الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل السادس المملكة العربية السعودية كيان قائم ينفي الاتهامات]
[المبحث الأول المملكة ودعوى الوهابية]
الفصل السادس
المملكة العربية السعودية (كيان قائم) ينفي الاتهامات
المبحث الأول
المملكة ودعوى الوهابية لا يزال كثيرون من الذين يجهلون الحقيقة عن المملكة أو يتجاهلونها، أو الذين يلمزونها أو يحسدونها يصفون المملكة بأنها (دولة الوهابية) .
وقبل الدخول في رد هذا اللمز ينبغي أن أؤكد أن وصف الدولة السعودية بالوهابية يعد تزكية لا تقدر بثمن؛ لأن الوهابية التي يعيرونها بها، يقصدون بها دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، والتي هي في الحقيقة: الإسلام والسنة وسبيل السلف الصالح، والتزام كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما الوهابية على الوصف الذي افتراه الخصوم، والتي تعني (بزعمهم) مذهبًا خامسًا، أو فئة خارجة عن السنة والجماعة، أو التي تعني عند أهل الأهواء والبدع والافتراق وأتباعهم من الغوغاء:(بغض النبي صلى الله عليه وسلم والأولياء. . .) أو نحو ذلك من المفتريات، فهذه المفتريات لا تعدو أن تكون أوهامًا في خيالات القوم وعقولهم، وشائعات صدقوها دون تثبت، والمراقب للأحداث والتداعيات الأخيرة التي تلت يلحظ أن هناك شيئا من الاندفاع المريب، نحو توريط المملكة حكومة وشعبًا فيما هم منه أبرياء. وأن هذا الاندفاع الظالم (السياسي والإعلامي والشعوبي) المتهور، والذي قد يوجه للمملكة وشعبها بدعوى أنهم (وهابية) لا يخلو من عنصر التحريض والاستعداء والظلم والحسد من قبل أعداء الإسلام أولًا، ويساندهم بل ويدفعهم كذلك أعداء السنة من أهل الأهواء والبدع والافتراق، الذين ما فتئوا يبهتون المملكة وشعبها بالمفتريات، ويعطون عنها معلومات كاذبة ومشوشة، وأرى أن هذا التوجه الظالم هو أكبر محرض على المملكة بخاصة، وأهل السنة بعامة.
إن كل الذين أطلقوا هذه المفتريات والبهتان، والذين صدقوا هذه الشائعات، ليس عندهم من الدليل والبرهان ما يثبت شيئًا من مزاعمهم، بل المنصف والباحث عن الحقيقة يجد الأمر خلاف ما يفترون.
فها هي المملكة العربية السعودية (حكومة وشعبًا) كيان شامخ ملأ سمع العالم وبصره، ظاهرة بكيانها الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، والدولي، وجميع أحوالها وإصداراتها
العلمية والإعلامية والأدبية والثقافية، والفكرية وغير ذلك كله ينفي هذه المزاعم، إذن فالمثالب التي ينسبونها لما يسمونه (الوهابية) ودولتها وأتباعها لا حقيقة لها.
وقد نفى الملك عبد العزيز هذه الفرية في خطابه الذي ألقاه في مكة في غُرَّة ذي الحجة عام 1347هـ قائلًا:
«يسموننا «الوهابيين» ، ويسمون مذهبنا «الوهابي» باعتبار أنه مذهب خاص. . وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض. .
نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أو عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبد الوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح.
ونحن نحترم الأئمة الأربعة ولا فرق عندنا بين مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة. . . كلهم محترمون في نظرنا. . .
هذه هي العقيدة التي قام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب يدعو إليها، وهذه هي عقيدتنا، وهي عقيدة مبنية على توحيد الله عز وجل خالصة من كل شائبة منزَّهة من كل بدعة، فعقيدة التوحيد هذه هي التي ندعو إليها، وهي التي تنجينا مما نحن فيه من محن وأوصاب» (1) .
ويقول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - حفظه الله - مؤكدًا هذه الحقيقة:
فالمملكة حين تنفي أن تكون (وهابية) بالمفهوم المشوَّه، فإنها لا تتنصَّل من رسالتها السامية
(1) جريدة أم القرى عدد ذي الحجة 1347 (مايو 1929م) .
(2)
من حديث لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز لجريدة الأهرام المصرية في 30 هـ.
المصدر: وكالة الأنباء السعودية، والصحافة المحلية، وجريدة الشرق الأوسط (عن كلمات منتقاة من خطب خادم الحرمين للأستاذ عبد الرحمن الرويشد ص194) .
في نصرة الإسلام والدعوة إليه، وتعتز بهذا النهج وإن سماه الآخرون (وهابية) .
فهي تعلم أن التمكين الذي حصل لمؤسس هذه الدولة الملك عبد العزيز ورعيته، لم يكن إلا لأنهم نصروا الله تعالى، ونصروا دينه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأعلوا راية التوحيد وحرب البدع، وكانوا قبل ذلك مستضعفين في الأرض حتى منَّ الله عليهم بهذه الدعوة المباركة فنصروها ونشروها، فنصرهم الله كما قال تعالى:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 5][سورة القصص، آية: 5] .
فقيام الدعوة والدولة كان حصيلة ما وعد الله به من نصر الدين من التمكين في الأرض والمنة على المستضعفين، وهو حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل، وكان هذا هو الحل الشرعي والتاريخي والسياسي لأوضاع الأمة كلها لو أنها سلكت هذه الطريق.
فقد قامت دولة التوحيد في وقت كادت الأمة أن تيأس من عودة الدين، لقد أثبتت هذه الدولة وتجربتها أن الإسلام هو الحل، وأنه صالح لكل زمان ومكان.
وأن الإسلام لا يمنع من قيام دولة حديثة ذات كيان سياسي واقتصادي ومدني وحضاري مع اعتماد الدين عقيدة وشريعة في كل شؤون الحياة.
كانت هذه الدعوة - دولتها - «هي أقوى وأبرز طرح للحل الإسلامي في ظروف الهزيمة الشاملة للمسلمين» أمام الغزو الأجنبي الذي يقوم على اعتبار الإسلام دينًا استنفد أغراضه وانتهى دوره وأثره ولم يعد صالحًا للحياة، وأن المدنية الغربية هي البديل، وأن هذه النظرية حقيقة، وحتمية تاريخية.
وإن كان هذا النصر والتمكين من الله عز وجل ناتجا عن كونها (وهابية) فليت الأمة كلها تكون وهابية! .
لقد سادت في العالم الإسلامي شعارات وحركات كثيرة من قومية وعلمانية وبعثية، واشتراكية وديموقراطية، ثم فشلت وسقطت؛ لأنها كلها تجاهلت الإسلام، أو حاربته، وكاد اليأس يتطرق إلى كثير من عامة المسلمين من عودة دولة الإسلام، فإذا هي تنشأ في الظروف الحالكة على يد الملك عبد العزيز، وتقوم دولة التوحيد والسنة التي يسمونها (الوهابية) ، وتقيم كيانًا له اعتباره الديني والسياسي والاقتصادي. الإسلامي والعربي والعالمي.
ويكفيه فخرًا نجاحه في تطبيق الإسلام بمفهومه الشامل باتزان واعتدال، واعتزاز
وهيبة، مما أدى إلى تخفيف وطأة التغريب حتى بقيت البلاد ثابتة على المسلمات والثوابت (وإن ضعفت أحيانًا) فلا يزال الإسلام هو دين الدولة والمجتمع، والكتاب والسنة هما مصدر التشريع، والأحكام الإسلامية في الأنظمة والقضاء هي السائدة، وشعائر الدين ظاهرة ومصونة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائم، والشمل مجتمع بحمد الله.
ومما يدفع عن المملكة تهمة المذهبية - أو (الوهابية) على مفهوم الخصوم - أنها تحمل الكثير من همِّ المسلمين جميعًا في كل بقاع المعمورة.
واهتمام المملكة بالمسلمين عمومًا في كل العالم أمر مستفيض ويشهد له الواقع، وكان هذا من الأسس التي قامت عليها، قال الملك عبد العزيز في خطاب له في جدة عام 1926 (يناير) :
وبهذا ندرك أن الذين ينتقدون المملكة، أو يستهدفونها بدعوى أنها (دولة الوهابية) إنما يستهدفون الإسلام نفسه، ويستهدفون قلب العالم الإسلامي ومقدساته.
(1) السعوديون والحل الإسلامي ص (22) .