الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
231 - ابن أبي ستة (1022 - 1088 هـ)(1614 - 1678)
محمد بن عمرو بن محمد بن أبي ستة القصيبي (نسبة إلى حومة القصيبيين من جهة قلالة بجربة) الجربي، من أعلام الأباضية وأئمتهم، والمعروف بالمحشي لأن أغلب مؤلفاته حواش على الكتب وهو مشهور بهذا اللقب إلى اليوم بجربة، والكثير من الناس لا يعرف اسمه الحقيقي، وإنما هو معروف بلقب المحشي خصوصا في جهتي قلالة وسدويكش، وأسرة أبي ستة من الاسر المعروفة بجربة اشتهر منها عدد غير قليل من العلماء.
بدأ المترجم تعلمه بجربة فأخذ عن كثير من مشايخها وعمدته هو الشيخ عبد الله بن سعيد السدويكشي ثم رحل إلى القاهرة وجاور بالازهر مدة ثمان وعشرين سنة بين متعلم ومدرس، وبعد استكمال تحصيله انتصب للتدريس، والتف حوله عدد وافر من الطلاب وتعلقوا به أشد التعلق، وتخرج عليه عدد كثير من العلماء المصريين حتى اشتهر بينهم بلقب البدر، وكان ذكاؤه الوقاد واطلاعه الواسع سببا في تزاحم الطلبة على حلقات دروسه وكانت رحلته إلى مصر سنة 1040/ 1631.
وكان بالقاهرة مقر يأوى إليه الطلبة الاباضيون، وهو المعروف بوكالة الجاموس قرب جامع ابن طولون وهو يشتمل على مساكن للطلبة ومخازن تكرى للتجار يكون دخلها لفائدة الفقراء من الطلبة، وأهم ما كان يشتمل عليه هذا المركز المكتبة النفيسة الزاخرة بالمخطوطات النادرة، وكان المترجم يهتم اهتماما كبيرا بهذه المكتبة، ويوجه الطلبة إلى الاستفادة منها زيادة على الدروس الخاصة التي كان يلقيها عليهم خصوصا فيما يتعلق بالمذهب الاباضي الذي لا يجدون له مكانا بين الدروس الرسمية بالازهر وبقيت
وكالة الجاموس تلعب دورا هاما في توجيه الطلبة الاباضية بالقاهرة مدة قرون متوالية، وتوقف نشاطها منذ ثلاثة عقود ونصف من السنين وشملها تهديم بعض الاحياء العتيقة في القاهرة.
وبعد هذه المدة الطويلة من الاغتراب رجع إلى مسقط رأسه سنة 1068/ 1659 واحتفل أهل الجزيرة بقدومه فكان عند حسن ظنهم فخصص وقتا للاتصال بالجماهير واعظا ومرشدا وآمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، ولما رجع إلى الجزيرة أدرك شيخه عبد الله السدويكشي في آخر عمره ولما توفي اسندت إليه رئاسة حلقة العزابة والتدريس في نفس الوقت وأبدى نشاطا كبيرا أكثر ممن سبقه إذ كانت له مجالس علمية مختلفة، وأهم هذه المجالس هو المجلس العمومي الذي كان ينعقد بجامع بني لاكين (جامع تلاكين اليوم) الذي يحضره أغلب فقهاء الجزيرة وطلبتها، وكان يصلي هناك الظهر ويبدأ الدرس بعد اداء صلاة الظهر إلى صلاة العصر، وبعدها يجلس للحكم بين الناس وله مكان معلوم بالمسجد إلى اليوم يحكم فيه بين الناس به مقصورة يوقف ببابها الممتنع عن اداء الحق لا يطلق سراحه ويخرج من المقصورة حتى يذعن.
وله مجلس علمي آخر بمسجده المشهور بأبي ستة بسدويكش وبمسجد القصيبيين بقلالة.
توفي بجربة وضريحه ما زال معروفا بحومة درسغيتن قرب سدويكش ورثاه جماعة من الشعراء منهم تلميذه الاديب المؤرخ علي بن بيان بقصيدة طويلة مطلعها:
إلى الله أشكو لوعتي وشجوني
وكان علماء الجزيرة يقيمون كل سنة حفلة بجامع المحشي تسمى خلاعة المحشي تدوم ثلاثة أيام يحضرها العلماء ونخبة من الطلبة وعدد من الوجهاء وفيها يقع ختم القرآن الكريم ترحما على روحه وتلقى بعض المحاضرات وكانت فرصة للطلبة النابهين المتحمسين للحديث إلى الجمهور،