المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الاستعانة بالبنك الربوي لنقل جثة المسلم في أوروبا إلى بلد مسلم - جامع تراث العلامة الألباني في الفقه - جـ ١٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌التعامل مع جهات فيها منكرات

- ‌هل يجوز للخطاط أن يصمم لافتات للمحلات التي فيها منكرات

- ‌هل يجوز لمن يعمل في عمل حلال أن يصنع شيئا لمكان فيه منكرات

- ‌الاستثمار

- ‌استثمار أموال الزكاة لصالح الفقراء وأموال الصدقات بتوكيل وبدونه

- ‌استثمار المبالغ الحاصلة من التبرعات

- ‌دفع مبلغ مالي لتجاوز مرحلة التدريب على القيادة لمن أراد استخراج رخصة

- ‌حكم دخول الجيش مع العلم أنه يؤدي حتماً إلى بعض التنازلات في الدين

- ‌حكم الخروج من الجيش الذي يحتوي على منكرات

- ‌التعدي على الملكية الفكرية

- ‌حقوق الطبع

- ‌دفع رشوة لاستخراج حق

- ‌حكم سرقة الماء الحكومي بطريق سد المواسير

- ‌البيع في المساجد

- ‌النهي عن البيع والشراء في المساجد

- ‌المزاد داخل المسجد

- ‌الوقف

- ‌مشروعية الوقف

- ‌الاستفادة من الكتب الموقوفة على المسجد، والكلام على قاعدة (شرط الواقف كنص الشارع)

- ‌أيهما أكثر أجراً بناء المسجد أم بناء المدارس الإسلامية

- ‌الرهان والمسابقات

- ‌هل يجوز الرهان على الخيول في واقعها الحالي

- ‌المسابقات المنهي عن أخذ المال فيها

- ‌لا يشترط المحلل في سباق الخيل

- ‌حديث (لا سبْق إلا في خف أو حافر أو نصل) هل السبق المشروع مقتصر على هذه الثلاثة أم يقاس عليها

- ‌الوظائف

- ‌حكم العمل في محل خياطة ملابس نسائية

- ‌تشغيل البنات في المحلات التجارية

- ‌رجل يسرق من مكان العمل فهل يبلِّغ زميله عنه

- ‌العمل في معمل للذهب المحلّق

- ‌العمل في مصنع الخل

- ‌تاجر له محل يكثر فيه مخالطة النساء فهل عليه إثم إذا فُتِن ورثة المحل من بعده

- ‌رجل ترك وظيفته لكن مرتبه لا يزال يُرْسَل إلى البنك بسبب سوء الإدارة في العمل، فهل يأخذ المرتب

- ‌حكم العمل في شرطة المرور

- ‌ما الحكم إذا كان العمل الإضافي يؤثر على العمل الأصلي؟ وحكم الموظف الذي لا يوكل إليه أي عمل وقت الدوام هل له أن يغيب عن العمل

- ‌العمل في محلات تُباع فيها محرَّمات

- ‌حكم الاشتغال بالقضاء في الدول التي لا تقضي بالشرع

- ‌شخص يشتغل في شركة تجارية فهل يجوز أن يأخذ عناوين الشركات التي تتعامل مع هذه الشركة حتى إذا استقل مستقبلا استفاد من ذلك

- ‌هل يأثم الموظف الذي يعمل في شركة تشغل أموالها في مؤسسات ربوية

- ‌هل استحضار النية واجب في تعلم العلوم الدنيوية والعمل في المهن المختلفة

- ‌تقدم الشخص لوظيفة أعلى مما يشغلها بحجة سعة علمه

- ‌حكم استعمال تلفون العمل للأغراض الشخصية

- ‌حكم عمل الموظف عند مدير يشرب الخمر

- ‌شركات تحويل الأموال

- ‌حكم أخذ مال من قِبَل شركة التحويل مقابل التحويل

- ‌الاحتكار

- ‌احتكار السلعة

- ‌الضمان

- ‌إذا أتلف الطفل أموال أحدهم فهل يضمن أهل الطفل

- ‌الأصل في العارية إذا تلفت ألا تضمن إلا بالتعهد

- ‌من ضمن على أحد متبرعًا وليس مأموراً من المضمون عنه

- ‌الكفالة

- ‌رجل كفل رجلاً ثم مات، فهل يُرجع على ورثته لطلب الكفالة

- ‌أيهما أفضل كفالة اليتيم وكفالة الداعية

- ‌من صور الكفالة في دول الخليج

- ‌أخذ الولد من مال أبيه دون علمه أو العكس

- ‌الجمعيات

- ‌حكم ما يعرف بالجمعية

- ‌الجمعية التي يقوم بها الموظفون فيما بينهم

- ‌المدين الميسور ماطل الدائن فدخل وسيط عرض على الدائن أن يعطيه جزءًا من الدين وأن يتنازل عن الباقي على أن يُحَصِّل هذا الوسيط الدين بطريقته الخاصة

- ‌حكم الجمعيات التي يقوم بها مجموعة من الأشخاص

- ‌المعاملات مع الكفار

- ‌جواز معاملة الكفار مع العلم بخبث مكاسبهم

- ‌التجارة مع الرافضة

- ‌هل من الولاء والبراء ترك شراء منتجات الرافضة إذا كانت لديهم مصانع كالخبز مثلًا

- ‌حكم الشراء من الرافضة

- ‌بيع المزاد (المزايدة)

- ‌أنظمة الادخار

- ‌حكم أنظمة الإدخار التي تفعلها الشركات

- ‌المناقصات

- ‌حكم المبلغ الذي يؤخذ مِن كل مَن يريد المشاركة في المناقصة مع عدم رده

- ‌الهبة

- ‌عموم حديث: (العائد في هبته)

- ‌إحياء الموات

- ‌الفرق بين إحياء الموات والتحجير

- ‌العمرى والرقبى

- ‌العمرى والرقبى

- ‌الشفعة

- ‌الجوار لا يكون مقتضيا للشفعة إلا مع اتحاد الطريق

- ‌هل للجار حق الشفعة فيما بطلت منفعته بالتقسيم

- ‌كتاب الحوالة

- ‌وجوب قبول الحوالة

- ‌كتاب البنوك والفوائد والربا

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌ما البديل عن البنوك الإسلامية

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌حكم البنوك الإسلامية

- ‌شراء البيت من البنك الإسلامي قسطًا

- ‌التعامل مع البنك الإسلامي

- ‌حكم الإيداع في البنك الإسلامي

- ‌حكم تحويل الموظف راتبه إلى البنك الإسلامي

- ‌الشراء من خلال البنك

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك الإسلامي على أن يبيعها على الراغب بالتقسيط وبسعر أغلى

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك فيشتريها البنك ثم يبيعها دون أن يحوزها

- ‌التاجر الذي لا تتم تجارته إلا بالمعاملة البنكية

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك فيشتريها البنك ثم يبيعها دون أن يحوزها

- ‌حكم المرابحة مع البنك

- ‌شراء بضاعة بالتقسيط بواسطة البنك

- ‌من صور البيوع المحرمة التي تتعامل بها البنوك: بيع ما لم يحزه البائع

- ‌شراء بضاعة من البنك دون أن يحوزها البنك

- ‌الشراء من الخارج عن طريق البنوك

- ‌صورة من صور شراء السيارات عن طريق البنوك

- ‌يقدم التاجر للبنك فاتورة البضاعة فيشتريها ثم يشتريها التاجر من البنك بزيادة ربح للبنك

- ‌حكم شراء سيارة بالتقسيط عن طريق البنك

- ‌إيداع الأموال في البنوك والتعامل معها

- ‌حكم التعامل مع البنوك الربوية

- ‌رمي من يحرم التعامل مع البنوك بالتشدد

- ‌خطورة التعامل مع البنوك الربوية

- ‌حكم وضع المال في البنك

- ‌وضع المال في البنك خشية أن يسرق

- ‌حرمة إطعام الربا

- ‌إيداع الأموال مع المؤسسات الربوية

- ‌ما حكم شراء أسهم في مؤسسة حكومية عملها ليس فيه ربا ولكنها تتعامل وتودع أموالها في بنوك ربوية

- ‌إيداع المال بدون فوائد أو كأمانة

- ‌حكم وضع المال في البنك كتوفير فقط بدون أخذ فوائد، وحكم تحويل الأموال عن طريق البنك

- ‌حكم استئجار صندوق أمانات في البنك لوضع المال فيه

- ‌لو قيل أننا لو أوقفنا التعامل مع البنوك ستتوقف الحياة

- ‌هل هناك مانع من وضع المال في البنك في القسم الذي لا يعطي فوائد

- ‌ماذا يصنع بالفوائد الربوية

- ‌ماذا يُعمل بالربا الذي يأخذه من البنوك

- ‌رجل أعطى البنك ثمن شراء سيارة ولكنهم تأخروا وبقي المال في البنك وجاءت عليه فوائد ربوية فهل يأخذها

- ‌رجل أودع ماله في البنك للضرورة فماذا يفعل بالفوائد الربوية

- ‌رجل وضع لحساب ابنته في البنك مالاً، فماذا تفعل بالفوائد الربوية أو باليانصيب الذي ربحه حسابها

- ‌ماذا يصنع من يريد التخلص من أموال الربا

- ‌هل يجوز لرجل له مال في بنك ما أن يدفع الربا الذي يحصل عليه سداداً للضرائب أو الجمارك ونحوها من المُكوس

- ‌زوجة تسأل عن زوجها الذي ينفق عليها من أموال ربا البنوك

- ‌امرأة اكتشفت أن زوجها يتعامل مع البنوك الربوية فماذا تفعل

- ‌التائب من الربا

- ‌التائب من أخذ الربا، ماذا يصنع بما أخذ

- ‌رجل بنى تجارة من قرض ربوي وربح من وراء القرض مبالغ كبيرة فكيف يتوب من ذلك

- ‌من تاب من الربا ما مصير أمواله

- ‌كل الأموال المحرمة إذا تاب الإنسان عليه أن ينفقها في المرافق العامة

- ‌المال المجتمع من الربا ماذا يفعل به صاحبه إذا تاب

- ‌صور متفرقة في التعامل مع البنوك

- ‌رجل أودع ماله في البنك وقام البنك باستثماره دون إذنه ولم يعطه من الأرباح فهل يجوز ذلك للبنك

- ‌الاستثمارات البنكية للودائع

- ‌حكم التبرع من خلال البنوك

- ‌حكم الاستعانة بالبنك الربوي لنقل جثة المسلم في أوروبا إلى بلد مسلم

- ‌حكم الاستقراض من بنك ربوي في حالة ما إذا كانت الدولة هي التي ستدفع الزيادة الربوية

- ‌حكم الاقتراض من البنوك العقارية

- ‌التحويل عن طريق البنك

- ‌حكم هذه المعاملة مع البنوك

- ‌هل يجوز أن يأخذ الابن من الأب من الأموال إذا علم الابن أن الأب قد كسب هذا المال من الربا

- ‌وضع المال في البنك

- ‌التعامل بالأسهم وأرباحها مع شركات تضع أموالا في البنوك

- ‌الموظفين

- ‌حكم الوظيفة في البنك

- ‌حكم أخذ المؤسسة الخيرية للدعم من البنوك الربوية، وحكم أخذ الموظفين للرواتب من البنوك الربوية

- ‌العمل في المؤسسات والشركات المالية والبنوك

- ‌حكم مرتبات الموظفين التي يأخذونها من البنك المركزي، وهو بنك ربوي

- ‌الموظف في بنك ربوي إذا علم أن عمله محرم هل يجب عليه ترك عمله حالا، أم عندما يجد عملًا جديداً

- ‌هل يقبل حج الموظف في بنك

- ‌صندوق الادخار

- ‌حكم التعامل مع صندوق الادخار (وهو ربوي) لما يُتَصَوَّر أنه ضرورة

- ‌حكم صندوق الإدخار بهذه الصورة

- ‌معاملات بنكية

- ‌حكم تخصيص البنك لنسبة احتياطي مخاطر فيما يضارب به

- ‌حكم أخذ البنك نسبة من الكفالات المصرفية

- ‌الفيزا كارد

- ‌التعامل بالكرت التجاري (الفيزا)

- ‌متفرقات في مسائل متعلقة بالبنوك والربا

- ‌حرمة الربا في دار الحرب كحرمته في دار الإسلام

- ‌الرد على من جوز للمقرض أن يأخذ فائدة مسماة كل شهر أو كل سنة من المستقرض إلى أن يوفي إليه دينه

- ‌فضل القرض الحسن

- ‌علة النهي عن سلف وبيع

- ‌هل يجوز الحج من أموال البنك

- ‌رجل يقيم في أمريكا يتعامل بالربا وتهرب من دفع الزيادة الربوية، وكلمة حول حرمة المعاملات الربوية

- ‌رجل اقترض مالاً على أنه بدون ربا، ثم أدخل المقرِض نظام الربا

- ‌هل يقع الربا في العملات الورقية

- ‌تعريف ربا النسيئة

- ‌ما مدى صحة حديث: (كل قرض جر نفعًا فهو ربا) وما علته، وما الحكم الذي يترتب على ذلك بناءً على الصحة والضعف

- ‌هل تقبل هدية رجل كسبه من ربا خالص

- ‌حكم مشاركة من يتعامل بالربا في التجارة

- ‌حكم قراءة الكتب العلمية التي تطبعها البنوك الربوية

- ‌حكم صناعة أبواب لبنك ربوي

- ‌حكم التعامل مع المرابي كأن نبني له بيتاً أو ما إلى ذلك

- ‌حكم السكن في بيت بُني من مال الربا

الفصل: ‌حكم الاستعانة بالبنك الربوي لنقل جثة المسلم في أوروبا إلى بلد مسلم

الشيخ: الواجب هو بلا شك إغاثة الملهوف، لكن ليس بطريق الحرام، ألا وهو البنوك، لعلك فهمتني؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: طيب! عندك شيء غيره.

مداخلة: يعني لا نتبرع يعني نوفر للأسر ..

الشيخ: نعم؟

مداخلة: الواجب نحونا نحن نُوَفِّر هذه المبالغ .. يعني: الذي يريد أن يتبرع نوفر للأسر المتضررة.

الشيخ: نعم.

مداخلة: يعني: لا يتبرع شيء في البنك أو هكذا.

الشيخ: نعم.

(الهدى والنور /339/ 02: 58: 00)

‌حكم الاستعانة بالبنك الربوي لنقل جثة المسلم في أوروبا إلى بلد مسلم

السائل: عندنا يا شيخ بالنسبة للأموات في أوروبا؛ لأننا سنسافر بعد بكرة سنرجع إن شاء الله، ونُريد أن نغتنم هذه الفرصة، الميت إذا مات المسلم في هولندا يعني: على وجه الخصوص وفي أوروبا على وجه العموم قد يُقْبَر في مقابر خاصة بالمسلمين، ولكن لِمُدَّة مؤقتة محددة، ثم تُنْبَش هذه القبور، يقول بعض إخواننا وكما هو معلوم، لا يجوز نقل الجثة من بلد إلى بلد، فإذا دُفِن المسلم في المقابر المخصصة لهم في هولندا، فإن ذلك يحتاج إلى تكاليف بمقدار عشرة آلاف خلة، يعني ما يعادل تقريباً أربعة آلاف دينار أردني.

ص: 357

الشيخ: دفنه؟

السائل: دفنه.

الشيخ: دفنه أم نقله؟ نقله بعد أن يموت هولندا.

السائل: لا، قبل ما يُدفن هو بين أمرين: إما أن يُدْفن في هولندا ويشتري أرضًا لمدة مؤقتة، وإما أن يُنْقل، ولكن هو لا يستطيع لكونه إما عاطل عن العمل أو يعمل، لكن راتبه لا يساعده على ذلك، فهناك بنوك طبعاً ربوية يدفع مثلاً قسطًا من المال كل سنة وهم يتكفلون بنقله وبنقل كل أفراد عائلته فهل من مخرج من هذه القضية؟

الشيخ: المخرج موجود وهو الهرب من بلاد الكفر، حتى إذا مات مات في بلد إسلامية ودفن هناك.

ولا يجوز الاعتذار عن دفن الموتى في قبور يعلم المسلمون بأن مصير هذا الدفن هو النبش ولابد، فهذا ليس عذراً بأنه يُكَلِّفهم أن يُسَفِّروه ميتاً من بلد الكفر إلى أقرب بلد إسلامي يُدفن فيه، ليس هذا عذراً.

ولذلك كما نقول، وقريباً قلنا المثل العامي السوري: الذي يريد أن لا يرى منامات مُكْرِبة فلا ينام بين القبور، والكفار هم أموات غير أحياء.

ولذلك فلا يجوز أن يعيش المسلم بين ظهرانيهم، كما أظن تكلمنا بشيء من التفصيل في دار أبي الحارث.

ولذلك فلا مخرج هنا إلا أحد سبيلين، الأول وهو الواجب: أن يَفِرُّوا إلى الله بهجرتهم من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، إلا إذا استطاعوا أن يُطَبِّقوا على الأقل الأحكام الإسلامية التي هم باستطاعتهم أن يطبقوها في الديار الإسلامية على عُجَرِها وبُجَرها.

فإذا كانوا يستطيعون في تلك البلاد أن يُطَبِّقوا الأحكام الإسلامية مع الشرط الذي كنت ذكرته لك في دار أبي الحارث، إذا كان يوجد في ذلك البلد الكافر جماعة

ص: 358

من أهل العلم والفضل، بإمكانهم أن يُحِيطوا بعلمهم وبتربيتهم الطائفة الإسلامية المقيمة في ذلك البلد.

فبهذا الشرط الأخير والذي قبله، يجوز أن يستمروا في إقامتهم في بلاد الكفر، ووضح لك أنه يدخل في الشرط الأول أن يكون لهم مقابر متميزة عن مقابر الكفار، وإذا كانت متميزة كما تقول أنت على طريقة الاستئجار، ولكن إلى أمد محدود، هذا لازمه كما قلت التنبيش، أو أن يهدر قبر الميت ويذهب بدداً.

فإذا تحققت هذه الشروط كلها، جاز للمسلمين الذي ابتلوا بالسفر إلى تلك البلاد أن يظلوا مقيمين فيها، وإلا الهرب الهرب، واضح الجواب؟

السائل: جاء في السنة الإسراع بدفن الميت، فهناك إذا مات الميت، ونُريد أن ننقله إلى بلده، مثلاً المغرب أو الجزائر، لابد أن يبقى عندهم في الثلاجة أربعة أيام خمسة أيام نظراً لإجراء السفر وكذا وكذا إلى غير ذلك، فهل هذا ينافي .. ؟

الشيخ: كل هذه أمور هي آثار من الإقامة في بلد الكفر.

ولذلك نحن نشترط أن يكون هناك مقبرة إسلامية، وإلا فلا يجوز الاستيطان بها ولو تحقق الشرط الذي أشرنا إليه آنفاً.

ولقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بمقابر المسلمين فقال عليه الصلاة والسلام ما معناه لأني بعيد عهد بهذا الحديث: لقد لقي إخواننا هذا خيراً كثيراً، ثم مر بمقابر المشركين فقال في حقهم:«لقد فاتهم خير كثير» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

والغرض من هذا الحديث الفصل بين مقابر المسلمين ومقابر الكافرين، كما هو الشأن تماماً في محاضرتنا المشار إليها آنفاً بين سكن المسلمين وسكن الكافرين.

لعلك تذكر من تلك الأحاديث قوله عليه الصلاة والسلام: «المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما» أي: لا يكون مساكن المشركين قريبة من مساكن المسلمين، أو لا تكون

ص: 359

مساكن المسلمين قريبة من مساكن المشركين، فما بالك إذا كانت مساكن المسلمين في مساكن الكافرين، وكما يقولون باللغة العامية: خليط مليط. هذا خطير جداً.

كذلك الشأن في موتى المسلمين، يجب أن يكون لهم مساكن خاصة بهم وهي القبور الإسلامية.

ومن نتائج هذا التفريق يترتب من وراء ذلك أحكام شرعية، قد لا يتنبه لها الكثير من المسلمين اليوم، لا سيما وأن أكثرهم صاروا كالأجانب تماماً، من حيث موقفهم تجاه الموت والموتى وبكل ما يُذَكِّر بالموت أو الموتى.

نادر جداً جداً أن ترى مسلماً اليوم يقصد زيارة القبور، بل نادر جداً أن تجد مسلماً إذا مر عبر الخاطر بمقبرة من مقابر المسلمين فَيُسَلِّم عليهم السلام المشروع:«السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرط، ونحن لكم تبع، نسأل الله لنا ولكم العافية» .

نادر جداً من يفعل هذا، فمن آثار خلط مقابر المسلمين بالمشركين أنك لا تستطيع أن تقول مثل هذا الورد؛ لأن هذا ليست مقابر المسلمين، ولا أنت بالذي تستطيع أن تقول الورد الخاص بمقابر الكفار، كما جاء في الحديث الصحيح:«فحيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار» .

هذا إذا مر المسلم بمقابر المسلمين يسلم عليهم هذا السلام الذي سمعتموه آنفاً، أما إذا مر بمقابر اليهود والنصارى فالسنة أن يقول: أُبَشِّركم بالنار.

فإذا دُفِن المسلمون في مقابر المشركين، لا هو يستطيع أن يقول هذا السلام ولا ذلك الإنذار الذي قال: فبشرهم بالنار.

ولذلك لا مخلص من هذه المآسي ومن هذه الآثام إلا بالفرار إلى بلاد الإسلام.

السائل: يدفنوا موتاهم أم يأخذوهم بالطائرة إلى بلادهم؟

الشيخ: هو قَدَّم عذراً سلفاً، يقول: إنهم لا يستطيعون أن يدفعوا أربعة آلاف دولار، فمعنى هذا من حيث الواقع أن يُدفن هناك.

ص: 360

السائل: وإذا استطاع؟

الشيخ: ولذلك نحن نقول: ما نقول إذا استطاع يدفن هناك؛ لأنه لا يدفن هناك وإنما ينقل.

لأنه إن أجبنا بهذا الجواب هدمنا ما قلنا، نحن نريد من هذا التفصيل كُلِّه ألاّ يسكنوا هناك، فهمت عليّ؟

والظاهر -والله أعلم- أن أكثرهم لا يستطيعون أن يدفعوا أربعة ألاف دولار من أجل نقل ميتهم إلى أقرب بلد إسلامي، وقد يستطيعون مادة، ولكن لا يستطيعون نفساً، يعني: ما فيه عندهم الوازع الديني القوي الذي يدفعهم أن يدفعوا أربعة آلاف دولار؛ من أجل يدفنوه في مقابر المسلمين في بلد قريب من بلاد الكفار، المَخْلَص والمَنْجَى هو كما قلنا في الأول:{فَفِرُّوا إِلَى اللهِ} .

السائل: فيه وسيلة بواسطة يمكن أن تنقل أموات المسلمين إلى بلادهم، وهي التعامل مع بنك ربوي؟

الشيخ: الغاية لا تُبَرِّر الوسيلة، هذه قاعدة يهودية صهيونية كما يقولون اليوم.

لكن مع الأسف اليوم يمشي عليها كثير من الدعاة الإسلاميين، التعامل بالربا معروف أنه حرام ولا يجوز، وكما قال عليه الصلاة والسلام:«درهم ربا يأكله الرجل، أَشَدُّ عند الله من ست وثلاثين زنية» ولا يقولن أحد: أنا لا آكل الربا، يعني: أنا رجل مظلوم كثيرًا، أنا لا آكل الربا.

لكنه المسكين من جهله وضلالة لا يُفَكِّر بأنه كما قال عليه السلام: «مثل المؤمنين في تَوادّهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» فهو كما قال عليه السلام في الحديث الآخر: «لا يُؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» .

فلا ينبغي أن يقول: والله أنا ما آكل الربا، حسبك أنك تُطْعِم الربا لغيرك، وبخاصة إذا كان هذا الغير مسلماً مثلك.

ص: 361

فإذا لم تُحب لأخيك المسلم ما تُحب لنفسك، فيجب أن نتذكر هنا قوله عليه الصلاة والسلام:«لعن الله آكل الرباوموكله» .

فإذاً: كونك ما تأكل ما تنجو من المعصية، بل من كبيرة من الكبائر، كونك لا تأكل لا يكفي، يجب ألاّ تأكل الربا ثم يجب ألاّ تُؤَكّل غيرك الربا ولو كان كافراً.

وهنا لابد لي بمثل هذا المناسبة أن كثيراً من الذين ابتُلوا بالسكن في بلاد الكفر هم قد يكونون مذهبيين، وهذا هو الغالب عليهم.

وفي المذهب الحنفي بخاصة يستحلون الربا في بلاد الحرب، وهذه البلاد يذهبون إليها كثير من بعض المتفقهة في هذا الزمان، بناء على ما جاء في بعض كتب المذاهب: أن الربا المُحَرّم هو محرم في بلاد الإسلام، أما في بلاد المحاربين هذا يباح عندهم.

وهنا تجد كما يقال اليوم: الازدواجية في تعامل المسلمين مع الكفار، فهم إذا كانت مصلحتهم أن يعتبروها بلاد حرب اعتبروها بلاد حرب، لأكلوا الربا ويُؤَكلوا الربا، لكن هل يجوز السكن في بلاد الحرب؟ ما يجوز.

فإذاً: يُحَلِّلون ويُحَرِّمون على كيفيتهم وعلى أهويتهم.

لهذا أُريد أن أقول: أنه لا يكفي المسلم أن يكون بريئاً من أكله الربا، بل يجب أن يكون بريئاً من خصال ثلاثة أخرى، الأولى: أن لا يأكل الربا، الثانية: ألا يُطْعِم الربا غيره، الثالثة: ألا يكون كاتباً للربا، أي: معيناً.

ومعنى هذا ألا يكون موظفاً في البنك، ولو كان مكتوب عليه البنك الإسلامي، لأن هذه أسماء لا تعني مسمياتها، والأمر الرابع والأخير: ألاّ يشهد على الربا، ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:«لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» .

(الهدى والنور/490/ 31: 09: 00)

ص: 362