الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ
…
ثَلَاثٌ وَمَنْ يَخْرِقْ أَعَقَّ وَأَظْلَمَ
كَمْ يَقَعُ؟ فَقَالَ: إنْ رَفَعَ ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ نَصَبَهَا فَثَلَاثٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْمُغْنِي وَفِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْمُلْتَقَى
(وَبِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ فِي غَدٍ يَقَعُ عِنْدَ) طُلُوعِ (الصُّبْحِ، وَصَحَّ فِي الثَّانِي نِيَّةُ الْعَصْرِ) أَيْ آخِرَ النَّهَارِ (قَضَاءً وَصُدِّقَ
ــ
[رد المحتار]
فَبِينِي بِهَا إنْ كُنْتِ غَيْرَ رَفِيقَةٍ
…
وَمَا لِامْرِئٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ مُقَدَّمٌ
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي شَرْحِ الشَّوَاهِدِ لِلْجَلَالِ: الرِّفْقُ ضِدُّ الْعُنْفِ، يُقَالُ رَفَقَ بِفَتْحِ الْفَاءِ يَرْفُقُ بِضَمِّهَا. وَالْخُرْقُ: بِالضَّمِّ وَسُكُونِ الرَّاءِ الِاسْمُ؛ مِنْ خَرِقَ بِالْكِسَرِ يَخْرَقُ بِالْفَتْحِ خَرَقًا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالرَّاءِ: وَهُوَ ضِدُّ الرِّفْقِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ مَاضِيَهُ بِالْكَسْرِ كَفَرِحَ وَبِالضَّمِّ كَكَرُمَ وَأَيْمَنَ مِنْ الْيَمِينِ: وَهُوَ الْبَرَكَةُ، وَأَشْأَمَ مِنْ الشُّؤْمِ: وَهُوَ ضِدُّ الْيَمِينِ. وَذَكَرَ ابْنُ يَعِيشَ أَنَّ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي حَذْفَ الْفَاءِ وَالْمُبْتَدَأِ، أَيْ فَهُوَ أَعَقُّ وَإِنْ تَعْلِيلَةٌ وَاللَّامُ مُقَدَّرَةٌ: أَيْ لِأَجْلِ كَوْنَك غَيْرَ رَقِيقَةٍ، وَالْمُقَدَّمُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ قَدَّمَ بِمَعْنَى تَقَدَّمَ: أَيْ لَيْسَ لِأَحَدٍ تَقَدُّمٌ إلَى الْعِشْرَةِ وَالْأُلْفَةِ بَعْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ، إذْ بِهَا تَمَامُ الْفُرْقَةِ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ فَأَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَلَاقٌ) يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي: زَيْدٌ عَدْلٌ ط (قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ) أَيْ مَعْزُومٌ عَلَيْهِ لَيْسَ بِلَغْوٍ وَلَا لَعِبٍ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْمُغْنِي) حَيْثُ قَالَ: أَقُولُ: وَإِنَّ الصَّوَابَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ مُحْتَمِلٌ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ وَالْوَاحِدَةِ، أَمَّا الرَّفْعُ فَلِأَنَّ الـ فِي وَالطَّلَاقُ إمَّا لِمَجَازِ الْجِنْسِ كَ: زَيْدٌ الرَّجُلُ: أَيْ هُوَ الرَّجُلُ الْمُعْتَدُّ بِهِ، وَإِمَّا لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ أَيْ وَهَذَا الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ عَزِيمَةٌ ثَلَاثٌ، فَعَلَى الْعَهْدِيَّةِ تَقَعُ الثَّلَاثُ، وَعَلَى الْجِنْسِيَّةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ. وَأَمَّا النَّصْبُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ فَيَقْتَضِي وُقُوعَ الثَّلَاثِ، إذْ الْمَعْنَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا ثَلَاثًا ثُمَّ اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ: وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الْمُسْتَتِرِ فِي عَزِيمَةٌ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ إذَا كَانَ ثَلَاثًا بَلْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ، هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ. وَاَلَّذِي أَرَادَهُ الشَّاعِرُ الثَّلَاثَ لِقَوْلِهِ فَبِينِي بِهَا إلَخْ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الظَّاهِرَ فِي النَّصْبِ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ، وَفِي الرَّفْعِ الْعَهْدُ الذِّكْرِيُّ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ، وَلِذَا ظَهَرَ مِنْ الشَّاعِرِ أَنَّهُ أَرَادَهُ.
[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]
ِ (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ أَنْتِ إلَخْ) هَذَا عَقْدٌ لَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَصْلًا فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ (قَوْلُهُ يَقَعُ عِنْدَ طُلُوعِ الصُّبْحِ) أَيْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ لَا الْكَاذِبِ، وَلِكَوْنِهِ أَخَصَّ مِنْ الْفَجْرِ عَبَّرَ بِهِ. وَوَجْهُ الْوُقُوعِ عِنْدَ طُلُوعِهِ أَنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ الْغَدِ فَيَتَعَيَّنُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَصَحَّ فِي الثَّانِي نِيَّةُ الْعَصْرِ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِهِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ آخِرَ النَّهَارِ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ وَقْتَ الضَّحْوَةِ أَوْ الزَّوَالِ صُدِّقَ كَذَلِكَ ط (قَوْلُهُ قَضَاءً) وَقَالَا: لَا تَصِحُّ كَالْأَوَّلِ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهَا فِيهِمَا دِيَانَةً. وَالْفَرْقُ لَهُ عُمُومُ مُتَعَلِّقِهَا بِدُخُولِهَا مُقَدَّرَةً لَا مَلْفُوظًا بِهَا لِلْفَرْقِ لُغَةً بَيْنَ صُمْت سَنَةً وَفِي سَنَةٍ. وَشَرْعًا بَيْنَ لَأَصُومَنَّ عُمُرِي حَيْثُ لَا يَبَرُّ إلَّا بِصَوْمِ كُلِّهِ وَفِي عُمُرِي حَيْثُ يَبَرُّ بِسَاعَةٍ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ صُمْت شَهْرًا فَعَبْدُهُ حُرٌّ حَيْثُ يَقَعُ عَلَى صَوْمِ جَمِيعِهِ، بِخِلَافِ إنْ صُمْت فِي هَذَا الشَّهْرِ حَيْثُ يَقَعُ عَلَى صَوْمِ سَاعَةٍ مِنْهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، فَنِيَّةُ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ مَعَ ذِكْرِهَا نِيَّةُ الْحَقِيقَةِ وَمَعَ حَذْفِهَا نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ الزَّمَانُ فِي حَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَذْفِ وَالْإِثْبَاتِ كَصَمْتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي يَوْمِهَا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.
فِيهِمَا دِيَانَةً) وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ شَعْبَانَ أَوْ فِي شَعْبَانَ
(وَفِي أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا أَوْ غَدًا الْيَوْمَ اُعْتُبِرَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ) وَلَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ يَقَعُ فِي الْأَوَّلِ وَاحِدَةً وَفِي الثَّانِي ثِنْتَانِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَوْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ وَعَكْسَهُ، أَوْ الْيَوْمَ وَرَأْسَ الشَّهْرِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الطَّلَاقَ لِوَقْتَيْنِ كَائِنٍ وَمُسْتَقْبَلٍ بِحَرْفِ عَطْفٍ، فَإِنْ بَدَأَ بِالْكَائِنِ اتَّحَدَ أَوْ بِالْمُسْتَقْبَلِ تَعَدَّدَ، وَفِي أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِذَا جَاءَ غَدًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ غَدًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِلْحَالِ وَأُخْرَى فِي الْغَدِ
(أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوَّلًا أَوْ مَعَ مَوْتَى أَوْ مَعَ مَوْتِك لَغْوٌ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِحَرْفِ الشَّكِّ، وَأَمَّا
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَكَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَتَجَزَّأُ زَمَانُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ شُمُولِهِ مِثْلُ أَكَلْت يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِي يَوْمِهَا (قَوْلُهُ أَوْ فِي شَعْبَانَ) فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتْ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ وَإِنْ نَوَى آخِرَ شَعْبَانَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ) فَيَقَعُ فِي الْيَوْمِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي غَدٍ فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ بِذِكْرِهِ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ ثَبَتَ حُكْمُهُ تَنْجِيزًا فِي الْأَوَّلِ وَتَعْلِيقًا فِي الثَّانِي، فَلَا يَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ بِذِكْرِ الثَّانِي لِأَنَّ الْمُنَجَّزَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَلَا الْمُعَلَّقُ التَّنْجِيزَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَطَفَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَنَا إلَى إيقَاعِ الْأُخْرَى فِي الْأُولَى لِإِمْكَانِ وَصْفِهَا غَدًا بِطَلَاقٍ وَاقِعٍ عَلَيْهَا الْيَوْمَ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ فَيَقَعَانِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فِي اللَّيْلِ، وَكَذَا أَوَّلُ النَّهَارِ وَآخِرُهُ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ح (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ، يَعْنِي إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِالنَّهَارِ وَاللَّيْلِ أَوْ آخِرَ النَّهَارِ وَأَوَّلُهُ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ بِاللَّيْلِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَيْضًا، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ بِالنَّهَارِ أَوْ آخِرَ النَّهَارِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ فِي الْكُلِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح. قُلْت: وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمَعْطُوفِ بِلَفْظِ فِي لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ؛ وَلَوْ قَالَ لَيْلًا: أَنْتِ طَالِقٌ فِي لَيْلِك وَفِي نَهَارِك أَوْ قَالَ نَهَارًا: أَنْتِ طَالِقٌ فِي نَهَارِك وَفِي لَيْلِك طَلُقَتْ فِي كُلِّ تَطْلِيقَةٍ، فَإِذَا نَوَى وَاحِدَةً دِينَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ بِحَمْلِ لَفْظِ " فِي " عَلَى مَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ أَوْ الْيَوْمَ وَرَأْسَ الشَّهْرِ) أَيْ فَيَقَعُ وَاحِدَةً، وَلَوْ قَالَ: رَأْسَ الشَّهْرِ وَالْيَوْمَ فَثِنْتَانِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَكْسُهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ كَائِنٍ وَمُسْتَقْبَلٍ) كَالْيَوْمِ وَغَدًا، وَأَمَّا الْمَاضِي وَالْكَائِنُ كَأَمْسِ وَالْيَوْمِ فَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ لَهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلَ هَذَا الْيَوْمِ وَآخِرَهُ فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ عَكَسَ فَثِنْتَانِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ فِي آخِرِ الْيَوْمِ لَا يَكُونُ وَاقِعًا فِي أَوَّلِهِ فَيَقَعُ طَلَاقَانِ. (قَوْلُهُ اتَّحَدَ) لِأَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ الْيَوْمَ تَكُونُ طَالِقًا فِي غَدٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَدُّدِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْيَوْمَ وَغَدًا بِمَنْزِلَةِ وَقْتٍ وَاحِدٍ لِدُخُولِ اللَّيْلِ فِيهِ، بِخِلَافِ وَبَعْدَ غَدٍ فَهُمَا كَوَقْتَيْنِ، لِأَنَّ تَرْكَهُ يَوْمًا مِنْ الْبَيْنِ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِ تَطْلِيقًا آخَرَ فِي بَعْدِ الْغَدِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الْوَاحِدَةِ فِي الْيَوْمِ وَرَأْسِ الشَّهْرِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ فِي آخِرِ الْيَوْمِ مِنْ الشَّهْرِ فَلَا يُوجَدُ فَاصِلٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِلْحَالِ وَأُخْرَى فِي الْغَدِ) أَمَّا فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِذَا جَاءَ غَدٌ فَلِأَنَّ الْمَجِيءَ شَرْطٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِيقَاعِ وَالْمَعْطُوفُ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَالْمَوْقِعُ لِلْحَالِ لَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِشَرْطٍ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَعَلِّقُ تَطْلِيقَةً أُخْرَى، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْوَاوَ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَوَقَّفَ الْمُنَجَّزُ لِاتِّصَالِ مُغَيِّرِ الْأَوَّلِ بِالْآخَرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ غَدًا فَلِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِضْرَابِ إبْطَالَ الْمُنَجَّزِ وَلَا يُمْكِنُهُ إبْطَالُهُ وَيَقَعُ بِقَوْلِهِ بَلْ غَدًا أُخْرَى ح
(قَوْلُهُ فَلِحَرْفِ الشَّكِّ) هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَالثَّانِي آخِرًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَالثَّانِي أَوَّلًا تَطْلُقُ رَجْعِيَّةً لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْوَاحِدَةِ فَبَقِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ. وَلَهُمَا أَنَّ الْوَصْفَ مَتَى قُرِنَ بِذِكْرِ الْعَدَدِ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْعَدَدِ، بِدَلِيلِ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا
الثَّانِي فَلِإِضَافَتِهِ لِحَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلْإِيقَاعِ أَوْ الْوُقُوعِ (كَذَا أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك أَوْ أَمْسِ وَ) قَدْ (نَكَحَهَا الْيَوْمَ) وَلَوْ نَكَحَهَا قَبْلَ أَمْسٍ وَقَعَ الْآنَ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ فِي الْمَاضِي إنْشَاءٌ فِي الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ أَمْسِ وَالْيَوْمَ تَعَدَّدَ، وَبِعَكْسِهِ اتَّحَدَ، وَقِيلَ: بِعَكْسِهِ (أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَ أَوْ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي أَوْ طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ نَائِمٌ) أَوْ مَجْنُونٌ وَكَانَ مَعْهُودًا كَانَ لَغْوًا.
(بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ أَنْ أَشْتَرِيَك أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ أَمْسِ وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كَمَا) يَعْتِقُ (وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ) لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ
(أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَمَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ) لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ طَلُقَتْ
ــ
[رد المحتار]
أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعْنَ، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْوَصْفِ لَلَغَا ذِكْرُ الثَّلَاثِ نَهْرٌ، وَقَيَّدَ بِالْعَدَدِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا لَا يَقَعُ فِي قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْإِيقَاعِ. وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ؛ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ لَوْلَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ وَالْإِيقَاعُ إذَا لَحِقَهُ اسْتِثْنَاءٌ أَوْ شَرْطٌ لَمْ يَبْقَ إيقَاعًا بَحْرٌ، وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِحَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلْإِيقَاعِ أَوْ الْوَقْعِ) نَشْرٌ مُرَتِّبٌ ح أَيْ لِأَنَّ مَوْتَهُ مُنَافٍ لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ مِنْهُ وَمَوْتَهَا مُنَافٍ لِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ كَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَسْنَدَ الطَّلَاقَ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ مُنَافِيَةٍ لِمَالِكِيَّةِ الطَّلَاقِ فَكَانَ حَاصِلُهُ إنْكَارَ الطَّلَاقِ فَيَلْغُو وَلِأَنَّهُ حِينَ تَعَذَّرَ تَصْحِيحُهُ إنْشَاءً أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ إخْبَارًا عَنْ عَدَمِ النِّكَاحِ: أَيْ طَالِقٌ أَمْسِ عَنْ قَيْدِ النِّكَاحِ إذْ لَمْ تَنْكِحِي بَعْدُ أَوْ عَنْ طَلَاقٍ كَانَ لَهَا إنْ كَانَ. اهـ. فَتْحٌ. وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِالتَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِهِ كَانَتْ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك إذَا تَزَوَّجْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا تَزَوَّجْتُك قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك فَفِيهِمَا يَقَعُ عِنْدَ التَّزَوُّجِ اتِّفَاقًا وَتَلْغُو الْقَبْلِيَّةَ، وَإِنْ أَخَّرَ الْجَزَاءَ كَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك لَمْ يَقَعْ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْفَاءَ رَجَّحَتْ الشَّرْطِيَّةَ، وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِهِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ التَّزَوُّجِ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَهَا قَبْلَ أَمْسِ إلَخْ) لَمْ أَرَ مَا لَوْ نَكَحَهَا فِي الْأَمْسِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْفَتْحِ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَلِأَنَّهُ حِينَ تَعَذَّرَ تَصْحِيحُهُ إنْشَاءً إلَخْ أَنَّهُ يَقَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَذَّرْ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِالْوُقُوعِ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ تَزَوَّجَهَا فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ تَنَجَّزَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ فِي الْمَاضِي إنْشَاءٌ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ مَا أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ إخْبَارًا لِكَذِبِهِ وَعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِسْنَادِ، فَكَانَ إنْشَاءً فِي الْحَالِ، وَعَلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ حَكَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّوْرِ بِالْوُقُوعِ، وَحَكَمَ أَكْثَرُهُمْ بِعَدَمِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا مُسْتَوْفًى أَوَّلَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ تَعَدَّدَ) لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْيَوْمِ لَا يَكُونُ وَاقِعًا فِي الْأَمْسِ، فَاقْتَضَى أُخْرَى بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: أَنْتِ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْأَمْسِ وَالْيَوْمِ تَأْتِي فِي الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ، فَتَدَبَّرْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى الْأَصْلِ: أَيْ الْمُتَقَدِّمَ قَرِيبًا وُقُوعُ وَاحِدَةٍ فِي الْأَمْسِ وَالْيَوْمِ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْكَائِنِ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِعَكْسِهِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ عَازِيًا إلَى الْمُنْتَقَى: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَالْيَوْمُ يَقَعُ وَاحِدَةٌ وَفِي عَكْسِهِ ثِنْتَانِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ اهـ قَالَ ح: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ لِأَنَّ إيقَاعَهُ فِي الْأَمْسِ إيقَاعٌ فِي الْيَوْمِ كَمَا قَالَ الْمَقْدِسِيَّ (قَوْلُهُ وَكَانَ مَعْهُودًا) أَيْ الْجُنُونَ وَلَوْ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَانَ لَغْوًا) لِأَنَّ حَاصِلَهُ إنْكَارُ الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ) عِلَّةٌ لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ ط.
(قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِي) مِثْلُهُ قَبْلَ مَوْتِك ط (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَوْتَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ إلَّا فِي مَعْنَاهُ، بَلْ هُوَ مَعْرُوفٌ لِلْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَلِذَا يَقَعُ مُسْتَنِدًا لَوْ مَاتَ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ، بِخِلَافِ الْقُدُومِ كَمَا سَيَأْتِي. وَأَجَابَ الرَّحْمَتِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ صِحَّةِ الِاسْتِنَادِ لِأَنَّ شَرْطَهُ وُجُودُ زَمَانٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الْوُقُوعُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَهُوَ الْمُدَّةُ الْمُعَيَّنَةُ. اهـ.
مُسْتَنِدًا) لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا عِنْدَ الْمَوْتِ (وَ) فَائِدَتُهُ أَنَّهُ (لَا مِيرَاثَ لَهَا) لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِشَهْرَيْنِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ
(قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ) أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ أَوْ رَأْسَ كُلِّ شَهْرٍ (وَلَا نِيَّةَ لَهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ) فَإِنَّهُ نَوَى كُلَّ يَوْمٍ -
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ بَلْ مُضِيُّ شَهْرَيْنِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَهَذَا مُحْتَمَلُ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ، فَإِذَا لَمْ يَمْضِ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ. فَإِنْ قِيلَ: يُمْكِنُ تَكْمِيلُ ذَلِكَ مِنْ الْمَاضِي كَأَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. قُلْت: هُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَاعْتُبِرَ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ بِخِلَافِ الْأَمْسِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُسْتَنِدًا لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ) هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ مُقْتَصِرًا وَقَدْ انْتَفَتْ أَهْلِيَّةُ الْإِيقَاعِ أَوْ الْوُقُوعِ فَيَلْغُو، فَقَوْلُهُ لَا عِنْدَ الْمَوْتِ رَدٌّ لِقَوْلِهِمَا رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهَا إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ عَدَمَ مِيرَاثِهَا بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِشَهْرَيْنِ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ اقْتِصَارُ الْعِدَّةِ عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى وَقْتِ الْمَوْتِ فَتَرِثُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، إذْ لَا يَظْهَرُ الِاسْتِنَادُ فِي الْمِيرَاثِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهَا وَمَعَ ضَعْفِهِ فَوَجْهُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ عِدَّةَ زَوْجَةِ الْفَارِّ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ، وَبِمُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ فِي شَهْرَيْنِ حَقِيقَةً لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَيَبْقَى شَهْرَانِ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ لِإِتْمَامِ أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ فَتَرِثُهُ، فَكَيْفَ تُمْنَعُ بِإِمْكَانِ الثَّلَاثِ فِي شَهْرَيْنِ اهـ. وَأَوْضَحَهُ الرَّحْمَتِيُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عِنْدَهُ مُسْتَنِدًا لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ. فَإِنْ كَانَ فِيهَا مَرِيضًا إلَى الْمَوْتِ فَقَدْ تَحَقَّقَ الْفِرَارُ مِنْهُ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ وُقُوعُ طَلَاقِهِ إلَّا بِمَوْتِهِ وَتَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَا لَهُ وَلَا يَتَأَتَّى مَوْتُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْمَوْتِ عِنْدَهُ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ سَبَبِهَا، وَعَلَى الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى حِينِ الْوُقُوعِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ لَا بِمُجَرَّدِ ثَلَاثِ حِيَضٍ فِي شَهْرَيْنِ؛ وَلَوْ سَلَّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ ذَلِكَ، بِأَنْ تَعْتَرِفَ بِأَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثًا لَا بِمُضِيِّ الشَّهْرَيْنِ بَلْ وَلَا بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلدُّرَرِ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى قَوَاعِدِ الْفِقْهِ بِوَجْهٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ بِشَهْرَيْنِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ) الْبَاءُ الْأُولَى لَلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَنْقَضِي وَالثَّانِيَةُ لِلْمُصَاحَبَةِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ شَهْرَيْنِ فَافْهَمْ
. (قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمِمَّا تَفَرَّعَ عَلَى حَذْفِ فِي وَإِثْبَاتِهَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثِ، وَقَالَ زُفَرُ: تَقَعُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ وَلَوْ قَالَ: فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَاحِدَةٌ إجْمَاعًا؛ كَمَا لَوْ: قَالَ عِنْدَ كُلِّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ. وَالْفَرْقُ لَنَا أَنَّ " فِي " لِلظَّرْفِ وَالزَّمَانُ إنَّمَا هُوَ ظَرْفٌ مِنْ حَيْثُ الْوُقُوعُ فَيَلْزَمُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ فِيهِ وُقُوعُ تَعَدُّدِ الْوَاقِعِ، بِخِلَافِ كُلِّ يَوْمٍ فِيهِ الِاتِّصَافُ بِالْوَاقِعِ، فَلَوْ نَوَى نَوَى أَنْ تَطْلُقَ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلِيقَةً أُخْرَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ) مَحَلُّهُ مَا إذَا نَوَى كُلَّ جُمُعَةٍ تَمُرُّ بِأَيَّامِهَا عَلَى الدَّهْرِ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ حَتَّى تَبِينَ بِثَلَاثٍ ط عَنْ الْبَحْرِ. وَحَاصِلُهُ إنْ نَوَى بِالْجُمُعَةِ الْأُسْبُوعَ أَوْ أَطْلَقَ فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ نَوَى الْيَوْمَ الْمَخْصُوصَ فَثَلَاثٌ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْأَيَّامِ كَمَا يَتَّضِحُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ أَوْ رَأْسَ كُلِّ شَهْرٍ) الصَّوَابُ حَذْفُ: رَأْسَ. فَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْهِنْطِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة: أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ كُلِّ شَهْرٍ تَطْلُقُ ثَلَاثًا فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةً، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ شَهْرٍ طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ فِي الْوُقُوعِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّانِي. اهـ. أَيْ لِأَنَّ رَأْسَ الشَّهْرِ أَوَّلُهُ، فَبَيْنَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَرَأْسِ الْآخَرِ فَاصِلٌ، فَاقْتَضَى إيقَاعَ طَلْقَةٍ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ؛ وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِنَّ الْوَقْتَ الْمُضَافَ إلَيْهِ الطَّلَاقُ مُتَّصِلٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ وَقْتٍ وَاحِدٍ فَكَانَ الْوَاقِعُ فِي أَوَّلِهِ وَاقِعًا فِي كُلِّهِ وَنَظِيرُهُ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى كُلَّ يَوْمٍ)
أَوْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ مَعَ أَوْ عِنْدَ أَوْ كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ يَقَعُ ثَلَاثٌ فِي أَيَّامٍ ثَلَاثَةٍ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى تَرَكَ كَلِمَةَ الطَّرَفِ اتَّحَدَ وَإِلَّا تَعَدَّدَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ تَطْلِيقَةً وَقَعَ ثَلَاثٌ لِلْحَالِ
(قَالَ أَطْوَلُكُمَا عَمْرًا طَالِقٌ الْآنَ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَمُوتَ إحْدَاهُمَا فَتَطْلُقُ الْأُخْرَى) لِوُجُودِ شَرْطِهِ حِينَئِذٍ.
(قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ فَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ مُقْتَصِرًا) . -
ــ
[رد المحتار]
أَيْ نَوَى أَنْ يَقَعَ تَطْلِيقَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَيْ أُسْبُوعٍ، وَكَذَا لَوْ نَوَى بِالْجُمْلَةِ يَوْمَهَا الْمَخْصُوصَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ) لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ يَوْمٍ ظَرْفًا لِلْوُقُوعِ فَيَتَعَدَّدُ الْوَاقِعُ (قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) كَذَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ، وَفِيهِ تَحْرِيفٌ بِزِيَادَةِ لَفْظَةِ يَوْمٍ، فَإِنَّ عِبَارَةَ الْخُلَاصَةِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ بِدُونِ لَفْظَةِ يَوْمٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ أَوْ مَعَ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ فَتَطْلُقُ الْأُخْرَى) أَيْ مُسْتَنِدًا عِنْدَهُ وَمُقْتَصِرًا عِنْدَهُمَا فَتْحٌ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: قُلْت فَيَلْزَمُهُ الْعُقْرُ لَوْ وَطِئَهَا بَيْنَهُمَا لَوْ كَانَ بَائِنًا وَيُرَاجِعُ لَوْ رَجْعِيًّا، وَلَوْ قَالَ نَظِيرُهُ لِإِحْدَى أَمَتَيْهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَقَوْلُهُ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ) أَيْ الْمَعْنَوِيِّ وَهُوَ طُولُ الْعُمُرِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذَا مَاتَتْ الْأُخْرَى قَبْلَهَا ط وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِأَطْوَلِكُمَا عُمُرًا مَنْ تَأَخَّرَتْ حَيَاتُهَا عَنْ حَيَاةِ الْأُخْرَى لَا مَنْ زَادَ عُمُرُهَا مِنْ حِينِ الْمَوْلِدِ إلَى حِينِ الْوَفَاةِ عَلَى عُمُرِ الْأُخْرَى، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ الَّتِي مَاتَتْ أَوَّلًا أَطْوَلَ عُمُرًا مِنْ الْأُخْرَى، كَأَنْ مَاتَتْ الْأُولَى فِي سِنِّ السَّبْعِينَ مَثَلًا وَكَانَتْ الْأُخْرَى فِي سِنِّ الْعِشْرِينَ. فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الثَّانِي لَمْ تَطْلُقْ الْبَاقِيَةُ حَتَّى يَزِيدَ سِنُّهَا عَلَى السَّبْعِينَ، وَكُلٌّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْعُرْفِ، وَالْأَقْرَبُ لِلْمُرَادِ هُنَا تَعْبِيرُ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً، فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ مَنْ تَأَخَّرَتْ حَيَاتُهَا عَنْ حَيَاةِ الْأُخْرَى فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرَ بِهِ
(قَوْلُهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ مُقْتَصِرًا) وَقَالَ زُفَرُ مُسْتَنِدًا، وَإِنْ قَالَ قَبْلَ مَوْتِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ وَقَعَ مُسْتَنِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا مُقْتَصِرًا عَلَى الْمَوْتِ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي اعْتِبَارِ الْعِدَّةِ؟ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، فَلَوْ كَانَ وَطِئَهَا فِي الشَّهْرِ يَصِيرُ مُرَاجِعًا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَلَوْ كَانَ ثَلَاثًا وَوَطِئَهَا فِيهِ غُرْمُ الْعُقْرِ. وَعِنْدَهُمَا تُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ فِي الْحَالِ وَلَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا وَلَا يَلْزَمُهُ عُقْرٌ، وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ اتِّفَاقًا احْتِيَاطًا وَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ لَا تَطْلُقُ لِعَدَمِ شَهْرٍ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ ثُمَّ وَضَعَتْ حَمْلَهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا فَلَمْ تَجِبْ عِدَّةٌ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ إذْ الْمُسْتَقْبَلُ يَثْبُتُ لِلْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالْأَسْرَارِ. وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ الْقُدُومِ وَالْمَوْتِ أَنَّ الْمَوْتَ مُعَرَّفٌ وَالْجَزَاءُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُعَرَّفِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَ مِنْهَا آخِرَ النَّهَارِ طَلُقَتْ مِنْ حِينِ تَكَلَّمَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي الِابْتِدَاءِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ الشَّهْرِ فَلَا يُوجَدُ الْوَقْتُ أَصْلًا، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الشُّرُوطِ فِي احْتِمَالِ الْخَطَرِ، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ عَلِمْنَا بِوُجُودِ شَهْرٍ قَبْلَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ، لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى شَهْرٍ يَتَّصِلُ بِالْمَوْتِ وَأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ وَالْمَوْتُ يُعَرِّفُهُ، فَفَارَقَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الشَّرْطَ، وَأَشْبَهَ الْوَقْتَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ رَمَضَانَ بِشَهْرٍ فَقُلْنَا بِأَمْرٍ بَيْنَ الظُّهُورِ وَالِاقْتِصَارِ وَهُوَ الِاسْتِنَادُ، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ رَمَضَانَ بِشَهْرٍ وَقَعَ فِي شَعْبَانَ اتِّفَاقًا وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.