الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (32)
* * *
* قالَ اللَّه عز وجل: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت: 32]
* * *
قوله: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا} {لُوطًا} منصوبة؛ لأنها اسمُ {إِنَّ} مُؤَخَّرٌ.
قَال المُفَسِّر: [{قَالَ} إبراهِيمُ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا} أي: الرُّسُلُ {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا}]: {أَعْلَمُ} ظاهِرُهَا أنها اسمُ تفْضِيلِ والمفَضَّلُ عليه (إبراهيم).
وجه ذلك: أن هذا التَّعْبيرَ يخاطَبُ به من يُرادُ إعلامُهُ عند المتكلم كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ"
(1)
. فإبراهيم عليه الصلاة والسلام قالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]، فقولُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم:"نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ"، فـ (أحَقُّ) اسمُ تَفْضِيلٍ.
لكن باعتبارِ المفَضَّلِ والمفَضَّلِ عليه هل يُوجَدُ منهما شَكٌّ؟
الجواب: لا، فالمعنى أنه لو كانَ عندَ إبراهيمَ عليه السلام شَكٌّ لكُنَّا أولى منه، فكما أننا لا نشُكُّ فإبراهيم لا يشك.
(1)
أخرجه البخاري: كتاب الأنبياء، باب قوله عز وجل:{وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} ، رقم (3192)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة، رقم (151).
وقوله: {نَحْنُ أَعْلَمُ} معناها: كما أنكَ أنتَ عالمٌ فنَحْنُ عنْدنَا عِلْمٌ بذلك.
وقولُه: {أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا} يَشْمَلُ لوطًا وغيرَه؛ لأن (مَنْ) اسم موصولٌ يُفيدُ العُمومَ.
لو قال قائل: لماذا لا نجَعَلُ أفعلَ التَّفضيلِ على بابِه وتَكونُ الملائكة أعلمُ مِن إبراهيمَ؟
فالجواب: إذا قُلْنا باعتبارِ عِلْمِ الملائكةِ بالمجموع -أي: بلُوطٍ وقومِهِ- فلا مانِعَ من أن تكونَ الملائكِةُ أعلمُ مِن إبراهيمَ؛ لأننا لا نَجْزِمُ أن إبراهيم يعلَمُ كلَّ مَنْ فيها، وإذا قلنا باعتِبَارِ ما وقَعَ عنه الاعتراض، وهو قوله:{إنَّ فِيهَا لُوطًا} فليست على بَابِها، بل المعنى: نحن عالمون كما أنتَ عالمٌ.
قَال المُفَسِّر رحمه الله: [{لَنُنَجِّيَنَهُ} بالتَّخْفِيفِ والتَّشْدِيدِ]: قراءتان سَبْعِيَّتَانِ
(1)
، (نُنَجِّي) من المضَعَّفِ (نَجَّى)، و (نُنْجِي) من المزيدِ بالهَمْزةِ (أَنْجَى)، وكلاهما صحيح، والمعنى واحد، والنَّجاةُ معناها الإنقاذُ مِنَ الهلاكِ.
قوله: {لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ} العطفُ هُنا على الضَّمِير.
الجملةُ في قولِهِ: {لَنُنَجِّيَنَّهُ} مؤكدَّةٌ بثلاثَةِ مؤكِّدَاتٍ، وهي: القَسمُ المقَدَّرُ، واللامُ، ونُونُ التَّوكيدِ.
قوله: {إِلَّا امْرَأَتَهُ} مستَثْنَى من قولِهِ: {وَأَهْلَهُ} ، والمرادُ بالمرأةِ هُنَا الزَّوجَةُ.
قوله رحمه الله: [{كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} البَاقِينَ فِي العَذَابِ]: {كَانَتْ} هل نَقُولُ: إن (كان) فِعل ماضٍ مسلوبُ الزَّمَنِيَّةَ كما في قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ
(1)
انظر: إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر (ص: 440)، والبحر المحيط (8/ 355).