الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكونُ اللَّهُ عز وجل مُوَكِّلًا، قال تعالى:{فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام: 89]، وليس التوكيلُ مِنَ اللَّه سبحانه وتعالى كتَوْكِيلي لفلانٍ وفلانٍ؛ لأن تَوْكِيلي لفلانٍ وفلان إما لعَجْزِي أو لتَّقْصِيرِي أو ما أشبه ذلك، لكنَّ تَوْكيلَ اللَّهِ سبحانه وتعالى بمعنى أن اللَّه عز وجل يجعلُ هؤلاءِ هُمُ القائِمُون بها، لا أنه سبحانه وتعالى عاجزٌ.
وبعض الناس مِنَ العَوامِّ إذا وكَّلْتَهُ بشيءٍ قال: (وكِّلِ اللَّه)، ولا بأس بمثل هذه العبارة، وقوله:(وكِّلِ اللَّه) يعني: اجْعَله حَفِيظًا، واللَّه سبحانه وتعالى حفيظٌ على كلِّ شيءٍ، وليس معناها أنه هو اللَّه، بل المعنى: اجعلِ اللَّه وَكِيلًا وحَارِسًا، أي: حَفِيظًا، وأني سأقومُ بالأمَانَةِ؛ لأن اللَّه تعالى لا يَغِيبُ عنه شيء، وهو عَليمٌ بكُلِّ شيءٍ.
من فوائد الآية الكريمة:
الفَائِدةُ الأُولَى: وجوبُ إفرادِ اللَّهِ سبحانه وتعالى بالتَّوَكُّلِ والاعتمادِ، لقولِهِ:{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} .
الفَائِدةُ الثَّانِية: ينْبَغِي للصابِرِ أن يعتَمِدَ على ربِّهِ في صبرِهِ، لقوله سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} ، وفائدةُ اعتمادِهِ في صَبر على رَبِّهِ:
أولًا: الثَباتُ على ذَلِكَ، فإن اللَّه سبحانه وتعالى يقولُ:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].
ثانيًا: أن صَبْرَهُ يكون عبادةً؛ لأن بعضَ الناس يَصْبِرُ ويتَجَلَّدُ على حَدِّ قول الشاعرِ
(1)
:
(1)
البيت لأبي ذؤيب قاله يرثي بنيه، ذكره الزمخشري في الكشاف (2/ 357).
وَتجلُّدِي لِلشَّامِتِينَ أُرِيهُمْ
…
أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لَا أتَضَعْضَعُ
هذا الصَّبْرُ لا شك أنه خلق جميلٌ، لكنه لا يُثابُ عليه، وإنما يُثابُ على الصبْرِ المقرونِ بالتَّوَكُّلِ على اللَّه سبحانه وتعالى، فهو الذي يكونُ فيهِ الثَّوابُ والأجْرُ.
الفَائِدةُ الثَّالِثة: كفايةُ اللَّهِ عز وجل لأنه لا يَتَوَكَّلُ إلا عَلَى مَنْ هو كافٍ.
* * *