الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَيَّدَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا بِمَا فَوْقَ الشَّهْرِ لِعَدَمِ سُقُوطِ مَا دُونَهُ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ بِالِاسْتِدَانَةِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
(وَ) تَجِبُ النَّفَقَةُ بِأَنْوَاعِهَا (لِمَمْلُوكِهِ) مَنْفَعَةً، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ رَقَبَةً كَمُوصًى بِخِدْمَتِهِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: نَفَقَةُ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ، هُوَ الصَّحِيحُ. وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ رَقَبَةً وَلَا مَنْفَعَةً، فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَ الْمُشْتَرِيَ
ــ
[رد المحتار]
دَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ الْوَلَدِ وَلِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، فَلَوْ لَمْ يُحْبَسْ سَقَطَ حَقُّ الْوَلَدِ رَأْسًا فَكَانَ فِي حَبْسِهِ دَفْعُ الْهَلَاكِ وَاسْتِدْرَاكُ الْحَقِّ عَنْ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْأَدَاءِ، وَهَذَا لَمْ يُوجَدْ فِي سَائِرِ دُيُونِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ، وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْ الْقَسْمِ يُضْرَبُ وَلَا يُحْبَسُ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُ هَذَا الْحَقِّ بِالْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَيُسْتَدْرَكُ بِالضَّرْبِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُقُوقِ.
اهـ مُلَخَّصًا. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ حُكْمُ الْمُمْتَنِعِ عَنْ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الذَّخِيرَةِ لَا يُحْبَسُ وَالِدٌ وَإِنْ عَلَا فِي دَيْنِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ إلَّا فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ الصَّغِيرِ وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْحَبْسِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ. وَفِي الْكَنْزِ: لَا يُحْبَسُ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ إلَّا إذَا أَبَى عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِثْلَهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَدِينَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْإِنْفَاقِ بِالِاسْتِدَانَةِ فَحُبِسَ لِيُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ لِيَسْتَدِينَ فَافْهَمْ. وَقَوْلُ الْبَدَائِعِ: فَلَوْ لَمْ يُحْبَسْ سَقَطَ حَقُّ الْوَلَدِ رَأْسًا أَيْ كُلُّهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا حُبِسَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي مُدَّةِ الْحَبْسِ فَقَطْ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لَيْسَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ: لَوْ كَانَ فِي حُكْمِهَا لَكَانَ يُمْكِنُ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ فَلَا يَسْقُطُ مِنْهَا شَيْءٌ كَسَائِرِ دُيُونِ الصَّغِيرِ.
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ) أَيْ قَيَّدَ عَدَمَ الْحَبْسِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى النَّقْلِ الْخَطَأِ، أَمَّا عَلَى الصَّوَابِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ فَلَا تَقْيِيدَ ثُمَّ قَوْلُهُ بِمَا فَوْقَ الشَّهْرِ حَقُّهُ كَمَا فِي ط أَنْ يُقَالَ بِالشَّهْرِ فَمَا فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَسْقُطُ هُوَ الْقَلِيلُ وَهُوَ مَا دُونَ شَهْرٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: امْرَأَةٌ لَهَا ابْنٌ صَغِيرٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَا لِلْمَرْأَةِ فَاسْتَدَانَتْ وَأَنْفَقَتْ عَلَى الصَّغِيرِ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَبَلَغَ لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ. اهـ أَيْ أَمَرَهَا الْقَاضِي بِأَنْ تَسْتَدِينَ وَتَرْجِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. قَالَ فِي الْمِنَحِ: فَقَدْ أَفَادَ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْأَمْرَ بِالِاسْتِدَانَةِ إلَّا إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ أَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ النَّفَقَةُ) أَيْ عَلَى الْمَوْلَى وَلَوْ فَقِيرًا قُهُسْتَانِيٌّ.
[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ]
ِ (قَوْلُهُ لِمَمْلُوكِهِ) أَيْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَإِدَامِهِ، وَكَذَا الْكُسْوَةُ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إنْ تَنَعَّمَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِثْلَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَلَوْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ شُحًّا أَوْ رِيَاضَةً لَزِمَهُ الْغَالِبُ فِي الْأَصَحِّ، وَيُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ عَبِيدِهِ وَجَوَارِيهِ فِي الْأَصَحِّ، وَيَزِيدُ جَارِيَةَ الِاسْتِمْتَاعِ فِي الْكُسْوَةِ لِلْعُرْفِ، وَعَلَيْهِ شِرَاءُ مَاءِ الطَّهَارَةِ لَهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْلِسَهُ لِيَأْكُلَ مَعَهُ ط مُلَخَّصًا عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ مَنْفَعَةً) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ، وَخَرَجَ بِهِ مَالِكٌ لِمَنَافِعِهِ، وَدَخَلَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُمَا كَالْقِنِّ وَلَوْ لَهُ كَبِيرًا ذَكَرًا صَحِيحًا وَلَوْ لَهُ أَبٌ حَاضِرٌ وَلَوْ أَمَةً مُتَزَوِّجَةً مَا لَمْ يُبَوِّئْهَا مَنْزِلَ الزَّوْجِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَمُوصًى بِخِدْمَتِهِ) إلَّا إذَا مَرِضَ مَرَضًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخِدْمَةِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ حَتَّى يَصِحَّ وَيَبْلُغَ الْخِدْمَةَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) وَقِيلَ يَرْفَعُ الْبَائِعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَيَأْذَنُ لَهُ فِي بَيْعِهِ أَوْ إجَارَتِهِ قُنْيَةٌ، وَفِيهَا أَنَّ نَفَقَةَ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَقِيلَ عَلَى الْبَائِعِ، وَقِيلَ يَسْتَدِينُ فَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ الْمِلْكُ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَ الْمُشْتَرِيَ) .
تَتِمَّةُ عِبَارَةِ الْبَحْرِ هَكَذَا وَتَكُونُ تَابِعَةً لِلْمِلْكِ كَالْمَرْهُونِ كَمَا بَحَثَهُ
(فَإِنْ امْتَنَعَ فَهِيَ فِي كَسْبِهِ) إنْ قَدَرَ بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا، وَلَوْ غَيْرَ عَارِفٍ بِصِنَاعَةٍ فَيُؤْجِرُ نَفْسَهُ كَمُعِينِ الْبِنَاءِ بَحْرٌ (وَإِلَّا) كَكَوْنِهِ زَمِنًا أَوْ جَارِيَةً (لَا) يُؤْجَرُ مِثْلُهَا (أَمَرَهُ الْقَاضِي بِبَيْعِهِ) وَقَالَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي وَبِهِ يُفْتَى (إنْ مَحَلًّا لَهُ) وَإِلَّا كَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ أُلْزِمَ بِالْإِنْفَاقِ لَا غَيْرُ. (عَبْدٌ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ أَكَلَ) أَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ (قَدْرَ كِفَايَتِهِ بِلَا رِضَاهُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ) أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ (وَإِلَّا لَا) يَأْكُلُ، كَمَا لَوْ قَتَّرَ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ بَلْ يَكْتَسِبُ إنْ قَدَرَ مُجْتَبًى. وَفِيهِ: تَنَازَعَا فِي عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي أَيْدِيهِمَا يُجْبَرَانِ عَلَى نَفَقَتِهِ.
(نَفَقَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ إلَى أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ، فَإِنْ طَلَبَ) الْغَاصِبُ (مِنْ الْقَاضِي الْأَمْرَ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْبَيْعِ لَا يُجِيبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ (وَ) لَكِنْ (إنْ خَافَ) الْقَاضِي (عَلَى الْعَبْدِ الضَّيَاعَ بَاعَهُ الْقَاضِي لَا الْغَاصِبُ وَأَمْسَكَ) الْقَاضِي (ثَمَنَهُ لِمَالِكِهِ وَطَلَبَ الْمُودِعُ) أَوْ آخِذُ الْآبِقِ أَوْ أَحَدُ شَرِيكَيْ عَبْدٍ غَابَ أَحَدُهُمَا (مِنْ الْقَاضِي الْأَمْرَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى عَبْدِ الْوَدِيعَةِ)
ــ
[رد المحتار]
بَعْضُهُمْ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا. اهـ وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ: وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَبِيعَ بَاقٍ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَاجِبٌ تَسْلِيمُهُ كَالْمَغْصُوبِ نَفَقَتُهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ رَقَبَةً وَلَا مَنْفَعَةً وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِفَرْضِ الْعَوْدِ إلَى مِلْكِهِ إذَا هَلَكَ وَلِذَا يَسْقُطُ ثَمَنُهُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ كَمُعِينِ الْبِنَاءِ) هُوَ مَنْ يَعْجِنُ لَهُ الطِّينَ وَيُنَاوِلُهُ مَا يَبْنِي بِهِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِلصَّحِيحِ غَيْرِ الْعَارِفِ بِصِنَاعَةٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ (قَوْلُهُ أَوْ جَارِيَةً لَا يُؤْجَرُ مِثْلُهَا) بِأَنْ كَانَتْ حَسْنَاءَ يَخْشَى عَلَيْهَا الْفِتْنَةَ وَالْحَالُ أَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْكَسْبِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ قَادِرَةً عَلَيْهِ وَمَعْرُوفَةً بِذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ خَبَّازَةً أَوْ غَسَّالَةً تُؤْمَرُ بِهِ أَيْضًا هَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ هِنْدِيَّةٌ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: فَعُلِمَ أَنَّ الْأُنُوثَةَ هُنَا لَيْسَتْ أَمَارَةَ الْعَجْزِ بِخِلَافِهَا فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ. اهـ وَتَمَامُهُ فِي ط. وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْبِنْتَ لَوْ كَانَ لَهَا كَسْبٌ لَا تَلْزَمُ نَفَقَتُهَا الْأَبَ (قَوْلُهُ أَمَرَهُ الْقَاضِي) وَإِنْ امْتَنَعَ حَبَسَهُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى. قُلْت: فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا هَلْ يَبِيعُهُ الْقَاضِي؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ كَمَا يَأْتِي فِي الْعَبْدِ الْوَدِيعَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَفْرِضُ لَهُ الْقَاضِي فِي مَالِ سَيِّدِهِ الْغَائِبِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَقَرَابَةِ الْوِلَادِ (قَوْلُهُ وَقَالَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي) ؛ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ جَوَازَ الْبَيْعِ عَلَى الْحُرِّ لِأَجْلِ حَقِّ الْغَيْرِ وَسَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ لَا يَرَى ذَلِكَ وَلَكِنْ يَحْبِسُهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ أُلْزِمَ بِالْإِنْفَاقِ) فَإِنْ غَابَ وَلَا مَالَ لَهُ حَاضِرٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى سَيِّدِهِ إحْيَاءً لِمُهْجَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَلْزَمَ نَفَقَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَالْمُعْتَقِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَ) أَيْ ثَوْبًا يَكْتَسِي بِهِ أَمْ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَتَّرَ) أَيْ ضَيَّقَ (قَوْلُهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ (قَوْلُهُ يُجْبَرَانِ عَلَى نَفَقَتِهِ) وَكَذَا وَلَدُ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ادَّعَاهُ الشَّرِيكَانِ، وَعَلَيْهِ إذَا كَبُرَ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ، وَلَوْ أَثْبَتَ أَحَدُهُمَا الْحَقَّ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الْآخَرُ لِتَبَرُّعِهِ حَيْثُ تَعَرَّضَ لِمَالِ غَيْرِهِ أَوْ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ رَحْمَتِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ أَوْ هَلَكَ يَضْمَنُ لِلْمَالِكِ إلَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَالرَّدُّ وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ غَائِبًا فَمَا بَقِيَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا يُنْفِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ إنْ خَافَ إلَخْ) بِأَنْ خَافَ هَرَبَهُ بِالْعَبْدِ أَوْ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ أَوْ آخِذُ الْآبِقِ) مَا كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ وَنَقَلُوا فِي آخِذِ الْآبِقِ إذَا طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي ذَلِكَ فَإِنْ رَأَى الْإِنْفَاقَ أَصْلَحَ، أَمَرَهُ وَإِنْ خَافَ أَنْ تَأْكُلَهُ النَّفَقَةُ، أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ فَيُقَالُ: إنَّ أَمْرَهُ بِالْإِجَارَةِ أَصْلَحُ فَلَمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ. اهـ فَالْمَنْقُولُ فِي حُكْمِهِ مُخَالِفٌ لِلْمُودَعِ وَالْمُشْتَرَكِ عَلَى أَنَّ الرَّمْلِيَّ وَغَيْرَهُ أَجَابَ بِأَنَّ الْآبِقَ يُخْشَى عَلَيْهِ الْإِبَاقُ ثَانِيًا فَالْغَالِبُ انْتِفَاءُ أَصْلَحِيَّةِ إجَارَتِهِ لِلْغَيْرِ فَلِذَا سَكَتُوا عَنْهُ ثُمَّ بَحَثَ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْحُكْمَ دَائِرٌ مَعَ الْأَصْلَحِيَّةِ حَتَّى فِي الْمُودَعِ لَوْ كَانَ الْأَصْلَحُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ أَمَرَهُ بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا تَأَمَّلْ. اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَكَذَلِكَ أَيْ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا وَجَدَ دَابَّةً ضَالَّةً فِي الْمِصْرِ أَوْ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ (قَوْلُهُ أَوْ أَحَدُ شَرِيكَيْ عَبْدٍ إلَخْ) أَيْ فَيَرْفَعُ الشَّرِيكُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي
وَنَحْوِهَا (لَا يُجِيبُهُ) لِئَلَّا تَأْكُلَهُ النَّفَقَةُ (بَلْ يُؤْجِرُهُ وَيُنْفِقُ مِنْهُ أَوْ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْآجِرِ وَالرَّاهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ. وَأَمَّا كُسْوَتُهُ فَعَلَى الْمُعِيرِ، وَتَسْقُطُ بِعِتْقِهِ وَلَوْ زَمِنًا، وَتَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ خُلَاصَةٌ. (دَابَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْإِنْفَاقِ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي) لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ شَرِيكُهُ جَوْهَرَةٌ. وَفِيهَا (وَيُؤْمَرُ) إمَّا بِالْبَيْعِ وَإِمَّا (بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بَهَائِمِهِ دِيَانَةً لَا قَضَاءً عَلَى) ظَاهِرِ (الْمَذْهَبِ) لِلنَّهْيِ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ. وَعَنْ الثَّانِي يُجْبَرُ وَرَجَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْكَمَالُ، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. وَلَا يُجْبَرُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَإِنْ كَرِهَ تَضْيِيعَ الْمَالِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شِرْكٌ كَمَا مَرَّ. قُلْت: وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا فَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا أَنْفَقَ الثَّانِي وَرَجَعَ عَلَيْهِ.
وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ: أَنْفَقَ الشَّرِيكُ عَلَى الْعَبْدِ فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ أَوْ الْقَاضِي
ــ
[رد المحتار]
وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَالْقَاضِي بِالْخِيَارِ فِي قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَيَأْتِي مَا إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِنْفَاقِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) وَهُوَ الْآبِقُ وَالْمُشْتَرَكُ (قَوْلُهُ لَا يُجِيبُهُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ إنْ رَأَى الْإِنْفَاقَ أَصْلَحَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِي اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْأَصْلَحِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْآجِرِ وَالرَّاهِنِ) أَيْ نَفَقَةُ الْعَبْدِ الْمَأْجُورِ وَالْمَرْهُونِ عَلَى مَالِكِهِ وَالْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ،؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي مَنْفَعَتَهُ بِلَا عِوَضٍ، فَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي مَنْفَعَتِهِ وَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ كُلَّ مَحْبُوسٍ لِمَنْفَعَةِ غَيْرِهِ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. وَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا النَّفَقَةُ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُودَعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُودِعَ بِكَسْرِ الدَّالِ اسْمُ فَاعِلٍ وَإِلَّا خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَاضِي يُؤْجِرُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعُهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا كُسْوَتُهُ فَعَلَى الْمُعِيرِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ نَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ أَنَّ الطَّعَامَ يَسْتَهْلِكُهُ الْعَبْدُ فِي حَالِ احْتِبَاسِهِ فِي مَنْفَعَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى، أَمَّا الْكُسْوَةُ فَتَبْقَى فَلَوْ لَزِمَتْهُ كُسْوَتُهُ صَارَتْ مِلْكًا لِمَوْلَى الْعَبْدِ وَالْعَارِيَّةُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ. فَفِي إيجَابِ الْكُسْوَةِ عَلَيْهِ إيجَابُ الْعِوَضِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ بِعِتْقِهِ) أَيْ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ وَتَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ) أَيْ إذَا كَانَ عَاجِزًا وَلَيْسَ لَهُ قَرِيبٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْآبِي إمَّا أَنْ تَبِيعَ نَصِيبَك مِنْ الدَّابَّةِ أَوْ تُنْفِقَ عَلَيْهَا رِعَايَةً لِجَانِبِ الشَّرِيكِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ جَوْهَرَةٌ) لَمْ يَذْكُرْ فِي الْجَوْهَرَةِ مَسْأَلَةَ الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَا بَعْدَهَا، فَالْمُنَاسِبُ عَزْوُ ذَلِكَ لِلْفَتْحِ أَوْ الْبَحْرِ كَمَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ وَيُؤْمَرُ إلَخْ) الْمَالِكُ الَّذِي لَا شَرِيكَ مَعَهُ فَهُنَا لَا يُجْبَرُ قَضَاءً. بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ شَرِيكٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ رِعَايَةً لِحَقِّ الشَّرِيكِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ لَا قَضَاءً) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَالْكَمَالُ) قَالَ: وَالْحَقُّ مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِيهِ دَعْوَى حِسْبَةٍ فَيُجْبَرُ الْقَاضِي عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ، وَلَا بِدَعَ فِيهِ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ) أَيْ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ) أَيْ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ حَيْثُ لَمْ تُمْكِنْ الْقِسْمَةُ كَكَرْيِ نَهْرٍ وَمَرَمَّةِ قَنَاةٍ وَبِئْرٍ وَدُولَابٍ وَسَفِينَةٍ مَعِيبَةٍ وَحَائِطٍ إلَّا إنْ كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهُ مِنْ أَسَاسِهِ وَيَبْنِي كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ السُّتْرَةَ. وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا فِي الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ شَرِيكُهُ (قَوْلُهُ أَنْفَقَ الثَّانِي وَرَجَعَ عَلَيْهِ) هَذَا خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ عَبْدِ الْوَدِيعَةِ. وَأَجَابَ ح بِأَنَّ هَذَا مُتَعَنِّتٌ فِي الِامْتِنَاعِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ بِغَيْبَتِهِ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي أَوْ الشَّرِيكِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَالَ أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لِي شَيْءٌ أُنْفِقُهُ وَأَنْفَقَ الْآخَرُ عَلَى حِصَّتِهِ يَبِيعُ الْحَاكِمُ حِصَّةَ الْآبِي مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ اسْتَدَانَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَنْفَقَ