الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول [1] : سلَّموه إلى أصحابي. فتمّ له ما أراد، وبنى رِباطًا اجتمع فِيهِ جماعة.
وتُوُفيّ فِي ثامن ذي القعدة [2] .
-
حرف العين
-
246-
عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان بْن سالم [3] .
أبو مُحَمَّد التُّنوخيّ، المَعَرِّيّ، المعروف بابن المنجّم، الواعظ. كان
[1] في المنتظم بعدها: «أنا لا آخذ» .
[2]
زاد ابن الجوزي: وبنى يزدن في رباطه منارة، وتعصّب لهم لأجل ما كان يميل إليه من التشيّع، فصار رباطه مقصودا بالفتوح.
وقال أبو الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي العزّ الواسطىّ: سمعت الشيخ الإمام صدقة بن وزير الخسروسابوري على الكرسي في مجلس وعظه ببغداد ينشد، وقد رفعت إليه رقعة فيها شكاية من يهوديّ يدعى ابن كمّونة متولّي دار الضرب بها، والمستنجد باللَّه يسمع وعظه من حيث لا يرى. قال: ولا أعلم أهي له أم لغيره:
يا ابن الخلائف من قريش والّذي
…
طهرت مناسبه من الأدناس
ولّيت أمر المسلمين عدوّهم
…
ما هكذا كان بنو العباس
ما العذر إن قالوا غدا: هذا الّذي
…
ولّى اليهود على رقاب الناس
في موقف ما فيه إلّا خاضع
…
أو مهطع أو مقنع للرأس
أعضاؤهم فيه الشهود وسجنهم
…
نار وحاكمهم شديد الباس
إن كنت ماطلت الديون مع الغنى
…
فغدا تؤدّيها مع الإفلاس
أنشد: «مطلت» رباعيا فقدّم الألف، ثم قال: يا ابن هاشم، أذكر غدا يوم يكون الحاكم الله والشهود الجوارح، وأخذ في وعظه ثم نزل، فما أحسّ إلا وقطب الدين قد أوثق اليهودي كتافا. وأتى به إلى الشيخ صدقة وقال له: مر فيه بأمرك. فأمر به أن يعزل وتكفّ يده. فقال قطب الدين: أنفعل به زيادة على ما أمرت؟ فقال: أنتم أخبر. فأخذ جميع ماله ولم يبق له شيء. (تاريخ إربل 1/ 138، 139) .
[3]
انظر عن (عبد الرحمن بن مروان) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 36 رقم 30، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 2/ 92- 97، وسير أعلام النبلاء 20/ 393 (دون ترجمة) ، وفوات الوفيات 2/ 300، 301، والوافي بالوفيات 18/ 266، 267 رقم 324، وشذرات الذهب 4/ 178، 179.
أَبُوهُ ينجّم بدمشق، وكان هُوَ يمشي على الدّكاكين يُنْشِد فِي الأسواق بصوتٍ مُطْرِب. خرج عن دمشق ورجع بعد مدَّةٍ، فكان يعظ فِي الأعزية، ثُمَّ وعظ على الكُرسيّ ورُزِقَ القبول.
ثُمَّ سافر إلى العراق وتزَّهد، وظهر له بها سُوق. ثُمَّ رجع إلى دمشق فوعظ، وأقبلوا عليه.
قال ابن عساكر [1] : وكان يُظهِر لكلّ طائفةٍ أنّه منهم حِرصًا على التّحصيل، وطلع صبيّ يتوب فحمله وقال: هذا صغير ما أتى صغيرة فهل كبيرٌ ركب الكبائر. فضجّ النّاس وبكوا.
وحضرنا عزاء أمير المؤمنين المتّقي، فقام ورثاه بأبيات، فخلع عليه القاضي أبو الفضل ابن الشّهْرُزُوريّ ثوبه، وقال فِي ذلك اليوم: أَبَا المُعرَّى لا المُعزَّى.
وذكر أشياء أضحك منها الحاضرين.
وقال ابن النّجّار: قدم بغداد، قبل الأربعين وخمسمائة وعليه مسح مثل السّيّاح، وصار له ناموس عظيم ووعْظ. ازدحموا عليه، وجلس بدار السّلطان، فحضر السّلطان مجلسه، وصار له الجاه العظيم. ونفّذه الخليفة رسولا إلى المَوْصِل. ومشى أمره.
وكان مستهترا بنكاح الأبكار وأكثر من ذلك، حَتَّى قيلت فِيهِ الأشعار فِي الأسواق، وصار له جوار ومغنّين. وفرَّ من بغداد هاربا من الغُرَماء، وأقام بدمشق.
وله ديوان شِعْر رَأَيْته فِي مجلَّدة. وأنشدنا عَنْهُ ابن سُكَيْنَة.
ومن شِعْره:
يا ساهرا عبراته ذرف
…
في الحدّ إلّا أنّها علق
[1] في تاريخ دمشق.
أتُقيمُ بعدَها وقد رحلوا
…
ومَطيَّتَاكَ الشَّوْقُ وَالْقَلْقُ
وله:
أرى حبّ ذات الطَّوْق يزداد لوعة
…
إذا نخت أَوْ ناح الحَمَام المُطَوِّق
وقلبي على جَمْر الوداع مُوَدِّعٌ
…
وإنسان عيني بالمدامع يطرقُ
247-
عَبْد الملك بْن زُهر بْن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مروان [1] .
الإشبيليّ، شيخ الأطبّاء. له مصنَّفات فِي الطّبّ.
أخذ عن والده، وتقدَّم فِي الطّبّ، وشاع ذِكْره، ولحِق بأبيه أبي العلاء ابن زُهْر فِي الصّناعة، وأقبل الأطبّاء على حِفْظ مصنَّفاته.
وكان فاضلا عند عَبْد المؤمن، عالي القدْر، صنّف له «التِّرْياق السّبعينيّ» ونال من جهته دُنيا عريضة. ومن أجلّ تلامذته أبو الْحُسَيْن بْن سدون المصدوم، وأبو بَكْر بْن الفقيه ابن قاضي إشبيلية، والزَّاهد أبو عِمْرَانَ بْن أبي عِمْرَانَ.
ومات بإشبيليّة.
248-
عَدِيُّ بْن مسافر بْن إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى [2] .
[1] انظر عن (عبد الملك بن زهر) في: عيون الأنباء 1/ 66، 67، وتكملة الصلة لابن الأبار 2/ 616، والعبر 4/ 193، وشذرات الذهب 4/ 179، ومرآة الجنان 3/ 312، وكشف الظنون 520، وهدية العارفين 1/ 626، 627، والأعلام 4/ 303، ومعجم المؤلفين 6/ 182.
[2]
انظر عن (عديّ بن مسافر) في: الكامل في التاريخ 11/ 298، وتاريخ إربل 1/ 114، 115 رقم 41، وفيه «عديّ بن سافر» ، ووفيات الأعيان 3/ 254، 255، والحوادث الجامعة 271- 274، وبهجة الأسرار 100- 105، والمختصر في أخبار البشر 3/ 40، ودول الإسلام 2/ 72، وسير أعلام النبلاء 20/ 342- 344 رقم 233، والمعين في طبقات المحدّثين 167 رقم 1796 والعبر 4/ 163، والإعلام بوفيات الأعلام 229، وتاريخ ابن الوردي 2/ 100- 103، ومرآة الجنان 3/ 39، والبداية والنهاية 12/ 243، وروضة المناظر 12/ 68، والكواكب الدرّية 2/ 93، والنجوم
الزَّاهد الشَّاميّ، ثُمَّ الهَكَّاريّ [1] سَكَنًا، وذكره الحافظ عَبْد القادر فسمّاه عَدِيّ بْن صخْر الشَّاميّ، وقال: ساح سِنين كثيرة، وصحِب المشايخ، وجاهد أنواعا من المجاهدات. ثُمَّ إنّه سكن بعض جبال المَوْصِل فِي موضع ليس به أنيس، ثُمَّ آنسَ اللَّه تلك المواضع به، وعمّرها ببركاته حَتَّى صار لا يخاف أحدٌ بها بعد قطْع السّبيل، وارتدع جماعة من مُفْسِدي الأكراد ببركته. وعمّره اللَّه حَتَّى انتفع به خلْق، وانتشر ذِكره [2] .
وكان معلّما للخير، ناصحا، متشرّعا، شديدا فِي أمر اللَّه، لا تأخذه فِي اللَّه لومةُ لائم.
عاش قريبا من ثمانين سنة [3] ما بَلَغَنا أنّه باع شيئا قَطّ، ولا اشترى، ولا تلبّس بشيءٍ من أمر الدّنيا.
كانت له غليلة يزرعها بالقدّوم فِي الجبل ويحصدها، وصار يتقوّت منها. وكان يزرع القطن ويكتسي منه. ولا يأكل من مال أحدٍ شيئا، ولا يدخل منزل أحد. وكان يجيء إلى المَوْصِل فلا يدخلها.
وكان له أوقات لا يُرى فيها محافظة على أوراده. وقد طفتُ معه أيّاما فِي سواد المَوْصِل، فكان يُصلّي معنا العشاء، ثُمَّ لا نراه إلى الصُّبْح. ورأيته إذا أقبل إلى القرية يتلقّاه أهلها من قبل أن يسمعوا كلامه تائبين، رجالُهم ونساؤهم، إلّا من شاء الله منهم. ولقد أتينا معه على دَيْرٍ فِيهِ رُهْبان، فتلقّاه منهم راهبان، فَلَمّا وصلا إلى الشَّيْخ كشفا رأسيهما وقبّلا رجليه وقالا: ادع
[ () ] الزاهرة 5/ 261، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 81، وشذرات الذهب 4/ 179، وجامع كرامات الأولياء للنبهاني 2/ 147، وهدية العارفين 1/ 662، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 313، 314 رقم 669، والأعلام 5/ 11، وفهرس دار الكتب المصرية 2/ 72.
[1]
الهكّاري: نسبة إلى جبل الهكارية من أعمال الموصل.
[2]
الكامل 11/ 289.
[3]
في تاريخ إربل 1/ 114 عاش تسعين سنة.
لنا، فما نَحْنُ إلّا فِي بركاتك. وأخرجا طبقا فِيهِ خُبْزٌ وعَسَل فأكل الجماعة.
وأوّل مرّة خرجت إلى زيارته مع طائفة، فَلَمّا أقبلنا أخذ يحادثنا ويسائل الجماعة ويؤانسهم، وقال: رَأَيْت البارحة فِي النّوم كأنّنا فِي نجوم، ونحن ينزل علينا شيءٌ مثلُ البَرَد. ثُمَّ قال: الرحمة. فنظرت إلى فوق، فرأيت ناسا، فقلت: مَن هؤلاء؟ فقيل: أهل السُّنَّة والصِّيت الحنابلة. وسمعت شخصا يقول: يا شيخ، لا بأس بمداراة الفاسق؟ فقال: يا أخي، دِينٌ مكتومٌ دِينٌ مَيْشُوم.
وكان يواصل الأيّام الكثيرة على ما اشتهر عَنْهُ، حَتَّى أنّ بعض النّاس كان يعتقد أنّه لا يأكل شيئا قَطّ. فَلَمّا بلغه ذلك أخذ شيئا، وأكله بحضرة النّاس.
واشتهر عَنْهُ من الرّياضات، والسّير، والكرامات، والانتفاع به ما لو كان في الزّمان القديم لكان أُحْدُوثة.
ورأيته قد جاء إلى المَوْصِل فِي السَّنَة الّتي مات فيها، فنزل فِي مشهدٍ خارج المَوْصِل، فخرج إليه السّلطان وأصحاب الولايات والمشايخ والعوامّ، حَتَّى آذوه ممّا يقبّلون يده فأُجِلس فِي موضع بينه وبين النّاس شُبّاك، بحيث لا يصل إليه أحد، فكانوا يسلّمون عليه وينصرفون. ثُمَّ رجع إلى زاويته فمات على أحسن حالاته.
وقال القاضي ابن خِلِّكان [1] : أصله من قرية بيت فار من بلاد بَعْلَبَكّ، والبيت الَّذِي وُلِدَ فِيهِ من بيت فار يُزار إلى اليوم. وتوجّه إلى جبل الهكّارية من أعمال المَوْصِل، وانقطع فِيهِ. وبنى هناك له زاوية، ومال إليه أهل البلاد مَيْلًا لم يُسْمَع بِمِثْلِهِ، وساد ذِكْره فِي الآفاق، وتَبِعَه خلْق، وجاوز اعتقادُهم فِيهِ الحّدَ حَتَّى جعلوه قِبْلَتهم الّتي يُصلّون إليها، وذخيرتهم في الآخرة الّتي يعوّلون عليها.
[1] في وفيات الأعيان.
صحِب الشَّيْخ عقيل المَنْبجِيّ، والشّيخ حَمَّاد الدّبّاس، وغيرهما. وقُبِر بزاويته، وقبرُهُ من كِبار المزارات عندهم.
وعاش تسعين سنة.
وتُوُفيّ سنة سبْعٍ، وقيل: سنة خمسٍ وخمسين.
قلت: قرأت بخطّ الحافظ الضّياء. سَمِعت الشَّيْخ نصر يقول: قَدِمَ الشَّيْخ عديّ المَوْصِل سنة ستٍّ وخمسين، وفيها: أخذ من شِعْري.
وتُوُفيّ يوم عاشوراء وقت طلوع الشّمس سنة سبْعٍ [1] .
249-
[علي][2] بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز.
أبو القَاسِم العِجْليّ، البُنْدُكانيّ [3] ، المروزيّ.
[1] وقال الشيخ حمّاد بن محمد بن جسّاس: ما رأيت أحسن سيرة ولا أكثر هيبة، ولا أكثر خشوعا، ولا أغزر دمعة من عديّ. وكان حمّاد هذا من أصحابه.
وقال حمّاد: ركب عديّ جوادا ما نزل عنه حتى مات، ما أفطر في النهار، ولا نام في الليل، ولا أكل وشرب غذاء أحد، ولا أخذ أحد عليه سوء خلق.
وقال البلهثي: جاء رجل أعمى إلى عديّ يزوره، فقلت له: كل خطوة حسنة. فقال عديّ: بل كل خطوة حجّة، أورد ذلك- أدام الله سلطانه- على طريق الإنكار له، ومدح العلماء وذمّ الجهّال.
وذكر أحمد بن شجاع بن منعة، عن الخضر بن عبد الله القلانسي قال: سمعت الشيخ عديّا يقول وقد ذكرنا عنده قلعة إربل- فقال: بها وليّان، أحدهما بالباب الغربي، والآخر بالباب الشرقي، في السور كلاهما، كان بالباب الغربي موضع تنذر له النذور، تزعم النصارى أنه الشهيد الّذي كان في حبس القلعة المعروف الآن بحبس الحلبي، وهو الّذي أشار إليه عديّ، وهو أولى. وعديّ هو الّذي نبّه على القبر الّذي بعقبة داران.
وقال ابن المستوفي: وحدّثني أبو سعيد كوكبوري قال: رأيت بالموصل عديّا- وأنا صغير وهو رجل قصير، أسمر.
وقال ابن المستوفي: أخبرني حسن بن عديّ أنّ عديّا توفي سنة 555!
[2]
في الأصل بياض، والمستدرك من: الأنساب 2/ 312، 313، ومعجم البلدان 1/ 499.
[3]
البندكاني: بضم الباء الموحّدة وسكون النون وضم الدال المهملة وفي آخرها النون.
وبَنْدُكان: على بريدٍ من مَرْو.
سمع: الإمام أَبَا المظفَّر السَّمْعانيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ فِي عاشر رمضان [1] .
250-
[عليّ][2] بْن موجود [3] بْن حُسَيْنِ.
أبو الْحَسَن النَّظَرِيّ [4] ، الكُشَانيّ [5] . وكُشَانِيَّة من سُغْد سَمَرْقَنْد.
إمام، مُنَاظِر، علّامة. تفقَّه ببُخارَى على البُرْهان عبد العزيز، وبمَرْو على مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [6] النَّسَفيَ [7] ، وسمع من جماعة.
وعاش سبعين وسبع سِنين.
مات فِي ربيع الأوّل. قاله السَّمْعانيّ [8] .
251-
[عُمَر][9] بْن مُحَمَّد بن واجب.
[1] وقال ابن السمعاني: كان يدخل البلد أحيانا، وكان مليح الشيبة، جميل الظاهر.
سمعت منه مجالس من أماليه. (الأنساب) .
[2]
في الأصل بياض، والمثبت من: الأنساب 10/ 433، والتحبير 1/ 592، 593 رقم 581، واللباب 3/ 42، والجواهر المضية 2/ 616، 617 رقم 1016، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 347، والطبقات السنية، رقم 1580، والفوائد البهية 138، 139.
[3]
في الفوائد البهية: «مودود» .
[4]
النظري: بالتحريك.
[5]
كشانية: بضم الكاف، والشين المعجمة، وفي آخرها النون.
[6]
في الأصل: «الحسن» .
[7]
في الجواهر المضية: «الأرسابندي» .
[8]
قال في (الأنساب) : إمام، فاضل، مناظر فحل، واعظ، قوّال بالحق، سمع عمّه مسعودا، وأبا بكر محمد بن عبد الله بن فاعل السّرخكتي، وغيرهما. تولّى التدريس بالمدرسة الخاقانية بمرو وسكنها، لقيته بمرو ثم ببخارى، ثم بسمرقند وكتبت عنه شيئا يسيرا بمرو، وكانت بيني وبينه صداقة أكيدة. وورّخ ولادته في (التحبير) سنة 480 هـ.
[9]
في الأصل بياض، والمستدرك من: تكملة الصلة لابن الأبّار.