الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في مكانها ما يحصل تقابض للعقار فيصلح أن تُعَمّم مثل هذه القضية حتى على البضائع؟
الشيخ: هذا النوع يمكن إذا توفرت الشروط، فإلحاقه ببيع السلم.
مداخلة: كيف؟
الشيخ: يعني: بيع السلم يُبَاع الشيء وهو غير حاضر.
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب!
لكن المهم كما أنت أشرت إلى الحديث، وهو قوله عليه السلام:«من أسلف في شيء فليسلف في وزن معلوم في كيل معلوم إلى أجل معلوم» .
الآن كلامك كان في بيع السيارة إذا كانت سيارة مواصفاتها محدودة جداً موديلها .. ماركتها .. كل الموصفات التي يعطوها تُجَّار السيارات، بحيث أنك كأنك تراها فتشتري على هذا الأساس وحينما تحضر السيارة إليك بعد الاتفاق، لا تجد هناك وصفاً يخالف ما كان قد قُدِّم إليك فهذا يكون كبيع السلم.
(الهدى والنور / 798/ 02: 19: 00)
(الهدى والنور / 798/ 15: 24: 00)
الشراء من الخارج عن طريق البنوك
مداخلة: طيب يا شيخ، بالنسبة للبنوك لا يجوز التعامل معها، بس طبعاً لو أريد بضاعة عن طريق البنك، بحكم أنه الإنسان ما في مجال أروح أنا أسافر على بلاد بعيدة أشتريها.
الشيخ: ما يجوز التعامل مع البنوك إطلاقاً، والكسب أو جمع المال من طريق غير مشروع، لا يجعل هذا الكسب مشروعاً، الآن ذكرنا آية وحديث.
مداخلة: أيوه.
الشيخ: الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] * {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3].
الحديث قوله عليه السلام: «يا أيها الناس اتقوا الله عز وجل، واعلموا أن نفساً لن تموت حتى تكتمل رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام» ، أجملوا في الطلب بمعنى: الطريق الذي تسلكونه في طلب الرزق.
ولو قيل بإباحة هذا التعامل الربوي لكسب المال لأبيحت كل المعاملات المحرمة: لأبيح بيع الخمر، وبيع العنب لمن يعصره خمراً .. وكل هذه الأشياء محرمة في الإسلام؛ ولذلك على كل مسلم أن يتقي الله عز وجل في كسبه.
أنا في اعتقادي أن سبب كل هذه الوسائل اللاشرعية، هو عدم وجود الثقة بين الناس المتعاملين بعضهم مع بعض.
أنت الآن ذكرت مثالاً واقعياً: أنه هذا يريد أن يأتي ببضاعة من أي بلد كان، ما يستطيع أنه كل ما يريد أن يأتي ببضاعة أن يسافر يدفع النقد ويستلم .. إلى آخره.
أنا في اعتقادي لو أن رجلاً مؤمناً حقاً، تاجر تعرف على معمل أو مصنع أو تاجر على حسب عمله هو، وذهب مرة واحدة إلى ذاك التاجر، اتفق معه وأحسن معاملته له.
بمعنى: أعطاه نقداً بدل ما يعطيه مؤجلاً؛ ليثبت له ثقته به، اعتقادي مع الزمن وهذا راح يأخذ بلا شك وقت، لكن مع الزمن فراح يمشي الحال بدون واسطة البنك تماماً.
لكن مثل هذا مع الأسف لا يوجد بين المسلمين فضلاً عن أن يوجد في الكافرين.
ونحن بصفتنا مسلمين أقول: يجب أن نحضر دائماً في أذهاننا حقيقة طالما غفلنا عنها، وهي: الناس الملاحدة يقولوا: لماذا خلقنا؟ لماذا وجدنا؟ المؤمن جوابه في
كمه مثلما يقولوا، خلقنا لنعبد الله عز وجل، إن الأمر كذلك، كيف تكون عبادة الله؟
إنما تكون عبادة الله باتباع أحكام الله.
العبد إذاً في هذه الحياة الدنيا ما ينبغي أن ينظر إلى فقر .. إلى غنى .. إلى ثروة .. إلى راحة .. إلى تعب .. إلى مشقة، وإنما ينبغي أن ينظر إلى طاعة الله وعبادته.
فبأي وسيلة حصلت هذه الطاعة أو حصلت هذه العبادة، فعليه أن يقوم بها.
انظر مثلاً كما نعلم جميعاً من أفضل الأعمال هو الجهاد في سبيل الله، فالمسلم حينما يخرج في سبيل الله يسأل عن زوجته .. عن أمه .. عن أبوه .. عن ولده، ما يسأل ولا عن حياته، لماذا؟
لأنه باع كل ذلك في سبيل الله عز وجل.
فإذا نحن أحضرنا هذه الحقيقة وعشناها حياتنا، ما نفكر بالوسائل اللامشروعة التي تجلب إلينا المال؛ لأنه المسلم يقنع بالقليل، وقديماً قيل:«القناعة كنز لا يفنى» . طيب.
هذه الحقيقة البدهية، شرعاً هي غائبة عن أذهان جماهير المسلمين اليوم، أكثر المسلمين اليوم من حيث طريقة جمع المال هم كالكفار.
مداخلة: الله أكبر!
الشيخ: أعني: هل الكفار في عندهم شيء اسمه حرام أو حلال؟ لا.
الله عز وجل دمغهم في القرآن الكريم في قوله عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
الشاهد: {وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 29]، الكفار اليوم ما في عندهم شيء اسمه حرام، كله عندهم حلال، بل ما يعرفون حراماً ولا حلالاً، وإنما
اجمع المال مما هب ودب؛ ولذلك هانت عليهم كل ما هو عزيز لدى المسلمين، خاصة اليهود منهم، هانت عليهم أعراضهم في سبيل ماذا؟ تحصيل المال .. تحصيل القوة .. وو إلى آخره.
المسلم لا يُشابه الكافر، ولو في ظاهرة من الظواهر العادية التي هي أيضاً هي من المسائل التي غفل عنها جماهير المسلمين.
ولا أُريد الآن أن أتوسع في هذا الموضوع خشية أن نضيع عن أصل الموضوع.
أُريد أن أذكر الآن في بعض الأحاديث النبوية الصحيحة التي أعتبرها مفسرة للآية السابقة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] * {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3].
قال عليه الصلاة والسلام والحديث في صحيح البخاري: «كان فيمن قبلكم رجل غني، فجاءه رجل وقال له: أقرضني ألف دينار، قال: هات الكفيل، قال: الله الكفيل، قال: هات الشهيد، قال: الله الشهيد» .
فأنا أريد أُلفت نظركم، القصة التي تسمعونها الآن راح تقولوا عن الغني المقرض وعن الفقير المستقرض هؤلاء جماعة دراويش.
يعني: نحن لو نريد أن نصبح مثل حكايته، هي شوفوا نهاية القصة كيف ربنا يعين الدراويش، وما يعين الذي يعدوا حالهم ما عنده دراويش، لكنه مثقفين ومتعلمين أصول التجارة والبيع والشراء .. وو إلى آخره، هذه جملة معترضة.
المهم، نقده ألف دينار، لا شهيد ولا كفيل إلا الله، وتواعدا على يوم الوفاء، والرجل ركب البحر وراح يضارب بهذا المال، يتاجر يعني.
جاء يوم الوفاء الرجل ما استطاع يعود إلى البلد ويسلمه الألف دينار، فماذا فعل؟
أخذ خشبة ونقرها وأحسن نقرها، ودك فيها ألف دينار، وأحسن سجنها.
ثم جاء إلى ساحل البحر: اللهم أنت كنت كفيلي وأنت كنت شهيدي، ورمى الخشبة إلى البحر، نعملها هذه نحن اليوم؟ !
مداخلة:
…
مجانين يا شيخ!
الشيخ: مجانين. وأرجو أنه يكون في بالكم أنه هذا حديث نبوي، ليس حديثي أنا، حديث نبينا عليه السلام.
المهم، أن الله عز وجل بواسع قدرته يأمر الموج بأن يأخذ الخشبة إلى شاطئ الرجل المقرض المحسن.
الرجل المحسن خرج في اليوم الموج ليستقبل المدين، لكن لفت نظره أنه الموجة تتلاعب بهذه الخشبة، مد يده عليها، فإذا هي وازنه، ألف دينار ذهب، أخذها على البيت، كسرها انهارت الألف دينار، تعجب الرجل.
فيما بعد ربنا يَسَّر للمدين أن يعود إلى بلده وتجاهل ما فعل، انظر هذا ما هو مجنون هذا عاقل، لماذا؟
لأنه عرف أنه فعل فعلاً مخالف للسنة الكونية الطبيعية، كيف ألقي خشبة وفيها ألف دينار في البحر، لو بريد ممتاز الإنسان سوف يكون خائف ولا هيك؟
مداخلة:
…
البريد الممتاز يقولوا لك: ما نضمن مائة بالمائة.
الشيخ: هذا هو، المقصود، فهو عارف ماذا يعمل، لكن قوة التوكل على الله هي التي حملته على أن يفعل ما لا يفعله العقلاء؛ ولذلك هو شهد بنفسه على نفسه فتجاهل ما فعل، وجاء إلى الغني المقرض ونقده ألف دينار صاروا ألفين.
لكن انظروا المثل يتحقق هنا: إن الطيور على أشكالها تقع. قلوب صافية .. إيمان بالله قوي، هذا الذي نحن بحاجة إليه.
لو واحد منا اليوم جرت مثل هذه القصة مع غني، من رآه قبض الخشبة وشقها ويوجد فيها ألف، ما هذا؟ يأخذ الألف الثاني ..
مداخلة: يا شيخنا! نقول: هذا رزق ساقه الله إلي.
الشيخ: هاه، فتعجب الدائن من هذه القصة، ما وسعه إلا أن يقول: أنه والله أنا هذاك اليوم استبطأتك وخرجت لاستقبالك، ولما ما أتيت ..
حكى له قصة الخشبة، وأنه أخذها على البيت وكسرها ووجد ألف دينار، قال له: والله أنا قصتي هيك، حكى له كيف أنه ضاق عليه الوقت، وكيف جاب الخشبة وَدَكَّ فيها الألف دينار ورماها في البحر، وتوكل على الله .. إلى آخر، قال له: بارك الله لك في مالك، رجع له الألف دينار وقال له: قد وفى الله عنك.
أنا أقول: أن هذا شاهد ويتلوه شاهد آخر.
لما المسلمون في تعاملهم يكون شرعي ومعتمدين على الله ما في حاجة لكل الوسائل التي جاء بها الكفار، يمكن آباؤنا ما يعرفوا شيئًا اسمه بنك، صح أو لا؟ طيب كيف كانوا يعيشون؟ يعيشوا في هذا الصفاء وهذا التعامل.
قصة ثانية تشبه هذه تماماً: يقول الرسول عليه السلام: «بينما هو رجل ممن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض إذ سمع صوتاً من السحاب يقول للسحاب: اسق أرض فلان» ، السحاب كان ماشي هكذا، تَوَجّه هكذا مطيعاً للصوت، «اسق أرض فلان» ، هذا
…
في الأرض هو مثل حكايتنا، عمرنا ما سمعنا صوت من السماء، هذه معجزة.
مشي مع السحاب يريد أن يرى ماذا سيصير؟ شوية وإذ السحاب يفرغ مشحونه على حديقة على بستان، يطل عليها فيجد رجلاً يعمل بالمكناش، يسلم عليه، صاحب البستان يتعجب يرى رجل غريب عن هذه الأرض، فسأله: ما هو الذي أتى بك إلى هذه البلد؟ يحكي له، وعرف الرجل أنه الله سخر السحاب للأرض لهذا البستان، فسأله: أنه بما استحققت هذه المعجزة من الله أن سخر لك السحاب، قال له: والله أنا عبد من عباد الله، ولا أدري، لكن عندي هذه الأرض أزرعها ثم أحصدها ثم أجعلها ثلاثة أقسام: قسم أعيده إلى الأرض، قسم أنفقه على نفسي وعلى عيالي، وقسم أتصدق به على الفقراء والمساكين، قال له: هو هذا، ماذا تريد أحسن من هذا؟ ! يعني: هذا هو السبب الذي سخر الله لك السحاب.
هذا الحديث والذي قبله تحقيق للآية الكريمة: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3]. الآن أنا انتهيت، تفضل اسأل.
مداخلة: الله يعطيك ألف عافية.
الشيخ: الله يعافيك.
مداخلة: أسألك يا سيدي الشيخ في الحديث الذي تتكلم فيه يعني، يعني واحد فقير مثل ما تفضلت، لكن بحاجة، مش قادر يأخذ من أحد [لا أحد] يعطيه إلا من طريق البنك، فهل هذا يعني على الفقير فيه أيضاً شيء يعني؟
الشيخ: طبعاً.
مداخلة: هو ما فيش يعني، ما فيش منفذ غير هذا؟
الشيخ: المنفذ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} [الطلاق: 2].
مداخلة: اتقى الله لكن هو الله
…
رأساً.
الشيخ: أنت هنا في بلدك هل سمعت رجلاً مات من الجوع والعطش؟
مداخلة: لا.
الشيخ: هاه، إذاً أين الضرورة ..
مشكلتنا يا أبو حلمي، أن نحن صرنا بعيدين عن ديننا، العلم يتقدم العمل، يعني: الواحد يريد أن يسافر لأرض بهذه الصحراء، قبل كل شيء يدرس الطريق، قد يكون فيها عدة طُرُق يسأل عن الطريق المُعَبَّد وعن الطريق القريب .. وو إلى آخره، قبل كل شيء العلم بعدين العمل.
نحن بصفتنا اليوم مسلمين، نعيش في جاهلية جهلاء، ونتيجة الأمر: يكون عملنا مثلما نحكي آنفاً مع أخونا أبو أحمد عمل الكفار، لا نُحَلِّل ولا نحرم، لماذا؟
لأنه ما نعرف الحرام والحلال، فالآن ولا مؤاخذة يا أبا حلمي!
مداخلة: تفضل.
الشيخ: أنت تقول: رجل فقير طرق باب فلان وفلان ولا أحد مده، ولو قرض حسن؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: ما يجوز يدين من البنك؟ نقول: لا، لماذا؟
لأنه ما في فرق بين الذي يأكل الربا والذي يُؤكِل الربا، مفهوم الكلام؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب.
يعني الرسول عليه السلام يقول: «لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه» .
فكل الطائفة هذه التي تتعامل بالربا يشملها اللعن والعياذ بالله؛ ولذلك فلا يجوز للفقير أنه يقول: أنا بحاجة إلى مال وما أُلاقي أحدًا يُقرضني قرضًا حسنًا فأريد أن أستقرض من البنك؛ لأنه هو الذي يُشَغِّل البنك بقرضه، باستقراضه هو يُشَغِّل البنك، ومن باب أولى التجار الذي يتعاملوا ماهم فقراء، لكن يتعاملوا من أجل توزيع تجارتهم.
فالمسلم إذا تذكر هذا الحديث فقط: «لعن الله آكل الربا، وموكله» ، يقول: أستغفر الله، أنا ما راح أموت لا جوعاً ولا عطشاً.
أنا أقول شيئًا: لو ضاقت الأمور ولم تصل، لن تصل؛ لأنه مهما كان المسلمين فيهم شيء من البخل والشح وعدم التعاون مع الجيران والإخوان والجيران والأصدقاء، ولو بالقرض الحسن، مهما كنا وصفناهم بهذا الوصف السيئ، لا يزال في الناس فيهم خير.
ولكن أنا أقول: لو دارت الأمور ما وجد هذا الفقير لقمة العيش إلا بطريق من طريقين، وهذا مستحيل، لكن فرضية؛ لبيان عقوبة الربا وإثمها الشديد.
لو دار الأمر بين يستقرض بالربا وبين يسرق، السرقة أهون له من الربا، بس من شان أيش؟ عن ضرورة.
وقع في زمن الرسول عليه السلام أن جماعةً كانوا في سفر، أسياد ومعهم عبد رقيق.