الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العمل في المؤسسات والشركات المالية والبنوك
مداخلة: يا شيخنا، حقيقةً نُريد أن نسأل سؤالاً حول فتاوى بعض الأئمة، لعمل الشباب المسلم في المؤسسات أو الشركات المالية أو البنوك.
وبالتالي هذه الحقيقة يعني الناس تضاربت فيها كثيراً، هناك آراء مختلفة كثير، فيا ريت يا شيخنا لو تُعطينا توضيح حول هذه المسألة بالذات؟
الشيخ: أنا سأُقَدِّم توضيحاً في الموضوع، لكني أُريد أن أُلفت النظر إلى شيء بين يدي ذلك، وهو:
لماذا تتكاثر الأجوبة المتنوعة حول مسألة واحدة، ثم: لماذا يضطرب عامّة الناس تلقاء هذه الأجوبة المتعددة؟
فالسبب في ذلك هو شيء واحد، السبب الذي يعود إلى المفتين أو المشايخ والمستفتين أو عامة الناس، يعود إلى شيء واحد، وهو:
إن الذين يُفْتُون، يُفْتُون بنسبة 99%، لا أقول بجهل، وإن كان أنا قد أقول ذلك أحياناً، وإنما الذي أريد أن أقوله: إنما يفتون دون الاستناد إلى دليل شرعي من كتاب الله أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هم يُقَدِّمون إلى عامة الناس آرائهم، واجتهاداتهم إذا صح التعبير أنهم مجتهدون.
بالتالي هؤلاء الناس يسمعون رأياً من هنا، ورأياً من هنا، فيقعون في الحيرة، في حيص بيص كما يقال، ولا يدرون حكم الله عز وجل مع أيِّ قول من هذه الأقوال.
من نصوص القرآن الكريم في وصف كتاب رب العالمين أنه قال: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].
أي: إن هذا القرآن الكريم لما كان منزلاً من عند رب العالمين، فهو خال ومُنَزّه من الاختلاف والاضطراب في أقواله وفتاويه وأحكامه، وعلى العكس من ذلك،
إذا كان شرعناً وفتاوانا مستقاة من الكتاب والسنة، فينبغي أن يكون قولاً واحداً، وليس أقوالاً متجاذبة متنافرة متباعدة.
فالواجب على كافة المسلمين، لا فرق بين المُثَقَّف منهم أو غير مثقف، بين طالب العلم الشرعي، وطالب العلم غير الشرعي من العلوم النافعة الأخرى.
كلهم يجب عليهم أن يكون عندهم هذا الوعي المُجْمَل، أن يعرفوا ما هو الحكم في الإسلام؟ هل هو رأي فلان وعلان؟ أم هو: قال الله .. قال رسول الله
…
يجب أن يعرفوا هذه الحقيقة، أي: أن الأحكام الشرعية ليست كالقوانين الوضعية، أنها صدرت من أشخاص تختلف أفهامهم، تختلف أذواقهم، تختلف الظروف التي تحيط بهم.
فإن كان مثلاً يعيش في جو ديمقراطي مثلاً، يكون القانون يتناسب مع ما يسمونه بالديمقراطية، إن كان في جو اشتراكي فعلى عكس ذلك، إن كان في جو شيوعي على عكس ذلك.
الأحكام الشرعية في الإسلام ليست هكذا.
المسلمون مُكَلَّفون أن يتعبدوا الله بما أنزل الله في كتابه وبيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه.
وحينئذٍ فيجب أن يكون هذا الوعي عند المسلمين كافة، أنهم إذا سمعوا أقوالاً متناقضة في مسألة واحدة رأساً يقولوا: لا شك أن الإسلام بريء من هذا التناقض.
مداخلة: هذا المطلوب.
الشيخ: لكن هذا وحده لا يكفي، لكن هذا لا بد منه كمقدمة، بمعنى إذا كان الإنسان المسلم مُتَشَبّع بهذا الرأي، فهو غير حيران، من حيث أن هذه الأقوال المتعددة لا يُمكن أن تكون كلها صواباً، وأنه يجوز للمسلم أن يختار منها ما يشاء، إذا كان يعرف هذه الحقيقة وأن الحكم هو واحد ..
فهذه لا بد أن تكون حقيقة علمية متمكنة من قلب كل مسلم؛ لكي يتساءل بعد ذلك: فأين الحق من هذه الأقوال؟
حينئذٍ تأتي المرحلة الأخيرة، ما قاله ابن القيم رحمه الله:
العلم قال الله قال رسوله
…
قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً
…
بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا، ولا جحد الصفات ونفيها
…
حذراً من التعطيل والتشبيه
فلما تسمع رأي من هنا، ورأي من هنا، ورأي من هنا .. لكن وجدت رأياً مدعوماً بقال الله .. قال رسول الله .. فَعُضَّ عليه بالنواجذ ولا تفلته؛ فإنه الحق المبين، والآراء الأخرى تكون معارضة لهذا، فيقول هنا كما ذكر عن ابن القيم:
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه
فإذا عرفنا قال الله، وقال رسول الله، حينئذٍ تضرب بقول هذا الفقيه مهما كان له علم ومنزلة في رأيك، تضرب به عرض الحائط؛ لأنك لست مُكَلَّفاً إلا باتباع الكتاب واتباع السنة.
بعد هذه المقدمة، نعود إلى صلب الموضوع الذي طرحته، وشعرت بأن في سؤالك الحقيقة فيه عدة جوانب.
ولذلك ما أستطيع أن أتكلم عنها كلها، فلا بد من فصل إحداها عن الأخرى، فأنت فَصِّل لي أُفَصِّل لك، اذكر لي مثلاً نقطة من النقاط.
مداخلة: العمل ..
الشيخ: العمل مثلاً في البنوك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب.
العمل في البنوك، وهذا أول ما ذكرته ..
مداخلة: شيخنا عفواً ..
مداخلة: الذي قصدته بالذات أن هناك مثلاً مثلما تفضلت وشرحت عن بعض آراء الأئمة، وكأنها آراء شخصية، وإن كانت آراء شخصية مع ما قاله تعالى، وما نقل عن الرسول عليه الصلاة والسلام، هذه الآراء لم تُنْقل عن ناس عاديين مثل عامة الناس.
الشيخ: هو كذلك.
مداخلة: ما نُقِل إلا عن ناس يعتبروا من أئمة المسلمين، وبالتالي شرحهم وإسهابهم في شرح هذه المواضيع، تجعل الناس مثلما تفضلت في حيرة من أمرهم.
يعني بما معناه: نحن الآن في غياب الدولة الإسلامية، هذه الدولة الإسلامية التي تَنُص على فرض حكم الله.
الشيخ: حكم الشرع؟
مداخلة: وما نُقل عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وقالوا: بأن العمل في هذه البنوك حتى ولو كانت مؤسساته ربوية، ومن المعروف طبعاً تحريم الربا القاطع في الإسلام ليس هناك شك، ولكن في غياب هذه الدولة الإسلامية يجوز عمل الشباب المسلم حتى أنه يُكَوِّن مستقبلاً، حتى لو أُقيمت هذه الدولة الإسلامية، يكون هناك كوادر مدربة، كوادر تستطيع أن تعمل بالأمور المصرفية والمالية، وبالتالي حتى أنها تُحَافظ على أمور المسلمين، وبالتالي صيانة مال المسلمين وتنميته والعمل فيه بما يتفق مع شريعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: فالذي قصدته أنا بالذات: أن هؤلاء الناس ما قالوها جهلة أو ناس مثلما تكلمنا من عامة المسلمين، وبالتالي أنه لا يُعَوَّل على آرائهم، نحن ننقل عن ناس يعتبروا من الأئمة ومن الناس الفقهاء بالأحرى. جزاك الله كل خيرًا.
الشيخ: نعم، الآن يأخذ جوابي طوراً آخر.
هذا الطور الآخر حساس قليلاً؛ لأنه لو كان سؤالك عن حكم ما وقع الخلاف قديماً بين العلماء، مثل المسألة السابقة أنه مثلاً تقبيل المرأة ينقض الوضوء أو لا.
مداخلة: طُرحت بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: قصدي لو كانت المسألة الآن الذي أنت جَدَّدت الكلام فيها من هذا القبيل، كنا نمشي في الجواب مثلما أنا تصورت، لكن الآن الجواب عندي سيتطور إلى شيء آخر.
أنا الآن لا أُريد أن أتكلم عن أسباب الخلاف بين الأئمة السابقين؛ لأن هذا ليس موضوعك، موضوعك موضوع الساعة، فأنت الآن تلمح في كلامك أن هذا الرأي ما بدر ولا خرج من جهلة، وأنا أقول معك كذلك، لكن تقول: خرج من علماء وفقهاء، ولا أقول معك كذلك. وهنا المشكلة.
المشكلة يا أستاذ أن المسلمين عاشوا قرونًا طويلة وقد وضعت ..
نسيت والله شو اسمه.
الشيخ: ما هذا الذي يوضع للحصان أو للحمار؟
مداخلة: لجام.
الشيخ: لا ليس لجام، ما يشوف هيك وهيك؟
مداخلة: شوافات.
الشيخ: شوافات، يمكن بس مو هذا الاسم اسمه، المهم أنك فهمت علينا.
مداخلة: نعم.
الشيخ: واضح جداً أن السائس عندما يضع مثلما قال صاحبنا الشوافات، طبعاً هذا من باب تسمية الصحراء بالمفازة؛ لأن الشوافات بيتشوف الطريق، بينما هي تضيق عليه المرأى، ونحن هنا شاهدنا.
مضى على المسلمين قرونًا، وقد وُضِعَت الشوافات أمام عيونهم، بحيث لا يرون إلا بصيصاً من نور.
أما النور الساطع الذي جاء به الإسلام، فقد حَجَرُوه ومنعوه، ليس عن عامة المسلمين، بل وعن خاصتهم، أي: علمائهم، حينما فرضوا عليهم شيئاً سَمُّوه بسد باب الاجتهاد.
طبعاً هذه مقدمة، وبيت القصيد هذه الكلمة: سد باب الاجتهاد.
ومعنى سد باب الاجتهاد، أن الأئمة الأربعة جزاهم الله خيراً بَيَّنوا الأحكام الشرعية، فعلى الناس أن يقلدوهم ويستسلموا لآرائهم، ولا يُشْغلوا بهذا النور الذي أعطاهم ربنا لهم بالمقدار الذي أعطاهم إياه كلاً على حسبه.
لا، حدّدوا له، أنت لا بد أن تكون حنفي، وهذا شافعي، وهذا مالكي، وهذا حنبلي، ولا تميل يمينًا أو يسارًا فتضل وتشقى.
عشرة قرون مضت على المسلمين وهم هكذا محصورون، هذا الحصر كحصر الدابة في هذا الطريق الذي يفرضه عليها السائس.
لما سدوا على أنفسهم باب الاجتهاد، معناها أنهم سَدُّوا على أنفسهم الفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
هناك علمان يعرفان باسم: «أصول علم الفقه» و «أصول علم الحديث» .
الغرض من هذين العلمين، أن يَتَمَكَّن العالم من معرفة القواعد العلمية المتعلقة بالحديث من جهة، والقواعد العلمية المتعلقة بالفقه من جهة أخرى؛ حتى إذا مَرَّت به آية أو حديث استطاع أن يفهم ما دلالتها، ما أحكامها التي تنطوي تحتها.
أما إذا كان حديثاً، فقبل أن يُعَامِل الحديث معاملته القرآن، أي: قبل أن يُحاول فهم هذا الحديث، قبل كل ذلك يجب أن يجري عليه علم الحديث.
أي: هل هذا صحيح؟ هل هو ثابت عن الرسول عليه السلام أم غير ثابت؟
إذا كان غير ثابت استرحنا منه، وليس هناك حاجة إلى أن يُفَكَّر في فقهه وفي دلالته، فهو يختلف عن القرآن.
القرآن كُلُّه ثابت بالتواتر كما هو إجماع المسلمين، أما الحديث فيه الصحيح، فيه الحسن، فيه الضعيف، فيه الموضوع.
عشرة قرون سُدَّ عليهم باب الاجتهاد، معنى ذلك بلسان الحال، وكما يقولون: لسان الحال أنطق من لسان المقال.
معنى سد باب الاجتهاد: لا تَتَفَقَّه في كتاب الله، ولا تفهم حديث رسول الله، ولا يَهُمُّك تمييز الصحيح من الضعيف؛ لأن هذه ليس من اختصاصكم يا معشر العلماء.
أنا أتكلم عن العلماء، ولا أحكي عن عامة المسلمين؛ لأنه بنص الكتب الذي وردت إلينا من المتأخرين: أنه في القرن الرابع من الهجرة أُغلق باب الاجتهاد، فلم يبق إلا التقليد، ويقول قائل منهم: واجب تقليد حبر منهم.
هذا هو الواجب على المسلمين، أنهم يُقَلِّدون حبرًا، يعني: عالمًا من علماء المذاهب الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
هذا هو الواجب، أما:«من يُرِد الله به خيراً يُفَقِّهه في الدين» . فكانوا يقولون لهم: هذه ليست وظيفتكم الآن، انتهت.
وصلنا للعصر الحاضر، على هذا التَسَلْسُل ورد إلينا علم الفقه: حنفي شافعي مالكي حنبلي.
أما لماذا اختلفوا؟ هذا الذي كنت أُريد أن أبحث فيه، لماذا الآن مس المرأة بشهوة لا ينقض الوضوء؟
الثاني وقف في الطرف الثاني وقال: ينقض.
واحد وقف بالوسط قال: إن كان بشهوة ينقض، وإن كان بغير شهوة لا ينقض.
له أسبابه.
لكن ما دام البحث الآن في العصر الحاضر، واختلاف الآراء والفتاوى فيما يَجِدّ على الناس من مسائل، فهذا يتطلب مني هذا الحديث الذي سمعت أنت شيئاً من مقدمته.
هذه المسائل تتطلب أن يكون هناك علماء على نمط الأئمة الأربعة، أعني: يكونون علماء مجتهدين، مُتَمَرِّسون على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها من الكتاب والسنة. من أين هم وقد أُغلق عليهم الباب، ووضعت لهم الشوافات، ولا يجب أن تشوفوا إلا في مذهبكم بس، كما قال قائلهم:
فهذا هو الحق ما به خفاء فدعني من بُنَيَّات الطريق
مثل هؤلاء المعاصرين اليوم، كمثل كثير من الطلاب الذي يدرسوا العلوم الميكانيكية مثلاً، دراسة نظرية، ثم ينطلق إلى الحياة ويشتغل شغلة ليس لها علاقة بالعلم الذي درسه إطلاقاً، وهذا العلم الذي درسه لا يُفيده شيئًا؛ لأنه نظري ولم يُطَبِّق عملياً.
وهكذا العلم الذي قلنا، الأصلين: أصول الفقه وأصول الحديث. يدرسوه دراسة نظرية .. هيك
…
التوارث يعني ..
لكن عملياً لا أحد يُطَبِّقه؛ لأنه: واجب تقليد حبر منهم. أنت لا يجوز تجتهد.
أنا مثلاً، أنا الذي أتكلم محمد ناصر الدين الألباني، نشأت حنفي المذهب في سوريا، من أب حنفي وعالم جليل كمُتَّبع للمذهب، لكن الله عز وجل فك عني هذه الشوَّافات هكذا وهكذا وَوَسَّعها عني قليلاً، فبدأت أرى ما لا يرون.
فبدأت أقول: هذا الذي أنتم تفعلونه خطأ مخالف للسنة، وأضرب مثلاً واقعياً، أولاً: له علاقة بما نحن فيه، وثانياً: العلم.
كثير من المساجد في سوريا وفي مصر وفي الباكستان وهندستان .. إلى آخره، يدفن فيها ناس من العلماء والصالحين.
وربما في دمشق الشام عاصمة الأمويين المسجد الكبير مسجد بني أمية، مدفون فيه زعموا يحيى عليه السلام.
فهناك قبر، ويُقْصَد من أقاصي البلاد هناك؛ للتبرك والاستغاثة به، والنذر له .. إلى آخره.
أنا بعد أن كشف ربنا عني هذه البصيرة بعض الشيء، عرفت أن الصلاة في كل مسجد فيه قبر حرام، فانتهيت عن الصلاة، بينما وأنا صغير السن كان أبي رحمه الله يأخذني بيدي وأذهب أصلي معه في هذا المسجد؛ لأن هذا مسجد قديم.
وفي بعض الشروح في الفقه الحنفي، أن الصلاة في مسجد بني أمية بسبعين ألف صلاة، يعني قريب من مسجد مكة، وأفضل من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
مداخلة: المسجد الأقصى.
الشيخ: لا، مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ألف صلاة بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك بسبعين ألف صلاة.
مداخلة: مسجد بني أمية.
الشيخ: أنا قرأت هذا بعيني، هذه في كتاب موجود لا زال عندي، اسمه:«رَدّ المحتار في شرح الدر المختار» لـ «محمد بن عابدين الدمشقي» ويومئذٍ قرأت في هذا الشرح قال: روى ابن عساكر عن سفيان الثوري أن الصلاة في مسجد بني أمية بسبعين ألف صلاة ..
سبحان الله! أنا قلت في نفسي، وأنا ما زالت لحيتي صغيرة: كيف هذا يُسَجِّل في كتاب كهذا، وهم يذكروا في كتبهم: «صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة مما
سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، فالصلاة فيه بمائة ألف صلاة» كيف مسجد بني أمية هذا، وهو حادث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ..
بعد ذلك ارتقيت قليلاً في العلم، ووصلت لتاريخ ابن عساكر، وجدت هذا الأثر فيه، وإذا إسناده مجاهيل إلى سفيان الثوري.
ولو صح إلى سفيان الثوري فهو من المعاضيل؛ لأنه لم يقل قال رسول الله .. ما قيمته؟
المهم: تركت الصلاة في هذا المسجد، قامت قيامة الناس عَليَّ، لسان حالهم بعضهم لسان قالهم يقولون:{مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 24]. أين مشائخنا الذين صلوا في هذا المسجد، وهذا أبوك يصلي في هذا المسجد، أنت الآن تأتي في آخر الزمان تدعي أن الصلاة في هذا المسجد لا تجوز.
كانوا ولا زالوا، لأنني أَلَّفت فيما بعد، لما قويت قليلاً ألفت كتاباً طُبع عِدّة مرات والحمد الله، اسمه:«تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد» .
ولي شيخٌ كنت قرأت عليه الفقه الحنفي، وقرأت عليه شيئًا من النحو، وشيئًا من البلاغة لبعض المؤلفين المعاصرين.
قلت في نفسي: قبل أن أخوض في هذه المخاضة، أجس نبض شيخي، ما رأيه في هذا الموضوع؟
كتبت له رؤوس أقلام، ونقلت عن بعض علماء الحنفية أنفسهم، أعطيتها له -ما أذكر جيداً- في أول رمضان.
فقال لي: دعها عندي حتى أدرس القضية، عُدْت إليه بعد مدة طويلة، تبسم في وجهي ضاحكاً، قال لي: هذه الأقوال الذي أتيت بها غير معتبرة عندنا.
مداخلة: الله أكبر.
الشيخ: قلت له: لماذا؟ أنا نقلت من علمائنا الحنفيين؟
قال: نحن فقهنا محصور بـ «مراقي الفلاح» و «حاشية ابن عابدين» وبس.
هذا الفقه الذي ورثناه في مئات الكتب الذي ينقلوه من شروح حديث وفقه، فعلاً انحصر في كتابين في الفقه الحنفي، في أدمغة بعض المعاصرين الذي أنا درست الفقه عليهم.
الشاهد: فلو أراد مثل هذا العالم أن يجتهد، فمن أين له أن يجتهد وهو حاصر علمه بين كتابين، وكتابين كُلّه تقليد في تقليد، وفيه من الطامات التي لا تَزن بميزان.
الخلاصة: الآن فعلاً صار هناك صحوة إسلامية من الشباب المسلم، وتنبه المسلمون بعد غفلة طويلة طويلة جداً أنه يجب على المسلمين أن يعودوا إلى دينهم.
أولاً: نحن أمام اختلافات قديمة ورثناها، فلازم أن نعمل عملية تصفية، نتعبد لله على هذا المذهب أو على هذا المذهب، مس المرأة وتقبيلها .. خروج الدم كذا .. يا تُرى هل تصح الصلاة أو لا تصح الصلاة؟
هذه لها علاقة بكل عبادة يقوم بها المسلم، بالإضافة إلى ذلك جَدَّت معنا قضايا لم تكن معروفة من قبل.
فمن أين يستطيع العالم أن يأخذ جواب هذه الفتاوى؟
من الكتاب والسنة؛ لأن الكتاب والسنة تنزيل من عليم حكيم، أعطى نصوصًا؛ لكي يستطيع الإنسان فيما بعد يستقي منها أحكامًا، ولو كانت أحكامًا جديدة.
وأضرب بهذا مثلاً وقع أنا معي، كيف أن هذا الجامد الذي حاصر علمه وجد حاله مضطرًا أنه يجتهد وهو يُنْكِر الاجتهاد، وهذا من جملة المنكر عليهم.
في تاريخ حياتي، انتقلت بالدعوة إلى بلدة في شمال سوريا اسمها «إدلب» وهي غرب حلب.
بالطبع الدعوة تستمر وتشمل البلاد، بس الدعوة دائرتُها محدودة، أنتقل من بلد إلى بلد، من دمشق إلى حمص إلى حلب فقط.
لكن الدعوة تستمر؛ بسبب السفريات وانتقال الدعوة وهكذا ..
قررت أخيراً أذهب إلى إدلب لأول مرة، ذهبنا هناك واستقبلنا رجل كان سمعنا عنه أخبارًا طيبة، وأنه عنده استعداد يتقبل الدعوة التي نُسَمِّيها نحن بدعوة سلفية، يعني: دعوة الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح.
فهذا الرجل جزاه الله خيرًا، وفهمت أنه لا يزال في قيد الحياة، استقبلنا أحسن استقبال.
لكن وجدت الغرفة غاصَّة بالذين أتوا ليتعرفوا على الشيخ الألباني، أتى بمفتي البلد، وأتى بضباط كذا .. من المخابرات ومن غيرهم .. إلى آخره.
وعندنا هناك في الشام قاعات قديمة أبنية قديمة، مثل الغرفة مع تلك الغرفة وأوسع، كلها ممتلئة.
الخلاصة في هذا المفتي: اسمه حسن الكيالي، الله يرحمه توفي، رَحَّب فينا:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل
بهذا البيت الشعر استقبلني، أخذت حذري أنا؛ لأن الكلام المعسول عادةً يكون وراءه شيء.
قال لي: بلغنا أنك تَدَّعي الاجتهاد. قلت له: لا. أنا أَدَّعي الاتباع، ودخلنا هنا في بحث مالنا فيه الآن.
وصلنا للنقطة الحساسة. قلت له: بس يا أستاذ، أنا أعتقد أنه لا يمكن الإنسان أن يظل على جموده في مذهبه؛ لأنها تَجِدُّ مسائل لا نجد جوابها في كُتُب القدماء.
مداخلة: المذهب.
الشيخ: قال: مثل ماذا؟ قلت له أبشر: مسائل كثيرة.
أنا وقعت معي مسألة: أب له ولد انتخرت أضراسه فحشاها، ومضى عليه سنين، والله منعم عليه أنه جدَّد أسنانه، وصحته جيدة، هناك مَنْ فتن على أبوه، وأبوه عالم من علماء الفقه، قالوا له: ابنك حاشي أضراسه، وأنت تقول بين الناس: الذي يحشي أضراسه ليس له صلاة. هذا الذي يقول هذا الكلام ليس له صلاة، هو من الأحناف، ويقول على التسلسل البيزنطي ليس المنطقي، يقول: مذهبنا يقول بأن المضمضة والاستنشاق واجبان في غسل الجنابة، وأنا أقول: هكذا الدليل يقول.
لكن هو بيمضي ويقول: فإذا انتخر الضرس انكشف مكان وجب إيصال الماء إليه، فإذا جاء هذا الإنسان وحشاه، معناه منع إيصال الماء إلى ذلك المكان، فإذاً: هذا لم يغتسل؛ لأنه واجب أن يصل الماء إلى كل الفم، وهذا إذا ما انكشف لن يصل إليه، إذاً: هذا جُنُب وليس له صلاة.
هكذا كان يتكلم بين الناس، وهناك من فتن عليه قال له: ابنك يعمل هكذا، سأل ابنه، فقال ابنه: صحيح، وأنا شعرت بأنه بحاجة إلى إمضائه، قال له: إما أن تخلع أضراسك حتى تعيش معي، أو تخرج من عندي.
مداخلة: لا حول ولا قوة إلا بالله.
الشيخ: حكيت القصة للمفتي، مفتي البلد في دمشق يومئذ مفتي الجمهورية.
قصة طويلة أيضاً ليس لنا فيها، فذهبت أنا بنفسي، فقلنا له: أتى فلان إليك وأراد فتوى؛ لكي يُصلح بين الأب وابنه، أنت أفتيت بلسانك أنه يجوز، لكن ما أعطيته فتوى رسمية؛ لأن هذا الأب المتعصب يقول: أنا أُريد فتوى من المسؤول في سوريا، حتى آخذها معي في سفري ولا أكون مسؤول عند ربي من أجل ابني، وأقول: إن المفتي أفتى.
المفتى لما أتى الوسيط لم يعطه فتوى، ذهبت أنا بدوري، حصل سؤال وجواب .. إلى آخره، قال: لا نعطي، فتوى رسمية لا نعطي، فقلنا له: ألا تعطي فتوى شفهية؟ قال: نعم.
قلت له: أنت بنيت فتواك على أي شيء؟ قال: جاء في المذهب ..
بس املكوا أنفسكم لا تضحكوا، مثلما ضحك هذيك الساعة أبو أيوب.
قال: جاء في المذهب: ويجوز حشو شقوق الرجلين في الشتاء بالشمع؛ لمنع ضرر الماء البارد في الرجلين.
قال المفتي الأعظم: قياساً لحشو الضرس على حشو الرجل جاز.
طيب، هذا الكلام يا أستاذ اكتبه لنا. فقال: لا. قلت له: لماذا؟ قال: مأخوذ علينا العهد. قلت له: من من؟ قال: من ولي الأمر، أنه لا يجوز تفتوا إلا نقلاً عن كتاب.
وبناء أن حشو الضرس هذا لم يكن في الزمن الأول، فلا يوجد هنا نص في الكتاب؛ لذلك لا يُعطوا فتوى رسمية.
يا سبحان الله! كلام تقوله لا تكتبه، لماذا؟
يقولوا عندنا بالشام عبارة لا أدري: كَعِّينا معه، يعني: تعبنا معه أنه يعطينا
…
ورق بتوقيعه، ما أعطانا.
أخبرنا مفتي إدلب بما جرى، قلنا له: هذا مثال، وهكذا كان الجواب؛ لأنه مُقَلِّد لم يعطنا حل للمشكلة بين الأب وابنه، وأصبح الولد طريدًا.
قدمنا له مثالاً ثانيًا، قلنا للمفتي الإدلبي: الآن هل تجوز الصلاة في الطائرة؟ قال: طبعاً يجوز.
قلت له: لماذا؟ قال: قياساً للصلاة في الطائرة على الصلاة في السفينة ..
كَثَّر خيره، مليح أنه ما قال ما يجوز.
قال: كما أن السفينة مُتّصلة بالأرض بالماء، كذلك الطائرة متصلة بالأرض بالهواء، صحيح هذا الكلام من الناحية العلمية الجغرافية.
قلت له: أصبت يا حضرة المفتي، من حيث أخطأت.
قال: كيف؟
قلت له: أولاً: اجتهدت.
قال: كيف اجتهدت.
قلت له: لأنك قِسْت شيئًا غير موجود في الكتب، على شيء موجود فيها، الطائرة هذه ..
مداخلة: لم تكن موجودة.
الشيخ: كنا ونحن صغار أخذنا قصيدة يقولوا فيها:
سفينة الهواء تطير في الفضاء.
ونحن صغار.
المهم، فقال: هذه الطائرة متصلة بالأرض بالهواء، وكما أن السفينة متصلة بالأرض بالماء.
الشيخ: قلت له جَيّد. لكن أنت أخطأت من حيث أصبت.
قال: كيف؟
قلت له: أنت اجتهدت؛ لأنك قست والقياس وظيفة المجتهد، وليست وظيفة المُقَلِّد.
فأنت الآن لا بد أن تعطينا فتوى من الكتاب الذي بتفتي عنه.
قال: هذا ما كان موجودًا.
الشيخ: قلت له: هذه حجتي أنا، كيف تُعطي أجوبه على الأشياء التي تَجِدُّ الآن ولم تكن موجودة فيما مضى من الزمان.
لكن أخطأت مرة ثانية خالفت النص الفقهي، وهذه رائعة بالنسبة للمقلد جداً.
قال: ما هو؟
قلت له: قال «الرافعي» :
وإذا صلى رجل في أرجوحة ليست مُعَلَّقة بالسقف ولا مُدَعَّمة من الأرض فصلاته باطلة، وهي الطائرة بذاتها.
كيف أنت خالفت النص الفقهي؟
قال: أنا ما رأيت هذا النص؟
قلت له: راجع «شرح الرافعي الكبير على كتاب الوجيز للغزالي» وهكذا مشينا معه شوطًا بعيدًا بهذا النقاش.
فأثبتنا له ضرورة الاجتهاد في العصر الحاضر، لكن أين بيت القصيد؟
النَّجار الحدَّاد الذي أخذ دروسًا نظرية وما طبقها عملياً، سيُخَرِّب الشغلة، ويُخَرِّب النجارة والحدادة .. وما شابه ذلك.
هذا مَثَلُنا في هذا العصر الحاضر تماماً: تجد رجلاً مفتيًا أو قاضيًا يجتهد في قضية حديثة جداً.
لو قلت له: يا أستاذ اختلف عليه أمر ناس يقولوا هكذا الصلاة صحيحة، وناس يقولوا: لا، ليست صحيحة .. إلى آخره.
ما هو الصواب في ذلك؟ لا يمكنه أن يجاوبك؛ لأنه ليس متمرن يُرَجِّح قولاً على قول، برجوعه للعلمين السابقين:«علم أصول الفقه» و «علم أصول الحديث» .
فكيف يجتهدون الآن، يجتهدون بآرائهم، وليس بشرعهم، قال الله قال رسول الله .. فهم يلجؤوا لآراء، وأصبحوا مثل الغربيين -ولا مؤاخذة- كل واحد يعطي رأيه، كل واحد يضع قانونًا، فتجد القوانين مضطربة أشد الاضطراب، لماذا؟ ليس هناك رابطة تجمعهم.
أما المسلمون فرابطتهم: قال الله .. قال رسول الله، فإذا لم يرجعوا إلى قال الله، قال رسول الله، وقع بينهم الخلاف كما أنت تُشاهد الآن.
لذلك: نحن ننصح أن أيَّ مسلم يريد أن يعرف حكماً شرعياً، يجب أن يستحضر القاعدة السابقة «أن الحكم الشرعي قال الله .. قال رسول الله» فليس مجرد أن يقول لكم أحد: هذا حرام لا يجوز أو حلال يجوز، أو هذا فرض .. أو أيّ حكم من الأحكام الشرعية الخمسة، خلاص ويسلموا له تسليماً، لا الذي يُسَلَّم له هو رسول الله وحده.
إذاً: نريد نحن أن نجعل العلماء الذين درسوا الشريعة بزعمهم، نضطرهم يدرسوا الشريعة من منابعها الصافية، مش: أنا درست حنفي فأنا حنفي، درست شافعي فأنا شافعي، كنا نحن نرى ناسًا كثيرين من المشايخ يأتيهم المستفتي يسأله عن مسألة، يقول له: أنت حنفي أو شافعي. إذا قال له: حنفي، يقول له: كذا وكذا. وإذا قال له: شافعي، يقول له كذا وكذا.
لو عنده وعي هذا المستفتيّ، كان يقول له: يا شيخ أنت ضيعتني، أنا ما أعرف، أنا حصل معي كذا وكذا، ماذا تقول لي الآن: زوجتي طَلُقَت أو لم تَطْلُق، صلاتي صَحَّت أو ما صحت، تقول لي على المذهب الحنفي: صحت، وعلى المذهب الشافعي: ما صحت.
قضايا مُحَيِّرة جداً.
مثلاً في الذي يسمونه الأحوال الشخصية، في المذهب الحنفي البنت البكر إذا بلغت سن الرشد، تُزَوِّج نفسها بنفسها، بدون إذن وليها، وهذا يناسب اليوم ما يقع في الغرب، وما يقع من فلتان هنا.
لكن المذهب الشافعي يقول: لا، هذا نكاح باطل، هذا الذي يبطله الإمام الشافعي، يُجيزه الإمام الحنفي.
فإذاً: هذا الذي يقضي بين الناس في الأحوال الشخصية، إن كان حنفيًا يُمَشِّي الأمر، وإن كان شافعيًا يُعَطِّله.
لكن هو لم يعرف لماذا؟ كونه ماشي في هذا المذهب الذي فرض عليه من أبوه، من جده .. إلى آخره.
أما قال الله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]. ليس هناك شيء من هذا.
كل الأقوال التي تسمع، نادراً جداً جداً أن تجد واحد ينحو هذا المنحى العلمي، أي: بناء على قول الله كذا، وعلى قول رسول الله كذا، ما يجوز كذا وكذا.
مثالنا السابق الذي أنت جاء في كلامك، وتَبَيَّن أخيراً أن هذا مرامك، الآن كثير من المشايخ يقولوا لك مثلما أنت قلت سابقاً: إنه ليس هناك مانع أنه يتوظف الإنسان بالبنك، حتى يعرف أسلوب التعامل .. وإلى آخره، حتى إذا قامت الدولة المسلمة .. إلى آخره.
هذا أعوذ بالله، هذا ضلال في ضلال، يعني: هل الدولة الإسلامية تقوم على طاعة الله وطاعة رسول الله، أم على مخالفتهما؟
لو سئل أيّ إنسان من هؤلاء، لا يقولوا لك إلا على الطاعة.
طيب يا أستاذ، أنت الآن تقول جوابًا خلاف هذا، تقول: لازم نكون نحن نتعلم كيف التعامل في البنوك، حتى إذا قامت الدولة المسلمة عرفنا كيف نتصرف في البنوك على الطريقة الشرعية.
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعدُ تُورد الإبل
هؤلاء لو كانوا متشبعين بقال الله، قال رسول الله، ما يجرؤ أن يقول هذا الكلام؛ لأن نفسه مُشَبَّعة بقوله تعالى أولاً:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
وبقوله عليه الصلاة والسلام: «لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه» .
كيف يقال إذاً: اذهب واشتغل بالبنك وكُن موظفًا.
أنا أقول: مدير البنك والكنَّاس الذي يجمع القمامة في البنك، كلاهما في الويل سواء؛ لأنه لولا الأول ولولا الأخير وما بينهما، ما كان بنك في الدنيا إطلاقاً.
وهذه حقيقة يعرفها كل إنسان يفكر قليلاً.
فهؤلاء الذين يودعون أموالهم في البنوك، لو تواعدوا في يوم من الأيام وسحبوا الأموال من البنك، ماذا سيحصل للبنك؟
مداخلة: بيخسر
…
الشيخ: إذاً: لولا هؤلاء ما وُجِدَ بنك، لكن هناك حكمة لعل أصلها من أوروبا، بس نحن نستفيد منها:«الحاجة أُمّ الاختراع» .
فنحن عندما يقوم في بالنا أن هذا الحكم حرام، ونشعر أننا نريد حَلاًّ لمشاكلنا التجارية، «الحاجة أُمّ الاختراع» .
لذلك أنت الآن قبل العشر سنوات أو أقل أو أكثر قليلاً، لم تكن تسمع ببنوك إسلامية.
ما الذي جعل الآن هذا الاسم على الأقل يتردد على ألسنة الناس؟ لا يهمني الآن المعنى، لأنهم شعروا
…
مداخلة: تَوَجُّع الناس.
الشيخ: أيوه، شعروا بأن الناس الآن بدؤوا يفيقوا، فيريدون بنكاً إسلامياً.
فظهرت هناك في الوجود لافتات: بنك إسلامي هنا .. بنك إسلامي هناك .. إلى آخره.
ثم بالتالي ظهرت فتاوى لتسليك هذه البنوك على عُجَرِها وبُجَرِها.
وآخر شيء يمكن سمعتموه، فتوى هذا المصري إباحة الربا باسم التوفير، وباسم مساعدة الحكام.
يعني: عملية يهودية محضة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لعن الله اليهود حُرِّمت عليهم الشحوم، فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حَرَّم أكل شيء حرم ثمنه» .