الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[موقف الإمام وأتباعه من دعوى التكفير وقتال المسلمين]
موقف الإمام وأتباعه من دعوى التكفير وقتال المسلمين: ذكرتُ أن من أعظم المفتريات والشبهات التي أثيرت حول الإمام ودعوته وأتباعه ودولة التوحيد (الدولة السعودية) وأخطرها ما يتعلق بالتكفير والقتال (وهي في الأهمية والخطورة تلي قضية التوحيد) .
والحق أن الإمام وعلماء الدعوة وأتباعهم أولوا هذه المزاعم ما تستحقها من الأهمية مستقلة أو من خلال حديثهم عن التوحيد وما ينافيه وهو الشرك، وما ينقصه من البدع والمحدثات؛ لأن ذلك مظنة التكفير.
وقد بسطت هذه الأمور في بواعث قيام الدعوة ومواضع أخرى كثيرة من هذا البحث.
ولا شك أن هذا المنهج - وهو منهج الأنبياء والسلف الصالح - صادم بقوة الواقع الذي يعيشه كثيرون لا سيما أصحاب بدع القبور والقباب والمشاهد والمزارات، والطرق الصوفية والسماعات البدعية وغيرهم من أصناف المبتدعة، ومن في حكمهم من أصحاب المصالح والفئات التي تعيش على هذا الواقع الأليم وهي فئات كثيرة ومصالح كبيرة: سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها.
وكان الدفاع والمقاومة بالحق من حماة الدعوة وأتباعها من القوة والضخامة بقدر هذا الهجوم العنيف والظالم.
ولا شك أن الكلام في تصحيح العقائد وتحقيق المصالح العظمى - وإن كان بالحق والدليل - يثير ردود أفعال سريعة وقوية وطائشة.
وهذا قد استوجب من كل من الطرفين الحكم على الآخر، فكان القتال من خصوم الدعوة وكان الدفاع من حملتها وأتباعها، والقتال لا يدفع إلا بالقتال، والبادئ هو الظالم.
وفي قضية التكفير والقتال اشتباه ولبس كبير، ولذلك استغلها الخصوم ضد الدعوة ولا يزالون.
وهذا اللبس والاشتباه جعل بعض المؤيدين للدعوة البعيدين عن ساحتها قد يتحفظون أو يأخذون على الدعوة وأهلها أنهم متشددون.
كما فعل محمد صديق خان حين اتهمهم بإراقة الدماء. والعجيب أنه ذكر أن مصدره في هذه المعلومة كتب العلماء المسيحيين (1) ! كما تأثر بهذه الشبهات كل من الشوكاني، ومحمد بن ناصر الحازمي - وذلك على سبيل الاستدراك - في معرض ثناء كل منهما على الدعوة وإمامها (2) .
والمتتبع لمواقف الناس تجاه الدعوة وإمامها يجد أن هذه المسألة ظاهرة ومتميزة؛ أعني: أن كثيرين من الذين يوافقون الإمام وأتباعه على أهمية بيان التوحيد والدعوة إليه، وكشف الشرك ومظاهره والتحذير من البدع، وسد الذرائع المفضية إلى هذه الشركيات والبدع. كثيرون من الذين وافقوه على هذه الأصول العظيمة خالفوه في قضيتي: التكفير والقتال (3) . فمن الذي مع الحق والدليل؟ لما احتدم الخلاف بين الدعوة وخصومها في هذه القضية الخطيرة، كان الدليل والبرهان والحجة الشرعية الواضحة وكلام السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة مع أئمة الدعوة، ولم يكن عند خصومهم أهل البدع والأهواء إلا التأويلات والهوى والظنون والقيل والقال واتباع ما تشابه من الأدلة، والأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات والحكايات والمنامات. كما قال الله عنهم:{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7][سورة آل عمران، آية: 7] .
وكُتب الفريقين ورسائلهم ومناظرتهم وردودهم منشورة ومشهورة وعلى من يطلب الحق النظر في حجج هؤلاء وحجج هؤلاء وليحكم بالعدل.
فما يقال عن الإمام وعلماء الدعوة وأتباعها حول التكفير واستحلال قتال المسلمين ودمائهم ونحو ذلك من الاتهامات، كلها مما لا يصح، أو مما له وجه شرعي معتبر قام عليه الدليل الشرعي.
أما تكفير من يستحق التكفير وسب من يستحق السب شرعًا فليس من التكفير والقسوة، بل هو مشروع عند مقتضاه، وكثيرون من أهل الأهواء والبدع والجهلة بأحكام
(1) انظر: دعاوى المناوئين (158 - 160) .
(2)
انظر: دعاوى المناوئين (158- 160) .
(3)
انظر: دعاوى المناوئين (158 - 160) .