الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: أنه يقول: الذي يأخذه القضاة قديمًا وحديثًا - إذا قضوا بالحق بين الخصمين، ولم يكن بيت مال لهم ولا نفقة - إن ذلك رشوة (1) . هذا القول بخلاف المنصوص عن جميع الأمَّة: أن الرشوة ما أُخِذ لإبطال حقٍّ أو لإحقاق باطل، وأن للقاضي أن يقول للخصمين: لا أقضي بينكما إلا بجُعْل.
ومنها: أنه يقطع بكفر الذي يذبح الذبيحة ويسمِّي عليها ويجعلها لله تعالى، ويدخل مع ذلك دفع شر الجن، ويقول: ذلك كفر واللحم حرام، فالذي ذكره العلماء في ذلك أنه مَنْهِيٌّ عنه فقط وذكره في حاشية «المنتهى» (2) .
فبيِّنوا رحمكم الله للعوامِّ المساكين الذي لبَّس عليهم، وأبطل عليهم الاعتقاد الصحيح، فإن رأيتم أن ذلك صواب فبيِّنُوه لنا ونرجع إلى قوله (3)«وإن رأيتموه خطأ فادعوه وازجروه (4) وبينوا للناس خطأه، فقد افتتن بسببه ناس كثير من أهل قُطْرنا، فتداركوا - رحمكم الله - الأمر قبل أن يرسخ في النفوس، فإن الجواب متعيِّنٌ على من وقف عليه ممن له معرفة بحكم الله ورسوله؛ لأن ذلك إظهار للحق عند خفائه، وإدحاض للباطل» (5) .
[جواب الإمام وابنه عبد الله على هذه المفتريات ونحوها]
جواب الإمام وابنه عبد الله على هذه المفتريات ونحوها: ومما يكشف حقيقة هذا الرجل «ابن سحيم» وأمثاله هذه الرسالة القيمة التي بعثها الشيخ الإمام إليه ناصحًا وعاتبًا وموبخًا له وكاشفًا لحاله وما كان عليه من التناقض والاضطراب والكيد للدعوة وإمامها.
ومما قال فيها: «فإن كان هذا قدر فهمك، فهذا من أفسد الأفهام، وإن كنت
(1) ليس هذا قول الشيخ فيما أعلم والمسألة خلافية أيضًا.
(2)
نعم ما ذكره عن الإمام حق وهو الصواب بمقتضى الأدلة وما كان عليه السلف الصالح وقد بين ذلك بالأدلة. كما سيأتي قريبًا.
(3)
هذا كلام حق لو أنه التزمه.
(4)
هذا استعداء وتحريض.
(5)
تاريخ نجد لابن غنام (2 - 91) تحقيق ناصر الدين الأسد.
تلبس به على الجهال، فلا أنت برابح» (1) .
ثم قال مشفقًا على أولئك الجهال الذي يلبس عليهم ابن سحيم: «يعتقدون أنكم علماء، ونداريكم نود أن الله يهديكم ويهديهم، وأنت إلى الآن أنت وأبوك، لا تفهمون شهادة أن لا إله إلا الله» .
«ونكشف لك هذا كشفًا بيناً، لعلك تتوب إلى الله، وتدخل في دين الإسلام، إن هداك الله» (2) .
ثم قال: «وكشف ذلك بوجوه:
الوجه الأول: أنكم تقرون، أن الذي يأتيكم من عندنا هو الحق، وأنت تشهد به ليلًا ونهارا، وإن جحدت هذا، شهد عليك الرجال والنساء.
ثم [مع] هذه الشهادة «أن هذا دين الله» أنت وأبوك: مجتهدان، وتبهتون وترمون المؤمنين بالبهتان العظيم، وتصورون على الناس الأكاذيب الكبار، فكيف تشهد أن هذا دين الله، ثم تتبين (3) في عداوة من تبعه؟!
الوجه الثاني: أنك تقول إني أعرف التوحيد، وتقر أن من جعل الصالحين وسائط، فهو كافر، والناس يشهدون عليك أنك تروح للمولد (4) وتقرؤه لهم، وتحضرهم وهم ينخون (5) ويندبون مشايخهم، ويطلبون منهم الغوث والمدد، وتأكل اللقم من الطعام المعد لذلك، فإذا كنت تقر: أن هذا كفر، فكيف تروح لهم، وتعاونهم عليه، وتحضر كفرهم؟! .
الوجه الثالث: أن تعليقهم التمائم، من الشرك (6) بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر
(1) الدرر السنية (10) .
(2)
الدرر السنية (10) .
(3)
أي تتصدى وتشتهر.
(4)
المولد بدعة.
(5)
أي يستنجدون ويَسْتغيثون.
(6)
يقصد ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «من تعلق تميمة فقد أشرك» .
رواه الإمام أحمد (4) من حديث عقبة بن عامر، ورواته ثقات. راجع: فتح المجيد ص (102) .
تعليق التمائم صاحب الإقناع، في أول الجنائز، وأنت تكتب الحجب، وتأخذ عليها شرطًا حتى أنك تكتب لامرأة حجابًا لعلها تحبل، وشرطت لك أحمرين، وطالبتها تريد الأحمرين، فكيف تقول: إني أعرف التوحيد؟ وأنت تفعل هذه الأفاعيل؟ وإن أنكرت، فالناس يشهدون عليك بهذا.
الوجه الرابع: أنك تكتب في حجبك طلاسم، وقد ذكر في الإقناع أنها من السحر، والسحر يكفر صاحبه، فكيف تفهم التوحيد، وأنت تكتب الطلاسم؟ وإن جحدت فهذا خط يدك موجود.
الوجه الخامس: أن الناس فيما مضى، عبدوا الطواغيت، عبادة ملأت الأرض، بهذا الذي تقر أنه من الشرك، ينخونهم ويندبونهم، ويجعلونها وسائط، وأنت وأبوك تقولان نعرف هذا، ولكن ما سألونا، فإذا كنتما تعرفانه، كيف يحل لكما أن تتركا الناس يكفرون؟ ما تنصحانهم ولو ما سألوكما.
الوجه السادس: أنّا لما أنكرنا عبادة غير الله، بالغتم في عداوة هذا الأمر وإنكاره، وزعمتم أنه مذهب خامس، وأنه باطل، وإن أنكرتم فالناس يشهدون عليكم بذلك، وأنتم مجاهرون به، فكيف تقولون هذا كفر، ولكن ما سألونا عنه؟ فإذا قام من يبين للناس التوحيد، قلتم إنه مغير الدين، وآت بمذهب خامس، فإذا كنت تعرف التوحيد، وتقر أن كلامي هذا حق، فكيف تجعله تغييرًا لدين الله؟ وتشكونا عند أهل الحرمين؟» (1) .
ثم أجاب الشيخ كذلك عن شبهات سليمان بن سحيم ومزاعمه في رسالة أخرى بعثها إلى عبد الله بن سحيم قال فيها:
«من محمد بن عبد الوهاب إلى عبد الله بن سحيم وبعد: ألفينا مكتوبك وما ذكرت فيه من ذكرك وما بلغك، ولا يخفاك أن المسائل التي ذكرت أنها بلغتكم في كتاب من العارض جملتها أربع وعشرون مسألة بعضها حق وبعضها بهتان وكذب.
وقبل الكلام فيها لا بد من تقديم أصل: وذلك أن أهل العلم إذا اختلفوا، والجهّال إذا تنازعوا ومثلي ومثلكم إذا اختلفنا في مسألة هل الواجب اتباع أمر الله ورسوله وأهل العلم؟ أو
(1) الدرر السنية (10 - 33) .
الواجب اتباع عادة الزمان التي أدركنا الناس عليها، ولو خالفت ما ذكره العلماء في جميع كتبهم، وإنما ذكرت هذا ولو كان واضحًا لأن بعض المسائل التي ذكرت أنا قلتها لكن هي موافقة لما ذكره العلماء في كتبهم، الحنابلة وغيرهم.
ولكن هي مخالفة لعادة الناس التي نشأوا عليها فأنكرها عليّ لأجل مخالفة العادة وإلا فقد رأوا تلك في كتبهم عيانا، وأقروا بها وشهدوا أن كلامي هو الحق لكن أصابهم ما أصاب الذين قال الله فيهم {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89] [سورة البقرة، آية: 89] .
وهذا هو ما نحن فيه بعينه، فإن الذي راسلكم هو عدو الله ابن سحيم، وقد بينت ذلك له فأقر به، وعندنا كتب يده في رسائل متعددة أن هذا هو الحق، وأقام على ذلك سنين، لكن أنكر آخر الأمر لأسباب أعظمها البغي أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده.
وذلك أن العامة قالوا له ولأمثاله إذا كان هذا هو الحق فلأي شيء لم تنهونا عن عبادة شمسان وأمثاله، فتعذروا: أنكم ما سألتمونا، قالوا: وإن لم نسألكم كيف نشرك بالله عندكم ولا تنصحونا، وظنوا أن يأتيهم في هذا غضاضة وأن فيه شرفًا لغيره، وأيضًا لما أنكرنا عليهم أكل السحت والرشا (1) إلى غير ذلك من الأمور، فقام يدجل عندكم وعند غيركم بالبهتان والله ناصر دينه ولو كره المشركون.
وأنت لا تستهون مخالفة العادة على العلماء فضلًا عن العوام، وأنا أضرب لك مثلًا بمسألة واحدة وهي مسألة الاستجمار ثلاثًا فصاعدًا غير عظم ولا روث، وهو كاف مع وجود الماء عند الأئمة الأربعة وغيرهم، وهو إجماع الأمة لا خلاف في ذلك، ومع هذا لو يفعله أحد لصار هذا عند الناس أمرًا عظيماً، ولنهوا عن الصلاة خلفه، وبدّعوه مع إقرارهم بذلك ولكن لأجل العادة.
إذا تبين هذا فالمسائل التي شنع بها منها: ما هو من البهتان الظاهر وهي قوله:
إني مبطل كتب المذاهب.
وقوله: إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء.
وقوله: إني أدعي الاجتهاد.
(1) يعني: الرشوة.
وقوله: إني خارج عن التقليد.
وقوله: إني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة.
وقوله: إني أكفر من توسل بالصالحين.
وقوله: إني أكفر البوصيري لقوله يا أكرم الخلق.
وقوله إني أقول: لو أقدر على هدم حجرة الرسول لهدمتها ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزابًا من خشب.
وقوله: إني أنكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: إني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهم.
وإني أُكَفِّر من يحلف بغير الله.
فهذه اثنتا عشرة مسألة جوابي فيها أن أقول: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16][سورة النور، آية: 16] ولكن قبله من بهت النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم ويسب الصالحين «تشابهت قلوبهم» وبهتوه بأنه يزعم أن الملائكة، وعيسى، وعزيرًا في النار فأنزل الله في ذلك {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] [سورة الأنبياء، آية: 101] .
وأما المسائل الأخرى وهي أني أقول: لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى لا إله إلا الله.
ومنها: أني أُعرِّف من يأتيني بمعناها.
ومنها: أني أقول الإله هو الذي فيه السر.
ومنه: تكفير الناذر إذا أراد به التقرب لغير الله وأخذ النذر كذلك.
ومنها: أن الذبح للجن كفر، والذبيحة حرام ولو سمى الله عليها إذا ذبحها للجن.
فهذه خمس مسائل كلها حق وأنا قائلها. ونبدأ بالكلام عليها لأنها أمّ المسائل وقبل ذلك أذكر معنى لا إله إلا الله فنقول: التوحيد نوعان توحيد الربوبية وهو: أن الله سبحانه متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم، وهذا حق لا بد منه؛ ليدخل الرجل في الإسلام؛ لأن أكثر الناس مقرون به قال الله تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31][سورة يونس، آية: 31] .
وأن الذي يدخل الرجل في الإسلام هو توحيد الألوهية، وهو: أن لا يعبد إلا الله لا ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرسلا، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث وأهل الجاهلية يعبدون أشياء مع الله، فمنهم من يدعو الأصنام، ومنهم من يدعو عيسى، ومنهم من يدعو الملائكة فنهاهم عن هذا، وأخبرهم أن الله أرسله ليوحد ولا يدعى أحد من دونه لا الملائكة ولا الأنبياء، فمن تبعه ووحد الله فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله، ومن عصاه ودعا عيسى والملائكة واستنصرهم، والتجأ إليهم فهو الذي جحد لا إله إلا الله مع إقراره أنه لا يخلق ولا يزرق إلا الله.
وهذه جملة لها بسط طويل، لكن الحاصل أن هذا مجمع عليه بين العلماء، ولما جرى في هذه الأمة ما أخبر به نبيها صلى الله عليه وسلم حيث قال:«لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» (1) وكان من قبلهم كما ذكر الله عنهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31][سورة التوبة، آية: 31] ، فصار ناس من الضالين يدعون أناسًا من الصالحين في الشدة والرخاء مثل عبد القادر الجيلاني، وأحمد البدوي، وعدي بن مسافر، وأمثالهم من أهل العبادة والصلاح، فأنكر عليهم أهل العلم غاية الإنكار، وزجروهم عن ذلك، وحذروهم غاية التحذير والإنذار من جميع المذاهب الأربعة في سائر الأقطار والأمصار فلم يحصل منهم انزجار بل استمروا على ذلك غاية الاستمرار.
وأما الصالحون الذين يكرهون ذلك فحاشاهم من ذلك، وبيّن أهل العلم أن أمثال هذا هو الشرك الأكبر، وأنت ذكرت في كتابك تقول: يا أخي ما لنا والله دليل إلا من كلام أهل العلم وأنا أقول: كلام أهل العلم رضى، وأنا أنقله لك وأنبهك عليه فتفكر فيه وقم لله ساعة ناظرًا ومناظرًا مع نفسك ومع غيرك، فإن عرفت أن الصواب معي، وأن دين الإسلام اليوم من أغرب الأشياء أعني دين الإسلام الصرف الذي لا يمزج بالشرك والبدع وأما الإسلام الذي ضده الكفر فلا شك أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأمم وعليها تقوم الساعة.
فإن فهمت أن كلامي هو الحق فاعمل لنفسك، واعلم أن الأمر عظيم، والخطب
(1) رواه البخاري برقم (3456) ، ومسلم (2669) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. ولفظه عندهما «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع» ، وأما لفظ «حذو القذة بالقذة» فقد أخرجه أحمد في المسند (4) .
جسيم، فإن أشكل عليك شيء فسفرك إلى المغرب في طلبه غير كثير، واعتبر لنفسك حيث قلت لي فيما مضى: إن هذا هو الحق الذي لا شك فيه لكن لا نقدر على تغييره، وتكلمت بكلام حسن، فلما غربلك (1) الله بولد المويس ولبَّس عليك، وكتب لأهل الوشم يستهزئ بالتوحيد، ويزعم أنه بدعة، وأنه خرج من خراسان ويسب دين الله ورسوله لم تفطن لجهله وعظم ذنبه وظننت أن كلامي فيه من باب الانتصار للنفس، وكلامي هذا لا يغيرك فإن مرادي أن تفهم أن الخطب جسيم، وأن أكابر أهل العلم يتعلمون هذا ويغلطون فيه فضلًا عنا وعن أمثالنا فلعله إن أشكل عليك تواجهني.
هذا إن عرفت أنه حق وإن كنت إذا نقلت لك عبارات العلماء عرفت أني لم أفهم معناها وأن الذي نقلت لك كلامهم أخطئوا، وأنهم خالفهم أحد من أهل العلم فنبهني على الحق وأرجع إليه إن شاء الله تعالى» (2) .
كما رد الشيخ عبد الله بن الإمام محمد على كثير من هذه المزاعم: قائلا: «وأما ما يكذب علينا: سترًا للحق، وتلبيسًا على الخلق.
بأنا نفسر القرآن برأينا، ونأخذ من الحديث ما وافق فهمنا، من دون مراجعة شرح، ولا معول على شيء.
وأنا نضع من رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقولنا: النبي رمة في قبره، وعصا أحدنا أنفع له منه، وليس له شفاعة، وأن زيارته غير مرغوبة، وأنه كان لا يعرف معنى لا إله إلا الله، حتى أنزل عليه فاعلم أنه لا إله إلا الله، مع كون الآية مدنية.
وأنا لا نعتمد على أقوال العلماء.
ونتلف مؤلفات أهل المذاهب، لكون فيها الحق والباطل.
وأنا مجسمة.
وأنا نكفر الناس على الإطلاق أهل زماننا، ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن عليه.
(1) أي: ابتلاك.
(2)
الرسائل الشخصية (62 - 66) .
ومن فروع ذلك: أنا لا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرير عليه بأنه كان مشركا، وأن أبويه ماتا على الإشراك بالله.
وأنا ننهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ونحرم زيارة القبور المشروعة مطلقا، وأن من دان بما نحن عليه، سقطت عنه جميع التبعات، حتى الديون.
وأنا لا نرى حقًا لأهل البيت - رضوان الله عليهم - وأنا نجبرهم على تزويج غير الكفء لهم.
وأنا نجبر بعض الشيوخ على فراق زوجته الشابة، لتنكح شابا، إذا ترافعوا إلينا.
فلا وجه لذلك؛ فجميع هذه الخرافات، وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولا، كان جوابنا في كل مسألة من ذلك: سبحانك هذا بهتان عظيم؛ فمن روى عنا شيئًا من ذلك، أو نسبه إلينا، فقد كذب علينا وافترى.
ومن شاهد حالنا، وحضر مجالسنا، وتحقق ما عندنا، علم قطعا: أن جميع ذلك وضعه، وافتراه علينا، أعداء الدين، وإخوان الشياطين، تنفيرًا للناس عن الإذعان، بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة، وترك أنواع الشرك، الذي نص الله عليه بأن الله لا يغفره {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] [سورة النساء، آية: 48] فإنا نعتقد: أن من فعل أنواعًا من الكبائر، كقتل المسلم بغير حق، والزنا، والربا، وشرب الخمر، وتكرر منه ذلك: أنه لا يخرج بفعله ذلك عن دائرة الإسلام، ولا يخلد به في دار الانتقام، إذا مات موحدًا بجميع أنواع العبادة.
والذي نعتقده: أن رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق، وأنه حي في قبره، حياة برزخية، أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل، إذ هو أفضل منهم بلا ريب، وأنه يسمع سلام المسلم عليه، وتسن زيارته، إلا أنه لا يشد الرحل إلا لزيارة المسجد والصلاة فيه، وإذا قصد مع ذلك الزيارة فلا بأس، ومن أنفق نفيس أوقاته، بالاشتغال بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم الواردة عنه، فقد فاز بسعادة الدارين، وكفي همه وغمه، كما جاء في الحديث عنه» (1) .
(1) الدرر السنية (1، 230) .