الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم تتجه الدولة السعودية إلى إنكار هذه البدع إلا بعد أن طهّرت نجد أولًا والحجاز ثانيًا من هذه البدع المتمثلة في القباب والأشجار وغيرها مما يتبرك بها الناس تقربًا إلى الله. ومن هنا نرى أن تهويل ما وقع في كربلاء لا يعدو كونه أسلوبًا من أساليب الدولة العثمانية في تنفير الناس من الدعوة الإصلاحية السلفية» (1) .
[ثانيا مسألة التكفير والتشدد والقتال وما يلحق بها]
[حقائق لا بد من ذكرها]
ثانياً: مسألة التكفير والتشدد والقتال وما يلحق بها. حقائق لا بد من ذكرها:
مسألة التكفير والتشدد والقتال من أهم وأخطر المسائل التي أثارها خصوم الدعوة من أهل البدع والأهواء والافتراق عليها، بل وبعض المحايدين وبعض المؤيدين البعيدين عن الساحة الداخلية للدعوة أو الذين لم تتهيأ لهم الفرصة الكافية للتعرف على حقيقة الدعوة منهجًا وواقعاً، أثاروا دعوى أن الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه يكفرون المسلمين ويستحلون قتالهم، وقد تفرع عن هذه الدعوى القول بأنهم خوارج ومتشددون ونحو ذلك.
والحق أن المتأمل لحال الدعوة يجد الحقائق التالية: 1 - أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلماء الدعوة وحكامها آل سعود الملتزمين بمنهج الدعوة كانوا على مذهب السلف في عدم استحلال دم المسلم وقتاله إلا بدليل شرعي، ولم يُعرف من منهجهم الخروج عن هذا الأصل في الجملة إلا حالات نادرة ليست على المنهج المتبع لديهم، وكانوا يصرحون بهذا الأصل الشرعي العظيم في كتبهم وخطبهم ويلتزمونه في منهجهم كما بينا وسنبين بعد.
2 -
أن خصومهم هم البادئون بالقتال بإعلان الحرب المسلحة وغير المسلحة على الدعوة ودولتها وأتباعها بل أعلنت قوى الشر استعمال القوة والقتال للشيخ وأتباعه قبل وصوله الدرعية، وقبل أن يكون لهم كيان حيث هدده سليمان بن محمد الحيدي في الأحساء (من بني خالد) وأنذر عثمان بن معمر - أمير العيينة - إن لم يتخذ موقفًا حازمًا
(1) الدولة السعودية الأولى والدولة العثمانية ص (352، 353) .
ضد الشيخ الإمام وكذلك فعل ابن شامس العنزي (1) .
ثم لما استقرت الدعوة في الدرعية بدأها بالحرب دهام بن دوَّاس أمير الرياض آنذاك.
3 -
أن الخصوم كانوا كثيرًا ما يغدرون بأتباع الدعوة من الدعاة القضاة والعلماء وطلاب العلم والمعلمين الذين كان يبعثهم الشيخ محمد والولاة والمشايخ - المؤيدين للدعوة - للقرى والبادية والأقاليم لتعليم الناس دينهم وإجراء الأحكام الشرعية بينهم، بل كثيرًا ما يعلنون العصيان على الحاكم الإمام محمد بن سعود، وينقضون البيعة والعهد، ويخرجون على الجماعة والإمام، وهذا ما يحرمه الإسلام، ويأمر بتأديب من يفعله.
4 -
وكان حكام الحجاز غالبًا يعلنون العداء لدعوة التوحيد وأتباعها وكانت عداوتهم متنوعة عقديةً وسياسية وإعلامية ثم عسكرية، وأحيانًا يقتلون بعض العلماء والدعاة بل والرسل الذين يبعثهم أهل الدعوة إليهم.
5 -
وكانوا يمنعونهم من حقوقهم المشروعة كإبلاغ الدعوة، وكأداء فريضة الحج، فقد منعوهم منه سنين طويلة ثم أذنوا فيه سنة (1197هـ) ، ثم الشريف غالب منعهم من الحج مرة أخرى منذ سنة (1203هـ) وما بعدها ثم غزا معتدياً، فقد بدأ الشريف غالب وغيره من حكام الحجاز الحرب على الدعوة وأتباعها قبل أن يبدؤوهم.
وأعلن الحرب المسلحة ضدهم، وقد اعترف خصوم الدعوة بذلك وذكره مؤرخوهم معتزين به (2) .
وعلى هذا فإنه عند التحقيق العلمي المتجرد يثبت قطعًا أن ما يقال عن الإمام وعلماء الدعوة وحكامها (آل سعود) وأتباعها حول التكفير واستحلال قتال المسلمين ودمائهم كلها مما لا يصح أو مما قد يكون له وجه شرعي معتبر قام عليه الدليل الشرعي، ذلك أن تكفير من يستحق التكفير شرعًا وسب من يستحق السب شرعًا ليس من التكفير والسب المذموم ولا القسوة، بل مما هو مطلوب شرعًا في الدين الإسلامي بشروطه وضوابطه التي يعرفها الراسخون في العلم.
(1) انظر: حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لخزعل ص (142) .
(2)
انظر: خلاصة الكلام لدحلان (228 - 229) .