الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فوائد الآيتين الكريمتين:
الفَائِدةُ الأُولَى: حرصُ الكافِرينَ على إِغواءِ المؤمنين لقولهم: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا} .
الفَائِدةُ الثَّانِيةُ: أن أولئكَ الضَّالينَ يستَعْملونَ أساليبَ الدِّعَايةِ الباطِلَةِ كقولهِمْ: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} ، فإن هذا مِنَ الدِّعايةِ الباطِلَةِ.
الفَائِدةُ الثَّالِثة: أن هؤلاءِ الدُّعاةِ إلى الضَّلالِ كاذِبونَ فيما التَزمُوا به من حَملِ الخَطَايا؛ لقوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} .
الفَائِدةُ الرَّابِعَةُ: أن من كَفَرَ هانَ عليه ما دُونَ الكُفْرِ، فهؤلاء كَفروا فهانَ عليهم الكَذِبُ لقولهِ:{وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} .
الفَائِدةُ الخامِسةُ: الحذَرُ مِن دَعوةِ أهلِ الضَّلالِ ودِعَايتِهِمْ، وأقصدُ بالدِّعَايَةِ تَزْيينُ ما دَعَوا إليه وتَسْهِيلَهُ في نُفوسِ المدْعُوِّينَ، فيجِبُ علينا أن نَحْذَرَ من هؤلاءِ.
الفَائِدةُ السَّادسَة: تَقريرُ قولِهِ تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، لقولِهِ:{وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ} .
الفَائِدةُ السَّابِعةُ: إثباتُ عِلمِ اللَّهِ لقولِهِ: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ} ؛ لأنه خَبَرٌ عن الذي سيقَعُ في المستقبلِ.
الفَائِدةُ الثَّامِنةُ: إثباتُ عَدلِ اللَّه حيثُ لا يحمَّلُ أحدٌ خَطِيئةَ أحَدٍ.
الفَائِدةُ التَّاسِعةُ: أن الدُّعاةَ إلى الشَّرِّ عليهم من أوزارِ المدْعُوِّين؛ لقولِهِ عز وجل: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} .
الفَائِدةُ الْعاشِرَةُ: أن الدُّعاةَ إلى الخيرِ لهم مِثلُ أجرِ المدْعُوِّينَ؛ لأنه إذا كان الدَّاعِي
إلى الشرِّ ينالُه من العُقوبَةِ وهذا من العَدلِ، فإن الدَّاعِيَ إلى الخيرِ ينالُهُ من الأجْرِ؛ لأن اللَّه سبحانه وتعالى ذُو فَضلٍ عَظِيمٍ، فإذا كان اللَّهُ يُعاقِبُ مَن دَعَا إلى الضَّلالَةِ فكيف لا يُثيبُ من دَعَا إلى الهُدَى.
الفَائِدةُ الحَادِيةَ عشْرَةَ: خطورةُ الدَّعوةِ إلى الضَّلالِ، حيث إنَّ كلَّ من تأثَّر بهذه الدَّعوة فإن عَلَى الدَّاعِي مثلَ وِزْرهِ، أو مِنْ وِزْرِه، كما قال اللَّه سبحانه وتعالى:{وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25].
الفَائِدةُ الثانِية عشْرة: إثباتُ يومِ القيامَةِ، لقولِهِ:{وَلَيُسْأَلُنَّ} .
الفَائِدةُ الثالثةَ عَشَرَةَ: إثباتُ سؤالِ هؤلاءِ عَنْ أعمالهِمِ السَّيئةِ، لقوله:{عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} وقد جَمَعْنَا في موضعٍ آخر قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص: 78]، وبينَ قولِهِ تعالى في هَذِهِ الآية:{وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [العنكبوت: 13].
الفَائِدةُ الرابعةَ عَشَرَةَ: أن الكَذِبَ يُعاقَب عليه المرءُ، لقوله:{عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} يعني: الَّذي كانُوا يَفْتَرُونه، أما الكذِبُ المباحُ فلا عُقوبة فيهِ، لكن الكذبَ غيرُ المباحِ عليه عُقوبَةٌ، وهناك من يقولُ مِنَ الناس: إن الكَذبَ نوعانِ: أبيض وأسود، فالأسودُ هو ما كان عليه العُقوبَةُ، والأبيض لا عقوبة فيه، والحقيقةُ أن الكَذِبَ كُلُّه أسودُ، وقد يقولون: الأسودُ ما فِيهِ أكْلُ مالٍ للغَيْرِ أو اعتداءٌ عليه أو انتهاكٌ لعِرْضِهِ، يعني ما فيه مَضَّرة على الغَيرِ فهو كَذِب أسود، وأما ما فيه التَّرْويحُ عن النَّفْسِ والإصلاح وما أشبه ذلك فهذا أبيض، وهذا ليسَ بصَحيحٍ، بل وَرَدَ الوعيدُ على مَن كذِبَ ليُضْحِكَ به القومُ كما في قولِهِ صلى الله عليه وسلم: "وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ
فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ"
(1)
، فالإنسانُ يجِبُ عليه أن يتَجَنَّبَ الكَذِبَ كُلَّهُ، والأصل أن الكَذِبَ حرامٌ.
لو قال قائل: هل على الدَّاعِينَ إلى الضَّلالِ وِزْرٌ من كل الأعمالِ السيِّئَةِ للمَدْعُوِّين؟
فالجواب: على الدَّاعِينَ وِزْرُ ما تأثَّرُوا به من دَعْوتِهِمْ، وكذلك كلُّ شيء يتَّبعُ ما دَعَوا إليه فعَليهم وِزْرُهُ، أما الأعمالُ السيِّئةُ الأُخْرى وما لا دَخْلَ له بالدَّعوةِ، فليس عليهم مِنْ وِزْرِهِ شيء.
* * *
(1)
أخرجه أبو داود: كتاب الأدب، باب في التشديد في الكذب، رقم (4990)؛ والنسائي: كتاب تفسير القرآن، باب سورة المطففين، رقم (11655)؛ والترمذي: كتاب الزهد، باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس، رقم (2315)؛ وأحمد (5/ 2)(20035).