الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الخاتمة نسأل الله حسنها لديه)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أحمدك يا ولي العطاء والإرشاد، وهادي الغواة، إلى سنن الرّشاد، يا بارى البرية، ومالك الرّقاب، يا من عليك التوكل، وإليك المرجع والمآب، يا مغيث كلّ حائر وملهوف، ومجير كلّ هائل مخوف، حمدا يوافي نعمك، ويكافي مزيدك، وأصلي وأسلم على النّور الموصوف بكل كمال، وآله وأصحابه وأتباعه إلى يوم المال. وبعد فأسألك يا إله كلّ موجود، ويا مغيث كل طائع، وعاص في الوجود، أن تأخذ بيدي لألوذ برحمتك وحرمك المأمون من غرائر وغوافل وبغتات ريب المنون، وألتجئ إلى عصمة حرزك الحصين، وآوي إلى ركنك المصون المتين، لتدرّ عليّ من خزائن برك وإحسانك، ومن مكامن خزائنك، وامتنانك، وتمن علي بخير ما جرى به القلم من خير الدّين والدّنيا ويوم تزل به القدم، وتعيذني من فتن العابثين وشر الأشرار، ومن غرور الغرور والاغترار، وتعصمني من الرّكون لزخارف الدّنيا وشهواتها، وتحمني يا رب من كبواتها، وتعينني بعنايتك، وترعني برعايتك، على كلّ ظالم ومن كلّ غاشم، وتفيض علي من أنوار ربوبيتك، وتغشني برحمتك ورأفتك، وتقيني من العوائق وتخلصني من العلائق، وتهذب نفسي من دنس الأوزار ورجس الأخلاق والآداب والأطوار، وتنوّر قلبي بما يمحوا ظلمة الذنوب ويطرد ما يحوك فيه من خواطر العيوب، وتلين قساوته، وتطهره من الرّين وتدفع عنه صدأ الميل إلى المين، وتثبتني على منهج الحق والهدى والرّشاد، وتسلك بي سبل البر والتقى والسّداد، وخصّ مرامي برضاك ولطفك، واجعل همتي وهواي فيما ينشر علي عفوك وعطفك لأستميح لقاءك يوم اتقائك، وأتشرف بنور قدسك وبهائك، وأحصر خواطري فيما فيه رضاك، وأجعل أشرف أيامي يوم لقاك مع الّذين أنعمت عليهم من الرّسل والأنبياء، والّذين أكرمتهم من الصّديقين والشّهداء، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.
وبعد تمّ بفضل الله ما أردت جمعه من هذا التفسير المبارك يوم الأربعاء في 1 رجب سنة 1358 الموافق ل 15 آب سنة 1939، وكان الفراغ منه بمثل اليوم
والشّهر الذي بدأته به وهو من الاتفاقات الغريبة، والشّكر لله أولا وآخرا.
ربنا تقبل منا ما قدمناه من العمل، ولا تؤاخذنا على ما وقع منا من الزلل، واغفر لنا ما هفى به الرّأي أو زلّ به القلم وأخطأ به الفكر، وانفع عبادك به كما وفقتنا إليه، واجعله خالصا لوجهك الكريم، وبوّئنا بكرمك وجودك جنّات النعيم، واغفر لنا ولوالدينا وأحسن إليهما وإلينا، ومتعنا اللهم بالعافية في هذه الدّنيا ما أحييتنا، والعفو بالآخرة عما سلف منا، ووفقنا دائما لما تحبه وترضاه في القول والعمل والنّية، واحشرنا في زمرة سيدنا سيد البرية، سيدنا محمد صلّى الله عليه وعلى آله بكرة وعشية. ثم أقول تحدثا بنعمة الله لا فخرا ولا ضجرا يأني قد قاسيت في جمع هذا السّفر الكريم والكتاب الجليل العظيم أنعابا جمة ومشاق مهمة، ولكن بفضله ومنّه قد استعذبت كلّ مرارة وجدتها خلال تحريره، وكلّ شدة قاومتها إبان تسطيره، ويرحم الله ابن الفارض إذ يقول:
وتعذيبكم عذب لديّ وجوركم
…
عليّ بما يقضي الهوى سهل
لأني وايم الله كنت كثيرا ما أتوضا في الوقت الواحد خمس مرات لطرو الانطلاق، لأني آليت على نفسي أن لا أخط خطا منه إلّا على وضوء كامل، وبعد صلاة ركعتين على الأقل، وكثيرا ما كنت أنام والقلم بيدي، وكم مرّة تمت مهموما لعدم وقوفي على المعنى المراد من بعض الآيات والأحاديث، فأراه بفضل الله في منامي، وأفيق فرحا مسرورا بما منّ الله عليّ، فأقوم فأتوضا وأراجعه فأجده مسطورا في بعض التفاسير وشروح الأحاديث كما رأيته، فأثبته حالا بمحله، هذه حالتي في اللّيل، وأما في النّهار فكثيرا ما يؤتى لي صباحا بالشاي فأغفل عنه فيبدل لي المرة بعد الأخرى فأشربه باردا، وكذلك حالتي في الشّراب والطّعام، وذلك لأني أخاف الذهول عن بعض ما تصورته، أو نسيان ما تخيّلته من المعاني المتعلقة بتأويل بعض الألفاظ، أو غياب ما وقر في قلبي مما أريده من التفسير، أو ما أريد تحريره على آية مضى البحث فيها، أو مراجعة بعض الآيات التي مرّ تفسيرها لتعلقها في معنى البحث الذي أنا فيه، وإبقاء الملاحظة عليها فيما حضر من المعنى الذي يناسبها حتى لا أترك آية لها مساس بمثلها إلّا أشرت إليها وبيّنات عددها
ورمزت إلى لزوم مراجعتها، حتى لا أضطر إلى التكرار الذي تباعدت عنه جهد المستطاع خشية الإطالة، ولذلك أثبت عدد الآيات في تفسيري هذا حتى إذا ماروت بما يتعلق بآية أشرت إليها بعددها وسورتها والجزء التي هي فيه كي يسهل على القاري مراجعتها دون كلفة، وكذلك الآيات التي لها نظائر في القرآن أشرت إلى نظائرها على ذلك المنوال، وفي كلّ هذا أراني منشرح الصّدر، طيب النفس، شديد الرّغبة، لا تعتريني ملالة ولا ضجر ولا انقباض ولا انكماش، لأني كلما أتيت شيئا مهما كان تعبي فيه أعقبه سرور كثير، ورحم الله شيخنا الشيخ حسين الأزهري إذ كان يقول لنا أثناء الدّرس: إن طالب العلم إذا وقف على مسألة لم يفهمها قبل، يحصل له انبساط عظيم وفرح جزيل فيقول أين أبناء الملوك من هذه اللّذة، وحقيقة والله، وكم مرة قلتها وأنا منشرح الصّدر متسع الخاطر، ولهذه اللّذة تزاحم المؤمنون على تفسير كلام الله الذي لا يمل رائده ولا يأم حتى صارت التفاسير لا تكاد تحصر عدا، لأن من يمعن نظره وينعم ناظره لا يستطيع إهمال ما يظهر له من إضاءة قلبه، وقد دوّنوا فيه ما يدهش لب العاقل ويذهل عقل اللّبيب، ولكن النّفوس لم تشبع منه، كما أنها لا تمل من قراءة القرآن مهما كررته، ورحم الله الأبوصيري إذ يقول:
فلا تعد ولا تحصى عجائبها
…
ولا تسام على الإكثار بالأم
ويعجبني ما قال العماد الكاتب ما ألف أحد كتابا إلّا قال في غده لو قدمت أو أخرت بما يدل على عجز عموم البشر والتفرد بالكمال لخالقهم. لهذا فإني أتخيل بعد طبع هذا السّفر البديع الصّنع الذي لم يطرقه قلبي طارق عكوف العلماء على ما جريت عليه وإظهار تفاسير جمة من نوعه إن شاء الله تكون أكثر نفعا من غيرها، إذ لا ترى سابقا إلّا وله لا حقا يهذّب ما صعب منه، وينتقد ما ملح فيه، فيعذب مرة، ويزيد كرة، ويثبت ما لم نقف عليه من تاريخ بعض السّور والآيات، وما لم نعثر عليه من الوقائع والحوادث والغايات وأسباب النّزول حتى يبلغ الدّرجة القصوى في هذا الفنّ إن شاء الله. وقد ألمعنا إلى بعض هذا وما يحتاجه القاري في خاتمة المطالب التي أثبتناها في الجزء الأوّل،
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وكان تسويده خلال ثلاث سنين اعتبارا من 1 رجب سنة 1359 الموافق 5 آب سنة 1940 وترتيبه قبل الشّروع فيه على الكيفية المبينة في المقدمة وتنظيم مدارجه والآيات المستثنيات من السّور على الوجه المذكور فيه، واختيار الكتاب التي صمت على الأخذ منها المبينة في المقدمة أيضا ومطالعة الأبحاث اللازمة لدرجها فيه سنة كاملة وقضيت ثلاث سنين في تبييضه وتدقيقه ومراجعة ما لا بد من مراجعته لتصليح مما زاغت به الأقلام، أو زلت به الأفهام، أو اشتبه به الفكر، أو نسيه القلب، وأخطأ به الرّأي، وتردد به الفؤاد، واعتمدت فيه على الله الجواد، مستمدا من روحانية سيد أنبيائه عليه الصلاة والسلام وأحاديثه الصّحيحة، ومراجعة العلماء الأعلام. وعلى هذه الصّورة تم بتوفاق الله وتيسيره وعونه، وفضله وتقديره، فبلغ ثلاثة أجزاء، الأوّل والثاني يشملان على ما نزل في مكة، والثالث على ما نزل في المدينة، وقد أثبت آخر الأولين عدد السّور المفسرة فيهما ومدة نزولها، والثالث هذا يحتوي على ثمان وعشرين سورة أولها البقرة وآخرها سورة النّصر، وقد استغرق نزولها تسع سنين وتسعة أشهر وتسعة أيّام. وبينا في المقدمة مدة نزوله كله، ومبدأ النزول وآخره، فراجعه في بحث نزول القرآن، وهذا ما قاله بفمه وكتبه بقلمه العبد الفقير إلى رحمة الرّاجي عفوه وستره ورضاه السّائل لخيره الطالب لبره الرّاغب في عطاه السّيد عبد القادر ابن السّيد محمد حويش، ابن السّيد محمود، ابن السّيد خضر، ابن السّيد حديد، ابن السّيد فهد، ابن السّيد جاسم، ابن السّيد محمد، ابن السّيد عبيد، ابن السّيد حسين، ابن السّيد جلال الدّين، ابن السّيد عيسى المغربي آل السّيد غازي، ابن السّيد يعقوب، ابن السّيد محمد، ابن السّيد حسين، ابن السّيد شيخي، ابن السّيد فضل الله، ابن السّيد حامد، ابن السّيد أبي بكر، ابن السّيد صالح، ابن السّيد رجب، ابن السّيد محمد، ابن السّيد المكي أحمد، ابن السّيد عبد الله، ابن السّيد حسني، ابن السّيد يوسف، ابن السّيد رجب، ابن السّيد شمس الدّين، ابن السّيد محمد، ابن السّيد أحمد الرفاعي، ابن السّيد علي المكي الكبير، ابن السّيد يحيى، ابن السّيد ثابت،
ابن السّيد حازم، ابن السّيد أحمد، ابن السّيد موسى الثاني، ابن السّيد ابراهيم المجيب المشهور المرتضى، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام زين العابدين، ابن الإمام أمير المؤمنين الذي امتحن بأنواع المحن والبلاء أبي عبد الله الحسين (الهندبادي) هكذا في الأصل، ابن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهو إمام الأولياء والصّالحين وقائد الأصفياء المخلصين المخصوص بقوله صلى الله عليه وسلم أنا مدينة العلم وعلي بابها، رضي الله عنه وأرضاه آمين تم تبييضه في غرة رجب سنة 1361 الموافق للثالث والعشرين تموز سنة 1963 وتمت طباعته في ربيع الآخر سنة 1388 الموافق لتموز سنة 1968 والحمد لله رب العالمين
جمعتها كلما له فلفظنها
…
دررا تلألأ في نحور غوان
ولذاك قد لقبته ببيانها
…
فبدا لنا مغزاه بالعنوان
فأتى كما قد شئت أبدع ما رأى العلماء من شرح على القرآن لولا مقالة حاسد غالت قلت هو الطّريد فما له من ثاني
قد فاق حسنا كلّ تفسير كما
…
قد فاق صاحبه على الأقران
سهل المنال يناله من لا يكا
…
ديعي المقال بكثرة الإمعان
إنتاج عانى بالفضائل والعلا
…
أكرم بإنتاج الرّفيع العاني
قاضي بحكم الشّرع يقضي لا الهوى
…
يرضى بحسن قضائه الخصمان
من لي بإيفاء الثناء وهل يفي
…
أحد بمدح مفسر القرآن
فالعجز أولى ما يكون بمدحه
…
فاترك تبجّله مديح لسان
وكلته للجمل التي شهدت له
…
من صنعه بمهارة الإتقان
صنع مجيد قد أتى تاريخه
…
أنعم بتفسير المجيد وشأن
151 752 88 357 التوقيع: عبد الرّزاق رمضان الخالدي ملاحظة: مجموع أرقام الشّطر الأخير من البيت الأخير 1358
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي جعل كتابه هدّى للعالمين، ونورا للمسترشدين، والصّلاة والسّلام على الرّحمة المهداة للناس أجمعين سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، نحمده سبحانه وتعالى أن خص من شاء بما شاء من أسراره، ومنح أصفياءه قبسا من نوره، وإشعاعا من ضيائه، وفتح لهم أبواب المعرفة لفهم آياته، ليبينوا للناس ما نزل إليهم، بثاقب أفهامهم، ويوضحوا لهم ما استغلق عليهم بفصيح بيانهم، ويجلوا ما خفي على مداركهم بواسع اطلاعهم ودقيق إدراكهم.
وبعد، فإن الله سبحانه قد وفقني إلى الاطلاع على التفسير القيم للقرآن العظيم المسمى (بيان المعاني) لمؤلفه العلامة الفاضل السّيد عبد القادر ملا حويش آل غازي، هذا التفسير الذي لم يسبقه إليه سابق إذ جمع فيه مؤلفه فأوعى، إذ ذكر أسباب النزول وقصص الأولين، واستخرج من الآيات ما فيها من الأحكام الشّرعية والعبر والمواعظ الإلهية، بأسلوب أدبي رائع لا يمل القارئ من مطالعته، ولا يسأم من قراءته، بل كلما تعمق في سبر غوره، ازداد تعلقا به واستمساكا بأهدابه، فهو السّهل الممتنع الذي كثرت فيه المواضيع العلمية، والمعاني البيانية، والأساليب الأدبية، والحكم والمواعظ الدّينية. وإن من يطالع فيه ليخيل إليه أنه في بستان صنعته يد القدرة على أبدع مثال، وأروع منوال، لما اشتمل عليه من شهي الثمار وبديع الأزهار، ومختلف الأوراد والأطيار، يحار فيه القارئ من أي ثمر يجني، أو من أي عبير يستنشق، أو إلى أي نغم يصغي، وبأي جمال يستمتع، وحقيق أن نقول فيه: إن الوصف ليعجز عن بيان حقيقته، وإن القلم ليعيا عن الإحاطة بأسراره وفوائده، فهو للعالم نور، وللأديب متعة، وللمسترشد هدّى وضياء.
بيروت: 1 ذي القعدة سنة 1387 هـ الشّيخ محمد بن محمد هاشم الشّريف 30 كانون الثاني سنة 1968 م مستشار المحكمة الشّرعية السّنية العليا 4217