الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا رحمه الله، وخلّف أموالا جزيلة، وكُتُبًا فائقة. ورثه ابنه، ثُمَّ أسلم ابنه قُبَيْلَ موته، وعاش نحوا من الثّمانين [1] ، واختنق فِي داره، وأُخِذ ماله، ونُقِلَت كُتُبُه على عَشْر جمال.
وكان ابن التّلميذ قد قرأ الطّبّ على أبي الْحَسَن سَعِيد بْن هبة اللَّه [2] صاحب المصنّفات.
وذكر الموفّق بْن عَبْد اللّطيف أنّ ولدَ أمين الدّولة كان شيخه فِي الطّبّ، وأنّه انتفع به، وقال: لم أر من يستحقّ اسم الطّبّ غيره، وخُنِق فِي دِهْليزه [3] .
قلت: ومن قارب أمين الدّولة لأجل الحكمة:
368-
مُعْتمد المُلْك أبو الفَرَج يحيى بْن صاعد بْن يحيى ابن التّلميذ [4] .
وكان بارعا فِي الطّبّ رأسه فِي الفلسفة، وله شِعْرٌ رائق، وله عدَّة تلاميذ. وقد مدحه الشّريف أبو يَعْلَى مُحَمَّد بْن سارية، وكان قد أتاه إلى أصبهان، فحصّل له من الأمراء والأعيان مالا كثيرا، فقال فِيهِ قصيدة منها:
نعْمَى أبي الفَرَج بْن صاعد الَّذِي
…
... فِي المكاسب نائبا
ثقة أخلاقه سيّد الحكماء
…
معتمد الملوك الفيلسوف الكاتبا
-
حرف الياء
-
369-
ياغي أرسلان بن دانشمند [5] .
صاحب ملطية جرى بينه وبين قلج أرسلان بْن مَسْعُود السلجوقي حروب لأنَّه كان جاره بقونية. وسببها أن قلج أرسلان تزوج بابنة الملك قتليق
[1] وفيات الأعيان 6/ 77.
[2]
في الوفيات 6/ 75: «هبة الله بن سعيد» ، والمثبت يتفق مع: عيون الأنباء.
[3]
وفيات الأعيان 6/ 77.
[4]
انظر عن (معتمد الملك يحيى بن صاعد) في: معجم الأدباء 20/ 20 رقم 7، وأخبار العلماء بأخبار الحكماء 28، 229.
[5]
في الأصل: «الشمند» ، وفي العبر 4/ 172 «الداشمند» ، وفي سير أعلام النبلاء 20/ 425 «دانشمد» ، وفي شذرات الذهب 4/ 191 «الداشمند» .
فجهِّزت إليه، فنزل ياغي أرسلان فأخذ العروس وجهازها ثُمَّ أراد أن يزوجها بابن أخيه ذي النون فقيل لَهُ لا يصلح هذا، فعلمه بعض فقهاء الرأي أن يأمرها بالردة عن الإسلام فارتدت لينفسخ النكاح، ثُمَّ أسلمت فزوجها لذي النون.
فسار قلج أرسلان لقتاله فعملا مصافا فانهزم قلج أرسلان. وهلك ياغي أرسلان عقب ذلك، وتملك بعده ابن أخيه إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن كشمند وأخوه ذو النون واتفقا مع قلج أرسلان.
370-
يحيى بْن مُحَمَّد بْن هُبَيْرة بْن سَعِيد بْن الْحَسَن بْن جَهْم [1] .
أبو المظفَّر [يمين الخلافة][2] الوزير عون الدّين.
ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة بدُور [3] ، وهو موضع من سواد العراق، بقرية بني أوقر [4] ، ودخل بغداد فِي صِباه، وطلب العلم، وعاشر
[1] انظر عن (يحيى بن محمد) في: الإنباء في تاريخ الخلفاء 225، 226، وخريدة القصر (قسم العراق) 1/ 96، والمنتظم 10/ 214- 217، والكامل في التاريخ 11/ 321، وزبدة التواريخ للحسيني 226، 239، 242، 245، 248، 250، 251، 259، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 231، 233، ومرآة الزمان 8/ 255- 261، وكتاب الروضتين 2/ 349، ووفيات الأعيان 6/ 230- 244، وتاريخ إربل 1/ 196 و 243، ومفرّج الكروب 1/ 147، والفخري 312- 315، وتلخيص معجم الألقاب ج 4 ق 2/ 988 رقم 1464، وآثار البلاد وأخبار العباد 367، 368، والتذكرة الفخرية 95، والمختصر في أخبار البشر 3/ 42، وخلاصة الذهب المسبوك 276- 278، وتراجم ابن عبد الهادي (مخطوط) 2/ 110، والعبر 4/ 172، والمعين في طبقات المحدّثين 168 رقم 1805، والإعلام بوفيات الأعلام 231، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 248 رقم 1358، 173، وسير أعلام النبلاء 20/ 426- 432 رقم 282، ودول الإسلام 2/ 74، 75، وتاريخ ابن الوردي 2/ 106، ومرآة الجنان 3/ 344- 346، والبداية والنهاية 12/ 251، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 251- 289، رقم 131، وتاريخ ابن خلدون 3/ 524، ومطالع البدور 2/ 114، والنجوم الزاهرة 5/ 369، 370، وتاريخ الخلفاء 444، والدرّ المنضّد في رجال أحمد للعليمي (مخطوط) ورقة 71 ب، و 72 أ، وكشف الظنون 33، 103، 1462، وشذرات الذهب 4/ 191- 197، وإيضاح المكنون 1/ 255 و 2/ 77، وهدية العارفين 8/ 159- 163.
[2]
في الأصل بياض، والمستدرك من المصادر.
[3]
في الأصل: «دوار» والتصحيح من: آثار البلاد.
[4]
في الأصل: «ذخر» . والمثبت من (معجم البلدان 2/ 481) .
الفُقهاء والأدباء وسمع الحديث، وقرأ القراءات، وشارك في فنون عديدة.
وكان خبيرا باللّغة، ويعرف النّحو والعروض. وكان مسدّدا في السّنّة واتّباع السّلف، ثمّ أمضّه الفقر فتعرّض للكتابة وأدّب، [وشارف][1] الخزانة، ثمّ ولي ديوان الزّمام للمقتفي بأمر الله، ثمّ استوزره المقتفي سنة أربع وأربعين فدام وزيره، ثمّ وزر لولده المستنجد إلى أن مات.
وكان من خيار الوزراء أدبا، وصلاحا، ورأيا، وعقلا، وتواضعا لأهل العلم وَبَرًّا بهم.
سمع: أَبَا عثمان بْن ملَّة، وأبا القَاسِم بْن الحُصَيْن، ومن بعدهما.
وكان يحضر مجلسَه الأئمَّةُ والفقُهاء، ويُقرأ عنده الحديث على الرُّواة، ويُجْرى من البحوث والفوائد عجائب. دخل عليه الحَيْصُ بَيْصُ مرَّةً، فقال له ابن هُبَيْرة، قد نَظَمْتُ بيتين تقدر أن تعزِّزَهُما بثالثٍ؟. فقال: وما هما؟ قال:
زار الخيالُ نحيلا [2] مثلَ مُرْسِلِهِ
…
فما شفاني منه الضَّمُّ والقُبِلُ
ما زارني قَطُّ [3] إلّا أنْ [4] يوافقني
…
على الرُّقاد فينْفيهِ ويرتحلُ
فقال الحَيْصُ بَيْص من غير رَويَّةٍ:
وما دَرَى أنّ نومي حيلةٌ نُصِبَتْ
…
لوصْلِهِ حين رَأَى [5] اليقْظَةَ الحيل [6]
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من (سير أعلام النبلاء) .
[2]
في الأصل: «نجلاء» ، وفي التذكرة الفخرية:«نجيلا» .
[3]
في سير أعلام النبلاء: «ما زارني الطيف» .
[4]
في المصادر: «إلّا كي» .
[5]
في المصادر: «حين أعيّا» .
[6]
الأبيات في: وفيات الأعيان 6/ 57 (في ترجمة ابن القطان البغدادي) . وفيه إن ابن القطان هو الّذي أنشد البيتين الأولين أمام الوزير عليّ بن طراد الزينبي، وطلب من الحيص بيص أن يعزّزهما بثالث، فأنشده البيت الأخير، وهو في ديوانه 2/ 16. والأبيات الثلاثة في (التذكرة الفخرية) للإربلي ص 95 وفيه إنّ الحيص بيص دخل على الوزير ابن هبيرة وهو ينشد البيتين، ويقول: هذا والله تامّ وفوق التامّ، لا بل التامّ جزء منه. فقال الحيص بيص: يا مولانا له تمام، فقال: انظر ما تقول! قال: نعم بشرط أن يعيده الوزير، فأعاده. فقال البيت الأخير، فأجازه وأحسن صلته.
وذكره أَبُو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [1] فقال: كان يجتهد فِي اتّباع الصّواب، ويحذر الظُّلْم، ولا يَلْبَس الحرير. قال لي: لمّا رجعت من الحِلَّة دخلت على المقتفي، فقال لي: ادخل هذا البيتَ وغيّر ثيابك. فدخلت فإذا خادم وفرّاش [2] ومعهم [3] خلعة حرير، فقلت: واللهِ ما ألبَسُها. فخرج الخادم فأخبر المقتفي فسمعت صوته يقول: قد واللهِ قلتُ إنّه ما يلْبَس.
وكان المقتفي مُعْجَبًا به ولمّا استُخلِف المستنجد دخل عليه فقال له:
يكفي فِي إخلاصي أنّي ما حابَيْتُك فِي زمن أبيك. فقال: صَدَقْت.
قال: وقال مُرجانُ الخادم: سَمِعت المستنجد باللَّه ينشد لوزيره وقد مثُل بين يديه فِي أثناء مفاوضة ترجع إلى تقرير قواعد الدِّين وإصلاح أمور المسلمين، فأُعجِب المستنجد به، فأنشده لنفسه:
صَفَتْ نِعمتان خَصَّتَاكَ وَعَمَّتا
…
فذِكْرُهُمَا حَتَّى القيامةِ يُذْكَرُ [4]
وجُودك والدَّنيا إليك فقيرةٌ
…
وجُودُك والمعروفُ فِي النّاس يُنْكَرُ [5]
فلو رامَ يا يحيى مكانَك جَعْفَر
…
ويحيى لكَفّا عَنْهُ يحيى وجعفرُ [6]
ولم أر من يَنْوِي لك السُّوء يا أَبَا المظفَّر
…
إلا كنتَ أنت المظفّر [7]
[1] في المنتظم 10/ 214 (18/ 166، 167) .
[2]
في الأصل: «وأفرش» .
[3]
في المنتظم: «ومعه» .
[4]
هذا الشطر في ديوان ابن حيّوس: «حديثهما حتّى القيامة يؤثر» .
[5]
في ديوان ابن حيّوس: «وجودك والمعروف في الخلق منكر» .
[6]
المقصود هما الوزيران: يحيى بن خالد البرمكي، وابنه جعفر بن يحيى، وهما وزرا لها دون الرشيد.
[7]
الأبيات في المنتظم 10/ 214 (18/ 167) ، وسير أعلام النبلاء 20/ 427، 428، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 260.
والبيتان الأوّلان ليسا لابن هبيرة بل هما لابن حيّوس الغنوي قالهما من قصيدة يمدح بها نصر بن محمود بن صالح بن مرداس أمير حلب، مطلعها:
هل العدل إلّا دون ما أنت مظهر
…
أو الخير إلّا ما تذيع وتضمر
(انظر ديوان ابن حيّوس- بتحقيق خليل مردم بك 1/ 269 و 275) .
قال ابن الْجَوْزِيّ [1] : وكان يبالغ فِي تحصيل التّعظيم للدّولة، قامعا للمخالفين بأنواع الْحِيَلِ. حسم أمور السّلاطين السّلْجُوقيَّة [2] ، وكان شِحْنةٌ، قد أذاه فِي صِباه [3] ، فَلَمّا وَزَرَ أحضره وأكرمه. وكان يتحدّث بِنَعم اللَّه، ويذكر فِي منصبه شدَّة فقره القديم.
ثمّ قال: نزلت يَوْمًا إلى دِجْلة وليس معي رغيف أعبر به، وكان يُكثر مجالسةَ العلماء والفُقراء، وكان يبذل لهم الأموال. وكانت السَّنَةُ تدور وعليه ديون، وقال: ما وَجَبتْ عليَّ زكاةٌ قَطّ [4] .
وكان إذا استفاد شيئا قال: أفادَنِيه فلان. أفَدْتُه معنى حديث [5]، فكان يقول: أفادِنيه ابن الْجَوْزِيّ. فكنت أسْتحِي من الجماعة. وجعل لي مجلسا فِي داره كلّ جمعة، وأذن للعوامّ فِي الحضور. وكان بعض الفقراء يقرأ عنده كثيرا، فأعجب وقال لزوجته: أريد أن أزوّجه بابنتي. فغضبت الأمّ من ذلك.
وكان يقرأ عنده الحديثَ كلّ يومٍ بعد العصر. فحضر فقيهٌ مالكيٌّ، فذُكِرَتْ مسألةٌ، فخالف فيها الجميع وأصرّ، فقال الوزير: أَحِمَارٌ أنت! أما ترى الكلَّ يُخالفونَك!؟ فَلَمّا كان فِي اليوم الثّاني قال للجماعة: إنّه جرى منّي بالأمس على هذا الرجل ما لا يليق، فليَقُلْ لي كَمَا قلتُ له، فما أَنَا إلّا كأحدكم.
فضجّ المجلس بالبكاء، واعتذر الفقيه وقال: أَنَا أَوْلَى بالاعتذار. وجعل يقول: القِصاص القِصاص، فلم يزل حَتَّى قال يُوسُف الدّمشقيّ: إذْ أبى [6] القِصاص فالفِداء، فقال الوزير: له حُكْمُهُ. فقال الفقيه: نِعَمُكَ عليَّ كثيرةٌ، فأيُّ حُكْمٍ بقي لي؟
قال: لا بدّ.
[1] في المنتظم 10/ 214، 215 (18/ 167، 168) .
[2]
ذكر ابن الجوزي بعدها حكاية.
[3]
ذكر ابن الجوزي حكايته في المنتظم. وانظر: الفخري 312 و 313.
[4]
وانظر: الفخري 312.
[5]
«من فاته حزبه بالليل فصلّاه قبل الزوال كان كأنّه صلاه بالليل» . الحديث.
[6]
في المنتظم 10/ 215 (18/ 169)«إذا أبى» .
قال: عليَّ دَيْنٌ [1] مائة دينار.
فقال: أعطوه مائةَ دينارٍ لإبراء ذِمَته، ومائة لإبراء ذمّتي. فأُحضِرت فِي الحال.
وما أحسن قولَ الحَيْصَ بَيْص فِي قصيدته فِي الوزير:
يَهُزُّ حديثُ الْجُودِ ساكِنَ عِطْفِهِ
…
كَمَا هزَّ شُربَ الْحَيِّ صَهْباءُ قَرْقَفُ
إذا قيل عَوْنَ الدّين يحيى تألّق
…
الغمام وماسَ السَّمْهَريُّ المُثَقَّف [2]
قال [3] : وكان الوزير يتأسّف على ما مضى من زمانه، ويندم على ما دخل فِيهِ. ولقد قال لي: كان عندنا بالقرية مسجد فِيهِ نخلة تحمل ألف رطْل، فحدَّثْتُ نفسي أن أُقيم فِي ذلك المسجد، وقلت لأخي مُحِبّ الدِّين [4] : أقعُدُ أَنَا وأنت وحاصِلُها يكفينا. ثُمَّ انظر إلى ما صرْت. ثُمَّ صار يسأل اللَّه الشّهادة ويتعرَّض لأسبابها.
وفي ليلة ثالث عَشْر جُمَادَى الأولى استيقظ وقت السَّحَر فقاء، فحضر طبيبه ابن رشادة فسقاه شيئا، فيُقال إنّه سمّه، فمات وسقي الطّبيب بعده بنصف سنة سمّا، فكان يقول: سُقيتُ كَمَا سَقيْتُ، فمات.
ورأيت أَنَا وقت الفجر كأنّي فِي دار الوزير وهو جالسٌ، فدخل رجلٌ بيده حَرْبَة، فضربه بها، فخرج الدَّمُ كالفوّارة، فالتفتُّ فإذا خاتم ذهب، فأخذته وقلت: لمن أُعطيه؟ أنتظر خادما يخرج فأُسلّمه له. فانتبهتُ فأخبرتُ مَن كان معي، فما استْممتُ الحديثَ حَتَّى جاء رجلٌ فقال: مات الوزير. فقال واحدٌ: هذا مُحال أَنَا فارقته في عافية أمس العصر.
[1] في المنتظم: «بقية دين» .
[2]
البيتان في ديوان الحيص بيص، ووفيات الأعيان 6/ 235، وسير أعلام النبلاء 20/ 429.
وهما ليسا في رواية ابن الجوزي.
[3]
أي ابن الجوزي في المنتظم 10/ 216 (18/ 169) .
[4]
هكذا في الأصل والمنتظم. وفي سير أعلام النبلاء 20/ 429 «مجد الدين» .
فنفَّذوا إليَّ، فقال لي ولده: لا بُدّ أن تغسّله. فغسّلته، ورفعت يده ليدخل الماء في مَغَابِنِه [1] ، فسقط الخاتم من يده حيث رَأَيْت ذلك الخاتم.
ورأيت آثارا بجسده ووجهه تدلّ على أنّه مسموم. وحملت جنازته إلى جامع القصر، وخرج معه جمْعٌ لم نره لمخلوق قَطّ، وكثُر البكاءُ عليه لِما كان يفعله من البِرّ والعدْل، ورثاه الشُّعراء [2] .
قلت: وقد روى عن المقتفي تلك الأحاديث المُقْتَفوِية. سمعتها من الأبَرْقُوهيّ [3] ، عن ابن الجواليقيّ، عَنْهُ.
وقد شرح صَحيحَيّ الْبُخَارِيّ ومسلم فِي عدَّة [4] مجلَّدات، وسمّاه كتاب «الإفصاح عن معاني الصَّحاح» [5] . وألّف كتاب «العبادات» [6] في مذهب أحمد، وأرجوزة في المقصور والممدود، وأخرى فِي عِلْم الخطّ، واختصر «إصلاح المنطق» لابن السّكّيت [7] .
[1] المغابن: مطاوي البدن مثل الإبط وغيره. واحدها مغبن. بفتح الميم وكسر الباء الموحّدة وسكون الغين المعجمة.
[2]
ومنهم «النميري» كما في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 286، وقد تحرّف في المنتظم بطبعتيه إلى «البحتري» ، فقال في مطلع قصيدة:
ألمم على جدث حوى تاج الملوك وقل: سلام واعقر سويد الضمير، فليس يقنعني السوام وقال بعضهم:
مات يحيى ولم نجد بعد يحيى
…
ملكا ماجدا به يستعان
وإذا مات من زمان كريم
…
مثل يحيى بن يموت الزمان
[3]
الأبرقوهي: بفتح الألف والباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم القاف وفي آخرها الهاء هذه النسبة إلى أبرقوه وهي بليدة بنواحي أصبهان على عشرين فرسخا منها. (الأنساب 1/ 115) .
[4]
في سير أعلام النبلاء 20/ 430: «في عشر مجلّدات» .
[5]
قال العماد الكاتب إنه بذل على حفظه ونسخه أمواله حتى كان في زمانه لا يشتغل إلّا به.
(الخريدة 2/ 98) .
[6]
في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 252 «العبادات الخمس» .
[7]
وقال ابن رجب: وقد صنّف ابن الجوزي كتاب «المقتبس من الفوائد العونية» وذكر فيه الفوائد التي سمعها من الوزير عون الدين، وأشار فيه إلى مقاماته في العلوم. وانتقى من زبد كلامه في «الإفصاح» على الحديث كتابا سمّاه «محض المحض» . (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 253) .
وولي الوزارة بعده شرفُ الدِّين أبو جَعْفَر أَحْمَد بْن البَلَديّ، فأخذ فِي تَتَبُّع آل هُبَيْرة، فقبض على ولديه مُحَمَّد وظَفَر ثُمَّ قتلهما [1] .
وقال أبو المظفَّر [2] : اضطرّ وَرَثةُ ابن هُبَيْرة إلى بيع ثيابهم وأثاثهم، وبيعت كُتُب الوزير الموقوفة على مدرسته حَتَّى أُبيع كتاب «البستان» فِي الرقائق لأبي اللَّيْث السَّمَرْقَنْديّ بدانِقَيْن وحَبَّة، وكان يساوي عشرة دنانير، فقال واحد: ما أرخص هذا البستان. فقال جمال الدِّين بْن الحُصَيْن: لِثقَل ما عليه من الخراج. يشير إلى الوقْفية. فأُخِذ وضُرِب وحُبِس، فلا قوّة إلّا باللَّه [3] .
[1] ترجم لهما العماد في الخريدة (قسم العراق) 2/ 100 و 101.
[2]
في مرآة الزمان 8/ 262 وفيه تحرّف اسم «ظفر» إلى «مطر» .
[3]
وقال القزويني: كان وزيرا ذا رأي وعلم ودين وثبات في الأمور. حكى الوزير وقال: تطاول علينا مسعود بن محمود السلجوقي، فعزم المقتفي أن يحاربه، فقلت: هذا ليس بصواب، ولا وجه لنا إلّا الالتجاء إلى الله، فاستصوب رأيي، فخرجت من عنده يوم الجمعة لأربع وعشرين من جمادى الأولى وقلت: إنّ النبي، عليه السلام، دعا شهرا فينبغي أن ندعو شهرا، ثم لازمت الدعاء كل ليلة إلى أن كان يوم الرابع والعشرين من جمادى الآخرة، فجاء الخبر بأن السلطان مات على سرير ملكه وتبدّد شمل أصحابه، وأورثنا الله أرضهم وديارهم.
حكي أنه قبل وزارته كان بينه وبين رجل بغداديّ ساكن بالجانب الغربي صداقة، فسلّم الرجل إلى يحيى ثلاثمائة دينار وقال له: إذا أنا متّ جهّزني منها، وادفنّي بمقبرة معروف الكرخي، وتصدّق بالباقي على الفقراء، فلما مات قام يحيى وجهّزه ودفنه كما وصّى، والذهب في كمّه عائدا إلى الجانب الشرقي، قال: فوقفت على الجسر فسقط الذهب من كمّي في الماء وهو مربوط في منديل، فضربت بيدي على الأخرى وحوقلت، فقال رجل: ما لك؟ فحكيت له فخلع ثيابه وغاص، وطلع والمنديل في فمه، فأخذت المنديل وأعطيته منها خمسة دنانير، ففرح بذلك ولعن أباه، فأنكرت عليه، فقال: إنه مات وأزواني! فسألته عن أبيه، فإذا هو ابن الرجل الميت، فقلت: من يشهد لك بذلك؟ فأتى بمن شهد له أنه ابن ذلك الميت، فسلّمت إليه المال.
وكان كثيرا ما ينشد لنفسه:
يا أيّها الناس، إني ناصح لكم
…
فعوا كلامي فإنّي ذو تجاريب
لا تلهينّكم الدنيا بزخرفها
…
فما يدوم على حسن ولا طيب
وحكى عبد الله بن زرّ قال: كنت بالجزيرة فرأيت في نومي فوجا من الملائكة يقولون: مات الليلة وليّ من أولياء الله! فتحدّثت بها وأرّختها، فلما رجعت إلى بغداد وسألت قالوا: مات في تلك الليلة الوزير ابن هبيرة، رحمة الله عليه! -
371-
[يحيى][1] بْن مُحَمَّد بْن رزق.
أبو بَكْر الأندلسيّ.
قال ابن بشْكُوال: هُوَ من أهل المَرِيَّة. أخذ عن جماعة من شيوخنا وَصَحِبَنَا عند بعضهم. وكان محدثا حافظا، متيقّظا، عارفا بالحديث ورجاله، ثقة، ديّنا.
وقد أُخِذ عَنْهُ.
وتُوُفيّ بسَبْتَة فِي شعبان.
وكان مولده سنة ثلاث وخمسمائة.
[ () ] وحكى عبد الله بن عبد الرحمن المقري قال: رأيت الوزير ابن هبيرة في النوم فسألته عن حاله فأجاب:
قد سئلنا عن حالنا فأجبنا
…
بعد ما حال حالنا وحجبنا
فوجدنا مضاعفا ما كسبنا
…
ووجدنا ممحّصا ما اكتسبنا
(آثار البلاد وأخبار العباد 367، 368) .
وقال ابن العمراني: وكان كافيا يملأ العين والقلب، وكان كاتبا بليغا، فصيحا، عالما بالنحو، واللغة، والفقه، والأحاديث، والقرآن العظيم المجيد وتفسيره، وصنف كتبا في ذلك كله. وكان حسن التدبير للأمور السياسية، محبّا لأهل العلم، كثير الميل إلى أرباب الصلاح والدين. ولو أخذت في ذكر مناقبه وحسن سيرته لجاءت مجلّدات عظيمة ولم أقدر أستقصي على بعضها، ولم يسمع بأن كان لبني العباس وزير مثله قبله ولا بعده.. رضي الله عنه وأرضاه.. (الإنباء في تاريخ الخلفاء 225) .
وقد طوّل ابن رجب في ترجمته، وكذا ابن خلّكان، وذكرا بعضا من شعره، وانظر شعره أيضا في الخريدة، والفخري، وغيره.
[1]
في الأصل بياض، والمستدرك من: الصلة لابن بشكوال 2/ 673، 674 رقم 1487.