الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحياة، ولم يقل أحد إن تشريع عقوبة الإعدام في حق هؤلاء المفسدين الذين يهربون المخدرات مصادم لحريتهم، إذ كانوا قد تجاوزوا في حرياتهم حتى سطوا على حريات الآخرين.
[منع دخول غير المسلمين إلى مكة والمدينة]
منع دخول غير المسلمين إلى مكة والمدينة، ومنع إحداث معابد لغير المسلمين في جزيرة العرب: وهذا كسابقه حكم شرعي تقتضيه التعاليم الدينية، ولم تشرعه الدولة السعودية ولا ما يسمونه المذهب (الوهابي) فقد نصت الآيات القرآنية والسنة النبوية على هذه الخصوصية.
أما عن منع غير المسلمين دخول مكة والمدينة: فإن الإسلام يحرم على غير المسلمين دخول مكة وكذلك دخول المدينة، ويعلل ذلك بأن هذا ليس نظامًا مدنيًا شرعه المسلمون، أو الحاكم، بل هو تشريع رباني لا خيار للمسلمين فيه.
فما تختص به جزيرة العرب عامة والحرمين خاصة في الإسلام من أحكام شرعية إلهيَّة جعلتها تتميز بها عن غيرها، حتى إن المسلم نفسه إذا ارتكب في مكة إثمًا فإنه يضاعف عليه العذاب لحرمة المكان، بل إن المسلم يحرم عليه أن يصيد فيها الصيد أو يقتلع منها النبات البري، وعليه: فإن منع غير المسلم من دخول مكة والمدينة حكم من أحكام كثيرة شرعت في الإسلام لخصوصية المكان، بعضها خاص بمكة وبعضها بالمدينة، وبعضها بهما معًا، وبعضها يعم جزيرة العرب، وهي أحكام باقية ولازمة إلى قيام الساعة.
وكذلك بناء المعابد في جزيرة العرب لغير المسلمين غير جائز في الإسلام (1)
تمنع المملكة العربية السعودية بناء المعابد والكنائس على أرضها؛ لأن الإسلام يحرم بناء معابد لغير المسلمين على أرض الجزيرة العربية، كما يحرم منح حق المواطنة في جزيرة العرب لغير المسلم.
(1) كثير من مادة هذا الفصل مقتبسة من كتاب (حقوق غير المسلمين في بلاد الإسلام) للدكتور صالح بن حسين العايد (73 - 85) . (بمراجعة) ، ومذكرة الدكتور محمد بن عبد الله السحيم المشار إليها أول هذا المبحث.
فالمملكة بحكم مسئوليتها الدينية، وبحكم سيادتها وبصفتها دولة إسلامية تحكم أرض المقدسات ملتزمة شرعًا بمنع إنشاء المعابد لغير المسلمين في أراضيها، ومن المعلوم أن المجتمع الدولي في العصر الحديث يتكون من دول ذات سيادة على أراضيها بحدود معترف بها، وأنه من حق كل دولة أن تطبق أنظمتها (قوانينها) داخل حدودها على رعاياها وعلى المقيمين على أراضيها، وألا يطبق في أراضيها نظام (قانون) أجنبي إلا طبقًا لدستورها ونظامها العام، وأمَّا سريان التزاماتها التعاهدية بموجب مواثيق منظمة الأمم المتحدة وقراراتها التي تتناول حقوق الإنسان على وجه الخصوص فهو مقيد بشرط عدم المساس بنظام الدولة ودينها وأمنها العام، حسبما ورد في نصوص المواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
والشريعة الإسلامية لا تمنع حق الإنسان في الاعتقاد وممارسة الشعائر، ومن ثم فالمملكة العربية السعودية - التي تلتزم بالشريعة الإسلامية في سياستها الداخلية والخارجية - لا تعارض المواثيق الدولية المتعلقة بالمبادئ العامة والخاصة لحقوق الإنسان الأساسية في مجال حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، وقد يوجد الخلاف حول بعض المفاهيم في مجال تطبيق هذه المبادئ وكيفية تنفيذها، وعلى الحدود التي ينبغي عدم تعديها في هذا الشأن، لكن ليس لأحد أن يفرض علينا مفهومًا يُختلف عليه.
فالإسلام لا يبيح أن يقام في الجزيرة العربية أماكن للعبادة غير المساجد، ولا أن تمارس فيها الشعائر الدينية لغير المسلمين علانية، لما روى مالك في الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يبقين دينان في جزيرة العرب» (1) .
وليس القصد من هذا اتخاذ موقف تمييزي ضد غير المسلمين من معتنقي الديانات الأخرى؛ لأن هذا التحريم شمل العرب غير المسلمين أيضًا، كما أن الشرع الإسلامي جعل لبعض مناطق الجزيرة حرمة خاصة فلا يجوز لغير المسلم عربيًا كان أم غير عربي أن يدخل الأماكن المقدسة (كالحرم المكي) كما لا يجوز للمسلم نفسه أن يخل بحرمتها ولو بصيد الحيوان أو
(1) رواه مالك ص (556)، مرسلًا عن عمر بن عبد العزيز ولفظه «كان آخر ما تكلم به رسول الله – صلى الله عليه وسلم أنه قال: قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ولا يبقين دينان بأرض العرب» .
وله شاهد من حديث ابن عباس عند البخاري رقم (3168) ومسلم (4232) .
اقتلاع النبات البري، فيعد ذلك - إذا حدث - من المسلم إثمًا دينيًا.
وفي ظل هذه الخصوصية الدينية والتاريخية للجزيرة العربية استمر هذا الوضع وسريان أحكامه في المملكة العربية السعودية، فلم تنشأ فيها معابد أو أماكن عبادة أخرى غير المساجد ولم تمارس فيها الشعائر الدينية علنا لغير المسلمين.
ولذلك أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية الفتوى ذات الرقم 21413 في 1/4\1421هـ الموافق 3/7\2000م مؤكدة على عدم جواز إقامة معابد لغير المسلمين ولا السماح بإعلان شعائرهم في جزيرة العرب، وأصدر المجلس الأعلى للدعوة والإغاثة في جلسته المنعقدة بالقاهرة بتاريخ 10/10\2000م برئاسة فضيلة شيخ الأزهر بيانًا تضمن التأكيد الحاسم بأن الجزيرة العربية وقلبها المملكة العربية السعودية هي الحصانة الجغرافية لعقيدة الإسلام، ولا يجوز شرعًا أن يقوم فيها دينان، ولا يجوز بحال أن يشهر على أرضها غير دين الإسلام.
كما أصدر المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة بيانًا في جلسته المنعقدة برئاسة فضيلة شيخ الأزهر في القاهرة بتاريخ العاشر من أكتوبر عام 2000م حول التصريحات الصادرة عن الكردينال (بيفي) أسقف (بولونيا) وغيره من مسؤولي الكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا والفاتيكان، ضد المسلمين، التي تطالب ببناء كنائس في السعودية، وقد تضمن ذاك البيان ما نصه:
وليس هذا راجعا لنظام وضعيٍّ لكنه راجع إلى شرع الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إذًا فهي خصوصية دينية.
وهذه الخصوصية فرضت على المملكة العربية السعودية التزامات شرعية توجب عليها المحافظة على قدسية المكان فلا يجوز لها أن تأذن لأتباع دين غير الإسلام أن يقيموا فيها معابدهم، كما يحرم عليها
(1) حقوق غير المسلمين في بلاد الإسلام (82، 83) .