الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه السّلام المشار إليها في الآية 39 من سورة النّمل ج 1 والآية 12 من سورة سبأ ج 2 وغيرهما من المواضع، حتى إنهم ينسبون الرّجل الطّيب لها فيقولون فلان عبقري، والقرآن نزل بلغتهم، وحتى الآن يضرب المثل بهذه الكلمة لكل ما يستحسن «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (77) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ» (78) ختم جل جلاله نعم الآخرة بهذه الآية الجليلة إشارة إلى تمجيده وتحميده، كما ختم نعم الدّنيا المتقدمة بمثلها إعلاما بأنه الباقي وإنها فانية ولا يخفى أن وصف الجنتين الأخيرتين أبلغ وأعظم من الأوليين وما فيهما، كذلك لأنهما للمقربين وهم أقوم وأقدس من أصحاب اليمين كما علمت، روى مسلم عن ثوبان قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا وقال اللهم أنت السّلام ومنك السّلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وأخرج أبو داود والنّسائي مثله بزيادة لم يقعد بعد السّلام إلّا مقدار ما يقول اللهم أنت السّلام إلى آخره. ولذلك ذهب أبو حنيفة إلى سنة قراءة الأوراد الواردة بعد الصّلوات بعد أداء السّنة إذ لم يثبت لديه أنه صلى الله عليه وسلم قعد بين الفريضة والسّنة بأكثر من ذلك وذهب الإمام الشّافعي إلى قرائتها بين الفريضة والسّنة لأنه صلى الله عليه وسلم فصل بينهما بتلك الكلمات، ولكل وجهة. والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين إلى يوم الدّين. والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة الإنسان عدد 12- 98 و 76
نزلت بالمدينة بعد سورة الرّحمن، وهي إحدى وثلاثون آية، ومئتان وأربعون كلمة، وألف وأربعمائة وخمسون حرفا، وتسمى سورة الدّهر.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى «هَلْ أَتى» قال أكثر المفسرين معناه قد مضى. وظاهره استفهام للحمل على الإقرار بما دخلت عليه هل الاستفهامية، أي مضى عليه زمن كثير ولم يدر ما هو على المعنى الأول، والمقرر به من ينكر البعث لأنهم يقولون مضى على انسان دهور وهو كذلك، أي قولوا
لهم إن الذي أوجده بعد أن لم يكن، كيف يمتنع عليه إعادته بعد موته؟ ثم بين كيف كان وما آل إليه فقال عز قوله مرّ «عَلَى الْإِنْسانِ» آدم عليه السلام في بداية خلقه «حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ» مدة كثيرة وهي من معاني الحين «لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً» (1) ولم يدر ما هو وما يراد به لأنه عبارة عن هيكل مصنوع من طين لا حراك به. وهذا الاستفهام على المعنى الثاني تقريري يجاب ببلى أي أنه مر عليه زمن طويل وهو مجندل مصور من الطّين لم يذكره ولم يعلم بأنه سيكون بشرا، وتتولد منه هذه الخلائق وما قيل أن آدم صور وطرح بين مكة والطّائف ينفيه ما رواه مسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صور الله آدم في الجنّة تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطوف به وينظر إليه فلما رآه أجوف علم أنه خلق لا يتمالك أي لا يملك نفسه ويحبسها عن الشّهوات، وإذا كان كذلك فمن الممكن التسلط عليه وإغواؤه، قال تعالى «إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ» المذكور بعد أن كوناه من التراب جعلنا ذريته مخلوقة «مِنْ نُطْفَةٍ» حقيرة «أَمْشاجٍ» ممزوجة من ماء المرأة والرّجل يقال مشجت الشّيء بمعنى مزجته وخلطته، وإنا بعد أن خلقناه على هذه الصّورة «نَبْتَلِيهِ» فنختبره ونمتحنه بأوامرنا ونواهينا بعد أن نركب فيه العقل ونصيّره قادرا على تمييز الخير من الشّر «فَجَعَلْناهُ» بعد تمام خلقه وكمال حواسه على الصّورة المبينة في الآية 17 فما بعدها من سورة المؤمن ج 2 «سَمِيعاً بَصِيراً» (2) قدم السّمع على البصر لأنه أفضل منه، لأن الأعمى يمكن التفاهم معه بخلاف الأطرش، وخصّ هاتين الحاستين من بين الحواس العشر المشار إليها في الآية 73 من سورة يوسف ج 2 لعظم فضلهما «إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ» السوي في دنياه وبينا له عاقبة الخير والشّر وأعطيناه عقلا يميز به النّفع من الضّر، وجعلنا له الخيار فيما يريد «إِمَّا شاكِراً» يكون لنعمنا هذه مقدرها حق تقديرها موحدا لإلهيتنا مؤمنا بقدرتنا آخذا بإرشاد رسلنا «وَإِمَّا كَفُوراً» (3) بذلك جحودا لما أوليناه من النّعم كافرا برسلنا وكتبنا. هذا، وقال ابن عباس إنه بقي مئة وعشرين سنة، يريد أربعين سنة طينا وأربعين صلصالا، وأربعين حمأة، وقال الفخر إن الحين له معنيان الأوّل أنه طائفة