المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حرف العين - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٣٨

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثامن والثلاثون (سنة 551- 560) ]

- ‌[الطبقة السادسة والخمسين]

- ‌حوادث سنة إحدى وخمسين وخمسمائة

- ‌[دخول السلطان سُلَيْمَان شاه بغداد والخلعة عليه]

- ‌[هرب السلطان سنجر من يد الغُزّ]

- ‌[الزلازل بالشام]

- ‌[موادعة نور الدين للفرنج وغدرهم]

- ‌[الحريق ببغداد]

- ‌[سفر الخليفة إلى دُجَيل]

- ‌[المصافّ بين سُلَيْمَان شاه ومحمد شاه]

- ‌[تسلُّم نور الدِّين بعلبكّ]

- ‌سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة

- ‌[الحرب بين مُحَمَّد شاه والخليفة]

- ‌[غزو رستم الإسماعيلية]

- ‌[خروج الإسماعيلية على الحجَّاج]

- ‌[خراب خُراسان]

- ‌[سفر الخليفة إلى أوانا]

- ‌[انتصار نور الدِّين على الفرنج عند صفد]

- ‌[الزلازل بالشام]

- ‌[إنفاق الوزير ابن هبيرة للإفطار]

- ‌[استعادة غزَّة من الفرنج]

- ‌[تَسَلُّم بانياس]

- ‌[انقراض دولة الملثّمين]

- ‌[تسلُّم المريَّة من الفرنج]

- ‌[كتابة السلطان سَنْجَر إلى نور الدِّين بخلاصه من الغُزّ]

- ‌[هزيمة الفرنج عند بانياس]

- ‌[إنتصار نور الدِّين على الفرنج عند طبرية]

- ‌[الزلازل بالشام]

- ‌[مهادنة نور الدِّين للفرنج]

- ‌[خراب المدن بالزلازل]

- ‌[مرض نور الدِّين]

- ‌سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة

- ‌[الاتفاق بين ملك شاه وأخيه]

- ‌[زيارة المقتفي مشهد الْحُسَيْن]

- ‌[إنفاق الوزير على مرضه]

- ‌[خروج الخليفة إلى المدائن]

- ‌[وقوع المطر]

- ‌[حروب الغُزّ]

- ‌[حجّ ابن الْجَوْزِيّ]

- ‌[مصرع الإسماعيلية الخُراسانية]

- ‌[غارة جيش مصر على غزَّة وعسقلان]

- ‌[غارة نور الدِّين على صيدا]

- ‌[السَّيْل الأحمر]

- ‌[نجاة نور الدِّين بعد انهزام عسكره]

- ‌[تحريض نور الدِّين على فرض الرسوم]

- ‌[خروج ملك القسطنطينية لقتال المسلمين]

- ‌سنة أربع وخمسين وخمسمائة

- ‌[الرضا عن ترشك]

- ‌[انتهاب الغُزّ نَيْسابور]

- ‌[وقوع الخليفة]

- ‌[وقوع البَرد]

- ‌[أخْذُ عَبْد المؤمن المهديَّة بالأمان]

- ‌[غرق الفرنج]

- ‌[القتال بين العلويَّة والشافعية]

- ‌[الخلاف بين قطب الدِّين مودود وأمير ميران]

- ‌[الزلازل بدمشق]

- ‌[مصالحة نور الدِّين ملك القسطنطينية]

- ‌[إقامة نور الدِّين سِماطًا لقطب الدِّين]

- ‌[تسليم حرّان لزين الدِّين]

- ‌[أسر ابن أخت ملك الروم]

- ‌[موت مُحَمَّد شاه]

- ‌[خروج عَبْد المؤمن إلى بلاد إفريقية]

- ‌سنة خمس وخمسين وخمسمائة

- ‌[سلطنة سُلَيْمَان شاه]

- ‌[منع المحدَثين من السماع بجامع القصر]

- ‌[وفاة المقتفي لأمر اللَّه]

- ‌[الخطبة لرسلان شاه] [1]

- ‌[العفو عن عليّ كَوْجَك]

- ‌[وفاة قاضي القضاة الثقفي]

- ‌[موت الفائز]

- ‌[عمارة المؤيِّد نَيْسابور]

- ‌سنة ستّ وخمسين وخمسمائة

- ‌[قطْع خطبة سُلَيْمَان شاه]

- ‌[الخطبة لأرسلان شاه]

- ‌[انهزام البَهْلَوان]

- ‌[النهب والإحراق بنيسابور]

- ‌[الخوف من الفتنة بين الرافضة والسُّنَّة]

- ‌[ركوب المستنجد للصيد]

- ‌[الرخص ببغداد]

- ‌[مقتل الصالح طلائع بْن رُزّيك]

- ‌سنة سبع وخمسين وخمسمائة

- ‌[رجوع الحاجّ العراقي]

- ‌[خروج الخليفة للصيد]

- ‌[الحريق ببغداد]

- ‌[انتصارُ المسلمين على الكُرج]

- ‌سنة ثمان وخمسين وخمسمائة

- ‌[عودة الحجيج]

- ‌[بناء كشك الخليفة والوزير]

- ‌[ثورة بني خفاجة]

- ‌[قتل العادل بْن الصالح طلائع]

- ‌[استيلاء المؤيِّد على بسطام ودامغان]

- ‌[انتصار المؤيِّد على صاحب مازندران]

- ‌[الخِلَع للمؤيّد]

- ‌[مقتل صاحب الغور]

- ‌[نجاة نور الدِّين عند حصن الأكراد]

- ‌[القضاء على بني أسد]

- ‌سنة تسع وخمسين وخمسمائة

- ‌[مقتل بعض اللصوص]

- ‌[كسرة الفرنج]

- ‌[قتل الملك المنصور ضرغام]

- ‌[تمكّن شاور من مصر]

- ‌[استنجاد شاور بالفرنج]

- ‌[وقعة حارِم]

- ‌[فتح قلعة بانياس]

- ‌[مقتل الملك أيتكين]

- ‌[استيلاء ملك مازندران على قومس وبسطام]

- ‌[رجوع ملك القسطنطينية بالخيبة]

- ‌سنة ستين وخمسمائة

- ‌[القبض على الأمير ثوبة البدويّ]

- ‌[مولد أربعة توائم]

- ‌[طرد الغُزّ عن هَرَاة]

- ‌[الفتنة بأصبهان]

- ‌المتوفون في هذه الطبقة

- ‌سنة إحدى وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف التاء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة أربع وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الظاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة خمس وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الكاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ست وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة سبع وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الكاف

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ثمان وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الكاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة تسع وخمسين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الضاد

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌المتوفون تقريبا

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الدال

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الْيَاءِ

الفصل: ‌ حرف العين

رحل إلى أصبهان مع والده سنة خمسٍ وخمسمائة، ثُمَّ رحل إلى بغداد سنة سبْعٍ وثلاثين.

سمع: أَبَاهُ، وأبا الفتح عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه، ومكّيّ بْن مَنْصُور الكرجيّ، وحَمْد بْن نصر الْأَعْمَشُ، وقَيْدس بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّعرانيّ، وأبا مُحَمَّد الدُّونيّ.

وبِزَنْخَان: الفقيه أَبَا بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زَنْجُوَيْه. وذكر أنّه سمع منه «مُسْنَد أَحْمَد بْن حنبل» سنة خمسمائة، بروايته عن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الفلّاكيّ، عن القَطِيعيّ. وله إجازة من أبي بَكْر بْن خَلَف الشّيرازيّ، وأبي مَنْصُور الْحُسَيْن بْن المُقَوّميّ.

كتبتُ عَنْهُ، وكان يجمع أسانيد كتاب «الفِرْدَوس» لوالده، ورتّب لذلك ترتيبا عجيبا حَسَنًا. ثُمَّ رَأَيْت الكتاب سنة ستٍّ وخمسين بمَرْو فِي ثلاث مجلدَّات ضخمة، وقد فرغ منه، وهذّبه ونقّحه. وقال: أَنَا المقوّميّ سنة ثلاثٍ وثمانين إجازة، وفيها وُلِدْتُ.

قلت: روى عَنْهُ: ابنه أبو مُسْلِم أَحْمَد وأبو سهل عَبْد السّلام السرنولي، وطائفة.

وسمعنا من طريقه كتاب «الألقاب» لأبي بَكْر الشّيرازيّ.

وقيَّد وفاته فِي هذه السَّنَة عَبْد الرحيم الحاجّيّ.

زاد السَّمْعانيّ: فِي رَجَبَها.

-‌

‌ حرف العين

-

276-

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ بْن حُسَيْنِ [1] .

أَبُو القَاسِم الْأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، الشّاهد، المعروف بابن الشّيرجيّ.

[1] انظر عن (عبد الله بن علي) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق 13/ 145 رقم 29.

ص: 250

سمع من: سَعْد بْن أَحْمَد البَسَويّ الَّذِي استُشْهد بالقدس.

روى عَنْهُ: ابن عساكر، وغيره.

وتُوُفيّ فِي ربيع الآخر، رحمه الله.

277-

عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه [1] .

أَبُو مُحَمَّد الكِنَانيّ، الدّارانيّ، الدّمشقيّ ابن أخت مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم النَّسَائيّ.

سمّعه خاله من: أبي الفضل بْن الفُرات. وسهل بْن بِشْر، وعبد اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق.

روى عَنْهُ: ابن عساكر وقال [2] : لم يكن الحديث من صنعته، وابنه القَاسِم، والمسلم بْن أَحْمَد المازِنيّ، ومُكْرَم بْن أبي الصَّقْر، وكريمة، وآخرون.

تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من جُمَادَى الأولى.

وقد سمع قطعة كبيرة من «السُّنن» الكبير للنَّسَائيّ على سهل بْن بِشْر الإسْفَرَائينيّ.

278-

عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْدِ بْن الفضل [3] .

أبو مُحَمَّد الورّاق. بغداديّ، ثقة.

ذكره ابن السَّمْعانيّ وقال: شيخ صالح، ديِّن، كثير التّلاوة، والصّلاة، والعبادة، مشتغل بما يعنيه.

سمع: أَبَا الْحَسَن بْن العلّاف، وابن نبهان، وابن الزّينبيّ.

[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الحسن) في: تاريخ دمشق 40/ 264 (مطبوع) ، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) ورقة 106 ب، ومختصر تاريخ دمشق 14/ 237 رقم 162، وسير أعلام النبلاء 20/ 348، 349 رقم 235.

[2]

في تاريخ دمشق، والمشيخة.

[3]

انظر عن (عبد الرحمن بن زيد) في: سير أعلام النبلاء 20/ 377 (دون ترجمة) .

ص: 251

ولد في حدود سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. كتبتُ عَنْهُ.

قلت: هذا كان من الصّالحين ببغداد.

روى عن: ابن طَلْحَةَ النَّعَاليّ أيضا.

وعنه: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن برهان النّسَّاج، وعبد الواحد بن علوان السَّقْلاطُونيّ، ومحمد بْن عُمَر العَطَّار، وهبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الحلّاج، والحَرَمِيُّون.

وتُوُفيّ فِي العشرين من شوّال. وأصله مدنيّ.

279-

عَبْد اللّطيف ابن المحدّث أبي سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد.

البغداديّ، ثُمَّ الأصبهانيّ.

سمع: أَبَا مطيع، وأبا الفتح الحدّاد.

وكان صدوقا.

قرأ عليه ابن ناصر.

مات فِي ذي القعدة بأصبهان.

280-

عَبْد المؤمن بْن عليّ بْن علويّ [1] .

القَيْسيّ المغربيّ، الكوميّ [2] التّلمسانيّ.

[1] انظر عن (عبد المؤمن بن علي) في: الكامل في التاريخ 11/ 291، 292، والمعجب 284- 303 و 327- 344، وخريدة القصر (شعراء الأندلس) 2/ 339 و 3/ 438، والروضتين ج 1 ق 1/ 322، وتاريخ إربل 1/ 250 (في ترجمة الفقيه الصنهاجي معاذ بن علي بن يونس، رقم 148) ، ومرآة الزمان 8/ 144، 163، 172، 269، 451، 462، 522، 540، 562، 578، والمختصر في أخبار البشر 3/ 40، ودول الإسلام 2/ 73، وسير أعلام النبلاء 20/ 366- 375 رقم 254، والعبر 4/ 165، والإعلام بوفيات الأعلام 230، وتاريخ ابن الوردي 2/ 104، والبداية والنهاية 12/ 246، 247، والحلل الموشّية 107- 119، وشرح رقم الحلل 190، 199، وبغية الرواد 1/ 87، ومآثر الإنافة 2/ 30، 43، 44، 49، 252، وتاريخ ابن خلدون 6/ 229، والنجوم الزاهرة 5/ 363، 364، وجذوة الاقتباس 272، ونفح الطيب 1/ 442، وشذرات الذهب 4/ 183، والخلاصة النقية 55، والاستقصاء 2/ 99- 145، وأخبار الدول 2/ 410، ومعجم الأنساب 113، وأخبار المهدي 21، وأعمال الأعلام 307، ودائرة المعارف الإسلامية ج 1/ 321.

[2]

الكومي: نسبة إلى كومية، وهي قبيلة صغيرة نازلة بساحل البحر من أعمال تلمسان. (وفيات

ص: 252

وُلِدَ بقرية من ضياع تِلِمْسان، وكان أَبُوهُ صانعا فِي الفخّار.

نقل عَبْد الواحد المَرَاكُشيّ فِي كتاب «المُعْجِب» [1] فقال إنَّ عَبْد المؤمن قال: إنّما نَحْنُ لقَيْس، لقَيْس غَيْلان من مُضَر بْن نِزَار، ولكُومِيَة علينا حقٌّ الولادة فِيهِم والمنشأ، وهم أخوالي. وأمّا خُطَباء المغرب فكانوا يقولون إذا ذكروا الملك عَبْد المؤمن بعد ابن تُومِرْت. قسيمُهُ فِي النَّسَب الكريم.

ولد سنة سبع وثمانين وأربعمائة، واستقلّ بالمُلك إحدى وعشرين سنة، وعاش إحدى وسبعين سنة [2] .

واستوسق [3] له أمراءُ العرب بموت أمير المسلمين علي بْن يُوسُف بْن تاشفين.

قال: وكان أبيض، ذا جسم عَمَمٍ [4] تعلوه [حُمْرة][5] وكان أسود الشَّعر، معتدل القامة، رصينا، جهوريّ الصّوت، فصيحا، جَزْل المنطق، لا يراه أحدٌ إلّا أحبّه بديهة.

قال: وبَلَغَني أنّ ابن تُومَرت كان إذا رآه أنشد:

تكامَلَتْ فيك [6] أخلاقٌ [7] خُصصْتَ بها

فكُّلنا بك مسرورٌ ومغتبطُ

فالسّنُّ ضاحكةٌ والكفُّ مانحةٌ

والصَّدْرُ مُنْشَرِحٌ [8] والوجه منبسط [9]

وقال ابن خَلِّكان [10] : كان عند موته شيخا نقيّ البياض، معتدل القامة،

[ (-) ] الأعيان 3/ 240، الاستقصاء 2/ 99) .

[1]

ص 288.

[2]

وقيل: كانت ولادته سنة خمسمائة، وقيل: سنة تسعين وأربعمائة. (وفيات الأعيان 3/ 239) .

[3]

استوسق: اجتمع.

[4]

عمم: بالتحريك. عظم الخلق في الناس وغيرهم. (القاموس المحيط) .

[5]

ما بين الحاصرتين ساقطة من الأصل، والمستدرك من (المعجب) .

[6]

في الأصل: «بك» .

[7]

في وفيات الأعيان: «أوصاف» .

[8]

في الوفيات: «والنفس واسعة» .

[9]

وفيات الأعيان 3/ 238.

[10]

في وفيات الأعيان 3/ 239.

ص: 253

عظيما، أشْهَل العينين، كثّ اللّحْية، شَثنَ الكَفَّين [1] ، طويل القعدة، واضح بياض الأسنان. بخدّه الأيمن خال، عظيم الهامة [2] .

قال صاحب سيرته: هكذا رَأَيْته.

قال ابن خِلِّكان [3] : وحُكي أنّ عَبْد المؤمن كان فِي صباه نائما، فسمع أَبُوهُ دَوِيًّا، فرفع رأسه، فإذا سحابة سوداء من النَّحل قد أهوت مُطْبِقَة على بيته، فنزلت كلُّها على عَبْد المؤمن وهو نائم، فلم يستيقظ، ولا أذاه شيء منها، فصاحت أمّه، فَسَكَّتَهَا أَبُوهُ، وقال: لا بأس، ولكنّي متعجّب ممّا يدلّ عليه هذا. ثُمَّ طار عَنْهُ النّحل كلُّه، واستيقظ الصّبيّ سالما فمشى أَبُوهُ إلى زاجر فأخبره الأمر، فقال: يوشك أن يكون له شأن يجتمع على طاعته أهل المغرب.

وقد ذكرنا فِي ترجمة ابن تُومَرْت كيف وقع بعبد المؤمن، وأفضى إليه بسِرَه. وكان ابن [4] تُومَرْت يقول لأصحابه: هذا غلّاب الدّول.

وقد مرَّ أيضا فِي ترجمة ابن تُومَرْت: وفي سنة إحدى وعشرين جرت وقعة البحيرة على باب مرّاكش استؤصلت فيها عامَّة عسكر الموحّدين، ولم ينْجُ منهم إلّا أربعمائة مقاتل، وولّت المَصَامِدة. فَلَمّا تُوُفّي ابن تومرت سنة أربعٍ وعشرين أخْفُوا موته، فكان عَبْد المؤمن وغيره يخرج الرجل منهم ويقول: قال المهديّ كذا. وأمَرَ بكذا. وجعل عَبْد المؤمن يخرج بنفسه، ويُغير على البلاد، وأمْرهم يكاد أن يُدْثر، حَتَّى وقع بين المرابطين وبين الفلاكيّ ما أوجب عليه الهرب منهم فقدِم إلى جبلٍ، فتلقّاه عَبْد المؤمن بالإكرام، واعتضد به اعتضادا كليّا.

فلمّا كان في سنة تسعٍ وعشرين صرّحوا بموت المهديّ، ولقَّبوا عَبْد

[1] في الأصل: «الكتفين» .

[2]

قوله: «عظيم الهامة» ليس في (وفيات الأعيان) .

[3]

في وفيات الأعيان 3/ 37، 238.

[4]

في الأصل: «أبو» .

ص: 254

المؤمن بأمير المؤمنين. ورجعت حصون الفلاكيّ كلُّها للموحّدين والفلاكيّ يُغِير على نواحي السُّوس، وأغْمات، وهم كلّهم تنمو أحوالهم وتستفحل.

قال صاحب «المَعْجب» [1] : قبل وفاة ابن تُومَرْت بأيّام استدعى المسمّين بالجماعة، وأهلَ الخمسين، والقوّاد الثّلاثة: عُمَر بْن عَبْد اللَّه الصّنْهاجيّ المعروف بعمر أرتاج [2] ، وعمر بْن ومْزَال المعروف بعمر إينتي، وعبد اللَّه بْن سُلَيْمَان، فحمد اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ سبحانه، وله الحمد، مَنَّ عليكم أيَّتُها الطّائفة بتأييده، وخصَّكم من بين أهل هذا العصر بحقيقة توحيده، وقيَّض لكم مَن ألْفاكم ضُلالا لا تهتدون، وعُمْيًا لا تُبْصِرون، لا تعرفون معروفا، ولا تُنكِرونُ مُنْكَرًا، قد فَشَتْ فيكم البِدَعُ، واستهوَتْكُمُ الأباطيل، وزَّين لكم الشّيطان أباطيل وتُرَّهات، أُنزِّه لساني عن النُّطْق بها، فهداكم اللَّه به بعد الضّلالة، وأبصَرَكُم به بعد العَمَى، وجَمَعَكُم بعد الفُرْقَة، وأعزَّكم بعد الذّلَّة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارِقين، وسِيُورِثكُمُ أرضَهم وديارَهُم، وذلك بما كَسَبَت أيديكُم، وأضمرته قلوبكم، فجدّدوا للَّه خالص نيّاتكم، وأروه من الشُّكْر قولا وفِعلًا ما يزكّي به سَعْيَكُمْ، واحذروا الفُرقة، وكونوا يدا واحدة على عدوّكم، فإنّكم إنْ فعلتم ذلك هابكم النّاس، وأسرعوا إلى طاعتكم، وإنْ لا تفعلوا شملكُمُ الذُّلُ، واحتقرتكُم العامَّة. وعليكم بمزج الرّأفة بالغِلْظة، واللّين بالعُنف. وقد اخترنا لكم رجلا منكم، وجعلناه أميرا عليكم بعد أن بَلَوْنَاه، فرأيناه ثَبْتًا فِي دينه، متبِّصرًا فِي أمره، وهو هذا، وأشار إلى عبد المؤمن، فاسمعوا له وأطيعوا، ما دام سامعا مطيعا لربّه تعالى وتقدَّس، فإنْ بدّل ففي الموحّدين بركةٌ وخير، والأمر أمر اللَّه يقلّده من يشاء.

فبايع القوم عَبْدَ المؤمن، ودعا لهم ابن تُومَرْت، ومسح صدورهم.

وأمّا ابن خِلِّكان فقال [3] : لم يصحّ عنه أنّه استخلفه، بل راعى أصحابه

[1] ص 285- 287.

[2]

في (المعجب) : «أزتاج» .

[3]

في وفيات الأعيان 3/ 239.

ص: 255

فِي تقديمه إشارته، فتمّ له الأمر.

قال: وأوّل ما أخذ من البلاد وَهْران، ثُمَّ تلمسان، ثُمَّ فاس، ثُمَّ سلا، ثُمَّ سَبْته. ثمّ إنّه حاصر مرّاكش أحد عشر شهرا، ثُمَّ أخذها فِي أوائل سنة اثنتين وأربعين. وامتدّ مُلْكه إلى أقصى المغرب وأدناه، وبلاد إفريقية، وكثيرٍ من الأندلس، وسمّى نفسه: أمير المؤمنين، وقصدته الشُّعراء وامتدحوه.

ولمّا قال فِيهِ الفقيه مُحَمَّد بْن أبي الْعَبَّاس التّيفاشيّ هذه القصيدة وأنشده إيّاها:

ما [هزّ][1] عطْفَيْه بين البِيض والأَسَلِ

مثل الخليفة عَبْد المؤمن بْن عليّ [2]

فَلَمّا أنشده هذا المطلع أشار إليه أن يقتصر عليه، وأجازه بألف دينار.

وقال صاحب «المُعْجِب» [3] : ولم يزل عَبْد المؤمن بعد موت ابن تُومَرْت يَقْوى، ويظهر على النّواحي، ويدوّخ البلاد. وكان من آخر ما استولى عليه مَرَاكُش كرسيّ ملك أمير المسلمين علي بْن يُوسُف بْن تاشفين. وكان لمّا تُوُفّي عليّ عَهَد إلى ابنه تاشفين، فلم يتَّفق له ما أمَّلَهُ فِيهِ من استقلاله بالأمور، فخرج قاصدا نحو تلمسان، فلم يتهيّأ له من أهلها ما يحبّ، فقصد مدينة وهران، وهي على ثلاثة مراحل من تلمسان، فأقام بها، فحاصره جيش عَبْد المؤمن، فَلَمّا اشتدّ عليه الحصار خرج راكبا فِي سلاحه، فاقتحم البحر، فهلك.

ويقال: إنّهم أخرجوه وصلبوه، ثُمَّ أحرقوه فِي سنة أربعين. فكانت ولايته ثلاثة أعوام فِي نَكَدٍ، وخوف، وضعْف.

ولمّا ملك عَبْد المؤمن مَرّاكُش طلب قبر أمير المسلمين، وبحث عَنْهُ، فما وقع به. وانقطعت الدّعوة لبني العبّاس بموت أمير المسلمين وابنه

[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: الكامل والوفيات.

[2]

الكامل في التاريخ 11/ 244، وفيات الأعيان 3/ 239، سير أعلام النبلاء 20/ 370.

[3]

ص 288.

ص: 256

تاشفين، فإنّهم كانوا يخطبون لبني الْعَبَّاس. ثُمَّ لم يُذكروا إلى الآن، خلا أعوام يسيرة بإفريقية فقط، فإنّه تملَّكها الأمير يحيى بْن غانية

[1] من جزيرة مَيُورْقَة.

وقال [سِبط] ابن الْجَوْزِيّ فِي «المرآة» [2] : استولى عَبْد المؤمن على مَرّاكُش، فقتل المقاتلة، ولم يتعرَّض للرّعيّة، وأحضر الذّميَّة وقال: إنَّ المهديّ أمرني أن لا أُقِرّ النّاس إلّا على مِلَّة الإسلام، وأنا مُخَيِّرُكُم بين ثلاث:

إمّا أنْ تُسْلِموا، وإمّا أن تَلْحَقُوا بدار الحرب، وإمّا القَتْل. فأسلم طائفة، ولحِق بدار الحرب آخرون وخرَّب الكنائس وردَّها مساجد، وأبطل الجزية.

وفعل ذلك فِي جميع مملكته. ثُمَّ فرّق فِي النّاس بيت المال وكَنَسَه، وأمر النّاس بالصّلاة فِيه اقتداء بعليّ رضي الله عنه وليعلم النّاس أنّه لا يُؤثِر جَمْعَ المال. ثُمَّ أقام معالم الإسلام مع السّياسة الكاملة، وقال: مَن ترك الصّلاة ثلاثة أيّام فاقْتُلُوه. وكان يصلّي بالنّاس الصّلوات، ويقرأ كلّ يوم سُبْعًا، ويلبس الصُّوف، ويصوم الإثنين والخميس، ويُقَسِّم الفَيْءَ على الوجه الشّرعيّ، فأحبّه النّاس.

وقال عزيز فِي كتاب «الجمع والبيان» : كان يأخذ الحقّ إذا وجب على ولده، ولم يدع مشركا فِي بلاده، لا يهوديّا، ولا نصرانيّا، ولا كنيسَةً فِي بقعة من بلاده، ولا بيعة، لأنّه من أوّل ولايته كان إذا ملك بلدا إسلاميّا لم يترك ذِميًّا إلّا عرض عليه الإسلام، ومن أبى [3] قُتِلَ، فجميع أهل مملكته مسلمون لا يخالطهم سواهم.

قال عَبْد الواحد بْن عليّ [4] : ووَزَرَ لعبد المؤمن أوَلًا عُمَر أرتاج [5] ، ثُمَّ أحّلهُ عن الوزارة ورفعه عَنْهَا، واستوزر أَبَا جعفر أحمد بن عطيّة الكاتب،

[1] بياض في الأصل.

[2]

مرآة الزمان 8/ 195 (حوادث سنة 542 هـ) .

[3]

في الأصل: «أبا» .

[4]

في المعجب 290.

[5]

في المعجب: «أزتاج» .

ص: 257

وجمع له بين الوزارة والكتابة، فَلَمّا افتتح بجّاية استكتب من أهلها أبا القَاسِم القالميّ [1] .

ودامت وزارة ابن عطيَّة إلى أن قتله فِي سنة ثلاثٍ وخمسين، وأخذ أمواله، ثُمَّ استوزر بعده عَبْد السّلام الكُوميّ، ثُمَّ قتله سنة سبْعٍ وخمسين، واستوزر ابنه عُمَر.

وكان قاضيه أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن جَبَل الوهْرانيّ، ثُمَّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن المالقيّ، فلم يزل قاضيا له وصدْرًا من أيّام ابنه يُوسُف بْن عَبْد المؤمن.

قال: ولمّا دان له أقصى [2] المغرب ممّا كان يملكه المرابطون قبله، سار من مَرّاكُش إلى بِجَايَة، فحاصر صاحبها يحيى الصّنْهاجيّ، فهرب يحيى فِي البحر حَتَّى أتى مدينة يُولة، وهي أوّل حدّ إفريقية، ومضى منها إلى قُسَنطينة [3] المغرب، فأرسل عَبْد المؤمن وراءه جيشا، فأخذه بالأمان، وأتوا به عَبْد المؤمن.

وتملّك عَبْد المؤمن بِجَاية وأعمالها، وكان يحيى بْن العزيز، وأبوه، وجدّه المنصور، وجدّ أَبِيهِ المنتصر، وجدّهم حَمَّاد من الشّيعة الرّافضة بني عُبَيْد، والقائمين بدعوتهم. وطالت أيّامهم حَتَّى أخرجهم عَبْد المؤمن.

واستعمل عَبْد المؤمن على مملكة بِجَايَة ابنه عبد الله، ثمّ رجع إلى مرّاكش ومعه يحيى بْن العزيز، وجماعة من أمراء دولة يحيى، فأمر لهم بِخَلع، وبوّأهم المنازل، وخصّ يحيى به [وصيّره من قوّاده][4] ، ونال يحيى عنده مرتبة لا مزيد عليها.

[1] في الأصل: «الغايمي» ، والتصحيح من المعجب، وسير أعلام النبلاء 20/ 371.

[2]

في الأصل: «أقصا» .

[3]

في الأصل «قسطنطينية» .

[4]

ما بين الحاصرتين استدركته من المعجب 290، وفي الأصل بياض.

ص: 258

قال: وكان عَبْد المؤمن مُؤثِرًا لأهل العلم، مُحبًّا لهم يستدعيهم من البلاد، ويُجري عليهم الصِّلات، ويُنَوِّه بهم.

قال [1] : وتسمَّى المَصَامِدة الموحّدين، لأجل خوض ابن تُومَرْت بهم فِي عِلم الاعتقاد. وكان عَبْد المؤمن فِي نفسه كامل السُّؤدُد، خليقا للإمارة، سَرِيّ الهمَّة، لا يرضى إلّا بمعالي الأمور، كأنّه، ورِث المُلْك كابرا عن كابر. وكان شديد السّطْوة، عظيم الهيبة.

قال عزيز فِي تاريخه: أخبرني رَجُل من أهل المهديّة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بصَقَلَّية قال: افتتح عَبْد المؤمن بِجَايَة، فأتيتها بأحمالٍ لنبتاع، فَلَمّا كنّا على مرحلةٍ منها سُرِقت لي شَدَّةٌ من المتاع، فدخلت وبعت المتاع، وأفدت فِيهِ فائدة يسيرة. فقلت لتاجر: سرقت لي شَدَّة، وأخاف اللَّه عليّ فِي الباقي. فقال: وما أَنْهَيْتَ ذلك إلى أمير المؤمنين عَبْد المؤمن؟

قلت: لا.

قال: واللهِ إنْ عَلِم بك للحِقَكَ ضَرَرٌ. فرحتُ إلى القصر، فأدخلني خادمٌ عليه، فأعلمته ورجعت.

فَلَمّا كان صبيحة اليوم الثّالث جاءني غلامٌ فقال: أجِبْ أمير المؤمنين.

فخرجت معه، فإذا جماعة كبيرةٌ، والمصامدة محيطةٌ بهم، فقال الغلام لي:

هؤلاء أهل الصَّقع الَّذِي أُخذ رَحْلُكَ فِيهِ. فدخلت وأُجلِستُ بين يديه، فاستدعى [2] مشايخهم، وقال لي: كَم [كان][3] لك فِي الشَّدَّة الّتي فقَدْتَ أُخْتَها؟ قلت: كذا وكذا.

فأمر من وَزَنَ لي المبلغ وقال: قم، أنت أخذت حقَّك، وبقي حقّي وحقُّ اللَّه. وأمر بإخراج المشايخ، وبقتل الجميع، فأقبلوا يتضرّعون ويبكون

[1] في المعجب.

[2]

في الأصل: «فاستدعا» .

[3]

في الأصل بياض.

ص: 259

وقالوا: تؤاخذ، سيّدنا، الصُّلحاء بالمفسدين؟ فقال: يخرج كلّ طائفة منكم من فيها من المفسدين.

فصار الرجل يُخْرج ولَده، وأخاه، وابنَ عمّه، إلى أن اجتمع نحو مائة نفْسٍ، فأمر أهلهم أن يتولَّوْا قتْلهم، ففعلوا.

فخرجتُ من المغرب إلى صَقَلِّيةَ خوفا على نفسي من أهل المقتولين.

قال عَبْد الواحد: قلت: كان عَبْد المؤمن من أفراد العالم فِي زمانه على هَنَاته.

قال عَبْد المؤمن بْن عُمَر الكحّال فِي أخبار ابن تُومَرت: توجّه أمير المؤمنين عَبْد المؤمن إلى بلاد إفريقية، فسار فِي مائة ألف فارس مُحصاةٍ فِي ديوانه، سوى من يتْبعها، وكانوا يصلّون كلُّهم خلْفَ إمامٍ واحد.

قال: وكان هُوَ يصلّي الُّصبْح مُبْكِرًا، ثُمَّ يركب، ويقف عند باب خيثمة، وبين يديه منادي يقول بصوتٍ عالٍ: الاستعانة باللَّه، والتوكّل عليه.

فينتظم حوله الكُبَراء على خَيْلهم، ويدعوا، ويؤمّنون. ثُمَّ يأخذ فِي قراءة حزب من القرآن، وهم يقرءون معه بصوتٍ واحدٍ.... [1] .

فإذا فرغ أمسك عنان فَرَسه، فيدعوا ويؤمّنون، ثُمَّ يلحق أولئك الأعيان، ويُلقَّبون بالطَّلَبَة والحُفّاظ، لا بالأمراء والقُوّاد، إلى عساكرهم، ويبقى وحده، وحوله أُلُوفٌ من عبيده السُّود، رَجّالةً بالرّماح والدُّرَق.

وكان إذا مرّ على قومٍ سلَّم ودعا لهم، فيؤمِّنون. وكان فصيحا بالعربيَّة، حَسَن العبارة.

قال: وكان فِي جُوده بالمال كالسِّيل، وفي محبّته لحُسْن الثّناء كالعاشق. مجلسه مجلسَ وقار وهيبة، مع طلاقة الوجه. انعمرت البلاد فِي أيّامه، وما لبس قَطّ إلّا الصُّوف طُول عُمره. وما كان فِي مجلسه حصر، بل

[1] بياض في الأصل.

ص: 260

مفروشٌ بالحَصْباء، وله سجّادة من الخُوص تحته خاصَّة.

وأمّا الأندلس فاختلّت أحوالها اختلالا بيّنا، أوجب تخاذل المرابطين وَميلهم إلى الراحة، فهانوا على النّاس، واجترأ عليهم الفرنج، وقام بكلّ مدينة بالأندلس رئيسٌ منهم، فاستبدّ بالأمر، وأخرج مَن عنده مِن المرابطين.

وكادت الأندلس تعود إلى مثل سيرتها بعد الأربعمائة عند زوال دولة بني أميَّة.

وأمّا بلاد مَرَاغَة فاستولى عليها صاحب أرغن، لعنه اللَّه، ثُمَّ أخذ سَرَقُسْطَة ونواحيها، فلا قوَّة إلّا باللَّه.

وأمّا أهل شرق الأندلس بَلَنْسية ومُرْسِية، فاتّفقوا على تقديم الزَّاهد عَبْد الرَّحْمَن بْن عِياض. بَلَغَني عن غير واحدٍ أنّه كان مُجاب الدّعوة، بكَّاءً، رقيقا، فإذا ركب للحرب لا يقوم له أحدٌ. كان الفرنج يعدّونه بمائة فارس، فحمى اللَّه بابن عِياض تلك النّاحية مدَّة إلى أن تُوُفّي، رحمه الله، ولا أتحقّق تاريخ وفاته، فقام بعده خادمُه مُحَمَّد بْن سَعْد وهو خليفته على النّاس، فاستمرَّت أيّامه إلى أن مات سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.

وأمّا أهل المَرِيَّة فأخرجوا عَنْهُمْ أيضا المرابطين، وندبوا للأمر عليهم الأمير أَبَا عَبْد اللَّه بْن ميمون الدّانيّ، فأبى عليهم وقال: إنّما وظيفتي البحر وبه عُرفت. فقدَّموا عليهم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الزّيميّ، فلم يزل على المَرِيَّة إلى أن دخلها الفرنج واستباحوها.

وأمّا جَيّان، وحصن شَقُّورَة، وتلك النّاحية فاستولى عليها عَبْد اللَّه بْن همشك، وربّما تملّك قُرْطُبة أيّاما يسيرة.

وأمّا إشبيلية، وغَرْنَاطة فأقامت على طاعة المرابطين.

وأمّا غرب الأندلس، فقام به دُعاةُ فِتَنٍ ورءوس ضلالة، منهم أَحْمَد بْن قسيّ، وكان فِي أوّل أمره يدَّعي الولاية، وكان ذا حِيَل وشَعْوَذَة، ومعرفة بالبلاغة، فقام بحصن مارتلة، ثُمَّ اختلف عليه أصحابه وتحيّلوا، فأخرجوه

ص: 261

وأسلموه إلى جُنْد عَبْد المؤمن، فأتوه به، وهو الّذي قال له عَبْد المؤمن:

بَلَغَني أنّك دعيت إلى الهداية. فقال: أليس الفَجر فجرَيْن، كاذب وصادق؟

فأنا كنت الفجر الكاذب. فضحك وعفا عَنْهُ [1] .

وجهّز عَبْد المؤمن الشَّيْخ أَبَا حفص عُمَر إينتي، فعدّى البحر إلى الأندلس، فافتتح الجزيرة الخضراء، رُنْدَة، ثُمَّ افتتح إشبيلية، وغَرْنَاطة، وقُرْطُبة. وسار عَبْد المؤمن فِي جيوشه وعبر من زُقاق سَبْتَة، فنزل جبلَ طارق، وسمّاه: جبل الفتح. فأقام هناك شهرا، وابتنى هناك قصرا عظيمة ومدينة، فوفد إليه رؤساء الأندلس، ومدحه شُعراؤها، فمن ذلك:

ما للعِدَى جِنَّةٌ أَوْفَى من الهربِ

أين المفرُّ وخيل اللَّه فِي الطَّلبِ

فأين يذهب من فِي رأس شاهقةٍ

وقد رَمَتْه سهامُ اللَّه بالشُّهُبِ

حدُّث عن الروم فِي أقطار أندلسٍ

والبحر قد ملأ البرّيْن بالعربِ [2]

فَلَمّا أتمّ القصيدة [3] قال عَبْد المؤمن: بمثل هذا تُمدح الخلفاء.

ثُمَّ استعمل على إشبيلية ولَدَه يُوسُف الَّذِي ولي الأمر بعده، واستعمل على قُرْطَبة وبلادها أَبَا حفص إينتي، واستعمل على غَرْنَاطة ابنه عثمان بن عبد المؤمن.

وكان قد استخدم العرب الّذين ببلاد بِجَاية، وهم قبائل من بني هلال بْن عامر، خرجوا إلى البلاد حين خلَّى بنو [4] عُبيد بينهم وبين الطّريق إلى المغرب، فعاثوا فِي القيروان عَيْثًا شديدا وجب خرابها إلى اليوم، ودوَّخوا مملكة بني زيرك بْن مَنَاد، وهذا كان بعد موت المُعِزّ بْن باديس، فانتقل ابنه تميم إلى المهديَّة، وسار هؤلاء العربان حَتَّى نزلوا على المنصور الحماديّ، فصالحهم على أن يجعل لهم نصف غلَّة البلاد، فأقاموا على ذلك إلى أن

[1] سيعيد المؤلف هذه الحكاية في ترجمة أحمد بن قسيّ الآتية برقم (374) .

[2]

المعجب 314، 315.

[3]

هكذا في الأصل. ولم يذكر اسم المنشد.

[4]

في الأصل: «بني» .

ص: 262

حاربوا عَبْد المؤمن فِي سنة ثمانٍ وأربعين، فتحزَّبوا عليه، وهم بنو هلال، وبنو الأثجّ، وبنو عَدِيّ وبنو رَبَاح، وغيرهم من القبائل، وقالوا: لو جاورنا عَبْد المؤمن أجلانا وتحالفوا عليه. فبذل لهم رُجار الفرنجيّ ملك صَقَلّية نجدة بخمسة آلاف مقاتل، فقالوا: لا نستعين إلّا بمسلم. وساروا فِي عددٍ عظيم، وسار جيش عَبْد المؤمن فِي ثلاثين ألفا، عليهم عبد الله بن عمر الهنتانيّ.

فالتقوا، وانهزمت العرب، وأخذت البربر جميع متاعهم ونسائهم وأطفالهم، وأتوا بها عَبْد المؤمن، فقسّم المتاع والمال، وصان الحريم وأحسن إليهم، وكاتب العرب واستمالهم، وحلف لهم، فأتوا مَرّاكُش، فخلع عليهم، وبالَغَ فِي إكرامهم.

ثُمَّ استخدمهم عَبْد المؤمن، وأنزلهم بنواحي إشبيلية وشريش، فهم باقون إلى وقتنا.

قال: وعبور عَبْد المؤمن إلى الأندلس فِي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. وكان قد كتب إلى أمراء هؤلاء العربان رسالة فيها أبياتٌ قالها هُوَ وهي:

أَقيموا إلى العَلْيَاءِ هَوْجَ الرَّوَاحِلِ

وَقُودُوا إلى الهيجاءِ جُرْدَ الصَّوَاهِلِ

وقوموا لِنَصْرِ الدِّينِ قومَةَ ثَائِرٍ

وشُدُّوا على الأعداء شَدَّة صَائِلِ

فما العِزُّ إلّا ظَهْرَ أجْرَدَ سابحٍ

وأبيضُ مأثورٌ وليسَ بسائل [1]

بني العمّ من عليا هلال ابن عامرٍ

وما جَمَعْتَ من باسلٍ وابن باسِلِ

تعالَوْا فقد شُدَّتْ إلى [الغزْو نيَّة][2]

عواقِبُها منصورةٌ بالأوائِلِ

هِيَ الغزوةُ الغَرّاءُ والموعدُ الَّذِي

تَنَجَّزَ من بعد المَدَى المتطاوِلِ

بها نفتحُ الدُّنيا بها نبلُغُ المُنَى

بها نُنْصِفُ التّحقيقَ من كلّ باطل

[1] في (المعجب 329) جعل هذا البيت بيتين:

فما العزّ إلّا ظهر أجود سابح

يفوت الصبا في شدّه المتواصل

وأبيض مأثور كأنّ فرنده

على الماء منسوج، وليس بسائل

[2]

في الأصل بياض، والمستدرك من: المعجب، وسير أعلام النبلاء.

ص: 263

فلا تَتَوَانَوْا فالبِدارُ غنيمةٌ

وللمُدْلِجِ السّاري صَفَاءُ المناهِلِ [1]

قال عَبْد الواحد بْن عليّ المُرَاكُشيّ: أَخْبَرَني غير واحدٍ ممّن أرضى [2] نقله، أنّ عَبْد المؤمن لمّا نزل مدينة سَلا، وهي على البحر المحيط، ينصبّ إليها نهر عظيم يصبُّ فِي البحر، عَبَر النَّهر، وضُرِبت له خيمة، وجعلت الجيوش تعبر قبيلة قبيلة، فخرَّ ساجدا، ثُمَّ رفع رأسه، وقد بلَّ الدَّمْعُ لحيَتَه، والتفَّ إليه الخواصّ وقال: أعرفُ ثلاثة وردوا هذه المدينة لا شيء لهم إلّا رغيفٌ واحدٌ، فراموا عبور هذا النّهر، فبذلوا الرّغيف لصاحب القارب على أن يُعدّي بهم، فقال: لا آخذه إلّا على اثنين خاصَّة. فقال له أحدهم، وكان شابّا، خُذ ثيابي، وأنا أعبر سباحة. ففعل ذلك. فكان كلّما أعيا من السّباحة دنا من القارب ووضع يده عليه ليستريح، فيضربه صاحبه بالمجذاف الَّذِي معه، فما عدّى إلّا بعد جَهْد.

قال: فما شكّ السّامعون أنّه هُوَ العابر سباحة، وأنّ الآخرين ابن تومرت، وعبد الواحد الشّرقيّ [3] .

ثُمَّ نزل عَبْد المؤمن مَرّاكُش، وأقبل على البناء والغِراس [4] ، وترتيب المملكة، وبسْط العدْل، وجعل ابنه عَبْد اللَّه الَّذِي على بجاية يشنّ الغارات على نواحي إفريقيَّة بعد القيروان، فحاصرها، وقطع أشجارها، وغَور مياهها، وبها يومئذٍ عَبْد اللَّه بْن خُرَاسَان نائب صاحبها لُوجار [5] بْن الدّوقة الروميّ، لعنه اللَّه، وهو صاحب صَقَلّية. فَلَمّا طال على ابن خُرَاسَان الحصارُ، أجمع رأيه على مناجزة المَصَامدة، فخرج، فالتقوا، فانهزم المصامدة، وَقُتِلَ منهم خلْق، وردّ ابن خُرَاسَان إلى البلد، فكتب عَبْد الله بن عبد المؤمن إلى أبيه

[1] الأبيات في المعجب 329، 330 وفيه زيادة ثلاثة أبيات أخرى قبل البيت الأخير.

[2]

في الأصل: «أرضا» .

[3]

المعجب 331.

[4]

وذكر القزويني إنه كان له بها بستان يعرف باسمه، طوله ثلاثة فراسخ، وكان ماؤه من الآبار فجلب إليها ماء من أعماق تسير تسقي بساتين لها. (آثار البلاد 112) .

[5]

في الكامل 11/ 185 «رجّار» .

ص: 264

يخبره. فَلَمّا كان فِي آخر سنة ثلاثٍ وخمسين تهيّأ عَبْد المؤمن لتونس، وسار حَتَّى نازلها، ثُمَّ افتتحها عَنْوةً، وفصل عَنْهَا إلى المهديَّة، وبها النّصارى أصحاب ابن الدُّوقة، وهي له، ولكنّ نائبة بها يحيى بْن حَسَن بْن تميم بْن المُعِزّ بْن باديس، فحاصرها عَبْد المؤمن أشدّ الحصار، لأنّها حصينة إلى الغاية.

بَلَغَني أنّ عرض سورها مَمَرَّ ستّة أفراس، وأكثرها فِي البحر، فكانت الأمداد تأتيها فِي البحر من صَقَلّية. فأقام يحاصرها سبعة أشهر، فنقل ابن الأثير [1] : نازَل عَبْد المؤمن المهديَّة، فكانت الفرنج تخرج شُجعانهم لقتال العسكر ويعودون، فأمر ببناء سورٍ من غربيّها، وأحاط أسطوله بالبحر، وركب عَبْد المؤمن فِي شيني، ومعه الْحَسَن بْن عليّ بْن باديس الَّذِي كان صاحبها، وأخذتها الفرنج منه من سنوات، فطاف بها فِي البحر، فهال عَبْد المؤمن ما رَأَى من حصانتها، وعرف أنّها لا تؤخذ بقتالٍ، وليس إلّا المطاولة، فأمر بجلْب الأقوات، وترك القتال، فلم يمض إلّا أيّام حَتَّى صار فِي العسكر كالجبلين من القمح والشّعير، وكان من يجيء من بعيدٍ يقول: مَتَى حدثت هذه الجبال؟ فيقال: إنّما هِيَ غلَّة. وتمادى الحصار. وفي مدّته أخذ بالأمان سفاقُس، وبلد طَرَابُلُس، وقصورَ إفريقيَّة، وافتتح قابس بالسّيف. وكانت عساكره تغير. وجاءت جيوش صاحب صَقَلَّية، لعنه اللَّه، فكانت مائتين وخمسين شِينيًّا، فنصر اللَّه عليهم أسطول عَبْد المؤمن.

قال عَبْد المؤمن: قال عَبْد الواحد: واشتدّ على جيشه الغلاء. بلغني عن غير واحدٍ أنهم اشتروا سبْع باقِلات بدِرهم مؤمنيّ، وهو نصف درهم

[2] ، ثُمَّ افتتحها بعد أن أمّن النّصارى على أن يلحقوا بصَقَلّية.

ثُمَّ جهّز إلى قابس من افتتحها، ثمّ افتتح طرابُلُس الغرب. وأرسل إلى تَوْزَر وبلاد الجريد، فافتُتحت كلّها، وأخرج الفرنج منها وألحقهم ببلادهم،

[1] في الكامل 11/ 241- 245 حوادث سنة 554 هـ.

[2]

في الأصل بياض.

ص: 265

وتطهَّرت افريقية من الكُفْر، وتمَّ له مَلْك المغرب من طرابُلُس إلى سوس الأقصى، وأكثر جزيرة الأندلس.

قال: وهذه مملكة لا أعلمها انتظمت لأحدٍ قبله منذ أيام مروان الحمار.

وقيل: إنّه بدا له أن يمرّ في هذا الوجه على قرية باجسرى، وبها وُلِدَ، ليزور قبر أمّه وَلْيصِلْ مَنْ هناك مِنْ ذوي رَحِمه، فَلَمّا أطلّ عليها والجيوشُ قد نُشِرت بين يديه، والرّايات قد خفقت على رأسه، أكثر من ثلاثمائة راية من بنود وأَلْوية، وهزَّت أكثر من مائتي طبل، وطبولهم فِي نهاية الكِبَر، وغاية الضّخامة، يُخَيَّل لسامعها إذا ضُرِبت أنّ الأرض من تحته تهتزّ، فخرج أهل القرية للقائه، فقالت عجوزٌ منهم: هكذا يعود الغريب إلى بلده، ورفعت صوتها [1] .

وفي سنة ثمانٍ وخمسين أمر النّاس بالجهاد لغزو الروم بالأندلس، واستنفر أهل مملكته ثُمَّ سار حَتَّى نزل مدينة سَلا، فمرض، ثُمَّ مات بها فِي السّابع والعشرين من جُمَادَى الآخرة. وكان قد جعل وليَّ عهده مُحَمَّد، ولَدَه الكبير، وكان لا يصلح، لإدمانه الخمور، وكَثْرة طَيْشه. وقيل كان به جُذَام.

فَلَمّا مات اضطرب مُحَمَّد هذا، وخلعوه بعد شهرٍ ونصف، وأجمعت الدّولة على تولية أحد أخَوَيه يُوسُف أو عمر، فأباها عُمَر، فبايعوا أَبَا يَعْقُوب يُوسُف، فبقي فِي الخلافة اثنتين وعشرين سنة.

وخَلَّف عَبْد المؤمن ستّة عَشْر ابنا، وهم: مُحَمَّد المخلوع، وعليّ، وعمر، ويوسف، وعثمان، وسليمان، ويحيى، وإسماعيل، والحَسَن، والحسين، وعبد الله، وعبد الرَّحْمَن، وعيسى، وموسى، وإبراهيم، ويعقوب [2] .

[1] المعجب 339، 340.

[2]

المعجب 289.

ص: 266

قال صاحب «الجمع والبيان» : وقفت على كتاب كتبه عَنْهُ بعض كُتّابه، يقول بعد البَسْملة: من الخليفة المعصوم الرضيّ الزَّكيّ، الَّذِي وردت البشائر به من النَّبيّ العربيّ، القامع لكلّ مُجَسِّم غَوِيّ، النّاصر لدين اللَّه الكبير العليّ، أمير المؤمنين الوليّ، عَبْد المؤمن بْن عليّ [1] .

281-

عليّ بن أحمد [2] .

أبو الحسن ابن الدّلاء الدّمشقيّ.

روى عَنْ نصر الدّمشقيّ مجلسا، سمعه منه أبو القَاسِم بْن عساكر [3]، وقال: تُوُفّي فِي شعبان، وله ثلاثٌ وثمانون سنة [4] .

[1] وقال أبو الخير معاذ بن علي بن يونس بن المنصور الفقيه المغربي الصنهاجي: حدّثني غير واحد ممن أدرك عبد المؤمن أمير المغرب، قال: كان عبد المؤمن رجلا، عالما، ورعا، فقيها. وكان لا يخلو مجلسه من العلماء بكل فن من فنون العلم، ومتى خاضوا فنّا خاض معهم فيه كأحدهم، فاتفق أن حضر مجلسه خلق كثير من العلماء والفقهاء والشعراء، فجرت مسألة فسكتوا لاستماع كلامه فقال لهم: لم لا تتكلّمون؟ فابتدر أحدهم فقال: لا علم لنا إلّا ما علّمتنا. فسمع بعض من كان حاضرا، فكتب في الحال رقعة لطيفة، فيها:

يا ذا الّذي قهر العباد بسيفه

ماذا يصدّك أن تكون إلها؟

أنطق بها فيما ابتدعت، فإنه

لم يبق شيء لم تقله سواها

ثم ألقاها في غمار المجلس، من غير أن يعلم أحد. فلمّا قاموا لمحها عبد المؤمن فدعا بها واعتقد أنها لمظلوم أو طالب حاجة، فلما قرأها أمر بكل من يعرف بقول الشعر أن يحبس، فحبس جماعة كثيرة، فلما رأى ذلك قائلها، لم ير أن يؤخذ بها غيره ممن ليس له ذنب، فطالع عبد المؤمن بذلك. فدعاه، فلما وقف بين يديه قال له: ما الّذي دعاك إلى هذه؟

فأعلمه أنه فعله غير مرة غيرة على دينه، ولم يرض ما خوطب به من قول القائل: لا علم لنا إلا ما علّمتنا، إذ هذا خطاب الملائكة للَّه- جلّ وعلا- فقال: يا شيخ مثلك من نبّه على حسن ونهى عن مكروه. ووصله وصلة حسنة، ولم يهجه بما خاطبه به من قوله: انطق بها فيما ابتدعت، ولا أنكره عليه. (تاريخ إربل 1/ 250) .

[2]

انظر عن (علي بن أحمد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 176 رقم 57.

[3]

وهو قال: كان يجيد اللعب بالشطرنج، ويحاضر الأمراء لأجله، ثم صلحت طريقته قبل موته.

[4]

سئل ابن الدلاء عن مولده فقال: في سنة خمس وسبعين وأربعمائة.

ص: 267