الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
323 - ابن أبي الضياف (1217 - 1291 هـ)(1804 - 1874 م)
أحمد بن أبي الضياف بن عمر بن أحمد العوني أصله من قبيلة أولاد عون بسليانة، المولود بتونس العاصمة، الفقيه الأديب السياسي المؤرخ.
تلقى تعليمه الابتدائي بزاوية ابن ملوكة خارج باب الفرجاني على شيخه محمد بن صالح بن ملوكة وبعد اجتيازه بسرعة مرحلة التعليم الابتدائي دخل جامع الزيتونة، كما تابع دروسه بجامع صاحب الطابع، ومن شيوخه إبراهيم الرياحي، وأحمد الأبي، ومحمد بن الخوجة، وإسماعيل التميمي، ومحمد بيرم الثالث، ومحمد بن ملوكة، ومحمد البحري بن عبد الستار، وعبد الرحمن الكامل، وغيرهم.
وكان يميل إلى الأدب منذ عهد الطلب يجتمع في أوقات الفراغ مع بعض زملائه لدراسة الكتب الأدبية. ولما استكمل تحصيله تولى خطة العدالة (التوثيق) وله من العمر نحو 18 ثماني عشرة سنة في غرة شوال /1237 جوان 1822، ثم التحق بديوان الإنشاء على عهد حسين باي الثاني في أوائل شوال /1242 أواخر أفريل 1827 على كره من والده، ابتدأ مهمته كاتبا للوزير شاكير صاحب الطابع، وفي نهاية عهد المشير أحمد باي أصبح كاهية باش كاتب.
وفي عهد حسين باي سرت اشاعة أن الدولة العثمانية تريد احتلال تونس من أجل تعاونها مع فرنسا ضد الجزائر فهاج الباي ورأى هو والحاشية المحيطة به إرسال وفد إلى استانبول لتبرير الموقف، فوقع تكليف صاحب الترجمة بهذه المهمة، ومعه رسالة خاصة إلى وزير الحرب ورسالة إلى قائد
الأسطول ومعه رجل ذو خطة عسكرية هو مصطفى البلهوان التركي باش حانبة الترك مصحوبا بمكاتيب في استئذان السلطنة العثمانية لإنشاء العسكر النظامي، ودامت اقامته باستانبول خمسة أشهر، ورجع بعد نجاح مهمته إلى تونس في جمادي الأولى سنة /1247 أكتوبر 1332.
وفي عهد المشير الأول أحمد باشا باي كلفه بمهمة سياسية في استانبول بصحبة الشيخ المسن خير الدين كاهية دار الباشا، وعول الباي في نجاح المهمة على المترجم فاستهول هذا الموقف فأعطاه شيخه إبراهيم الرياحي مكتوبا إلى شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت في توصيته بإعانته في نجاح مهمته، وسافر إلى تركيا للقيام بهذه المهمة في 8 محرم 1252/ 11 مارس 1842.
وفي 16 ذي العقدة 1262/ 6 نوفمبر 1846 سافر إلى فرنسا بصحبة المشير الأول أحمد باشا باي، وقد وصف في تاريخه هذه الرحلة وصفا دقيقا وسجل انطباعاته تسجيلا أمينا.
وعند تولي أحمد باي (10 رجب 1253/ 10 أكتوبر 1837) جعل المترجم كاتب سره (ومن ذلك الحين لازمه هذا اللقب) وعهد إليه بتحرير المكاتيب الهامة، وضمه إلى تلك البطانة من الشبان الذين اصطفاهم وكان يعتمدهم أكثر من «شيوخ الدولة» .
ولما صدر قانون عهد الأمان (القانون الدستوري) في دولة المشير الثاني محمد باشا باي في 20 محرم 1274/ 9 سبتمبر 1857 صدر قرار من الباي في اجتماع بعض رجال الشريعة والوزراء ومنهم المترجم بدار الباي بالقصبة يومي الأربعاء والخميس للتحاور في شرح فصول عهد الأمان. وفي عهد المشير الثالث محمد الصادق باي استمرت المداولات حول قانون عهد الأمان لاستنباط القوانين الملائمة لأصوله كالقانون الجنائي، وصدر مكتوب من الباي في مخاطبة الأفراد الموكول إليهم هذه المهمة ومنهم المترجم إذ ورد فيه ما يخصه:«وكاتب سرنا أمير اللواء الشيخ سي أحمد بن أبي الضياف» .
وفي سنة 1277/ 1860 سماه الباي من أعضاء المجلس الأكبر، وهو أحد المجالس المنبثقة عن قانون عهد الأمان، ويبدو أنه منذ الأشهر الأخيرة من سنة 1281/ 1864 أبعد عن السلطة أسوة بغيره من كبار المتوظفين وحيكت له الدسائس حتى صار فاقد الحظوة، وبعد سنة 1284/ 1867 لم يعد له أي نشاط ظاهر ورأى نقصا كثيرا في موارده.
وعند ما سمي خير الدين رئيسا للجنة المالية (الكومسيون) في جمادي الأولى 1286/ 16 سبتمبر 1869 ثم وزيرا مباشرا في جانفي 1870 ساعده على الخروج من هذه الوضعية الانعزالية فسمي عضوا في اللجنة المكلفة بمحاسبة الجنرال الوزير أحمد زروق عما وقع لأهل الساحل على يده وما استخلصه منهم من الأموال بمختلف العناوين.
وفي جمادي الأولى /1287 جويلية - أوت 1870 سمي المستشار الأول بالقسم الثالث من الوزارة الكبرى، وهذا القسم له صلاحيات قانونية تتصل بالأحوال الشخصية، ويبدو أنه أنشئ لأجله لأنه بعد استقالته أدمج في القسم الثاني.
كان يلقب بكاتب سر الدولة وبعد وفاته زال هذا اللقب من وظائف الدولة الحسينية، ولم يتول وظيفة باش كاتب بالرغم من كفاءته وأقدميته، ولحقته المضايقات من الوزير الأكبر مصطفى خزنة دار لأنه كان من أنصار خير الدين، وفي خاتمة المطاف تفضل عليه محمد الصادق باي بلقب وزير تغطية لما لحقه من غبن واسترضاء له حرصا على ابقائه في الخدمة ولبث مستمرا على مباشرة الخدمة إلى أن تقدمت به السن وأقعده العجز فاستعفى فأعفي في ذي القعدة /1288 جانفي - فيفري 1872، ولم تعطل جرايته بسعي من صديقه الوزير خير الدين إذ سعى له لدى الأمير محمد الصادق باي في مرتب عمري رعيا لما له من سوالف الخدمات، واشترى منه خير الدين كتبه التي ألحقها بالمكتبة الصادقية (العبدلية) وفي هذه الفترة لازم بيته وتفرغ لتأليف تاريخه.