الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول الإمام أبي حنيفة: وقال الإمام أبو حنيفة في تقرير عقيدته - عقيدة السلف - في الصفات: «لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى، ولا يقال: غضبه عقوبته ورضاه ثوابه، ونصفه كما وصف نفسه أحدٌ صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، وحيُّ قادر سميع عليم بصير عالم، يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس كوجوه خلقه» (1) .
وقال: «وله يد ووجه ونفس، كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس، فهو له صفات بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطال الصفة وهو قول أهل القدر والاعتزال» (2) وقال: «ولا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئًا تبارك الله وتعالى رب العالمين» (3) .
ولما سئل عن النزول الإلهي، قال:«ينزل بلا كيف» (4) .
[دفع فرية التجسيم عنهم]
دفع فرية التشبيه والتجسيم عنهم (5) .
لقد رمى خصوم الدعوة إمامها وأتباعها وأهل السنة جميعًا بفرية عظيمة وداهية كبرى هي وصفهم بأنهم في أسماء الله وصفاته (مجسمة) .
(1) الفقه الأبسط ص (56)، وانظر: اعتقاد أئمة السلف للدكتور محمد الخميس، ص (13) .
(2)
الفقه الأكبر ص (302)، وانظر: اعتقاد أئمة السلف للدكتور الخميس، ص (13) .
(3)
شرح العقيدة الطحاوية (2)، تحقيق الدكتور: عبد الله التركي، وجلاء العينين ص (368)، وانظر: اعتقاد أئمة السلف للدكتور: محمد الخميس، ص (13) .
(4)
عقيدة السلف أصحاب الحديث ص (42) ، ط دار السلفية، الأسماء والصفات للبيهقي ص (456) ، وشرح العقيدة الطحاوية ص (245) ، تخريج الألباني، وشرح الفقه الأكبر للقاري ص (60)، وانظر: اعتقاد أئمة السلف للدكتور: الخميس، ص (13) .
(5)
توسعت في دفع هذه الفرية لأنها لا تزال تثار على أهل السنة من قبل أهل الأهواء ويكثر فيها اللبس والتلبيس، وتستثار فيها عواطف العامة والجهلة ضد الدعوة وأتباعها.
ولكنّ النقول والنصوص السابقة تثبت أن الإمام محمد بن عبد الوهاب وسائر علماء الدعوة السلفية بريئون مما رماهم به خصومهم أهل البدع من أنهم مجسمة ومشبهة، والحق أنهم كانوا على سبيل المؤمنين، وهو منهج السلف الصالح أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته، كما هو كذلك في كل أصول الدين.
إن المنهج والأسلوب الذي سلكه المخالفون أهل الأهواء والبدع من خصوم السنة المعاصرين في اتهام الإمام محمد بن عبد الوهاب وغيره من علماء الدعوة السلفية وأتباعهم، هو نفسه المنهج والأسلوب الذي سلكه خصوم السلف الصالح أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع والافتراق في كل زمان.
ومنذ أن نشأت بدع الجهمية والمعتزلة وسائر أهل الكلام المعطلة والمؤولة، ومقالاتهم البدعية التي ينفون بها أسماء الله وصفاته ويؤولونها أو بعضها نشأت معها دعوى أن إثبات الأسماء والصفات لله تعالى أو بعضها نوع من التجسيم والتشبيه. ومن أجل ذلك سموا من يثبت أسماء الله وصفاته كما جاءت في القرآن وصحيح السنة، مجسمًا ومشبهًا ونحو ذلك.
ومن هنا فإن وصف أهل السنة والجماعة، السلف الصالح بأنهم مجسمة ومشبهة ظهر في أوائل القرن الثاني الهجري على لسان طلائع تلك الفرق الكلامية.
وقد أعلن الإمام محمد بن عبد الوهاب ما يرد هذه الفرية، بقوله السابق ذكره ومنه:«ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله – سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه؛ لأنه تعالى لا سمي له، ولا كفء له ولا ند له ولا يقاس بخلقه» (1) .
وساق الإمام مذهب السلف الصالح، أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته؛ على أنه اعتقاده، فكيف يرمونه ويرمون سائر سلف الأمة بالتجسيم؟! نعم لأن أهل البدع والأهواء يزعمون أن الإثبات الحق تجسيمٌ والمثبت عندهم مجسماً، والله حسبنا ونعم الوكيل.
(1) الدرر السنية (1 - 30) .
وقد أنكر الإمام محمد بن عبد الوهاب نفسه، هذه الشبهة وبين أن أهل الكلام والبدع يسمون طريقة الرسول والسلف الصالح في إثبات صفات الله تعالى تشبيهًا وتجسيماً، فيقول: «ومما يهون عليك مخالفة من خالف الحق، وإن كان من أعلم الناس وأذكاهم، وأعظمهم جاهاً، ولو اتبعه أكثر الناس، وما وقع في هذه الأمة من افتراقهم في أصول الدين، وصفات الله تعالى، وغالب من يدعي المعرفة، وما عليه المخالفون المتكلمون، وتسميتهم طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حشوًا وتشبيهًا وتجسيماً، مع أنك إذا طالعت في كتاب من كتب الكلام - مع كونه يزعم أن هذا واجب على كل أحد، وهو أصل - تجد الكتاب من أوله إلى آخره لا يستدل على مسألة منه بآية من كتاب الله، ولا حديث عن رسول الله، اللهم إلا أن يذكره ليحرفه عن مواضعه.
وهم معترفون أنهم لم يأخذوا أصولهم من الوحي، بل من عقولهم، معترفون أنهم مخالفون للسلف في ذلك» (1) .
وقال الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف، بعد أن ساق أقوال الإمام محمد وبعض علماء الدعوة: «وأخيرًا ندرك - من خلال النصوص السابقة - طريق النجاة الذي سلكه أئمة هذه الدعوة السلفية، تأسيًا واقتداء بالرعيل الأول، من وصف الله بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يتجاوزون القرآن والحديث في ذلك.
ونلاحظ أن مزاعم خصوم هذه الدعوة السلفية التي تكذب على إمام الدعوة الإصلاحية الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتبهته بأنه مجسِّم ومشبِّه في الصفات، نلاحظ أن من مبررات الخصوم في القذف بهذا البهتان هو أن الشيخ رحمه الله وكذا أتباعه من بعده كسائر السلف، يثبتون جميع الصفات التي وردت في الكتاب والسنة، ويمرونها - كما جاءت - على ظاهرها دون تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، ويفوضون العلم بالكيفية إلى الله – سبحانه وتعالى.
فجعل الخصوم هذا الإثبات مبررًا في رمي الشيخ بالتشبيه والتجسيم، لذا يأتي مع هذه الفرية غالبًا بيان لبعض الصفات التي يثبتها الشيخ لله عز وجل وهو كما تقدم لا يصف الله إلا بما وصف به نفسه في كتابه أو وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم. .. مثل صفة الاستواء والعلو والنزول ونحوها، ويسوق
(1) الدرر السنية (1
) .
الخصوم هذا الإثبات زعمًا منهم أنه تجسيم وتشبيه، ولا يكتفون بذلك بل يختلقون زيادة في الإفك والبهتان، فيزعمون أن الشيخ يثبت لله الجلوس والجنب واللسان، بل يكذبون عليه أشنع من قبل، ويبهتونه بأنه يقول إن الله جسم كالحيوان
…
تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا» (1) .
وقال: «وبهذا يتضح من مزاعم هؤلاء الخصوم - من أهل البدع - أنهم يلصقون فرية التشبيه والتجسيم بالإمام وأنصار دعوته، وبكافة السلف الصالح أهل السنة والجماعة، بحجة أنهم يأخذون بظواهر النصوص في آيات الصفات وأحاديثها.
وإذا انتقلنا إلى مقام الدحض والرد لفرية التجسيم والتشبيه، فإن من أبلغ الردود وأقواها ما أوردناه من النقول المتعددة (2) التي تصرح بإثبات الصفات لله – سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله وعظمته، إثباتًا بلا تمثيل ولا تكييف.
وقد أظهر علماء السنة الحجج الدامغة والبراهين الساطعة في دحض هذه الفرية الكاذبة الخاطئة» (3) .
فقال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في الرد على الذي زعم أن إثبات الصفات يلزم منه التجسيم: «قوله: وقد أردت أن تنزه ربك بما يلزم منه التجسيم كذب ظاهر؛ لأنا قد بينا أن ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله حق وصدق وصواب، ولازم الحق حق بلا ريب، ولا نسلم أن ذلك يلزم منه التجسيم، بل جميع أهل السنة المثبتة للصفات يتنازعون في ذلك، ويقولون لمن قال لهم ذلك لا يلزم منه التجسيم، كما لا يلزم من إثبات الذات لله تعالى، والحياة والإرادة والكلام تجسيم وتكييف عند المنازع، ومعلوم أن المخلوق له ذات ويوصف بالحياة والقدرة والإرادة والكلام، ومع هذا لا يلزم من إثبات ذلك لله تعالى إثبات للتجسيم والتكييف تعالى الله عن ذلك علوًا كبيراً.
ومعلوم أن هذه الصفات في حق المخلوق إما جواهر وإما أعراض، وأما في حقه تبارك وتعالى فلا يعلمها إلا هو بلا تفسير ولا تكييف» (4) .
(1) دعاوى المناوئين ص (125) ، بتصرف يسير.
(2)
انظر: دعاوى المناوئين (12 5 - 129) .
(3)
دعاوى المناوئين ص (129) ، بتصرف.
(4)
مجموعة الرسائل والمسائل، جواب أهل السنة في نقض كلام الشيعة والزيدية (4) .