولا نأخذ

ص: 361

بدينك وأصر كل منهم على قوله أنزل الله عز وجل «أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ» حكما بينهم «وَلَهُ أَسْلَمَ» انقاد وخضع «مَنْ فِي السَّماواتِ» من الملائكة «وَالْأَرْضِ» من الإنس والجن «طَوْعاً» بالنظر والاستدلال والإنصاف من النفس «وَكَرْهاً» بالقوة حال الصحة كنتق الجبل على اليهود أو عند معاينة العذاب كالغرق لآل فرعون، والإشفاء على الموت كما في قوله تعالى (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الآية 84 من سورة المؤمن ج 2 فرد الله عليهم (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) في الآية 85 منها «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ» (83) في الآخرة فاتركهم يا سيد الرسل و «قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا» من القرآن.

واعلم أنه لما كان الوحي ينزل من فوق وينتهي إلى الرسول عدّى ما أنزل في سورة البقرة في الآية 136 المارة بإلى المفيدة للانتهاء، وعدّاه هنا بعلى المفيدة للاستعلاء على المعنيين تارة بإلى وطورا بعلى، وقدم القرآن لأنه أشرف الكتب وأجمع لمراد الله فيها «وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ» من الصحف «وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ» من الصحف والوصايا «وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى» من التوراة والإنجيل «وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ» من كتب وصحف «لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ» لأنهم كلهم مرسلون من قبله وأن ما أنزل عليهم من عنده «وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» (84) لا لغيره. قال تعالى «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ» لأنه هو المقبول عنده لا دين غيره البتة «وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ» (85) ثواب عمله فكل من يطلب دينا غير الإسلام فقد خسر الدنيا والآخرة. تدل هذه الآيات على وجوب الإيمان بالرسل كافة، وعلى محاربة الشرك بجميع أنواعه، وأن كل ما يخالف تعاليم دين الإسلام باطل، وأن جميع ما أنزل من عند الله متحد المعنى في أصول الدين، لأن الرسل كلهم جاءوا من عند الله على وتيرة واحدة، وأن الاختلاف في الفروع وقع لمصلحة الأمم بحسب حالهم واختلاف مداركهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأن الإيمان بجميع الكتب الإلهية والعمل بآخرها وهي شريعة الإسلام واجبة على جميع الخلق، لأن التشريع الأخير يلغي ما قبله وهذه سنة الله في خلقه، وعليه جرت

ص: 362

عباده إلى الآن وإلى ما بعد حتى يأتي الله بقيام الساعة. هذا وان حضرة الرسول بعد أن صدع بأمر الله بما أنزل إليه من عنده تمنى لو أن ربه يمن عليه بإيقاع الهدى في قلوب خلقه لينقادوا إليه فيما يأمره وينهاه، فرد الله تعالى على ما وقع في قلبه وهو العالم بذات الصدور بقوله عز قوله «كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ» ببعثتك وتوقعهم ظهورك اتباعا لما وجدوه في كتبهم «وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ» أي أنك صادق بدعواك الرسالة عند ما ظهرت لهم البشائر بها وانطبقت عليك الصفات المذكورة في كتبهم «وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ» على صدق نبوتك، وإنما ساءهم أنك لست منهم وخافوا أن يحرموا الرياسة فعدلوا عن قبول الهدى الذي جئتهم به فظلموا أنفسهم قصدا «وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» (86) أنفسهم ببيعهم الآخرة بالدنيا اختيارا، وقد قضت سنة الله أن لا يهدي من يعرض عن الهدى برضاه ولا يهدي إلا ذوي النفوس الطاهرة والنية الخالصة، أما هولاء الذين ألفوا الكبر والإصرار على الكفر فلا سبيل لهدايتهم «أُولئِكَ» الذين هذه صفتهم «جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» (87) وان مأواهم النار «خالِدِينَ فِيها» مع هذه الفظيعة المفضية للطرد من رحمة الله «لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ» (88) يؤخرون عن وقته «إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ» الارتداد والكفر وندموا على ما وقع منهم وآمنوا وأخلصوا «وَأَصْلَحُوا» عملهم بالتوبة النصوح «فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ» لهم «رَحِيمٌ» (89) بهم وبجميع عباده وخاصة من يتوب ويحسن توبته. نزلت هذه الآيات في الحارث بن سويد الأنصاري وطعمة بن أبيرق وجموح بن الأسلت ورفقائهم التسعة الذين ارتدوا عن الإسلام وخرجوا من المدينة إلى مكة كفارا، وقد ندم أحدهم وهو الحارث وأرسل لحضرة الرسول بقبول توبته.

وآخر هذه الآيات عام في جميع الكفرة المرتد منهم وغيره، وهذه آخر ال 89 آية من هذه السورة التي نزلت في وفد نجران ومحاججتهم مع اليهود ومجادلتهم مع حضرة الرسول وما تفرع عن ذلك، ولبعضها أسباب أخرى لصلاحيتها لها، لأن السبب الواحد قد يكون لأغراض كثيرة تنطبق عليها، كما أن بعضها تكون عامة

ص: 363