المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما البديل عن البنوك الإسلامية - جامع تراث العلامة الألباني في الفقه - جـ ١٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌التعامل مع جهات فيها منكرات

- ‌هل يجوز للخطاط أن يصمم لافتات للمحلات التي فيها منكرات

- ‌هل يجوز لمن يعمل في عمل حلال أن يصنع شيئا لمكان فيه منكرات

- ‌الاستثمار

- ‌استثمار أموال الزكاة لصالح الفقراء وأموال الصدقات بتوكيل وبدونه

- ‌استثمار المبالغ الحاصلة من التبرعات

- ‌دفع مبلغ مالي لتجاوز مرحلة التدريب على القيادة لمن أراد استخراج رخصة

- ‌حكم دخول الجيش مع العلم أنه يؤدي حتماً إلى بعض التنازلات في الدين

- ‌حكم الخروج من الجيش الذي يحتوي على منكرات

- ‌التعدي على الملكية الفكرية

- ‌حقوق الطبع

- ‌دفع رشوة لاستخراج حق

- ‌حكم سرقة الماء الحكومي بطريق سد المواسير

- ‌البيع في المساجد

- ‌النهي عن البيع والشراء في المساجد

- ‌المزاد داخل المسجد

- ‌الوقف

- ‌مشروعية الوقف

- ‌الاستفادة من الكتب الموقوفة على المسجد، والكلام على قاعدة (شرط الواقف كنص الشارع)

- ‌أيهما أكثر أجراً بناء المسجد أم بناء المدارس الإسلامية

- ‌الرهان والمسابقات

- ‌هل يجوز الرهان على الخيول في واقعها الحالي

- ‌المسابقات المنهي عن أخذ المال فيها

- ‌لا يشترط المحلل في سباق الخيل

- ‌حديث (لا سبْق إلا في خف أو حافر أو نصل) هل السبق المشروع مقتصر على هذه الثلاثة أم يقاس عليها

- ‌الوظائف

- ‌حكم العمل في محل خياطة ملابس نسائية

- ‌تشغيل البنات في المحلات التجارية

- ‌رجل يسرق من مكان العمل فهل يبلِّغ زميله عنه

- ‌العمل في معمل للذهب المحلّق

- ‌العمل في مصنع الخل

- ‌تاجر له محل يكثر فيه مخالطة النساء فهل عليه إثم إذا فُتِن ورثة المحل من بعده

- ‌رجل ترك وظيفته لكن مرتبه لا يزال يُرْسَل إلى البنك بسبب سوء الإدارة في العمل، فهل يأخذ المرتب

- ‌حكم العمل في شرطة المرور

- ‌ما الحكم إذا كان العمل الإضافي يؤثر على العمل الأصلي؟ وحكم الموظف الذي لا يوكل إليه أي عمل وقت الدوام هل له أن يغيب عن العمل

- ‌العمل في محلات تُباع فيها محرَّمات

- ‌حكم الاشتغال بالقضاء في الدول التي لا تقضي بالشرع

- ‌شخص يشتغل في شركة تجارية فهل يجوز أن يأخذ عناوين الشركات التي تتعامل مع هذه الشركة حتى إذا استقل مستقبلا استفاد من ذلك

- ‌هل يأثم الموظف الذي يعمل في شركة تشغل أموالها في مؤسسات ربوية

- ‌هل استحضار النية واجب في تعلم العلوم الدنيوية والعمل في المهن المختلفة

- ‌تقدم الشخص لوظيفة أعلى مما يشغلها بحجة سعة علمه

- ‌حكم استعمال تلفون العمل للأغراض الشخصية

- ‌حكم عمل الموظف عند مدير يشرب الخمر

- ‌شركات تحويل الأموال

- ‌حكم أخذ مال من قِبَل شركة التحويل مقابل التحويل

- ‌الاحتكار

- ‌احتكار السلعة

- ‌الضمان

- ‌إذا أتلف الطفل أموال أحدهم فهل يضمن أهل الطفل

- ‌الأصل في العارية إذا تلفت ألا تضمن إلا بالتعهد

- ‌من ضمن على أحد متبرعًا وليس مأموراً من المضمون عنه

- ‌الكفالة

- ‌رجل كفل رجلاً ثم مات، فهل يُرجع على ورثته لطلب الكفالة

- ‌أيهما أفضل كفالة اليتيم وكفالة الداعية

- ‌من صور الكفالة في دول الخليج

- ‌أخذ الولد من مال أبيه دون علمه أو العكس

- ‌الجمعيات

- ‌حكم ما يعرف بالجمعية

- ‌الجمعية التي يقوم بها الموظفون فيما بينهم

- ‌المدين الميسور ماطل الدائن فدخل وسيط عرض على الدائن أن يعطيه جزءًا من الدين وأن يتنازل عن الباقي على أن يُحَصِّل هذا الوسيط الدين بطريقته الخاصة

- ‌حكم الجمعيات التي يقوم بها مجموعة من الأشخاص

- ‌المعاملات مع الكفار

- ‌جواز معاملة الكفار مع العلم بخبث مكاسبهم

- ‌التجارة مع الرافضة

- ‌هل من الولاء والبراء ترك شراء منتجات الرافضة إذا كانت لديهم مصانع كالخبز مثلًا

- ‌حكم الشراء من الرافضة

- ‌بيع المزاد (المزايدة)

- ‌أنظمة الادخار

- ‌حكم أنظمة الإدخار التي تفعلها الشركات

- ‌المناقصات

- ‌حكم المبلغ الذي يؤخذ مِن كل مَن يريد المشاركة في المناقصة مع عدم رده

- ‌الهبة

- ‌عموم حديث: (العائد في هبته)

- ‌إحياء الموات

- ‌الفرق بين إحياء الموات والتحجير

- ‌العمرى والرقبى

- ‌العمرى والرقبى

- ‌الشفعة

- ‌الجوار لا يكون مقتضيا للشفعة إلا مع اتحاد الطريق

- ‌هل للجار حق الشفعة فيما بطلت منفعته بالتقسيم

- ‌كتاب الحوالة

- ‌وجوب قبول الحوالة

- ‌كتاب البنوك والفوائد والربا

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌ما البديل عن البنوك الإسلامية

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

- ‌البنوك الإسلامية

- ‌حكم البنوك الإسلامية

- ‌شراء البيت من البنك الإسلامي قسطًا

- ‌التعامل مع البنك الإسلامي

- ‌حكم الإيداع في البنك الإسلامي

- ‌حكم تحويل الموظف راتبه إلى البنك الإسلامي

- ‌الشراء من خلال البنك

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك الإسلامي على أن يبيعها على الراغب بالتقسيط وبسعر أغلى

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك فيشتريها البنك ثم يبيعها دون أن يحوزها

- ‌التاجر الذي لا تتم تجارته إلا بالمعاملة البنكية

- ‌حكم شراء بضاعة عن طريق البنك فيشتريها البنك ثم يبيعها دون أن يحوزها

- ‌حكم المرابحة مع البنك

- ‌شراء بضاعة بالتقسيط بواسطة البنك

- ‌من صور البيوع المحرمة التي تتعامل بها البنوك: بيع ما لم يحزه البائع

- ‌شراء بضاعة من البنك دون أن يحوزها البنك

- ‌الشراء من الخارج عن طريق البنوك

- ‌صورة من صور شراء السيارات عن طريق البنوك

- ‌يقدم التاجر للبنك فاتورة البضاعة فيشتريها ثم يشتريها التاجر من البنك بزيادة ربح للبنك

- ‌حكم شراء سيارة بالتقسيط عن طريق البنك

- ‌إيداع الأموال في البنوك والتعامل معها

- ‌حكم التعامل مع البنوك الربوية

- ‌رمي من يحرم التعامل مع البنوك بالتشدد

- ‌خطورة التعامل مع البنوك الربوية

- ‌حكم وضع المال في البنك

- ‌وضع المال في البنك خشية أن يسرق

- ‌حرمة إطعام الربا

- ‌إيداع الأموال مع المؤسسات الربوية

- ‌ما حكم شراء أسهم في مؤسسة حكومية عملها ليس فيه ربا ولكنها تتعامل وتودع أموالها في بنوك ربوية

- ‌إيداع المال بدون فوائد أو كأمانة

- ‌حكم وضع المال في البنك كتوفير فقط بدون أخذ فوائد، وحكم تحويل الأموال عن طريق البنك

- ‌حكم استئجار صندوق أمانات في البنك لوضع المال فيه

- ‌لو قيل أننا لو أوقفنا التعامل مع البنوك ستتوقف الحياة

- ‌هل هناك مانع من وضع المال في البنك في القسم الذي لا يعطي فوائد

- ‌ماذا يصنع بالفوائد الربوية

- ‌ماذا يُعمل بالربا الذي يأخذه من البنوك

- ‌رجل أعطى البنك ثمن شراء سيارة ولكنهم تأخروا وبقي المال في البنك وجاءت عليه فوائد ربوية فهل يأخذها

- ‌رجل أودع ماله في البنك للضرورة فماذا يفعل بالفوائد الربوية

- ‌رجل وضع لحساب ابنته في البنك مالاً، فماذا تفعل بالفوائد الربوية أو باليانصيب الذي ربحه حسابها

- ‌ماذا يصنع من يريد التخلص من أموال الربا

- ‌هل يجوز لرجل له مال في بنك ما أن يدفع الربا الذي يحصل عليه سداداً للضرائب أو الجمارك ونحوها من المُكوس

- ‌زوجة تسأل عن زوجها الذي ينفق عليها من أموال ربا البنوك

- ‌امرأة اكتشفت أن زوجها يتعامل مع البنوك الربوية فماذا تفعل

- ‌التائب من الربا

- ‌التائب من أخذ الربا، ماذا يصنع بما أخذ

- ‌رجل بنى تجارة من قرض ربوي وربح من وراء القرض مبالغ كبيرة فكيف يتوب من ذلك

- ‌من تاب من الربا ما مصير أمواله

- ‌كل الأموال المحرمة إذا تاب الإنسان عليه أن ينفقها في المرافق العامة

- ‌المال المجتمع من الربا ماذا يفعل به صاحبه إذا تاب

- ‌صور متفرقة في التعامل مع البنوك

- ‌رجل أودع ماله في البنك وقام البنك باستثماره دون إذنه ولم يعطه من الأرباح فهل يجوز ذلك للبنك

- ‌الاستثمارات البنكية للودائع

- ‌حكم التبرع من خلال البنوك

- ‌حكم الاستعانة بالبنك الربوي لنقل جثة المسلم في أوروبا إلى بلد مسلم

- ‌حكم الاستقراض من بنك ربوي في حالة ما إذا كانت الدولة هي التي ستدفع الزيادة الربوية

- ‌حكم الاقتراض من البنوك العقارية

- ‌التحويل عن طريق البنك

- ‌حكم هذه المعاملة مع البنوك

- ‌هل يجوز أن يأخذ الابن من الأب من الأموال إذا علم الابن أن الأب قد كسب هذا المال من الربا

- ‌وضع المال في البنك

- ‌التعامل بالأسهم وأرباحها مع شركات تضع أموالا في البنوك

- ‌الموظفين

- ‌حكم الوظيفة في البنك

- ‌حكم أخذ المؤسسة الخيرية للدعم من البنوك الربوية، وحكم أخذ الموظفين للرواتب من البنوك الربوية

- ‌العمل في المؤسسات والشركات المالية والبنوك

- ‌حكم مرتبات الموظفين التي يأخذونها من البنك المركزي، وهو بنك ربوي

- ‌الموظف في بنك ربوي إذا علم أن عمله محرم هل يجب عليه ترك عمله حالا، أم عندما يجد عملًا جديداً

- ‌هل يقبل حج الموظف في بنك

- ‌صندوق الادخار

- ‌حكم التعامل مع صندوق الادخار (وهو ربوي) لما يُتَصَوَّر أنه ضرورة

- ‌حكم صندوق الإدخار بهذه الصورة

- ‌معاملات بنكية

- ‌حكم تخصيص البنك لنسبة احتياطي مخاطر فيما يضارب به

- ‌حكم أخذ البنك نسبة من الكفالات المصرفية

- ‌الفيزا كارد

- ‌التعامل بالكرت التجاري (الفيزا)

- ‌متفرقات في مسائل متعلقة بالبنوك والربا

- ‌حرمة الربا في دار الحرب كحرمته في دار الإسلام

- ‌الرد على من جوز للمقرض أن يأخذ فائدة مسماة كل شهر أو كل سنة من المستقرض إلى أن يوفي إليه دينه

- ‌فضل القرض الحسن

- ‌علة النهي عن سلف وبيع

- ‌هل يجوز الحج من أموال البنك

- ‌رجل يقيم في أمريكا يتعامل بالربا وتهرب من دفع الزيادة الربوية، وكلمة حول حرمة المعاملات الربوية

- ‌رجل اقترض مالاً على أنه بدون ربا، ثم أدخل المقرِض نظام الربا

- ‌هل يقع الربا في العملات الورقية

- ‌تعريف ربا النسيئة

- ‌ما مدى صحة حديث: (كل قرض جر نفعًا فهو ربا) وما علته، وما الحكم الذي يترتب على ذلك بناءً على الصحة والضعف

- ‌هل تقبل هدية رجل كسبه من ربا خالص

- ‌حكم مشاركة من يتعامل بالربا في التجارة

- ‌حكم قراءة الكتب العلمية التي تطبعها البنوك الربوية

- ‌حكم صناعة أبواب لبنك ربوي

- ‌حكم التعامل مع المرابي كأن نبني له بيتاً أو ما إلى ذلك

- ‌حكم السكن في بيت بُني من مال الربا

الفصل: ‌ما البديل عن البنوك الإسلامية

من أسمائهم هناك لغلظ هذا الاسم شنبانيا مثلاً لأنه ثقيل ما يستعمل هذا الاسم وهو ثقيل اسماً ومسمى.

فبمثل هذه الأسماء الناعمة يَجرون الزبائن إليها بوحي من الشيطان الرجيم، فتنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بوحي من الله عن هذه الحقيقة، وهو على سبيل المثال:«ليكونن في أمتي أقوام يشربون الخمر يُسمّونها بغير اسمها» .

هذا قلته على سبيل المثال، وإلا هناك كثيرة وكثيرة جداً، منها البنوك الإسلامية .. «البنك الإسلامي، ومنها الاشتراكية الإسلامية، أما سمعتم بالاشتراكية الإسلامية؟ وعما قريب ستسمعون الديمقراطية الإسلامية، وكنا نخشى أن نسمع - لولا أن الله عز وجل قضى عليها - الشيوعية الإسلامية، فعلاً كنا نخشى؛ لأن الاشتراكية هي مرآة الشيوعية، فما دام وُجد في المسلمين وفي دعاة المسلمين وفي كتبة المسلمين ومؤلفي المسلمين من أَلَّف في الاشتراكية الإسلامية.

فإذاً: والله كنا نخشى أن يأتي شخص ويؤلف لنا كتاباً يسميه الشيوعية الاسلامية ..

لكن الحمد لله قُضي عليها وانتهت فتنتها، لكن الأسماء، لا نزال نسمع أسماء جديدة لها دلالات على منكرات قديمة، وحسبكم هذه الأمثلة التي ذكرت ..

(الهدى والنور/716/ 25: 46: 00)

‌ما البديل عن البنوك الإسلامية

؟

المداخلة: بالنسبة لمسألة الربا، فيما أنه حتى البنوك الإسلامية ليست إسلامية في الحقيقة، فيأتي بعض الناس يقولون: ما البديل إذًا؟ بحجه يعني هذه النقطة؟

الشيخ: هذه كلشة العصر الحاضر، كلما أشكل الأمر على بعض الناس، بيقول لك: هات البديل.

ص: 175

طيب، أنا بِدّي أجيب لك البديل وإلا أنت؟ المجتمع الإسلامي هو الذي يوجد البديل، فما هو البديل؟ البديل في القرآن الكريم يا جماعة.

قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]. لا إله إلا الله.

يقول الرسول عليه السلام -وأرجوا الانتباه لهذا الحديث، وما سيبنى عليه أن شاء الله من بينان صحيح-:«ستداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله الرهبة من صدور عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوَهَن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ . قال: حُبُّ الدنيا، وكراهية الموت» ، حب الدنيا وكراهية الموت هو سبب تداعى الأمم كما هو مشاهد الآن.

الأمم الكافرة كلها تداعى وتتجاوب وتتطاوع في سبيل السيطرة على العالم الإسلامي سيطرة معنوية فكريه عقدية، سيطرة مادية محضة. لماذا؟

جاء الجواب في حديث آخر «إذا تبا يعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله سَلَّط الله عليك ذُلاّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم» .

إذن البديل، الجواب هنا في الحديث: حتى ترجعوا إلى دينكم، فإذا كان التعامل بالربا محرما، وكانت البنوك أساسها على هذا المحرم، الذي يطلب البديل، هل يريد للشرع أن يمشى مع هواه، وهو لا يمشي مع هوى الشرع الذي قال «حتى ترجعوا إلى دينكم» ؟

إذًا البديل: أن المسلمين كما قال رب العالمين: {إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] إذًا البديل: أن ترجع إلى ديننا، أن نرجع إلى أحكام ربنا، كما ابتدأنا الجواب بالآية السابقة:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3].

ص: 176

نحن اليوم معشر المسلمين لِبُعْدِنا عن التصفية والتربية التي ذكرناها قبل صلاة العشاء، نُريد أن نحقق أهدافنا المادية الشخصية بطريقة سواء كانت شرعية أو غير شرعية.

إذًا نحن هدفنا تحقيق أهوائنا، وليس هدفنا طاعة ربنا واتباع نبينا عيه السلام إذًا:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11].

نحن نذكر حقيقة تاريخيه لا جدال فيها: العرب الأولون، حينما بُعث فيهم الرسول عليه السلام كان وضعهم المادي شرا من وضعنا، كانوا فقراء، وكان من حولهم أغنياء، الروم وفارس.

ومع ذلك فالله عز وجل نصر نبيه ومن آمن معه وما آمن معه إلا قليل، ومع أن هذه القلة كانوا يعيشون في فقر مدقع، ومن يقرأ سيرة الرسول عليه السلام يجد العجب العجاب، أنه يبيت خاوياً لا يجد ما يسد رمق جوعه.

مع ذلك وهو سيد البشر، وعامة الصحابة فقراء، مع ذلك نصرهم الله على فارس والروم.

هل انتصروا بالمادة؟ لا، نحن الآن نريد العكس تماماً، أعرضنا عن الإيمان، الإيمان الحق، ونريد أن نتكالب على الدنيا، ونتساءل عندما يأتي الحكم: هذا حرام، ما هو البديل؟ .

البديل: قال عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس إن روح القدس نفث في روعي: -في قلبي- إن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام» .

نحن لا نُفَكِّر الآن بمثل هذا الحديث: «إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب» .

أي اطرقوا السبيل الجميل المشروع في طلب الرزق، فإن ما عند الله لا يُنال بالحرام.

ص: 177

إذًا: التقوى هي أساس السعادة في الدنيا قبل الآخر ة، فإياكم أن تحكوا إلا من باب: ناقل الكفر ليس بكافر، أن تقولوا: ما هو البديل؟

إياكم أن تقولوا هذا الكلام، لأن هذا يُصادم شريعة الإسلام كلها من أصلها.

أما إذا كان الناقل ينقل عن غيره؛ ليعرف الجواب، فلا بأس من ذلك على تلك القاعدة ناقل الكفر ليس بكافر.

ختاما: أريد بهذه المناسبة أن أروى لكم حديثين صحيحين، وهما من الواضح جدا أنه يمكن اعتبارهما بيانا للآية السابقة:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2].

فلو أن هؤلاء الأغنياء اتقوا الله عز وجل في أموالهم، في أنفسهم، لأوجد الله يقينا لهم مخرجا، لكن هم دندنوا حول تقوى الله، على العكس يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون.

الحديثان: الأول فهما: رواه الإمام البخاري في صحيحة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن قبلكم رجل، جاء إلى غنى فقال له: أقرضني أنا أشك الآن: قال: مائة دينار أو ألف دينار، وغالب الظن: ألف دينار أقرضني ألف دينار. قال: هات الكفيل. قال: الله الكفيل. قال: هات الشهيد. قال: الله الشهيد» بلغة العصر الحاضر الآن: نقرها الألف دينار دروشة الاثنين. هذه دروشة كيه؟ لا في ولا في كمبيالة، ولا في أيّ شيء بيقول له هاذاك الغنى: بدنا شاهد، بيقول له: الله الشاهد. الكفيل؛ الله الكفيل.

الله كلام جميل: سَلَّم له، سَلَّم ألف دينار، من بيعمل اليوم هذه لا أحد شوفوا العاقبة، وصدق الله:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128].

أحذ الرجل الألف دينار، وخرج مسافرا في البحر يضرب بماله الذي استقرضه، حل الموعد الذي كان اتقفا عليه، وهو بعيد عن بلدا الغني، وهو رجل صادق مع الله عز وجل، يريد أن يفي بوعده للذي أحسن إليه، ولكن فوجئ بأن

ص: 178

الموعد حان وهو بعيد عنه ماذا فعل؟ جاء إلى خشبة فأحسن نقرها، ودَكَّ فيها الدنانير الذهبية، ثم حشاها حشوا جيداً، ثم جاء إلى ساحل البحر قال:«اللهم أنت كنت الكفيل، وأنت كنت الشهيد» ورمى هذه الخشبة في البحر، أي أحد منكم بيقول إن هاي مودروشة؟ منتهى الدروشه، إضاعة المال: إهلاك المال.

لكن الله عز وجل الذي يعلم بما في الصدور، يأمر البحر وأمواج البحر فتأخذ هذه الخشبة إلى البلدة التي فيها الغني، المحسن.

الغني خرج في اليوم الموعود ليستقبل المدين بدينه، ومكث ما مكث، لكن ما جاء الرجل.

وإذا بالخشبة تتلاعب بها بين يديه الأمواج، فمد يده وإذا بها واجمة، ثقيلة، أخذها لما كسرها وإذا الذهب الأحمر بينها وربين يديه.

قصة غريبة، ثم عاد الرجل، شوفوا هذه الدروشة وعاقبتها، هو عارف أنه عامل شيئًا خلاف الطبيعة، خلاف النظام، أنه خشبة وفيها ذهب ثقيل، وكيف تصل إلى الدائن، هذا أمر غير طبيعي، فهو عارف شو مسوي.

لكن إخلاصه هو الذي حمله على أن يخرق نظام الطبيعة، ولذلك تجاهل كل ما صنع، ومد يَدَه وسَلَّم الدائن حقه. إن كان مائة صاروا مائتين، وإن كان ألف صاروا ألفين.

استغرب الدائن، فقصّ عليه القصة، هاي طيبة القلب: إن الطيور على أشكالها تقع.

لو وقعت هذه القصة مع واحد اليوم، الله أكبر! ما .. هذا التقط من البحر خشبة مدكوك بها ألف دينار أو مائة دينار حتى يحكى، لكن ما الذي دفعه أن يقول لهذا المدين؟ إخلاصه؛ لأنه شعر أن في القضية فيها شيء خلاف الطبيعة، قص له قصة الخشبة، قال له: والله أنا اللي فعلت هذا، لما شعرت أني ما استطيع أن أفي بالوعد معك، فأنا فعلت كذا وكذا وكذا.

ص: 179

ماذا قال؟ . قال: بارك الله لك في مالك، وأعاد إليه الألف دينار واكتفى بما جاءه بطريق غير الطريق المعهود الطبيعي.

هذا يَصْدُق عليه {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3]. هذا الحديث الأول.

الحديث الثاني أيضاً هو حديث أبى هريرة، لكنه في صحيح مسلم.

قال عليه الصلاة والسلام: «بينما رجل ممن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض، إذ سمع صوتا من السماء يقول: اسق أرض فلان، صوتٌ يخاطب السحاب: تَوَجَّه إلى أرض فلان واسقها» هذا اللي ماشي في الأرض، سمع لأول مرة صوتًا من السماء، وهذا أيضا غير طبيعي.

كان السحاب مثلاً يمشي شرقا وإذ به أخذ جنوباً أو شمالاً، فمشى مع السُحُب.

لم يمض إلا قليلاً، وإذا السحاب يُفَرّغ مشحونة من المطر على حديقة، ما حول الحديقة لا مطر.

أطل على الحديقة، وإذا به يرى صاحبها يعمل فيها، سلم عليه وكان سمع اسمه، فتعجب الحدائقي هذا رأي الرجل كأنه غريب، فسأله. من أين وكذا، كلام معهود.

قال له: والله أنا كنت أمشي فسمعت صوتا من السحاب: اسق أرض فلان، فمشيت مع السحاب حتى وصلت إليك، فعرفت أنك أنت المقصود، فما ذاك؟ هنا الشاهد.

قال: والله لا أدري، لكن أنا أملك هذه الأرض، فأعمل فيها ثم أجعل حصيدها ثلاثة أثلاث: ثلث أعيده إلى الأرض، الثلث الثاني أُنفقه على نفسي وأهلي، والثلث الثالث أنفقه على الفقراء والمساكين.

ص: 180