المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه: - بيان المعاني - جـ ٥

[ملا حويش]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌تفسير سورة البقرة عدد 1- 87 و 2

- ‌مطلب الإيمان يزيد وينقص وحال المنافقين وفضيحتهم وأفعالهم:

- ‌مطلب في المثل لماذا يضرب وما هو الرعد والبرق وضمير مثله:

- ‌مطلب في ثمار الجنة ونسائها وأهلها وضرب المثل والعهود التي أخذها الله على خلقه:

- ‌مطلب في المخترعات الحديثة والتحليل والتحريم وبحث في الخلق وقصة الجنّ ومغزى اعتراضهم:

- ‌مطلب تفضيل الرسل على الملائكة وامتناع إبليس عن السجود وكونه ليس من الملائكة:

- ‌مطلب إغواء إبليس لآدم وحواء وخروجهما من الجنة وإسكانهما الأرض:

- ‌مطلب في العقل ومعناه وأحاديث ومواعظ في الصبر والتقوى وغيرهما والصلاة وما خوطب به بنو إسرائيل:

- ‌مطلب خروج بني إسرائيل من مصر وأخذهم ضريح يوسف وإنجائهم وإغراق فرعون والميقات الأول:

- ‌مطلب في الشكر وتوبة بني إسرائيل والميقات الثاني:

- ‌مطلب في التيه والمنّ والسلوى ومخالفتهم أمر الله ثانيا:

- ‌مطلب رفع الطور على بني إسرائيل وكيفية مسخهم قودة وخنازير:

- ‌مطلب ما قاله الإمام المراغي وقصة البقرة وإحياء الميت:

- ‌مطلب مثالب بني إسرائيل وتحويفهم كلام الله ونقضهم عهوده:

- ‌مطلب حرص اليهود على الدنيا وعداوتهم لجبريل عليه السلام وابن حوريا وعمر بن الخطاب وقوة إيمانه:

- ‌مطلب في السحرة وهاروت وماروت والحكم الشرعي في السحر والساحر وتعلمه وتعليمه والعمل به:

- ‌مطلب في النسخ وأسبابه وأنه لا يكون إلا بمثله أو خير منه:

- ‌مطلب الاختلاف في سبب نزول الآية 108 وتفنيد الأقوال فيها ومجهولية الفاعل:

- ‌مطلب مناظرة اليهود والنصارى، ولغز في ذلك:

- ‌مطلب فيما ابتلى به إبراهيم ربه والكلمات التي علمها له وبناء الكعبة وغيرها:

- ‌مطلب وصية يعقوب وبقية قصة إسماعيل عليهما السلام:

- ‌مطلب بناء البيت وحدوده من جهاته وتحريمه واحترام ما فيه وبدء بنائه:

- ‌مطلب كيفية الإيمان والإسلام والمعمودية ومن سنها وتحويل القبلة وأن الشهادة قد تكون بلا مشاهدة ومنها شهادة خزيمة:

- ‌مطلب آيات الصفات والشكر على النعم والذكر مفرد أو جماعة وثواب الشهيد:

- ‌مطلب في الصبر وثوابه وما يقوله المصاب عند المصيبة:

- ‌مطلب في السعي وأدلة السمعية والحكم الشرعي فيه وكتم العلم:

- ‌مطلب الدلائل العشر المحتوية عليها الآية 164 من هذه السورة:

- ‌مطلب في الأكل وأحكامه وأكل الميتة والدم وغيرهما من المحرمات:

- ‌مطلب أنواع البرّ والقصاص وما يتعلق بهما:

- ‌مطلب في الوصايا ومن يوصى له ومن لا وما على الوصي والموصى له والموصي:

- ‌مطلب في الصوم وفرضيته والأعذار الموجبة للفطو والكفارة وإثبات الهلال وإنزال الكتب السماوية:

- ‌مطلب الدعاء وشروطه والجمع بين الآيات الثلاث فيه وشروط الإجابة:

- ‌مطلب أخذ أموال الناس باطلا والقضاء لا يحلل ولا يحرم ومعنى الأهلة وما كان في الجاهلية وأنه القتال الأولى:

- ‌مطلب المقابلة بالمثل وفضل العفو والإنفاق في سبيل الله والإحسان:

- ‌مطلب في المحافظة على الأدب في الحج ولزوم التقوى فيه وجواز البيع والشراء في الموسم ودوام ذكر الله تعالى:

- ‌مطلب مقتل زيد بن الدثنة وخبيب الأنصاري وإظهار حبهم لحضرة الرسول والصلاة عند القتل وقصة صهيب:

- ‌مطلب لا يصح نزول الآية في عبد الله بن سلام وبحث قيم في آيات الصفات وأن المزين في الحقيقة هو الله تعالى:

- ‌مطلب الأنبياء والرسل المتفق عليهم والمختلف فيهم ورسالتهم وعددهم وعدد الكتب المنزلة عليهم:

- ‌مطلب في الإنفاق والجهاد وفوائدهما وما يترتب على القعود عنهما من البلاء:

- ‌مطلب في الخمر والميسر ومخالطة اليتامى والنظر إليهم وبحث في النفقة أيضا وحفظ بيت المال

- ‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

- ‌مطلب في الأيمان وكفّارتها والإيلاء والطلاق والعدة وكلمات من الأضداد وما يتعلق بحقوق الزوجين:

- ‌كراهة الطلاق وجواز الخلع على مال وحرمة أخذه إن كان لا يريدها ووقوع الطلاق الثلاث:

- ‌مطلب في الرضاع وعدة الوفاة والطلاق وما يجب فيهما ونفقة الأولاد والمعتدات:

- ‌مطلب قصة ذي الكفل ونادرة السلطان سليم وقصة أشمويل عليه السلام:

- ‌مطلب في التابوت ومسيرهم للجهاد ومخالفتهم توصية نبيهم بالشرب من النهر وقتل جالوت وتولية داود عليه السلام:

- ‌مطلب التفاضل بين الأنبياء واختصاص كل منهم بشيء وتفضيل محمد على الجميع وإعطائه ما أعطاهم كلهم من المعجزات:

- ‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

- ‌مطلب محاججة النمروذ مع إبراهيم عليه السلام وقصة عزير عليه السلام وسؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى وجوابه عليها:

- ‌مطلب في الصدقة الخالصة والتوبة وما يتعلق بهما وبيان أجرها وعكسه:

- ‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

- ‌مطلب الهداية من الله، وفضل إخفاء وإعلان الصدقة، والربا وما يتعلق به والحكم الشرعي فيه:

- ‌مطلب فائدة انظار المعسر وتحذير الموسر عن المماطلة بالأداء وأجر العافي عن الدين والتوبة عن الربا وآخر آية نزلت فيه:

- ‌مطلب في الكتابة والشهادة على الدين وتحذير الكاتب والشاهد من الإضرار بأحد المتعاقدين وحجر القاصر ومن هو بحكمه:

- ‌مطلب المحاسبة غير المعاقبة ومعنى الخطأ والنسيان والهمّ والطاقة والإصر وغيرهما:

- ‌تفسير سورة الأنفال عدد 2 و 98 و 8

- ‌تفسير سورة آل عمران عدد 3 و 89 و 3

- ‌مطلب في وفد نجران ومناظرته مع حضرة الرسول، وبيان المحكم والمتشابه في القرآن العظيم:

- ‌مطلب آيات الله في واقعة بدر. ومأخذ القياس في الأحكام الشرعية. وأن الله خلق الملاذ إلى عباده ليشكروه عليها ويعبدوه:

- ‌مطلب في معنى الحساب وعلامة رضاء الله على خلقه وموالاة الكفرة وتهديد من يواليهم أو يحبتهم:

- ‌مطلب من معجزات القرآن تماثيل الأعمال كالسينما وفي طاعة الله ورسوله التي لا تقبل الأولى إلا مع الثانية وهناك من الأمثال ما يقاربها:

- ‌مطلب ولادة مريم من حنة وتزويج زكريا من إيشاع وقصتهما وما يتعلق فيهما:

- ‌مطلب في الاصطفاء، ومن كمل من النساء، وما احتوت عليه هذه الآيات وما يتعلق بها:

- ‌مطلب معجزات عيسى عليه السلام وقصة رفعه إلى السماء وعمل حوارييه من بعده:

- ‌مطلب في المباهلة ما هي وعلى أي شيء صالح رسول الله وقد نجوان وحكاية أسير الروم

- ‌مطلب في الحلف الكاذب والمانّ بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

- ‌مطلب وقت قبول التوبة وعدم قبولها. ومعنى البر والإثم. والتصديق بالطيب. والوقف الذري. وتبدل الأحكام بتبدل الأزمان:

- ‌مطلب في البيت الحوام والبيت المقدس وفرض الحج وسقوطه وتاريخ فرضه والزكاة والصوم والصلاة أيضا:

- ‌مطلب فتن اليهود وإلقائها بين المسلمين وسبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول وألفتهم:

- ‌مطلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاجتماع والفرقة وكون هذه الأمة خير الأهم ومعنى كان والتذكير والتأنيث:

- ‌مطلب حقد اليهود والمنافقين ورؤية حضرة الرسول وقصة أحد وما وقع فيها:

- ‌مطلب من أمي قديم، إلى حزن حادث وفي الربا ومفاسده. ووجود الجنة والنار والأوراق النقدية:

- ‌مطلب في التقوى وكظم الغيظ والعفو والإحسان، ومكارم الأخلاق والتنزه عن مذامتها:

- ‌مطلب الأيام دول بين الناس، وكون الجهاد لا يقرب الأجل، وكذب المنافقين، واللغات التي تجوز في كأين:

- ‌مطلب المقتول ميت بأجله، وأنواع العبادة ثلاثة، وبحث في الشورى ومن يشاور، وخطبة أبي طالب:

- ‌مطلب في حياة الشهداء، وخلق الجنة والنار، وقصة أهل بنو معونة، وما قاله معبد الخزاعي:

- ‌مطلب غزوة حمراء الأسد، وبدر الصغرى، وأحاديث في فضل الجهاد والرباط:

- ‌مطلب في الزكاة وعقاب تاركها، وتحذير العلماء من عدم قيامهم بعلمهم، وحقيقة النفس:

- ‌مطلب إخبار الله تعالى عما يقع على المؤمنين وقتل كعب بن الأشرف والاعتبار والتفكر والذكر وفضلهما وصلاة المريض:

- ‌مطلب فيما وقع للنجاشي مع أصحاب رسول الله ووفد قريش. ومأخذ قانون عدم تسليم المجرمين السياسيين. والصلاة على الغائب:

- ‌تفسير سورة الأحزاب عدد 4- 90 و 33

- ‌مطلب في غزوة الخندق وما سلط فيها على الأحزاب وهزيمتهم

- ‌مطلب لا يسمى ما وقع من حضرة الرسول وما في بعض آيات القرآن شعرا لفقد شروطه وقصة بني قريظة:

- ‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

- ‌مطلب زواج حضرة الرسول بمطلقة زيد، وكونه خاتم الأنبياء، والطلاق قبل الدخول:

- ‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

- ‌مطلب كيفية الصلاة على النبي، وهل يجوز إطلاقها على غيره، والذين لعنهم الله ومن يؤذي أولياءه:

- ‌مطلب تفطية وجه المرأة، والنهي عن نقل القول، وما اتهم به موسى من قومه والأمانة:

- ‌تفسير سورة الممتحنة عدد 5- 91 و 60

- ‌مطلب الاخبار بالغيب في كتاب حاطب لأهل هكة ونصيحة الله للمؤمنين في ذلك:

- ‌مطلب من جحد عهد الحديبية وما يتعلق بالنسخ ونص المعاهدة وما وقع فيها من المعجزات:

- ‌تفسير سورة النساء عدد 6 و 92 و 4

- ‌مطلب في أخلاق الجاهلية وفوائد السلطان للبلاد والعباد. وأكل مال اليتيم:

- ‌مطلب في الوصايا وأموال الأيتام وحفظها وتنميتها ورخصة الأكل منها للمحتاج:

- ‌مطلب حد الزنى واللواطة. وأصول التشريع. والمراد بالنسخ. وإيمان اليأس والتوبة:

- ‌مطلب في المحرمات من النساء وفي نكاح الحرة والأمة ونكاح التبعة والتفاضل بين الناس:

- ‌مطلب أكل المال بالباطل وجواز البيع بالتراضي ومن يقتل نفسه وكبائر الذنوب وصغائرها وما يتعلق بهذا:

- ‌مطلب تفضيل الرجل على المرأة. وعدم مقاصصتهن لرجالهن. وأمر تأديبهن منوط برجالهن أيضا:

- ‌مطلب أجمع آية في القرآن لمصارف الصدقة. وحق القرابة والجوار وشبههما وذم البخل:

- ‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

- ‌مطلب طبايع اليهود أخزاهم الله واسلام عبد الله بن سلام وأصحابه وغفران ما دون الشرك وعلقة اليهود:

- ‌مطلب توصية الله الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

- ‌في مطلب معنى زعم قصة بشر واليهودي والزبير والأنصاري وامتثال أوامر الرسول:

- ‌مطلب ما فعله ابو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب

- ‌مطلب في قوله تعالى كل من عند الله، وكيفية حال المنافقين مع حضرة الرسول، وان كلام الله لا يضاهيه كلام خلقه محمد فمن سواه صلى الله عليه وسلم:

- ‌مطلب أمر حضرة الرسول بالقتال والآية المبشرة إلى واقعة أحد وبدر الصغرى والشفاعة والرجاء ومشروعية السلام ورده:

- ‌مطلب من يقتل ومن لا يقتل ومن يلزمة الكفارة للقتل ومن لا وما هو يلزم القاتل وأنواع القتل:

- ‌مطلب في قصر الصلاة وكيفيتها وهل مقيدة بالخوف أم لا ومدتها، وقصة سرقة طعيمة بن أبيرق وجواز الكذب أحيانا:

- ‌مطلب غفران مادون الشرك وتوبة الشيخ على يد رسول الله:

- ‌مطلب ارث النساء والقسم من الزوجات وجواز الفداء والعداء والظلم والعدل:

- ‌مطلب في التهكم والكتاب والنهي عن مجالسة الغواة وأفعال المنافقين وأقوال اليهود الباطلة:

- ‌مطلب عدم تيقن اليهود بان عيسى هو المصلوب، وآية الربا الرابعة، وعدد الأنبياء والرسل وفرق النصارى ونص الأقانيم الثلاث:

الفصل: ‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

قالوا لما صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما ودعا نفرا من الأصحاب فأكلوا وقدم لهم الخمر فشربوا لأنها لم تحرم بعد على القطع، ثم قدموا أحدهم يصلي بهم المغرب فقرأ (أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) بدل لا أعبد ما تعبدون، أنزل الله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً» باحتلام أو غيره. والجنب لفظ يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع «إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ» مسافرين عادمي الماء عبّر عن التيمم بالمسافر لأن غالب حاله عدم الماء في البادية «حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى» وتحقق لكم مضرة الماء بتجربة أو اخبار حاذق ملم «أَوْ» كنتم «عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ» هو المحل المنخفض يذهب إليه لقضاء الحاجة فيه كي لا يرى، وكنّى به عن الحدث «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ» جامعتموهن، وكنّى بالملامسة عن الجماع تحاشيا عن ذكره وتعليما للناس أن يتأدبوا بآداب القرآن فلا ينطقوا بكلام مستهجن تمجه النفس ويأباه الطبع السليم من كل ما ينافي الأدب، ولا سيما ما يتعلق بالنساء فيكنّون في كل ما يتحاشى عن ذكره ويتعالى الأديب عن التصريح به ويتباعد الأريب عنه، فإذا وقعتم أيها الناس في هذه الحالة ولم تجدوا ما تنطهرون به «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً» تغتسلون به أو لم تقدروا على استعماله أو لم تستطيعوا وصوله لخوف من حيوان أو قاطع طريق أو من يترصد لقبضكم وحبسكم أو لم يكن عندكم آلة تنضحون بها الماء «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً» هو وجه الأرض مطلقا ترابا أو غيره «طَيِّباً» طاهرا، وإذا أردتم التيمم به «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا» يصفح عن عباده وييسر لهم برخصه «غَفُوراً» (43) للخطأ والتقصير. اعلم أن صدر هذه الآية هو الآية الثالثة النازلة في الخمر الممهدة لتحريمه على القطع كما أشرنا إليه في الآيتين 220 من البقرة المارة و 67 من سورة النحل في ج 2 وليس فيهما تصريح المنع، والمنع في هذه مقيد في الصلاة فقط ولذلك لم ينته عن الخمر بعد نزولها إلا ذوو النفوس

ص: 558

الزكية العارفون مغزى هذا النهي الوارد فيها، وبقي مكبا عليها من لم يتصف بتلك الصفة الطاهرة أو من لم تكن عنده ملكة كافية لإدراك ذلك النهي المقيد في حال الصلاة، فلم تكن رادعة على الجزم كما أن آية البقرة قد بنيت على دفع المضرة وهي سلب العقل والمال وجلب المنفعة وهي المال واللذة وهو من الاوليات التي هي أول أقسام اليقينيات التي هي نتيجة البرهان، كقولك الواحد نصف الاثنين، والكل أعظم من الجزء، والراحة خير من التعب. والثاني مشاهدات كقولك النار محرقة والسماء فوقنا، والأرض تحتنا، والماء مزيل الظمأ. والثالث مجربات كقولك شرب المسهل مطلق، وتعاطي الدواء نافع، والاكل مزيل للجوع، والشرب مزيل للعطش. والرابع حدسيات أي ظنيات كنور القمر مستفاد من الشمس، وبعد وقرب السيارات بعضها من بعض ومن الأرض، وعدد النجوم وحجمها، وحصول المد والجزر يتغيّر وقته باختلاف طلوع القمر، والخامس متواترات كثبوت نبوة الأنبياء، وإرسالهم من قبل الله، وإنزال الكتب عليهم لهداية البشر. وعلى هذا فإن كون دفع المضرة مقدم على جلب المنفعة مما لا يتردد فيه عاقل، وقد وضعت قاعدة من قواعد المجلة الشريفة بصورة درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، إلا أن هذه الآية لم تكن زاجرة على الجزم من تعاطي الخمر أيضا ولهذا بقي القسم الأعظم يتعاطاها في غير الصلاة لأن النفوس جبلت على الميل للشهوات والجنوح للذات لأنها شريرة بالطبع ما لم تهذب وتصلح وتمني وتؤمل، وسنأتي على القول الفصل في هذا البحث عند تفسير الآية الرابعة الحاسمة في هذا الشأن عدد 90 من المائدة الآتية إن شاء الله تعالى. وتشير هذه الآية إلى أن ردة السكران غير معتبرة، لأن قراءة (أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) من غير السكران إذا كانت مقصودة كفر، وإن الله خاطبهم بصيغة الإيمان فلم يحكم بكفرهم، ولم يفرق حضرة الرسول بين هذا القارئ وزوجته ولم يأمره بتجديد الإيمان، مما يدل على عدم اعتبار ما وقع منه، ولهذا قال أكثر الأئمة بعدم وقوع طلاق السكران، وكذلك طلاق المكره وعليه العمل الآن رحمة بالنساء. وإن من قال بوقوعه أراد زجرا له لئلا يتداول ولم ينظر إلى ما يلحق زوجته من الحيف، لذلك فإن القول بعدم اعتباره أولى، فقياس

ص: 559

عدم إيقاع الطلاق

على عدم تكفيره وتسميته مؤمنا قياس مستقيم موافق لأصوله.

هذا، وقد أجمعت الأمة على أن من أجرى على لسانه كلمة الكفر خطأ لا يحكم بكفره كالمكره الذي مر بحثه في الآية 106 من سورة النحل في ج 2، وفي قوله تعالى (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) إشارة إلى أن المتيمم إذا وجد الماء وجب عليه الاغتسال به، وإن التيمم قائم مقام الماء عند عدم القدرة عليه طالت المدة أو قصرت.

وسبب نزول آية التيمم ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارنا حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حسبت رسول الله والناس ليسوا على ماء وليس معهم ماء. قالت عائشة فعاتبني ابو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن يده في خاصرتي فلا يمنعني التحرك إلا مكان رسول الله على فخذي، فنام رسول الله حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن حضير وهو أحد النقباء ما هي أول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت عائشة فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.

- أخرجاه في الصحيحين- وذلك في غزوة الربيع، وهذه على ما جاء في السيرة النبوية وقعت في السنة الخامسة من الهجرة الشريفة، وعليه فتكون هذه الآية مقدمة على سورتها بالنزول لأنها وقعت على أثر انتهاء غزوة بني قريظة الكائنة بعد غزوة الخندق المسماة بالأحزاب، ووضعت هنا بإشارة من حضرة الرسول واخبار من الأمين جبريل عليهما الصلاة والسلام كسائر الآيات المتقدمة على سورها. ولهذا البحث صلة في الآية 9 من سورة المنافقين الآتية وأول فريضة صليت بالتيمم هذه، وهو عبارة عن ضربتين على تراب طاهر واحدة للوجه وواحدة لليدين، وينقضه ما ينقض الوضوء ووجود الماء. قال تعالى «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ» حظا وافرا من التوراة وهم أحبار اليهود وصاروا «يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ» بالهدى بعد ظهوره لهم «وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ» يا أيها المؤمنون لتكونوا مثلهم فتميلون عن الحق الذي أنتم عليه وتنخرطون في سلكهم

ص: 560

لأنهم لم يكتفوا بضلالهم بل طمعوا بإضلال غيرهم، فاحذروهم فهم أعداؤكم «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ» منكم وقد أخبركم بهم وبما ينوونه لكم من الشر، فلا تلتفتوا إليهم واعتصموا بدينكم «وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً» (45) نزلت هذه الآية في حبرين من أحبار اليهود كانا يأتيان رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول ورهطه يثبطانهم عن الإسلام، وقد بينهم الله بقوله «مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ» في التوراة التي أوجبت حكمة الله وصنعه فيها بما اقتضت شهواتهم من إبدال الكلام لغيره وإزالة معنى بمعنى آخر ليميلوا بالناس عن الإسلام ويضلوهم عن اتباع الدين الحق «وَيَقُولُونَ» للرسول عند ما يحذرهم سوء صنيعهم هذا «سَمِعْنا» قولك ظاهرا «وَعَصَيْنا» أمرك سرا ومنهم من يجهر به عنادا وعتوا ويقولون «وَاسْمَعْ» قولنا أيها الرسول «غَيْرَ مُسْمَعٍ» ما تكره، وهذه الكلمة تحتمل المدح كما أولناها، وتحتمل الذم (أني أسمع لا سمعت) ولا شك أن اليهود قاتلهم الله إذا تكلموا بكلام ذي وجهين كهذا مع المؤمنين فإنهم يريدون أسوأه لا أحسنه وشره لا خيره، قبحهم الله وأخزاهم، بدليل قولهم بعدها «وَراعِنا» أنظرنا يا رسول الله، لأن معناها هو هذا، ولها معنى آخر وهو الرعونة وهم لا بد يريدون هذا لا ذاك، مع أن الأنبياء لا يخاطبون إلا بالإجلال والتوقير والتعظيم، وهم دائما يقتلون الحق ويقلبونه إلى الباطل، راجع الآية 104 من البقرة المارة، وقولهم هذا يكون «لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ» وذلك أن منهم رفاعة بن زيد ومالك بن رخشم كانا إذا تكلم حضرة الرسول لويا ألسنتهما وعاباه «وَ» كان فعلهم هذا «طَعْناً فِي الدِّينِ» الحق أو بصاحبه سيد الخلق ومعنى الأرعن الأهوج في منطقه والأحمق المتسرع والهوج طول في حمق وتسرع في طيش والمسترخي هو المتقاعس ويقولون لو كان بيننا لعرف معنى أقوالنا وإننا نعمه لا يدري، فأطلع الله نبيه على خبث ضمائرهم وفضحهم بقوله «وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا» بدل وعصينا «وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا» بدل غير مسمع وراعنا «لَكانَ خَيْراً لَهُمْ» عند الله «وَأَقْوَمَ» وأعدل لكلامهم عند الناس «وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ»

ص: 561