الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نحن الآن بواسطة بعض أهل العلم المشهورين في بعض البلاد، نستحل ما حَرّم الله، ونفعل كما فعل اليهود من قبلنا، كأنهم يريدون أن يُحَقّقوا فينا قول نبينا
صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن .. » .
فنحن نفعل اليوم كاليهود والنصارى، نستحل ما حرم الله بأدنى الحيل، والحمد لله بهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين.
مداخلة: جزاك الله خيرًا.
الشيخ: وإياكم.
(الهدى والنور / 279/ 28: 25: 00)
حكم مرتبات الموظفين التي يأخذونها من البنك المركزي، وهو بنك ربوي
السؤال: بالنسبة لمرتبات الموظفين يأخذونها من البنك المركزي، وهو بنك ربوي، فهل مرتبات الموظفين حرام؛ لأنها من أموال ربوية؟
الجواب: لا أعتقد ذلك؛ لأنني فيما أعلم لا يفعلون ذلك بأنفسهم، وإنما ذلك مفروض عليهم فرضاً.
والمهم أن يصل المال إلى الموظف بطريق مشروع، فإذا ما لابس هذا المال بُرْهةً من الزمان ما هو غير مشروع، كأن يدخل به دون رغبة منه إلى البنك، فليس عليه في ذلك شيء.
ولكن عليه أن يحرص على استخراجه بأقرب فُرْصة تسنح له.
مداخلة: الوظيفة هذه عند حُكَّام لا يحكمون بما أنزل الله.
الشيخ: ما زاد في الأمر شيء أبداً.
مداخلة: الحكم واحد.
الشيخ: المهم الوظيفة التي يقوم بها مشروعة أم لا، والمال الذي يأخذه راتباً له جائز أم لا.
أما ما تفعله الدولة التي تحكم بغير ما أنزل الله، فلسنا مسؤولين، ولسنا نستطيع أن نُغَيِّر الحكم كما يريد بعض الناس اليوم، ما بين عشية وضحاها.
بل لا بد من الاستعداد لهذا التغيير أمداً طويلاً بعيداً؛ لأننا نعلم علماً يقيناً أن النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان ممدوداً بوحي السماء في كل لحظة، استمر في إصلاحه لقومه ثلاثاً وعشرين عاماً، حتى تَمَكَّن من وضع بذرة الدولة المسلمة، فماذا يتمكن المسلمون اليوم أن يفعلوا وقد ذهب نبيهم من بين ظهرانيهم، وإن كان قد ترك لكم ما قال عليه السلام في الحديث الصحيح:«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض» .
صحيح، وهذا من فضل الله علينا وعلى الناس، أنه كما قال في حديث آخر:«تركتكم على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك» .
ولكننا بسبب ما اقترف بعض من تَقَدّمنا من رواية الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وخلطها بالأحاديث الصحيحة الثابتة من جهة، وما اختلط بالعقيدة الصحيحة من التوحيد في الأسماء والصفات ونحو ذلك من العقائد، مما لا صلة لها بالعقيدة الصحيحة، وما خالط السلوك الإسلامي من انصراف عن السلوك النبوي، وغير ذلك من الآفات.
لا يمكن لجماعة مسلمةٍ تَوَحَّدت أفكارها أولاً، وتَوَحَّدت أخلاقُها ثانياً، حتى صاروا على قلب رجل واحد.
لا يمكنهم أبداً أن يقيموا دولة الإسلام، وأن يجعلوها حقيقةً تمشي على وجه الأرض، إلا بعد إجراء ما أُسَمِّيه بالتصفية والتربية، تصفية الإسلام مما دخل فيه من هذه الأمور التي أشرنا إليها، وقرن هذه التصفية بتربية المسؤولين من المسلمين من
تحت أيديهم من المسؤولين عنهم، حينئذ يكون المسلمون قد وضعوا لأنفسهم أساساً أو الَّلبِنَة الأولى لهذا الأساس، الذي يقوم عليه صرح الدولة المسلمة.
أما أن يظل المسلمون يتعبدون الله، ويعتقدون في الله أموراً لم تكن في العهد الأول، فسوف لا يُمْكِنهم أبداً أن يقيموا دولة الإسلام، قد يقيمون دولة ولكن ليست هي الدولة المنشودة، والتي يسعى إليها كل مسلم غيور على دينه.
إن كثيراً من الشعوب تُقيم دولة كافرة على وجه الأرض بسبب نشاطها وسعيها، والله عز وجل جَرَّت سنته في خلقه كما قال:{وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 19]{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 18].
فهؤلاء الكفار الذين يقيمون دولة على الأرض، هذه من سعيهم في الحياة الدنيا، أما في الآخرة فلا خلاق لهم ولا نصيب.
فبالأولى أن يستطيع بعض المسلمين أن يُقيموا دولة خيراً من تلك الدول، ولكن ليست هي الدولة التي يأذن الله عز وجل أن تستمر ما شاء الله؛ لأنها لم تَقُم على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى سنته.
خلاصة الكلام بهذه الجملة المعترضة -وقد طالت قليلاً-: أنه يجب على كل الجماعات الإسلامية التي تهتم وتعنى بضرورة تحقيق المجتمع الإسلامي أولاً، وإقامة الدولة الإسلامية ثانياً على وجه الأرض، أن يهتموا بهاتين الحقيقتين التصفية والتربية.
ولا يجوز لهم أن يستعجلوا الأمور، فقديماً قيل: من استعجل الشيء قبل أوانه، ابتُلي بحرمانه.
(الهدى والنور /387/ 07: 42: 00)