المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (14) * * * * قالَ اللَّه عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا - تفسير العثيمين: العنكبوت

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآيات (1 - 3)

- ‌الآية (3)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة:

- ‌الآية (4)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (5)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (6)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (7)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (8)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (9)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (10)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (11)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (12، 13)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (21)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (22)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (23)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (24)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (25)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (28)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (29)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (30)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (31)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (32)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (33)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌(الآية: 34)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (35)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (36 - 37)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (38)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (39)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (40)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (41)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (42)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (43)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (44)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (45)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (46)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (47)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (48)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (49)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (50)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (51)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (52)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيات (53 - 55)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة:

- ‌الآية (56)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (57)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (58)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (59)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (60)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (61)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (62)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (63)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (64)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (65)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (66)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (67)

- ‌الآية (68)

- ‌الآية (69)

الفصل: ‌ ‌الآية (14) * * * * قالَ اللَّه عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا

‌الآية (14)

* * *

* قالَ اللَّه عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14].

* * *

قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} (اللام) مُوَطِّئة للقَسَمِ و (قد) للتَّحْقيق، فالجملة مؤكَّدَةٌ بثلاثَةِ مُؤكِّدَاتٍ، وإنما أَكَّد اللَّه ذلك وإن كان الخطابُ لغير مُنْكِر؛ لأنه كما تقدَّمَ أن الأمورَ الهامَّة تؤكَّد وإن لم يُخاطَب بها من يُنكِرُ أو يتردد.

وقوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا} أي: بَعَثْناهُ برسالَةٍ، وكان هذا بعدَ مُدَّةٍ طويلة من آدَم، إذ كان الناسُ بعد آدمَ على ملَّة واحدةٍ بدُونِ رسالَةٍ؛ لأن آدَمَ نَبِيٌّ وليس برَسولٍ، إذ إنه ليس هناك أحدٌ يُرسَلُ إليه، وإنما أُوحِيَ إليه بشرعٍ، وجعل يتعَبَّدُ به واتَّبعَه بَنُوه على ذلك، ولكن لما كثُر بنُو آدم اختلفتْ آراؤهُم وأهْواؤهُم فاحتاجُوا إلى الرِّسالةِ، قال اللَّه:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213]، فبيَّن عز وجل أن الرُّسُلَ أُرْسِلوا بعد أن اختلَف الناسُ، ولهذا هناك قراءة:"كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِيِّنَ"

(1)

، وهذه القِراءةُ دلَّ عليها آخرُ الآية: {لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ

(1)

هذه قراءة أُبِيٍّ وابن مسعود رضي الله عنهما، انظر: تفسير الطبري (2/ 347)، والتحرير والتنوير (1/ 586).

ص: 58

فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}، فأرسلَ اللَّهُ نُوحًا وهو أوَّلُ رسولِ أُرسِل إلى البَشرية.

قَال المُفَسِّر رحمه الله: [{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} وعُمرُهُ أربعونَ سَنَةً أو أكْثَرَ]: نحن لا نَعلَمُ بالتَّحديدِ كم عُمرُهُ، لكننا نَعلمُ عِلمَ اليَّقينِ أنَّ اللَّه أرْسلَهُ وعمره قابلٌ لأن يكون أهْلًا للرِّسالة سواءٌ كان أرْبعينَ سَنةً أو أكثرَ، ولا أظنُّه يكونُ أقَلَّ، وقوله:{إِلَى قَوْمِهِ} فيه شاهد للحَديثِ الصحيحِ: "كانَ النَّبِيُّ يُبعَثُ إِلَى قَوْمهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً"

(1)

.

قَال المُفَسِّر رحمه الله: [{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} يَدعْوُهم إلى توحيدِ اللَّهِ فكذَّبُوه].

{فَلَبِثَ فِيهِمْ} أي: في دَعوتِهم إلى دِينِ اللَّهِ، {أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}: تِسْعَمئةٍ وخمسينَ سنَة يدْعوهُم إلى عبادة اللَّهِ، عُمرٌ طَويلٌ وهو معهم في صِراعٍ، وفي سورةِ نُوحٍ يقولُ اللَّه عز وجل:{قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} لئَلَّا يسْمعُوا ما أقولُ: {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} تَغَطَّوا بِها لئَلَّا يَرَوْنِي -أعوذ باللَّه- يعني أنهم يَسدُّونَ كلَّ منافِذَ الوعي: السمعَ والبصرَ، {وَأَصَرُّوا} على ما هم عليه مِنَ الباطِلِ ومنَ المعاصِي، {وَاسْتَكْبَرُوا} عن الواجباتِ، {اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نوح: 2 - 9].

(1)

أخرجه البخاري واللفظ له: في أول كتاب التيمم، رقم (328)؛ ومسلم في أول كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم (521).

ص: 59

فانظرُ مراحِلَ الدَّعوةِ العَظيمَةِ ومع ذلك ما استَفَادُوا شيئًا، فما آمَنَ معه إلا قليلٌ، فالمدَّةُ طويلَةٌ والدَّعوةُ متَنَوِّعَةٌ والمضادَّةُ والمحادَّة لنُوحٍ شديدةٌ وعظيمةٌ، يمرُّونَ به وهو يصنَعُ السفينة ويَسخَرونَ منه، لكنه مؤمِنٌ باللَّه عز وجل ويقولُ:{إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [هود: 38 - 39].

هذه المدَّة الطويلةُ يقولُ اللَّه تعالى في سُورَةِ هُودٍ: {وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: 40]، حتى إن أحدَ أولادِهِ ما آمَنَ، وهذا يوجِبُ لنا أن نَصْبِرَ ونحْتَسبَ، والإنسانُ مِنَّا إذا دَعا الناس لمدة ساعَةٍ ولم يَسْتَجِبْ أحدٌ غضِبَ وتركَ الدَّعوةَ وقال: لا توجدُ فائدةٌ، ونوحٌ لَبِثَ ألفَ سنة إلا خمسين عامًا ومع ذلك ما آمنَ مَعه إلا قليلٌ.

يقول اللَّهُ عز وجل: {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ} القَصصُ تكون أحيانًا مختَصَرةً يُذكرُ فيها السببُ والأثرُ بدونِ تفْصيلٍ، إرسالٌ ومكثٌ طويلٌ وبعدَ ذلك أخذٌ، لكِنْ أخذٌ بسببٍ، وهو قولُه:{وَهُمْ ظَالِمُونَ} .

قال تعالى: {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ} (أخذهم) أبْلغُ من قوله: (فأغْرقهم)، والأخذُ يكون في مقابَلَةٍ عَملٍ فهُو جَزاءٌ.

قَال المُفَسِّر رحمه الله: [{الطُّوفَانُ} أيْ: الماءُ الكَثيرُ، طافَ بهم وعَلاهُم فغَرِقُوا]: طافَ بهم من كلِّ جانبٍ -والعياذُ باللَّه-، وقد ذَكر اللَّهُ تعالى شأنَ هذا الأمرِ فقال سبحانه وتعالى:{فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)} [القمر: 11 - 12]، كلُّ أبوابِ السماء فُتِحتْ، وإذا فتِحَتْ أبوابُ السماءِ ستكونُ مِثْلَ القِربِ، {بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ}: يعنِي نازلًا بشِدَّةٍ وقُوَّةٍ، {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا}: الأرضُ كلها تَفجَّرَتْ عُيونًا حتى قال اللَّه في آيَةٍ أُخرى: {وَفَارَ التَّنُّورُ} [هود: 40]،

ص: 60

وهو موضِعُ النارِ البَعيدِ عن الرُّطوبَةِ، (فار): بدأَ يَفورُ عُيونًا، يعني سيكونُ الماء بعدَ ساعاتٍ فوقَ قِمَمِ الجبالِ، وهكذا كان بإذنِ اللَّه، فالأرضُ كُلُّها تَبُثُّ عُيونًا، والسماءُ مُنهَمِرَةٌ بالمياهِ العَظِيمة، {فَالْتَقَى الْمَاءُ}: ماءُ الأرضِ وماءُ السماءِ {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} وقد وردَ في الحديثِ أنه: "لَو رَحِمَ اللَّهُ أَحَدًا مِنْ قَوْمِ نُوحٍ لَرَحِمَ أمّ الصَّبِيِّ"

(1)

، وهي امرأة كانَ معها صَبِيٌّ كما وصَلَهَا الماءُ صَعِدت إلى الجبلِ، وكلما وصَلَها صَعِدت، حتى وصلتْ إلى قِمَّةِ الجبل فلما ألجَمهَا الماء حَملتْ ولَدَها فوقها لأجلِ أن تَغرق قبلَ ابنِهَا، ولكن -والعياذ باللَّه- رحمةُ اللَّه تعالى لا تُدركُ الكافِرينَ بعد أن يَرَوا العذابَ، قال تعالى:{فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85].

قوله: {وَهُمْ ظَالِمُونَ} جملةٌ في موضِعِ نَصبٍ على الحالِ مِنَ الهاءِ في قوله: {فَأَخَذَهُمُ} ، يعني: والحالُ أنهم ظالمونَ، أي: مُقِيمون على الظُّلمِ لم يُؤمنُوا؛ لأنه ما آمن مع نُوحٍ إلا نَفَرٌ قليلٌ.

* * *

(1)

أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 372)(3310).

ص: 61