المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (58) * * * * قالَ اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا - تفسير العثيمين: العنكبوت

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآيات (1 - 3)

- ‌الآية (3)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة:

- ‌الآية (4)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (5)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (6)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (7)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (8)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (9)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (10)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (11)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (12، 13)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (21)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (22)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (23)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (24)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (25)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (28)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (29)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (30)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (31)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (32)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (33)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌(الآية: 34)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (35)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (36 - 37)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (38)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (39)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (40)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (41)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (42)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (43)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (44)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (45)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (46)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (47)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (48)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (49)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (50)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (51)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (52)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيات (53 - 55)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة:

- ‌الآية (56)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (57)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (58)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (59)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (60)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (61)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (62)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (63)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (64)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (65)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (66)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (67)

- ‌الآية (68)

- ‌الآية (69)

الفصل: ‌ ‌الآية (58) * * * * قالَ اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا

‌الآية (58)

* * *

* قالَ اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [العنكبوت: 58].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} نُنَزِّلَنَّهُم، وفي قِراءَةٍ بالمثلثَةِ بعدَ النون

(1)

، مِنَ الثَّواءِ: الإقامَةِ، وتَعْدِيتُه إلى {غُرَفًا} هو بحذْفِ (في)] اهـ.

فالآية فيها قراءتانِ: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} بمعنى لنُنَزِّلَنَّهم، وعلى هذا فتكون الهاءُ في (نُبَوِّئنهم) المفعولَ الأولَ و {غُرَفًا} المفعولَ الثاني.

وفي قراءةٍ أخرى بدلِ (الباء)(ثاء)، وبَدَلِ الهَمْزَةِ (ياء):"لنُثْوِيَنّهم" مأخوذةٌ من الثَّواءِ وهو الإقامَةُ، يقال: ثَوَى في المكانِ أقامَ فِيهِ، وعلى هذا فتكون {غُرَفًا} منصوبةً بنزعِ الخافِضِ أي: لنُقَيِّمَنَّهم في غُرَفٍ.

وقيل: إنها منصوبةُ بتَعَدِّي الفِعْلِ إليها على سبيلِ التَوَسُّعِ، وهذا أصحُّ؛ لأننا على هذا الوجه لا نحتاج إلى تقديرِ (في).

والقراءتانِ يَثْبُتُ معناهما فتكونُ الآيةُ على الإنزالِ، وأنه إنزالُ إقامَةٍ لا إنزالَ

(1)

السبعة في القراءات (ص: 502).

ص: 344

إعارةٍ، يعني: لنُنْزِلَنَّهُم على وجه الإقامةِ الدائمةِ، كما في آياتٍ كثيرةٍ تَدُلُّ على دوامِ نعيمِ أهلِ الجنَّةِ.

وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يتَكَرَّرُ في القرآنِ ذِكْرُ الإيمانِ والعملِ الصالحِ، واعلم أنه إذا أطْلَقَ الإيمانَ شَمَلَ العَملِ الصالح، وإذا ذُكِرَ مع العملِ الصالحِ صارَ الإيمانُ في القلب والعَمَلِ في الجوارِحِ.

وقوله: {غُرَفًا} جمعُ غُرْفةً، وهي السَّكَنُ العَالي، والحُجْرَةُ هي السَّكَنُ الأسفلُ النازِلُ، ويُسَمَّى حجرة لأنه متَحَجِّرٌ.

قوله: {الْأَنْهَارُ} : جمع نهرٍ، وهذه الأنهارُ أربعةُ أصنافٍ، كما قال تعالى:{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: 15]، اللَّهُ أكبرُ!

إنها تَجْري من لَبَنٍ وهذا اللبنُ لم يأتِ من بَقَرٍ ولا من إبل فالذي خَلَقَ اللَّبنَ في الدنيا من بينِ فَرْثٍ ودَمٍ قادِرٍ على أن يجْرِي أنهارًا في الجنة من هذا اللَّبَنِ، وكذلك العَسَلُ والماءُ والخَمْرُ، فاللَّه سبحانه وتعالى على كُلِّ شيءٍ قَدِيرٍ، قال تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82].

واعلم أن أحوالَ الدُّنْيَا لا تُقاسُ بها أحوالُ الآخرةِ، وإنما تُفْهَمُ أحوالُ الآخرةِ مِنْ أحوالِ الدُّنيَا بالاسمِ فقط، أما حقيقَةُ المسَمَّى فإنه لا مُقَارَنَةَ ولا مساوَاةَ بينَ هذا وهذا، قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما:"ليس فِي الدُّنْيَا مِمَّا في الجَنَّةِ إلَّا الأَسْمَاءُ فَقَطْ"

(1)

؛

(1)

أخرجه ابن جرير في تفسيره (1/ 172)؛ وابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 66)؛ والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (10/ 16)؛ وهناد في الزهد (1/ 49).

ص: 345

لكنَّ الحقيقةَ التي هي عليها تَخْتَلِفُ اختِلافًا عَظِيمًا، وليس قَصْدُهُ رضي الله عنه أن هذه الأسماءَ مُجَرَّدَةٌ عن المعَانِي، فالعَسَلُ معروفٌ، وهو الشَّرابُ الحُلْوُ، لكنَّ حلاوَتَه ولذَّتَهُ في الدُّنيا ليس كحَلاوَتهِ ولَذَّتِهِ في الآخرة، فليس قَصْدُهُ أننا لا نعْرِفُ إلا اسمَ العَسَلِ فَقَطْ:(عين، سين، لام)، لو كان كذلك تَفْوِيضًا.

لو قال قائل: هل يوجَدُ في الجنَّةِ غيرُ هذه الأنهارِ الأرْبَعَةِ؟

فالجواب -واللَّه أعلم-: ليس فيها غَيْرُها؛ لأن مَقامَ الامْتِنَانِ يسْتَوْعِبُ كل ما يمكن أن يَمْتَنَّ اللَّه به، ولما لم يَذْكُرِ اللَّهُ تعالى سِواهَا عُلِمَ أنه ليس فيها غيرها، ولكِنَّنَا لا نجْزِمُ بذلك؛ لأن هذه الأمور التي لا نُدْرِكُها يُقْتَصَرُ فيها على النَّصِّ.

وقوله: {مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} انظر كيف يتَصَوَّرُ حُسْنَ المنظرِ إذا صَارتْ هذه الغُرفُ وهذه القصورُ العظِيمَةُ والخيام تَجْرِي مِنْ تحتِهَا الأنهارُ، فالمنْظَرُ يُبْهِجُ الناظرينَ ولا يُسَاويهِ شيءٌ في الحُسْنِ والسُّرُورِ، وهذه الأنهار كما قال ابنُ القيم رحمه الله ورَدَتْ أحاديثُ تَدُلُّ على أنها تَجْرِي بِدونِ أُخْدُودٍ

(1)

، يعني بدونِ شيءٍ يَمْنَعُها، فيتَصَرَّفُ فيها الناس كيفَمَا شَاءوا، فهذه الأنهارُ لا تَحْتَاجُ إلى عمَّالٍ ولا إلى مَسَاحي، قال ابنُ القيِّمِ رحمه الله في النونية

(2)

:

أَنْهَارُهَا فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ جَرَتْ

سُبْحَانَ مُمْسِكهَا عَنِ الْفَيَضَانِ

نعم سبحانه! ونَضْرِبُ مثلًا مِنَ الدُّنْيَا، وفرقٌ بين أمورِ الدُّنْيَا وأمورِ الآخرةِ: لو كان على يَدِكَ دَسَمٌ وجرى عليها الماءُ أليس ينْحَصِرُ في حُبَيْبَاتٍ؟ هذا الانحصارُ

(1)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 205).

(2)

في النونية (ص: 326).

ص: 346

لا تُوجَدُ حدودٌ تَمْنَعُهُ، فإذا كان هذا الأمرُ مُمْكِنًا في الدنيا فإنه يُمْكِنُ في الآخرة ما هو أشَدُّ وأعْظَمُ، واللَّه جَلَّ وَعَلَا الذي يُمسِكُ السماءَ بلا عَمَدٍ قادِرٍ على جريانِ هذه الأنهارِ في الجنة بِلا أُخْدُودٍ.

فالحاصل: أن هذه الأنهار عندَمَا يتَخَيَّلُها الإنسانُ وهي تجْري مِنْ تحتِ هذه الغُرفِ يتَصَوَّرُ منَظْرًا عَظِيمًا، ولا سيما الذين لهم ذَوْقٌ في هذه الأمورِ، وإلا فنحن ليس عندنا ذَوْقٌ في هذه الأمور، فلا نَتَصَوَّرُ كيف يكون هذا المنظرُ وهذه البهجَةُ.

وقَال المُفَسِّر رحمه الله: [مُقَدَّرِين فيها الخُلودِ]، ذلك لأن كلمة {خَالِدِينَ} تدلُّ على الخُلودِ، والخلودُ مستَمِرٌّ، فإذا كان مُسْتَمِرًا فإنه لا يكون مع الدخول، فتكونُ حالًا مُقَدَّرَةً، والحالُ المقَدَّرَةُ هي التي لا تأتي دَفْعَةً واحدة، مثاله: إذا قلت: (جاء الرَّجُلُ قائمًا)، هو حالُ مَجِيئهِ قَائمًا، لكن في هذه الآية وَعْدُ اللَّهِ المؤمنين فقال:{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} ، وهذا الخلودُ لم يحْصُلْ حينَ الوَعْدِ في قولِهِ:{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} ؛ لأن {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} فِعْلٌ للمُسْتَقْبَلِ فهو غَيْرُ حاصلٍ حالَ الوعْدِ؛ لأن هذا الوعدَ في الدُّنْيَا، فيكونُ الخلودُ مُقَدَّرًا؛ لأن الإنسانَ عندما يَنْزِلُ يبْقَى خَالِدًا إلى الأبد.

قوله جَلَّ وَعَلَا: [{نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} هَذَا الأجْرُ]: قدَّرَ المُفَسِّر (هذا الأجر) ليُبَيِّنَ المخصوص بالمدحِ؛ لأن نِعْمَ وبِئْسَ تحتاجُ إلى فاعِلٍ وإلى مخْصُوصٍ بالمَدْحِ أو الذمِّ، كما تقول: نعمَ الرجلُ زيدٌ، فزيد هو المخْصُوصُ بالمَدْحِ، والرجل فاعل، فقوله:{نِعْمَ} فعل ماضٍ جامد، أي: لا يتَصَرَّفُ.

وقوله: {أَجْرُ} فاعلٌ ومُضَافٌ، و {الْعَامِلِينَ} مضافٌ إليه، وهذه الجملة تحتاجُ إلى مخصوصٍ بالمدْحِ فقَدَّرَهُ المُفَسِّر:[هَذَا الأجْرُ]، فالتقدير: نِعْمَ أجْرُ العاملين هَذا الأجْرُ والجزاءُ، وإعراب (هَذا الأجْرُ) أي المخصوص: مبْتَدَأٌ مؤخَّرٌ، وجملة

ص: 347