الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الخامس في آثار الدعوة ما يرد على الخصوم]
[المبحث الأول كلمة حول آثار الدعوة الإصلاحية وثمارها إجمالا]
الفصل الخامس
في آثار الدعوة ما يرد على الخصوم
المبحث الأول
كلمة حول آثار الدعوة الإصلاحية وثمارها إجمالا حين قامت هذه الدعوة المباركة على أسس الدين الحق، وقواعد الملة الحنيفية، واعتمدت على الوحي المعصوم (كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسلكت سبيل المؤمنين - السلف الصالح أهل السنة والجماعة -، فأعلنت راية التوحيد، ورسخته في القلوب، وأزالت مظاهر الشرك والبدعة، وحكمت بشرع الله تعالى، شاع بذلك الأمن والعدل والألفة، وانتشر العلم، واختفت مظاهر الظلم والشتات والجهل والبدعة والخرافة.
نعم لقد آتت هذه الدعوة المباركة أكلها طيبة يانعة، وتحقق فيها وعد الله تعالى حين ارتكزت على الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) كما قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ - تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 24 - 25][سورة إبراهيم، آية: 24، 25] .
وتحقق لأهلها ما وعد الله تعالى به عباده المتقين كما قال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ - الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 40 - 41][سورة الحج، آية: 40، 41] .
وإن عناية هذه الدعوة وأتباعها ودولتها بإعلاء كلمة التوحيد، ونفي الشركيات والبدع، وبإقامة الصلاة، وصوم رمضان، وإيتاء الزكاة، وحج البيت الحرام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هي أعظم سماتها التي تتسم بها إلى اليوم، وهي أعظم ما ينقمه عليها الخصوم وأهل الأهواء والشهوات {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8] [سورة البروج، آية: 8] .
لقد كانت لهذه الدعوة المباركة آثار عظيمة وكبيرة غيرت معالم التاريخ، وعدلت مسار الحياة في الأمة الإسلامية كلها في جميع نواحي الحياة الدينية والعلمية والسياسية والاجتماعية وغيرها.
ولم يقتصر أثرها الطيب على جزيرة العرب (ونجد بخاصة) التي ارتفعت في
ربوعها راية التوحيد خفاقة، وعلت فيها معالم السنة، وزالت آثار البدعة والفرقة والجهل، وساد فيها الأمن والوفاق، بل تجاوز أثرها إلى بقية أقاليم الجزيرة العربية وإلى سائر أقطار المسلمين، فقام علماء ومصلحون، وقامت دعوات وحركات تسير على نهج هذه الدعوة السلفية النقية الصافية في الحجاز وعسير واليمن والشام والعراق ومصر والمغرب والسودان، وكثير من البلاد الأفريقية، وفي باكستان وأفغانستان والهند والبنغال وجاوة وسومطرة، وسائر الجزر الإندونيسية وغيرها.
وكان من أبرز ثمار هذه الدعوة قيام دولة إسلامية قوية مهيبة احتلت موقعا مرموقا بين دول العالم كله والعالم الإسلامي بخاصة، هي (دولة آل سعود) منذ أن ناصر مؤسسها إمام الدعوة وآزره على إعلاء كلمة الله، فقد كتب الله لها التمكين، وأعلنت التوحيد، وحكمت بشرع الله تعالى، ومع ما تعرضت له هذه الدعوة والدولة من تحديات كبيرة وخصوم أشداء إلا أنها كانت تنتصر في النهاية.
لقد تعرضت الدعوة والدولة (السعودية) في مراحلها الأولى لضربات موجعة، لكنها كانت - حين قامت على التوحيد والدين والعدل والسنة - لا تلبث أن تنهض قوية فتية لأنها كانت تسكن القلوب، وقد ذاق الناس في حكمها طعم الإيمان والأمن والعلم والاجتماع.
ولا يزال الأنموذج الحي للدعوة ودولتها قائما - بحمد الله - تحتله هذه البلاد المباركة (المملكة العربية السعودية) التي أرسى قواعدها الملك عبد العزيز طيب الله ثراه على الأسس المتينة التوحيد والشرع والعلم، وبناء دولة حديثة تجمع بين الأصالة في تحكيم شرع الله وحمايته والدعوة إليه وتعظيم شعائره وخدمة مشاعره، وبين المعاصرة بالأخذ بأسباب القوة والنهضة والرقي من غير إخلال بالدين والفضيلة.
ونسأل الله لهذه الدعوة وهذه الدولة المزيد من التمكين والنصر والتوفيق، وأن يجمع بها كلمة المسلمين على الحق والسنة.
وهذه الآثار الطيبة والثمار البالغة الممتدة طيلة قرنين ونصف هي الرد العملي والعلمي، الشرعي والمنطقي والواقعي على مفتريات الخصوم، ففي الحال ما يغني عن المقال، لكن حين عميت أبصار أهل الأهواء وبصائرهم عن إدراك الحقيقة والاعتراف بها، وحين حجبت الحقائق عن الجاهلين، كان لا بد من تجلية الحقيقة، والله المستعان.