الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمُفْتٍ وَقَاضٍ وَوَصِيٍّ زَيْلَعِيٌّ، وَعَامِلٍ وَمُقَاتِلَةٍ قَامُوا بِدَفْعِ الْعَدُوِّ وَمُضَارِبٍ سَافَرَ بِمَالِ مُضَارِبِهِ، وَلَا يَرِدُ الرَّهْنُ لِحَبْسِهِ لِمَنْفَعَتِهِمَا.
(وَلَوْ صَغِيرًا) جِدًّا فِي مَالِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ إلَّا إذَا كَانَ ضَمِنَهَا كَمَا مَرَّ فِي الْمَهْرِ (لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ)
ــ
[رد المحتار]
لُزُومُ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ كَمُفْتٍ وَقَاضٍ) أَيْ وَوَالٍ، فَلَهُمْ قَدْرُ مَا يَكْفِيهِمْ وَيَكْفِي مَنْ تَلْزَمُهُمْ نَفَقَتُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
لِاحْتِبَاسِهِمْ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ
رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَوَصِيٍّ) فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ نَفَقَتِهِ وَأَجْرِ عَمَلِهِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. رَحْمَتِيٌّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَنِيًّا أَوْ وَصِيَّ الْمَيِّتِ وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِهِ آخِرَ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ زَيْلَعِيٌّ) يُوهِمُ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ السِّتَّةَ وَزَادَ عَلَيْهِمْ الْوَالِي ح (قَوْلُهُ وَعَامِلٍ) أَيْ فِي الصَّدَقَاتِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ قَامُوا بِدَفْعِ الْعَدُوِّ) أَيْ نَصَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِذَلِكَ وَتَرْقُبُوا غُرَّتَهُ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ لَهُمْ وَلِذُرِّيَّتِهِمْ (قَوْلُهُ وَمُضَارِبٍ) فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا دَامَ مُسَافِرًا لِاحْتِبَاسِهِ لَهَا، فَلَوْ كَانَ مُضَارِبًا بِالرَّجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَنَفَقَتُهُ عَلَى حَسَبِ الْمَالِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَرُدُّ الرَّهْنَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ الِاسْتِيفَاءُ، وَلِذَا كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ مَعَ أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الرَّاهِنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقِّ الرَّاهِنِ أَيْضًا، وَهُوَ وَفَاءُ دَيْنِهِ عَنْهُ عِنْدَ الْهَلَاكِ مَعَ كَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ. اهـ فَقَوْلُهُ مَعَ كَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ تَرْجِيحٌ لِجَانِبِ الرَّاهِنِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ مَعَ كَوْنِهِ مَحْبُوسًا لِحَقِّهِمَا وَالشَّارِحُ أَخَلَّ بِهِ ح. قُلْت: لَا إخْلَالَ بِتَرْكِهِ، فَإِنَّ الْمُحَقِّقَ ابْنَ الْهُمَامِ لَمْ يَذْكُرْهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحَبْسِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُخْتَصَّةٍ بِالْغَيْرِ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَيْرِ، فَهُوَ كَالْأَجِيرِ إذَا عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ لَا يَسْتَحِقُّ أَجْرًا؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ فَافْهَمْ.
[مَطْلَبٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ]
ِ (قَوْلُهُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ إلَخْ) كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ، حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا مَالَ لَهُ لَمْ يُؤْخَذْ أَبُوهُ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَهَا. اهـ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَتُهَا، وَيَسْتَدِينُ الْأَبُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ إذَا أَيْسَرَ. اهـ. وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ إلَى الْخُلَاصَةِ أَيْضًا. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ. اهـ. قُلْت: وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فِي بَابِ الْمَهْرِ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الْكَافِيَ هُوَ نَصُّ الْمَذْهَبِ وَلَا سِيَّمَا وَأَكْثَرُ الْكُتُبِ عَلَيْهِ، فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْفُرُوعِ عَنْ الْمُخْتَارِ وَالْمُلْتَقَى مِنْ وُجُوبِهَا عَلَى أَبِيهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِدَانَةِ لِيَرْجِعَ تَأَمَّلْ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ أَقُولُ: هَذَا إذَا كَانَ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرِ مَصْلَحَةٌ، وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَزْوِيجِ قَاصِرٍ مُرْضِعٍ بَالِغَةٍ حَدَّ الشَّهْوَةِ وَطَاقَةِ الْوَطْءِ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ وَلُزُومِ نَفَقَةٍ يُقَرِّرُهَا الْقَاضِي فَتَسْتَغْرِقُ مَالَهُ إنْ كَانَ أَوْ يَصِيرُ ذَا دَيْنٍ كَثِيرٍ وَنَصُّ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا عُرِفَ الْأَبُ بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ مَجَانَةً أَوْ فِسْقًا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَلِيِّ. اهـ.
قُلْت: الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ أَنَّ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ غَيْرَ كُفْءٍ وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ؛ لِأَنَّ كَمَالَ شَفَقَةِ الْأَبِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ الْمَصْلَحَةِ مَا لَمْ يَكُنْ سَكْرَانَ أَوْ مَعْرُوفًا بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَأَمُّلِهِ فِي الْمَصْلَحَةِ؛ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا يَثْبُتُ سُوءُ اخْتِيَارِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يُتَصَوَّرَ صِحَّةُ عَقْدِهِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلِغَيْرِ الْكُفْءِ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ فِي بَابِ
؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قِبَلِهِ (أَوْ فَقِيرًا وَلَوْ) كَانَتْ (مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً تُطِيقُ الْوَطْءَ) أَوْ تَشْتَهِي لِلْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ الْمَانِعُ مِنْهَا فَلَا نَفَقَةَ كَمَا لَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ (فَقِيرَةً أَوْ غَنِيَّةً مَوْطُوءَةً أَوْ لَا) كَأَنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ مَعْتُوهَةً أَوْ كَبِيرَةً لَا تُوطَأُ، وَكَذَا صَغِيرَةٌ تَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلِاسْتِئْنَاسِ (إنْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ عِنْدَ الثَّانِي وَاخْتَارَهُ فِي التُّحْفَةِ؛ وَلَوْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا لِلْمَهْرِ) دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا وَلَوْ كُلَّهُ مُؤَجَّلًا عِنْدَ الثَّانِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَارْتَضَاهُ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ؛ لِأَنَّهُ مُنِعَ بِحَقٍّ فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ (بِقَدْرِ حَالِهِمَا) بِهِ يُفْتَى، -
ــ
[رد المحتار]
الْوَلِيِّ. فَظَهَرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَزَوَّجَ طِفْلَهُ امْرَأَةً صَحَّ ذَلِكَ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ إقَامَةً لِشَفَقَتِهِ مَقَامَ الْمَصْلَحَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قِبَلِهِ) دَخَلَ فِي هَذَا الْمَجْبُوبُ وَالْعِنِّينُ وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ فَقِيرًا) لَيْسَ عِنْدَهُ قَدْرُ النَّفَقَةِ لِزَوْجَتِهِ مِنَحٌ، فَتَسْتَدِينُ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي ط وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً) الْأَوْلَى إسْقَاطُ مُسْلِمَةً (قَوْلُهُ تُطِيقُ الْوَطْءَ) أَيْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْفَتْحِ وَأَشَارَ إلَى مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ تَقْدِيرِهِ بِالسِّنِّ، فَإِنَّ السَّمِينَةَ الضَّخْمَةَ تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ وَلَوْ صَغِيرَةَ السِّنِّ (قَوْلُهُ أَوْ تَشْتَهِي لِلْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْجِمَاعِ فِي الْجُلَّةِ وَإِنْ لَمْ تُطِقْهُ مِنْ خُصُوصِ زَوْجٍ مَثَلًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا نَفَقَةَ) أَيْ مَا لَمْ يُمْسِكْهَا فِي بَيْتِهِ لِلْخِدْمَةِ أَوْ الِاسْتِئْنَاسِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْوَطْءِ وُجِدَ مِنْهَا وَوُجُودُهُ مِنْهُ أَيْضًا لَا يَضُرُّ بَعْدَ عَدَمِ وُجُودِ التَّسْلِيمِ الْمُوجِبِ، لِلنَّفَقَةِ مِنْهَا (قَوْلُهُ مَوْطُوءَةً أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَأَنْ كَانَ الزَّوْجُ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا أَفَادَ بِهِ أَنَّ عَدَمَ وَطْئِهَا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَا مَانِعَ مِنْهُ أَصْلًا أَوْ لَهُ مَانِعٌ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ مِنْ جِهَتِهَا وَهِيَ مُشْتَهَاةٌ كَالْقَرْنَاءِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ الِاحْتِبَاسُ لِانْتِفَاعِ مَقْصُودٍ مِنْ وَطْءٍ أَوْ مِنْ دَوَاعِيهِ، وَلِذَا وَجَبَتْ لِصَغِيرَةٍ تَشْتَهِي لِلْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ مَعْتُوهَةً) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: الْمَجْنُونَةُ لَهَا النَّفَقَةُ إذَا لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَكَذَا صَغِيرَةٌ) أَيْ لَا تَشْتَهِي أَصْلًا وَلَوْ لِلْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَإِلَّا لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا أَمْسَكَهَا أَوْ لَا كَمَا مَرَّ آنِفًا.
(قَوْلُهُ إنْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ) وَإِنْ رَدَّهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا بَدَائِعُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ. أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُشْتَهَاةِ فَلَا تَخْيِيرَ بَلْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا مُطْلَقًا كَمَا عَلِمْته فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا لِلْمَهْرِ) أَيْ الَّذِي تُعُورِفَ تَقْدِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ يَحِقُّ لِتَقْصِيرٍ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا) تَعْمِيمٌ لِلْمَنْعِ: أَيْ لَهَا النَّفَقَةُ بِالْمَنْعِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، لَكِنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَسْقُطُ حَقُّهَا فِي الْمَنْعِ إذَا دَخَلَ بِهَا بِرِضَاهَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَيْ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ تَأْجِيلَهُ كُلَّهُ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْأُسْتَاذَ ظَهِيرَ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ وَالصَّدْرَ الشَّهِيدَ كَانَ يُفْتِي بِأَنَّ لَهَا ذَلِكَ. اهـ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ بَحْرٌ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ مُقَدَّمٌ، فَلِذَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الدُّخُولَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَلَوْ شَرَطَهُ وَرَضِيَتْ بِهِ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي. اهـ. وَتَمَامُ الْكَلَامِ قَدَّمْنَاهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرِ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتِي) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْخَصَّافِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ اعْتِبَارُ حَالِهِ فَقَطْ، وَبِهِ قَالَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ. وَفِي التُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ بَحْرٌ، لَكِنَّ الْمُتُونَ وَالشُّرُوحَ عَلَى الْأَوَّلِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ يُعْتَبَرُ حَالُ الْمَرْأَةِ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَعَلَى نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ إذَا كَانَا مُعْسِرَيْنِ،
وَيُخَاطَبُ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَالْبَاقِي دَيْنٌ إلَى الْمَيْسَرَةِ، وَلَوْ مُوسِرًا وَهِيَ فَقِيرَةٌ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطْعِمَهَا مِمَّا يَأْكُلُ بَلْ يُنْدَبُ.
(وَلَوْ هِيَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا) إذَا لَمْ يُطَالِبْهَا الزَّوْجُ بِالنَّقْلَةِ بِهِ يُفْتَى؛ وَكَذَا إذَا طَالَبَهَا وَلَمْ تَمْتَنِعْ أَوْ امْتَنَعَتْ (لِلْمَهْرِ أَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ اسْتِحْسَانًا لِقِيَامِ الِاحْتِبَاسِ، وَكَذَا لَوْ مَرِضَتْ ثُمَّ إلَيْهِ نُقِلَتْ، أَوْ فِي مَنْزِلِهَا بَقِيَتْ وَلِنَفْسِهَا مَا مَنَعَتْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: مَرِضَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ فَانْتَقَلَتْ لِدَارِ أَبِيهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ نَقْلُهَا بِمِحَفَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَإِلَّا لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ مُدَاوَاتُهَا.
(لَا) نَفَقَةَ لِأَحَدِ عَشْرَ: مُرْتَدَّةٌ، وَمُقَبِّلَةُ ابْنِهِ، وَمُعْتَدَّةُ مَوْتٍ،
ــ
[رد المحتار]
وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، فَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الِاعْتِبَارُ لِحَالِ الرَّجُلِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَهِيَ مُعْسِرَةٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ، وَفِي عَكْسِهِ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ. وَأَمَّا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَتَجِبُ نَفَقَةُ الْوَسَطِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ فَوْقَ نَفَقَةِ الْمُعْسِرَةِ وَدُونَ نَفَقَةِ الْمُوسِرَةِ.
اهـ[تَنْبِيهٌ] صَرَّحُوا بِبَيَانِ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَلَمْ أَرَ مَنْ عَرَّفَهُمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَلَعَلَّهُمْ وَكَّلُوا ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَالنَّظَرِ إلَى الْحَالِ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي الْإِنْفَاقِ وَعَدَمِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَدَائِعِ: حَتَّى لَوْ كَانَ الرَّجُلُ مُفْرِطًا فِي الْيَسَارِ يَأْكُلُ خُبْزَ الْحُوَّارَى وَلَحْمَ الدَّجَاجِ وَالْمَرْأَةُ مُفْرِطَةً فِي الْفَقْرِ تَأْكُلُ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا خُبْزَ الشَّعِيرِ يُطْعِمُهَا خُبْزَ الْحِنْطَةِ وَلَحْمَ الشَّاةِ (قَوْلُهُ وَيُخَاطَبُ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فَقَالَ: إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَهِيَ مُوسِرَةٌ وَأَوْجَبْنَا الْوَسَطَ فَقَطْ كَلَّفْنَاهُ بِمَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ (قَوْلُهُ وَالْبَاقِي) أَيْ مَا يُكْمِلُ نَفَقَةَ الْوَسَطِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ هِيَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا) تَعْمِيمٌ لِقَوْلِهِ فَتَجِبُ لِلزَّوْجَةِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، فَتَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى مَنْزِلِ الزَّوْجِ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَا تَجِبُ مَا لَمْ تُزَفَّ إلَى مَنْزِلِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ وَلَيْسَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُطَالِبْهَا إلَخْ) الْأَخْصَرُ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ بِهِ يُفْتَى إذَا لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْ النَّقْلَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ لِقِيَامِ الِاحْتِبَاسِ) فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهَا وَيَمَسُّهَا وَتَحْفَظُ الْبَيْتَ، وَالْمَانِعُ لِعَارِضٍ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ مَرِضَتْ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ: أَيْ بَعْدَمَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا صَحِيحَةً، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مَرِيضَةً لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، لَكِنْ حَقَّقَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ لَا بِالتَّسْلِيمِ فَالْمُخْتَارُ وُجُوبُ النَّفَقَةِ لِقِيَامِ الِاحْتِبَاسِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهَا إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ بِمِحَفَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَمْ تَنْتَقِلْ لَا نَفَقَةَ لَهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ لِمَنْعِهَا نَفْسَهَا عَنْ النَّقْلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَقْدِرْ أَصْلًا، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِمَرِيضَةٍ لَمْ تُزَفَّ إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا الِانْتِقَالُ مَعَهُ أَصْلًا، فَقَدْ جُعِلَ عَدَمُ إمْكَانِ الِانْتِقَالِ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَهُنَا جُعِلَ مُوجِبًا لَهَا.
وَقَدْ يُجَابُ بِالْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّهَا هُنَا لَمَّا انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِهِ فَقَدْ تَحَقَّقَ التَّسْلِيمُ وَلَا تَصِيرُ بَعْدَهُ نَاشِزَةً إلَّا إذَا أَمْكَنَهَا الِانْتِقَالُ إلَيْهِ وَامْتَنَعَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ تَسْلِيمٌ أَصْلًا وَمَرِضَتْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا الِانْتِقَالُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ أَصْلًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ مُدَاوَاتُهَا) أَيْ إتْيَانُهُ لَهَا بِدَوَاءِ الْمَرَضِ وَلَا أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَلَا الْفَصْدِ وَلَا الْحِجَامَةِ هِنْدِيَّةٌ عَنْ السِّرَاجِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْهَا مَا تَسْتَعْمِلُهُ النُّفَسَاءُ مِمَّا يُزِيلُ الْكَلَفَ وَنَحْوَهُ، وَأَمَّا أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ لَا نَفَقَةَ لِأَحَدَ عَشَرَ) أَيْ بِعَدِّ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَعِدَّتِهَا أَمْرًا وَاحِدًا، وَذَكَرَ الْعَدَدَ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ. اهـ. ح وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا هُنَا خَمْسَةً، وَذَكَرَ الشَّارِحُ سِتَّةً، لَكِنْ مَا زَادَهُ الشَّارِحُ سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مُفَرَّقًا سِوَى مَنْكُوحَةِ فَاسِدٍ وَعِدَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا.
وَمَنْكُوحَةٌ فَاسِدًا وَعِدَّتُهُ، وَأَمَةٌ لَمْ تُبَوَّأْ، وَصَغِيرَةٌ لَا تُوطَأُ، وَ (خَارِجَةٌ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) وَهِيَ النَّاشِزَةُ حَتَّى تَعُودَ وَلَوْ بَعْدَ سَفَرِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَالْقَوْلُ لَهَا فِي عَدَمِ النُّشُوزِ بِيَمِينِهَا، وَتَسْقُطُ بِهِ الْمَفْرُوضَةُ لَا الْمُسْتَدَانَةُ فِي الْأَصَحِّ كَالْمَوْتِ، قَيَّدَ بِالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ مَانَعَتْهُ مِنْ الْوَطْءِ لَمْ تَكُنْ نَاشِزَةً -
ــ
[رد المحتار]
وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ، لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ: كُلُّ مَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. اهـ.؛ لِأَنَّ زَوْجَهَا مَمْنُوعٌ عَنْهَا بِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا، وَيُمْكِنُ إدْخَالُهَا فِي النَّاشِزَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَنْكُوحَةٌ فَاسِدًا وَعِدَّتُهُ) الْأَوْلَى وَمُعْتَدَّتُهُ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا. وَفِي الْخَانِيَّةِ: غَابَ عَنْهَا فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَدَخَلَ بِهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ عَوْدِ الْأَوَّلِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي عِدَّتِهَا لَا عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا عَلَى الثَّانِي، بِخِلَافِ الْمَدْخُولَةِ إذَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ أَيْ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ مِنْ الْأَوَّلِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَإِنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى زَوْجِهَا؛ لِأَنَّهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا بِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا. وَفِي الْهِنْدِيَّةِ: اُتُّهِمَ بِامْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَهَا وَأَنْكَرَ أَنَّ حَبَلَهَا مِنْهُ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِمْتَاعِهَا بِمَعْنًى مِنْ قِبَلِهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَتْهُ.
[تَنْبِيهٌ] تَزَوَّجَ مُعْتَدَّةَ الْبَائِنِ إنَّمَا لَا يَسْقُطُ نَفَقَتُهَا مَا دَامَتْ فِي بَيْتِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا صَارَتْ نَاشِزَةً كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ صَغِيرَةٌ لَا تُوطَأُ) وَكَذَا إنْ صَلَحَتْ لِلْخِدْمَةِ أَوْ الِاسْتِئْنَاسِ وَلَمْ يُمْسِكْهَا فِي بَيْتِهِ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ) ذَكَرَ مُحْتَرَزَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَتْ إلَخْ، وَكَذَا هُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ خَرَجَتْ حَتَّى يَدْفَعَ لَهَا الْمَهْرَ وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي مَوَاضِعَ مَرَّتْ فِي الْمَهْرِ وَسَيَأْتِي بَعْضُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْوَالِدَيْنِ (قَوْلُهُ وَهِيَ النَّاشِزَةُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ أَمَّا فِي اللُّغَةِ فَهِيَ الْعَاصِيَةُ عَلَى الزَّوْجِ الْمُبْغِضَةُ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ سَفَرِهِ) أَيْ لَوْ عَادَتْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ بَعْدَمَا سَافَرَ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا نَاشِزَةً بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ بِأَيٍّ فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فَتَكْتُبُ إلَيْهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي لِيَفْرِضَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةً، أَمَّا لَوْ أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهَا؛ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمُضِيِّ بِدُونِ قَضَاءٍ وَلَا تَرَاضٍ.
(قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لَهَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ، وَهَذَا أَخَذَهُ فِي الْبَحْرِ مِمَّا فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ هِيَ نَاشِزَةٌ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ وَهِيَ لَمْ تَكُنْ فِي بَيْتِهِ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي طَاعَتِهِ لِلْجِمَاعِ لَمْ تُقْبَلْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِي بَيْتِهِ وَلَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَغْلِبُ عَلَيْهَا. اهـ. قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا تَقْيِيدُ كَوْنِ الْقَوْلِ لَهَا بِمَا إذَا كَانَتْ فِي بَيْتِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي نُشُوزٍ فِي الْحَالِ. أَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا سُقُوطَ النَّفَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ فِي شَهْرٍ مَاضٍ مَثَلًا لِنُشُوزِهَا فِيهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لَهَا أَيْضًا لِإِنْكَارِهَا مُوجِبَ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا تَأَمَّلْ. وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّ خُرُوجَهَا إلَى بَيْتِ أَهْلِهَا كَانَ بِإِذْنِهِ وَأَنْكَرَ أَوْ ثَبَتَ نُشُوزُهَا ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ مَثَلًا أَذِنَ لَهَا بِالْمُكْثِ هُنَاكَ هَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا أَمْ لَا لَمْ أَرَهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِتَحَقُّقِ الْمُسْقِطِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِالنُّشُوزِ النَّفَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ، يَعْنِي إذَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةُ أَشْهُرٍ مَفْرُوضَةٍ ثُمَّ نَشَزَتْ سَقَطَتْ تِلْكَ الْأَشْهُرُ الْمَاضِيَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ فَاسْتَدَانَتْ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ. اهـ. ح
قُلْت: وَسُقُوطُ الْمَفْرُوضَةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ، أَمَّا الْمُسْتَدَانَةُ فَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي سُقُوطِهَا بِالْمَوْتِ وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا عَدَمُ السُّقُوطِ. اهـ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهَا لَوْ عَادَتْ إلَى بَيْتِهِ لَا يَعُودُ مَا سَقَطَ، وَهَلْ يَبْطُلُ الْفَرْضُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهِ بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى بَيْتِهِ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَهُ، وَيَظْهَرُ عَدَمُ بُطْلَانِهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي سُقُوطِ الْمَفْرُوضِ لَا الْفَرْضِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَوْ مَانَعَتْهُ مِنْ الْوَطْءِ إلَخْ) قَيَّدَهُ فِي السِّرَاجِ بِمَنْزِلِ الزَّوْجِ وَبِقُدْرَتِهِ عَلَى
وَشَمِلَ الْخُرُوجَ الْحُكْمِيَّ كَأَنْ كَانَ الْمَنْزِلُ لَهَا فَمَنَعَتْهُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فَهِيَ كَالْخَارِجَةِ مَا لَمْ تَكُنْ سَأَلَتْهُ النَّقْلَةَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ كَبَيْتِ السُّلْطَانِ فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ فَهِيَ نَاشِزَةٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الشُّبْهَةِ فِي زَمَانِنَا، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ الْغَصْبِ أَوْ أَبَتْ الذَّهَابَ إلَيْهِ أَوْ السَّفَرَ مَعَهُ أَوْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بَعَثَهُ لِيَنْقُلَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِإِرْضَاعِ صَبِيٍّ وَزَوْجُهَا شَرِيفٌ وَلَمْ تَخْرُجْ، وَقِيلَ تَكُونُ نَاشِزَةً. وَلَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا نَفَقَةَ لِنَقْصِ التَّسْلِيمِ. قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: وَبِهِ عُرِفَ جَوَابُ وَاقِعَةٍ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ مِنْ الْمُحْتَرِفَاتِ الَّتِي تَكُونُ بِالنَّهَارِ فِي مَصَالِحِهَا وَبِاللَّيْلِ عِنْدَهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا انْتَهَى، قَالَ فِي النَّهْرِ. وَفِيهِ نَظَرٌ.
ــ
[رد المحتار]
وَطْئِهَا كَرْهًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ. اهـ وَالثَّانِي وَجِيهٌ فِي حَقِّ مَنْ يَسْتَحِي، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا الْمَنْعَ فِي مَنْزِلِهَا نُشُوزٌ بِالِاتِّفَاقِ سَائِحَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَهَا) أَيْ مِلْكًا أَوْ إجَارَةً (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَكُنْ سَأَلَتْهُ النَّقْلَةَ) بِأَنْ قَالَتْ لَهُ حَوِّلْنِي إلَى مَنْزِلِكَ أَوْ اكْتَرِ لِي مَنْزِلًا فَإِنِّي مُحْتَاجَةٌ إلَى مَنْزِلِي هَذَا آخُذُ كِرَاءَهُ فَلَهَا النَّفَقَةُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الشُّبْهَةِ فِي زَمَانِنَا) نَقَلَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي التَّجْنِيسِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى فِي الْمَغْصُوبِ حَرَامٌ وَالِامْتِنَاعَ عَنْ الْحَرَامِ وَاجِبٌ، بِخِلَافِ الِامْتِنَاعِ عَنْ الشُّبْهَةِ، فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ حَقُّ الزَّوْجِ الْوَاجِبِ. وَسُئِلْت عَنْ امْرَأَةٍ أَسْكَنَهَا زَوْجُهَا فِي بِلَادِ الدُّرُوزِ الْمُلْحِدِينَ ثُمَّ امْتَنَعَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ السُّكْنَى فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ خَوْفًا عَلَى دِينِهَا، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِلَادَ الدُّرُوزِ فِي زَمَانِنَا شَبِيهَةٌ بِدَارِ الْحَرْبِ.
(قَوْلُهُ أَوْ السَّفَرَ مَعَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ فَامْتِنَاعُهَا بِحَقٍّ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا إذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ عِنْدَ امْتِنَاعِهَا عَنْ السَّفَرِ مَعَهُ فَمَعَ الْأَجْنَبِيِّ بِالْأَوْلَى، أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ السَّفَرَ بِهَا لَكِنَّهُ لَمَّا بَعَثَ إلَيْهَا أَجْنَبِيًّا لِيَأْتِيَهُ بِهَا كَانَ امْتِنَاعُهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ بِحَقٍّ وَلِذَا قَيَّدَ بِالْأَجْنَبِيِّ، إذْ لَوْ كَانَ مَحْرَمًا لَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ، وَمَسْأَلَةُ السَّفَرِ فِيهَا كَلَامٌ بَسَطْنَاهُ فِي بَابِ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَكُونُ نَاشِزَةً) أَشَارَ إلَى ضَعْفِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ قَوَّاهُ الرَّحْمَتِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ قَائِمٌ بِمَصَالِحِهَا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْغَزْلِ وَنَحْوِهِ، وَعَنْ كُلِّ مَا يَتَأَذَّى بِرَائِحَتِهِ كَالْحِنَّاءِ وَالنَّقْشِ، وَالْإِرْضَاعُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُهْزِلُهَا وَيَلْحَقُهُ عَارٌ بِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْأَشْرَافِ. أَقُولُ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَدُلُّ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ نَاشِزَةً؛ لِأَنَّهَا الْخَارِجَةُ بِغَيْرِ حَقٍّ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهَا تَصِيرُ نَاشِزَةً إذَا خَالَفَتْهُ فِي الْغَزْلِ وَالنَّقْشِ وَالْحِنَّاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تُخَالِفُ بِهِ أَمْرَهُ وَهِيَ فِي بَيْتِهِ، وَفَسَادُهُ لَا يَخْفَى نَعَمْ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ هَذَا الْإِيجَارِ، بَلْ ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْكَافِي فِي إجَارَةِ الظِّئْرِ، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ عَمَّا يُوجِبُ خَلَلًا فِي حَقِّهِ وَمَا فِيهَا أَيْضًا عَنْ السِّغْنَاقِيِّ وَلِأَنَّهَا فِي الْإِرْضَاعِ وَالسَّهَرِ تَتْعَبُ وَذَلِكَ يُنْقِصُ جَمَالَهَا وَجَمَالُهَا حَقُّ الزَّوْجِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا. اهـ. فَافْهَمْ (قَوْلُهُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ) وَجْهُهُ أَنَّهَا مَعْذُورَةٌ لِاشْتِغَالِهَا بِمَصَالِحِهَا، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا عُذْرَ لَهَا فَنَقْصُ التَّسْلِيمِ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا أَفَادَهُ ح، وَفِيهِ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ ظُلْمًا وَالْمَغْصُوبَةَ وَحَاجَّةَ الْفَرْضِ مَعَ غَيْرِهِ مَعْذُورَةٌ وَقَدْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا. وَفِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْأَمَةِ إذَا سَلَّمَهَا السَّيِّدُ لِزَوْجِهَا لَيْلًا فَقَطْ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ النَّهَارِ، وَعَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ اللَّيْلِ وَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ ط.
(وَمَحْبُوسَةٌ) وَلَوْ ظُلْمًا إلَّا إذَا حَبَسَهَا هُوَ بِدَيْنٍ لَهُ فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الْأَصَحِّ جَوْهَرَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا فِي الْحَبْسِ صَيْرَفِيَّةٌ كَحَبْسِهِ مُطْلَقًا، لَكِنْ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ: لَوْ حُبِسَ فِي سِجْنِ السُّلْطَانِ فَالصَّحِيحُ سُقُوطُهَا. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ مَآلِ الْفَتَاوَى: وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ تُحْبَسُ مَعَهُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَمَرِيضَةٌ لَمْ تُزَفَّ) أَيْ لَا يُمْكِنُهَا الِانْتِقَالُ مَعَهُ أَصْلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ -
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَتُفْرَضُ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَحْرِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْغَزْلِ وَكُلِّ عَمَلٍ وَلَوْ قَابِلَةً وَمُغَسِّلَةً. اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ عَصَتْهُ وَخَرَجَتْ بِلَا إذْنِهِ كَانَتْ نَاشِزَةً مَا دَامَتْ خَارِجَةً، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ تَكُنْ نَاشِزَةً، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَمَحْبُوسَةٌ وَلَوْ ظُلْمًا) شَمِلَ حَبْسَهَا بِدَيْنٍ تَقْدِرُ عَلَى إيفَائِهِ أَوْ لَا قَبْلَ النَّفَقَةِ إلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ زَيْلَعِيٌّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَتْحٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا فَوَاتُ الِاحْتِبَاسِ لَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ صَيْرَفِيَّةٌ) كَذَا نَقَلَهُ عَنْهَا فِي الْمِنَحِ وَأَقَرَّهُ، وَنَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ كَحَبْسِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَكَوْنِهِ مَحْبُوسًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ ظُلْمًا أَوْ حَبَسَتْهُ هِيَ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: قَيَّدَ بِحَبْسِهَا؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ مُطْلَقًا غَيْرُ مُسْقِطٍ لِنَفَقَتِهَا كَذَا فِي غَيْرِ كِتَابٍ، إلَّا أَنَّهُ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ نَقَلَ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَوْ حُبِسَ فِي سِجْنِ السُّلْطَانِ ظُلْمًا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ. اهـ. قُلْت: وَنَقَلَ الْمَقْدِسِيَّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ كَذَلِكَ، وَقَالَ كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَيِّدِيَّةِ وَنُسَخٍ جَدِيدَةٍ لَعَلَّهَا كُتِبَتْ مِنْهَا. وَفِي نُسْخَتِي الْعَتِيقَةِ الَّتِي عَلَيْهَا خَطُّ بَعْضِ الْمَشَايِخِ حَذْفُ لَا، فَلْيُحَرَّرْ. اهـ
قُلْت: وَهَكَذَا رَأَيْتُهُ بِدُونِ لَا فِي نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ عِنْدِي مِنْ الْخَانِيَّةِ وَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، فَلَعَلَّ صَاحِبَ تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ نُسْخَةِ الْمَدْرَسَةِ الْمُؤَيِّدِيَّةِ أَيْضًا أَوْ مِمَّا نُقِلَ عَنْهَا فَتَكُونُ لَا زَائِدَةً، لِيُوَافِقَ مَا فِي بَقِيَّةِ النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ وَمَا فِي غَيْرِ كِتَابٍ، وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِبَاسَ جَاءَ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ لَا مِنْ جِهَتِهَا كَمَا لَوْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَغِيرًا جِدًّا أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا (قَوْلُهُ وَفِي الْبَحْرِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهَا إذَا حَبَسَتْهُ وَطَلَبَ أَنْ تُحْبَسَ مَعَهُ فَإِنَّهَا لَا تُحْبَسُ. وَذَكَرَ فِي مَآلِ الْفَتَاوَى إلَخْ.
قُلْت: وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْحَبْسِ مَوْضِعٌ خَالٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة؛ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِمَا لَوْ خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّ قَصْدَهَا بِحَبْسِهِ أَنْ تَفْعَلَ مَا تُرِيدُ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ وَالْفَسَادِ لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الزَّوْجِ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَقَدْ وَقَعَ فِي زَمَانِنَا أَنَّ امْرَأَةً حَبَسَتْ زَوْجَهَا بِدَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ فَطَلَبَ حَبْسَهَا مَعَهُ لِأَجْلِ أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ الْحَبْسِ وَيَأْكُلَ مَالَهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَبْسَهَا لَهُ غَيْرُ قَيْدٍ، بَلْ لَوْ حَبَسَهُ غَيْرُهَا وَخَافَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ خَوْفُ الْفَسَادِ (قَوْلُهُ لَمْ تُزَفَّ) أَيْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُمْكِنُهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُصَحَّحَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى وُجُوبُ النَّفَقَةِ لِلْمَرِيضَةِ قَبْلَ النَّقْلَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَمْكَنَهُ جِمَاعُهَا أَوْ لَا، مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ لَا حَيْثُ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا إذَا طَلَبَ نَقْلَتَهَا، فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّحِيحَةِ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ كَمَا فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهَا فِيمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ.
لَكِنَّ ظَاهِرَ التَّجْنِيسِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَرَضًا مَانِعًا مِنْ النَّقْلَةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَذَا مُرَادُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَرِيضَةِ وَالصَّحِيحَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، هَذَا حَاصِلُ مَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ حَيْثُ ذَكَرَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ إذَا مَرِضَتْ بَعْدَ النَّقْلَةِ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ قَبْلَ النَّقْلَةِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِهِ أَوْ لَمْ تَنْتَقِلْ وَلَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ الَّتِي لَا نَفَقَةَ لَهَا هِيَ الَّتِي مَرِضَتْ قَبْلَ النَّقْلَةِ مَرَضًا لَا يُمْكِنُهَا
نَفْسَهَا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ تَقْدِيرًا بَحْرٌ (وَمَغْصُوبَةٌ) كُرْهًا (وَحَاجَّةٌ) وَلَوْ نَفْلًا (لَا مَعَهُ وَلَوْ بِمَحْرَمٍ) لِفَوَاتِ الِاحْتِبَاسِ. (وَلَوْ مَعَهُ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْحَضَرِ خَاصَّةً) لَا نَفَقَةُ السَّفَرِ وَالْكِرَاءِ (امْتَنَعَتْ الْمَرْأَةُ) مِنْ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ (إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَخْدِمُ) أَوْ كَانَ بِهَا عِلَّةٌ (فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَخْدِمُ نَفْسَهَا وَتَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ (لَا) يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا دِيَانَةً وَلَوْ شَرِيفَةً؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَسَّمَ الْأَعْمَالَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، فَجَعَلَ أَعْمَالَ الْخَارِجِ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه وَالدَّاخِلِ عَلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها مَعَ أَنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ بَحْرٌ. (وَيَجِبُ عَلَيْهِ آلَةُ طَحْنٍ وَخُبْزٍ وَآنِيَةُ شَرَابٍ وَطَبْخٍ كَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَقِدْرٍ وَمِغْرَفَةٍ) وَكَذَا سَائِرُ أَدَوَاتِ الْبَيْتِ كَحُصُرٍ وَلِبْدٍ وَطِنْفَسَةٍ، وَمَا تَتَنَظَّفُ بِهِ وَتُزِيلُ الْوَسَخَ كَمُشْطٍ وَأُشْنَانٍ وَمَا يَمْنَعُ الصُّنَانَ، وَمَدَاسِ رِجْلِهَا، وَتَمَامُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْبَحْرِ. وَفِيهِ أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ زَوْجَةٍ وَزَوْجٍ وَلَوْ جَاءَتْ بِلَا اسْتِئْجَارٍ، -
ــ
[رد المحتار]
الِانْتِقَالُ مَعَهُ، وَقَدَّمْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الَّتِي مَرِضَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ ثُمَّ عَادَتْ إلَى دَارِ أَبِيهَا وَلَا يُمْكِنُهَا الِانْتِقَالُ.
(قَوْلُهُ وَمَغْصُوبَةٌ) أَيْ مَنْ أَخَذَهَا رَجُلٌ وَذَهَبَ بِهَا، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَهَا النَّفَقَةُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ فَوَاتَ الِاحْتِبَاسِ لَيْسَ مِنْهُ لِيُجْعَلَ بَاقِيًا تَقْدِيرًا هِدَايَةٌ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ كَرْهًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ بِهَا عَلَى صُورَةِ الْغَصْبِ لَكِنْ بِرِضَاهَا فَلَا خِلَافَ فِيهَا إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّهَا نَاشِزَةٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَفْلًا) الْمُنَاسِبُ وَلَوْ فَرْضًا فَيُفْهِمُ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي النَّفْلِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. أَمَّا الْفَرْضُ فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ عُذْرٌ فَلَهَا نَفَقَةُ الْحَضَرِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ مَعَهَا وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ لَا مَعَهُ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ: أَيْ حَاجَّةٌ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ لَا مَعَهُ.
(قَوْلُهُ لِفَوَاتِ الِاحْتِبَاسِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا نَفَقَةَ لِأَحَدَ عَشَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَهُ) أَيْ وَلَوْ حَجَّتْ مَعَ الزَّوْجِ وَلَوْ كَانَ الْحَجُّ نَفْلًا كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ ط. قُلْت: وَكَذَا لَوْ خَرَجَتْ مَعَهُ لِعُمْرَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ لِقِيَامِ الِاحْتِبَاسِ لِكَوْنِهَا مَعَهُ (قَوْلُهُ لَا نَفَقَةُ السَّفَرِ وَالْكِرَاءِ) فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ فِي الْحَضَرِ لَا فِي السَّفَرِ بَحْرٌ قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إذَا خَرَجَ مَعَهَا لِأَجْلِهَا، أَمَّا لَوْ أَخْرَجَهَا هُوَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ) عِبَارَةُ الْهِنْدِيَّةِ مِنْ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ) أَوْ يَأْتِيَهَا بِمَنْ يَكْفِيهَا عَمَلَ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ هِنْدِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ) وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ السَّرَخْسِيُّ: لَا تُجْبَرُ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ تَطْبُخْ لَا يُعْطِيهَا الْإِدَامَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
وَمَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَزَاهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى أَبِي اللَّيْثِ، وَمُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْخَبْزِ تَأَمَّلْ، لَكِنْ رَأَيْت صَاحِبَ النَّهْرِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يُعْطِيهَا الْإِدَامَ، أَيْ إدَامٌ هُوَ طَعَامٌ لَا مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا دِيَانَةً) فَتُفْتَى بِهِ، وَلَكِنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ أَبَتْ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرِيفَةً) كَذَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَخْدِمُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ وَإِلَّا لَا، فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا دِيَانَةً لَمْ يَبْقَ فَرْقٌ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّرِيفَةَ قَدْ تَكُونُ مِمَّنْ تَخْدِمُ نَفْسَهَا وَقَدْ لَا تَكُونُ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ اعْتِبَارُ حَالِهَا فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ لَا فِي الشَّرَفِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّ الشَّرِيفَةَ الْفَقِيرَةَ تَخْدِمُ نَفْسَهَا، وَحَالُهُ عليه الصلاة والسلام وَحَالُ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي غَايَةٍ مِنْ التَّقَلُّلِ مِنْ الدُّنْيَا فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ حَالُ أَهْلِ التَّوَسُّعِ تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ تُؤَيِّدُهُ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ تَخْدِمُ نَفْسَهَا فَعَلَيْهَا الطَّبْخُ وَالْخَبْزُ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِبْدٍ) كَجِلْدٍ وَاحِدُ اللُّبُودِ وَالطِّنْفَسَةُ مُثَلَّثًا الْبِسَاطُ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ) حَيْثُ قَالَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا تُنَظِّفُ بِهِ وَتُزِيلُ الْوَسَخَ كَالْمُشْطِ وَالدُّهْنِ وَالسِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ وَالْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ، أَمَّا الْخِضَابُ وَالْكُحْلُ فَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ هُوَ
قِيلَ عَلَيْهِ وَقِيلَ عَلَيْهَا.
(وَتُفْرَضُ لَهَا الْكُسْوَةُ فِي كُلِّ نِصْفِ حَوْلٍ مَرَّةً) لِتَجَدُّدِ الْحَاجَةِ حَرًّا وَبَرْدًا (وَلِلزَّوْجِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ) وَلَوْ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي خُلَاصَةٌ (إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْقَاضِي عَدَمُ إنْفَاقِهِ فَيَفْرِضُ) أَيْ يُقَدِّرُ (لَهَا) بِطَلَبِهَا مَعَ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى اخْتِيَارِهِ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَقْطَعُ بِهِ السَّهُوكَةَ لَا غَيْرُ، وَعَلَيْهِ مَا تَقْطَعُ بِهِ الصُّنَانَ لَا الدَّوَاءُ لِلْمَرَضِ وَلَا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَلَا الْفِصَادُ وَلَا الْحِجَامُ، وَعَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا تَغْسِلُ بِهِ ثِيَابَهَا وَبَدَنَهَا لَا شِرَاءُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ بَلْ يَنْقُلُهُ إلَيْهَا أَوْ يَأْذَنُ لَهَا بِنَقْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً اسْتَأْجَرَتْ مَنْ يَنْقُلُهُ إلَيْهَا وَعَلَيْهِ مَاءُ الْوُضُوءِ. اهـ لَكِنْ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ ثَمَنَ مَاءِ الِاغْتِسَالِ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا مَاءُ الْوُضُوءِ، وَعَلَيْهِ فَتْوَى مَشَايِخِ بَلْخٍ وَالصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ قَاضِي خَانْ. اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَا تُفْرَضُ لَهَا الْفَاكِهَةُ، وَالسَّهَكُ بِالتَّحْرِيكِ: رِيحُ الْعَرَقِ، وَالصُّنَانُ: دَفَرُ الْإِبْطِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ نَتَنُهُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.
[تَنْبِيهٌ] قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لَهَا الْقَهْوَةُ وَالدُّخَانُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الدَّوَاءِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ التَّفَكُّهِ فَكُلٌّ مِنْ الدَّوَاءِ وَالتَّفَكُّهِ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ قِيلَ عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ: فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْجِمَاعِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ عَلَيْهَا كَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ اهـ وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ قِيَاسٌ ذُو وَجْهَيْنِ لَمْ يَجْزِمْ أَحَدٌ مِنْ الْمَشَايِخِ بِأَحَدِهِمَا خِلَافُ مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَيَظْهَرُ لِي تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ الْقَابِلَةِ مُعْظَمَهُ يَعُودُ إلَى الْوَلَدِ فَيَكُونُ عَلَى أَبِيهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَتُفْرَضُ لَهَا الْكُسْوَةُ) كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَصِلَ الْكَلَامَ عَلَى الْكُسْوَةِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، بِأَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ إلَخْ هُنَا أَوْ يُؤَخِّرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ هُنَاكَ ط. وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْدِيرَ الْكُسْوَةِ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَالْعَادَاتِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِالْمَعْرُوفِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ، فَإِنْ شَاءَ فَرَضَهَا أَصْنَافًا، وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَقَضَى بِالْقِيمَةِ، كَذَا فِي الْمُجْتَبَى. وَفِي الْبَدَائِعِ: الْكُسْوَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ كَالنَّفَقَةِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِ فَقَطْ أَوْ حَالِهِمَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ نِصْفِ حَوْلٍ مَرَّةً) إلَّا إذَا تَزَوَّجَ وَبَنَى بِهَا وَلَمْ يَبْعَثْ لَهَا كُسْوَةً فَتُطَالِبُهُ بِهَا قَبْلَ نِصْفِ الْحَوْلِ، وَالْكُسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تَجِبُ لَهَا مُعَجَّلَةً لَا بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُجَدِّدُ لَهَا الْكُسْوَةَ مَا لَمْ يَتَخَرَّقْ مَا عِنْدَهَا أَوْ يَبْلُغْ الْوَقْتَ الَّذِي يَكْسُوهَا كَافِي الْحَاكِمِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلِخَادِمِهَا.
(قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ) لِكَوْنِهِ قَوَّامًا عَلَيْهَا لَا لِيَأْخُذَ مَا فَضَلَ، فَإِنَّ الْمَفْرُوضَةَ أَوْ الْمَدْفُوعَةَ لَهَا مِلْكٌ لَهَا، فَلَهَا الْإِطْعَامُ مِنْهَا وَالتَّصَدُّقُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ أَمَرَتْهُ بِإِنْفَاقِ بَعْضِ الْمُقَرَّرِ لَهَا فَالْبَاقِي لَهَا أَوْ بِشِرَاءِ طَعَامٍ لَيْسَ لَهُ أَكْلُ مَا فَضَلَ عَنْهَا. وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ أَكَلَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ لَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْمَفْرُوضِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ فَرْضِ الْقَاضِي أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَطْلُهُ وَعَدَمُ إنْفَاقِهِ كَمَا تَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ فَيَفْرِضُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَبَيَانُ نَتِيجَتِهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَدِّلَهُ بِقَوْلِهِ فَيَأْمُرَهُ لِيُعْطِيَهَا: أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، بَلْ يَدْفَعَ لَهَا مَا تُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَقَدْ صَلَّحَ الشَّارِحُ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ عَطَفَ قَوْلَهُ وَيَأْمُرُهُ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ فَيَفْرِضُ لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَذْفُ قَوْلِهِ إنْ شَكَتْ مَطْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَظْهَرَ لِلْقَاضِي عَدَمُ إنْفَاقِهِ مَعَ إيهَامِهِ الِاكْتِفَاءَ بِمُجَرَّدِ الشِّكَايَةِ، وَيُوَضِّحُ مَا قُلْنَاهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالذَّخِيرَةِ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِنْفَاقَ إلَّا إذَا ظَهَرَ عِنْدَ الْقَاضِي مَطْلُهُ، فَحِينَئِذٍ يَفْرِضُ النَّفَقَةَ وَيَأْمُرُهُ لِيُعْطِيَهَا لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا نَظَرًا لَهَا، فَإِنْ لَمْ يُعْطِ حَبَسَهُ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ النَّفَقَةُ. اهـ وَقَوْلُهُ بِطَلَبِهَا مَعَ حَضْرَتِهِ بَيَانٌ لِشَرْطَيْنِ لِجَوَازِ فَرْضِ الْقَاضِي النَّفَقَةَ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَدَائِعِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ فَرْضُهَا عَلَى الْغَائِبِ لَوْ لَهُ مَالٌ عِنْدَ مَنْ يُقِرُّ بِهِ وَبِالزَّوْجِيَّةِ وَمُطْلَقًا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ الْمُفْتَى بِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ شَرْطٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ ظُهُورُ مَطْلِهِ،
حَضْرَتِهِ وَيَأْمُرُهُ لِيُعْطِيَهَا إنْ شَكَتْ مَطْلَهُ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبَ مَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ وَتَتَّخِذَ ثَوْبًا مِنْ كِرْبَاسِهِ بِلَا إذْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْطِ حَبَسَهُ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ النَّفَقَةُ خُلَاصَةٌ وَغَيْرُهَا، وَقَوْلُهُ (فِي كُلِّ شَهْرٍ) أَيْ كُلِّ مُدَّةٍ تُنَاسِبُهُ كَيَوْمٍ لِلْمُحْتَرِفِ وَسَنَةٍ لِلدِّهْقَانِ، وَلَهُ الدَّفْعُ كُلَّ يَوْمٍ، كَمَا لَهَا الطَّلَبُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ الْمَسَاءِ لِلْيَوْمِ الْآتِي. -
ــ
[رد المحتار]
وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبَ مَائِدَةٍ بَيَانٌ لِشَرْطٍ رَابِعٍ ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ حَيْثُ قَالَ: إذَا كَانَ لَهُ طَعَامٌ كَثِيرٌ وَهُوَ صَاحِبُ مَائِدَةٍ يُمَكِّنُ الْمَرْأَةَ مِنْ تَنَاوُلِ مِقْدَارِ كِفَايَتِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِفَرْضِ النَّفَقَةِ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَإِنْ رَضِيَتْ أَنْ تَأْكُلَ مَعَهُ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ خَاصَمَتْهُ يَفْرِضُ لَهَا بِالْمَعْرُوفِ. اهـ وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِصَاحِبِ الْمَائِدَةِ مَنْ يُمْكِنُهَا تَنَاوُلُ كِفَايَتِهَا مِنْ طَعَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْ لَا فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهَا إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ الشَّرْطِ الرَّابِعِ، أَيْ لِكَوْنِهَا يَحِلُّ لَهَا تَنَاوُلُ كِفَايَتِهَا وَلَوْ بِدُونِ إذْنِهِ لَا يَفْرِضُ لَهَا إذَا أَمْكَنَهَا ذَلِكَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْطِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِيُعْطِيَهَا: وَفِي الْفَتْحِ: امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مَعَ الْيُسْرِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَيَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ عَلَيْهِ وَيَصْرِفُهُ فِي نَفَقَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَالَهُ يَحْبِسُهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَلَا يَفْسَخُ وَلَا يُبَاعُ مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُصُولِ حَوَائِجِهِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِهِ، وَقِيلَ يَبِيعُ مَا سِوَى الْإِزَارِ إلَّا فِي الْبَرْدِ، وَقِيلَ مَا سِوَى دَسْتُ مِنْ الثِّيَابِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَلْوَانِيُّ، وَقِيلَ دَسْتَيْنِ وَإِلَيْهِ مَالَ السَّرَخْسِيُّ، وَلَا تُبَاعُ عِمَامَتُهُ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الْمُحِيطِ دُرٌّ مُنْتَقَى. وَالدَّسْتُ مِنْ الثِّيَابِ: مَا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ وَيَكْفِيهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي حَوَائِجِهِ جَمْعُهُ دُسُوتٌ مِصْبَاحٌ.
(قَوْلُهُ أَيْ كُلِّ مُدَّةٍ تُنَاسِبُهُ إلَخْ) قَالُوا: يُعْتَبَرُ فِي الْفَرْضِ الْأَصْلَحُ، وَالْأَيْسَرُ فَفِي الْمُحْتَرِفِ يَوْمًا بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ نَفَقَةِ شَهْرٍ دُفْعَةً، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْطِيهَا مُعَجَّلًا، وَيُعْطِيهَا كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ الْمَسَاءِ عَنْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ الْمَسَاءَ لِتَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّرْفِ فِي حَاجَتِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنْ كَانَ تَاجِرًا فَنَفَقَةُ شَهْرٍ بِشَهْرِ، أَوْ مِنْ الدَّهَاقِينِ فَنَفَقَةُ سَنَةٍ بِسَنَةٍ أَوْ مِنْ الصُّنَّاعِ الَّذِينَ لَا يَنْقَضِي عَمَلُهُمْ إلَّا بِانْقِضَاءِ الْأُسْبُوعِ كَذَلِكَ فَتْحٌ وَغَيْرُهُ.
قُلْت: وَمَشَى فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّقْدِيرِ بِشَهْرِ؛ لِأَنَّهُ وَسَطٌ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ، نَعَمْ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ وَأَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ اعْتَبَرَ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي حَالِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَلَهُ الدَّفْعُ كُلَّ يَوْمٍ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا حَيْثُ ذَكَرَ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ، ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ، وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ أَنَا أَدْفَعُ نَفَقَةَ كُلِّ يَوْمٍ مُعَجَّلًا لَا يُجِيزُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ مَا ذَكَرَ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ يَضُرُّهُ لَا يَفْعَلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلَّ مُدَّةٍ نَاسَبَتْ حَالَ الزَّوْجِ أَنَّهُ يُعَجِّلُ نَفَقَتَهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْيَوْمِ. اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا لَهَا الطَّلَبُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ مَا مَرَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ التَّقْدِيرِ بِشَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْآجَالِ الْمُعْتَادَةِ ثُمَّ قَالَ وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَطْلُبَ كُلَّ يَوْمٍ فَإِنَّمَا تَطْلُبُ عِنْدَ الْمَسَاءِ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلِّ يَوْمٍ مَعْلُومَةٌ فَيُمْكِنُ طَلَبُهَا بِخِلَافِ مَا دُونَ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالسَّاعَاتِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ. اهـ فَأَفَادَ أَنَّ الْخِيَارَ لَهَا فِي طَلَبِ كُلِّ يَوْمٍ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهَا نَفَقَةَ الشَّهْرِ، فَلَا يُنَافِي مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ جَعْلِ الْخِيَارِ لَهُ فِي الدَّفْعِ كُلَّ يَوْمٍ فَافْهَمْ، نَعَمْ جَعْلُ الْخِيَارِ لَهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ إضْرَارٌ بِهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ حَيْثُ يُحْوِجُهَا إلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَإِلَى الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُنَازَعَةِ، وَرُبَّمَا لَا تَجِدُهُ وَإِنْ وَجَدَتْهُ لَا يُعْطِيهَا، فَالْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ مِنْ التَّقْدِيرِ بِالشَّهْرِ وَجَعْلِ الْخِيَارِ لَهَا فِي الْأَخْذِ كُلَّ يَوْمٍ، لَكِنْ إذَا مَاطَلَهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إذَا دَفَعَ لَهَا نَفَقَةَ كُلِّ شَهْرٍ فَامْتَنَعَتْ وَطَلَبَتْ الْأَخْذَ كُلَّ يَوْمٍ تَكُونُ مُتَعَنِّتَةً قَاصِدَةً لِإِضْرَارِهِ وَمُخَاصَمَتِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الْمُوَافِقِ لِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَالْخُصُومَةِ.