الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْقُنْيَةِ اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الصَّكِّ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهَا أَقْمِشَتَهَا فَقَبِلَ لَمْ تَحْرُمْ، وَيُشْتَرَطُ كَتْبُهُ الصَّكَّ وَرَدُّ الْأَقْمِشَةِ فِي الْمَجْلِسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الظِّهَارِ:
هُوَ لُغَةً مَصْدَرُ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ: إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. -.
ــ
[رد المحتار]
وَالْمُبَارَأَةُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ خَلَعْتُكِ عَلَى عَبْدِي وُقِفَ عَلَى قَبُولِهَا وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْمُجْتَبَى مَا يُؤَيِّدُهُ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا صَحَّ وَلَزِمَ الزَّوْجَ عِشْرُونَ، دَلِيلُهُ مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ: خَالَعَتْ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا أَلْفًا لَا شُفْعَةَ فِيهِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إيجَابَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَيْهِ يَصِحُّ. وَفِي صُلْحِ الْقُدُورِيِّ: ادَّعَتْ عَلَيْهِ نِكَاحًا وَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَدَلِهِ لَهَا لَمْ يَجُزْ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ جَازَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى تُخَالِفُ الْمُتَقَدِّمَ، وَالتَّوْفِيقُ أَنَّهَا إذَا خَالَعَتْ عَلَى بَدَلٍ يَجُوزُ إيجَابُ الْبَدَلِ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا وَيَكُونُ مُقَابَلًا بِبَدَلِ الْخُلْعِ.
وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فِي الْخُلْعِ يَكُونُ تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ الْعِدَّةَ، أَمَّا إذَا خَالَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَلَمْ تَذْكُرْ عِوَضًا آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَهَذَا مِنْ الْحُسْنِ بِمَكَانٍ النَّهْرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْبَدَلِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مِنْ جِهَتِهَا فَإِنَّهَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِمَا تَدْفَعُهُ لَهُ، وَلِذَا كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ بَائِنًا، حَتَّى لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَهُ لَمْ يَجِبْ الْمَالُ لِعَدَمِ مَا يُقَابِلُهُ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ، أَوْ عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَهْرِ، وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ لَهَا مَالًا يُجْعَلُ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءً مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَدَلَ النَّفَقَةِ يُجْعَلُ تَقْدِيرًا لِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ، إلَّا إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ مُخَالَعًا عَلَيْهَا أَيْضًا فَلَا يَجِبُ الزَّائِدُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُ الْبَدَلِ عَلَيْهِ، وَطَرِيقُهُ بِالْحَمْلِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَهْرِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرٌ وَإِلَّا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُ زَادَ عَلَى مَهْرِهَا ذَلِكَ الْقَدْرَ قَبْلَ الْخُلْعِ ثُمَّ خَالَعَ تَصْحِيحًا لِلْخُلْعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ اهـ وَقَوْلُهُ " اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفَقَةِ " أَيْ إذَا خَالَعَهَا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَهُوَ تَقْدِيرٌ لَهَا كَمَا مَرَّ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّطْوِيلِ وَتَلْحَقُ الزِّيَادَةُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الصَّكِّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكْتُبَ لَهَا صَكًّا فِيهِ ذَلِكَ. وَالصَّكُّ: الْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْأَقَارِيرِ، جَمْعُهُ صُكُوكٌ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَصِكَاكٌ كَسَهْمٍ وَسِهَامٍ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: لَمْ تَحْرُمْ) أَيْ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ الصَّكِّ وَرَدِّ الْأَقْمِشَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ ح، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ الظِّهَارِ]
مُنَاسَبَتُهُ لِلْخُلْعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ عَنْ النُّشُوزِ ظَاهِرًا، أَوْ قَدَّمَ الْخُلْعَ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي بَابِ التَّحْرِيمِ، إذْ هُوَ تَحْرِيمٌ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَهَذَا مَعَ بَقَائِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً إلَخْ) هَذَا أَحَدُ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّ " ظَاهَرَ " مُفَاعَلَةٌ مِنْ الظَّهْرِ فَيُقَالُ ظَاهَرْتُهُ إذَا قَابَلْتَ ظَهْرَكَ لِظَهْرِهِ حَقِيقَةً وَإِذَا غَايَظْتَهُ لِأَنَّ الْمُغَايَظَةَ تَقْتَضِي هَذِهِ الْمُقَابَلَةَ وَإِذَا نَصَرْته لِأَنَّهُ يُقَالُ قَوِيَ ظَهْرُهُ إذَا نَصَرَهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ. وَفِيهِ: وَإِنَّمَا عُدِّيَ بِمِنْ مَعَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى التَّبْعِيدِ لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا وَهُوَ مُبْعَدٌ. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِصْبَاحِ: وَإِنَّمَا خُصَّ بِذِكْرِ الظَّهْرِ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّابَّةِ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبَةٌ وَقْتَ الْغِشْيَانِ.
وَشَرْعًا (تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ) فَلَا ظِهَارَ لِذِمِّيٍّ عِنْدَنَا (زَوْجَتَهُ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً، أَوْ صَغِيرَةً، أَوْ مَجْنُونَةً (أَوْ) تَشْبِيهُ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا مِنْ أَعْضَائِهَا، أَوْ تَشْبِيهُ (جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ تَأْبِيدًا) بِوَصْفٍ لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ،
ــ
[رد المحتار]
فَرُكُوبُ الْأُمِّ مُسْتَعَارٌ مِنْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ ثُمَّ شَبَّهَ رُكُوبَ الزَّوْجَةِ بِرُكُوبِ الْأُمِّ الْمُمْتَنِعِ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ لَطِيفَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: رُكُوبُكِ لِلنِّكَاحِ حَرَامٌ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ إلَخْ) شَمِلَ التَّشْبِيهَ الصَّرِيحَ وَالضِّمْنِيَّ، كَمَا لَوْ كَانَتْ امْرَأَةَ رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْهَا زَوْجُهَا فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ فُلَانَةَ يَنْوِي ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لِلْأُخْرَى: أَشْرَكْتُكِ فِي ظِهَارِهَا، أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ هَذِهِ نَاوِيًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَعْدَ التَّكْفِيرِ لِتَضَمُّنِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَشَمِلَ الْمُعَلَّقَ وَلَوْ بِمَشِيئَتِهَا وَالْمُؤَقَّتَ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ مَثَلًا كَمَا سَيَأْتِي بَحْرٌ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ أَنْتِ أُمِّي بِلَا تَشْبِيهٍ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَإِنْ نَوَى كَمَا سَيَأْتِي.
وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِ الْعَاقِلُ - وَلَوْ حُكْمًا - الْبَالِغُ، فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَدْهُوشِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُغْمًى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ، وَيَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ وَالْمُكْرَهِ وَالْمُخْطِئِ وَالْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الْمُفْهِمَةِ وَلَوْ بِكِتَابَةِ النَّاطِقِ الْمُسْتَبِينَةِ، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ نَهْرٌ، وَلَوْ ظَاهَرَ ثُمَّ ارْتَدَّ بَقِيَ ظِهَارُهُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا ظِهَارَ لِذِمِّيٍّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ وَيَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ط (قَوْلُهُ: زَوْجَتَهُ) شَمِلَ الْأَمَةَ، وَخَرَجَتْ مَمْلُوكَتُهُ وَالْأَجْنَبِيَّةُ إلَّا إذَا أَضَافَهُ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُبَانَةُ بِوَاحِدَةٍ، أَوْ ثَلَاثٍ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: حَتَّى لَوْ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِشَرْطٍ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْعِدَّةِ لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا لِأَنَّهُ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ صَادِقٌ فِي التَّشْبِيهِ، بِخِلَافِ الْإِبَانَةِ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّ فَائِدَتَهَا تَنْقِيصُ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كِتَابِيَّةً) الْأَوْلَى وَلَوْ كَافِرَةً لِيَشْمَلَ الْمَجُوسِيَّةَ. فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: أَسْلَمَ زَوْجُ الْمَجُوسِيَّةِ فَظَاهَرَ مِنْهَا قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا صَحَّ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ، وَدَخَلَ فِيهِ الرَّتْقَاءُ وَالْمَدْخُولَةُ وَغَيْرُهَا كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَعْضَائِهَا) كَالرَّأْسِ وَالرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَشْبِيهُ جُزْءٍ شَائِعٍ) كَنِصْفِك وَنَحْوِهِ. وَالْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ، أَوْ تَشْبِيهُهُ جُزْءًا شَائِعًا بِالْإِضَافَةِ إلَى ضَمِيرِ الْفَاعِلِ، وَنَصَبَ جُزْءًا شَائِعًا لِأَنَّهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعْطُوفٌ عَلَى " زَوْجَتَهُ " الْمَنْصُوبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ) أَيْ بِعُضْوٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ أَعْضَاءِ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ نَسَبًا، أَوْ صِهْرِيَّةً أَوْ رَضَاعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ، أَوْ بِجُمْلَتِهَا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي فَإِنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالظَّهْرِ وَزِيَادَةٌ كَمَا يَأْتِي، لَكِنَّ هَذَا كِنَايَةٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ النِّيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كَوْنِ الْجُزْءِ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ كَرَأْسِ أُمِّي، أَوْ وَجْهِهَا، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ الْمُشَبَّهَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي ذِكْرُ الْجُزْءِ الَّذِي يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ النَّظَرُ إلَيْهِ كَرَأْسِكِ فَتَنَبَّهْ، وَخَرَجَ بِالْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْأُخْرَى وَأَمَتُهُ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ الْعُضْوِ الظَّهْرَ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا خُصَّ بِاسْمِ الظِّهَارِ تَغْلِيبًا لِلظَّهْرِ لِأَنَّهُ كَانَ الْأَصْلَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ، وَقَيَّدَ فِي النِّهَايَةِ التَّحْرِيمَ بِكَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ احْتِرَازًا عَنْ أُمِّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَبِنْتِهَا، فَلَوْ شَبَّهَهَا بِهِمَا لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا وَعَزَاهُ إلَى شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، لَكِنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَكُونُ مُظَاهِرًا قِيلَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ. قَالَ الْقَاضِي ظَهِيرُ الدِّينِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، لَكِنْ رَجَّحَ الْعِمَادِيُّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ نَهْرٌ.
مَطْلَبٌ مَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى نَفَاذِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِحِلِّ نِكَاحِهَا وَعَدَمِهِ لَا عَلَى كَوْنِ الْحُرْمَةِ مُجْمَعًا عَلَيْهَا، أَوْ لَا، بَلْ عَلَى كَوْنِهَا يَسُوغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ، أَوْ لَا، وَعَدَمُ تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ لِوُجُودِ الْإِجْمَاعِ، أَوْ النَّصِّ الْغَيْرِ الْمُحْتَمِلِ لِلتَّأْوِيلِ بِلَا مُعَارَضَةِ نَصٍّ آخَرَ فِي نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُعَارَضَةُ ثَابِتَةً فِي الْوَاقِعِ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ فِي كَوْنِ الْمَحَلِّ يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَفِي نَفَاذِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِخِلَافِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِوَصْفٍ) الْبَاءُ لِسَبَبِيَّةِ التَّحْرِيمِ، أَوْ التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ) .
فَخَرَجَ تَشْبِيهُهُ بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ، أَوْ بِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا وَكَذَا بِمَجُوسِيَّةٍ لِجَوَازِ إسْلَامِهَا، وَقَوْلُهُ بِمُحَرَّمٍ صِفَةٌ لِشَخْصٍ الْمُتَنَاوِلِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَلَوْ شَبَّهَهَا بِفَرْجِ أَبِيهِ أَوْ قَرِيبِهِ كَانَ مُظَاهِرًا، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ. وَرَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ شَرَائِطِ الظِّهَارِ، كَوْنِ الْمُظَاهَرِ بِهِ مِنْ جِنْسِ النِّسَاءِ حَتَّى لَوْ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ أَبِيهِ، أَوْ ابْنِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُرِفَ بِالشَّرْعِ وَالشَّرْعُ وَرَدَ فِي النِّسَاءِ، نَعَمْ يَرِدُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالدَّمِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالزِّنَا وَالرِّبَا وَالرِّشْوَةِ وَقَتْلِ الْمُسْلِمِ إنْ نَوَى طَلَاقًا، أَوْ ظِهَارًا فَكَمَا نَوَى عَلَى الصَّحِيحِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي فَإِنَّ التَّشْبِيهَ بِالْأُمِّ تَشْبِيهٌ بِظَهْرِهَا وَزِيَادَةٌ، وَذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ مَعْزِيًّا لِلْمُحِيطِ
(وَصَحَّ إضَافَتُهُ إلَى مِلْكٍ، أَوْ سَبَبِهِ) كَإِنْ نَكَحْتُكِ فَكَذَا، حَتَّى لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي مِائَةَ مَرَّةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ مَرَّةٍ كَفَّارَةٌ تَتَارْخَانِيَّةٌ (وَظِهَارُهَا مِنْهُ لَغْوٌ) فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا وَلَا كَفَّارَةَ وَبِهِ يُفْتَى جَوْهَرَةٌ وَرَجَّحَ ابْنُ الشِّحْنَةِ إيجَابَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ.
(وَذَا) أَيْ الظِّهَارُ
ــ
[رد المحتار]
كَالْأُمِّيَّةِ وَالْأُخْتِيَّةِ وَلَوْ رَضَاعًا وَمُصَاهَرَةً (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إسْلَامِهَا) أَيْ وَصَيْرُورَتِهَا كِتَابِيَّةً كَمَا فِي الْبَحْرِ، فَحُرْمَتُهَا مُؤَبَّدَةٌ بِالنَّظَرِ إلَى بَقَاءِ وَصْفِ الْمَجُوسِيَّةِ غَيْرُ مُؤَبَّدَةٍ إذَا انْقَطَعَ ط.
(قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِمَا فِي الْبَدَائِعِ إلَخْ) أَقُولُ: وَمِثْلُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ التَّشْبِيهُ بِالرَّجُلِ أَيَّ رَجُلٍ كَانَ لَا يَكُونُ ظِهَارًا، وَنَحْوُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّهْذِيبِ، وَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةَ ثُمَّ رَأَيْته أَيْضًا صَرِيحًا فِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَهَذَا يُعَارِضُ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُحِيطِ بِلَفْظِ " وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُظَاهِرًا ". قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ جَزَمَ بِمَا فِي الْمُحِيطِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ بَحْثًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَرِدُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) كَذَا فِي النَّهْرِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ خِلَافُ هَذَا. وَنَصُّهُ: وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَكُونُ إيلَاءً، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ يَكُونُ طَلَاقًا، وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ لَا يَكُونُ ظِهَارًا اهـ وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة والشُّرُنبُلالِيَّة مَعْزِيًّا لِلْخَانِيَّةِ، فَعُلِمَ أَنَّ لَفْظَةَ " لَا " سَاقِطَةٌ مِنْ نُسْخَةِ صَاحِبِ النَّهْرِ، وَبِهِ تَأَيَّدَ مَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ التَّشْبِيهَ بِالْأُمِّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَشْبِيهٌ بِعُضْوٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ مُحَرَّمَةٍ (قَوْلُهُ: مَعْزِيًّا لِلْمُحِيطِ) الَّذِي رَأَيْته فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَزْوُهُ لِلنَّظْمِ بِدُونِ ذِكْرِ التَّصْحِيحِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَكِنْ لِعَكْسِ مَا قَالَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: كَإِنْ نَكَحْتُك) أَيْ تَزَوَّجْتُك، وَهَذَا مِثَالٌ لِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَمِثَالُ الْمِلْكِ كَإِنْ صِرْتِ زَوْجَةً لِي.
(قَوْلُهُ: فَكَذَا) أَيْ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي؛ وَلَوْ زَادَ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بَقِيَ حُكْمُ الظِّهَارِ إلَّا إذَا قَدَّمَ فَقَالَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِأَنَّهَا بَانَتْ بِنُزُولِ الطَّلَاقِ أَوَّلًا لِكَوْنِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنَاءً عَلَى التَّرْتِيبِ فِي النُّزُولِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى آخِرَ الْبَابِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي التَّعْلِيقِ وَفِي أَوَّلِ بَابِ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: مِائَةَ مَرَّةٍ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ أَيْ قَالَ ذَلِكَ الْكَلَامَ مُكَرِّرًا لَهُ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَالْأَقْرَبُ الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ جُمْلَةِ جَوَابِ الشَّرْطِ، فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ مَقُولِ الْقَوْلِ، وَتَكَرُّرُ الظِّهَارِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ، وَكَذَا عَلَى الثَّانِي؛ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِرَارًا، أَوْ أُلُوفًا حَيْثُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ بَابِ طَلَاقِ: غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَلْفَ مَرَّةٍ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا حَيْثُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ وَكَذَا فِي آخِرِ الْإِيلَاءِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَكْرَارِ هَذَا الْكَلَامِ بِقَدْرِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ، وَالْحَرَامُ إذَا كُرِّرَ مِرَارًا لَا يَقَعُ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ بَائِنٌ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ يَلْحَقُ مِثْلَهُ، وَالظِّهَارُ يَلْحَقُ الظِّهَارَ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَظِهَارُهَا مِنْهُ لَغْوٌ) أَيْ إذَا قَالَتْ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ أَنَا عَلَيْكَ كَظَهْرِ أُمِّك فَهُوَ لَغْوٌ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ إلَيْهَا ط (قَوْلُهُ: فَلَا حُرْمَةَ إلَخْ) بَيَانٌ لِكَوْنِهِ لَغْوًا أَيْ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا إذَا مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَا كَفَّارَةَ ظِهَارٍ وَلَا يَمِينٍ ط (قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى) مُقَابِلُهُ مَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ صِحَّةِ ظِهَارِهَا وَعَلَيْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ ط (قَوْلُهُ: إيجَابَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ) فَتَجِبُ بِالْحِنْثِ، وَقِيلَ: كَفَّارَةُ ظِهَارٍ، فَإِنْ كَانَ
(كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) ، أَوْ أُمِّكِ، وَكَذَا لَوْ حَذَفَ عَلَيَّ كَمَا فِي النَّهْرِ (أَوْ رَأْسُكِ) كَظَهْرِ أُمِّي (وَنَحْوِهِ) كَالرَّقَبَةِ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ (أَوْ نِصْفُك) وَنَحْوُهُ مِنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ (كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ كَبَطْنِهَا أَوْ كَفَخِذِهَا، أَوْ كَفَرْجِهَا، أَوْ كَظَهْرِ أُخْتِي، أَوْ عَمَّتِي، أَوْ فَرْجِ أُمِّي، أَوْ فَرْجِ بِنْتِي) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّرْحِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكْرَارِ. وَاَلَّذِي فِي نُسَخِ الْمَتْنِ، أَوْ فَرْجِ أَبِي بِالْبَاءِ أَوْ قَرِيبِي، وَقَدْ عَلِمْتَ رَدَّهُ (يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا) بِلَا نِيَّةٍ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ (فَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ وَدَوَاعِيهِ) لِلْمَنْعِ عَنْ التَّمَاسِّ الشَّامِلِ لِلْكُلِّ، وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ لَهُ تَقْبِيلُهَا لِلشَّفَقَةِ (حَتَّى يُكَفِّرَ)
ــ
[رد المحتار]
تَعْلِيقًا تَجِبُ مَتَى تَزَوَّجَتْ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي نِكَاحِهِ تَجِبُ لِلْحَالِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا الْعَزْمُ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ الْجِمَاعِ بَحْرٌ عَنْ ابْنِ وَهْبَانَ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْتِ عَلَيَّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَ " مِنِّي " وَ " عِنْدِي " وَ " مَعِي " كَعَلَيَّ (قَوْلُهُ: عَلَيَّ كَمَا فِي النَّهْرِ) أَيْ بَحْثًا مُخَالِفًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُظَاهِرًا. وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: لَا يَكُونُ ظِهَارًا مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الظِّهَارَ لِأَنَّ حَذْفَ الظَّرْفِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ جَائِزٌ، وَإِذَا نَوَاهُ صَحَّ، تَأَمَّلْ اهـ وَعَلَيْهِ فَهُوَ كِنَايَةُ ظِهَارٍ تَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ لِاحْتِمَالِ كَظَهْرِ أُمِّي عَلَى غَيْرِي (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: كُلُّ مَا صَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ كَانَ مُظَاهِرًا بِهِ، فَخَرَجَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ أَيْ وَنَحْوُهُمَا (قَوْلُهُ: كَظَهْرِ أُمِّي إلَخْ) أَيْ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ مُحَرَّمَةٍ تَأْبِيدًا كَمَا مَرَّ، فَخَرَجَ مَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْجَنْبِ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا. وَفِي الْخَانِيَّةِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَرُكْبَةِ أُمِّي فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ مُظَاهِرًا، وَلَوْ قَالَ: فَخِذُكِ كَفَخِذِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَكَذَا رَأْسُكِ كَرَأْسِ أُمِّي اهـ أَيْ لِفَقْدِ الشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ جِهَةِ الْمُشَبَّهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ مِنْ جِهَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكْرَارِ) وَذَلِكَ فِي فَرْجِ الْأُمِّ فَإِنَّهُ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ. وَأَجَابَ ط بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ " أَوْ فَرْجِ أُمِّي، أَوْ فَرْجِ بِنْتِي " أَنَّهُ ذَكَرَهُ مُرَدِّدًا بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي نُسَخِ الْمَتْنِ) أَيْ الْمُجَرَّدِ عَنْ الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا بِلَا نِيَّةٍ) أَيْ لَا يَكُونُ إلَّا ظِهَارًا، وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقًا فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى يُوصَفَ بِالنَّسْخِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا: إنَّهُ كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ جَعْلَهُ ظِهَارًا لَيْسَ نَاسِخًا بَحْرٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا فِيهِمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَا أَرَاك إلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ» فَنَزَلَتْ آيَةُ - {قَدْ سَمِعَ} [المجادلة: 1]- (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الصَّرِيحَ مَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْعُضْوِ دُرٌّ مُنْتَقًى، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ أَلْفَاظَ الْكِنَايَةِ قَالَ ط: فَيَصِحُّ ظِهَارُ الْهَازِلِ، وَلَا يُوجِبُ الظِّهَارُ نُقْصَانَ عَدَدِ الطَّلَاقِ وَلَا بَيْنُونَةً وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ هِنْدِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَدَوَاعِيهِ) مِنْ الْقُبْلَةِ وَالْمَسِّ وَالنَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ، أَمَّا الْمَسُّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَخَارِجٌ بِالْإِجْمَاعِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: لِلْمَنْعِ عَنْ التَّمَاسِّ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى - {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3]- فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِلْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ، وَلَا مُوجِبَ فِيهِ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ الْوَطْءُ لِإِمْكَانِ الْحَقِيقَةِ فَيَحْرُمُ الْكُلُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
قُلْت: وَخُرُوجُ الْمَسِّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ بِالْإِجْمَاعِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ) أَيْ إلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا وَلَا إلَى الشَّعْرِ وَالصَّدْرِ بَحْرٌ أَيْ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ بِخِلَافِ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِلشَّفَقَةِ) أَفَادَ أَنَّ التَّقْبِيلَ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا كَانَ عَنْ شَهْوَةٍ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْفَمِ لِأَنَّهُ عَلَى الْفَمِ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُكَفِّرَ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ فَيَحْرُمُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُؤَقَّتًا فَلَوْ مُؤَقَّتًا سَقَطَ بِمُضِيِّ.
وَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمِلْكِ يَمِينٍ، أَوْ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لِبَقَاءِ حُكْمِ الظِّهَارِ وَكَذَا اللِّعَانُ.
(فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ) تَابَ وَ (اسْتَغْفَرَ وَكَفَّرَ لِلظِّهَارِ فَقَطْ) وَقِيلَ عَلَيْهِ أُخْرَى لِلْوَطْءِ (وَلَا يَعُودُ) لِوَطْئِهَا ثَانِيًا (قَبْلَهَا) قَبْلَ الْكَفَّارَةِ (وَعَوْدُهُ) الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ (عَزْمُهُ) عَزْمًا مُؤَكَّدًا؛ فَلَوْ عَزَمَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَطَأَهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (عَلَى) اسْتِبَاحَةِ (وَطْئِهَا) أَيْ يَرْجِعُونَ عَمَّا قَالُوا فَيُرِيدُونَ الْوَطْءَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَوْدُ الرُّجُوعُ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ. .
(وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْوَطْءِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِهِ (وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ حَتَّى يُكَفِّرَ وَعَلَى الْقَاضِي إلْزَامُهُ بِهِ) بِالتَّكْفِيرِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا بِحَبْسٍ، أَوْ ضَرْبٍ إلَى أَنْ يُكَفِّرَ، أَوْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ قَالَ: كَفَّرْتُ صُدِّقَ مَا لَمْ يُعْرَفْ بِالْكَذِبِ،.
ــ
[رد المحتار]
الْوَقْتِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَفَادَ بِالْغَايَةِ أَيْ بِقَوْلِهِ حَتَّى يُكَفِّرَ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ تَعُودُ بِالظِّهَارِ؛ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَاهَا وَانْفَسَخَ الْعَقْدُ، أَوْ كَانَتْ حُرَّةً فَلَحِقَتْ مُرْتَدَّةً بِدَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا تَحِلُّ لَهُ مَا لَمْ يُكَفِّرْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا اللِّعَانُ) أَيْ تَبْقَى حُرْمَتُهُ مُؤَبَّدَةً، وَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ حَتَّى تُصَدِّقَهُ، أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، أَوْ يَخْرُجَا، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهَا أَمَةً، أَوْ مُرْتَدَّةً مُخْرِجٌ لَهَا عَنْ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ فَلَا يَصِحُّ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِهِمَا أَيْضًا فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: تَابَ وَاسْتَغْفَرَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ الِاسْتِغْفَارُ مَنْقُولٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ؛ وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّوْبَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ، وَهِيَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ اهـ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ حَدِيثٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ نَقَلَ نُوحٌ أَفَنَدِيٌّ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّهُ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ فَقَالَ بَابُ الظِّهَارِ. بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا يَعُودَ حَتَّى يُكَفِّرَ» . مَطْلَبٌ: بَلَاغَاتُ مُحَمَّدٍ رحمه الله مُسْنَدَةٌ
وَبَلَاغَاتُ مُحَمَّدٍ مُسْنَدَةٌ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَلَيْهِ أُخْرَى لِلْوَطْءِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِمَا فِي الْفَتْحِ: فَلَا تَجِبُ كَفَّارَتَانِ كَمَا نُقِلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَبِيصَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ، وَلَا ثَلَاثَ كَفَّارَاتٍ كَمَا هُوَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعُودُ إلَخْ) فَإِنْ عَادَ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ أَيْضًا لِقِيَامِ الْحُرْمَةِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ (قَوْلُهُ: عَزْمًا مُؤَكَّدًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ ط (قَوْلُهُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ الْعَزْمِ الْمُؤَكَّدِ لَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْعَزْمِ ثُمَّ سَقَطَتْ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهَا بَعْدَ سُقُوطِهَا لَا تَعُودُ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ، لَكِنْ فِيهِ فِي الْبَابِ الْآتِي: وَلَوْ عَزَمَ ثُمَّ أَبَانَهَا سَقَطَتْ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِهِ عَنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ مُسَامَحَةً (قَوْلُهُ: عَلَى اسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا) قَدَّرَ " اسْتِبَاحَةِ " لِقَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ: وَمُرَادُ الْمَشَايِخِ مِنْ قَوْلِهِمْ الْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا الْعَزْمُ عَلَى اسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا لَا الْعَزْمُ عَلَى نَفْسِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ - {ثُمَّ يَعُودُونَ} [المجادلة: 3]- لِنَقْضِ مَا قَالُوا وَرَفْعِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِاسْتِبَاحَتِهَا بَعْدَ تَحْرِيمِهَا لِكَوْنِهِ ضِدًّا لِلْحُرْمَةِ لَا نَفْسَ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ يَرْجِعُونَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يَعُودُونَ، وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِأَوْ الْعَاطِفَةِ بَدَلَ " أَيْ " التَّفْسِيرِيَّةِ لِأَنَّ تَفْسِيرَ الْعَوْدِ بِالْعَزْمِ عَلَى اسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ يَعُودُونَ لِضِدِّ، أَوْ لِنَقْضِ مَا قَالُوا كَمَا مَرَّ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ آخَرُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْفَرَّاءِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَاضِي إلْزَامُهُ بِهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْإِجْبَارِ عَلَى التَّكْفِيرِ إلَّا الْوَطْءُ، وَالْوَطْءُ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمُرِ كَمَا مَرَّ فِي الْقَسَمِ، وَهَذَا لَوْ صَارَ عِنِّينًا بَعْدَمَا وَطِئَهَا مَرَّةً لَا يُؤَجَّلُ قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ الظِّهَارِ أَبَدًا بَعِيدٌ. وَقَدْ يُقَالُ فَائِدَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى التَّكْفِيرِ رَفْعُ الْمَعْصِيَةِ اهـ أَيْ إنَّ الظِّهَارَ مَعْصِيَةٌ حَامِلَةٌ لَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ حَقِّهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهِ دِيَانَةً فَيَأْمُرُهُ بِرَفْعِهَا لِتَحِلَّ لَهُ كَمَا يَأْمُرُ الْمُولِيَ مِنْ امْرَأَتِهِ بِقُرْبَانِهَا فِي الْمُدَّةِ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا بَانَتْ مِنْهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: بِحَبْسٍ، أَوْ ضَرْبٍ) أَيْ بِحَبْسِهِ أَوَّلًا، فَإِنْ
وَلَوْ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ سَقَطَ بِمُضِيِّهِ، وَتَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تُبْطِلُهُ، بِخِلَافِ مَشِيئَةِ فُلَانٍ.
(وَإِنْ نَوَى بِأَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي) ، أَوْ كَأُمِّي، وَكَذَا لَوْ حَذَفَ عَلَيَّ خَانِيَّةٌ (بِرًّا، أَوْ ظِهَارًا، أَوْ طَلَاقًا صَحَّتْ نِيَّتُهُ) وَوَقَعَ مَا نَوَاهُ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ (وَإِلَّا) يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ حَذَفَ الْكَافَ (لَغَا) وَتَعَيَّنَ الْأَدْنَى أَيْ الْبِرُّ، يَعْنِي الْكَرَامَةَ. وَيُكْرَهُ قَوْلُهُ أَنْتِ أُمِّي وَيَا ابْنَتِي وَيَا أُخْتِي وَنَحْوَهُ (وَبِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي صَحَّ مَا نَوَاهُ مِنْ ظِهَارٍ، أَوْ طَلَاقٍ) وَتُمْنَعُ إرَادَةُ الْكَرَامَةِ لِزِيَادَةِ لَفْظِ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ
ــ
[رد المحتار]
أَبَى ضَرَبَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ إلَخْ) فَلَوْ أَرَادَ قُرْبَانَهَا دَاخِلَ الْوَقْتِ لَا يَجُوزُ بِلَا كَفَّارَةٍ بَحْرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَقْتَ إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إيلَاءً لِعَدَمِ رُكْنِهِ وَهُوَ الْحَلِفُ، أَوْ التَّعْلِيقُ بِمُشِقٍّ ط وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي الزَّيْلَعِيِّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ " إنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ " فَاسِدٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ مَحْضٌ وَالْيَمِينُ تَصَرُّفٌ مَشْرُوعٌ مُبَاحٌ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى الْمُظَاهِرِ إيلَاءٌ وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَشِيئَةِ فُلَانٍ) فَإِنَّهَا لَا تُبْطِلُهُ بَلْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فِي الْمَجْلِسِ كَانَ ظِهَارًا كَمَا فِي النَّهْرِ ح.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى إلَخْ) بَيَانٌ لِكِنَايَاتِ الظِّهَارِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ تَصْرِيحَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْعُضْوِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ) أَيْ مِنْ كِنَايَاتِ الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ بَائِنًا كَلَفْظِ الْحَرَامِ، وَإِنْ نَوَى الْإِيلَاءَ فَهُوَ إيلَاءٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَظِهَارٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ظِهَارٌ عِنْدَ الْكُلِّ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُؤَكَّدٌ بِالتَّشْبِيهِ. اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ فِي " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي "، وَالْكَلَامُ فِي مُجَرَّدِ أَنْتِ كَأُمِّي اهـ أَيْ بِدُونِ لَفْظِ " حَرَامٌ ". قُلْت: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُرَادَةٌ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ صَرِيحًا. هَذَا، وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَكَذَا لَوْ نَوَى الْحُرْمَةَ الْمُجَرَّدَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ قَضَاءً فِي إرَادَةِ الْبِرِّ إذَا كَانَ فِي حَالِ الْمُشَاجَرَةِ وَذِكْرِ الطَّلَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَذَفَ الْكَافَ) بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ أُمِّي، وَمِنْ بَعْضِ الظَّنِّ جَعْلُهُ مِنْ بَابِ زَيْدٌ أَسَدٌ دُرٌّ مُنْتَقًى عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ.
قُلْت: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَذْكُرُهُ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْأَدَاةِ (قَوْلُهُ: لَغَا) لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ فِي حَقِّ التَّشْبِيهِ فَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مُرَادٌ مَخْصُوصٌ لَا يُحْكَمُ بِشَيْءٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) جَزَمَ بِالْكَرَاهَةِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ: وَفِي أَنْتِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ يَا أُخَيَّةُ مَكْرُوهٌ. وَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخَيَّةُ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ» وَمَعْنَى النَّهْيِ قُرْبُهُ مِنْ لَفْظِ التَّشْبِيهِ، وَلَوْلَا هَذَا الْحَدِيثُ لَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ هُوَ ظِهَارٌ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي أَنْتِ أُمِّي أَقْوَى مِنْهُ مَعَ ذِكْرِ الْأَدَاةِ، وَلَفْظُ " يَا أُخَيَّةُ " اسْتِعَارَةٌ بِلَا شَكٍّ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّشْبِيهِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ أَفَادَ كَوْنَهُ لَيْسَ ظِهَارًا حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ حُكْمًا سِوَى الْكَرَاهَةِ وَالنَّهْيِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كَوْنِهِ ظِهَارًا مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَدَاةِ التَّشْبِيهِ شَرْعًا، وَمِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَا بِنْتِي، أَوْ يَا أُخْتِي وَنَحْوَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ ظِهَارٍ) لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا فِي الْحُرْمَةِ بِأُمِّهِ وَهُوَ إذَا شَبَّهَهَا بِظَهْرِهَا يَكُونُ مُظَاهِرًا فَبِكُلِّهَا أَوْلَى نَهْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَبِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالنِّيَّةِ، أَوْ دَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ: كَأُمِّي تَأْكِيدٌ لِلْحُرْمَةِ؛ وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ قَامَتْ دَلَالَةٌ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ، بِأَنْ سَأَلَتْهُ إيَّاهُ وَقَالَ نَوَيْت الظِّهَارَ نَهْرٌ.
قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ، لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ تُقَدَّمُ عَلَى النِّيَّةِ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ الْأَدْنَى لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ تَأَمَّلْ هَذَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا نَوَى الْإِيلَاءَ، أَوْ مُجَرَّدَ التَّحْرِيمِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ: وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ لَا غَيْرُ صَحَّتْ نِيَّتُهُ. وَفِيهَا عَنْ الْخَانِيَّةِ: إنْ نَوَى الطَّلَاقَ، أَوْ الظِّهَارَ أَوْ الْإِيلَاءَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ نِيَّةِ التَّحْرِيمِ يَكُونُ إيلَاءً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَظِهَارًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَعَلَى مَا صُحِّحَ فِيمَا تَقَدَّمَ.
ثَبَتَ الْأَدْنَى وَهُوَ الظِّهَارُ فِي الْأَصَحِّ (وَبِأَنْتِ عَلَيَّ) حَرَامٌ (كَظَهْرِ أُمِّي ثَبَتَ الظِّهَارُ لَا غَيْرُ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ
(وَلَا ظِهَارَ) صَحِيحٌ (مِنْ أَمَتِهِ وَلَا مِمَّنْ نَكَحَهَا بِلَا أَمْرِهَا ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ أَجَازَتْ) لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ.
(أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ مِنْهُنَّ) إجْمَاعًا (وَكَفَّرَ لِكُلٍّ) وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: يَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَالْإِيلَاءِ.
(ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجَالِسَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ، فَإِنْ عَنَى التَّكْرَارَ) وَالتَّأْكِيدَ (فَإِنْ بِمَجْلِسٍ صُدِّقَ) قَضَاءً (وَإِلَّا لَا) عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَهُ بِنِكَاحِهَا كَمَا مَرَّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة.
[فُرُوعٌ]
" أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كُلَّ يَوْمٍ " اتَّحَدَ، وَلَوْ أَتَى بِفِي تَجَدَّدَ وَلَهُ قُرْبَانُهَا لَيْلًا، وَلَوْ قَالَ: كَظَهْرِ أُمِّي الْيَوْمَ وَكُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ فَكُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ صَارَ مُظَاهِرًا ظِهَارًا آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ، وَمَتَى عَلَّقَ بِشَرْطٍ مُتَكَرِّرٍ تَكَرَّرَ؛
ــ
[رد المحتار]
يَكُونُ ظِهَارًا عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ، لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُؤَكَّدٌ بِالتَّشْبِيهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فِي دِيَارِنَا. اهـ.
قُلْت: وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِنْ أَرَادَ التَّحْرِيمَ وَلَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ فَهُوَ ظِهَارٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثَبَتَ الْأَدْنَى) لِعَدَمِ إزَالَتِهِ مِلْكَ النِّكَاحِ وَإِنْ طَالَ ط (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُؤَكَّدٌ بِالتَّشْبِيهِ كَمَا مَرَّ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَكُونُ إيلَاءً، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ) لِأَنَّ فِيهِ التَّصْرِيحَ بِالظَّهْرِ، فَكَانَ مُظَاهِرًا سَوَاءٌ نَوَى الطَّلَاقَ، أَوْ الْإِيلَاءَ، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بَحْرٌ. وَعِنْدَهُمَا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ، أَوْ الْإِيلَاءَ فَعَلَى مَا نَوَى. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ الظِّهَارِ، وَكَذَا إذَا أَرَادَ بِهِ الْيَمِينَ فَيَكُونُ مُولِيًا وَمُظَاهِرًا تَتَارْخَانِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَمَتِهِ) أَيْ لَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ مِنْهَا ابْتِدَاءً، أَمَّا بَقَاءً فَيَصِحُّ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَقِيَ الظِّهَارُ لِأَنَّ حُرْمَةَ الظِّهَارِ إذَا صَادَفَتْ الْمَحَلَّ لَا تَزُولُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَجَازَتْ) أَيْ أَجَازَتْ النِّكَاحَ، وَإِنَّمَا بَطَلَ الظِّهَارُ لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي التَّشْبِيهِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ بِالْإِرَادَةِ ظِهَارُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: كَالْإِيلَاءِ) فَإِنَّهُ لَوْ آلَى مِنْهُنَّ كَانَ مُولِيًا مِنْهُنَّ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي الظِّهَارِ لِرَفْعِ الْحُرْمَةِ، وَهِيَ مُتَعَدِّدَةٌ بِتَعَدُّدِهِنَّ، وَفِي الْإِيلَاءِ لِهَتْكِ حُرْمَةِ الِاسْمِ الْكَرِيمِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُتَعَدِّدٍ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ بِمَجْلِسٍ صُدِّقَ قَضَاءً إلَخْ) أَقُولُ: الَّذِي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَوْ كَرَّرَ الظِّهَارَ مِنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجَالِسَ تَتَكَرَّرُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِهِ إلَّا إنْ نَوَى بِمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ تَأْكِيدًا فَيُصَدَّقُ قَضَاءً فِيهِمَا لَا كَمَا قِيلَ فِي الْمَجْلِسِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ السِّرَاجِ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ فُرِّقَ بَيْنَ الْمَجْلِسِ وَالْمَجَالِسِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ، ثُمَّ رَأَيْتُ ط نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ يَتَكَرَّرُ الظِّهَارُ وَالْكَفَّارَةُ لَوْ عَلَّقَهُ بِنِكَاحِهَا بِمَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ: لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي مِائَةَ مَرَّةٍ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ مُتَكَرِّرٍ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ: اتَّحَدَ) أَيْ كَانَ ظِهَارًا وَاحِدًا بَحْرٌ فَيَبْطُلُ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ هِنْدِيَّةٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا لَيْلًا. اهـ. ط أَيْ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ ظِهَارٌ مُؤَبَّدٌ (قَوْلُهُ: تَجَدَّدَ) أَيْ الظِّهَارُ كُلَّ يَوْمٍ، فَإِذَا مَضَى يَوْمٌ بَطَلَ ظِهَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ مُظَاهِرًا فِي الْيَوْمِ الْآخَرِ، وَلَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا لَيْلًا بَحْرٌ لِأَنَّ الظَّرْفَ فِيهِ مَعْنَى الشَّرْطِ. اهـ. ط. وَإِذَا عَزَمَ عَلَى وَطْئِهَا نَهَارًا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ دُونَ مَا مَضَى لِبُطْلَانِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَكُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ صَارَ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ سَقَطٌ يُوَضِّحُهُ مَا فِي الْبَحْرِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي الْيَوْمَ، وَكُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا الْيَوْمَ، وَإِذَا مَضَى بَطَلَ هَذَا الظِّهَارُ، وَلَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي اللَّيْلِ فَإِذَا جَاءَ غَدٌ كَانَ مُظَاهِرًا ظِهَارًا آخَرَ دَائِمًا غَيْرَ مُوَقَّتٍ، وَكَذَلِكَ كُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ صَارَ مُظَاهِرًا ظِهَارًا آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يُكَفِّرَ لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ إذَا عَزَمَ فِيهِ، ثُمَّ بَعْدَهُ إذَا عَزَمَ يُكَفِّرُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَيَّامِ السَّابِقَةِ عَلَى يَوْمِ عَزْمِهِ لِبَقَاءِ ظِهَارِ كُلِّ يَوْمٍ مَعَ تَجَدُّدِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ، لِأَنَّ كُلَّمَا لِتَكْرَارِ الْأَفْعَالِ، بِخِلَافِ كُلٍّ لِأَنَّهَا لِعُمُومِ الْأَفْرَادِ: أَيْ الْأَيَّامِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطٍ مُتَكَرِّرٍ)