الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
339 - ابن عاشور (1296 - 1394 هـ) 1879 - 1973 م)
محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، الإمام الضليع في العلوم الشرعية واللغوية والأدبية والتاريخية. جده للأب تقدمت ترجمته، وجده للأم هو الوزير الأكبر الشيخ محمد العزيز بوعتور.
تعلم في الكتاب حتى اتقن حفظ القرآن، ثم تعلم ما تيسر من اللغة الفرنسية، والتحق بجامع الزيتونة في سنة 1310 - 1892 ووقع تكليف العلامة الشيخ عمر بن الشيخ لترتيب دروسه وتعيين مشايخه الأولين فكان أول اسم ذكره من أسماء الشيوخ الذين انتخبهم له اسم الشيخ صالح الشريف، وقرأ بجامع الزيتونة على جماعة من أعلامه منهم إبراهيم المارغني، وسالم بو حاجب، وعمر بن الشيخ، ومحمد النجار، ومحمد بن يوسف، ومحمد النخلي إلى أن أحرز شهادة التطويع سنة 1317/ 1896، وشارك في مناظرة التدريس من الرتبة الثانية، وكان موضوع الدرس في بيع الخيار واجتازها بنجاح سنة 1320/ 1899، وخطة التدريس، التي أحرز عنها منحلة عن المرحوم حسين بن حسين (المتوفي سنة 1323/ 1902). وبعد نحو أربع سنوات شارك في مناظرة التدريس من الرتبة الأولى فنجح فيها سنة 1324/ 1903، وفي سنة 1321/ 1900 أضيف إليه التدريس بالمدرسة الصادقية. وفي سنة 1325/ 1904 سمي نائبا عن الدولة لدى نظارة جامع الزيتونة فابتدأ أعماله بإدخال نظم مهمة على التعليم بحسب ما سمح به الحال، وحرر لائحة في إصلاح التعليم وعرضها على الحكومة فوقع تنفيذ شيء منها وأبقي الكثير منها في انتظار فرصة أخرى. وسعى في أحياء بعض العلوم العربية التي كانت مقتصرة على النحو والبلاغة فأكثر من دروس
الصرف في مراحل التعليم الثلاث، ومن دروس أدب اللغة ودرس بنفسه شرح ديوان الحماسة الذي أبدى فيه ضلاعة في اللغة والنقد وسمو الذوق وحاز به شهرة.
وفي سنة 1329/ 1908 سمي عضوا في لجنة تنقيح برامج التعليم، وكتب تقريرا عن حالة التعليم فكان الاعتماد على لائحته المشار إليها قبل قليل، وقدم لائحة في إيجاد تعليم ابتدائي إسلامي منظم في المدن الخمس القيروان، وسوسة، وصفاقس، وتوزر، وقفصة، وفي نفس السنة سمي عضوا بالمجلس المختلط العقاري.
وفي سنة 1331/ 1913 سمي قاضيا مالكيا للجماعة، وبموجب ذلك دخل في هيئة النظارة العلمية المديرة لشئون جامع الزيتونة، وفي سنة 1341/ 1923 عاد إلى التدريس بجامع الزيتونة والمدرسة الصادقية. وفي نفس السنة سمي نائبا عن الشيخ باش مفتي، وفوض إليه مباشرة وظائفه الشرعية والعلمية.
وفي سنة 1345/ 1927 أسندت إليه خطة باش منت.
وفي جمادى الأولى سنة 1351/ 1932 سمي شيخ الإسلام المالكي وهو أول من تولى هاته الخطة وشيخا لجامع الزيتونة وفروعه ثم اقتصر على وظيفة شيخ الإسلام وفي ربيع الأول /1364 نوفمبر 1944 سمي شيخا لجامع الزيتونة وفروعه، واعتزل هذا المنصب خلال سنة 1951، ولما جاء الاستقلال سمي عميدا للجامعة الزيتونة في أفريل 1956.
وفي المرتين اللتين تولى فيهما مشيخة جامع الزيتونة أدخل إصلاحات مهمة على نظام التعليم، وفي المرة الثانية أدخل في الدراسة مواد جديدة كالفيزياء والكيمياء والجبر، وانتدب لتدريسها أساتذة مختصين، ومثل هذه الإصلاحات لاقت ازورارا ومقاومة من عبّاد القديم الذين لا يروق لهم الخروج عن المألوف، وقاموا بمختلف الوسائل منها الكيد والدسّ لدى الباي كلما سنحت الفرصة، وكان بعض البسطاء ينقادون لوشاياتهم المغرضة
فقد سمعت مرة من معلم وهو زيتوني قديم أن الشيخ ابن عاشور ألغى من برنامج الدراسة الكتب ذات البركة ودهشت من هذا الكلام فبركة الكتب في حسن أسلوبها الموصل للمعلومات بأيسر الطرق لا في قدمها وتعقد أسلوبها وصعوبة أخذ ما فيها فمثل هذه الكتب تجاوزتها الأحداث هي وبركتها الخيالية الموهومة.
وكان جم النشاط غزير الإنتاج تزينه أخلاق رضية وتواضع فلم يكن على سعة اطلاعه وغزارة معارفه مغرورا كشأن بعض الادعياء ممن لم يبلغ مستواه. وألقى المحاضرات القيمة التي كان البعض منها مرجعا للباحثين في الجمعية الخلدونية وجمعية قدماء الصادقية.
قال زميله وصديقه العلامة المرحوم الشيخ محمد الخضر حسين «وللأستاذ فصاحة منطق وبراعة بيان ويضيف إلى غزارة العلم وقوة النظر صفاء الذوق وسعة الاطلاع في آداب اللغة» إلى أن قال وبالإجمال ليس أعجابي بوضاءة أخلاقه وسماحة آدابه بأقل من إعجابي بعبقريته في العلم».
قام برحلات إلى المشرق لأداء فريضة الحج وإلى أوروبا واستانبول حيث شارك في مؤتمر المستشرقين سنة 1951.
وهو أول من أحرز على الجائزة التقديرية للرئيس الحبيب بورقيبة سنة 1968.
قال عن نفسه: «ولا آنس برفقة ولا حديث أنسي بمسامرة الاساتيذ والاخوان في دقائق العلم ورقائق الأدب، ولا حبب إلي شيء ما حببت إلي الخلوة إلى كتاب والقرطاس متنكبا كل ما يجري من مشاغل تكاليف الحياة الخاصة ولا أعباء الامانات العامة التي حملتها فاحتملتها في القضاء وإدارة التعليم حالت بيني وبين أنسي في دروس تضيء منها بروق البحث الذكي والفهم الصائب بيني وبين أبنائي الذين ما كانوا إلا قرة عين وعدة فخر، ومنهم اليوم علماء بارزون، أو في مطالعة تحارير أخلص فيها نجيا إلى الماضي من العلماء والأدباء الذين خلفوا لنا آثارهم الجليلة ميادين