المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وضع المال في البنك خشية أن يسرق - جامع تراث العلامة الألباني في الفقه - جـ ١٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌التعامل مع جهات فيها منكرات

- ‌هل يجوز للخطاط أن يصمم لافتات للمحلات التي فيها منكرات

- ‌هل يجوز لمن يعمل في عمل حلال أن يصنع شيئا لمكان فيه منكرات

- ‌الاستثمار

- ‌استثمار أموال الزكاة لصالح الفقراء وأموال الصدقات بتوكيل وبدونه

- ‌استثمار المبالغ الحاصلة من التبرعات

- ‌دفع مبلغ مالي لتجاوز مرحلة التدريب على القيادة لمن أراد استخراج رخصة

- ‌حكم دخول الجيش مع العلم أنه يؤدي حتماً إلى بعض التنازلات في الدين

- ‌حكم الخروج من الجيش الذي يحتوي على منكرات

- ‌التعدي على الملكية الفكرية

- ‌حقوق الطبع

- ‌دفع رشوة لاستخراج حق

- ‌حكم سرقة الماء الحكومي بطريق سد المواسير

- ‌البيع في المساجد

- ‌النهي عن البيع والشراء في المساجد

- ‌المزاد داخل المسجد

- ‌الوقف

- ‌مشروعية الوقف

- ‌الاستفادة من الكتب الموقوفة على المسجد، والكلام على قاعدة (شرط الواقف كنص الشارع)

- ‌أيهما أكثر أجراً بناء المسجد أم بناء المدارس الإسلامية

- ‌الرهان والمسابقات

- ‌هل يجوز الرهان على الخيول في واقعها الحالي

- ‌المسابقات المنهي عن أخذ المال فيها

- ‌لا يشترط المحلل في سباق الخيل

- ‌حديث (لا سبْق إلا في خف أو حافر أو نصل) هل السبق المشروع مقتصر على هذه الثلاثة أم يقاس عليها

- ‌الوظائف

- ‌حكم العمل في محل خياطة ملابس نسائية

- ‌تشغيل البنات في المحلات التجارية

- ‌رجل يسرق من مكان العمل فهل يبلِّغ زميله عنه

- ‌العمل في معمل للذهب المحلّق

- ‌العمل في مصنع الخل

- ‌تاجر له محل يكثر فيه مخالطة النساء فهل عليه إثم إذا فُتِن ورثة المحل من بعده

- ‌رجل ترك وظيفته لكن مرتبه لا يزال يُرْسَل إلى البنك بسبب سوء الإدارة في العمل، فهل يأخذ المرتب

- ‌حكم العمل في شرطة المرور

- ‌ما الحكم إذا كان العمل الإضافي يؤثر على العمل الأصلي؟ وحكم الموظف الذي لا يوكل إليه أي عمل وقت الدوام هل له أن يغيب عن العمل

- ‌العمل في محلات تُباع فيها محرَّمات

- ‌حكم الاشتغال بالقضاء في الدول التي لا تقضي بالشرع

- ‌شخص يشتغل في شركة تجارية فهل يجوز أن يأخذ عناوين الشركات التي تتعامل مع هذه الشركة حتى إذا استقل مستقبلا استفاد من ذلك

- ‌هل يأثم الموظف الذي يعمل في شركة تشغل أموالها في مؤسسات ربوية

- ‌هل استحضار النية واجب في تعلم العلوم الدنيوية والعمل في المهن المختلفة

- ‌تقدم الشخص لوظيفة أعلى مما يشغلها بحجة سعة علمه

- ‌حكم استعمال تلفون العمل للأغراض الشخصية

- ‌حكم عمل الموظف عند مدير يشرب الخمر

- ‌شركات تحويل الأموال

- ‌حكم أخذ مال من قِبَل شركة التحويل مقابل التحويل

- ‌الاحتكار

- ‌احتكار السلعة

- ‌الضمان

- ‌إذا أتلف الطفل أموال أحدهم فهل يضمن أهل الطفل

- ‌الأصل في العارية إذا تلفت ألا تضمن إلا بالتعهد

- ‌من ضمن على أحد متبرعًا وليس مأموراً من المضمون عنه

- ‌الكفالة

- ‌رجل كفل رجلاً ثم مات، فهل يُرجع على ورثته لطلب الكفالة

- ‌أيهما أفضل كفالة اليتيم وكفالة الداعية

- ‌من صور الكفالة في دول الخليج

- ‌أخذ الولد من مال أبيه دون علمه أو العكس

- ‌الجمعيات

- ‌حكم ما يعرف بالجمعية

- ‌الجمعية التي يقوم بها الموظفون فيما بينهم

- ‌المدين الميسور ماطل الدائن فدخل وسيط عرض على الدائن أن يعطيه جزءًا من الدين وأن يتنازل عن الباقي على أن يُحَصِّل هذا الوسيط الدين بطريقته الخاصة

- ‌حكم الجمعيات التي يقوم بها مجموعة من الأشخاص

- ‌المعاملات مع الكفار

- ‌جواز معاملة الكفار مع العلم بخبث مكاسبهم

- ‌التجارة مع الرافضة

- ‌هل من الولاء والبراء ترك شراء منتجات الرافضة إذا كانت لديهم مصانع كالخبز مثلًا

- ‌حكم الشراء من الرافضة

- ‌بيع المزاد (المزايدة)

- ‌أنظمة الادخار

- ‌حكم أنظمة الإدخار التي تفعلها الشركات

- ‌المناقصات

- ‌حكم المبلغ الذي يؤخذ مِن كل مَن يريد المشاركة في المناقصة مع عدم رده

- ‌الهبة

- ‌عموم حديث: (العائد في هبته)

- ‌إحياء الموات

- ‌الفرق بين إحياء الموات والتحجير

- ‌العمرى والرقبى

- ‌العمرى والرقبى

- ‌الشفعة

- ‌الجوار لا يكون مقتضيا للشفعة إلا مع اتحاد الطريق

- ‌هل للجار حق الشفعة فيما بطلت منفعته بالتقسيم

- ‌كتاب الحوالة

- ‌وجوب قبول الحوالة

- ‌كتاب البنوك والفوائد والربا

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌ما البديل عن البنوك الإسلامية

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌حكم البنوك الإسلامية

- ‌شراء البيت من البنك الإسلامي قسطًا

- ‌التعامل مع البنك الإسلامي

- ‌حكم الإيداع في البنك الإسلامي

- ‌حكم تحويل الموظف راتبه إلى البنك الإسلامي

- ‌الشراء من خلال البنك

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك الإسلامي على أن يبيعها على الراغب بالتقسيط وبسعر أغلى

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك فيشتريها البنك ثم يبيعها دون أن يحوزها

- ‌التاجر الذي لا تتم تجارته إلا بالمعاملة البنكية

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك فيشتريها البنك ثم يبيعها دون أن يحوزها

- ‌حكم المرابحة مع البنك

- ‌شراء بضاعة بالتقسيط بواسطة البنك

- ‌من صور البيوع المحرمة التي تتعامل بها البنوك: بيع ما لم يحزه البائع

- ‌شراء بضاعة من البنك دون أن يحوزها البنك

- ‌الشراء من الخارج عن طريق البنوك

- ‌صورة من صور شراء السيارات عن طريق البنوك

- ‌يقدم التاجر للبنك فاتورة البضاعة فيشتريها ثم يشتريها التاجر من البنك بزيادة ربح للبنك

- ‌حكم شراء سيارة بالتقسيط عن طريق البنك

- ‌إيداع الأموال في البنوك والتعامل معها

- ‌حكم التعامل مع البنوك الربوية

- ‌رمي من يحرم التعامل مع البنوك بالتشدد

- ‌خطورة التعامل مع البنوك الربوية

- ‌حكم وضع المال في البنك

- ‌وضع المال في البنك خشية أن يسرق

- ‌حرمة إطعام الربا

- ‌إيداع الأموال مع المؤسسات الربوية

- ‌ما حكم شراء أسهم في مؤسسة حكومية عملها ليس فيه ربا ولكنها تتعامل وتودع أموالها في بنوك ربوية

- ‌إيداع المال بدون فوائد أو كأمانة

- ‌حكم وضع المال في البنك كتوفير فقط بدون أخذ فوائد، وحكم تحويل الأموال عن طريق البنك

- ‌حكم استئجار صندوق أمانات في البنك لوضع المال فيه

- ‌لو قيل أننا لو أوقفنا التعامل مع البنوك ستتوقف الحياة

- ‌هل هناك مانع من وضع المال في البنك في القسم الذي لا يعطي فوائد

- ‌ماذا يصنع بالفوائد الربوية

- ‌ماذا يُعمل بالربا الذي يأخذه من البنوك

- ‌رجل أعطى البنك ثمن شراء سيارة ولكنهم تأخروا وبقي المال في البنك وجاءت عليه فوائد ربوية فهل يأخذها

- ‌رجل أودع ماله في البنك للضرورة فماذا يفعل بالفوائد الربوية

- ‌رجل وضع لحساب ابنته في البنك مالاً، فماذا تفعل بالفوائد الربوية أو باليانصيب الذي ربحه حسابها

- ‌ماذا يصنع من يريد التخلص من أموال الربا

- ‌هل يجوز لرجل له مال في بنك ما أن يدفع الربا الذي يحصل عليه سداداً للضرائب أو الجمارك ونحوها من المُكوس

- ‌زوجة تسأل عن زوجها الذي ينفق عليها من أموال ربا البنوك

- ‌امرأة اكتشفت أن زوجها يتعامل مع البنوك الربوية فماذا تفعل

- ‌التائب من الربا

- ‌التائب من أخذ الربا، ماذا يصنع بما أخذ

- ‌رجل بنى تجارة من قرض ربوي وربح من وراء القرض مبالغ كبيرة فكيف يتوب من ذلك

- ‌من تاب من الربا ما مصير أمواله

- ‌كل الأموال المحرمة إذا تاب الإنسان عليه أن ينفقها في المرافق العامة

- ‌المال المجتمع من الربا ماذا يفعل به صاحبه إذا تاب

- ‌صور متفرقة في التعامل مع البنوك

- ‌رجل أودع ماله في البنك وقام البنك باستثماره دون إذنه ولم يعطه من الأرباح فهل يجوز ذلك للبنك

- ‌الاستثمارات البنكية للودائع

- ‌حكم التبرع من خلال البنوك

- ‌حكم الاستعانة بالبنك الربوي لنقل جثة المسلم في أوروبا إلى بلد مسلم

- ‌حكم الاستقراض من بنك ربوي في حالة ما إذا كانت الدولة هي التي ستدفع الزيادة الربوية

- ‌حكم الاقتراض من البنوك العقارية

- ‌التحويل عن طريق البنك

- ‌حكم هذه المعاملة مع البنوك

- ‌هل يجوز أن يأخذ الابن من الأب من الأموال إذا علم الابن أن الأب قد كسب هذا المال من الربا

- ‌وضع المال في البنك

- ‌التعامل بالأسهم وأرباحها مع شركات تضع أموالا في البنوك

- ‌الموظفين

- ‌حكم الوظيفة في البنك

- ‌حكم أخذ المؤسسة الخيرية للدعم من البنوك الربوية، وحكم أخذ الموظفين للرواتب من البنوك الربوية

- ‌العمل في المؤسسات والشركات المالية والبنوك

- ‌حكم مرتبات الموظفين التي يأخذونها من البنك المركزي، وهو بنك ربوي

- ‌الموظف في بنك ربوي إذا علم أن عمله محرم هل يجب عليه ترك عمله حالا، أم عندما يجد عملًا جديداً

- ‌هل يقبل حج الموظف في بنك

- ‌صندوق الادخار

- ‌حكم التعامل مع صندوق الادخار (وهو ربوي) لما يُتَصَوَّر أنه ضرورة

- ‌حكم صندوق الإدخار بهذه الصورة

- ‌معاملات بنكية

- ‌حكم تخصيص البنك لنسبة احتياطي مخاطر فيما يضارب به

- ‌حكم أخذ البنك نسبة من الكفالات المصرفية

- ‌الفيزا كارد

- ‌التعامل بالكرت التجاري (الفيزا)

- ‌متفرقات في مسائل متعلقة بالبنوك والربا

- ‌حرمة الربا في دار الحرب كحرمته في دار الإسلام

- ‌الرد على من جوز للمقرض أن يأخذ فائدة مسماة كل شهر أو كل سنة من المستقرض إلى أن يوفي إليه دينه

- ‌فضل القرض الحسن

- ‌علة النهي عن سلف وبيع

- ‌هل يجوز الحج من أموال البنك

- ‌رجل يقيم في أمريكا يتعامل بالربا وتهرب من دفع الزيادة الربوية، وكلمة حول حرمة المعاملات الربوية

- ‌رجل اقترض مالاً على أنه بدون ربا، ثم أدخل المقرِض نظام الربا

- ‌هل يقع الربا في العملات الورقية

- ‌تعريف ربا النسيئة

- ‌ما مدى صحة حديث: (كل قرض جر نفعًا فهو ربا) وما علته، وما الحكم الذي يترتب على ذلك بناءً على الصحة والضعف

- ‌هل تقبل هدية رجل كسبه من ربا خالص

- ‌حكم مشاركة من يتعامل بالربا في التجارة

- ‌حكم قراءة الكتب العلمية التي تطبعها البنوك الربوية

- ‌حكم صناعة أبواب لبنك ربوي

- ‌حكم التعامل مع المرابي كأن نبني له بيتاً أو ما إلى ذلك

- ‌حكم السكن في بيت بُني من مال الربا

الفصل: ‌وضع المال في البنك خشية أن يسرق

‌وضع المال في البنك خشية أن يسرق

مداخلة: يا شيخ، بالنسبة لمن خشي على ماله أن يضيع مثلاً إذا أخرجه، مثلاً فلوس ملايين يعني، فلو أخرجها خارج البنك فسوف يسرقونها، فهل له أن يضعها في البنك حفاظاً على ماله؟

الشيخ: لو أن غيرك قالها.

مداخلة: شيخ بارك الله فيك، نسأل بس نحن نستفيد.

الشيخ: نعم، لكن ليس كل سؤال يحصل.

مداخلة: تفضل يا شيخ؛ لأني أنا سمعت يعني لبعض العلماء.

الشيخ: طبعاً، سمعت فتوى عندكم وأباحوا لكبار المتعاملين بالبنوك أن يودعوا أموالهم في البنوك الكافرة.

مداخلة: كيف البنوك الكافرة، يعني يا شيخ؟

الشيخ: أباحوا من أجل هذه النظرية التي أنت ذكرتها آنفاً، أن يودعوا أموالهم التي تُعد الملايين في البنوك الكافرة .. غير مفهوم هذا الكلام؟

مداخلة: مفهوم.

الشيخ: المقصود بارك الله فيك، أن المسلمين اليوم في فتنة إيمانية، نسوا الله فأنساهم أنفسهم.

ربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3] فالآن الموازين الإيمانية انقلبت إلى موازين مادية، فلم يعد المسلمون يفكرون في الأسباب الشرعية، وإنما هم فقط يفكرون في الأسباب المادية.

ص: 277

والإسلام -بلا شك- لا يُحَرِّم على المسلم أن يتعاطى الأسباب الجائزة شرعاً، ليس فقط للمحافظة على المال، بل والمحافظة على الصحة، ونحو ذلك .. ولكن إذا ما كانت الأسباب مخالفة للشرع، حينذاك يقال كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«يا أيها الناس اتقوا الله عز وجل، فإن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب، فإن ما عند الله لا يُنال بالحرام» .. فإن ما عند الله لا يُنال بالحرام، ولا شك أنه لا فرق في الفقه الإسلامي، بين مسلم يتخذ وسيلة محرمة لتحصيل الرزق، أظن هذه واضحة في أذهانكم، لكن هذه أُريد أن أتخذها سُلّماً.

فأقول: إذا كان الأمر كذلك، أنه لا يجوز للمسلم أن يتخذ وسيلةً محرمةً شرعاً لتحصيل الرزق، كذلك لا يجوز له أن يتخذ وسيلةً محرمة للمحافظة على الرزق، واضح هذا؟ طيب.

وهذا ضد القاعدة الصهيونية والتي يتبناها كثير من الإسلاميين اليوم وهي: الغاية تُبَرّر الوسيلة، فسؤالك الآن إذا لخصناه: هل هذه الوسيلة جائزة ألا وهي إيداع المال الكثير في البنوك؛ خشية أن يُسرق؟ فالجواب واضح؛ لأنه وسيلة محرمة.

فإذاً نقول: لكل من أراد أن يتخذ هذه الوسيلة؛ للمحافظة على ماله، مثله مثل من يتخذ وسيلة محرمة لتحصيل رزقه، ولا فرق بينهما إطلاقاً، إن كان يجوز استحلال ما حَرَّم الله من الوسائل لتحصيل الرزق، جاز استحلال ما حرّم الله عز وجل من الوسائل للمحافظة على الرزق ..

طبعاً هذا لا يجوز وهذا لا يجوز، إنما الفرق هي الغفلة، وشعور الناس حتى بعض المفتين؛ لأن المسلمين اليوم لم يعودوا مؤمنين حقاً، فليس عندهم استعداد نفسي إيماني ليقال للغني الثري يا أخي تعاط الوسائل الممكنة لحفظ مالك.

أنا أقول في مثل هذه المسألة، وقلت ذلك لَمّا قُدِّر لي الذهاب لزيارة بعض البلاد الأوروبية ومنها بريطانيا، فكنا نعقد هناك بعض المجالس وكان المسلمون الذين استوطنوا تلك البلاد أو سافروا إليها لأيام أو شهور أو سنين، يقولون يا

ص: 278

شيخ نحن هنا غرباء، ونحن هذا المال أين نذهب به إذا ما وضعناه في البنك نخشى أن يسرق، بل نخشى حتى أن نقتل، فأنا أردت بشيء أذكرهم بهذه الآية:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] ثاني شيء أذكرهم بحديثين اثنين لأنه في الحقيقة هذين الحديثين في رأيي مثالان صالحان بترسيخ معنى {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] .. ترسيخ معنى {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] لأن الناس يقرؤون هذه الآية ولا يشعرون بأثرها في قلوبهم، وفي بعض البلاد كسوريا، وهنا أيضاً بعضهم يضع لافتة على الجدار مكتوب فيها {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2].

فإذاً: هم زَيَّنوا بهذه الآية جدرانهم وأخلوا منها قلوبهم، فهذان الحديثان يؤكدان هذا المعنى المذكور في القرآن، أحدهما في صحيح البخاري أن رجلاً ممن قبلنا جاء إلى غني فقال له: أقرضني ألف دينار، قال: هات الكفيل، قال: الله الكفيل، قال: هات الشهيد، قال: الله الشهيد.

يبدو أن الأمر في الطالب والمطلوب منه سواء، وهو كما قيل إن الطيور على أشكالها تقع، أي أنهم من طَيِّبي القلوب، أخذ هذا الكلام على محمل الصدق .. الله كفيل .. الله كفيل، الله الشهيد .. الله الشهيد، ونقده ألف دينار .. دينار أحمر، وتواعدا على يوم الوفاء، وأخذ الرجل الألف دينار، ذهب في البحر يضرب ويبدو أن الرجل وفقه الله عز وجل فيما عمل بالألف دينار، لكنه أدركه الوعد أو اليوم الموعود وهو بعيد عن بلد الغني المحسن، فما وسعه إلا أن يفعل فعلاً كل من يسمعه يحكم عليه بأنه مهبول مجذوب.

حيث أنه أخذ خشبة ونقرها نقراً وَدَكّ فيها الألف دينار وحشاها جيداً، ثم جاء إلى ساحل البحر فالرجل جاء إلى ساحل البحر وقال: اللهم أنت كنت الكفيل وأنت كنت الشهيد، ورمى الخشبة في عرض البحر .. الجنون والجنون فنون، لكن هذه كرامة للرجل هذا فيما بعد تبين، وجاء اليوم الموعود وخرج الدائن لاستقبال المدين عبثاً ما جاء المدين، لكن أوصلها الله عز وجل الخشبة إلى الساحل الذي هو

ص: 279

على حافته، والأمواج تُحَرِّكه بين يديه، فمد يده وإذا هي رزينة أخذها إلى الدار كسرها وإذا ألف دينار، تعجب، بعدها رجع الرجل المدين سالمًا وحيا إلى آخره، وتجاهل ما فعل؛ لأنه أمر غير عادي، أي ليس من سنن الله الكونية ويقولون اليوم الطبيعية .. ليس نظاماً عادياً، فتجاهل ما فعل ونقده ألف دينار صار عند الرجل ألفان، فما وسعه وهذا أيضاً لصفاء نفسه إلا أن يحدث المدين بقصة الخشبة، فما كان منه إلا أن قص عليه القصة أنه هو الذي فعل هذا وتوكل على الله عز وجل، وخاطبه بقوله: أنت كنت الكفيل وأنت الشهيد، فقال: قد وفى الله عنك فبارك الله لك في مالك، وعاد إليه الألف دينار ..

هنا نحن نأخذ عبرة أن هذا الرجل المدين لما فعل فعلته هذه، ما فعله إلا بإيمان قوي جداً جداً متوكلاً على الله عز وجل أن يتولى الوفاء عنه بطريقة هو يعرفها وهو قادر عليها.

والله عز وجل كما جاء في الحديث الصحيح: «أنا عند حسن ظن عبدي، فليظن بي ما شاء» لكن هذا يحتاج إلى إيمان.

أيضاً ذاك الرجل الغني رجل صافي لو كتم الألف دينار ما استطاع أحد أن يكشفه إطلاقاً؛ لأنه ما جاءه ببريد مضمون ماذا يسموه؟

مسجل، لا، ما فيه شيء من هذا إطلاقاً يومئذ، لكنه يراقب ربه عز وجل، ويعلم أن هذا المال ما دام أنه جاءه بطريق غير معتاد، لا بد أن يكون هناك سر، فعاد الألف دينار وقال: قد وَفَّى الله عنك، هذا تفسير {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2].

الحديث الثاني وهذا كما ذكرت آنفاً في صحيح البخاري .. الثاني في صحيح مسلم أن رجلاً قال عليه السلام: بينما رجل فيمن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض، إذ سمع صوتاً من السحاب يقول: اسق أرض فلان، هذه معجزة ما حدثت في التاريخ .. تاريخ الدنيا إطلاقاً، فهذا الشيء لفت نظره، وجد السحاب يمشي جهة فمشى معها، حتى وجد السحاب يُفَرِّغ مشحونه من الماء على حديقة، فأطل عليها

ص: 280

وإذا فيها رجل يعمل فيها، فسلم عليه باسمه وهو رجل غريب عن تلك الأرض، فرد عليه السلام واستغرب منه كيف عرفه، فقص عليه القصة، أنني بينما كنت أمشي في الصحراء سمعت صوتاً من السحاب اسق أرض فلان، فسرت والسحاب حتى رأيته أفرغ الماء عندك، فبم ذاك؟ قال: والله لا شيء عندي سوى أن عندي هذه الأرض فأزرعها وأخدمها وأحصدها، ثم أجعل حصيدها ثلاثة أثلاث .. ثلث أعيده إلى الأرض، وثلث أنفقه على نفسي وعيالي، والثلث الآخر أتصدق به على جيراني والفقراء من حولي، قال له: هو ذاك .. هو ذاك.

فالآن من كان يؤمن بالله ورسوله حقاً وصدقاً، إذا اتخذ الوسائل المشروعة في المحافظة على ماله، أتُرى أن الله يخيب ظنه فيه؟ حاشا لله، لكن أين هذا الإيمان؟

أنا أقول مثلاً: ما فيه مانع إذا كان مليونير أنه يتخذ غرفة حديد .. غرفة حديد ويحط حوله من الحُرّاس براتب ومعاش، خير له بكثير من أن يودع هذا المال في البنوك الذي تستغله، وليتها تستغل هذا المال لصالحها المادي، وإنما لتضرب به المسلمين في عقر دارهم، لا شك أن هذا خير دينًا ودنيا؛ لأن هذا الرجل الذي اتخذ غرفة لنقول حديدية ووضع عليه ما يطمئن عليه من الحراس، وآتاهم أجراً، فهذا ربنا عز وجل يبارك له في ماله، وليس كالذي يتعامل بالربا سواء كان أكلاً أو إيكالاً إطعاماً .. لا فرق بين هذا.

فكلنا يعلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» والحقيقة وهذا من سنة الله الكونية، كما قال الشاعر قديماً: وما معظم النار إلا من مستصغر الشرر، وكما قيل أول الغيث قطر ثم ينهمر.

فالآن في البلاد السعودية لا فرق بينها وبين البلاد العربية الأخرى، حيث انتشرت فيها البنوك كانتشارها في كل البلاد، لا شك أن هذا الانتشار له مقدمات من فتاوى تصدر تُشَجِّع هذا العمل، وأول التشجيع أنه أنت ضع مالك لكن لا تأخذ ربا، وليتهم يسمون الربا ربا كما سمَّاه الله عز وجل وإنما يسمونه بماذا؟

مداخلة: فائدة.

ص: 281

الشيخ: بالفائدة، بعدها من تسويل الشيطان لبني الإنسان أن يرتكب الحرام× لأن هذه فائدة، أما كما سماه رب العالمين الربا أو الرسول عليه السلام، فهذا يبتعدون منه؛ لأنه يُنَفّرهم عن تعاطي هذه الأسباب.

فإذاً بارك الله فيكم: يجب نحن أن نتذكر ديننا وأن نعرف أحكام شريعة ربنا، وأن نُحَذِّر إخواننا من عاقبة الربا، وعاقبة الربا كما قال عليه السلام إلى قل .. إلى قل .. قل قليل يعني.

مداخلة: يقلل ..

الشيخ: نعم؟

مداخلة: يقلل المال يعني؟

الشيخ: نعم، يعني يذهب المال من حيث جاء، لا يبارك الله فيه، يعني عكس قوله عليه السلام:«وما نقص مال من صدقه» .

مداخلة: يا شيخ بارك الله فيك .. كنت قد تناقشت مع ثمانية أشخاص وهم عدلاء يعني، فتناقشت معهم في نفس الموضوع، واقترحت نفس الاقتراح الذي اقترحته.

وهو إذا كان الشخص مليونير أن يأتي بغرفة، وأن يكون فيها حديد، وأن يودع الرجل ماله في هذه الغرفة ويعني كما كان يفعل آباؤنا .. كان قديماً لا يوجد عندهم بنوك، وإنما كانوا يودعون الذهب في التنك.

الشيخ: في أماكن حديثة يعني.

مداخلة: نعم ويضعونها في زاوية

أماكن في الجدار فاقترحت عليهم هذا الاقتراح، ولكنه كان أظنه شبه شيء من اقتراحي، كأنه شيء شبه من الجنون يعني ..

الشيخ: خيال خيال عندهم.

مداخلة: نعم .. وإلا والله اقترحت عليهم نفس هذا الاقتراح.

ص: 282