المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المبحث الثاني منهج الملك عبد العزيز يرد الاتهامات والمزاعم] - إسلامية لا وهابية

[ناصر العقل]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[تمهيد]

- ‌[حال نجد قبل دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[المقصود بنجد]

- ‌[حال نجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين]

- ‌[حال نجد في عهد الدولة الأموية]

- ‌[حال نجد في عهد الدولة العباسية]

- ‌[حال نجد في عهد الأتراك]

- ‌[السمات العامة بنجد إبان ظهور الدعوة]

- ‌[حال العالم الإسلامي أثناء قيام الدعوة]

- ‌[ظهور دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[إمام الدعوة وأميرها الدعوة ودولتها]

- ‌[الإمام المجدد والدعوة]

- ‌[نشأته وشمائله]

- ‌[ركائز الدعوة]

- ‌[مميزات سيرة الإمام ودعوته]

- ‌[الأمير المؤسس والدولة]

- ‌[أسرته]

- ‌[صفاته وشمائله]

- ‌[مميزات سيرته ودولته]

- ‌[الفصل الأول في حقيقة الحركة الإصلاحية أو ما يسمى الوهابية وبواعثها ما ينفي المزاعم]

- ‌[المبحث الأول حقيقة الحركة الإصلاحية والدولة السعودية الأولى]

- ‌[هي الإسلام على منهج السلف الصالح]

- ‌[تسميتها بالوهابية وبيان الحق في ذلك]

- ‌[الوهابية وأحداث سبتمبر بأمريكا]

- ‌[حقيقة الدعوة كما شهد بها المنصفون]

- ‌[المبحث الثاني بواعث قيام الدعوة وأهدافها الكبرى]

- ‌[تحقيق التوحيد]

- ‌[تنقية مصادر التلقي]

- ‌[نشر السنن وإظهارها ونبذ البدع]

- ‌[القيام بواجبات الدين]

- ‌[تحكيم شرع الله]

- ‌[نشر العلم ومحاربة الجهل]

- ‌[تحقيق الجماعة ونبذ الفرقة]

- ‌[تحقيق الأمن والسلطان]

- ‌[رفع التخلف والبطالة]

- ‌[المبحث الثالث حال نجد وما حولها يقتضي ضرورة قيام الدعوة]

- ‌[المبحث الرابع التكامل في منهج الدعوة والدولة]

- ‌[الفصل الثاني في منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه في الدين ما يرد الاتهامات]

- ‌[المبحث الأول وقفة مع الاتهامات والمنهج]

- ‌[المبحث الثاني معالم المنهج عند الإمام وأتباعه وأنهم على منهج السلف الصالح]

- ‌[المبحث الثالث عرض نماذج عن منهجهم في الدين وسلوكهم طريق السلف الصالح وفيه]

- ‌[الأنموذج الأول بيان الإمام لعقيدته ورده على مفتريات الخصوم]

- ‌[الأنموذج الثاني بيان أئمة الدعوة وحكامها من بعده لعقيدتهم والتزامهم بنهج السلف]

- ‌[المبحث الرابع منهجهم في التلقي مصادر الدين ومنهج الاستدلال هو منهج أهل السنة]

- ‌[توقيرهم للعلماء واحترامهم لهم]

- ‌[المبحث الخامس منهجهم في العقيدة تفصيلًا واقتفاؤهم لعقيدة السلف الصالح]

- ‌[التزامهم منهج الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة]

- ‌[قولهم في الإيمان]

- ‌[عقيدتهم في أسماء الله تعالى وصفاته]

- ‌[دفع فرية التجسيم عنهم]

- ‌[عقيدتهم في القرآن]

- ‌[عقيدتهم في الملائكة والكتب والرسل]

- ‌[عقيدتهم في رسول الله وحقوقه وخصائصه]

- ‌[رد مفتريات الخصوم في أن الإمام وأتباعه ينتقصون من حق النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[دفع فرية التلويح بدعوى النبوة عن الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[عقيدتهم في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عقيدتهم في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عقيدتهم في الصحابة]

- ‌[عقيدتهم في الشفاعة عمومًا]

- ‌[عقيدتهم في اليوم الآخر والجنة والنار والرؤية]

- ‌[عقيدتهم في الرؤية]

- ‌[عقيدتهم في القدر]

- ‌[عقيدتهم في الأولياء وكراماتهم]

- ‌[عقيدتهم في أئمة المسلمين والسمع والطاعة]

- ‌[موقفهم من عموم المسلمين]

- ‌[عقيدتهم في مرتكبي الكبيرة]

- ‌[عقيدتهم في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[قولهم في الاجتهاد والتقليد]

- ‌[موقفهم من البدع وأهلها]

- ‌[الفصل الثالث أهم المزاعم والاتهامات التي أثارها الخصوم ضد الدعوة وإمامها]

- ‌[المبحث الأول تمهيد]

- ‌[حقيقة الصراع بين الدعوة وخصومها]

- ‌[عدم التكافؤ المادي بين الدعوة وخصومها]

- ‌[حقيقة المفتريات والاتهامات ضد الدعوة]

- ‌[المبحث الثاني أبرز المفتريات والتهم التي رميت بها الدعوة إجمالاً]

- ‌[وصفهم بالوهابية]

- ‌[رميهم بالتجسيم]

- ‌[بهتانهم بالتنقص من حق النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[اتهامهم بالتشدد]

- ‌[اتهامهم بالتكفير والقتال]

- ‌[دعوى معارضة علماء المسلمين لهم]

- ‌[دعوى مخالفة أكثرية المسلمين وأنهم مذهب خامس]

- ‌[دعوى تحريم التبرك والتوسل والشفاعة مطلقا]

- ‌[المبحث الثالث لماذا هذه المفتريات والاتهامات]

- ‌[الحسد والخوف على السلطان والمصالح]

- ‌[اختلاف المناهج والمشارب]

- ‌[كشف العوار]

- ‌[دعوة إلى الإنصاف والموضوعية]

- ‌[وقفة تأمل ومراجعة]

- ‌[المبحث الرابع نماذج من المفتريات والاتهامات]

- ‌[الأنموذج الأول والتعليق عليه]

- ‌[جواب الإمام وابنه عبد الله على هذه المفتريات ونحوها]

- ‌[الأنموذج الثاني والتعليق عليه]

- ‌[وقفة حول هذه المفتريات والاتهامات]

- ‌[المبحث الخامس القضايا الكبرى التي أثيرت حول الدعوة ومناقشتها]

- ‌[أولا قضية التوحيد والسنة والشرك والبدعة وما يتفرع عنها وفيها]

- ‌[أنها القضية الكبرى]

- ‌[جهود الإمام في بيان هذه الحقيقة ورد الاتهامات]

- ‌[سير أتباعه على هذا المنهاج]

- ‌[الشفاعة والتوسُل والتبرك ودعوى منعها]

- ‌[هدم القباب والأبنية على القبور والمشاهد والمزارات ودعوى بغض الأولياء]

- ‌[ثانيا مسألة التكفير والتشدد والقتال وما يلحق بها]

- ‌[حقائق لا بد من ذكرها]

- ‌[مسألة التشدد وحقيقتها]

- ‌[بطلان دعوى أن الدعوة الوهابية مصدر العنف]

- ‌[وقفة مع شبهة]

- ‌[موقف الإمام وأتباعه من دعوى التكفير وقتال المسلمين]

- ‌[التزام الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه لقواعد التكفير المعتبرة]

- ‌[دعوى إتلاف الكتب]

- ‌[رد دعوى أنهم يكفرون بالذنوب كشرب الدخان]

- ‌[رد دعوى أنهم يكفرون من لم يوافقهم]

- ‌[رد دعوى التشدد]

- ‌[مسألة القتال]

- ‌[المبحث السادس قضايا أخرى]

- ‌[دعوى أنهم خوارج وأن سيماهم التحليق]

- ‌[دعوى أن منشأ الدعوة نجد هي قرن الشيطان]

- ‌[لمزهم أنهم من بلاد مسيلمة الكذاب]

- ‌[فرية منع الحج ونهْب خزائن الحجرة النبوية وانتهاك حرمة المقدسات]

- ‌[دعوى التضييق على أهل الحرمين في أرزاقهم]

- ‌[دعوى أن دعوة الإمام مذهب خامس]

- ‌[دعوى الخروج على الخلافة]

- ‌[الفصل الرابع شهادات الناس للدعوة قديما وحديثا]

- ‌[المبحث الأول وقفة مع الشهادات]

- ‌[المبحث الثاني سرد لأسماء بعض الشهود من العلماء والمفكرين والباحثين العرب المسلمين وغير المسلمين]

- ‌[المبحث الثالث نماذج من شهادات المسلمين من العرب وغيرهم]

- ‌[المبحث الرابع نماذج من شهادات غير المسلمين]

- ‌[المبحث الخامس استطلاع آراء نخبة من طلاب العلم والخريجين من شتى بلاد العالم]

- ‌[الفصل الخامس في آثار الدعوة ما يرد على الخصوم]

- ‌[المبحث الأول كلمة حول آثار الدعوة الإصلاحية وثمارها إجمالا]

- ‌[المبحث الثاني أبرز الآثار المباركة والثمار الطيبة للدعوة تفصيلا]

- ‌[تحقيق العبودية لله تعالى وحده]

- ‌[نشر السنن ومحاربة البدع]

- ‌[التزام نهج السلف الصالح وإظهاره]

- ‌[تحرير مصادر الدين]

- ‌[تحرير منهج الاستدلال]

- ‌[نشر العلم ومحاربة الجهل]

- ‌[الإسهام في النهضة العلمية الحديثة]

- ‌[إظهار شعائر الدين والفضائل وحمايتها]

- ‌[إقامة دولة مسلمة ومجتمع مسلم]

- ‌[تحقيق الجماعة الشرعية والطاعة]

- ‌[تثبيت الأمن]

- ‌[تحرير العقول والقلوب والنفوس]

- ‌[تحكيم شرع الله حتى كان الدين كله لله]

- ‌[إقامة الحجة على الناس]

- ‌[إلغاء مظاهر الجاهلية وأعمالها]

- ‌[المبحث الثالث استعراض بعض النقول والشهادات عن آثار الدعوة]

- ‌[الفصل السادس المملكة العربية السعودية كيان قائم ينفي الاتهامات]

- ‌[المبحث الأول المملكة ودعوى الوهابية]

- ‌[المبحث الثاني منهج الملك عبد العزيز يرد الاتهامات والمزاعم]

- ‌[المبحث الثالث نظام المملكة إسلامي شامل لا يرتبط بمذهب]

- ‌[المبحث الرابع التزامات المملكة الدولية تنفي المزاعم]

- ‌[المبحث الخامس يعيبون أحكام الإسلام ثم ينسبونها للمملكة وللوهابية]

- ‌[المملكة والعمل بشرع الله وحدوده]

- ‌[قطع يد السارق]

- ‌[قتل المفسدين]

- ‌[قتل المرتد]

- ‌[منع دخول غير المسلمين إلى مكة والمدينة]

- ‌[قضايا المرأة وحقوقها في المملكة العربية السعودية]

- ‌[المبحث السادس المملكة تحارب الفساد في الأرض]

- ‌[المبحث السابع المملكة العربية السعودية وأحداث 11 سبتمبر في أمريكا]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[ملحق عن نتائج الاستبانة حول الدعوة]

الفصل: ‌[المبحث الثاني منهج الملك عبد العزيز يرد الاتهامات والمزاعم]

[المبحث الثاني منهج الملك عبد العزيز يرد الاتهامات والمزاعم]

المبحث الثاني

منهج الملك عبد العزيز يرد الاتهامات والمزاعم المنهج الذي رسمه الملك عبد العزيز مؤسس (المملكة العربية السعودية) يرد الاتهامات والمزاعم التي يثيرها المفترون حول المملكة.

فقد أكد الملك عبد العزيز أن المملكة دولة مسلمة تسير على وفق الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح، ونشر التوحيد والحق والخير والفضيلة.

وتفي بالتزاماتها الإسلامية والعربية والدولية (كما سيأتي بيانه) .

وتحترم العهود والمواثيق الدولية.

وتسهم في ما يحقق الأمن والسلام، والخير للإنسانية جمعاء.

وقد أعلن الملك عبد العزيز هذه المبادئ وأكدها مرات عديدة، وهنا أسوق أنموذجًا من خطاباته وتصريحاته في تأكيد هذا الأصل العظيم، إذ يقول:

بسم الله الرحمن الرحيم:

«الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وسيد الأولين والآخرين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

من عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود، إلى من يراه من إخواننا: الحجازيين، والنجديين، واليمانيين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

[التنويه بنعمة الإسلام وكماله]

وبعد: بارك الله فيكم، ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وجعلنا وإياكم من صالحي عباده وأوليائه، تفهمون: أن الله سبحانه منَّ علينا بنعمة الإسلام، وأكملها علينا، كما قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3][سورة المائدة، آية: 3] ومن أكبر نعمه علينا: إنزال كتابه العزيز، وإرسال نبيه الكريم.

[الدعوة إلى توحيد الله تعالى] : وخلاصة ذلك، وعمدة ما نزل في كتاب الله، وإرسال رسله الأولين، وخاتمهم سيد المرسلين، هي: الدعوة لعبادة الله وحده لا شريك له؛ وهي: مضمون لا إله إلا الله،

ص: 399

كما أن معناها: «لا إله» نفي «إلا الله» إثبات.

[لوازم شهادة أن لا إله إلا الله] :

وكل من قال لا إله إلا الله، عارفًا لمعناها، عاملًا بمقتضاها، مواليًا لجميع ما أمر الله به، معاديًا لما نهى عنه، من الأفعال والأقوال، فهو من أهل لا إله إلا الله (1) .

ومن قالها، ولم يعرف لمعناها، ولم يعمل بمقتضاها، ولا أحب ما احتوت عليه من الخير، وأبغض ونفى ما نهت عنه من الشر، من الأقوال والأفعال، فليس هو من أهل لا إله إلا الله، فهو كالأنعام، بل هو أضل.

وتعرفون بارك الله فيكم لو أنني أردت أن أتمادى فيما جاء في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من الآيات المحكمة، والأحاديث الصحيحة، فيما تثبت من الأعمال الطيبة، وتنكر من الأعمال السيئة، لطال الكلام.

[حقيقة اتباع ما أمر الله به وثمرته] :

والمقصد من ذلك: الفائدة، والاتباع لما أمر الله به، وهو قوله – سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41][سورة الحج، آية: 41] .

[الدين النصيحة معناها] :

وقوله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة» ، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» (2) وشرح ذلك مفهوم.

[معنى النصيحة لله تعالى] :

وهو أن النصح لله: أن تعبد الله وحده، وتبرأ من سواه، من قول وعمل، وتحب ما أمرك الله به، وتتجنب ما نهاك عنه؛ والنصح لكتاب الله: أن تعمل بمحكمه وتؤمن بمتشابهه.

(1) الدرر السنية (14) .

(2)

رواه مسلم (1) ، وأبو داود (4944) ، والنسائي (2) ، وأحمد (4) من حديث تميم الداري رضي الله عنه.

ص: 400

[معنى النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم] : والنصح لرسوله صلى الله عليه وسلم: أن تجزم أنه أفضل الأولين والآخرين، وأنه الصادق المصدوق، وأنه لا ينطق عن الهوى، وأنه المعصوم، وأنه من لا يحب الله وكتابه ورسوله، أحب من نفسه وماله وولده، فلا آمن بالله، ولا حكم ما جاء في كتاب الله.

[حكم من فرَّق بين القرآن وبين السنة] :

ومن فرق أو شك: أن ما جاء في كتاب الله، يخالف ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم أو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخالف كتاب الله، أو أوّل من كتاب الله وسنة رسوله، وكذب على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد كفر.

[حكم من أنكر النبوة والشفاعة] :

ومن أنكر شفاعته صلى الله عليه وسلم إذا أذن الله له، ولم يرج ذلك؛ أو قال: نؤمن بكتاب الله، ولا نؤمن بمحمد، فقد كفر.

[وجوب تدبر القرآن والسنة والعمل بهما] :

فإذا فهمنا ذلك، ووقر في قلوبنا، وصحت العقيدة بذلك، فيجب علينا: أن نفكر ونتدبر القرآن، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه مذهب السلف الصالح، ونعمل بما فيه، ونقوم بالواجب، وننكر ما أنكره الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أنكره السلف الصالح.

[الاعتراف بالخطأ فضيلة] :

هذا الذي حملني على هذه النصيحة، هو: ما رأيت في هذا الزمان وأهله، من الفساد، وما اقترفه من الذنوب، كبيرنا وصغيرنا، نستغفر الله ونتوب إليه، وما عليه الحالة اليوم.

[أقسام الناس ومواقفهم تجاه الحق] : فالناس في هذا الزمان قد انقسموا على أقسام شتى:

[1]

منهم العارف بالله، وبكتاب الله، والذين يعتقدون عقيدة السلف الصالح، قصَّروا في العمل، وتركوا النصيحة ولم يقوموا بالواجب.

[2]

وفريق عرف أن الله ربه، والإسلام دينه، ومحمدا صلى الله عليه وسلم نبيه ورسوله، لكنهم لم يعرفوا ما هو الواجب عليهم، في كونهم عرفوا الله وما حق ذلك، ولا عرفوا الإسلام وحقيقته، ولا عرفوا ما أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم وجاهد عليه.

ص: 401

[3]

وآخرون: اتخذوا أديانهم أهواءهم، واتبعوا كل ناعق، فمنهم الملحد - والعياذ بالله - ومنهم المتبع لهواه، ومبتدع للطرق والمضال، التي نهانا الله ورسوله عنها.

[4]

ومنهم من لم يعرف طريق الحق من الضلال، وتمسك بقوله: إنه مسلم؛ ولم يفرِّق بين حق وباطل.

[5]

ومنهم من أحدث له الشيطان من الخيالات والمفاسد ما أضله به وادعى أنها الحياة الجديدة، وأنها الحرية، وأنها المدنية، وعملها بنفسه وجد واجتهد في الدعوة إليها، والإنكار على من خالفها؛ ويقول: ينبغي أن نتقدم قدام ولا نرجع وراء؛ ومعناه في التقدم هو التمدن والحرية والتأخر هو اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومذهب السلف الصالح، والتعصب فيه.

[القيام بواجب النصيحة] :

فبهذه الحال: وجبت علي النصيحة أولًا لكافة المسلمين، وثانيًا لمن ولَاّنا الله – سبحانه وتعالى أمره، فصار من الواجب علينا أن ننصح أنفسنا، وننصح جميع المسلمين.

[الوصية بالكتاب والسنة والجماعة] :

بأن نرجع إلى كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونعتصم بحبل الله جميعًا، ولا نتفرق، فيأخذنا الشيطان إلى طرق الضلال.

[التحذير من بطر النعمة] :

وأن نحذر من قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53][سورة الأنفال، آية: 53]، ومعنى قوله تعالى:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16][سورة الإسراء، آية: 16] .

[التوبة من الذنوب] : فأما الذنوب والمعاصي، فنستغفر الله ونتوب إليه، فما عملنا من خير فهو من الله وبفضله وكرمه؛ ونقول: اللهم ما أصبح بنا من نعمة، أو بأحد من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك، وما عملنا من شر فمن أنفسنا والشيطان، ونستغفر الله ونتوب إليه.

والحمد لله الذي لما ابتلى عباده بالمعاصي، وابتلاهم بالامتحان وابتلاهم بكيد الشيطان: منَّ عليهم بالتوبة والاستغفار وذلك من فضله وكرمه.

ص: 402

[سبب ما حصل للمسلمين من الإعراض والفرقة] :

أما الحال السابقة في الناس، فهي من كيد الشيطان، ومن أسباب الذنوب، ومن التفرق في الدين ومقاومته بالطرق والضلالات، التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإلا الطريقة واحدة، والمحجة واضحة وهي: ما جاء في معنى لا إله إلا الله المحتوية على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومذهب السلف الصالح.

[الإقرار بمذاهب أهل السنة الأربعة] :

مع أننا لا ننكر ولا نعترض على المذاهب الأربعة، التي أئمتها أئمة حق، ولم يقصدوا إلا الحق، ولا ينطقوا إلا بما يرونه حقًا، وبما ظهر لهم أنه الحق، وإلا فالزلل لم يعصم منه إلا محمد صلى الله عليه وسلم.

مع أننا ننكر أن تكون المذاهب الأربعة مللًا، أو أن يعتقد أحد في الأئمة ومن تبعهم اجتهادًا غير موافق لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بتضليل أو مخالفة للحق.

[الموقف من الشعارات] :

وهذا غير ما ظهر في هذا الزمان من المدعين بالتجدد، وعلى أنهم شبيبة يقومون بواجب بلادهم وشعبهم، ويجب عليهم التقدم والتمدن والحرية، على غير مفهوم هذه الكلمات.

[بيان حقيقة الشعارات وخطرها على شباب الأمة] :

فهذه النزعة: التي تقود هذه الشبيبة إلى الضلال، هي نزعة شيطان وصدمة للدين وللعرب، ولجميع من تمسك بالسمت ومكارم الأخلاق؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يقول:«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (1) .

فما من أمر فيه خير وحفظ للسمت والشرف، سواء أتى من عربي أو عجمي، ولا يخالف الكتاب والسنة: إلا وقد جاء فيما أمر به صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه، وزاد عليه بتعليم الخير، كما عمل ذلك مع بعض الوفود الذين وفدوا عليه، وسألهم عن بعض ما هم عليه، وزادهم عليه.

(1) رواه البخاري في الأدب المفرد (273) ، وابن سعد (1) ، والحاكم (2) ، وأحمد (2) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (45) .

ص: 403

والآن: فأي مسلم يعرف الإسلام، وينتسب وينسب إليه، ويقر ما أقره هؤلاء الغواة، من لزوم الرجوع عن الدين، وإبداله بما رأوه موافقًا للشهوات الدنيئة، التي لا يقرها دين ولا مذهب، ولا تقرها أصحاب مكارم الأخلاق في الجاهلية، ولا صلحاء أي ملَّة تعرف الشرف والعقل، فهو ضال عن طريق الصواب.

[رفض دعوى التمدن الزائفة] :

وغير خاف أنه صار في آخر الزمان دعوة للتمدن، وهي - بلا شك - رقصة من رقصات الشيطان، وذلك قوله:«إنني مسلم» بلا عمل ولا اعتقاد، مع اتباع أقوال الملحدين وأهل الفساد، وارتكاب المحرمات في الأقوال والأفعال، مبررًا عمله في ذلك، بأنه: من أعمال البلاد المتمدِّنة.

[عبادة غير الله هي أقبح الأعمال] : أما الأمر الذي لا يوجد تحت أديم السماء أقبح منه في العقيدة، وفي الوقت نفسه مخالف لكل عقل سليم، وفكر مستقيم، ونقل قويم؛ هو: كون الرجل يدعو ويعبد، أو يرجو ويخاف غير الله الجبار المتكبر رب العباد، القادر على الأولين والآخرين، من المتجبرين أو المتكبرين الذي جعل الجنة رحمة، ووفق لها كل صاحب خير وسعادة؛ والنار عدله ونقمته، وساق لها أهل الشر والنكد والضلالة.

[زيف دعاوى تحرير المرأة] :

وأقبح من ذلك في الأخلاق: ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء، بدعوى تهذيبهن، وترقيتهن، وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية، من تدبير المنزل، وتربية الطفل، وتوجيه الناشئة - التي هي فلذة أكبادهن، وأمل المستقبل - إلى ما فيه حب الدين والوطن، ومكارم الأخلاق.

[وظيفة المرأة الحقيقية] :

ونسين واجباتهن الخلقية، من حب العائلة التي عليها قوام الأمم، وإبدال ذلك بالتبرج والخلاعة، ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل؛ وادعاء: أن ذلك من عمل التقدم والتمدن، فلا والله ليس هذا التمدن في شرعنا، وعرفنا وعادتنا.

ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان أو إسلام، أو مروءة، أن

ص: 404

يرى زوجته أو أحدًا من عائلته أو المنتسبين للخير في هذا الموقف المخزي، هذه طريق شائكة تدفع بالأمة إلى هوة الدمار.

ولا يقبل السير عليها إلا رجل خارج من دينه، خارج من عقله، خارج من عربيته؛ فالعائلة هي الركن الركين في بناء الأمم، وهي الحصن الحصين الذي يجب على كل ذي شمم أن يدافع عنها.

[حفظ الإسلام لحقوق المرأة] :

إننا لا نريد من كلامنا هذا التعسف، والتجبر من أمر الناس، فالدين الإسلامي قد شرع لهن حقوقًا يتمتعن بها لا توجد حتى الآن في قوانين أرقى الأمم المتمدِّنة.

وإذا اتبعنا تعاليمه كما يجب فلا تجد في تقاليدنا الإسلامية وشرعنا السامي ما يؤخذ علينا، ولا يمنع من تقدمنا في مضمار الحياة والرقي، إذا وجهنا المرأة في وظائفها الأساسية، وهذا ما يعترف به كثير من الأوروبيين، من أرباب الحصافة والإنصاف.

[أثر انفلات المرأة على الأمم الأخرى] :

ولقد اجتمعنا بكثير من هؤلاء الأجانب، واجتمع بهم كثير ممن نثق بهم من المسلمين، وسمعناهم يشكون مرَّ الشكوى من تفكك الأخلاق، وتصدع ركن العائلة في بلادهم، من جراء المفاسد.

[اعتراف عقلاء الأمم بالحقيقة] :

وهم يقدِّرون لنا تمسكنا بديننا وتقاليدنا، وما جاء به نبينا من التعاليم العالية، التي تقود البشرية إلى طريق الهدى، وساحل السلام، ويودُّون من صميم أفئدتهم لو يمكنهم إصلاح حالتهم هذه، التي يتشاءمون منها، وتنذر ملكهم بالخراب والدمار، والحروب الجائرة.

وهؤلاء نوابغ كتُّابهم ومفكِّريهم، قد علموا حقَّ العلم هذه الهوة الساحقة التي أمامهم، المنقادون لها بحكم الحالة الراهنة، وهم لا يفتئون في تنبيه شعوبهم، بالكتب والنشرات، والجرائد، على عدم الاندفاع في هذه الطريق التي يعتقدونها سبب الدمار، وسبب الخراب.

[الإنكار على مدَّعي الرقي] : إنني لأعجب أكبر العجب ممن يدعي النور والعلم، وحب الرقي من هذه الشبيبة، التي ترى بأعينها، وتلمس بأيديها ما نوهنا به من الخطر الخلقي الحائق بغيرنا من الأمم، ثم لا ترعوي عن ذلك، وتتبارى في طغيانها، وتستمر في عمل كل أمر يخالف

ص: 405

تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية العربية، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيفي، الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة وهدى لنا، ولسائر البشر.

فالواجب: على كل مسلم وعربي فخور بدينه، معتز بعربيته أن لا يخالف مبادئه الدينية وما أمره الله تعالى بالقيام به لتدبير المعاد والمعاش، والعمل على كل ما فيه الخير لبلاده ووطنه.

[بيان حقيقة التمدن والرقي] :

فالرقي الحقيقي هو: بصدق العزيمة والعمل الصحيح، والسير على الأخلاق الكريمة، والانصراف عن الرذيلة، وكل ما من شأنه أن يمس الدين، والسمت العربي والمروءة، وليس بالتقليد الأعمى، وأن يتبع طرائق آبائه وأجداده، الذين أتوا بأعاظم الأمور، باتباعهم أوامر الشريعة التي تحت عبادة الله وحده، وإخلاص النية في العمل.

وأن يعرف حق المعرفة معنى ربه ومعنى الإسلام وعظمته، ومعنى ما جاء به نبينا ذلك البطل الكريم العظيم صلى الله عليه وسلم من التعاليم القيمة التي تسعد الإنسان في الدارين؛ وتعلمه: أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن يقوم أود عائلته، ويصلح من شأنها، ويتذوق ثمرة عمله الشريف؛ فإذا عمل هذا فقد قام بواجبه وخدم وطنه وبلاده.

[عزم الملك عبد العزيز على القيام بحق الدين والأمة] :

إني أرى من واجبي بصفتي مسلمًا، وبحسب عربيتي، وإخلاصي لأبناء قومي أن أقوم بهذه النصائح لمن ولاني المولى أمرهم، مقتديًا في عملي هذا بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي أرجو أن أكون تبعًا له في أقوالي وأعمالي، وفي محياي ومماتي، صابرًا على ما تقوله الناس، من الانتقادات، غير مبال لها، ولا وجل منها، كما قيل:

إذا كان الذي بيني وبين الله عامر

فعسى الذي بيني وبين الناس خراب

وذلك: لأجل إعلاء كلمة الله، ونصرة دينه، وإسعاد من ولاني المولى أمرهم، راجيًا أن نكون ممن قال فيهم صلوات الله وسلامه عليه:«لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، إلى أن يأتي أمر الله تبارك وتعالى، وهم على ذلك» (1) .

(1) رواه البخاري (3640)(3641) ، ومسلم (1920) .

ص: 406

وإني على ثقة تامة: بأن يرى كل صاحب إنصاف، أن واجبي يدعوني لأن أوجِّه هذه النصائح لشعبي المحبوب، ولكل مسلم.

[الأصول التي يلتزمها الملك عبد العزيز] :

[1]

لأني مسلم، محافظ على إسلاميته.

[2]

عربي غيور على عربيته.

[3]

متبع لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

[4]

مقتد بمذهب السلف الصالح، رضوان الله عليهم.

[5]

حريص على كل ما في تقاليدنا العربية، من مكارم الأخلاق.

[6]

آمر بما أمر به الإسلام، ناهٍ عما نهى عنه الإسلام.

[7]

غير منتصر لآبائي وأجدادي، أو لنعرة جاهلية، أو لمذهب من المذاهب غير الكتاب والسنة.

[8]

وإني بحول الله وقوته: سأثابر على هذه الدعوة المباركة، وأرجو المولى أن ينفع بها، فما كان فيها من الصواب فمن الله، وما كان من الخطأ فمن نفسي ومن الشيطان، وأستغفر الله من ذلك.

[9]

كما أنني أعاهد الله: بأنني سأقوم - إن شاء الله - بما أوجبه الله وأن أسعى بإلزام من أطاعني بما جاء في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأساعد على ذلك.

[10]

كما أني سأمنع كل من يخالف كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومذهب السلف الصالح، بيدي وقلبي ولساني، على قدر الاستطاعة.

وأسأل الله التوفيق والعناية والتيسير لي ولإخواني المسلمين، عامتهم وخاصتهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم، سنة 1356هـ» (1) .

إن النهج الذي سلكه الملك عبد العزيز في تأسيس هذه الدولة المباركة والذي هو امتداد لدعوة الإسلام على مدى التاريخ عامة، ولدعوة الإسلام التي قام بها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ونصرها الإمام المؤسس محمد بن سعود وأبناؤه وأحفاده، ونهجته الدولة السعودية في كل مراحلها.

(1) الدرر السنية (14 - 408) .

ص: 407

إن هذا النهج كان ولا يزال هو الحل العملي والواقعي لمشكلات الأمة الإسلامية وأخطرها البدع، والتفرق، والجهل، والتخلف، والتبعية والذلة.

لقد استطاعت المملكة بتوفيق الله ثم بجهود مؤسسها الملك عبد العزيز وأبنائه وعلماء البلاد وأبنائها المخلصين أن تتجاوز هذه المشكلات، بالتمسك بالدين، والاعتصام بحبل الله الكتاب والسنة) وإظهار شعائر الدين.

وكل المنصفين يعترفون بهذه الحقيقة، يقول الأستاذ محمد جلال كشك:

«عبد العزيز وحده، بدا ظاهرة مخالفة لقوانين التاريخ. . وحده كان يطرح الحل الإسلامي، وينتصر. . وحده كان يرفع شعارات اعتقد البعض أنها أصبحت في ذمة التاريخ، وفقدت مفعولها، فإذا بها في معسكر عبد العزيز تفعل الأعاجيب، وتثبت أنها وحدها التي استطاعت أن تحقق إنجازًا هو الذي بقي، بينما تلاشت أوهام وأحلام الذين تخلوا عن الإسلام في مطلع القرن العشرين بأمل النجاة من الاسترقاق الأوروبي، أو تحقيق التقدم المادي.

تحت راية عبد العزيز التي تحمل شعار التوحيد الإسلامي رأى الناس جيشًا، إن لم يكن جيش الصحابة، فهو يحاول جهده أن يعيد سيرتهم، وينتصر! بينما الهزيمة على كل الجبهات. ها هو زعيم استطاع هو وقومه أن يغيروا ما بأنفسهم، فغير الله ما بهم وسلطهم على من لا يخشون الله. . . وهذا يعني أن «الحل الإسلامي» ممكن، بل وفعال. . وقد أشار حافظ وهبة في رسالته التي بعث بها إلى عبد العزيز، إلى الآمال التي أطلقها سلطان نجد في صدور المسلمين:«كم يكون سروري وسرور قومي إذا سمعنا أن الإمام ابن سعود نهض نهضة جديدة بالإسلام وبالعرب فأرجعهم إلى سابق مجدهم. إن العالم الإسلامي يحتاج إلى زعيم مصلح، يرشده إلى نهج الحق، وإن المسلمين الأحرار، وإن كانوا قلة اليوم فسيكونون قوة غدًا. لقد خاب أمل المسلمين في الأتراك، كما خاب أملهم في شريف مكة، فلعل المسلمين يجدون في عظمتكم ما يحقق أملهم» (1) .

وكيف لا يحرك عبد العزيز أشجان المسلمين، ويثير آمالهم، وهم يسمعون الأساطير عن سلوك جنده وقضاته، ويسمعونه يتحدث متجهًا إلى مكة بعد «الفتح» فيقول: «إني مسافر إلى مكة، لا للتسلط عليها، بل لرفع المظالم والمغارم التي أرهقت كاهل العباد، إني

(1) السعوديون والحل الإسلامي (28، 29) .

ص: 408