المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأنموذج الأول بيان الإمام لعقيدته ورده على مفتريات الخصوم] - إسلامية لا وهابية

[ناصر العقل]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[تمهيد]

- ‌[حال نجد قبل دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[المقصود بنجد]

- ‌[حال نجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين]

- ‌[حال نجد في عهد الدولة الأموية]

- ‌[حال نجد في عهد الدولة العباسية]

- ‌[حال نجد في عهد الأتراك]

- ‌[السمات العامة بنجد إبان ظهور الدعوة]

- ‌[حال العالم الإسلامي أثناء قيام الدعوة]

- ‌[ظهور دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[إمام الدعوة وأميرها الدعوة ودولتها]

- ‌[الإمام المجدد والدعوة]

- ‌[نشأته وشمائله]

- ‌[ركائز الدعوة]

- ‌[مميزات سيرة الإمام ودعوته]

- ‌[الأمير المؤسس والدولة]

- ‌[أسرته]

- ‌[صفاته وشمائله]

- ‌[مميزات سيرته ودولته]

- ‌[الفصل الأول في حقيقة الحركة الإصلاحية أو ما يسمى الوهابية وبواعثها ما ينفي المزاعم]

- ‌[المبحث الأول حقيقة الحركة الإصلاحية والدولة السعودية الأولى]

- ‌[هي الإسلام على منهج السلف الصالح]

- ‌[تسميتها بالوهابية وبيان الحق في ذلك]

- ‌[الوهابية وأحداث سبتمبر بأمريكا]

- ‌[حقيقة الدعوة كما شهد بها المنصفون]

- ‌[المبحث الثاني بواعث قيام الدعوة وأهدافها الكبرى]

- ‌[تحقيق التوحيد]

- ‌[تنقية مصادر التلقي]

- ‌[نشر السنن وإظهارها ونبذ البدع]

- ‌[القيام بواجبات الدين]

- ‌[تحكيم شرع الله]

- ‌[نشر العلم ومحاربة الجهل]

- ‌[تحقيق الجماعة ونبذ الفرقة]

- ‌[تحقيق الأمن والسلطان]

- ‌[رفع التخلف والبطالة]

- ‌[المبحث الثالث حال نجد وما حولها يقتضي ضرورة قيام الدعوة]

- ‌[المبحث الرابع التكامل في منهج الدعوة والدولة]

- ‌[الفصل الثاني في منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه في الدين ما يرد الاتهامات]

- ‌[المبحث الأول وقفة مع الاتهامات والمنهج]

- ‌[المبحث الثاني معالم المنهج عند الإمام وأتباعه وأنهم على منهج السلف الصالح]

- ‌[المبحث الثالث عرض نماذج عن منهجهم في الدين وسلوكهم طريق السلف الصالح وفيه]

- ‌[الأنموذج الأول بيان الإمام لعقيدته ورده على مفتريات الخصوم]

- ‌[الأنموذج الثاني بيان أئمة الدعوة وحكامها من بعده لعقيدتهم والتزامهم بنهج السلف]

- ‌[المبحث الرابع منهجهم في التلقي مصادر الدين ومنهج الاستدلال هو منهج أهل السنة]

- ‌[توقيرهم للعلماء واحترامهم لهم]

- ‌[المبحث الخامس منهجهم في العقيدة تفصيلًا واقتفاؤهم لعقيدة السلف الصالح]

- ‌[التزامهم منهج الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة]

- ‌[قولهم في الإيمان]

- ‌[عقيدتهم في أسماء الله تعالى وصفاته]

- ‌[دفع فرية التجسيم عنهم]

- ‌[عقيدتهم في القرآن]

- ‌[عقيدتهم في الملائكة والكتب والرسل]

- ‌[عقيدتهم في رسول الله وحقوقه وخصائصه]

- ‌[رد مفتريات الخصوم في أن الإمام وأتباعه ينتقصون من حق النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[دفع فرية التلويح بدعوى النبوة عن الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[عقيدتهم في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عقيدتهم في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عقيدتهم في الصحابة]

- ‌[عقيدتهم في الشفاعة عمومًا]

- ‌[عقيدتهم في اليوم الآخر والجنة والنار والرؤية]

- ‌[عقيدتهم في الرؤية]

- ‌[عقيدتهم في القدر]

- ‌[عقيدتهم في الأولياء وكراماتهم]

- ‌[عقيدتهم في أئمة المسلمين والسمع والطاعة]

- ‌[موقفهم من عموم المسلمين]

- ‌[عقيدتهم في مرتكبي الكبيرة]

- ‌[عقيدتهم في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[قولهم في الاجتهاد والتقليد]

- ‌[موقفهم من البدع وأهلها]

- ‌[الفصل الثالث أهم المزاعم والاتهامات التي أثارها الخصوم ضد الدعوة وإمامها]

- ‌[المبحث الأول تمهيد]

- ‌[حقيقة الصراع بين الدعوة وخصومها]

- ‌[عدم التكافؤ المادي بين الدعوة وخصومها]

- ‌[حقيقة المفتريات والاتهامات ضد الدعوة]

- ‌[المبحث الثاني أبرز المفتريات والتهم التي رميت بها الدعوة إجمالاً]

- ‌[وصفهم بالوهابية]

- ‌[رميهم بالتجسيم]

- ‌[بهتانهم بالتنقص من حق النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[اتهامهم بالتشدد]

- ‌[اتهامهم بالتكفير والقتال]

- ‌[دعوى معارضة علماء المسلمين لهم]

- ‌[دعوى مخالفة أكثرية المسلمين وأنهم مذهب خامس]

- ‌[دعوى تحريم التبرك والتوسل والشفاعة مطلقا]

- ‌[المبحث الثالث لماذا هذه المفتريات والاتهامات]

- ‌[الحسد والخوف على السلطان والمصالح]

- ‌[اختلاف المناهج والمشارب]

- ‌[كشف العوار]

- ‌[دعوة إلى الإنصاف والموضوعية]

- ‌[وقفة تأمل ومراجعة]

- ‌[المبحث الرابع نماذج من المفتريات والاتهامات]

- ‌[الأنموذج الأول والتعليق عليه]

- ‌[جواب الإمام وابنه عبد الله على هذه المفتريات ونحوها]

- ‌[الأنموذج الثاني والتعليق عليه]

- ‌[وقفة حول هذه المفتريات والاتهامات]

- ‌[المبحث الخامس القضايا الكبرى التي أثيرت حول الدعوة ومناقشتها]

- ‌[أولا قضية التوحيد والسنة والشرك والبدعة وما يتفرع عنها وفيها]

- ‌[أنها القضية الكبرى]

- ‌[جهود الإمام في بيان هذه الحقيقة ورد الاتهامات]

- ‌[سير أتباعه على هذا المنهاج]

- ‌[الشفاعة والتوسُل والتبرك ودعوى منعها]

- ‌[هدم القباب والأبنية على القبور والمشاهد والمزارات ودعوى بغض الأولياء]

- ‌[ثانيا مسألة التكفير والتشدد والقتال وما يلحق بها]

- ‌[حقائق لا بد من ذكرها]

- ‌[مسألة التشدد وحقيقتها]

- ‌[بطلان دعوى أن الدعوة الوهابية مصدر العنف]

- ‌[وقفة مع شبهة]

- ‌[موقف الإمام وأتباعه من دعوى التكفير وقتال المسلمين]

- ‌[التزام الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه لقواعد التكفير المعتبرة]

- ‌[دعوى إتلاف الكتب]

- ‌[رد دعوى أنهم يكفرون بالذنوب كشرب الدخان]

- ‌[رد دعوى أنهم يكفرون من لم يوافقهم]

- ‌[رد دعوى التشدد]

- ‌[مسألة القتال]

- ‌[المبحث السادس قضايا أخرى]

- ‌[دعوى أنهم خوارج وأن سيماهم التحليق]

- ‌[دعوى أن منشأ الدعوة نجد هي قرن الشيطان]

- ‌[لمزهم أنهم من بلاد مسيلمة الكذاب]

- ‌[فرية منع الحج ونهْب خزائن الحجرة النبوية وانتهاك حرمة المقدسات]

- ‌[دعوى التضييق على أهل الحرمين في أرزاقهم]

- ‌[دعوى أن دعوة الإمام مذهب خامس]

- ‌[دعوى الخروج على الخلافة]

- ‌[الفصل الرابع شهادات الناس للدعوة قديما وحديثا]

- ‌[المبحث الأول وقفة مع الشهادات]

- ‌[المبحث الثاني سرد لأسماء بعض الشهود من العلماء والمفكرين والباحثين العرب المسلمين وغير المسلمين]

- ‌[المبحث الثالث نماذج من شهادات المسلمين من العرب وغيرهم]

- ‌[المبحث الرابع نماذج من شهادات غير المسلمين]

- ‌[المبحث الخامس استطلاع آراء نخبة من طلاب العلم والخريجين من شتى بلاد العالم]

- ‌[الفصل الخامس في آثار الدعوة ما يرد على الخصوم]

- ‌[المبحث الأول كلمة حول آثار الدعوة الإصلاحية وثمارها إجمالا]

- ‌[المبحث الثاني أبرز الآثار المباركة والثمار الطيبة للدعوة تفصيلا]

- ‌[تحقيق العبودية لله تعالى وحده]

- ‌[نشر السنن ومحاربة البدع]

- ‌[التزام نهج السلف الصالح وإظهاره]

- ‌[تحرير مصادر الدين]

- ‌[تحرير منهج الاستدلال]

- ‌[نشر العلم ومحاربة الجهل]

- ‌[الإسهام في النهضة العلمية الحديثة]

- ‌[إظهار شعائر الدين والفضائل وحمايتها]

- ‌[إقامة دولة مسلمة ومجتمع مسلم]

- ‌[تحقيق الجماعة الشرعية والطاعة]

- ‌[تثبيت الأمن]

- ‌[تحرير العقول والقلوب والنفوس]

- ‌[تحكيم شرع الله حتى كان الدين كله لله]

- ‌[إقامة الحجة على الناس]

- ‌[إلغاء مظاهر الجاهلية وأعمالها]

- ‌[المبحث الثالث استعراض بعض النقول والشهادات عن آثار الدعوة]

- ‌[الفصل السادس المملكة العربية السعودية كيان قائم ينفي الاتهامات]

- ‌[المبحث الأول المملكة ودعوى الوهابية]

- ‌[المبحث الثاني منهج الملك عبد العزيز يرد الاتهامات والمزاعم]

- ‌[المبحث الثالث نظام المملكة إسلامي شامل لا يرتبط بمذهب]

- ‌[المبحث الرابع التزامات المملكة الدولية تنفي المزاعم]

- ‌[المبحث الخامس يعيبون أحكام الإسلام ثم ينسبونها للمملكة وللوهابية]

- ‌[المملكة والعمل بشرع الله وحدوده]

- ‌[قطع يد السارق]

- ‌[قتل المفسدين]

- ‌[قتل المرتد]

- ‌[منع دخول غير المسلمين إلى مكة والمدينة]

- ‌[قضايا المرأة وحقوقها في المملكة العربية السعودية]

- ‌[المبحث السادس المملكة تحارب الفساد في الأرض]

- ‌[المبحث السابع المملكة العربية السعودية وأحداث 11 سبتمبر في أمريكا]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[ملحق عن نتائج الاستبانة حول الدعوة]

الفصل: ‌[الأنموذج الأول بيان الإمام لعقيدته ورده على مفتريات الخصوم]

[المبحث الثالث عرض نماذج عن منهجهم في الدين وسلوكهم طريق السلف الصالح وفيه]

[الأنموذج الأول بيان الإمام لعقيدته ورده على مفتريات الخصوم]

المبحث الثالث

عرض لنماذج من منهجهم العام في الدين

واقتفائهم نهج السلف الصالح الأنموذج الأول: بيان الشيخ الإمام لعقيدته ومنهجه ورده لاتهامات الخصوم.

الأنموذج الثاني: عرض لمنهج أئمة الدعوة ودولتها بعده.

ص: 63

الأنموذج الأول

عرض الشيخ الإمام لعقيدته ومنهجه ورده على اتهامات الخصوم نظرًا لكثرة خوض الخائضين بالهوى أو الجهل - أو هما معًا - في عقيدة الشيخ الإمام ومنهجه، وما أشاعوه من مفتريات وتهم ومزاعم عليه وعلى دعوته واتباعه، أسوق في هذا المقام رسالة واحدة من رسائله الكثيرة التي عبر فيها بنفسه عن عقيدته ومنهجه وموقفه من الاتهامات والدعاوى التي أشيعت عنه، وهي رسالته التالية التي بعثها إلى أهل القصيم وهي كالتالي:

[التزامه لعقيدة أهل السنة والجماعة. قال](1)

بسم الله الرحمن الرحيم

أشهد الله ومن حضرني من الملائكة، وأشهدكم: أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة [أركان الإيمان] ، من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره؛ [صفات الله تعالى] ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله – سبحانه وتعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيِّف، ولا أمثِّل صفاته تعالى بصفات خلقه؛ لأنه تعالى لا سميَّ له، ولا كفؤ له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه.

فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلًا، وأحسن حديثًا، فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون، من أهل التكييف، والتمثيل؛ وعما نفاه عنه النافون، من أهل التحريف والتعطيل، فقال:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ - وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182][سورة الصافات، آية: 180 - 182]

(1) أثبت هنا الرسالة كاملة من الدرر السنية (1) ، وقد أضفت عناوين إيضاحية بين القوسين [] .

ص: 64

[ثم قال مبينًا وسطية أهل السنة والجماعة] : «والفرقة الناجية: وسط في باب أفعاله تعالى، بين القدرية والجبرية؛ وهم وسط في باب وعيد الله، بين المرجئة والوعيدية؛ وهم وسط في باب الإيمان والدين، بين الحرورية والمعتزلة؛ وبين المرجئة والجهمية؛ وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض، والخوارج» .

[ثم قال مبينًا التزامه لعقيدة السلف في القرآن] : «وأعتقد: أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود؛ وأنه تكلم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم» .

[ثم قرر الحق في القدر فقال:]«وأومن: بأن الله فعَّال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور» .

[عقيدته فيما بعد الموت قال:]«وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، فأومن بفتنة القبر ونعيمه، وبإعادة الأرواح إلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة عراة غرلًا، تدنو منهم الشمس، وتنصب الموازين، وتوزن بها أعمال العباد {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ - وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 102 - 103] [سورة المؤمنون، آية: 102 - 103] وتنشر الدواوين، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله» .

[عقيدته في حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال:]«وأومن: بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا؛ وأؤمن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم، يمر به الناس على قدر أعمالهم» .

[إيمانه بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال:] «وأومن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أول شافع، وأول مشفع؛ ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال؛ ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضى، كما قال تعالى

ص: 65

: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28][سورة الأنبياء، آية: 28]، وقال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255][سورة البقرة، آية: 255]، وقال تعالى:{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26][سورة النجم، آية: 26]، وهو: لا يرضى إلا التوحيد؛ ولا يأذن إلا لأهله؛ وأما المشركون: فليس لهم من الشفاعة نصيب؛ كما قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48][سورة المدثر، آية: 48] .

[عقيدته في الجنة والنار والرؤية قال:]«وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان؛ وأن المؤمنين يرون ربّهم بأبصارهم يوم القيامة، كما يرون القمر ليلة البدر، لا يضامون في رؤيته» .

[عقيدته في ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم ورسالته ونبوته صلى الله عليه وسلم قال:]«وأومن بأنّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته» .

[عقيدته في الصحابة وأمهات المؤمنين قال:]«وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق؛ ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين؛ ثم علي المرتضى؛ ثم بقية العشرة؛ ثم أهل بدر؛ ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان؛ ثم سائر الصحابة رضي الله عنه؛ وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم، وأترضى عنهم، وأستغفر لهم، وأكف عن مساويهم، وأسكت عما شجر بينهم؛ وأعتقد فضلهم، عملًا بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] [سورة الحشر، آية: 10] وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء» .

[عقيدته في الأولياء وكراماتهم قال:]«وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات، إلاّ أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئًا، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله» .

[عقيدته في المسلمين وأنه لا يكفرهم قال:] «ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم -

ص: 66

ولكني أرجو للمحسن، وأخاف على المسيء، ولا أكفر أحدًا من المسلمين بذنب، ولا أخرجه من دائرة الإسلام.

[عقيدته في الجهاد مع المسلمين والصلاة خلفهم قال:]«وأرى الجهاد ماضيًا مع كل إمام: برًا كان أو فاجرًا، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل» .

[عقيدته في السمع والطاعة للأئمة المسلمين قال:]«وأرى وجوب السمع والطاعة: لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته؛ وحرم الخروج عليه» .

[موقفه من أهل البدع قال:]«وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأكل سرائرهم إلى الله؛ وأعتقد: أنّ كل محدثة في الدين بدعة» .

[عقيدته في الإيمان قال:] «وأعتقد أن الإيمان: قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية؛ وهو: بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأرى وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة.

فهذه عقيدة وجيزة، حررتها وأنا مشتغل البال، لتطلعوا على ما عندي، والله على ما نقول وكيل» .

[نفيه للمفتريات والاتهامات في التي قيلت فيه قال:] «ثم لا يخفى عليكم: أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم (1) قد وصلت إليكم، وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم، والله يعلم أن الرجل افترى علي أمورًا لم

(1) أحد خصوم الدعوة الأوائل.

ص: 67

أقلها، ولم يأت أكثرها على بال.

فمنها:

1 -

(1) قوله: إني مبطل كتب المذاهب الأربعة.

2 -

وإني أقول: إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء.

3 -

وإني أدعي الاجتهاد.

4 -

وإني خارج عن التقليد.

5 -

وإني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة.

6 -

وإني أكفر من توسل بالصالحين.

7 -

وإني أكفر البوصيري، لقوله: يا أكرم الخلق.

8 -

وإني أقول: لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها.

9 -

ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها، وجعلت لها ميزابًا من خشب.

10 -

وإني أحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

11 -

وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما.

12 -

وإني أكفر من حلف بغير الله.

13 -

وإني أكفر ابن الفارض، وابن عربي.

14 -

وإني أحرق دلائل الخيرات، وروض الرياحين، وأسميه روض الشياطين» .

[ثم قال] : «جوابي عن هذه المسائل، أن أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم؛ وقبله من بهت محمدًا صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم، ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب، وقول الزور، قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [النحل: 105] [سورة النحل، آية: 105] بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول: إن الملائكة، وعيسى، وعزيرًا في النار؛ فأنزل الله في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] [سورة الأنبياء: آية: 101] » .

(1) الترقيم من عندي وليس في الأصل.

ص: 68

[دفاعه عن أقواله الموافقة للحق والدليل:] قال: «وأما المسائل الأُخر، وهي:

1 -

أني أقول لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى لا إله إلا الله.

2 -

وأني أعرّف من يأتيني بمعناها.

3 -

وأني أكفر الناذر إذا أراد بنذره التقرب لغير الله، وأخذ النذر لأجل ذلك.

4 -

وأن الذبح لغير الله كفر، والذبيحة حرام.

فهذه المسائل حق، وأنا قائل بها؛ ولي عليها دلائل من كلام الله وكلام رسوله، ومن أقوال العلماء المتبعين، كالأئمة الأربعة؛ وإذا سهل الله تعالى بسطت الجواب عليها في رسالة مستقلة، إن شاء الله تعالى.

ثم اعلموا وتدبروا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6][سورة الحجرات، آية: 6] » (1) .

وبهذه الرسالة يثبت قطعًا أنه على عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة. وأنه تبرأ مما اتهمه به الخصوم وافتروا عليه، من المزاعم والدعاوى الكاذبة والشبهات الملبسة، وقد كرر الإمام هذه العقيدة وعمل عليها وتعامل على أساسها، مع المؤيدين والمعارضين، وكرر نفي هذه المفتريات وغيرها، وكل ذلك فعله بالدليل والبرهان، وإشهاد الناس على ما يقول ويفعل، ولم نجد من استطاع أن يثبت أن الشيخ الإمام على خلاف ما يقول ويدعي والحمد لله.

(1) الدرر السنية (1) .

ص: 69