الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمعية التي يقوم بها الموظفون فيما بينهم
مداخلة: ما هو الحكم في اجتماع عدد من الموظفين، يتفقون على دفع كل موظف مبلغ محدود من راتبه، ويستلم أحدهم مع نهاية كل شهر هذا المبلغ مجتمعاً، وهكذا إلى أن ينتهي العدد، يعني: تدور الدورة فينتهوا عندها؟
الشيخ: نعم، والله هذا أنا أجيب عنه بأنه أشبه ما يكون بالمقامرة، إذا كان المقصود منه فقط الادِّخار لكل فرد من الأفراد المشتركين، ولا تصح هذه المشاركة إلا بوضع شرط صريح بينهم، وهو أنه إذا انقطع أحد المشتركين عن دفع المرسوم عليه كأمثاله لسبب أو آخر، فَيُسامح ولا يبقى في ذمته ديناً ومديناً لهم، ففي هذه الحالة يكون من باب التعاون على البر والتقوى.
أما إذا كان المقصود فقط هو الادّخار، فهذا يعترض سبيله شيء من المخاطرة، كأن يسافر مثلاً المشترك الذي دفع مثلاً في الشهر الأول، نفترض إذا كانت الأسهم كل واحد يدفع مائة دينار أو مائة ريال، فدفع المائة ريال في آخر الشهر طلع لأحدهم أن يأخذ مثلاً عشرة آلاف أو أكثر أو أقل على حسب الاتفاق، ثم سافر .. ثم مات .. ثم عجز .. ثم مرض إلى آخره مما يحيط بالإنسان من الأسباب التي تحول بينه وبين الاستمرار في هذه المساهمة، فهذا مقابل مائة أخذ ألفاً .. مقابل ألف أخذ عشرة آلاف.
لكن العشرة آلاف ترجع القضية مثل شركة التأمين، يدفع المُؤَمِّن مثلاً على سيارته أو على عقاره أو على حياته كما يزعمون .. يدفع كل شهر نسبة معينة، ثم كثير من المشتركين لا يصابون بحادث .. حادث سيارة مثلاً، فالشركة لم تأخذ هذه الأشياء مقابل شيء إطلاقاً، وإنما مقابل الحظ واليانصيب كما يقولون اليوم.
بينما مشترك آخر يأخذ السيارة من الشركة، وسرعان ما يحطمها شر تحطيم، فتعوض له السيارة نفسها بنفس القيمة .. نفس الماركة والموديل إلى آخره! من أين
جاءت الشركة بثمن هذه السيارة .. من كيسها؟ ! لا من زيد وبكر وعمر إلى آخره، من أجل ذلك إن هذا التأمين هو من باب المقامرة.
فأنا أظن هذه كهذه تماماً، إلا أن يوضع ذلك الشرط .. شرط المسامحة إذا ما عرض لمشترك عارض من تلك العوارض، نعم.
مداخلة: ولكن هناك بعضهم يقومون بأخذ الجمعية هذا المبلغ، ويذهب به إلى بلاد خارج البلاد ليستعملها في الفساد.
الشيخ: هذا ليس وارد؛ لأن هذا يرد على أيِّ مال يكتسبه الإنسان ..
مداخلة: ولكن إذا علم ..
الشيخ: لو قيل: إن المشتركين ليس فيهم مثل هذا الذي تُشير إليه، هل تبقى المعاملة مشروعة أم لا، هذا يمنع لهذا العارض، فليس له علاقة بأصل المسألة والموضوع ..
مداخلة: قد يرد على هذه الجمعيات، أنها نوع من أنواع القروض يشترط معها شروط، أنا لا أقرض الجمعية مالي إلا إذا أقرضتني مالها حينما يأتي الدور عليَّ مثلاً.
الشيخ: أين القرض هنا؟ هنا يضعون كلهم .. كل المشتركين في الإلقاء في الصندوق ..
مداخلة: نعم، لكن كل واحد يقرض الآخرين، لفترة زمنية محدودة، ولا يقرضهم إلا إذا أقرضوه ..
الشيخ: ليس ظاهر هذا السؤال عليّ.
مداخلة: يعني: من أجل يقرضوا واحد .. كل شهر كلهم يقرضوا واحد، الخمسة مثلاً كل شهر الأربعة يقرضوا هذا، ثم الأربعة يقرضوا الثاني ثم الثالث هكذا، يعني: البعض ما يكون دافع المبلغ الذي هو يستفيد منه .. يكون مقترضًا من ثلاثة أو من أربعة على الأقل مثلاً إذا كانوا خمسة.
الشيخ: هذا كلامك صحيح فيما لم يكن هناك مبادلة، يعني: أنا أقرضتك مائة ورجعت أنت أقرضتني مائة، ما في هنا ربا، الربا لا تحصل إلا بهذه الطريقة التي ذكرتها آنفاً، مما يعرض للمشترك أن يمتنع، أما أنا أقرضتك مائة ورجعت أنت أقرضتني مائة بمناسبة أخرى يعني: ..
مداخلة: هناك شرط أستاذ!
الشيخ: نعم.
مداخلة: يعني: أنا ما أقرضك إلا بشرط أن تُقرضني .. إلزام يعني: قانون الجمعية هكذا.
الشيخ: أكثر أو أقل؟
مداخلة: نفس المبلغ.
الشيخ: ما أظن فيه شيء هذا؛ لأن القاعدة الفقهية التي يظنها بعض الناس حديثاً ولا يصح، وهو قولهم:«كل قرض جر نفعاً فهو ربا» المقصود بالنفع هنا: الزيادة على المقروض من المال، مائة مائة وخمسة .. مائة وعشرة إلى آخره، أما هنا ما في زيادة، هنا في مقابلة فقط .. مقابلة المعروف بالمعروف، وهذا غير مستنكر لما تعلمون من قوله عليه السلام كما في صحيح البخاري في قصة الجمل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم استقرضه من أعرابي، فجاء يُطالب به، وكان جمله أظن رباعياً في الحديث، فقالوا:«يا رسول الله! لا نجد له إلا مسناً، قال: أعطوه فإن خيركم خيركم قضاءً، وأنا خيركم قضاءً» وفي قصة أخرى: أعطى جملين بدل جمل واحد.
فهنا النفع الذي ليس فيه شرط، ولو كان مادياً، هذا مسموح به شرعاً، هنا لا يوجد نفع مادي مقابل مائة مثلاً مائة وواحد أو مائة وخمسة، فما أرى في المعاملة محظوراً من هذا الباب.
الشيخ: على كل حال نريد أن نسمع من الأستاذ ما عنده بهذه القضية.
مداخلة: في الواقع يعني الوارد في هذه الجمعيات التي تعمل يعني: هذا الذي في ذهني أنا الآن: أنه الشرط هذا مُضَمَّن، يعني: شرط المسامحة مُضَمّن بدون ما يُعلن عنه، وبدون ما يذكر، هذا الشيء كشبه اتفاق عليه، فأعتقد بأن إضافة الشرط من باب التأكيد فقط لا أكثر ولا أقل.
الشيخ: طيب! قد يكون من باب التأكيد بالنسبة للبعض، لكن قد يكون من باب التحقيق بالنسبة لآخرين، يعني: ليس ضروري أن كل جماعة عندهم هذا التسامح الضمني الذي تفضلت به، ليس شرط في كل الجماعة، فقد يكون من باب التأكيد وقد يكون من باب التحقيق، نعم.
مداخلة: هو في مثل هذه الحالة واحد مثلاً الجمعية تنتهي بعد ستة أشهر وخرج الرجل منها بعد ثلاثة أشهر .. هم الحل الوحيد أنهم يعطونه ما دفع في ثلاثة أشهر ثم يسقطون واحداً من العدد.
الشيخ: نعم.
مداخلة: يعني: لا يأخذون منه المال ولا يزيدون عليه، إنما يأخذ ما دفعه وإن فرق.
مداخلة: لكن وارد فيما إذا كان مُدَّة محددة.
مداخلة: هي تكون كذلك مُدَّة محددة على عدد.
مداخلة: طيب! شيخنا هل يقول قائل بأن هذه الجمعية مشروط جوازها إذا ضمنت الحقوق باختصار.
الشيخ: نعم، ما في مانع.
مداخلة: لكن هذا احتمال الشرط فضفاض يعني، إذا ضُمِنت الحقوق، أيُّ حقوق؟
مداخلة: حقوق المشاركين
…
الشيخ: لا بد من وضع المسامحة في الموضوع، في بعض الظروف لا بد من هذا.