الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجعله خالصا لوجهك الكريم، إنك على كلّ شيء قدير، وبالإجابة جدير. هذا والله أعلم. وأستغفر الله. ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدّين، ومن تبعهم بإحسان آمين.
تفسير سورة المجادلة عدد 19 و 105- 58
نزلت بالمدينة بعد سورة المنافقين وهي اثنتان وعشرون آية وأربعمائة وثلاث وسبعون كلمة والف وسبعمئة واثنان وتسعون حرفا. ولا يوجد سورة مبدوءة بما بدئت غير سورة الجن كما لا يوجد سورة مختومة بما ختمت غير آل عمران ومثلها في عدد الآي سورة البروج.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما» مبادلتكما الكلام ومراجعتكما فيه يا سيد الرّسل أنت والمرأة «إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ» لمن يناجيه «بَصِيرٌ» (1) بأمر من يشتكي إليه يجيب دعاء المضطر من عباده، وسبب نزول أوائل هذه السّورة هو أن خولة بنت ثعلبة قالت يا رسول الله إن زوجي أديس بن الصّامت تزوجني وأنا شابة غنية ذات أهل ومال، حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وتفرق أهلى وكبر سني ظاهرني وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه فتنعشني به؟ وذلك أن الظّهار الآتي بيانه كان زمن الجاهلية مما تحرم به المرأة على البتات، ولذلك لم يفتها حضرة الرّسول لأنه لم يتلق من ربه ما يبطله وقال لها صلى الله عليه وسلم حرمت عليه، فقالت والذي بعثك بالحق وأنزل عليك الكتاب ما ذكر الطّلاق وأنه أبو ولدي وأحب النّاس إليّ، فقال حرمت عليه، فقالت أشكو إلى الله فاقني ووحدتي، ثم قالت يا رسول الله قد طالت له صحبتي ونثرت له بطني، فقال ما أراك إلّا حرمت عليه ولم أومر بشأنك بشيء، فجعلت تراجع الرسول، وكلما قال لها حرمت قالت أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي وشدّة حالي ثم قالت يا رسول الله إن لي منه صبية صغارا إن ضممتهم إليّ جاعوا، وإن ضممتهم إليه
ضاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السّماء وتقول اللهم إليك أشكو فأنزل الله أوائل هذه السّورة. روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمته في جانب البيت وما أسمع ما تقول، فأنزل الله (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ) وذم الظّهار بقوله عزّ قوله «الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ» حتى يجعلوهن مثلهن «إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ» لا زوجاتهم «وَإِنَّهُمْ» المظاهرون الّذين يجعلون زوجاتهم كأمهاتهم «لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً» كذبا باطلا لأن الأمهات محرمات على التأبيد بتحريم الله تعالى، والزوجات لا يحرمن بمجرد تشبيههن بالأمهات «وَإِنَّ اللَّهَ»
المنفرد بأمر عباده كثير الصّفح والسّماح والمنّ والعفو عنهم وعما سلف مما وقع من المظاهرين «لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» .
مطلب في الظّهار وحكمه والمخلص منه وكيفيته والمشاورة والنّجوى والتكلم بغير لغة القوم:
الحكم الشّرعي هو أن الظّهار من طلاق الجاهلية كالإيلاء راجع الآية 227 من البقرة تجد بحثه وهو أن يقول الرّجل لزوجته أنت علي كظهر أمي، ومعناه علوّي عليك حرام كعلوي على أمي، وعلوه على أمه حرام لأنهم يريدون بهذا العلو الجماع، لأن الرّجل يعلو المرأة فيه، وكذلك لو قال كبطن أمي أو شبه عضوا منها بعضو أمه، وكذلك إذا شبهها بإحدى محرماته بلفظ من هذه الألفاظ فيكون مظاهرا من زوجته، ثم بين الله تعالى المخرج من مأزق هذا اليمين مما يجعله حلّا منه ويسترد به زوجته لعصمته فقال «وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا» أي يرجعون عن أقوالهم لنسائهم من الألفاظ التشبيهية لهن بأمهاتهم أو غيرهن من محارمهم ليحلوا ما حرموا على أنفسهم منهن، وكيفية العود أن يبقيها عنده ولا يخرجها من بيته، ولكن لا يعاملها معاملة الأزواج حتى يكفر عن يمينه بما ذكره الله، فيعد هذا رجوعا وندما على ما وقع منه. ثم ذكر الله تعالى الكفارة التي يتحلى بها يمينه بقوله أولا «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» عتق عبد من عبيده إذا كان له عبيد، وإلّا فيشتري عبدا ويعتقه «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا»
إذ يجب عليه العتق أولا ثم يعامل زوجته معاملة الأزواج إذ لا يجوز له قربانها قبل التكفير «ذلِكُمْ» الحكم الشّرعي شرعه الله لكم في تحليل المظاهرات «تُوعَظُونَ بِهِ» أيها المؤمنون وتتأدبون من أن تعودوا لمثله «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» (3) لا يحتاج إلى إخبار لأن أعمالكم كلها من جملة معلوماته الأزلية وإنها معروفة عنده «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ» رقبة يعتقها ولم يقدر على شرائها لضيق ذات يده فصيام شهرين متتابعين تكون كفارته تخفيفا عليه وتبسيرا من ربه، وهذا الصّيام أيضا يجب أن يتمه «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا» مثل كفارة العتق «فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ» أن يصوم لكبره أو مرضه المزمن «فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً» كفارته تسهيلا عليه من لطف الله تعالى والإطعام يكون لكل مسكين نصف صاع من البر أو صاع من غيره وهو ما يغذي الرّجل يوما واحدا من أوسط الطّعام كما سيأتي بيانه مفصلا في الآية 92 من سورة المائدة، وكذلك يجب أن يتصدق بهذا الإطعام قبل المجامعة «ذلِكَ» البيان الشّافي والتخفيف الكافي «لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» وتزدادوا إيمانا وشكرا وحمدا إذ لم يجعل عليكم حرجا فيما شرعه لكم إكراما لرسولكم كما هو مدون في أزله وتعملوا بما أمرتم به عن اعتقاد ويقين وصدق وحزم وتتركوا ما كان عليه أسلافكم من أمور الجاهلية التي قلدتموهم بها. واعلم أن هذه لا تعد ناسخة لما كان في الجاهلية، لأن الظّهار لم يقرر في الإسلام كشرع ولم يعمل به كمأمور به، وإنما كان عادة مستقة من عوائد الجاهلية، والنّسخ لا يدخل إلا على ما كان مشروعا كما أشرنا إليه في الآيتين 17 و 150 من سورة البقرة، وما كان عليه عمل الجاهلية لا يسمى شرعا لأنهم لم يأخذوها من شرع قديم أو يكتسبوها من تعاليم الأنبياء، إذ لا شرع ولا كتاب لهم بل من عوائد آبائهم، لأن نبيهم إسماعيل عليه السلام اندرست شريعته ولم يترك لهم كتابا يرجعون اليه، ولهذا لم يفت به حضرة الرّسول، لأنه حكم من الأحكام ولم ننزل عليه فيه شيء، وهو لا ينطق عن هوى. قال تعالى «تِلْكَ» الأحكام المتلوة عليكم أيها النّاس في «حُدُودُ اللَّهِ» التي لا يجوز تخطيها المفروض عليكم اتباعها «وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ» (4) يوم القيامة عدا ما ينالونه في الدّنيا تدل هذه الآية دلالة قاطعة
على أن من لم يقبل شيئا من أحكام الله منكرا صحته فهو كافر، وعليه فإن من يصلي بلا وضوء جاحدا فرضيته فهو كافر، وإلّا فيستحق العقاب، لأن الله أمره به عند الإقدام على الصّلاة كما سنبينه في الآية السّادسة من المائدة الآتية، وقد مر نهي الجنب عن الدّخول فيها في الآية 23 من سورة النّساء، ولهذا عبّر ممن لم يتقيد بحدوده بالكافرين، وأعقبها بقوله عز قوله «إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» بمخالفة أمرهما وانتهاك حرماتها ومعنى المحادة المعاداة والمشاقة لله ورسوله «كُبِتُوا» أحزوا وذلّوا وهلكوا منكبين على وجوههم «كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» بمعاداتهم الله ورسله رمشافقتهها هم «وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ» بمنع المخالفة والانقياد للشريعة والتباعد عن الشّقاق «وَلِلْكافِرِينَ» بها الجاحدين حقيقتها «عَذابٌ مُهِينٌ» (5) لهم يشينهم مرآه بين النّاس في المشهد العظيم «يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً» للحساب «فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا» في دنياهم من خير
أو شر جهرا أو سرا مباحا أو حراما إذ أَحْصاهُ اللَّهُ» عليهم كله فحفظه في كتابهم وَنَسُوهُ مع أنهم اقترفوه لعدم مبالاتهم به «وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» بما يعمله خلقه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم خفيها وعلانيتها كيف وهو القائل (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) الآية 285 من البقرة ولا تكون المحاسبة إلّا عن علم أي يعلمه ويحاسبكم عليه. فيا أيها الغافل «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» خفية وجلية لا يعزب عن علمه شيء وانه «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى» تشاور وأسرار بين «ثَلاثَةٍ» من الخلق وحدهم «إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ» حاضر معهم يعلم ما يتناجون به كما هو عالم به أزلا من قبل مناجاتهم «وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ» اثنين أو واحد «وَلا أَكْثَرَ» سبعة فما فوق إلى ما لا نهاية «إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا» في الأرض أو السّماء أو فيما تحتها وفوقها وبينهما وما فوق الماء وتحته «ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا» في مناجاتهم ومكانها وزمانها كسائر أعمالهم الأخرى «يَوْمَ الْقِيامَةِ» حينما تنشر الأعمال بالصحف على أربابها كي يتحقق لديهم ذلك ويقولوا بعد أن كانوا ينكرون «إِنَّ
اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»
(7)
لا تخفى عليه خافية، وإنما خص الثلاثة والخمسة في المشاورة لأن العددين أقل ما يكفي في المشاورة، ولأن الاثنين يوشك أن يتفقا على غلط أو يتخالفا في الرّأي فالثالث يكون كالحكم. ويوشك أن ينقسم كل اثنين من الخمسة فيذهب إلى رأي فيكون الخامس كالحكم أيضا يرجح رأي من ينضم إليها، فينم الغرض الذي من أجله شرعت المشاورة. قال تعالى «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى» وهم اليهود والمنافقون إذ كانوا إذا رأوا المؤمنين طفقوا يتناجون بينهم قصدا كي يظن المؤمنون أنهم قد علموا سوء بسراياهم وغزاتهم فيحزنون، فشكوهم إلى الرّسول فمنعهم من ذلك ولم يمتنعوا، فأنزل الله فيهم هذه الآية «ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ» من النّجوى ولم يمتثلوا أمر الرسول «وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ» إساءة له ولأصحابه «وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ» أولئك الخبثاء «بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ» فيقولون السّام عليك بدل السّلام وراعنا بدل انظرنا واسمع غير مسمع كما مر في الآية 104 من البقرة ومع هذا فإن الرّسول يغض عنهم ولا يرد عليهم مع علمه بنياتهم بذلك، ولذلك تمادوا في مثل هذه الألفاظ المراد بها غير ظاهرها المعروف «وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ» في شأن محمد وأصحابه وعليهم وهو يزعم أنه نبيه لفعل إذ لا يعجزه شيء ولا يغفل عما نقول، فلو كان نبيا لانتقم له منا ولكنه ليس بني قاتلهم الله، بلى والله إنه لنبي وإن الله معذبهم على ذلك ومنتقم لنبيه منهم إذ يقول جل قوله «حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ» عذابا يوم القيامة «يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ» (8) هي لمن يصلى بها، روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك، قالت عائشة رضي الله عنها فقلت عليكم السّام واللّعنة، قالت فقال رسول الله مهلا يا عائشة ان الله يحب الرّفق في الأمر كله، فقلت يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا قال قد قلت وعليكم أي أنه سمع ويرد عليهم قولهم بحيث كأنه لم تحاشيا عن المقابلة بالسوء. قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم «إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ
الرَّسُولِ»
وهذا مما يؤيد ويؤكد أن المراد بهؤلاء المؤمنين، المنافقون لا المخلصون لأنهم لا يتصور عنهم مشاورة بمعصية الرّسول، وإنما سماهم مؤمنين بحسب الظّاهر وبمقتضى زعمهم، راجع الآية 159 من آل عمران المارة وما ترشدك اليه من المواضع في بحث الشّورى والمشاورة. والنّهي عام يدخل فيه المنافق دخولا أوليا وغيره بالتبعية، كما أن قوله تعالى «وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» (9) يوم القيامة فيحاسبكم على ما وقع منكم عام أيضا.
قال تعالى «إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ» إذا كانت بالسوء وإنها لا تضر المؤمن وانه يسوق اتباعه على فعلها «لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا» لأنهم يظنون أنها فيهم أو فيمن يتعلق بهم، ولذلك تغضبهم «وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ» أي نجوى الشّيطان واتباعه المتناجين لا تضر المؤمنين «شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» لأن الضّر والنّفع منه وبيده أمرهما «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (10) لا على غيره، وعليهم ألّا يلتفتوا إلى نجواهم، ولا يلقوا لها بالا، لأن من يتوكل على الله لا يخيّب أمله ولا يبطل سعيه. واعلم أن النّجوى تطلق غالبا على الشّر والمشاورة على الخير ويجوز استعمال كلّ منهما موضع الآخر، وهي من سوء أدب المجالسة التي نهى الله عنها وأدب عباده بها، ولذلك لا ينبغي أن يتشاور اثنان بحضرة واحد أو يتكلما بلغة لا يعرفها أو يرامزان بأي نوع من أنواع الإشارة، لأن هذا مما يقلقه ويغيظه ويسلب راحته، ولذلك نهى الشّارع عنه. روى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كانوا ثلاثة فلا يتنج اثنان دون الثالث.
زاد ابن مسعود في رواية فإن ذلك يحزنه. وهذه الزيادة في سند أبي داود والكلام الذي لا يعرفه الثالث بمثابة المشاورة لما ورد من عرف العربية وتكلم بغيرها فذلك علامة النّفاق، أي إذا تكلم بغيرها اثنان بحضور ثالث لا يعرفها، أما إذا كان الكل يحسنونها فلا بأس. وهذا لا يعني تقبيح تعليم اللّغات الأجنبية، كلا، بل هو مطلوب، فقد ورد من تعلم لسان قوم أمن مكرهم. ولا يخفى أن كل لسان يتكلم به الرّجل بمقابلة انسان آخر لا يعرفه، فهو نصّ عنه، أما بحضور من يعرفه أو بحضور جماعة فلا بأس به. وقد نهى عنه إذا كان ينافق فيه ويتبجح