الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: يا أخي إن كان أربعة آلاف وإلا ألف وإلا مائة الله يهديك أيش الفرق؟ قلنا: لا يجوز أن يرشحه للامتحان لدى الدولة إلا بعد أن يمتحنه هو مرة أو مرتين أو أكثر حتى يطمئن أنه صادق فيما يقول.
مداخلة: نعم، نعم.
الشيخ: أيش الفرق بين السؤال الأول والأخير.
مداخلة: خلاص ما فيه فرق.
(الهدى والنور/437/ 20: 49: 00)
حكم دخول الجيش مع العلم أنه يؤدي حتماً إلى بعض التنازلات في الدين
السائل: ما هو حكم دخول الجيش مع العلم أنه يؤدي حتماً إلى بعض التنازلات في الدين، مثل حلق اللحى، وأداء قسم الولاء، وصيغة قسم الولاء كالآتي: أنا فلان الفلاني، وقد جندت جندياً في القوات المسلحة، أقسم بالله العظيم وأعلن صادقاً أن أنذر حياتي لله وللوطن ومصلحة الشعب، وأن أكرس كل وقتي وطاقتي طوال مدة خدمتي في تنفيذ الواجبات الملقاة على عاتقي، وأن أتوجه إلى أي جهة يصدر أمر بتوجيهي إليها براً أو بحراً أو عن طريق الجو، وأن أطيع جميع الأوامر التي تصدر إلي من ضابطي الأعلى، حتى ولو أدى ذلك للمجازفة بحياتي، بموجب قانون القوات المسلحة، أو قانون الإجراءات المدنية، أو أي قانون آخر ساري المفعول.
ثم من التنازلات القيام للعلم، تحية العلم، ثم القيام للضابط الأعلى، الرتب العليا مثل اللواء أو الفرق وكذا، كل الناس يقومون له، وغير ذلك من التنازلات، فهل يجوز بحجة مصلحة الدعوة ونشر الدعوة، وأن يوجد كوادر وعناصر تؤدي إلى خدمة الدعوة في هذه الأماكن، هل يجوز ذلك؟
الجواب: الحقيقة يا أخي كما قلت أن هذا السؤال هو سبق الجواب عنه في كلامي السابق.
لكن كما ذكرت أنك تريد جواباً صريحاً فأقول: لا يجوز، لكني أذكر بأن الدخول في الجيش في بعض الدول العربية منه اختياري ومنه إجباري، فما كان اختيارياً فهو الذي ينبغي أن يتوجه السؤال عنه، وهو الذي يتوجه الجواب السابق عليه، وهو أنه لا يجوز، أما ما كان اضطرارياً، فالمضطر يقول كلمة الكفر ولا يؤاخذ على ذلك، لكن الحقيقة أن الذين يذهبون على ضوء القاعدة الكافرة الغاية تبرر الوسيلة، كل هذه التنازلات يسمحون بها في سبيل تحقيق مصلحة يزعمونها، وكما قلت سابقاً، هذا معالجة للداء بالداء. وداوني بالتي كانت هي الداء.
ولا يكون إقامة الصرح الإسلامي والمجتمع الإسلامي، والدولة الإسلامية أبداً، على التنازل عن بعض أو كثير من الأحكام الشرعية، بل يجب علينا أن نصبر وأن نصابر، وأن نتق الله عز وجل، والأمر كما قال تعالى:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128].
ومن الممكن لمثل هذه الجماعات إذا أرادت أن تشتغل بالسياسة التي ليس فيها مخالفة للشريعة أن توجه هذه الحكومات، وبخاصة أنها تزعم أنها حكومات إسلامية، فيلفت نظرهم إلى أن كثيراً من هذه الأمور التي ذكرتها ونقلتها مخالفة للشريعة، فمثلاً أول ذلك حلق اللحية، من عجائب بعض الدول العربية أن بعض الدول الأوروبية خير منها في هذه القضية، بعض الدول الإسلامية يدخل الشاب المسلم إلى الجيش مرغماً، فيكون أول عقوبة على إسلامه أن يحلقوا لحيته، بينما بعض الدول الأوروبية وأنا رأيت بعيني لما كتب لي الذهاب إلى بعض الدول الأوروبية، ومررنا بإيطاليا ثم بجبال الألب في سويسرا، مرت بنا سيارات عسكرية، فلفت نظري أن بعض العساكر ملتحين، فسألنا عن السبب، قال: هنا الحرية
…
مع أفراد الجيش، من شاء حلق، ومن شاء عفى، بينما النظام الإنجليزي الذي كان يستعمر بعض البلاد العربية، لا يزال المسلمون، الحكام المسلمون يفرضون على الجنود
المسلمين حلق اللحية، فإذا أرادوا إصلاحاً أعني هذه الجماعات السياسية، فليقدموا طلباتهم إلى هذه الدولة، قد يستجيبون لبعضها، وقد يمتنعون عن الكثير منها، أما أن يقال يجوز الدخول فيها والتنازل عن بعض الأحكام الشرعية، لعل وعسى يكون فيه منفعة للدولة المسلمة من هذا الشخص، وهذا أيضاً جهل بالإسلام.
ومن كان فقيهاً فليعلم أن الإسلام لا يجيز ارتكاب محرم سلفاً، خشية أن يقع في محرم أكبر، مثلاً:
إنسان خرج مسافراً، وهو يخشى أن يتعرض للموت جوعاً، وجد ميتة لكنه لما وجدها لا يجوز له أن يأكلها؛ لأنه لا يخشى موتاً، فيأكلها سلفاً ويقول: الضرورات تبيح المحظورات، وهو لم يقع في الضرورة بعد، كذلك بعض الشباب عندنا في سوريا وفي الأردن، كانوا إذا أرادوا أن ينتقلوا من مكان إلى مكان حلقوا لحاهم، فعندما تسألهم عن السبب يقول: أخشى أن يلقى علي القبض.
حسناً، وقد لا يلقى عليك القبض، فإذاً: لم استحللت معصية الله عز وجل بلعل، وهذه قاعدة لا يلتزمها هؤلاء الجماعات؛ لأني قلت أنهم لا أعتقد أن فيهم عالم درس العلم حياته، درس الحياة الاجتماعية، وعرف ما يجوز لها وما لا يجوز، ثم نصب نفسه أو نصب عليهم أميراً، فهو الآن يبيح لهم ما كان من قبل حراماً، ومن المشاكل التي أشار إليها بعض علماء السلف أن يمسي الإنسان على رأي ثم يصبح على رأي آخر؛ لأنه يتأثر بالتيارات والموجات التي تأخذه يميناً ويساراً؛ ولذلك فعلينا أن نثبت على ما علمنا من شريعة الله عز وجل، ولا يضطرنا ما نراه من الانحرافات لكي ننحرف نحن مع المنحرفين، باسم تحقيق مصلحة؛ فإن المصلحة لا تتحقق بطريق ارتكاب المفاسد، والله سبحانه وتعالى هو المرجو أن يلهم المسلمين جميعاً أن يكونوا وقافين عند كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لا يتأثروا [بالشبهات] الفكرية التي تأخذ بهم يميناً ويساراً، ولو كانت عليها لافتات إسلامية.
(الهدى والنور /401/ 47: 52: 00)
(الهدى والنور /402/ 37: 03: 00)