الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
247 - ابن سلامة (
…
- 1266 هـ) ( .... 1850 م)
محمد بن محمد الطيب ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ علي بن سلامة الطرابلسي الأصل، ومن أسرة فقهاء فوالده كان عدلا موثقا، وجده درّس على ما يبدو، الفقيه، الشاعر المؤرخ.
اعتنى بتربيته جده الفقيه الشيخ أحمد وشارك في تكوينه.
طلب العلم بجامع الزيتونة فأخذ عن المشايخ: ابراهيم الرياحي، وأحمد الآبي، والشاذلي بن صالح، ومحمد الشاذلي المؤدب ولازمه، ومحمد البحري بن عبد الستار، ومحمد بيرم الثالث، ومحمد بن ملوكة، ومحمد المنّاعي، وغيرهم.
وبعد تحصيله تصدر للتدريس مدة، ثم تخلى عنه ومارس خطة الاشهاد «فاختص بالقاضي الشيخ محمد البحري بن عبد الستار، فتخرج في علم الوثيقة بطول ممارسة كتب الاحكام وتسجيل المرافعات، وكان من خواص سماره وتلامذته. وقد كان الشيخ البحري أول من جمع المتفقهين من الطلبة وغيرهم للنظر معه ليلا في النوازل المنشورة على بساط المرافعة من قضاة الحاضرة لتحرير النصوص المنطبقة عليها، فكان صاحب الترجمة في زمرتهم، ولما ضرب الدهر ضرباته تولى خطة قضاء الجماعة جرى في ذلك السبيل، فألّب المتخرجين من فقهاء الطلبة والعدول وربما ضم إليهم بعض المفتين والمدرسين لتحرير النصوص الفقهية بتتبع دواوين المذهب، كل واحد يتكفل بمطالعة ديوان منها، ويخلص زبدة ما مخضوه من المسألة،
ويتحفهم بلذيذ المأكولات وروائق المشروبات، وسلك ذلك حتى في تآليفه كحاشية التاودي على التحفة، وغيرها وغيرها من رسائله (1).
تولى مشيخة المدرسة المستنصرية وفترة التردد بين الخطط المختلفة للبحث عن خطة رابجة كانت في ظروف صعبة ترجع إلى عهد الباي حسين الثاني المتوفي في 1251/ 1835، وفي عهد خلفه مصطفى باي تحسنت وضعيته شيئا ما، ولمعت شهرته سريعا في عهد المشير الأول أحمد باشا باي الذي تولى في 10 رجب 1253/ 10 أكتوبر 1837، فتولى قضاء المحلة في العشر الأخيرة من رمضان /1253 نوفمبر ديسمبر 1837 عوضا عن الشيخ محمد الخضار الذي سمي مفتيا (2) وتولى قضاء باردو بعد وفاة شيخه قاضي الجماعة محمد البحري بن عبد الستار (3) المتوفي في 21 ربيع الأول 1254، 14 جوان 1836 حيث يستطيع التلاقي مع الأمير أحمد باشا باي المشير الأول الذي كان مستشاره ومحل ثقته قبل أن يتولى الامارة. وفي آخر شعبان /1255 أول أفريل 1839 سمي قاضي الجماعة بتونس، وفي غرة محرم 1261/ 10 جانفي 1845 تولى كاهية باش مفتي نقله الأمير إليها وتخطى بها المفتين قبله.
وكانت له صلة متينة بالمشير الأول أحمد باشا باي وبوزيره مصطفى خزنه دار، وهو الذي نبه الأمير لازالة امتيازات خاصة برجال المذهب الحنفي نشأت منذ استيلاء الاتراك على تونس كاختصاص القاضي الحنفي بختم الحجج والأحكام، ومنها تقدم المجلس الحنفي بحيث يكون رئيس المفتين من المالكية خلفه ومنها تمييز الحنفية بجلوسهم على أسرة يمين الأمير، والمالكية يجلسون يساره بمقاعد بالأرض إظهارا للتمييز المبني على التعصب المذهبي فأبطل الأمير أحمد باشا جميع ذلك (4).
(1) عنوان الأريب 2/ 101.
(2)
اتحاف أهل الزمان 4/ 16، 18، 34.
(3)
اتحاف أهل الزمان 8/ 18.
(4)
عنوان الأريب 2/ 102.
ولما اجرى الأمير أحمد باشا لشيوخ المجلس المالكي مرتبا مع الجند النظامي كما لشيوخ المجلس الحنفي دفعا لما يتوهم من الايثار والتمييز بين جملة الشريعة وهداة الأمة، فكان ذلك في 20 ذي الحجة /1255 الأحد 24 فيفرى 1840 فاجتمع علماء المذهبين أمام محراب جامع الزيتونة بإذن أميري بين الظهرين وأرسل إليهم كاتب السر الشيخ أحمد بن أبي الضياف بمكتوبه في إعلامهم بذلك، وقرأ المكتوب عليهم أمام المحراب الشيخ ابراهيم الرياحي (1) فقال صاحب الترجمة مادحا للأمير على هذه المنحة:
نظمت القوم في سلك النظام
…
فثغر المالكية في ابتسام
واعززت الجماعة بانتساب
…
وليس العز في كسب الحطام
فسويت الورى في عدل قسم
…
نسخت بصلحه حيف الظلام
محال أن يظن الناس هذا
…
وكاد يكون من نوع الحرام
ولولا الله أرشد منك قلبا
…
لما لاقته حتى في المنام
ولكن الإله أراد خيرا
…
فأرشدك السبيل إلى القوام
فألفت القلوب بها جميعا
…
وواخيت البرية بالتمام
فأنت اليوم أعدل من رأينا
…
بك المبدا وخاتمة الختام
وكاتب الشيخ ابراهيم الرياحي الباي بما نصه (2):
جبرت بإحسان لمذهب مالك
…
قلوبا كواها الكسر يا خير مالك
وما جبرها نيل الحطام وإنما
…
بتنوير ليل من دجى الحيف حالك
تداركت تفريطا من الناس غفلة
…
وكم لك من رأي عزيز المدارك
فسويت ما بين الأفاضل رتبة
…
فهم من بساط العدل فوق أرائك
أتيت بمقياس عزيز تباشرت
…
بفرحته الأرواح من كل ناسك
يمينا لو النعمان قرّر عنده
…
لقرّبه عينا ولست بآفك
(1) اتحاف أهل الزمان 4/ 35، عنوان الأريب 2/ 103.
(2)
اتحاف أهل الزمان 8/ 78.