المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[توقيرهم للعلماء واحترامهم لهم] - إسلامية لا وهابية

[ناصر العقل]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[تمهيد]

- ‌[حال نجد قبل دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[المقصود بنجد]

- ‌[حال نجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين]

- ‌[حال نجد في عهد الدولة الأموية]

- ‌[حال نجد في عهد الدولة العباسية]

- ‌[حال نجد في عهد الأتراك]

- ‌[السمات العامة بنجد إبان ظهور الدعوة]

- ‌[حال العالم الإسلامي أثناء قيام الدعوة]

- ‌[ظهور دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[إمام الدعوة وأميرها الدعوة ودولتها]

- ‌[الإمام المجدد والدعوة]

- ‌[نشأته وشمائله]

- ‌[ركائز الدعوة]

- ‌[مميزات سيرة الإمام ودعوته]

- ‌[الأمير المؤسس والدولة]

- ‌[أسرته]

- ‌[صفاته وشمائله]

- ‌[مميزات سيرته ودولته]

- ‌[الفصل الأول في حقيقة الحركة الإصلاحية أو ما يسمى الوهابية وبواعثها ما ينفي المزاعم]

- ‌[المبحث الأول حقيقة الحركة الإصلاحية والدولة السعودية الأولى]

- ‌[هي الإسلام على منهج السلف الصالح]

- ‌[تسميتها بالوهابية وبيان الحق في ذلك]

- ‌[الوهابية وأحداث سبتمبر بأمريكا]

- ‌[حقيقة الدعوة كما شهد بها المنصفون]

- ‌[المبحث الثاني بواعث قيام الدعوة وأهدافها الكبرى]

- ‌[تحقيق التوحيد]

- ‌[تنقية مصادر التلقي]

- ‌[نشر السنن وإظهارها ونبذ البدع]

- ‌[القيام بواجبات الدين]

- ‌[تحكيم شرع الله]

- ‌[نشر العلم ومحاربة الجهل]

- ‌[تحقيق الجماعة ونبذ الفرقة]

- ‌[تحقيق الأمن والسلطان]

- ‌[رفع التخلف والبطالة]

- ‌[المبحث الثالث حال نجد وما حولها يقتضي ضرورة قيام الدعوة]

- ‌[المبحث الرابع التكامل في منهج الدعوة والدولة]

- ‌[الفصل الثاني في منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه في الدين ما يرد الاتهامات]

- ‌[المبحث الأول وقفة مع الاتهامات والمنهج]

- ‌[المبحث الثاني معالم المنهج عند الإمام وأتباعه وأنهم على منهج السلف الصالح]

- ‌[المبحث الثالث عرض نماذج عن منهجهم في الدين وسلوكهم طريق السلف الصالح وفيه]

- ‌[الأنموذج الأول بيان الإمام لعقيدته ورده على مفتريات الخصوم]

- ‌[الأنموذج الثاني بيان أئمة الدعوة وحكامها من بعده لعقيدتهم والتزامهم بنهج السلف]

- ‌[المبحث الرابع منهجهم في التلقي مصادر الدين ومنهج الاستدلال هو منهج أهل السنة]

- ‌[توقيرهم للعلماء واحترامهم لهم]

- ‌[المبحث الخامس منهجهم في العقيدة تفصيلًا واقتفاؤهم لعقيدة السلف الصالح]

- ‌[التزامهم منهج الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة]

- ‌[قولهم في الإيمان]

- ‌[عقيدتهم في أسماء الله تعالى وصفاته]

- ‌[دفع فرية التجسيم عنهم]

- ‌[عقيدتهم في القرآن]

- ‌[عقيدتهم في الملائكة والكتب والرسل]

- ‌[عقيدتهم في رسول الله وحقوقه وخصائصه]

- ‌[رد مفتريات الخصوم في أن الإمام وأتباعه ينتقصون من حق النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[دفع فرية التلويح بدعوى النبوة عن الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[عقيدتهم في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عقيدتهم في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عقيدتهم في الصحابة]

- ‌[عقيدتهم في الشفاعة عمومًا]

- ‌[عقيدتهم في اليوم الآخر والجنة والنار والرؤية]

- ‌[عقيدتهم في الرؤية]

- ‌[عقيدتهم في القدر]

- ‌[عقيدتهم في الأولياء وكراماتهم]

- ‌[عقيدتهم في أئمة المسلمين والسمع والطاعة]

- ‌[موقفهم من عموم المسلمين]

- ‌[عقيدتهم في مرتكبي الكبيرة]

- ‌[عقيدتهم في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[قولهم في الاجتهاد والتقليد]

- ‌[موقفهم من البدع وأهلها]

- ‌[الفصل الثالث أهم المزاعم والاتهامات التي أثارها الخصوم ضد الدعوة وإمامها]

- ‌[المبحث الأول تمهيد]

- ‌[حقيقة الصراع بين الدعوة وخصومها]

- ‌[عدم التكافؤ المادي بين الدعوة وخصومها]

- ‌[حقيقة المفتريات والاتهامات ضد الدعوة]

- ‌[المبحث الثاني أبرز المفتريات والتهم التي رميت بها الدعوة إجمالاً]

- ‌[وصفهم بالوهابية]

- ‌[رميهم بالتجسيم]

- ‌[بهتانهم بالتنقص من حق النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[اتهامهم بالتشدد]

- ‌[اتهامهم بالتكفير والقتال]

- ‌[دعوى معارضة علماء المسلمين لهم]

- ‌[دعوى مخالفة أكثرية المسلمين وأنهم مذهب خامس]

- ‌[دعوى تحريم التبرك والتوسل والشفاعة مطلقا]

- ‌[المبحث الثالث لماذا هذه المفتريات والاتهامات]

- ‌[الحسد والخوف على السلطان والمصالح]

- ‌[اختلاف المناهج والمشارب]

- ‌[كشف العوار]

- ‌[دعوة إلى الإنصاف والموضوعية]

- ‌[وقفة تأمل ومراجعة]

- ‌[المبحث الرابع نماذج من المفتريات والاتهامات]

- ‌[الأنموذج الأول والتعليق عليه]

- ‌[جواب الإمام وابنه عبد الله على هذه المفتريات ونحوها]

- ‌[الأنموذج الثاني والتعليق عليه]

- ‌[وقفة حول هذه المفتريات والاتهامات]

- ‌[المبحث الخامس القضايا الكبرى التي أثيرت حول الدعوة ومناقشتها]

- ‌[أولا قضية التوحيد والسنة والشرك والبدعة وما يتفرع عنها وفيها]

- ‌[أنها القضية الكبرى]

- ‌[جهود الإمام في بيان هذه الحقيقة ورد الاتهامات]

- ‌[سير أتباعه على هذا المنهاج]

- ‌[الشفاعة والتوسُل والتبرك ودعوى منعها]

- ‌[هدم القباب والأبنية على القبور والمشاهد والمزارات ودعوى بغض الأولياء]

- ‌[ثانيا مسألة التكفير والتشدد والقتال وما يلحق بها]

- ‌[حقائق لا بد من ذكرها]

- ‌[مسألة التشدد وحقيقتها]

- ‌[بطلان دعوى أن الدعوة الوهابية مصدر العنف]

- ‌[وقفة مع شبهة]

- ‌[موقف الإمام وأتباعه من دعوى التكفير وقتال المسلمين]

- ‌[التزام الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه لقواعد التكفير المعتبرة]

- ‌[دعوى إتلاف الكتب]

- ‌[رد دعوى أنهم يكفرون بالذنوب كشرب الدخان]

- ‌[رد دعوى أنهم يكفرون من لم يوافقهم]

- ‌[رد دعوى التشدد]

- ‌[مسألة القتال]

- ‌[المبحث السادس قضايا أخرى]

- ‌[دعوى أنهم خوارج وأن سيماهم التحليق]

- ‌[دعوى أن منشأ الدعوة نجد هي قرن الشيطان]

- ‌[لمزهم أنهم من بلاد مسيلمة الكذاب]

- ‌[فرية منع الحج ونهْب خزائن الحجرة النبوية وانتهاك حرمة المقدسات]

- ‌[دعوى التضييق على أهل الحرمين في أرزاقهم]

- ‌[دعوى أن دعوة الإمام مذهب خامس]

- ‌[دعوى الخروج على الخلافة]

- ‌[الفصل الرابع شهادات الناس للدعوة قديما وحديثا]

- ‌[المبحث الأول وقفة مع الشهادات]

- ‌[المبحث الثاني سرد لأسماء بعض الشهود من العلماء والمفكرين والباحثين العرب المسلمين وغير المسلمين]

- ‌[المبحث الثالث نماذج من شهادات المسلمين من العرب وغيرهم]

- ‌[المبحث الرابع نماذج من شهادات غير المسلمين]

- ‌[المبحث الخامس استطلاع آراء نخبة من طلاب العلم والخريجين من شتى بلاد العالم]

- ‌[الفصل الخامس في آثار الدعوة ما يرد على الخصوم]

- ‌[المبحث الأول كلمة حول آثار الدعوة الإصلاحية وثمارها إجمالا]

- ‌[المبحث الثاني أبرز الآثار المباركة والثمار الطيبة للدعوة تفصيلا]

- ‌[تحقيق العبودية لله تعالى وحده]

- ‌[نشر السنن ومحاربة البدع]

- ‌[التزام نهج السلف الصالح وإظهاره]

- ‌[تحرير مصادر الدين]

- ‌[تحرير منهج الاستدلال]

- ‌[نشر العلم ومحاربة الجهل]

- ‌[الإسهام في النهضة العلمية الحديثة]

- ‌[إظهار شعائر الدين والفضائل وحمايتها]

- ‌[إقامة دولة مسلمة ومجتمع مسلم]

- ‌[تحقيق الجماعة الشرعية والطاعة]

- ‌[تثبيت الأمن]

- ‌[تحرير العقول والقلوب والنفوس]

- ‌[تحكيم شرع الله حتى كان الدين كله لله]

- ‌[إقامة الحجة على الناس]

- ‌[إلغاء مظاهر الجاهلية وأعمالها]

- ‌[المبحث الثالث استعراض بعض النقول والشهادات عن آثار الدعوة]

- ‌[الفصل السادس المملكة العربية السعودية كيان قائم ينفي الاتهامات]

- ‌[المبحث الأول المملكة ودعوى الوهابية]

- ‌[المبحث الثاني منهج الملك عبد العزيز يرد الاتهامات والمزاعم]

- ‌[المبحث الثالث نظام المملكة إسلامي شامل لا يرتبط بمذهب]

- ‌[المبحث الرابع التزامات المملكة الدولية تنفي المزاعم]

- ‌[المبحث الخامس يعيبون أحكام الإسلام ثم ينسبونها للمملكة وللوهابية]

- ‌[المملكة والعمل بشرع الله وحدوده]

- ‌[قطع يد السارق]

- ‌[قتل المفسدين]

- ‌[قتل المرتد]

- ‌[منع دخول غير المسلمين إلى مكة والمدينة]

- ‌[قضايا المرأة وحقوقها في المملكة العربية السعودية]

- ‌[المبحث السادس المملكة تحارب الفساد في الأرض]

- ‌[المبحث السابع المملكة العربية السعودية وأحداث 11 سبتمبر في أمريكا]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[ملحق عن نتائج الاستبانة حول الدعوة]

الفصل: ‌[توقيرهم للعلماء واحترامهم لهم]

[المبحث الرابع منهجهم في التلقي مصادر الدين ومنهج الاستدلال هو منهج أهل السنة]

[توقيرهم للعلماء واحترامهم لهم]

المبحث الرابع

أ - منهجهم في التلقي (مصادر الدين ومنهج الاستدلال)

هو منهج أهل السنة يتميز المنهج الذي عليه الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه وعامة أهل السنة والجماعة قديمًا وحديثًا في مصادر الدين ومنهج التلقي والاستدلال بالأصالة والسلامة والثبات واليقين.

فقد التزموا المنهج الشرعي السليم الذي عليه علماء الأمة من أهل الحديث والفقه والأصول، من سلامة مصادر التلقي ومراعاة قواعد الاستدلال، فهم يعتمدون في تلقي الدين وتقريره والعمل به على الدليل من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة (الوحي) .

وإجماع السلف معتبر عندهم؛ لأن الإجماع لا يكون إلا على ما له دليل من الكتاب والسنة، كما يعتمدون أقوال علماء الأمة المعتبرين من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وأتباعهم وغيرهم

ويعتمدون في الاستدلال على المنهج الشرعي السليم، منهج السلف الصالح، على ما يأتي بيانه في قواعد الاستدلال عندهم.

وهم يستخدمون ما أنعم الله به على عباده من الفطرة النقية والعقل السليم في فهم كلام الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستنباط الدلالات والأحكام منهما، والاجتهاد والفقه في دين الله تعالى.

ويستخدمون العقل في التفكر في خلق الله وآلائه ونعمه، والتوصل بذلك إلى عبادة الله تعالى وذكره وشكره بما شرع.

كما يستخدمون العقل وسائر المواهب التي منحها الله للإنسان في الاجتهاديات والعلوم الطبيعية في عمارة الأرض والاستخلاف فيها وبذل الأسباب؛ أسباب الرزق والقوة والعزة والتمكين، وأسباب النجاح والفلاح وسعادة البشرية في الدنيا والآخرة على ما شرعه الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لكنهم يتجنبون مسالك أهل الأهواء من الفلاسفة والعقلانيين والمتكلمين، ومن سلك سبيلهم من تقديس العقل القاصر المحدود الفاني، المعرض لعوارض النقص وتقديمه على الوحي المعصوم الكامل (كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) .

ص: 97

فالعقل مهما بلغ من الإدراك والتحصيل فإنه تبع للشرع، لا يمكن أن يقدم على الوحي المعصوم ولا أن يحكم فيه.

وهذا المنهج القويم - أعني منهج التلقي والاستدلال على قواعد شرعية مأمونة - يعد من أكبر الفوارق بين أهل السنة وبين مخالفيهم أهل الأهواء والافتراق والابتداع.

ومصادر التلقي تعدُّ أهم ركيزة يبني عليها دين المسلم في العقيدة والأحكام والسلوك ومنهج الحياة كلها؛ لأن التلقي إنما يعنى: تلقي الدين جملة وتفصيلًا وذلك لا يكون إلا عن الله تعالى وما أمر به من التلقي عن رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7][سورة الحشر، آية (7) .] .

وإذا كان مبدأ التلقي عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم (القرآن والسنة) معلومًا بالضرورة عند كل مسلم، ويدعيه المحق والمبطل، والمتبع والمبتدع.

فإن مجرد الدعوى لا تكفي، بل لا بد من تحقيق وبرهان، وعند التحقيق نجد أن السلف الصالح أهل السنة والجماعة، ومنهم إمام هذه الدعوة الإصلاحية المباركة، وأتباعها، هم الذين سلمت عندهم مصادر التلقي نقية صافية، وكذلك منهج الاستدلال بخلاف خصومهم أهل البدع والأهواء والافتراق الذين حادوا عن الحق، ولبسوا على الناس، وسلكوا طريق الغواية وسبل الضلالة، حينما أخذوا يستمدون دينهم أو بعض دينهم من المصادر الداخلية، ومن أوهام العقول، ودعاوي العصمة لمن هم دون الرسول صلى الله عليه وسلم، من الأئمة وغيرهم، من الصالحين والطالحين، والأولياء والأدعياء، وكذلك دعاوي الكشف والذوق ونحو ذلك، مما يفعله كثيرون من أهل الكلام والفلسفة والتصوف والرفض، ومن سلك سبيلهم.

ولذا فإن دعوى الاتباع للكتاب والسنة عند هذه الفئات، دعوى كاذبة وملبسة فهم:(يلبسون الحق بالباطل) .

فكان لزامًا على أهل الحق وأهل العلم أن يبينوا وجه الحق ويكشفوا عن وجه الباطل في هذه المسألة، وهذا ما فعله وقام به إمام الدعوة وعلماؤها وأتباعها، وسائر أهل السنة، ولأن المنهج الحق في التلقي والاستدلال بين واضح بحمد الله لا لبس فيه ولا غموض.

فقد اجتهدت في هذا الفصل في بيان القواعد التي اعتمدها أهل السنة والجماعة، من علماء هذه الدعوة ومن سبقهم من علماء الأمة ومجتهديها على مقتضى الكتاب والسنة

ص: 98

ونهج السلف الصالح - في تلقي الدين والعمل به.

والكشف عن مناهج المخالفين وسبلهم المعوجة الخارجة عن السنة في هذا الموضوع، التي هي سبل الشيطان ومسالك البدعة والضلالة - نسأل الله السلامة - ليحذر منها من وفقه الله وهداه، وتقوم بها الحجة على المكابر والمعاند.

وإن من سمات هذه الدعوة وعلمائها وأتباعها - بحمد الله - الحرص على التفقه في دين الله، والتأصيل الشرعي والتزام السنة والجماعة - من مقل ومكثر - والرجوع إلى أهل العلم، والتزام أصول الدين، وإعلان شعائره في كل مكان.

وهذه سمات تبشر بخير فالرجوع إلى مصادر الدين النقية الصافية، ومناهج السلف في العقيدة والتلقي والاستدلال والتعامل والأحكام - هو وحده - الطريق الذي فيه السلامة والضمانة في تحصيل ما وعد الله به المسلمين من النصر والرفعة والتمكين والاجتماع.

فالعقيدة السليمة وهي التي تجمع المسلمين، والشريعة الإلهية وهي التي تحكمهم - لا يمكن استمدادها إلا من مصادرها النَّقيَّة الصافية (القرآن والسنة) وعلى نهج سليم وهو نهج السلف الصالح وهو:(سبيل المؤمنين) وهذا ما تميزت به هذه الدعوة الإصلاحية المباركة التي يسمونها (الوهابية) عن سائر الدعوات الإصلاحية الحديثة، وهذا من أسباب قوتها وتأثيرها وانتشارها.

أما المصادر الدخيلة في الدين والمناهج المعوجة في الاستدلال التي عليها خصوم الدعوة وخصوم السنة (أهل الأهواء والبدع والافتراق) فلن يكون فيها إلا الفرقة والشتات والتنازع والذلة والهوان، كما هو مبين في النصوص الشرعية ويصدقه الواقع - وكما بينه إمام الدعوة وعلماؤها.

وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك

» الحديث (1) .

وقد أصَّل أهل السنة والجماعة - ومنهم إمام الدعوة وعلماؤها - هذا المنهج الشرعي القويم في التلقي ومنهج الاستدلال بقواعد علمية منهجية متينة، وموازين شرعية استمدوها من القرآن والسنة ونهج السلف الصالح.

(1) أخرجه الإمام أحمد برقم (17142) وقال المحقق «صحيح بطرقه وشواهده» (28) ، وابن أبي عاصم في السنة برقم (33) .

ص: 99

وهذا الأصل العظيم هو ما قرره الإمام محمد بن عبد الوهاب واتباعه بقوة ووضوح ودعا إليه كل المخالفين، واستعد للمباهلة عليه فقال:«وأنا أدعو من خالفني إما إلى كتاب الله، وإما إلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإما إلى إجماع أهل العلم. فإن عاند دعوته إلى المباهلة كما دعا إليها ابن عباس في بعض مسائل الفرائض، وكما دعا إليها سفيان والأوزاعي في مسألة رفع اليدين وغيرهما من أهل العلم» (1) .

وقال في رسالته لرئيس بادية الشام، فاضل آل مزيد: «وأنا أذكر لك أمرين قبل أن أذكر لك صفة الدين:

الأمر الأول: أني أذكر لمن خالفني أن الواجب على الناس اتباع ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته، وأقول لهم: الكتب عندكم انظروا فيها ولا تأخذوا من كلامي شيئاً! لكن إذا عرفتم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في كتبكم فاتبعوه ولو خالفه أكثر الناس» (2) .

ثم قال ناصحاً: «واعلم أنه لا ينجيك إلا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم» (3) .

وقال بعد أن ذكر أدلة التوحيد من القرآن: «فهذا كلام الله، والذي ذكره لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصانا به» (4) .

ثم قال بعد أن بين اعتراض الخصوم على دعوته له للتوحيد: «هذا كلامهم وهذا كلامي أسنده عن الله ورسوله، وهذا هو الذي بيني وبينكم، فإن ذكر عني شيء غير هذا فهو كذب وبهتان» (5) .

وقد جعلوا اتباع الدليل من دينهم وعقيدتهم، فقد سئل ابنا الإمام حسين، وعبد الله، عن عقيدة الشيخ في العمل وفي العبادة؟

فأجابا: «عقيدة الشيخ - رحمه الله تعالى - التي يدين الله بها، هي: عقيدتنا، وديننا الذي ندين الله به؛ وهو: عقيدة سلف الأمة وأئمتها، من الصحابة، والتابعين لهم

(1) الدرر السنية (1/ 55) .

(2)

الرسائل الشخصية (32) .

(3)

الرسائل الشخصية (33) .

(4)

الرسائل الشخصية (33) .

(5)

الرسائل الشخصية (33) .

ص: 100

بإحسان؛ وهو: اتباع ما دل عليه الدليل من كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرض أقوال العلماء على ذلك؛ فما وافق كتاب الله وسنة رسوله قبلناه وأفتينا به، وما خالف ذلك رددناه على قائله.

وهذا: هو الأصل الذي أوصانا الله به في كتابه، حيث قال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 59][سورة النساء، آي: 59] أجمع المفسرون على أن الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، وأن الرد إلى الرسول هو الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته، والأدلة على هذا الأصل كثيرة في الكتاب والسنة، ليس هذا موضع بسطها» (1) .

ب - توقيرهم للعلماء واحترامهم لهم: من نهج السلف الصالح، أهل السنة والجماعة احترام علماء الأمة وأقوالهم من أهل السنة والاستقامة، وسؤالهم والرجوع إليهم كما أمر الله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43][سورة النحل، آية: 43] وتوقيرهم، لكن ليس لأحد منهم عصمة فقد يزل العالم فلا يتبع على زلته، ولا ينقص من قدره.

وهذا المنهج القويم هو الذي سلكه إمام الدعوة وأتباعه وكثيرًا ما يعوَّل عليه، وكانوا - كما هو مسطور في كتبهم وآثارهم - يعتمدون كتب العلماء من أهل الحديث والتفسير والفقه والأصول والعقيدة واللغة، ويعتدون بما أجمع عليها العلماء، ويحترمون الموافق والمخالف في الاجتهاديات.

وقد أكد هذا الأصل الإمام وأتباعه، وذلك لمَّا لجَّت القضية بينه وبين خصومه من أهل البدع والأهواء والذين قد ينتسب بعضهم إلى مذاهب العلماء المتبوعة، فصار يحاكمهم (بعد الكتاب والسنة) إلى قول العلماء المعتبرين.

إذ قال عن بعض خصومه: «وهكذا هؤلاء، لما ذكرت لهم، ما ذكره الله ورسوله، وما

(1) الدرر السنية (1) .

ص: 101

ذكره أهل العلم، من جميع الطوائف، من الأمر بإخلاص الدين لله، والنهي عن مشابهة أهل الكتاب من قبلنا، في اتخاذ الأحبار، والرهبان، أربابًا من دون الله، قالوا لنا: تنقصتم الأنبياء، والصالحين، والأولياء؛ والله تعالى ناصر لدينه، ولو كره المشركون.

وها أنا أذكر مستندي في ذلك، من كلام أهل العلم، من جميع الطوائف، فرحم الله من تدبرها بعين البصيرة، ثم نصر الله، ورسوله، وكتابه، ودينه؛ ولم تأخذه في ذلك لومة لائم» (1) .

ثم ساق أقوال العلماء من أئمة المذاهب الأربعة الحنابلة، والحنفية، والشافعية، والمالكية (2) .

وقال في محاجته لمخالفيه حينما دعا إلى توحيد الله تعالى والنهي عن الشرك، وأنكروا عليه فقال:«قلت لهم: أنا أخاصم الحنفي، بكلام المتأخرين من الحنفية، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، كل: أخاصمه بكتب المتأخرين من علمائهم، الذين يعتمدون عليهم، فلما أبوا ذلك، نقلت كلام العلماء من كل مذهب لأهله، وذكرت كل ما قالوا، بعدما صرحت الدعوة عند القبور، والنذر لها، فعرفوا ذلك، وتحققوه، فلم يزدهم إلا نفورًا» (3) .

قال: «ولا خلاف بيني وبينكم: أن أهل العلم إذا أجمعوا وجب اتباعهم؛ وإنما الشأن إذا اختلفوا، هل يجب عليّ أن أقبل الحق ممن جاء به، وأرد المسألة إلى الله والرسول، مقتديًا بأهل العلم؟ أو أنتحل بعضهم من غير حجة؟ وأزعم أن الصواب في قوله؟» (4) .

وقال مبينًا موقفه من علماء الأمة، الأئمة الأربعة وغيرهم: «وأما ما ذكرتم: من حقيقة الاجتهاد، فنحن مقلدون الكتاب والسنة، وصالح

(1) الدرر السنية (2

) .

(2)

انظر: الدرر السنية (2

) .

(3)

الدرر السنية (1، 82) .

(4)

الدرر السنية (1) .

ص: 102

سلف الأمة، وما عليه الاعتماد، من أقوال الأئمة الأربعة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل، رحمهم الله تعالى» (1) .

ويقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: «ثم إنا نستعين على فهم كتاب الله، بالتفاسير المتداولة المعتبرة، ومن أجلها لدينا: تفسير ابن جرير، ومختصره لابن كثير الشافعي، وكذا البغوي، والبيضاوي، والخازن، والحداد، والجلالين، وغيرهم. وعلى فهم الحديث، بشروح الأئمة المبرزين: كالعسقلاني، والقسطلاني، على البخاري، والنووي على مسلم، والمناوي على الجامع الصغير.

ونحرص على كتب الحديث، خصوصاً: الأمهات الست، وشروحها؛ ونعتني بسائر الكتب، في سائر الفنون، أصولاً، وفروعاً، وقواعد، وسيراً، ونحواً، وصرفاً، وجميع علوم الأمة» (2) .

(1) الدرر السنية (1) .

(2)

الدرر السنية (1) .

ص: 103