الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: في كثير ناس بيجيبوا كتب ويضعوا ويمشوا، كيف نعرف ما شرطوا؟
الشيخ: صحيح.
مداخلة: شو نعمل، نأخذ القاعدة الأولى إذاً.
الشيخ: الأصل، نعم.
مداخلة: شرط الوقف كنص الشارع.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: الله يجزيك الخير.
(الهدى والنور /250/ 55: 10: 00)
أيهما أكثر أجراً بناء المسجد أم بناء المدارس الإسلامية
مداخلة: أيهما أكثر أجراً بناء المسجد، أم بناء المدارس الإسلامية؟
الشيخ: [من مميزات المنهج السلفي] أنه يستطيع أن يجيب عن هذه الأسئلة الحديثة، بخلاف المنهج الخلفي، الذي لا يعرف إلا الوقوف عند ما نَصّ عليه المتأخرون.
وهناك عندنا حوادث كثيرة جداً، تدل على المرتبة أو المنزلة السيئة التي وصل إليها هؤلاء بجمودهم على تقليدهم لمذاهبهم.
وأذكر على ذلك بهذه المناسبة حادثة: رجل في دمشق، الظاهر أنه متدين، وهو تاجر كبير، عنده بَرَّادات لحفظ الخضار واللحوم، جاءه ذات يوم رجل من سكان [دمشق] القديمة قال له: عندي لحوم من لحم الخنزير، أُريد أن أدخره عندك على أجر وأعطيك ما تريد، وهذا باعتباره مسلماً أولاً، وملتزماً بدينه وأحكام شريعته ثانياً، مجرد أن سمع باسم: الخنزير قف شعر بدنه.
لكن هناك ما يُطْمِعُهُ في هذا العرض السخي، فأصبح عنده مناقشة بين عقله وبين نفسه الأَمّارة بالسوء، ثم تغلب العقل الديني على النفس الأمارة، قال: لا بد أن أسأل أهل العلم.
فذهب إلى مفتي الديار السورية، وعرض عليه القصة ويريد الجواب منه: يجوز أم لا يجوز، قال له: اكتب سؤالك، فكتب السؤال وقَدَّمه إلى حضرة المفتي، وهذا المفتي مفتي سوريا ليس مفتي ناحية أو قضاء، مفتي سوريا كلها، قال له: بعد أسبوع تعال لتأخذ الجواب، ما شاء الله! معركة تحتاج إلى استعداد أسبوع من الزمن وليتها نجحت.
جاء بعد أسبوع قال له: لم يجهز الجواب، هكذا ثلاثة مشاوير، كل مشوار أسبوع يتحمل، الأسبوع الثالث طرق الباب ما أحد رد عليه، تَجَرّأ وفتح الباب، وإذ وجد المفتي الأكبر جالس على طاولة ومستغرق في النوم، السلام عليكم، وعليكم السلام: وجدنا لك الجواب يُبَشره يعني: بعد ثلاثة أسابيع وجد الجواب، أعطاه الجواب، جزاكم الله خيرًا.
خرج من الديوان تبع المفتي إلى الصحن، وقف يقرأ لم يفهم أنه حلال أم حرام، ادِّخار لحم هذا الخنزير حرام أم حلال لم يفهم، يقرأ من أول يرجع من الأول إلى الأخير .. من الأخير إلى الأول دون فائدة.
عنده موظف سائق سيارة هو من إخواننا السلفيين في دمشق اسمه: صلاح الجزائري، قال له: يا صلاح انظر لي هذه الفتوى، أنا لم أفهم أو هي لا تُفْهم، أخذ صاحبنا صلاح يقرأ ما يفهم حلال أم حرام احتاروا .. صاحبنا قال له: تعال سآخذك عند رجل ليس مفتي هو ساعاتي، لكن هو سيُفَهّمك الموضوع، والله أنا في الدكان كالعادة: السلام عليكم، وعليكم السلام، حكى لنا القصة وهذه الفتوى ونحن لم نفهم حلال أم حرام، قرأتها أنا قلت لهم: الحق معكم؛ لأنه شيخ ليس فاهم حرام أم حلال، وفاقد الشيء لا يعطيه.
مداخلة: في المسألة قولان.
الشيخ: ماذا فعل هذا المفتي الأعظم، الله أكبر؟ ! نقل نقولاً عن بعض كتب الفقه، ما هي طبعاً صريحة في موضوع المسألة لكن لها أمثلة، مثلاً: نقل الخمر على دابة المسلم، هل يجوز أو لا يجوز؟ ومثل هذا صاحبنا في المسألة قولان، جاء في كتاب كذا: ولو أن ذمياً استأجر مسلماً على أن يحمل له الخمر على دابته قال: فلان لا يجوز ويحرم عليه الأجر، وقال فلان: يجوز ويطيب له الأجر، وهكذا جاء في كتاب كذا وكذا، إذا استأجر ذميٌ مسلماً على أن يبني له كنيسةً: هل يجوز ويحل له الأجر أم لا؟ أيضاً نقول متضاربة.
والغريب بالنسبة لعامة الناس مثل صاحبينا، هؤلاء الاثنين أنه ناقلين نقول عن كتب غريبة الأسماء، يقول مثلاً: جاء في الولواجية كذا وكذا .. جاء في البزازية كذا وكذا، هي نقول متعارضة.
ومع الأسف الشديد، مع تعارض هذه النقول التي نقلها حضرة المفتي لا يُلَخّص بحيث أنه يعطي رأيه الشخصي لهذا السائل، وإنما يكتب الفتوى بقوله: ومما تقدم يعرف جواب السؤال، هات اعرف جواب السؤال؟ !
لم يُعط جوابًا لماذا؟ ما دام في المسألة قولان لا يقدر يجتهد؛ لأن الاجتهاد ممنوع عندهم، واجبهم أن ينقلوا النص فقط، فبهذه الطريقة لا يمكن أبداً أن يعطوا جوابًا عن مثل هذه المسألة.
أما أنا رأيي أن السؤال خطأ؛ لأنه نابع من عرف طارئ وهو مسجد ومدرسة، تُرى كيف كان الأمر في العهد الأول السلفي الأطهر، المساجد هي المدارس، ولذلك لو كان يصح توجيه مثل هذا السؤال، فلا أَقَل من أن نقول: لا، شتان بين المسجد وبين المدرسة، المسجد أبقى من المدرسة.
لكننا نقول: السؤال خطأ في أصله؛ لأننا يجب أن نُحَقِّق المثل السائر: التاريخ يعيد نفسه، يجب أن نرجع نحن في آخر الزمان إلى ما كان عليه أول الزمان، الأمور التعبدية هكذا ينبغي أن تكون، فالمساجد الآن عبارة عن مثل الكنائس ولا تشبيه،
المساجد مثل الكنائس من حيث الواقع، من حيث كونها تحت إشراف وزارات لا تقوم بشريعة الله عز وجل حقاً.
هذه المساجد فقط تصلي الصلاة، وتقفل الباب، بينما هذه المساجد يجب أن تكون فيها مدارس مختلفة كما كان الأمر في الزمن الأول.
أنا على أني من جيل العصر الحاضر، أدركت في المسجد الأموي عندنا في دمشق هنا حلقة تعلم الحديث .. هنا حلقة نحو .. هنا حلقة الفقه الحنفي والشافعي وإلى آخره، فالمسجد عامر بالتدريس والتعليم، والتاريخ يذكر حتى علم الفلك كان يدرس في بعض العصور التي مضت في المساجد.
فإذاً: لا ينبغي أن نُقَرِّر مثل هذا السؤال توجيهاً، بل علينا أن ننسفه نسفاً وأن نقول:
ألم تر أن السيف ينقص قدره
…
إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
ماذا أتى بالمدرسة إلى المسجد؟ المدارس هذه تليق بمن لا مساجد عندهم، أما من كان عندهم مساجد فهي مساجد الصلوات والعبادات، وهي مساجد لتعليم العلم.
وهنا حكمة: فهذه المدارس التي تكون في المساجد، تكون مُتَقِّيدةً بتعليم ما ينفع وليس بتعليم ما يضر، أي: حينئذٍ لا يدرس علم الاقتصاد في المسجد وفيه تعامل بالربا، والحسابات الدقيقة وما يتعلق بذلك وإلى آخره، فيكون جعل المدرسة في المسجد سبباً مادياً لا شعورياً إلى إبعاد المسلمين عن دراسة ما لا يجوز؛ لأن هذا مسجد، ففي المدارس اليوم تدرس فيها كما يقولون: علوم الفنون الجميلة .. يدرس فيها الغناء والموسيقى وآلات الطرب ونحو ذلك، والتمثيل والغناء وإلى آخره.
لذلك أقول: لا سواء! المسجد هو الذي يُقَدّم على المدرسة، ثم المسجد حينما يسلك المسلمون طريقة سلفهم الصالح، ينقلب المسجد إلى خير من مدرسة لا أقول إلى مدرسة، وإنما إلى خير من مدرسة، ولذلك فعليكم بعمارة المساجد.
مداخلة: لو دمجنا فصول دراسية بالمسجد، وأصبحت الفصول يعني: محيطة بالمسجد كما فعل الأتراك يعني: أنا رأيت بعض المساجد. فما رأيك في هذا الأمر؟
الشيخ: والله هذا يختلف طبعاً عندي عن المدارس، لكن أيضاً أرى الأفضل أن تكون في نفس المسجد؛ حتى يُتَمَكَّن من الاستفادة من هذه الدروس غير النظاميين في الدروس، يعني: حينما تصبح المدارس لها أبواب خاصة ولو في المسجد، عامة المصلين لا يشهدون درساً لا في الحديث، ولا في الفقه، ولا في أي علم من العلوم النافعة، إلا إذا انتظموا رسميين أن هؤلاء طلاب في المدرسة الفلانية، ففي جعل المدارس عبارة عن غرف حول المسجد، وهذا موجود عندنا في دمشق بكثرة، أذكر على سبيل المثال: مدرسة تسمى باسم غريب عندنا في دمشق في بلدة اسمها: القيمرية، مدرسة القطاط، يعني: مدرسة القطط يقولون: إنه كان هناك وقف خاص لإطعام القطط، وهذا طبعاً مما يفخر به يعني: الكُتَّاب المعاصرون اليوم، وهذا الفخر وإن كان يحق لنا به، لكن هم يتظاهرون بهذا أمام الكفار أن المدنية من عندنا ليس من عندكم، الرفق بالحيوان وصل عندنا يعني: إلى مرتبة فوق الخيال، لكن مع المنطق المعقول والشرع المنقول، كان عندنا في دمشق مروج موقوفة لرعاية الخيل وقف.
مداخلة: مروج.
الشيخ: نعم، من عنده خيل يأتي يرعاه بدون مقابل، ومن ذلك: المدرسة هذه اسمها: مدرسة القطاط يعني: قطط.
الشاهد: عبارة عن مسجد طبعاً إلى القبلة، وإلى الجانب الغربي والشرقي غرف، هذه الغرف عبارة عن مدارس يعني: غرف مدارس.
كذلك عندنا مسجد السلطان سليم هذا في دمشق، إذا ذهبتم إلى دمشق عند مستشفى التي يسمونها: الوطني، وكان يسمونه قديماً بمستشفى الغرباء، أيضاً يوجد هناك على الطرفين غرف كثيرة جداً وعلى الطريقة التركية كل غرفة عليها قبة
صغير من فوق، أنا لا أرى هذا الفصل أبداً بين المسجد وبين المدرسة؛ لأنه أولاً: على طريقتنا التي تقول:
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
وثانياً: فيه تقليل للخير، حينما تكون الحلقات المنظمة .. الدروس المنظمة التي نريد أن نجعلها في غرف يغلق أبوابها على طلبة محصورين معدودين.
هذه الدروس حينما تُجْعل في المسجد طريقة تجعل ماذا؟ الفائدة تتعدى هؤلاء الطلاب، وهذا في الواقع كما بدأت الإشارة إليه، أنني أنا أدركت المسجد الأموي عديداً من الحلقات التي كان طلاب العلم يقصدونها، وإن كان في بعض هذه الحلقات مثلاً: أشياء نحن ننكرها من مثل مثلاً: اجتماعهم على ذكر غير مشروع، وعلى إنشاد الأناشيد التي يسمونها: بالأناشيد الدينية، والتطريب بها والتمايل هكذا يميناً ويساراً.
لكن الفائدة -بلا شك- إذا كانت الدروس طليقة غير مقيدة بالمدارس الفائدة عامة وأشمل، لكن مع الأسف الشديد يغلب على المسلمين التقليد، وليس فقط للآباء والأجداد من المسلمين التقليد حتى للغربيين، وهذا مصداق قوله عليه السلام:«لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبي لدخلتموه» في رواية سنن الترمذي: «حتى لو كان فيهم من يأتي أُمَّه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك» سبحان الله يعني: هذا التقليد الأعمى واضح تماماً.
(الهدى والنور / 172/ 49: 42: 00)