المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (16) * * * * قالَ اللَّه عز وجل: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ - تفسير العثيمين: العنكبوت

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآيات (1 - 3)

- ‌الآية (3)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة:

- ‌الآية (4)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (5)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (6)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (7)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (8)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (9)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (10)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (11)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (12، 13)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (21)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (22)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (23)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (24)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (25)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (28)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (29)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (30)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (31)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (32)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (33)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌(الآية: 34)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (35)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (36 - 37)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (38)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (39)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (40)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (41)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (42)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (43)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (44)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (45)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (46)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (47)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (48)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (49)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (50)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (51)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (52)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيات (53 - 55)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة:

- ‌الآية (56)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (57)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (58)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (59)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (60)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (61)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (62)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (63)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (64)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (65)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (66)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (67)

- ‌الآية (68)

- ‌الآية (69)

الفصل: ‌ ‌الآية (16) * * * * قالَ اللَّه عز وجل: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ

‌الآية (16)

* * *

* قالَ اللَّه عز وجل: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 16]

* * *

قوله تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ} مفعولٌ لفِعلٍ محذُوفٍ تَقديرُهُ (اذْكُرْ)، والفَائِدةُ من حذْفِ العامِلُ هو الاختصارُ وبيانُ الاهتمامِ بالمعمولِ، فهُنا حُذِفَت (اذكر) اختصارًا واهتمامًا بالمعمولِ وهو (إبراهيمُ) ليبْدَأ به أوَّلًا.

وإبراهيمُ عليه السلام كلنا يَعْرفُ أنه ثاني أُولِي العَزمِ من الرسلِ الَّذين أولهُم محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، واختَلفُوا أيهما أفْضلُ -أعني نوحًا وعِيسى- والأَوْلى أن يُقالَ: لكلٍّ منهما مَزِيَّة، أما الثلاثةُ محمَّدٌ ثم إبراهيمُ ثم مُوسى، فإذا متَّفَقٌ عليه، أي: على التَّرتِيبِ.

وقد ابتَلاهُ اللَّه تعالى بأمَرْين:

أحدهما: في الدَّعوةِ إلى اللَّهِ.

والثاني: في أعزِّ محبوبٍ إليه.

أما في الدَّعوةِ إلى اللَّهِ فإن اللَّه ابتَلاهُ بأن سلَّط عليه قومَه ليَحْرقُوهَ، والنتيجةُ أن اللَّه أنْجاهُ مِنَ الموتِ، وقال للنَّارِ:{كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69].

أما الأمرُ الثَّانِي: فهو في أعزِّ الأشياءِ إليه، وهو ابنه حين بلَغَ السَّعْي، وهو وَحيدُهُ وأوَّلُ أولادِه، وهو إسماعيلُ على القولِ الصَّحِيحِ، ابتلاهُ اللَّهُ عز وجل بأنْ أَمرَ بذَبْحِهِ، بل أمْرُهُ بأن يَذْبَحَه هو، فاستَسْلَمَ لهذا الأمرِ وامتَثَلَ، والقِصَّةُ معروفةٌ،

ص: 66

وأنْجاهُ اللَّه سبحانه وتعالى منه حينَ قالَ له: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: 104 - 106]، إلى آخرِ الآياتِ، وسُمِّي خَلِيلًا واتَّخَذَهُ اللَّه خَلِيلًا بسببِ هذا الأمْرِ، حيثُ قدَّمَ محبَّةَ اللَّه تعالى على أحبِّ شيءٍ إليه، وبعضُ النَّاسِ الجهالِ -في الواقع- يَصفُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بأنه حبيبُ اللَّه وأن إبراهيمَ خليلُ اللَّه، وهذا خطأ، فإن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم خليلُ اللَّهِ أيضًا، كما ثَبَتَ ذلك عَنْهُ

(1)

، والذي يقولُ: إن مُحَمَّدًا حبيبٌ وإبراهيمُ خليلٌ قد تَنَقَّصَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؛ لأن دَرجَةَ المحبَّةِ أدْنَى مِنْ درجةِ الخُلَّةِ.

وقوله: {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} (إذ): ظرف في موضعِ نَصْبٍ على الحالِ، أي: حالَ كونِهِ قائلًا لقومِهِ، والقومُ هُم الجماعَةِ الذين يَنتسِبُ إليهم الإنسان بنَسَبٍ أو هَدَفٍ، كل من ينْتَسِبُ إليه الإنسان بنَسبٍ أو هدفٍ فهم قومُهُ: وذلك بأن تكونَ دَعواهم واحدةٌ وطَرِيقهم واحدِةٌ، والمراد بقومه هنا: مَن ينْتَسِبُ إليهم بقرابَةٍ.

قَال المُفَسِّر رحمه الله: [{اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ}: خَافُوا عِقابَهُ]: {اعْبُدُوا اللَّهَ} أصلُ العِبادَةِ مأخوذٌ مِنَ الذُّلِّ، ومنه قولهم: طريقٌ مُعَبَّدٌ، أي: مُذَلَّلٌ؛ لأن العبدَ يَذِلُّ لمَعبُودِهِ، فالعبادةُ إذن: التَّذَلُّل للَّه سبحانه وتعالى بفعلِ أوامِرِهِ واجتنابِ نَواهِيهِ، وقد حدَّها شيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمية رحمه الله بأنها:"اسمٌ جامعٌ لكُلَّ ما يحبُّهُ اللَّهُ ويرْضاهُ مِنَ الأقوالِ والأعْمالِ الظَّاهِرَةِ والباطِنَةِ"

(2)

، وهذا حد لها في الواقع باعتبارِ مَيدَان العبادةِ، أما أصْلُهَا فإنها من الذُلِّ؛ لأن مقتضاهَا في اللُّغَةِ أن يتَذَلَّل الإنسانُ للَّه سبحانه وتعالى بطاعَتِهِ، فِعْلًا للأوامِرِ وتَركًا للنَّواهِي.

(1)

أخرجه مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . .، رقم (532).

(2)

مجموع الفتاوى (10/ 149).

ص: 67

واعلم أن العبادةَ تنْقسمُ إلى قسمين:

أوَّلًا: الخضوعُ للأمرِ الكَونِيِّ؛ وهذه عامَّةٌ لكل أحَدٍ، كما في قوله تعالى:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93]، كُلُّ مَن في السَّمواتِ والأرضِ من مؤمنٍ وكافِرٍ وبارٍّ وفاجِرٍ، كلهم يأتُونَ اللَّه تعالى بهذا الوصفِ.

وهل من هذا قوله تعالى يخاطِبُ إبليس: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42]؟

الجواب: إن قلنا الاستِئْنَاءُ متَّصَلٌ فهو منهم، أي: إبليس، وإن قُلنا: منْقَطِعٌ فليس منهم، أي: إن جعلنا الاستِثْنَاءَ متَّصِلًا فإن المرادَ العبوديةُ العامَّة، التي لا يُستَثْنَى منها أحدٌ، فكلُّ الخلْقِ خاضِعونَ لأمرِ اللَّهِ الكَونِيِّ، ولا أحدَ يقْدرُ أن يدفْعَ المرضَ أو الموتَ عن نفسه، ومنه قوله سبحانه وتعالى:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93]، وإن جعلناه منْقَطِعًا فالمرادُ هو النَّوعُ الثاني مِنَ العُبودِيَّةِ.

النوع الثاني: العُبودِيَّةُ الخاصَّةُ، وهي التَّذَلُّلُ لأمرِ اللَّه الشرعيِّ، ومنها قوله تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63]. فهؤلاءِ تَذَلَّلُوا للأمرِ الشَّرْعِيِّ، وهنا في الآية الكريمةِ قال إبراهيمُ عليه السلام:{اعْبُدُوا اللَّهَ} ، فهو يريدُ التَّعَبُّدَ للَّه بالعبادةِ الشَّرعيةِ.

قوله: {وَاتَّقُوهُ} عَطْفًا على قولِهِ: {اعْبُدُوا اللَّهَ} ، والعَطفُ كما قِيلَ: يقْتَضِي المغَايَرةَ، ونحنُ ذكرنَا أن العِبادَةَ هي التَّذَلُّلُ للَّهِ سبحانه وتعالى بالطاعةِ.

و(التقوى): اتِّخَاذُ وقايَةِ مِنْ عذابِهِ بطاعتِهِ، وعلى هذين التَّفْسِيرينِ يكون عطفُ التَّقْوى على العبادةِ من بابِ عطفِ الشَّيءِ على نَفْسِهِ، والمعروفُ أن بلاغَةَ القرآنِ

ص: 68

تَأْبَى ذلك، أي: تَأبَى أن يَعْطِفَ الشيء علَى نفْسِهِ لأن ذلك من بابِ التَّكْرارِ.

فما هو الفرقُ الذي يكونُ به العَطف مُقْتَضِيًا للمغايَرَةِ؟

ونزيدُ الأمرَ وُضوحًا فنقول: إذا قلنا: إن التَّقْوَى اتِّخَاذُ وقاية مِنْ عذابِ اللَّه بطاعَتِهِ، والعبادَةُ التَّذَلُّلُ للَّه تعالى بطاعَتِهِ، صارَ معناهما واحدًا، والعطفُ يقْتَضِي المغايَرَةِ.

فكيف يمْكِنُ أن نُفَسِّرَ العبادةَ بمَعنى يُغَايِرُ معنى التَّقْوى؟

والجوابُ على هذا من أحدِ وَجْهينِ:

الوجه الأول: أن يُرادَ بالعبادَةِ في هذه الآية فِعلُ الأوامِرِ، وبالتَّقْوى تركُ النَّواهِي، يعني أن تَتَّقِيَ المعاصِيَ وأن تفعلَ الطاعَاتِ، هذا إذا كانت الكلمتان كُل واحدة منها تَشْمَلُ معنى الأُخْرَى عندَ الانفرادِ وتَغَايُرها عند الاجتماعِ؛ وهذا له أمثلِةٌ كثيرة، مثل: الفَقير والمسكِينِ، هما شيءٌ واحدٌ عند الانفرادِ، ويختلفانِ عندَ الاجتماعِ، البِرُّ والتَّقْوى كذلك، هما شيء واحدٌ عند الانفرادِ، وشيئان عندَ الاجتماعِ، فهنا نقول: العبادةُ والتَّقْوى شيءٌ واحد عند الانفِرَادِ، وعند الاجتماعِ تُفَسَّرُ العِبادةُ بفِعلِ الأوامِرِ، والتَّقْوى باجتِنَابِ النَّواهِي.

الوجه الثاني: أن يُرادَ بالعبادَةِ: مطلقُ الالتزامِ والتَّذَلُّلِ، والتَّقوى المرادُ بها: اتِّقاءُ العملِ المعَيَّنِ؛ لأنه ليس كلُّ من قام بمُطلقِ العِبادَةِ يقومُ بالتَّقوى، فكثيرٌ من المسلمين الآن يعبدون اللَّهَ، ولكنهم لا يتَّقُونَهُ في أشياءَ كثيرة.

عندنا الآن الصومُ، هل الصائمُ يتَّقِي اللَّه عز وجل في كلِّ شيء بحيثُ يتْرُكُ الكذِبَ والغِيبةَ والشَتْمَ والمحرَّم وقولَ الزورِ والعملَ بِهِ؟

ص: 69