الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، فتُكْتَبُ الحسناتُ وتُمْحَى السِّيِّئاتُ، وكذلك قوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39]، يدْخُلُ في هذا النَّوعِ، فالكلامُ العادِي يُكْتَبُ لكن لا يُجَازَى به.
لو قال قائل: ورَدَ فيمن قال: تَعِسَتِ الدَّابَّةُ، أن مَلِكَ السَّيئاتِ يقول: ليست بحَسَنَةٍ ولا سَيِّئَة فأَكْتُبها
(1)
، وقال ملك الحسنات: ليستْ بحَسَنَةٍ ولا سيئةٍ فأَكْتُبها، فأخبرَ اللَّه سبحانه وتعالى أن ما ليس بحَسَنَةٍ ولا سَيِّئةٍ يُكتَبُ سيئة؟
الجواب: هذا حرامٌ ولا يَجُوزُ أن يَنْسِبُوه إلى اللَّه عز وجل، اللَّه لم يَقُلْ تُكْتَبُ سيِّئة، بل قال تعالى:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].
من فوائد الآية الكريمة:
الفَائِدةُ الأُولَى: أن كلَّ المخلوقاتِ تموتُ واللَّه جَلَّ وَعَلَا لا يموتُ، قال تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، ولكن يُسْتَثْنَى مِنْ هذا العُمومِ ما دَلَّتْ النصوصُ على استِثْنائِهِ، وهم الذين خُلِقُوا للبقاءِ مِثْلُ: الحُورِ والوِلْدانِ، فإنهم يبْقَوْنَ كما هو ثابِتٌ ومعلومٌ.
الفَائِدةُ الثَّانِية: إثباتُ البَعْثِ، لقولِهِ:{ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} .
الفَائِدةُ الثَّالِثة: محاسَبَةُ الإنسانِ لنَفْسِهِ، فينْبَغِي للإنسانِ أن يُحاسِب نَفْسَهُ لأن اللَّه تعالى تَوَعَّدَ بأنهم يُرْجَعون إليه، يعني: فيُحَاسِبُهُمْ.
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 218) بلفظ: بينما رجل راكبًا على حمار إذ عثر به، فقال: تعست. فقال صاحب اليمين: ما هي بحسنة فأكتبها، وقال صاحب الشمال: ما هي بسيئة فأكتبها، فنودي صاحب الشمال أن ما ترك صاحب اليمين فاكتب"؛ والبيهقي في شعب الإيمان (4/ 301)(5182) موقوفًا على حسان بن عطية.
قال عمرُ بنُ الخطَّابِ: "حاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أنْ تُحاسَبُوا، وزِنُوا أعْمَالَكُمْ قَبْلَ أنْ تُوزَنُوا"
(1)
.
الفَائِدةُ الرَّابِعة: أنه لا رُجوعَ لأحَدٍ سِوَى اللَّه سبحانه وتعالى، لقولِهِ:{ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} ، فالعَالَمُ مَهْمَا فَرُّوا فالنهايةُ والغَايةُ إلى اللَّهِ.
* * *
(1)
أخرجه الترمذي: كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، رقم (2459) موقوفًا على عمر بن الخطاب.