الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الرابع شهادات الناس للدعوة قديما وحديثا]
[المبحث الأول وقفة مع الشهادات]
الفصل الرابع
شهادات الناس للدعوة قديما وحديثا
المبحث الأول
وقفة مع الشهادات إن من أقوى الوسائل لفصل النزاع بين المختلفين بعد التحاكم إلى الأصول الشرعية، والبراهين العقلية، شهادات الآخرين، وقد شهد لهذه الدعوة المباركة، وإمامها وعلمائها ودولتها وأتباعها، كثيرون من أهل العلم والفكر والفضل والإنصاف، من العلماء والأدباء والمفكرين والساسة والدعاة وغيرهم من المؤيدين والمعارضين والمحايدين، من المسلمين وغير المسلمين، ومن كل بلاد العالم، ومنذ نشأة الدعوة إلى يومنا هذا.
وكل الذين شهدوا لهذه الدعوة وإمامها وعلمائها ودولتها وأتباعها كانوا يستندون في شهادتهم لها إلى البراهين والدلائل القاطعة، التي لا يمكن أن يتجاوزها المنصف إلا معترفا بها، ولا ينكرها إلا مكابر، وهذه الدلائل بحمد الله شرعية وعلمية وواقعية، وأول هذه الدلائل واقع الحال الذي عليه هذه الدعوة ودعاتها وعلماؤها وحكامها ودولتها وأتباعها في العقيدة والأحكام، والسلوك والتعامل.
فإن فيما قاله أهلها وكتبوه وفعلوه، وفي آثار هذه الدعوة الدينية والدنيوية، العلمية والعملية، في العقيدة والنظام والسياسة، وسائر مناحي الحياة ومناشطها، ما يشهد بالحق، ويدحض الشبهات والمزاعم والتخرصات والاتهامات، علما بأن الدعوة ودولتها لا تملك من وسائل الدعاية والإغراء المادي ما يملكه خصومها، كالأتراك وأشراف مكة والبلاد المجاورة وغير المجاورة.
نعم إن سائر الذين شهدوا لهذه الدعوة قد برهنوا على ما ذهبوا إليه بالحجة والبرهان، بعيدا عن العصبية والهوى والتعسف، وبعيدا عن المؤثرات أيا كان نوعها، ولو اقتصرنا في الدفاع عن الدعوة على أقوال المحايدين وكثير من الخصوم في إنصافها والدفاع عنها، لكان ذلك كافيا في تقرير الحق ودفع الباطل، وفي بيان الحقيقة ورد الشبهات، وإقناع من كان قصده الحق والتجرد من الهوى.
أما من كان دافعه الهوى والحسد أو العصبية أو المذهبية أو نحو ذلك من الدوافع الصارفة
عن الحق فلا حيلة فيه، كما قال الله تعالى في هذه الأصناف وأمثالهم من أسلافهم:{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ - فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 4 - 5][سورة الأنعام، الآيات: 4، 5] .
فإذا كانت أحوال الدعوة وأقوالها ومؤلفاتها ومواقفها وشهادات عقلاء الناس تشهد لها، فهل بعد هذا البيان من بيان؟ ومن يضلل الله فلا هادي له من بعده، والله حسبنا ونعم الوكيل.
وإنه لمن المفيد بهذا الصدد التأكيد على أن الشهادات التي شهد بها كثيرون لهذه الدعوة المباركة كانت صادقة وطواعية، ونابعة من الضمير، فلم تكن نتيجة إغراءات ولا تطلعات، ولا تضليل إعلامي ولا دعاية، ولا ضغط سياسي، ولا إرجاف ولا تهديد ووعيد (لا رغبة ولا رهبة) ؛ لأن أتباع الدعوة ورجالها لم يكونوا يملكون شيئا من ذلك إلا الحجة والبرهان (الدليل الشرعي والعقلي) لكل من ألقى السمع وهو شهيد، ولذلك جاءت شهادة المنصفين مفعمة بالصدق والشفافية والحماس البريء، وخالية من أساليب المجاملات وأي من أشكال التكلف أو دوافع الرغبة أو الرهبة.
والمتأمل للتزكيات والشهادات والأحكام والانطباعات الكثيرة في حق الإمام محمد بن عبد الوهاب وعلماء الدعوة ودولتها وأتباعها يجد منها ما هو شامل، ومنها ما هو جزئي، لكنها كلها تتفق على أن الدعوة ليست كما رماها الجاهلون، وبهتها الخصوم.
ونتائج التزكيات والشهادات التي شهد بها الناس من المحايدين والمنصفين من المسلمين وغير المسلمين تتلخص بما يلي:
1 -
لقد شهدوا أن هذه الدعوة المباركة تمثل الإسلام الحق، فقد جددت السنة كما جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وسلف الأمة، وحاربت البدع بكل صورها وأشكالها ومظاهرها، وهذه الحقيقة هي أكثر الحقائق وضوحا أمام الشهود، وأكثرها تنويها.
2 -
وشهدوا أنها جاءت بالعلاج الناجع لأدواء الأمة الإسلامية اليوم في العقيدة والعبادات والمعاملات علاجا شاملا، وأكثر الذين شهدوا بهذه الحقيقة كانوا يستندون إلى الواقع الذي تعيشه في مجتمعها ودولتها، لا سيما من البلاد التي تشملها الدولة السعودية المعاصرة، التي تميزت بحمد الله بصفاء العقيدة وظهور شعائر الدين، واختفاء البدع ومظاهرها.
3 -
أنها تميزت بالأصالة والنقاء، حيث تمثل الإسلام في شموله، والسنة في صفائها، كما تميزت بإظهار خصائص الدين الإسلامي من التوحيد والشمولية والعدل ونحو ذلك.
4 -
وشهدوا أنها حققت الغايات التي جاء بها الإسلام، من تعبيد الناس لله وحده لا شريك له، وطاعة الله، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإقامة فرائض الدين، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتطبيق الحدود، وتحكيم الشريعة الإسلامية في كل شئون الحياة، وابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة.
5 -
وشهدوا أنها رفعت المظالم والمكوس والضرائب التي تثقل كواهل الناس، وسعت إلى تحقيق العدل بالتحاكم إلى شرع الله، وتطبيق نظام القضاء بمقتضى الشريعة الإلهية.
6 -
وشهدوا أنها حررت العقول والنفوس من التعلق بغير الله، من التعلق بالبدع والأوهام، والدجل والشعوذة ونحو ذلك.
7 -
وشهدوا أنها هي الرائد الأول في أسباب النهضة العلمية والفكرية والأدبية الحديثة في جزيرة العرب وما حولها، وسائر البلاد العربية والإسلامية.
8 -
وشهدوا أنها الرائد الأول لحركات الإصلاح والتحرير الحديثة في العالم الإسلامي، وأنها تمثل الأنموذج الصحيح في الدعوة في العصر الحديث، إذ تواترت الشهادات بأن هذه الدعوة المباركة قد تميزت عن الحركات الإصلاحية والدعوات المعاصرة بأنها مثلت الدين الحق، ومنهج الدعوة السليم من حيث الشمولية، مع التركيز على الأهم، وترتيب الأولويات، وإصلاح العقائد والقلوب، وتحرير العقول، وإصلاح الأفراد والمجتمعات، وتخليص الأمة من البدع والأهواء والفرقة والإعراض والتقليد والعصبية، والتزام منهج السلف الصالح في الدعوة ووسائلها وأهدافها وغاياتها.
9 -
كما شهد كثير منهم بأن هذه الدعوة بأصولها ومناهجها وتجاربها هي المؤهلة بأن تنهض بالأمة الإسلامية اليوم، وتعيدها إلى سابق مجدها، وتجمع شملها على الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح.