الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْجَوْهَرَةِ: كَرَّرَ " وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ " ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ؛ وَإِنْ نَوَى التَّكْرَارَ اتَّحَدَا؛ وَإِلَّا فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ وَالْيَمِينُ ثَلَاثٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ تَعَدَّدَ الْإِيلَاءُ وَالْيَمِينُ.
بَابُ الْخُلْعِ
(هُوَ) لُغَةً الْإِزَالَةُ، وَاسْتُعْمِلَ فِي إزَالَةِ الزَّوْجِيَّةِ بِالضَّمِّ وَفِي غَيْرِهِ بِالْفَتْحِ. وَشَرْعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ (إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ) خَرَجَ بِهِ الْخُلْعُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَبَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالرِّدَّةِ فَإِنَّهُ لَغْوٌ كَمَا فِي الْفُصُولِ
ــ
[رد المحتار]
وَقَالَ ح: الْفَرْقُ هُوَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ حَرَّمَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ وَتَحْرِيمُهُمَا تَحْرِيمٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَفِي قَوْلِهِ لَا أَقْرَبُكُمَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ قُرْبَانِهِمَا جَمِيعًا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْئِهِمَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْفَرْقِ صَاحِبُ النَّهْرِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ حَرَّمَ مِلْكَهُ لَمْ يُحَرَّمْ، حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ " أَكْلُ هَذَا الرَّغِيفِ عَلَيَّ حَرَامٌ " وَبَيْنَ " لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ " بِأَنَّ بِتَحْرِيمِهِ الرَّغِيفَ عَلَى نَفْسِهِ حَرَّمَ أَجْزَاءَهُ أَيْضًا، وَفِي الثَّانِي إنَّمَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَكْلِ الرَّغِيفِ كُلِّهِ فَلَا يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْخَانِيَّةِ. قَالَ مَشَايِخُنَا: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لُقْمَةٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا الرَّغِيفُ عَلَيَّ حَرَامٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ اهـ أَيْ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ، لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاسْمِهِ تَعَالَى وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا أُلْحِقَ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى التَّكْرَارَ) أَيْ التَّأْكِيدَ اتَّحَدَا أَيْ يَكُونُ الْإِيلَاءُ وَاحِدًا وَيَمِينًا وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَبْهَا فِي الْمُدَّةِ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَإِنْ قَرِبَهَا فِيهَا لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ أَرَادَ التَّشْدِيدَ وَالتَّغْلِيظَ وَهُوَ الِابْتِدَاءُ دُونَ التَّكْرَارِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْإِيلَاءُ ثَلَاثًا أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، حَتَّى إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهَا تَبِينُ بِتَطْلِيقَةٍ ثُمَّ عَقِيبَهَا تَبِينُ بِأُخْرَى ثُمَّ بِأُخْرَى إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا: الْإِيلَاءُ وَاحِدٌ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْمُدَّةَ لَمَّا كَانَتْ مُتَّحِدَةً كَانَ الْمَنْعُ مُتَّحِدًا فَلَا يَتَكَرَّرُ الْإِيلَاءُ، وَيَجِبُ بِالْقُرْبَانِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ إجْمَاعًا لِأَنَّ الشَّرْطَ الْوَاحِدَ يَكْفِي لِأَيْمَانٍ كَثِيرَةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[بَابُ الْخُلْعِ]
ِ أَخَّرَهُ عَنْ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ لِتَجَرُّدِهِ عَنْ الْمَالِ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّ مَبْنَى الْإِيلَاءِ نُشُوزٌ مِنْ قِبَلِهِ وَالْخُلْعُ نُشُوزٌ مِنْ قِبَلِهَا غَالِبًا، فَقَدَّمَ مَا بِالرَّجُلِ عَلَى مَا بِالْمَرْأَةِ عِنَايَةً (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْإِزَالَةُ إلَخْ) يُقَالُ: خَلَعْت النَّعْلَ وَغَيْرَهُ خَلْعًا نَزَعْته، وَخَالَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مُخَالَعَةً إذَا افْتَدَتْ مِنْهُ فَخَلَعَهَا هُوَ خَلْعًا وَالِاسْمُ الْخُلْعُ بِالضَّمِّ وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ مِنْ خَلْعِ اللِّبَاسِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِبَاسٌ لِلْآخَرِ، فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ نَزَعَ لِبَاسَهُ عَنْهُ بَحْرٌ عَنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُعْمِلَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالضَّمِّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ اسْمُ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْمِصْبَاحِ وَأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لُغَوِيٌّ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْإِطْلَاقَ رَفْعُ الْقَيْدِ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ خُصَّ الطَّلَاقُ لُغَةً بِرَفْعِ قَيْدِ النِّكَاحِ وَاسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) الْأَنْسَبُ وَفِي غَيْرِهَا ط (قَوْلُهُ: مِلْكِ النِّكَاحِ) شَمِلَ مَا لَوْ خَالَعَ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا بِمَالٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ الْمَالُ بَحْرٌ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَغْوٌ) لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا يُفِيدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ، وَبِالْبَيْنُونَةِ وَالرِّدَّةِ حَصَلَتْ الْإِزَالَةُ قَبْلَهُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْخُلْعِ إزَالَةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ الْخُلْعِ وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَى النِّكَاحِ فِي الرِّدَّةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ. قُلْت: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: نَكَحَهَا
(الْمُتَوَقِّفَةُ عَلَى قَبُولِهَا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: خَلَعْتُكِ - نَاوِيًا الطَّلَاقَ - فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا غَيْرَ مُسْقِطٍ لِلْحُقُوقِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ خَالَعْتكِ بِلَفْظِ الْمُفَاعَلَةِ، أَوْ " اخْتَلِعِي " بِالْأَمْرِ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَقَبِلَتْ فَإِنَّهُ خُلْعٌ مُسْقِطٌ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ قَبَضَتْ الْبَدَلَ رَدَّتْهُ خَانِيَّةٌ.
ــ
[رد المحتار]
فَاسِدًا فَوَطِئَهَا فَاخْتَلَعَتْ بِالْمَهْرِ قِيلَ يَسْقُطُ إذْ الْخُلْعُ يُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْإِبْرَاءِ لِأَنَّ الْخُلْعَ وُضِعَ لِهَذَا، وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَغَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ فِي النِّكَاحِ الْقَائِمِ اهـ. وَفِي الْبَحْرِ أَيْضًا: وَلَوْ خَالَعَهَا بِمَالٍ ثُمَّ خَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَكِنْ يُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ الْخُلْعِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ وَبَيْنَ مَا إذَا طَلَّقَهَا بِمَالٍ بَعْدَ الْخُلْعِ حَيْثُ يَقَعُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ آخِرَ الْكِنَايَاتِ. اهـ.
قُلْت: قَدَّمْنَا الْفَرْقَ هُنَاكَ، وَهُوَ أَنَّ الْخُلْعَ بَائِنٌ وَهُوَ لَا يَلْحَقُ مِثْلَهُ، وَالطَّلَاقَ بِمَالٍ صَرِيحٌ فَيَلْحَقُ الْخُلْعَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْمَالُ هُنَا لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا كَانَتْ تَمْلِكُ بِهِ نَفْسَهَا وَلِذَا يَقَعُ الْبَائِنُ. وَإِذَا طَلَّقَهَا بِمَالٍ بَعْدَ الْخُلْعِ لَمْ يُفِدْ الطَّلَاقُ مِلْكَهَا نَفْسَهَا لِحُصُولِهِ بِالْخُلْعِ قَبْلَهُ، وَلِذَا لَزِمَ الْمَالُ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا بِمَالٍ ثُمَّ خَلَعَهَا وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: الْمُتَوَقِّفَةُ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِإِزَالَةِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى قَبُولِهَا: أَيْ الْمَرْأَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَ بِلَفْظِ خَالَعْتكِ، أَوْ اخْتَلِعِي. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَقَدْ خَالِعَتك عَلَى أَلْفٍ فَدَخَلَتْ الدَّارَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفٍ يُرِيدُ بِهِ إذَا قَبِلَتْ عِنْدَ الدُّخُولِ اهـ. وَمُفَادُهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْقَبُولِ قَبْلَ الشَّرْطِ كَمَا نَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ خَلَعْتُكِ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَالَ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ عَلَى مَالٍ لَزِمَ قَبُولُهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ النِّيَّةِ، أَوْ دَلَالَةِ الْحَالِ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ صَارَ كَالصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُسْقِطٍ لِلْحُقُوقِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خَالَعْتكِ إلَخْ) كَانَ أَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ مَا إذَا ذَكَرَ الْمَالَ، أَوْ قَالَ خَالَعْتكِ إلَخْ. وَأَفَادَ أَنَّ التَّعْرِيفَ خَاصٌّ بِالْخُلْعِ الْمُسْقِطِ لِلْحُقُوقِ، فَقَوْلُهُ: خَلَعْتُكِ بِلَا ذِكْرِ مَالٍ لَا يُسَمَّى خُلْعًا شَرْعًا بَلْ هُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى قَبُولِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا ذَكَرَ مَعَهُ الْمَالَ بِلَفْظِ الْمُفَاعَلَةِ، أَوْ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِهَا كَمَا يَأْتِي. وَالظَّاهِرُ أَنَّ " خَالَعْتكِ " بِلَفْظِ الْمُفَاعَلَةِ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ لِسُقُوطِ الْمَهْرِ لَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ فِي الْوُقُوعِ بَيْنَ خَالَعْتكِ وَخَلَعْتُك وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ تَأَمَّلْ، وَفِي حِكْمَةِ الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ خُلْعًا، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَالِ بَيْنَ خَلَعْتُكِ وَخَالَعْتُكِ وَأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا يُسَمَّى خُلْعًا، وَلَا كُلُّ مَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَيُسْقِطُ الْحُقُوقَ. [تَنْبِيهٌ] :
فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا: مُطْلَقُ لَفْظِ الْخُلْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ؛ حَتَّى لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اخْلَعْ امْرَأَتِي فَخَلَعَهَا بِلَا عِوَضٍ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلِعِي إلَخْ) إذَا قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَكِ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَقُولَ بِكَذَا فَخَلَعَتْ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ بَعْدَهُ: أَجَزْتُ، أَوْ قَبِلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ؛ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ بِمَالٍ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ، أَوْ بِمَا شِئْتِ فَقَالَتْ: خَلَعْتُ نَفْسِي بِكَذَا، فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَتِمُّ الْخُلْعُ مَا لَمْ يَقْبَلْ بَعْدَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ اخْلَعِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَخَلَعَتْ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَمْ يَكُنْ خُلْعًا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ تَطْلُقُ بِلَا بَدَلٍ، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ.
وَالرَّابِعُ أَنْ يَقُولَ بِلَا مَالٍ فَخَلَعَتْ يَتِمُّ بِقَوْلِهَا، وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ الْخِلَافَ الْمَارَّ، وَذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَخَذَ بِهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، فَمَا فِيهَا خِلَافُ مَا عَزَاهُ إلَيْهَا، نَعَمْ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ: خَالِعَتك فَقَبِلَتْ بَرِئَ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرٌ رَدَّتْ مَا سَاقَ
(بِلَفْظِ الْخُلْعِ) خَرَجَ الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْقِطٍ فَتْحٌ، وَزَادَ قَوْلَهُ (أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ) لِيُدْخِلَ لَفْظَ الْمُبَارَأَةِ فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ كَمَا سَيَجِيءُ، وَلَفْظَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الصُّغْرَى خِلَافًا لِلْخَانِيَّةِ، وَأَفَادَ التَّعْرِيفُ صِحَّةَ خُلْعِ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا. (وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ) لِلشِّقَاقِ بِعَدَمِ الْوِفَاقِ (بِمَا يَصْلُحُ لِلْمَهْرِ) بِغَيْرِ عَكْسٍ كُلِّيٍّ لِصِحَّةِ الْخُلْعِ بِدُونِ الْعَشَرَةِ وَبِمَا فِي يَدِهَا وَبَطْنِ غَنَمِهَا وَجَوَّزَ الْعَيْنِيُّ انْعِكَاسَهَا.
(وَ) شَرْطُهُ كَالطَّلَاقِ
ــ
[رد المحتار]
إلَيْهَا، كَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْفَضْلِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِعِوَضٍ اهـ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الْخُلْعِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِزَالَةِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْقِطٍ) أَيْ لِلْمَهْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، نَعَمْ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَلَوْ مَفْرُوضَةً كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَجِيءُ) فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ كَذَلِكَ) أَيْ خُلْعٌ مُسْقِطٌ لِلْحُقُوقِ بَحْرٌ. قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ: وَذَكَرَ فِي الْمُلْتَقَطِ: لَوْ قَالَ بِعْت مِنْكِ نَفْسَكِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا فَقَالَتْ: اشْتَرَيْتُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ وَتَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ سَقَطَ مَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ. اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْخَانِيَّةِ) حَيْثُ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْخُلْعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَهْرِ إلَّا بِذِكْرِهِ، وَفِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ التَّعْرِيفُ إلَخْ) لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ، فَلَا يُكْرَهُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ الْعِوَضِ إلَّا بِهِ بَحْرٌ أَوَّلُ كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: لِلشِّقَاقِ) أَيْ لِوُجُودِ الشِّقَاقِ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَالتَّخَاصُمُ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: السُّنَّةُ إذَا وَقَعَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ اخْتِلَافٌ أَنْ يَجْتَمِعَ أَهْلُهُمَا لِيُصْلِحُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا جَازَ الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ. اهـ. ط، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ، وَقَدْ أَوْضَحَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ آخِرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَصْلُحُ لِلْمَهْرِ) هَذَا التَّرْكِيبُ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الْبَدَلِ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَعَلُّقُهُ بِإِزَالَةِ، مَعَ أَنَّك عَلِمْت أَنَّهُ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ فَقَبِلَتْ تَمَّ الْخُلْعُ بِلَا ذِكْرِ بَدَلٍ، وَبِهَذَا اعْتَرَضَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ حَيْثُ ذَكَرَ التَّعْرِيفُ قَوْلَهُ بِبَدَلٍ، ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَهْرُهَا الَّذِي سَقَطَ بِهِ بَدَلٌ فَلَمْ يَعْرَ عَنْ الْبَدَلِ اهـ. وَالْأَوْلَى تَعْبِيرُ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ وَمَا صَلُحَ مَهْرًا صَلُحَ بَدَلَ الْخُلْعِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ فِي الْخُلْعِ بَدَلٌ يَصْلُحُ جَعْلُهُ مَهْرًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْعِوَضُ فِيهِ تَطْلُقُ بَائِنًا مَجَّانًا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ عَكْسٍ كُلِّيٍّ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا لَا يَصْلُحُ بَدَلَ الْخُلْعِ لِأَنَّ بَعْضَ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا يَصْلُحُ بَدَلَ خُلْعٍ كَمَا مَثَّلَ، فَالْكُلِّيَّةُ كَاذِبَةٌ، نَعَمْ يَصْدُقُ عَكْسُهَا مُوجِبَةً جُزْئِيَّةً كَبَعْضِ مَا يَصْلُحُ بَدَلَ خُلْعٍ يَصْلُحُ مَهْرًا (قَوْلُهُ: وَجَوَّزَ الْعَيْنِيُّ انْعِكَاسَهَا) أَيْ كُلِّيَّةً تَبَعًا لِقَوْلِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنَّهُ مُطَّرِدٌ مُنْعَكِسٌ كُلِّيًّا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ طَرْدِ الْكُلِّيِّ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا لَيْسَ فِيهِ جَهَالَةٌ مُسْتَتِمَّةٌ وَمَا دُونَ الْعَشَرَةِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَمِنْ عَكْسِ الْكُلِّيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا أَوْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَهَالَةٌ مُسْتَتِمَّةٌ وَمَا دُونَ الْعَشَرَةِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ لَيْسَ فِيهِ جَهَالَةٌ، فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ لَا عَلَى الطَّرْدِ الْكُلِّيِّ وَلَا عَلَى عَكْسِهِ اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ: لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّلَاحِيَةَ الْمُطْلَقَةَ هِيَ الْكَامِلَةُ، وَكَوْنُ مُطْلَقِ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ خَالِيًا عَنْ الْكَمِّيَّةِ يَصْلُحُ مَهْرًا مَمْنُوعٌ فَلِذَا مَنَعَ الْمُحَقِّقُونَ انْعِكَاسَهَا كُلِّيَّةً.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ كَالطَّلَاقِ) وَهُوَ أَهْلِيَّةُ الزَّوْجِ وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ مُنَجَّزًا، أَوْ مُعَلَّقًا عَلَى الْمِلْكِ. وَأَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ: إذَا كَانَ بِعِوَضٍ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ، فَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ، وَلَا يُسْتَحَقُّ الْعِوَضُ بِدُونِ الْقَبُولِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ خَالِعَتك وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ وَنَوَى الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ
وَصِفَتُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ يَمِينٌ فِي جَانِبِهِ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِقَبُولِ الْمَالِ (فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ) عَنْهُ (قَبْلَ قَبُولِهَا، وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهُ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِهِ، وَيَقْتَصِرُ قَبُولُهَا عَلَى مَجْلِسِ عِلْمِهَا (وَفِي جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ) بِمَالٍ (فَصَحَّ رُجُوعُهَا) قَبْلَ قَبُولِهِ (وَ) صَحَّ (شَرْطُ الْخِيَارِ لَهَا) وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَحْرٌ
ــ
[رد المحتار]
وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بِلَا عِوَضٍ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ آخِرَ الْبَابِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ " خَالَعْتكِ " مِثْلُ " خَلَعْتُكِ " فِي أَنَّهُ بِلَا ذِكْرِ مَالٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا مَرَّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَوَقُّفُ لَفْظِ الْمُفَاعَلَةِ عَلَى الْقَبُولِ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ مُسْقِطًا لِلْحُقُوقِ، بِخِلَافِ " خَلَعْتُكِ " فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ وَلَوْ مَعَ الْقَبُولِ تَأَمَّلْ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ " خَالِعَتك " فَقَبِلَتْ يَقَعُ الْبَائِنُ، كَذَا إنْ لَمْ تَقْبَلْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِقَوْلِهِ خَالَعْتكِ. وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ: خَالَعْتكِ عَلَى كَذَا وَسَمَّى مَالًا مَعْلُومًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ تَقْبَلْ، كَمَا لَوْ قَالَ " طَلَّقْتُكِ " عَلَى أَلْفٍ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى الْقَبُولِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمَالَ فَلَا يَكُونُ مُعَلَّقًا عَلَى الْقَبُولِ مَعْنًى فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِقَبُولِ الْمَالِ) كَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ: خَالِعَتك عَلَى كَذَا وَسَمَّى مَالًا مَعْلُومًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ تَقْبَلْ، كَمَا لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يَقَعُ مَا لَمْ تَقْبَلْ اهـ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ فِي أَوَّلِ الْفُرُوعِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَخْ) أَيْ لَوْ ابْتَدَأَ الزَّوْجُ الْخُلْعَ، فَقَالَ خَالِعَتك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْهُ، وَكَذَا لَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ، وَلَا نَهْيَ الْمَرْأَةِ عَنْ الْقَبُولِ، وَلَهُ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِشَرْطٍ وَيُضِيفَهُ إلَى وَقْتٍ، مِثْلُ: إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدْ خَالِعَتك عَلَى كَذَا، أَوْ خَالِعَتك عَلَى كَذَا غَدًا، أَوْ رَأْسَ الشَّهْرِ وَالْقَبُولُ إلَيْهَا بَعْدَ قُدُومِ زَيْدٍ وَمَجِيءِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ تَطْلِيقٌ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَالْوَقْتِ فَكَانَ قَبُولُهَا قَبْلَ ذَلِكَ لَغْوًا بَدَائِعُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ) فَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ عَنْهُ قَبْلَ قَبُولِهَا بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَيَقْتَصِرُ قَبُولُهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ فُرُوعِ كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ جَانِبِهَا فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ، وَعِبَارَةُ الْبَدَائِعِ: وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَرْأَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ غَائِبَةً فَبَلَغَهَا فَلَهَا الْقَبُولُ لَكِنْ فِي مَجْلِسِهَا لِأَنَّهُ فِي جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَمِينٌ فِي جَانِبِهِ: أَيْ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ الطَّلَاقَ بَلْ هُوَ مِلْكُهُ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِالشَّرْطِ وَالطَّلَاقُ يَحْتَمِلُهُ وَلَا يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ وَلَا شَرْطَ الْخِيَارِ بَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ دُونَهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ.
وَأَمَّا فِي جَانِبِهَا فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِعِوَضٍ فَيُرَاعَى فِيهِ أَحْكَامُ مُعَاوَضَةِ الْمَالِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: فَصَحَّ رُجُوعُهَا) أَيْ إذَا كَانَ الِابْتِدَاءُ مِنْهَا، بِأَنْ قَالَتْ: اخْتَلَعَتْ نَفْسِي مِنْك بِكَذَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ قَبْلَ قَبُولِ الزَّوْجِ وَيَبْطُلُ بِقِيَامِهَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَبِقِيَامِهِ أَيْضًا، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، حَتَّى لَوْ بَلَغَهُ وَقَبِلَ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهَا) بِأَنْ قَالَ خَالِعَتك عَلَى كَذَا عَلَى أَنَّكِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبِلَتْ جَازَ الشَّرْطُ عِنْدَهُ، حَتَّى لَوْ اخْتَارَتْ فِي الْمُدَّةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَوَجَبَ الْمَالُ، وَإِنْ رَدَّتْ لَا يَقَعُ وَلَا يَجِبُ. وَعِنْدَهُمَا شَرْطُ الْخِيَارِ بَاطِلٌ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَالْمَالُ لَازِمٌ بَدَائِعُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ فِي الْخُلْعِ وَلَا فِي كُلِّ عَقْدٍ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَمَا فِي الْفُصُولِ. وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ فَثَابِتٌ فِي الْعَيْبِ الْفَاحِشِ، وَهُوَ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْجَوْدَةِ إلَى الْوَسَاطَةِ وَمِنْهَا إلَى الرَّدَاءَةِ دُونَ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ فِي الْبَيْعِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَشْفِ وَإِذَا أَطْلَقَا أَيْ ذِكْرَ الْمُدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِهَا فَقَطْ اسْتِنْبَاطًا مِمَّا إذَا أَطْلَقَا فِي الْبَيْعِ بَحْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْخِيَارَ الْمُطْلَقَ فَفِيهِ أَنَّ ثُبُوتَهُ فِي الْبَيْعِ مُقَيَّدٌ بِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ، أَمَّا عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ كَمَا فِي النَّهْرِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّ ذِكْرَهُ بَعْدَ قَبُولِهَا الْخُلْعَ لَا يُفِيدُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ تَمَامِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ لَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِ الْخُلْعِ