الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: الواجب هو بلا شك إغاثة الملهوف، لكن ليس بطريق الحرام، ألا وهو البنوك، لعلك فهمتني؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب! عندك شيء غيره.
مداخلة: يعني لا نتبرع يعني نوفر للأسر ..
الشيخ: نعم؟
مداخلة: الواجب نحونا نحن نُوَفِّر هذه المبالغ .. يعني: الذي يريد أن يتبرع نوفر للأسر المتضررة.
الشيخ: نعم.
مداخلة: يعني: لا يتبرع شيء في البنك أو هكذا.
الشيخ: نعم.
(الهدى والنور /339/ 02: 58: 00)
حكم الاستعانة بالبنك الربوي لنقل جثة المسلم في أوروبا إلى بلد مسلم
السائل: عندنا يا شيخ بالنسبة للأموات في أوروبا؛ لأننا سنسافر بعد بكرة سنرجع إن شاء الله، ونُريد أن نغتنم هذه الفرصة، الميت إذا مات المسلم في هولندا يعني: على وجه الخصوص وفي أوروبا على وجه العموم قد يُقْبَر في مقابر خاصة بالمسلمين، ولكن لِمُدَّة مؤقتة محددة، ثم تُنْبَش هذه القبور، يقول بعض إخواننا وكما هو معلوم، لا يجوز نقل الجثة من بلد إلى بلد، فإذا دُفِن المسلم في المقابر المخصصة لهم في هولندا، فإن ذلك يحتاج إلى تكاليف بمقدار عشرة آلاف خلة، يعني ما يعادل تقريباً أربعة آلاف دينار أردني.
الشيخ: دفنه؟
السائل: دفنه.
الشيخ: دفنه أم نقله؟ نقله بعد أن يموت هولندا.
السائل: لا، قبل ما يُدفن هو بين أمرين: إما أن يُدْفن في هولندا ويشتري أرضًا لمدة مؤقتة، وإما أن يُنْقل، ولكن هو لا يستطيع لكونه إما عاطل عن العمل أو يعمل، لكن راتبه لا يساعده على ذلك، فهناك بنوك طبعاً ربوية يدفع مثلاً قسطًا من المال كل سنة وهم يتكفلون بنقله وبنقل كل أفراد عائلته فهل من مخرج من هذه القضية؟
الشيخ: المخرج موجود وهو الهرب من بلاد الكفر، حتى إذا مات مات في بلد إسلامية ودفن هناك.
ولا يجوز الاعتذار عن دفن الموتى في قبور يعلم المسلمون بأن مصير هذا الدفن هو النبش ولابد، فهذا ليس عذراً بأنه يُكَلِّفهم أن يُسَفِّروه ميتاً من بلد الكفر إلى أقرب بلد إسلامي يُدفن فيه، ليس هذا عذراً.
ولذلك كما نقول، وقريباً قلنا المثل العامي السوري: الذي يريد أن لا يرى منامات مُكْرِبة فلا ينام بين القبور، والكفار هم أموات غير أحياء.
ولذلك فلا يجوز أن يعيش المسلم بين ظهرانيهم، كما أظن تكلمنا بشيء من التفصيل في دار أبي الحارث.
ولذلك فلا مخرج هنا إلا أحد سبيلين، الأول وهو الواجب: أن يَفِرُّوا إلى الله بهجرتهم من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، إلا إذا استطاعوا أن يُطَبِّقوا على الأقل الأحكام الإسلامية التي هم باستطاعتهم أن يطبقوها في الديار الإسلامية على عُجَرِها وبُجَرها.
فإذا كانوا يستطيعون في تلك البلاد أن يُطَبِّقوا الأحكام الإسلامية مع الشرط الذي كنت ذكرته لك في دار أبي الحارث، إذا كان يوجد في ذلك البلد الكافر جماعة
من أهل العلم والفضل، بإمكانهم أن يُحِيطوا بعلمهم وبتربيتهم الطائفة الإسلامية المقيمة في ذلك البلد.
فبهذا الشرط الأخير والذي قبله، يجوز أن يستمروا في إقامتهم في بلاد الكفر، ووضح لك أنه يدخل في الشرط الأول أن يكون لهم مقابر متميزة عن مقابر الكفار، وإذا كانت متميزة كما تقول أنت على طريقة الاستئجار، ولكن إلى أمد محدود، هذا لازمه كما قلت التنبيش، أو أن يهدر قبر الميت ويذهب بدداً.
فإذا تحققت هذه الشروط كلها، جاز للمسلمين الذي ابتلوا بالسفر إلى تلك البلاد أن يظلوا مقيمين فيها، وإلا الهرب الهرب، واضح الجواب؟
السائل: جاء في السنة الإسراع بدفن الميت، فهناك إذا مات الميت، ونُريد أن ننقله إلى بلده، مثلاً المغرب أو الجزائر، لابد أن يبقى عندهم في الثلاجة أربعة أيام خمسة أيام نظراً لإجراء السفر وكذا وكذا إلى غير ذلك، فهل هذا ينافي .. ؟
الشيخ: كل هذه أمور هي آثار من الإقامة في بلد الكفر.
ولذلك نحن نشترط أن يكون هناك مقبرة إسلامية، وإلا فلا يجوز الاستيطان بها ولو تحقق الشرط الذي أشرنا إليه آنفاً.
ولقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بمقابر المسلمين فقال عليه الصلاة والسلام ما معناه لأني بعيد عهد بهذا الحديث: لقد لقي إخواننا هذا خيراً كثيراً، ثم مر بمقابر المشركين فقال في حقهم:«لقد فاتهم خير كثير» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
والغرض من هذا الحديث الفصل بين مقابر المسلمين ومقابر الكافرين، كما هو الشأن تماماً في محاضرتنا المشار إليها آنفاً بين سكن المسلمين وسكن الكافرين.
لعلك تذكر من تلك الأحاديث قوله عليه الصلاة والسلام: «المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما» أي: لا يكون مساكن المشركين قريبة من مساكن المسلمين، أو لا تكون
مساكن المسلمين قريبة من مساكن المشركين، فما بالك إذا كانت مساكن المسلمين في مساكن الكافرين، وكما يقولون باللغة العامية: خليط مليط. هذا خطير جداً.
كذلك الشأن في موتى المسلمين، يجب أن يكون لهم مساكن خاصة بهم وهي القبور الإسلامية.
ومن نتائج هذا التفريق يترتب من وراء ذلك أحكام شرعية، قد لا يتنبه لها الكثير من المسلمين اليوم، لا سيما وأن أكثرهم صاروا كالأجانب تماماً، من حيث موقفهم تجاه الموت والموتى وبكل ما يُذَكِّر بالموت أو الموتى.
نادر جداً جداً أن ترى مسلماً اليوم يقصد زيارة القبور، بل نادر جداً أن تجد مسلماً إذا مر عبر الخاطر بمقبرة من مقابر المسلمين فَيُسَلِّم عليهم السلام المشروع:«السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرط، ونحن لكم تبع، نسأل الله لنا ولكم العافية» .
نادر جداً من يفعل هذا، فمن آثار خلط مقابر المسلمين بالمشركين أنك لا تستطيع أن تقول مثل هذا الورد؛ لأن هذا ليست مقابر المسلمين، ولا أنت بالذي تستطيع أن تقول الورد الخاص بمقابر الكفار، كما جاء في الحديث الصحيح:«فحيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار» .
هذا إذا مر المسلم بمقابر المسلمين يسلم عليهم هذا السلام الذي سمعتموه آنفاً، أما إذا مر بمقابر اليهود والنصارى فالسنة أن يقول: أُبَشِّركم بالنار.
فإذا دُفِن المسلمون في مقابر المشركين، لا هو يستطيع أن يقول هذا السلام ولا ذلك الإنذار الذي قال: فبشرهم بالنار.
ولذلك لا مخلص من هذه المآسي ومن هذه الآثام إلا بالفرار إلى بلاد الإسلام.
السائل: يدفنوا موتاهم أم يأخذوهم بالطائرة إلى بلادهم؟
الشيخ: هو قَدَّم عذراً سلفاً، يقول: إنهم لا يستطيعون أن يدفعوا أربعة آلاف دولار، فمعنى هذا من حيث الواقع أن يُدفن هناك.
السائل: وإذا استطاع؟
الشيخ: ولذلك نحن نقول: ما نقول إذا استطاع يدفن هناك؛ لأنه لا يدفن هناك وإنما ينقل.
لأنه إن أجبنا بهذا الجواب هدمنا ما قلنا، نحن نريد من هذا التفصيل كُلِّه ألاّ يسكنوا هناك، فهمت عليّ؟
والظاهر -والله أعلم- أن أكثرهم لا يستطيعون أن يدفعوا أربعة ألاف دولار من أجل نقل ميتهم إلى أقرب بلد إسلامي، وقد يستطيعون مادة، ولكن لا يستطيعون نفساً، يعني: ما فيه عندهم الوازع الديني القوي الذي يدفعهم أن يدفعوا أربعة آلاف دولار؛ من أجل يدفنوه في مقابر المسلمين في بلد قريب من بلاد الكفار، المَخْلَص والمَنْجَى هو كما قلنا في الأول:{فَفِرُّوا إِلَى اللهِ} .
السائل: فيه وسيلة بواسطة يمكن أن تنقل أموات المسلمين إلى بلادهم، وهي التعامل مع بنك ربوي؟
الشيخ: الغاية لا تُبَرِّر الوسيلة، هذه قاعدة يهودية صهيونية كما يقولون اليوم.
لكن مع الأسف اليوم يمشي عليها كثير من الدعاة الإسلاميين، التعامل بالربا معروف أنه حرام ولا يجوز، وكما قال عليه الصلاة والسلام:«درهم ربا يأكله الرجل، أَشَدُّ عند الله من ست وثلاثين زنية» ولا يقولن أحد: أنا لا آكل الربا، يعني: أنا رجل مظلوم كثيرًا، أنا لا آكل الربا.
لكنه المسكين من جهله وضلالة لا يُفَكِّر بأنه كما قال عليه السلام: «مثل المؤمنين في تَوادّهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» فهو كما قال عليه السلام في الحديث الآخر: «لا يُؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» .
فلا ينبغي أن يقول: والله أنا ما آكل الربا، حسبك أنك تُطْعِم الربا لغيرك، وبخاصة إذا كان هذا الغير مسلماً مثلك.
فإذا لم تُحب لأخيك المسلم ما تُحب لنفسك، فيجب أن نتذكر هنا قوله عليه الصلاة والسلام:«لعن الله آكل الرباوموكله» .
فإذاً: كونك ما تأكل ما تنجو من المعصية، بل من كبيرة من الكبائر، كونك لا تأكل لا يكفي، يجب ألاّ تأكل الربا ثم يجب ألاّ تُؤَكّل غيرك الربا ولو كان كافراً.
وهنا لابد لي بمثل هذا المناسبة أن كثيراً من الذين ابتُلوا بالسكن في بلاد الكفر هم قد يكونون مذهبيين، وهذا هو الغالب عليهم.
وفي المذهب الحنفي بخاصة يستحلون الربا في بلاد الحرب، وهذه البلاد يذهبون إليها كثير من بعض المتفقهة في هذا الزمان، بناء على ما جاء في بعض كتب المذاهب: أن الربا المُحَرّم هو محرم في بلاد الإسلام، أما في بلاد المحاربين هذا يباح عندهم.
وهنا تجد كما يقال اليوم: الازدواجية في تعامل المسلمين مع الكفار، فهم إذا كانت مصلحتهم أن يعتبروها بلاد حرب اعتبروها بلاد حرب، لأكلوا الربا ويُؤَكلوا الربا، لكن هل يجوز السكن في بلاد الحرب؟ ما يجوز.
فإذاً: يُحَلِّلون ويُحَرِّمون على كيفيتهم وعلى أهويتهم.
لهذا أُريد أن أقول: أنه لا يكفي المسلم أن يكون بريئاً من أكله الربا، بل يجب أن يكون بريئاً من خصال ثلاثة أخرى، الأولى: أن لا يأكل الربا، الثانية: ألا يُطْعِم الربا غيره، الثالثة: ألا يكون كاتباً للربا، أي: معيناً.
ومعنى هذا ألا يكون موظفاً في البنك، ولو كان مكتوب عليه البنك الإسلامي، لأن هذه أسماء لا تعني مسمياتها، والأمر الرابع والأخير: ألاّ يشهد على الربا، ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:«لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» .
(الهدى والنور/490/ 31: 09: 00)