المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٣

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك]

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا]

- ‌بَابُ الْوَلِيِّ

- ‌[فُرُوعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ لِوَلِيِّ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْكَفَاءَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَكِيلِ وَالْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الْمَهْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَطِّ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي السَّفَرِ بِالزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُرْسِلُهُ إلَى الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ

- ‌فُرُوعٌ] الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَهْرِ السِّرِّ وَمَهْرِ الْعَلَانِيَةِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ

- ‌[مَطْلَبُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات]

- ‌بَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاق]

- ‌[أَلْفَاظ الطَّلَاق]

- ‌[مَحِلّ الطَّلَاق]

- ‌[أَهْل الطَّلَاق]

- ‌[رُكْن الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ السَّكْرَانِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اعْتِبَارُ عَدَدِ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ]

- ‌بَابُ الْكِنَايَاتِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ

- ‌بَابُ التَّعْلِيقِ

- ‌[مطلب فِي أَلْفَاظ الشَّرْط]

- ‌[مَطْلَبٌ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ بِعَطْفٍ أَوْ بِدُونِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمُبَانَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حِيلَةُ إسْقَاطِ عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ إقْرَارٌ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ]

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَائِدَةٌ فِي شُرَطُ قَبُول الْخُلْعَ وألفاظه]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الْمَرِيضَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] : قَالَ خَالِعَتك عَلَى أَلْفٍ قَالَهُ ثَلَاثًا فَقَبِلَتْ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ:

- ‌[بَاب كَفَّارَة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ:

- ‌[مَطْلَبٌ الْحَمْلُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا]

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ:

- ‌[مطلب فِي عدة الْمَوْت]

- ‌[مَطْلَبٌ عِدَّةُ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا هَلْ تَعْتَدُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُسْكِنَ الْمُعْتَدَّة بِجِوَارِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌[فَرْعٌ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَشَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ شَرَاهَا]

- ‌بَابُ الْحَضَانَةِ:

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الْمَرْأَةِ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ خَادِمِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَبِالْغَيْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَصِيرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُؤْنِسَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الصَّغِيرُ وَالْمُكْتَسِبُ نَفَقَةً فِي كَسْبِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إرْضَاعِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كِنَايَاتِ الْإِعْتَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ]

- ‌بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ بِعْت مِنْك نَصِيبِي]

- ‌بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعَلٍ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحُلْف بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَعْتِقُ]

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] .قَالَ مَرِيضٌ أَعْتِقُوا غُلَامِي بَعْدَ مَوْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ]

- ‌[فُرُوعٌ] أَرَادَ وَطْءَ أَمَتِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ]حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ

- ‌[فُرُوعٌ] حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَالْآخَرُ بَصَلًا وَالْآخَرُ فِلْفِلًا فَطُبِخَ حَشْوٌ فِيهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَكَلُوا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ] قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا

الفصل: ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

قُلْت: وَيَنْبَغِي حِنْثُهُ بِالْبَعِيرِ فِي مِصْرَ وَالشَّامِ وَبِالْفِيلِ فِي الْهِنْدِ لِلتَّعَارُفِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الدَّابَّةِ مُكْرَهًا فَلَا حِنْثَ كَحَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ فَرَسًا فَرَكِبَ بِرْذَوْنًا أَوْ بِعَكْسِهِ لِأَنَّ الْفَرَسَ اسْمٌ لِلْعَرَبِيِّ وَالْبِرْذَوْنَ اسْمٌ لِلْعَجَمِيِّ، وَالْخَيْلُ يَعُمُّ هَذَا لَوْ يَمِينُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ حَنِثَ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا حَنِثَ بِكُلِّ مَرْكَبٍ سَفِينَةً أَوْ مَحْمَلًا أَوْ دَابَّةً سِوَى الْآدَمِيِّ، وَسَيَجِيءُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حَيَوَانًا أَوْ دَابَّةً.

‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ

(ثُمَّ الْأَكْلُ إيصَالُ مَا يَحْتَمِلُ الْمَضْغَ بِفِيهِ إلَى الْجَوْفِ) كَخُبْزٍ وَفَاكِهَةٍ (مَضَغَ أَوْ لَا) أَيْ وَإِنْ ابْتَلَعَهُ بِغَيْرِ مَضْغٍ (وَالشُّرْبُ إيصَالُ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْأَكْلَ مِنْ الْمَائِعَاتِ إلَى الْجَوْفِ) كَمَاءٍ وَعَسَلٍ، فَفِي حَلِفٍ لَا يَأْكُلُ بَيْضَةً حَنِثَ بِبَلْعِهَا

ــ

[رد المحتار]

بِالْحِمَارِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَالِفُ مُسَافِرًا أَنْ يَحْنَثَ بِالْجَمَلِ بِلَا نِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي حِنْثُهُ بِالْبَعِيرِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرْكَبُ الْبَعِيرَ كَالْمُسَافِرِ وَالْجَمَّالِ وَأَهْلِ الْبَدْوِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حُمِلَ إلَخْ) أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الرُّكُوبِ فَرَكِبَ حَنِثَ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ قَرِيبًا فَالْيَمِينُ عَلَى مَا يَرْكَبُهُ النَّاسُ، نَعَمْ فِي بَعْضٍ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة حَلَفَ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا فَرَكِبَ سَفِينَةً قَالَ الْحَسَنُ فِي الْمُجَرَّدِ لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ لَكِنَّ الْعُرْفَ الْآنَ الْمَرْكَبُ خَاصٌّ بِالسَّفِينَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ قَرِيبًا فِي الْبَابِ الْآتِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ]

لَمْ يَذْكُرْ مَسَائِلَ اللُّبْسِ هُنَا بَلْ ذَكَرَهَا فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَ اللُّبْسِ مِنْ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَذِكْرَهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَكْلُ) تَرْتِيبٌ إخْبَارِيٌّ ط (قَوْلُهُ إلَى الْجَوْفِ) . مُتَعَلِّقٌ بِإِيصَالٍ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ كَذَا أَوْ لَا يَشْرَبُ فَأَدْخَلَهُ فِي فِيهِ وَمَضَغَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُدْخِلَهُ فِي جَوْفِهِ لِأَنَّهُ بِدُونِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ أَكْلًا بَلْ يَكُونُ ذَوْقًا ط عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَمَاءٍ وَعَسَلٍ) أَيْ غَيْرِ جَامِدٍ وَإِلَّا فَهُوَ مَأْكُولٌ تَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ الْمَائِعَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْمَضْغَ إنَّمَا يُسَمَّى مَشْرُوبًا إذَا تَنَاوَلَهُ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ مَأْكُولٌ وَكَذَا عَكْسُهُ. فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا اللَّبَنَ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْعَسَلَ أَوْ الْخَلَّ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ وَلَوْ أَكَلَهُ بِانْفِرَادِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ شُرْبٌ لَا أَكْلٌ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْخُبْزَ فَجَفَّفَهُ ثُمَّ دَقَّهُ وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ شُرْبٌ لَا أَكْلٌ اهـ وَفِي الْفَتْحِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ ثَرَدَ فِيهِ فَأَوْصَلَهُ إلَى جَوْفِهِ حَنِثَ اهـ وَقَوْلُهُ ثَرَدَ فِيهِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ فَتَّ الْخُبْزَ فِيهِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّبَنَ فَطَبَخَ بِهِ أُرْزًا فَأَكَلَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ مَاءً وَإِنْ كَانَ يَرَى عَيْنَهُ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ جُبْنًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْلَ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ السَّمْنَ فَأَكَلَ سَوِيقًا مَلْتُوتًا بِالسَّمْنِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ إنْ كَانَ السَّمْنُ مُسْتَبِينًا يَجِدُ طَعْمَهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَهْلَكٍ، وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُخْتَصَرِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ سَالَ مِنْهُ السَّمْنُ حَنِثَ وَإِلَّا لَا وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ قَالَ أَيْ قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْأُرْزِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ اهـ.

قُلْت: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا كَلَبَنٍ وَسَمْنٍ وَخَلٍّ فَإِنْ شَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ تَنَاوَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُسْتَهْلَكْ كَأَكْلِهِ بِخُبْزٍ أَوْ تَمْرٍ حَنِثَ، وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ بِأَنْ لَا يَجِدَ طَعْمَهُ أَوْ بِأَنْ لَا يَنْعَصِرَ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِهِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ السَّائِحَانِيُّ وَقَوْلُ الْحَاكِمِ أَرْفَقُ وَلِذَا مَشَتْ عَلَيْهِ الشُّرُوحُ اهـ وَأَمَّا لَوْ خَلَطَ مَأْكُولًا بِمَأْكُولٍ آخَرَ فَيَأْتِي بِبَيَانِهِ فِي الْفُرُوعِ الْآتِيَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ (قَوْلُهُ فَفِي حَلِفِهِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى تَعْرِيفِ الْأَكْلِ ط (قَوْلُهُ حَنِثَ بِبَلْعِهَا) أَيْ مَعَ قِشْرِهَا أَوْ بِدُونِهِ

ص: 765

وَفِي لَا يَأْكُلُ عِنَبًا مَثَلًا لَا يَحْنَثُ بِمَصِّهِ لِأَنَّ الْمَصَّ نَوْعٌ ثَالِثٌ، وَلَوْ عَصَرَهُ وَأَكَلَ قِشْرَهُ حَنِثَ بَدَائِعُ لَكِنْ فِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا لَا يَحْنَثُ بِمَصِّهِ وَفِي عُرْفِنَا يَحْنَثُ، وَأَمَّا الذَّوْقُ فَعَمَلُ الْفَمِ لِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ الطَّعْمِ وَصَلَ إلَى

ــ

[رد المحتار]

إذَا كَانَتْ مَسْلُوقَةً (قَوْلُهُ وَفِي لَا يَأْكُلُ عِنَبًا إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عِنَبًا أَوْ رُمَّانًا فَجَعَلَ يَمْتَصُّهُ وَيَرْمِي تُفْلَهُ وَيَبْتَلِعُ الْمُتَحَصِّلَ بِالْمَصِّ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ أَكْلًا وَلَا شُرْبًا بَلْ مَصٌّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ.

قُلْت: لَكِنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الشُّرْبِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ إيصَالُ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْمَضْغَ مِنْ الْمَائِعَاتِ إلَى الْجَوْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمَائِعَ وَقْتَ إدْخَالِهِ الْفَمَ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَصِّ اسْتِخْرَاجُ مَائِيَّةِ الْجَامِدِ بِالْفَمِ وَإِيصَالُهَا إلَى الْجَوْفِ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَمُصُّ شَيْئًا لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ الْمَائِعِ مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ فِي شُرْبِ الْمَاءِ الْمَصُّ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمَصَّ أَعَمُّ مِنْ الشُّرْبِ مِنْ وَجْهٍ، فَيَجْتَمِعَانِ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْمَاءَ بِفِيهِ مَعَ ضِيقِ الشَّفَتَيْنِ، وَيَنْفَرِدُ الشُّرْبُ بِالْعَبِّ وَالْمَصِّ بِاسْتِجْلَابِ مَائِيَّةِ الْجَامِدِ بِالْفَمِ، حَتَّى لَوْ عَصَرَ الْفَاكِهَةَ وَشَرِبَ مَاءَهَا عَبًّا يَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ لَا يَشْرَبُ لَا فِي حَلِفِهِ لَا يَمُصُّ، وَلَوْ شَرِبَهُ مَصًّا حَنِثَ فِيهِمَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَصَّ نَوْعٌ ثَالِثٌ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَوْجُهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ شُرْبًا كَمَا عَلِمْته (قَوْلُهُ وَأَكَلَ قِشْرَهُ) أَيْ وَلَمْ يَشْرَبْ مَاءَهُ لِأَنَّ ذَهَابَ الْمَاءِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَكْلًا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا مَضَغَهُ وَابْتَلَعَ الْمَاءَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ آكِلًا لَهُ بِابْتِلَاعِ الْمَاءِ فَدَلَّ أَنَّ أَكْلَ الْعِنَبِ هُوَ أَكْلُ الْقِشْرِ وَالْحِصْرِمِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ فَيَحْنَثُ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّهُ إذَا ابْتَلَعَ مَاءَهُ فَقَطْ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ ابْتَلَعَ الْحَبَّ أَيْضًا دُونَ الْقِشْرِ يَحْنَثُ وَعَلَّلَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِأَنَّ الْعِنَبَ اسْمٌ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَفِي الْأَوَّلِ أَكَلَ الْأَقَلَّ وَفِي الثَّانِي الْأَكْثَرَ وَلَهُ حُكْمُ الْكُلِّ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ بِمَصِّهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْلٍ فَقَدْ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمَضْغُ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي عُرْفِنَا يَحْنَثُ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقَلَانِسِيِّ وَهُوَ مَحَطُّ الِاسْتِدْرَاكِ. اهـ. ح أَيْ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ بِالْمَضْغِ وَبِالْمَصِّ عَادَةً، وَكَذَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الذَّوْقُ فَعَمَلُ الْفَمِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْحَقُّ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ خِلَافًا لِمَا فِي النَّظْمِ مِنْ أَنَّهُ عَمَلُ الشِّفَاهِ دُونَ الْحَلْقِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ مَأْخُوذٌ فِي مَفْهُومِ الذَّوْقِ.

قُلْت: لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ: حَلَفَ لَا يَذُوقُ فَيَمِينُهُ عَلَى الذَّوْقِ حَقِيقَةً، وَهُوَ أَنْ لَا يُوصَلَ إلَى جَوْفِهِ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَهُ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ نَحْوُ أَنْ يُقَالَ تَغَدَّ مَعِي فَحَلَفَ لَا يَذُوقُ مَعَهُ طَعَامًا فَهَذَا عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. اهـ.

مَطْلَبُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالذَّوْقِ

(قَوْلُهُ فَكُلُّ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ذَوْقٌ وَلَا عَكْسَ) أَيْ وَلَيْسَ كُلُّ ذَوْقٍ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الذَّوْقَ أَعَمُّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى الْجَوْفِ بَلْ يَصْدُقُ بِدُونِهِ بِخِلَافِهِمَا، فَإِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ يَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ لَا يَذُوقُ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ فَذَاقَ بِلَا إيصَالٍ إلَى الْجَوْفِ لَمْ يَحْنَثْ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَتَحَقَّقُ الْأَكْلُ بِلَا ذَوْقٍ كَمَا لَوْ ابْتَلَعَ مَا يَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ طَعْمِهِ عَلَى الْمَضْغِ كَبَيْضَةٍ أَوْ لَوْزَةٍ وَعَلَيْهِ فَبَيْنَ الْأَكْلِ وَالذَّوْقِ عُمُومٌ وَجْهِيٌّ وَعَنْ هَذَا

ص: 766

الْجَوْفِ أَمْ لَا فَكُلُّ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ذَوْقٌ وَلَا عَكْسَ، وَلَوْ تَمَضْمَضَ لِلصَّلَاةِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ عَنَى بِالذَّوْقِ الْأَكْلَ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا لِدَلِيلٍ.

(حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ) أَوْ الْكَرْمَةِ (تَقَيَّدَ حِنْثُهُ بِأَكْلِهِ مِنْ ثَمَرِهَا) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِلَا تَغَيُّرٍ بِصَنْعَةٍ جَدِيدَةٍ فَيَحْنَثُ بِالْعَصِيرِ لَا بِالدُّبْسِ الْمَطْبُوخِ، وَلَا بِوَصْلِ غُصْنٍ مِنْهَا بِشَجَرَةٍ أُخْرَى (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ)

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ قَوْلَ الْمُحِيطِ لَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ يَحْنَثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَكْلُ الْمُقْتَرِنُ بِالْمَضْغِ أَوْ بَلَعَ مَا يُدْرِكُ طَعْمَهُ بِلَا مَضْغٍ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ مَنْ ابْتَلَعَ قَلْبَ لَوْزَةٍ لَا يُقَالُ فِيهِ ذَاقَهَا وَلَا يَحْنَثُ بِبَلْعِهَا. اهـ.

قُلْت: وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ النَّظْمِ فَبَيْنَهُمَا التَّبَايُنُ كَمَا بَيْنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِفِعْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ) أَيْ فِي حَلِفِهِ لَا يَذُوقُ الْمَاءَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ ذَوْقَ الْمَاءِ بَلْ إقَامَةَ الْقُرْبَةِ وَلِذَاكِرِهِ الذَّوْقُ لِلصَّائِمِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصْدُقْ إلَّا لِدَلِيلٍ) أَيْ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَهُ تَغَدَّ مَعِي كَمَا مَرَّ وَكَذَا الْعُرْفُ الْآنَ لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لَا أَذُوقُ فِي بَيْتِ زَيْدٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْأَكْلُ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ

مَطْلَبُ إذَا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ أَوْ وَجَدَ عُرْفًا بِخِلَافِهَا تُرِكَتْ

(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَخْ) الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْعَمَلَ بِالْحَقِيقَةِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ وُجِدَ عُرْفٌ بِخِلَافِ الْحَقِيقَةِ تُرِكَتْ، فَإِذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مَا هُوَ مَأْكُولٌ بِعَيْنِهِ انْصَرَفَتْ إلَى الْعَيْنِ لِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ، وَإِذَا عَقَدَهَا عَلَى مَا لَيْسَ مَأْكُولًا بِعَيْنِهِ أَوْ هُوَ مَأْكُولٌ إلَّا أَنَّهُ لَا تُؤْكَلُ عَيْنُهُ عَادَةً انْصَرَفَتْ إلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ مَجَازًا لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ شَيْئًا فَأَكَلَ مِنْ لَبَنِهَا أَوْ سَمْنِهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ عَيْنَ الشَّاةِ مَأْكُولَةٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى عَيْنِهَا لَا مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا وَكَذَا الْعِنَبُ، فَلَا يَحْنَثُ بِزَبِيبِهِ وَعَصِيرِهِ، وَفِي النَّخْلَةِ يَحْنَثُ بِتَمْرِهَا وَطَلْعِهَا لِأَنَّ عَيْنَهَا غَيْرُ مَأْكُولَةٍ، وَفِي الدَّقِيقِ يَحْنَثُ بِخُبْزِهِ لِأَنَّ الدَّقِيقَ وَإِنْ كَانَ يُؤْكَلُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَلِكَ عَادَةً وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ الْكَرْمَةِ) شَجَرَةُ الْعِنَبِ وَلَمْ أَرَهَا بِالتَّاءِ فَلْتُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بِالْمُثَلَّثَةِ) لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ تَمْرًا بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْجِمَارِ، وَهُوَ شَيْءٌ أَبْيَضُ لَيِّنٌ فِي رَأْسِ النَّخْلَةِ وَلِأَنَّ النَّخْلَةَ مِثَالٌ وَالْمُرَادُ مَا يَعُمُّهَا وَغَيْرَهَا مِمَّا لَا تُؤْكَلُ عَيْنُهُ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِالْعَصِيرِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْأَكْلِ، وَالْعَصِيرُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَكْلَ هُنَا مَجَازٌ عَنْ التَّنَاوُلِ، فَالْمُرَادُ لَا أَتَنَاوَلُ مِنْهَا شَيْئًا ط.

قُلْت: مُقْتَضَى الْجَوَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِشُرْبِ الْعَصِيرِ وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ فَإِنَّ كَلَامَهُمْ يَصِحُّ بِدُونِ هَذَا التَّأْوِيلِ. فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الْبَحْرِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا اللَّبَنَ أَوْ الْعَسَلَ أَوْ الْخَلَّ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ يَحْنَثُ لِأَنَّ أَكْلَهُ هَكَذَا يَكُونُ، وَكَذَا لَوْ ثَرَدَ فِي اللَّبَنِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا يَنْصَرِفُ إلَى كُلِّ مَأْكُولٍ مَطْعُومٍ حَتَّى لَوْ أَكَلَ الْخَلَّ يَحْنَثُ اهـ فَقَدْ صَحَّ أَكْلُ مَا يُشْرَبُ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا بِالدِّبْسِ الْمَطْبُوخِ) وَكَذَا النَّبِيذُ وَالنَّاطِفُ وَالْخَلُّ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى فِعْلٍ حَادِثٍ، فَلَمْ يَبْقَ مُضَافًا إلَى الشَّجَرَةِ بَحْرٌ، وَلِذَا عَطَفَ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى - {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} [يس: 35]- فَتْحٌ. وَاحْتَرَزَ بِالْمَطْبُوخِ عَمَّا يَسِيلُ مِنْ الرُّطَبِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ

مَطْلَبُ فِيمَا لَوْ وَصَلَ غُصْنَ شَجَرَةٍ بِأُخْرَى

(قَوْلُهُ وَلَا بِوَصْلِ إلَخْ) يَعْنِي إذَا قَطَعَ غُصْنًا مِنْ الشَّجَرَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَوَصَلَهُ بِشَجَرَةٍ أُخْرَى وَأَكَلَ مِنْ الثَّمَرِ الْخَارِجِ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ. ح. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْنَثُ فَتْحٌ وَبَحْرٌ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغُصْنَ صَارَ جُزْءًا مِنْ الثَّانِيَةِ وَلَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ أَكْلًا مِنْ الْأُولَى، وَمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّجَرَتَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ نَوْعَيْنِ،

ص: 767

لِلشَّجَرَةِ ثَمَرَةٌ (تَنْصَرِفُ) يَمِينُهُ (إلَى ثَمَنِهَا فَيَحْنَثُ إذَا اشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا وَأَكَلَهُ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْ عَيْنِ النَّخْلَةِ لَا يَحْنَثُ) وَإِنْ نَوَاهَا لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ مَهْجُورَةٌ وَلْوَالَجِيَّةٌ. وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ نَوَى أَكْلَ عَيْنِهَا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِشَيْخِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصْدُقَ قَضَاءً لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ. زَادَ فِي النَّهْرِ فَإِنْ قُلْت: وَرَقُ الْكَرَمِ مِمَّا يُؤْكَلُ عُرْفًا فَيَنْبَغِي صَرْفُ الْيَمِينِ لِعَيْنِهِ.

قُلْت: أَهْلُ الْعُرْفِ إنَّمَا يَأْكُلُونَهُ مَطْبُوخًا (وَفِي الشَّاةِ يَحْنَثُ بِاللَّحْمِ خَاصَّةً) لَا بِاللَّبَنِ لِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ فَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ عَلَيْهَا.

(وَلَا يَحْنَثُ فِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ أَوْ الرُّطَبِ أَوْ اللَّبَنِ بِأَكْلِ رُطَبِهِ وَتَمْرِهِ وَشِيرَازِهِ) لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ دَاعِيَةٌ إلَى الْيَمِينِ فَتَتَقَيَّدُ بِهَا (بِخِلَافِ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ

ــ

[رد المحتار]

وَنَقَلَ فِي الذَّخِيرَةِ الْمَسْأَلَةُ مُطْلَقَةٌ كَمَا مَرَّ ثُمَّ صَوَّرَهَا بِمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ شَجَرَةِ التُّفَّاحِ، فَوَصَلَ بِهَا غُصْنَ شَجَرَةِ الْكُمَّثْرَى قَالَ: فَإِنْ سَمَّاهَا بِاسْمِهَا مَعَ الْإِشَارَةِ بِأَنْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ التُّفَّاحِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهَا بَلْ قَالَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ حَنِثَ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الرِّوَايَةَ هَكَذَا.

قُلْت: وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِحَمْلِ الْحِنْثِ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ، وَسَمَّى الشَّجَرَةَ بِاسْمِهَا ثُمَّ أَكَلَ مِمَّا سَمَّى وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ عَلَى مَا إذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ أَوْ اخْتَلَفَ وَلَمْ يُسَمِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ إذَا اشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا وَأَكَلَهُ) لَفْظَةُ وَأَكَلَهُ زَادَهَا فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَقَدْ يُقَالُ يُرَادُ بِالْأَكْلِ الْإِنْفَاقُ فِي أَيِّ شَيْءٍ فَيَحْنَثُ بِهِ إذَا نَوَى فَلْيُنْظَرْ. اهـ.

قُلْت: إذَا نَوَى ذَلِكَ لَا كَلَامَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ فَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِالْأَكْلِ حَقِيقَةً، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بِهِ مَشْرُوبًا وَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا أَكَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ عَمَلًا بِحَقِيقَةِ الْكَلَامِ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ عَيْنِ النَّخْلَةِ لَا يَحْنَثُ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَهْجُورَةٌ) صَوَابُهُ مُتَعَذِّرَةٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ. وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: وَمَنْ قَالَ مَهْجُورَةً لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُتَعَذَّرِ وَالْمَهْجُورِ. قَالَ صَاحِبُ الْكَشْفِ: الْمُتَعَذَّرُ مَا لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ كَأَكْلِ النَّخْلَةِ وَالْمَهْجُورُ مَا يَتَيَسَّرُ إلَيْهِ الْوُصُولُ لَكِنَّ النَّاسَ تَرَكُوهُ كَوَضْعِ الْقَدَمِ. اهـ. ح. وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِالْمَهْجُورَةِ الْغَيْرَ الْمُسْتَعْمَلَةَ تَجَوُّزًا كَمَا تَجَوَّزَ صَاحِبُ الْكَشْفِ بِإِطْلَاقِ الْمُتَعَذِّرِ عَلَى الْمُتَعَسِّرِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ الْقِسْمَيْنِ، وَحَقِيقَةُ الْمُتَعَذِّرِ مِثْلُ قَوْلِهِ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ عَيْنِهَا صَحَّتْ فَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ غَيْرُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ فَافْهَمْ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَ أَحَدَهُمَا، وَمَا نُقِلَ عَنْ حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ قَالَ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ فَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَإِنَّمَا فِيهَا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ آنِفًا مِنْ تَصْحِيحِ مَا فِي الْمَتْنِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ عِبَارَةَ الْوَلْوَالِجيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ) وَلِذَا انْصَرَفَ إلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ خِلَافَ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْكُلُونَهُ مَطْبُوخًا) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ لِكَوْنِهِ دَخَلَهُ صَنْعَةٌ جَدِيدَةٌ ح.

(قَوْلُهُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ أَوْ الرُّطَبِ) النَّخْلَةُ عَلَى سِتِّ مَرَاتِبَ: أَوَّلُهَا طَلْعٌ وَثَانِيهَا خُلَالٌ وَثَالِثُهَا بَلَحٌ وَرَابِعُهَا بُسْرٌ وَخَامِسُهَا رُطَبٌ وَسَادِسُهَا تَمْرٌ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الصِّحَاحِ عَزْمِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِأَكْلِ رُطَبِهِ وَتَمْرِهِ وَشِيرَازِهِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالشِّيرَازُ مِثَالُ دِينَارٍ اللَّبَنُ الرَّائِبُ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ مَاؤُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَبَنٌ يُغْلَى حَتَّى يَثْخُنَ ثُمَّ يُنَشَّفُ، وَيَمِيلُ إلَى الْحُمُوضَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ إلَخْ) إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ صِفَةَ الْبُسُورَةِ وَالرُّطُوبَةِ وَاللَّبَنِيَّةِ مِمَّا قَدْ تَدْعُو إلَى الْيَمِينِ

ص: 768

بَعْدَمَا شَاخَ أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْحَمَلَ) بِفَتْحَتَيْنِ وَلَدُ الشَّاةِ (فَأَكَلَهُ بَعْدَمَا صَارَ كَبْشًا) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهَا غَيْرُ دَاعِيَةٍ وَالْأَصْلُ فِي أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بِصِفَةٍ دَاعِيَةٍ إلَى الْيَمِينِ تَقَيَّدَ بِهِ فِي الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ فَإِذَا زَالَتْ زَالَتْ الْيَمِينُ وَمَا لَا يَصْلُحُ دَاعِيَةً اُعْتُبِرَ فِي الْمُنَكَّرِ دُونَ الْمُعَرَّفِ.

وَفِي الْمُجْتَبَى حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الْمَجْنُونَ فَبَرَأَ أَوْ هَذَا الْكَافِرُ فَأَسْلَمَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا صِفَةٌ دَاعِيَةٌ وَفِي لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا فَكَلَّمَ صَبِيًّا حَنِثَ وَقِيلَ لَا كَلَا يُكَلِّمُ صَبِيًّا وَكَلَّمَ بَالِغًا لِأَنَّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ يُدْعَى شَابًّا وَفَتًى إلَى الثَّلَاثِينَ فَكَهْلٌ إلَى خَمْسِينَ فَشَيْخٌ (أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْعِنَبَ فَصَارَ زَبِيبًا) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ مِمَّا لَا يَحْنَثُ بِهِ (أَوْ لَا يَأْكُلُ

ــ

[رد المحتار]

بِحَسَبِ الْأَمْزِجَةِ، فَإِذَا زَالَتْ زَالَ مَا عُقِدَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَأَكْلُهُ أَكْلُ مَا لَمْ تَنْعَقِدْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ نَهْرٌ وَفَتْحٌ (قَوْلُهُ بَعْدَمَا شَاخَ) أَيْ صَارَ شَيْخًا وَهُوَ فَوْقَ الْكَهْلِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِفَتْحَتَيْنِ) أَيْ فَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَلَدُ الشَّاةِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى جَمْعُهُ حُمْلَانٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا غَيْرُ دَاعِيَةٍ) أَيْ هَذِهِ الصِّفَاتُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى الِامْتِنَاعِ لِأَنَّ هِجْرَانَ الْمُسْلِمِ بِمَنْعِ الْكَلَامِ مَنْهِيٌّ، فَلَا يُعْتَبَرُ مَا يُخَالُ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ مِنْ جَهْلِ الصَّبِيِّ، أَوْ الشَّابِّ، وَسُوءِ أَدَبِهِ، وَكَذَا صِفَةُ الصِّغَرِ فِي الْحَمْلِ فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ أَكْثَرُ امْتِنَاعًا عَنْ لَحْمِ الْكَبْشِ لِأَنَّ الصِّغَرَ دَاعٍ إلَى الْأَكْلِ لَا إلَى عَدَمِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْهِجْرَانَ قَدْ يَجُوزُ أَوْ يَجِبُ إذَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ أَوْ يَخْشَى فِتْنَتَهُ أَوْ فَسَادَ عِرْضِهِ بِكَلَامِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ عُلِمَ أَنَّهُ وَجَدَ الْمُسَوِّغَ، فَيُعْتَبَرُ الدَّاعِي فَيَتَقَيَّدُ بِصِبَاهُ وَشَبِيبَتِهِ وَبِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مَحْمُودٍ لِكَثْرَةِ رُطُوبَاتِهِ، حَتَّى قِيلَ فِيهِ النَّحْسُ بَيْنَ الْجَيِّدَيْنِ، وَأَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الِاعْتِرَاضَ بِذَلِكَ ذُهُولٌ وَنِسْيَانٌ عَنْ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى الْعُرْفِ، وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَوْ أَرَادَ مَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ مِنْ اللَّفْظِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، فَالْحَمْلُ عِنْدَ الْعُمُومِ غِذَاءٌ فِي غَايَةِ الصَّلَاحِ، وَمَا يُدْرِكُ نَحْسَهُ إلَّا أَفْرَادٌ عَرَفُوا الطِّبَّ فَوَجَبَ تَحْكِيمُ الْعُرْفِ، إذَا لَمْ يَنْوِ ذَاتَ الْحَمْلِ إذْ لَا يُحْكَمُ عَلَى فَرْدٍ مِنْ الْعُمُومِ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِهِمْ، فَيَنْصَرِفُ حَلِفُهُ إلَيْهِمْ، وَكَذَا الصَّبِيُّ لَمَّا كَانَ مَوْضِعَ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ عِنْدَ الْعُمُومِ.

وَفِي الشَّرْعِ: لَمْ يُجْعَلْ الصِّبَا دَاعِيَةً إلَى الْيَمِينِ فِي حَقِّ الْعُمُومِ، وَهَذَا لَا يَنْفِي كَوْنَهُ حَالِفًا عُرْفًا عَدَمُ طِيبِ الْحَمْلِ، أَوْ سُوءُ أَدَبِ صَبِيٍّ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْدَعُهُ إلَّا الْهَجْرُ، أَوْ عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ مَعَهُ يَضُرُّهُ فِي دِينِهِ أَوْ عِرْضِهِ، فَعَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُدَّةِ الْحَمْلِيَّةِ أَوْ الصِّبَا فَإِنَّا نَصْرِفُ يَمِينَهُ، حَيْثُ صَرَفَهَا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيَسْلُكُ بِهِ مَا عَلَيْهِ الْعُمُومُ، أَخْطَئُوا فِيهِ أَوْ أَصَابُوا فَلْيَكُنْ هَذَا مِنْك بِبَالٍ، فَإِنَّك تَدْفَعُ بِهِ كَثِيرًا مِنْ أَمْثَالِ هَذَا الْغَلَطِ الْمُورَدِ عَلَى الْأَئِمَّةِ اهـ مُلَخَّصًا وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَقَدْ عَدَلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ التَّعْلِيلِ بِكَوْنِ الصِّفَةِ دَاعِيَةً أَوْ غَيْرَ دَاعِيَةٍ وَقَالَ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ إذَا صَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا لِأَنَّهُ اسْمٌ لِهَذِهِ الذَّاتِ، وَالرُّطُوبَةُ الَّتِي فِيهَا فَإِذَا أَكَلَهُ بَعْدَ الْجَفَافِ، فَقَدْ أَكَلَ بَعْضَ مَا عُقِدَ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ بَعْدَمَا شَاخَ أَوْ الْحَمَلُ بَعْدَمَا صَارَ كَبْشًا فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ بَلْ زَادَ وَالزِّيَادَةُ لَا تَمْنَعُ الْحِنْثَ ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا الْفَرْقُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ (قَوْلُهُ تَقَيَّدَ بِهِ) الْأَوْلَى بِهَا (قَوْلُهُ فِي الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ) مِثْلُ لَا آكُلُ هَذَا الْبُسْرَ أَوْ لَا آكُلُ بُسْرًا (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ فِي الْمُنَكَّرِ) مِثْلُ لَا آكُلُ حَمَلًا أَوْ لَا أُكَلِّمُ صَبِيًّا لِأَنَّ الْكَبْشَ لَا يُسَمَّى حَمَلًا، وَلَا الشَّيْخَ صَبِيًّا فَلَمْ يُوجَدْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعَرَّفِ كَهَذَا الْحَمَلِ أَوْ هَذَا الصَّبِيِّ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْغَيْرَ الدَّاعِيَةِ تَلْغُو مَعَ الْإِشَارَةِ فَتُعْتَبَرُ الذَّاتُ الْمُشَارُ إلَيْهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ زَوَالِ الصِّفَةِ فَلَا تَزُولُ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ فَبَرَأَ) فِي الْمِصْبَاحِ بَرِئَ مِنْ الْمَرَضِ يَبْرَأُ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَنَفَعَ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ

(قَوْلُهُ فَكَلَّمَ صَبِيًّا حَنِثَ) لِأَنَّ اسْمَ الرَّجُلِ يَتَنَاوَلُ الصَّبِيَّ فِي اللُّغَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْكَمَالِ فِي تَصْحِيحِ السِّرَاجِيَّةِ، وَلَكِنْ فِي الْعُرْفِ لَا يُسَمَّى فَالْحَقُّ الْقَوْلُ الثَّانِي. اهـ. ح (قَوْلُهُ يُدْعَى شَابًّا إلَخْ) فِي الْوَجِيزِ لِبُرْهَانِ الدِّينِ الْبُخَارِيِّ

ص: 769

هَذَا اللَّبَنَ فَصَارَ جُبْنًا أَوْ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَيْضَةَ فَأَكَلَ فَرَارِيجَهَا) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّرْحِ، وَفِي نُسَخِ الْمَتْنِ فَرْخَهَا (أَوْ لَا يَذُوقُ مِنْ هَذَا الْخَمْرِ فَصَارَ خَلًّا أَوْ مِنْ زَهْرِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَأَكَلَ بَعْدَ مَا صَارَ لَوْزًا) أَوْ مِشْمِشًا لَمْ يَحْنَثْ، بِخِلَافِ حَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا، فَأَكَلَ حَيْسًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ تَمْرٌ مُفَتَّتٌ، وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ السَّمْنِ أَوْ غَيْرِهِ بَحْرٌ وَفِيهِ الْأَصْلُ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مُعَيَّنًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ يَشْرَبُهُ فِي شَرْبَةٍ فَالْحَلِفُ عَلَى كُلِّهِ وَإِلَّا فَعَلَى بَعْضِهِ.

(وَكَذَا) لَا يَحْنَثُ (لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا أَوْ لَا يَأْكُلُ عِنَبًا فَأَكَلَ زَبِيبًا) بِخِلَافِ نَحْوِ لَوْزٍ وَجَوْزٍ فَإِنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ الرُّطَبَ أَيْضًا (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا

ــ

[رد المحتار]

حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَبِيًّا أَوْ غُلَامًا، أَوْ شَابًّا، أَوْ كَهْلًا فَالْكَلَامُ فِي مَعْرِفَتِهِمْ لُغَةً وَشَرْعًا وَعُرْفًا أَمَّا اللُّغَةُ فَقَالُوا: الصَّبِيُّ يُسَمَّى غُلَامًا إلَى تِسْعَ عَشْرَةَ ثُمَّ شَابًّا إلَى أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ ثُمَّ كَهْلًا إلَى أَحَدٍ وَخَمْسِينَ، ثُمَّ شَيْخًا إلَى آخِرِ عُمْرِهِ، وَأَمَّا الشَّرْعُ فَالْغُلَامُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ فَيَصِيرَ شَابًّا وَفَتًى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ كَهْلٌ إلَى خَمْسِينَ فَهُوَ شَيْخٌ قَالَ الْقُدُورِيُّ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ الشَّابُّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ إلَى خَمْسِينَ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ الشُّمْطُ قَبْلَ ذَلِكَ وَالْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ، وَالشَّيْخُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ، وَكَانَ يَقُولُ قَبْلَ هَذَا الْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ وَالشَّيْخُ مِنْ أَرْبَعِينَ إلَى مِائَةٍ وَهُنَا رِوَايَاتٌ أُخَرُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا بِهِ الْإِفْتَاءُ كَذَا فِي الْفَتْحِ مُلَخَّصًا لَمْ يَذْكُرْ مَعْنَاهَا عُرْفًا لِأَنَّ كُلَّ النَّاسِ قَدْ عَلِمُوا مَشْرَبَهُمْ (قَوْلُهُ فَصَارَ جُبْنًا) فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَجْوَدُهَا سُكُونُ الْبَاءِ وَالثَّانِيَةُ ضَمُّهَا لِلْإِتْبَاعِ، وَالثَّالِثَةُ وَهِيَ أَقَلُّهَا التَّثْقِيلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا مِنْ ضَرُورَةِ الشِّعْرِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ كَذَا فِي نُسَخِ الشَّرْحِ) أَيْ شَرْحِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَهَا مَتْنًا فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ بَعْضَهَا صِفَاتٌ دَاعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا انْقَلَبَتْ عَيْنُهَا (قَوْلُهُ فَأَكَلَ حَيْسًا) فَسَّرَ الْحَيْسَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِتَمْرٍ يُنْقَعُ فِي اللَّبَنِ، وَيَتَشَرَّبُ فِيهِ اللَّبَنُ وَقِيلَ هُوَ طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنْ تَمْرٍ، وَيُضَمُّ إلَى شَيْءٍ مِنْ السَّمْنِ أَوْ غَيْرِهِ وَالْغَالِبُ هُوَ التَّمْرُ فَكَانَ أَجْزَاءُ التَّمْرِ بِحَالِهَا فَيَبْقَى الِاسْمُ اهـ بَحْرٌ (قَوْلُهُ الْأَصْلُ إلَخْ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَوْلِهِ كُلٌّ عَلَيْهِ حَرَامٌ.

[فَرْعٌ]

ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ كَذَا وَإِنْ لَمْ آكُلْهُ الْيَوْمَ فَأَمَتُهُ حُرَّةٌ فَأَكَلَ النِّصْفَ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ عَلَى لُقْمَةٍ فِي فِيهِ فَأَكَلَ بَعْضَهَا وَأَخْرَجَ الْبَعْضَ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ أَكْلُ الْكُلِّ اهـ مُلَخَّصًا.

[تَنْبِيهٌ]

الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ غَيْرُ قَيْدٍ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: ضَاعَ مَالٌ فِي دَارٍ فَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ وَاحِدًا أَخْرَجَهُ مَعَ آخَرَ إنْ كَانَ لَا يُطِيقُ وَحْدَهُ، حَنِثَ لِأَنَّ إخْرَاجَهُ كَذَلِكَ يَكُونُ وَإِنْ أَطَاقَهُ وَحْدَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ صَادِقٌ. اهـ.

قُلْت: وَعَلَيْهِ لَوْ حَلَفَ لَا يَحْمِلُ هَذِهِ الْخَشَبَةَ أَوْ الْحَجَرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْوَاقِعَاتِ مُشْكِلٌ جِدًّا كَمَا قَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيُّ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَحْنَثَ فِي يَمِينِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ الرَّغِيفَ إذْ نَقُولُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْطُ الْحِنْثِ، فَيَحْنَثُ فِي أَحَدِهِمَا وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ قَالَ إنْ شَرِبَ فُلَانٌ هَذَا الشَّرَابَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَشْرَبْهُ فُلَانٌ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَشَرِبَ فُلَانٌ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ انْصَبَّ بَعْضُهُ فِي الْأَرْضِ حَنِثَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنَّ وَالْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ خَبَرُ الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يَحْنَثُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِهِ مُعَرَّفًا، وَهُوَ مَا مَرَّ أَوْ مُنَكَّرًا لِزَوَالِ الْيَمِينِ بِزَوَالِ الصِّفَةِ الدَّاعِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ الرَّطْبَ أَيْضًا) بِسُكُونِ الطَّاءِ فِي الرَّطْبِ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ إبْدَالَهُ بِالْيَابِسِ لِأَنَّ وَجْهَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْبُسْرِ وَالْعِنَبِ، وَبَيْنَ الْجَوْزِ

ص: 770

أَوْ بُسْرًا أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ رُطَبًا وَلَا بُسْرًا حَنِثَ بِ) أَكْلِ (الْمُذَنِّبِ) بِكَسْرِ النُّونِ لِأَكْلِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةٍ (وَلَا حِنْثَ فِي شِرَاءِ كِبَاسَةٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ عُرْجُونٍ وَيُقَالُ عُنْقُودُ (بُسْرٍ فِيهَا رُطَبٌ فِي حَلِفِهِ لَا يَشْتَرِي رُطَبًا) لِأَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ عَلَى الْجُمْلَةِ وَالْمَغْلُوبُ تَابِعٌ بِخِلَافِ حَلِفِهِ عَلَى الْأَكْلِ لِوُقُوعِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا.

(وَلَا) حِنْثَ (فِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ) مَرَقِهِ أَوْ (سَمَكٍ) إلَّا إذَا نَوَاهُمَا (وَلَا فِي لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَرَكِبَ كَافِرًا أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى وَتَدٍ فَجَلَسَ عَلَى جَبَلٍ) مَعَ تَسْمِيَتِهَا فِي الْقُرْآنِ لَحْمًا وَدَابَّةً وَأَوْتَادًا لِلْعُرْفِ،

ــ

[رد المحتار]

وَاللَّوْزِ الْحِنْثُ فِي يَابِسِ الْأَخِيرَيْنِ، لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ هَذَا وَفِي عُرْفِ الشَّامِ الْآنَ اللَّوْزُ خَاصٌّ بِالْيَابِسِ أَمَّا الرَّطْبُ فَيُسَمُّونَهُ عِقَابِيَّةً فَلَا يَحْنَثُ بِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ بُسْرًا) أَيْ أَوْ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا (قَوْلُهُ حَنِثَ بِأَكْلِ الْمُذَنِّبِ) فِي الْمُغْرِبِ بُسْرٌ مُذَنِّبٌ بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ مَعَ التَّشْدِيدِ وَقَدْ ذُنِّبَ إذَا بَدَا الْإِرْطَابُ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهِ، وَهُوَ مَا سَفُلَ مِنْ جَانِبِ الْقِمْعِ وَالْعَلَاقَةِ اهـ وَفِي الْمِصْبَاحِ ذَنَّبَ الرُّطَبُ تَذْنِيبًا بَدَا فِيهِ الْإِرْطَابُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْبُسْرِ الْمُذَنِّبِ أَوْ الرُّطَبِ الْمُذَنِّبِ، وَهُوَ الَّذِي أَكْثَرُهُ رُطَبٌ وَشَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْهُ بُسْرٌ عَكْسُ الْأَوَّلِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَاصِلُ الْمَسَائِلِ أَرْبَعٌ وِفَاقِيَّتَانِ وَخِلَافِيَّتَانِ، فَالْوِفَاقِيَّتَانِ: لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ رُطَبًا مُذَنِّبًا لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ بُسْرًا مُذَنِّبًا فَيَحْنَثُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا، وَالْخِلَافِيَّتَانِ: لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ بُسْرًا مُذَنِّبًا، لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا مُذَنِّبًا فَيَحْنَثُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ اهـ: وَفِي عَامَّةِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ ذُكِرَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَفِي بَعْضِهَا مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالزَّيْلَعِيِّ.

(قَوْلُهُ لِأَكْلِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً) لِأَنَّ آكِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ آكِلُ رُطَبٍ وَبُسْرٍ فَيَحْنَثُ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ كَافٍ لِلْحِنْثِ، وَلِهَذَا لَوْ مَيَّزَهُ وَأَكَلَهُ يَحْنَثُ زَيْلَعِيٌّ وَبَحَثَ فِيهِ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى انْعِقَادِ الْيَمِينِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا الْعُرْفِ وَإِلَّا فَالرَّطْبُ الَّذِي فِيهِ بُقْعَةُ بُسْرٍ لَا يُقَالُ لِآكِلِهِ آكِلُ بُسْرٍ فِي الْعُرْفِ فَكَانَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَقْعَدَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا اسْتَشْهَدَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ عَلَى قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ اعْتِبَارَ الْغَالِبِ هُنَا لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ عَلَى الْجُمْلَةِ أَمَّا الْأَكْلُ فَيَنْقَضِي شَيْئًا فَشَيْئًا فَيُصَادِفُ الْمَغْلُوبَ وَحْدَهُ، فَلَا يَتْبَعُ الْغَالِبَ وَبَحَثَ فِيهِ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ هَذَا قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا فَصَلَهُ فَأَكَلَهُ وَحْدَهُ أَمَّا لَوْ أَكَلَهُ جُمْلَةً تَحَقَّقَتْ التَّبَعِيَّةُ. اهـ. وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبُسْرَ غَالِبٌ بِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ إضَافَةِ الْكِبَاسَةِ إلَى الْبُسْرِ، وَجَعْلِهَا ظَرْفًا لِلرُّطَبِ أَنَّ الْبُسْرَ غَالِبٌ فَلَوْ كَانَ الرُّطَبُ غَالِبًا أَوْ هُوَ وَالْبُسْرُ مُتَسَاوِيَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ. اهـ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا

(قَوْلُهُ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا) تَنْعَقِدُ هَذِهِ عَلَى لَحْمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْجَامُوسِ وَالْغَنَمِ وَالطُّيُورِ مَطْبُوخًا وَمَشْوِيًّا أَوْ قَدِيدًا. كَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ فَهَذَا مِنْ مُحَمَّدٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالنِّيءِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعِنْدَ أَبِي اللَّيْثِ يَحْنَثُ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ بِأَكْلِ مَرَقِهِ) قَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بَحْثًا فِي فُرُوعٍ ذَكَرَهَا آخِرَ الْأَيْمَانِ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ طَعْمَ اللَّحْمِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْخَانِيَّةِ لَا يَأْكُلُ مِمَّا يَجِيءُ بِهِ فُلَانٌ، فَجَاءَ بِحِمَّصٍ فَأَكَلَ مِنْ مَرَقِهِ، وَفِيهِ طَعْمُ الْحِمَّصِ يَحْنَثُ. اهـ. (قَوْلُهُ مَعَ تَسْمِيَتِهَا فِي الْقُرْآنِ لَحْمًا) هَذَا يَظْهَرُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا الْمَرَقُ فَفِي الْحَدِيثِ الْمَرَقُ أَحَدُ اللَّحْمَيْنِ ط.

ص: 771

وَمَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ حِنْثِهِ فِي لَا يَرْكَبُ حَيَوَانًا بِرُكُوبِ الْإِنْسَانِ رَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الْعُرْفَ الْعَمَلِيَّ مُخَصَّصٌ عِنْدَنَا كَالْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ.

(وَلَحْمُ الْإِنْسَانِ وَالْكِبْدُ وَالْكَرِشُ) وَالرِّئَةُ وَالْقَلْبُ وَالطِّحَالِ (وَالْخِنْزِيرُ لَحْمٌ) هَذَا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَلَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبُ فِي اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْعَمَلِيِّ كَالْعُرْفِ اللَّفْظِيِّ

(قَوْلُهُ وَمَا فِي التَّبْيِينِ) أَيْ تَبْيِينِ الْكَنْزِ لِلزَّيْلَعِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَذَكَرَ الْعَتَّابِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالْآدَمِيِّ وَقَالَ فِي الْكَافِي: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَأَنَّهُ اعْتَبَرَ فِيهِ الْعُرْفَ، وَلَكِنَّ هَذَا عُرْفٌ عَمَلِيٌّ، فَلَا يَصِحُّ مُقَيَّدًا، بِخِلَافِ الْعُرْفِ اللَّفْظِيِّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً لَا يَحْنَثُ بِالرُّكُوبِ عَلَى إنْسَانٍ لِلْعُرْفِ اللَّفْظِيِّ فَإِنَّ اللَّفْظَ عُرْفًا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْكُرَاعَ، وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ يَتَنَاوَلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حَيَوَانًا يَحْنَثُ بِالرُّكُوبِ عَلَى إنْسَانٍ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُرْكَبُ عَادَةً لَا يَصْلُحُ مُقَيِّدًا. اهـ. (قَوْلُهُ رَدَّهُ فِي النَّهْرِ) وَكَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ رَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِتَصْرِيحِ أَهْلِ الْأُصُولِ بِقَوْلِهِمْ الْحَقِيقَةُ تُتْرَكُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ إذْ لَيْسَتْ الْعَادَةُ إلَّا عُرْفًا عَمَلِيًّا، وَلَمْ يُجِبْ أَيْ صَاحِبُ الْفَتْحِ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالْحَيَوَانِ، وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَيْهِ إنْ سَلَّمَهَا. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ رَدَّ مَبْنَاهَا، وَهُوَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْعَمَلِيِّ، وَعِبَارَةُ النَّهْرِ هَكَذَا وَفِي بَحْثِ التَّخْصِيصِ مِنْ التَّحْرِيرِ مَسْأَلَةُ: الْعَادَةُ الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ مُخَصَّصٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، كَحَرَّمْت الطَّعَامَ، وَعَادَتُهُمْ أَكْلُ الْبُرِّ انْصَرَفَ إلَيْهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ أَمَّا بِالْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ فَاتِّفَاقٌ كَالدَّابَّةِ لِلْحِمَارِ وَالدَّرَاهِمِ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ، وَفِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ أَنَّ الْعُرْفَ الْعَمَلِيَّ يَصْلُحُ مُقَيَّدًا عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِ بَلْخٍ لِمَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ فِي مَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ مُسْتَعْمَلَةً وَالْمَجَازُ مُتَعَارَفًا اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذِهِ النُّقُولُ تُؤْذِنُ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِرُكُوبِ الْآدَمِيِّ فِي لَا يَرْكَبُ حَيَوَانًا

(قَوْلُهُ وَالْكِبْدُ) بِالرَّفْعِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ عَطْفًا عَلَى " لَحْمُ "، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ الْخِنْزِيرِ، عَقِبَ الْإِنْسَانِ كَمَا فَعَلَ فِي الْكَنْزِ لِيَكُونَ مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى الْإِنْسَانِ بِإِضَافَةِ " لَحْمُ " إلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا أَعَمُّ، فَتَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى الْكُلِّ بِخِلَافِ الْكَبِدِ، وَمَا بَعْدَهُ، فَإِنَّ اللَّحْمَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْهُ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ، فَلِذَا قُلْنَا إنَّهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ، وَإِنْ صَحَّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى جَعْلِ الْإِضَافَةِ فِيهِ بَيَانِيَّةً لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اخْتِلَافُ الْإِضَافَتَيْنِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ الْكِبْدُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْبَاءِ وَالْكَرِشُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا (قَوْلُهُ وَالرِّئَةُ) بِالْهَمْزَةِ، وَيَجُوزُ قَلْبُهَا يَاءً السَّحْرُ مِصْبَاحٌ وَفِيهِ السَّحْرُ وِزَانُ فَلْسٍ، وَسَبَبٍ وَقُفْلٍ هُوَ الرِّئَةُ وَقِيلَ: مَا لَصِقَ بِالْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ مِنْ أَعْلَى الْبَطْنِ وَقِيلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقَ بِالْحُلْقُومِ مِنْ كِبْدٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ (قَوْلُهُ لَحْمٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى اللَّحْمِ (قَوْلُهُ هَذَا إلَخْ) الْإِشَارَةُ إلَى الْكِبْدِ وَالْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَهُ، وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ وَفِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ شَيْئًا مِنْ الْبُطُونِ كَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ يَحْنَثُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَفِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمُجْتَبَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَحْمًا فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ أَيْضًا فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَيْ الْكَنْزِ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ.

قُلْت، وَأَمَّا لَحْمُ الْإِنْسَانِ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ فَهُوَ لَحْمٌ حَقِيقَةً لُغَةً وَعُرْفًا، فَلِذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ أَنَّ لَفْظَ آكُلُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عُرْفًا وَإِنْ كَانَ فِي الْعُرْفِ يُسَمَّى لَحْمًا كَمَا مَرَّ فِي لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَإِنَّ الْعُرْفَ اُعْتُبِرَ فِي رَكِبَ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ رُكُوبُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْحِمَارُ وَالْبَغْلُ وَالْفَرَسُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ دَابَّةٍ فِي الْعُرْفِ يَشْمَلُ غَيْرَهَا أَيْضًا كَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ، فَقَدْ تَقَيَّدَ الرُّكُوبُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِالْعُرْفِ،

ص: 772

وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّ الْعَجَمِيَّ يُعْتَبَرُ عُرْفُهُ قَطْعًا، وَفِي الْخَانِيَّةِ: الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ لَحْمٌ فِي يَمِينِ الْأَكْلِ لَا فِي يَمِينِ الشِّرَاءِ، وَفِي لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْحِمَارِ يَقَعُ فِي كِرَائِهِ، وَمِنْ هَذَا الْكَلْبِ لَا يَقَعُ عَلَى صَيْدِهِ وَلَا يَعُمُّ الْبَقَرُ الْجَامُوسَ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ النِّيءِ هُوَ الْأَصَحُّ.

(وَلَا) يَحْنَثُ (بِشَحْمِ الظَّهْرِ) وَهُوَ اللَّحْمُ السَّمِينُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ شَحْمًا) خِلَافًا لَهُمَا بَلْ بِشَحْمِ الْبَطْنِ وَالْأَمْعَاءِ اتِّفَاقًا لَا بِمَا فِي الْعَظْمِ اتِّفَاقًا فَتْحٌ (وَالْيَمِينُ عَلَى شِرَاءِ الشَّحْمِ) وَبَيْعِهِ (كَهِيَ عَلَى أَكْلِهِ) حُكْمًا وَخِلَافًا زَيْلَعِيٌّ (وَلَا) يَحْنَثُ (بِأَلْيَةٍ فِي)

ــ

[رد المحتار]

وَلِذَا نَقَلَ الْعَتَّابِيُّ خِلَافَ مَا هُنَا فَقَالَ قِيلَ: الْحَالِفُ إذَا كَانَ مُسْلِمًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ لِأَنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ، وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَيَأْتِي أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاللَّحْمِ النِّيءِ أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مَا يُؤْكَلُ عَادَةً فَيَنْصَرِفُ إلَى الْمُعْتَادِ، وَهُوَ الْأَكْلُ بَعْدَ الطَّبْخِ اهـ مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ النِّيءَ لَحْمٌ حَقِيقَةً فَعُلِمَ أَنَّ الْمَلْحُوظَ إلَيْهِ فِي الْعُرْفِ هُوَ الْأَكْلُ لَا لَفْظُ لَحْمٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ عُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَإِنَّ الْمُرَادَ عُرْفُ بِلَادِهِمْ، وَهِيَ مِنْ الْعَجَمِ فَافْهَمْ. ثُمَّ إنَّ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ فِي الْأَيْمَانِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ عُرْفَ الْعَرَبِ، بَلْ أَيَّ عُرْفٍ كَانَ فِي أَيِّ بَلَدٍ كَانَ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ الْخُبْزُ مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ بَلَدِ الْحَالِفِ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَفِي الْأَيْمَانِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَتَّى قَالُوا لَوْ كَانَ الْحَالِفُ خَوَارِزْمِيًّا فَأَكَلَ لَحْمَ السَّمَكِ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يُسَمُّونَهُ لَحْمًا (قَوْلُهُ لَحْمٌ فِي يَمِينِ الْأَكْلِ لَا فِي يَمِينِ الشِّرَاءِ) وَجَعَلَ فِي الشَّافِي الْأَكْلَ وَالشِّرَاءَ وَاحِدًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ بَزَّازِيَّةٌ.

قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الرَّأْسَ وَالْأَكَارِعَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا تُسَمَّى لَحْمًا، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا لَا يُقَالُ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ اشْتَرَى لَحْمًا بَلْ اشْتَرَى رَأْسًا أَوْ أَكَارِعَ، أَمَّا إذَا أَكَلَ اللَّحْمَ الَّذِي فِيهَا فَقَدْ أَكَلَ لَحْمًا، فَيَحْنَثُ وَيُشِيرُ إلَى هَذَا الْفَرْقِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ أَكَلَ رُءُوسَ الْحَيَوَانِ يَحْنَثُ لِأَنَّ مَا عَلَيْهَا لَحْمٌ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ لَا يَقَعُ عَلَى صَيْدِهِ) وَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى لَحْمِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْحِمَارِ إلَّا أَنَّ الْحِمَارَ لَمَّا كَانَ لَهُ كِرَاءٌ وَيَسْتَعْمِلُونَ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْأَكْلِ مِنْ كِرَائِهِ حَمَلُوهُ عَلَى الْكِرَاءِ وَفِيمَا وَرَاءَهُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ مِنَحٌ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى ط (قَوْلُهُ وَلَا يَعُمُّ الْبَقَرُ الْجَامُوسَ) أَيْ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ الْبَقَرِ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَامُوسِ، كَعَكْسِهِ لِأَنَّ النَّاسَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْبَقَرَ أَعَمُّ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَفِيهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: لَا يَأْكُلُ لَحْمَ شَاةٍ لَا يَحْنَثُ بِلَحْمِ الْعَنْزِ مِصْرِيًّا كَانَ أَوْ قَرَوِيًّا قَالَ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ النِّيءِ) بِالْهَمْزِ وِزَانُ حِمْلٍ وَالْإِبْدَالُ وَالْإِدْغَامُ عَامِّيٌّ مِصْبَاحٌ أَيْ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً وَإِدْغَامُهَا فِي الْيَاءِ لُغَةُ الْعَوَّامِ وَقَدَّمْنَا وَجْهَ عَدَمِ الْحِنْثِ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ اللَّحْمُ السَّمِينُ) كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّحْمُ الْأَبْيَضُ الْمُسَمَّى فِي الْعُرْفِ دُهْنُ الْبَدَنِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حَالَةِ السِّمَنِ دُونَ الْهُزَالِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ شَحْمُ الْكُلْيَةِ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالظَّهْرِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَالَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ: إنْ أُرِيدَ بِشَحْمِ الظَّهْرِ شَحْمُ الْكُلْيَةِ فَقَوْلُهُمَا أَظْهَرُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ شَحْمُ اللَّحْمِ فَقَوْلُهُ أَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ بِشَحْمِ الْبَطْنِ) هُوَ مَا كَانَ مُدَوَّرًا عَلَى الْكَرِشِ وَمَا بَيْنَ الْمَصَارِينِ شَحْمُ الْأَمْعَاءِ ط (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) رَدَّ عَلَى صَاحِبِ الْكَافِي حَيْثُ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي شَحْمِ الْأَمْعَاءِ وَالشَّحْمِ الْمُخْتَلِطِ بِالْعَظْمِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ: إنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ مُخَّ الْعَظْمِ شَحْمٌ اهـ وَكَذَا لَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي الْحِنْثِ بِمَا عَلَى الْأَمْعَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي تَسْمِيَتِهِ شَحْمًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ زَيْلَعِيٌّ) عِبَارَتُهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَحْمِ الظَّهْرِ وَشِرَائِهِ وَبَيْعِهِ فِي يَمِينِهِ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا، وَلَا يَشْتَرِيهِ وَلَا يَبِيعُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ بِأَلْيَةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَجَمَاعَةٌ وَلَا تُكْسَرُ الْهَمْزَةُ وَلَا يُقَالُ لِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ أَلَيَاتٌ كَسَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ، وَالتَّثْنِيَةُ أَلْيَانِ بِحَذْفِ

ص: 773

حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ) أَوْ لَا يَشْتَرِي (شَحْمًا أَوْ لَحْمًا) لِأَنَّهَا نَوْعٌ ثَالِثٌ.

(وَلَا) يَحْنَثُ (بِخُبْزٍ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ فِي) حَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ (هَذَا الْبُرَّ إلَّا بِالْقَضْمِ مِنْ عَيْنِهَا) لَوْ مَقْلِيَّةً كَالْبَلِيلَةِ فِي عُرْفِنَا أَمَّا لَوْ قَضَمَهَا نِيئَةً فَلَا حِنْثَ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَتْحٌ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْكَشْفِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ هَذِهِ الْحِنْطَةُ وَيُشِيرُ لِصُبْرَةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُخْتَصَرِ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ هَذِهِ بِلَا ذِكْرِ حِنْطَةٍ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا كَيْفَ كَانَ وَلَوْ نِيئَةً أَوْ خُبْزًا.

الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ حِنْطَةً فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا وَلَوْ نِيئَةً لَا بِنَحْوِ الْخُبْزِ وَلَوْ زَرَعَهُ

ــ

[رد المحتار]

الْهَاءِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ

(قَوْلُهُ إلَّا بِالْقَضْمِ مِنْ عَيْنِهَا) أَيْ عَيْنِ الْبُرِّ وَأُنِّثَ ضَمِيرُهُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى حِنْطَةً أَيْضًا، وَإِلَّا بِمَعْنَى لَكِنَّ: أَيْ لَكِنَّهُ يَحْنَثُ بِقَضْمِهِ مِنْ قَضَمَتْ الدَّابَّةُ الشَّعِيرَ تَقْضِمُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ كَسَرَتْهُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ لُغَةٌ مِصْبَاحٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْقَضْمِ: بَلْ أَنْ يَأْكُلَ عَيْنَهَا بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ أَوْ بِسُطُوحِهَا، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَلَوْ ابْتَلَعَهُ صَحِيحًا حَنِثَ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ فَإِنَّهُ احْتَرَزَ بِالْقَضْمِ، عَمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْخُبْزِ وَالسَّوِيقِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّ عَيْنَ الْحِنْطَةِ مَأْكُولٌ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ.

قُلْت: وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ الْمُسْتَعْمَلَةَ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا فَإِنَّ لَفْظَ أَكَلَ الْحِنْطَةَ يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً فِي أَكَلَ عَيْنَهَا فَإِنَّ النَّاسَ يَقْلُونَهَا وَيَأْكُلُونَهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِأَكَلْت الْحِنْطَةَ أَكْلَ خُبْزِهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَفْظُ أَكَلْت حِنْطَةً يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ كُلٌّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ، فَيَتَرَجَّحُ قَوْلُهُ لِتَرَجُّحِ الْحَقِيقَةِ عِنْدَ مُسَاوَاةِ الْمَجَازِ، بَلْ الْآنَ لَا يُتَعَارَفُ فِي أَكْلِ الْخُبْزِ مِنْهَا إلَّا لَفْظٌ آخَرُ وَهُوَ أَكَلْت الْخُبْزَ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْخِلَافُ إذَا حَلَفَ عَلَى حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ كَقَوْلِهِمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إيرَادِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ يَعُمُّ الْمُعَيَّنَةَ وَالْمُنَكَّرَةَ وَهُوَ أَنَّ عَيْنَهَا مَأْكُولٌ. اهـ. (قَوْلُهُ لَوْ مَقْلِيَّةً كَالْبَلِيلَةِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنَّ النَّاسَ يَغْلُونَ الْحِنْطَةَ وَيَأْكُلُونَهَا وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى فِي عُرْفِ بِلَادِنَا بَلِيلَةً وَتُقْلَى أَيْضًا أَيْ تُوضَعُ جَافَّةً فِي الْقِدْرِ ثُمَّ تُؤْكَلُ قَضْمًا اهـ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: كَالْبَلِيلَةِ الْكَافُ فِيهِ لِلتَّنْظِيرِ إنْ كَانَتْ النُّسَخُ لَوْ مَقْلِيَّةً بِالْقَافِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فَهِيَ لِلتَّمْثِيلِ وَالْبَلِيلَةُ هِيَ الْمُسَمَّاةُ فِي عُرْفِ بِلَادِنَا سَلِيقَةً لِأَنَّهَا تُسْلَقُ بِالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ إلَّا بِالنِّيَّةِ) وَلَوْ نَوَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا صَحَّ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُخْتَصَرِ) أَيْ الْمَتْنِ أَيْ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا لَوْ مَغْلِيَّةً أَوْ مَقْلِيَّةً لَا لَوْ نِيئَةً وَلَا بِنَحْوِ خَبْزِهَا.

مَطْلَبُ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْبُرَّ

(قَوْلَةُ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا كَيْفَ كَانَ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْإِشَارَةُ بِدُونِ تَسْمِيَةٍ تُعْتَبَرُ ذَاتُ الْمُشَارِ إلَيْهِ سَوَاءٌ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا أَوْ حَدَثَ لَهَا اسْمٌ آخَرُ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا وَلَوْ نِيئَةً) أَيْ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالنِّيءِ مِنْهَا، وَأَمَّا عَدَمُ الْحِنْثِ بِالْخُبْزِ وَنَحْوِهِ كَالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ، فَقَدْ اشْتَرَكَ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ وَالنَّكِرَةُ لِتَقَيُّدِ الْحَلِفِ بِالِاسْمِ فَإِنَّ الْخُبْزَ وَنَحْوَهُ لَا يُسَمَّى حِنْطَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ يُقَالُ: خُبْزُ حِنْطَةٍ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي النِّيءِ حَيْثُ دَخَلَ فِي الْمُنَكَّرِ دُونَ الْمُعَرَّفِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ حِنْطَةً نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَتَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ مُسَمَّاهَا بِخِلَافِ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودَةِ فِي الْأَكْلِ وَالنِّيءُ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِيهِ.

هَذَا

ص: 774

لَمْ يَحْنَثْ بِالْخَارِجِ (وَفِي هَذَا الدَّقِيقِ حَنِثَ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْخُبْزِ وَنَحْوِهِ) كَعَصِيدَةٍ وَحَلْوَى (لَا بِسَفِّهِ) فِي الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ فِي أَكْلِ عَيْنِ النَّخْلَةِ (وَالْخُبْزُ مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ بَلَدِ الْحَالِفِ) فَالشَّامِيُّ بِالْبُرِّ وَالْيَمَنِيُّ بِالذُّرَةِ وَالطَّبَرِيُّ بِخَبْزِ الْأُرْزِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْقُرَى بِالشَّعِيرِ، فَلَوْ دَخَلَ بَلَدَ الْبُرِّ وَاسْتَمَرَّ لَا يَأْكُلُ إلَّا الشَّعِيرَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالشَّعِيرِ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْخَاصَّ مُعْتَبَرٌ فَتْحٌ.

(حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ خُبْزِ فُلَانَةَ فَانْصَرَفَ إلَى) الْخَابِزَةِ (الَّتِي تَضْرِبُهُ فِي التَّنُّورِ لَا لِمَنْ عَجَنَتْهُ وَهَيَّأَتْهُ لِلضَّرْبِ)

ــ

[رد المحتار]

غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِهِ لَكِنْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ لَفْظُ حِنْطَةٍ، أَمَّا لَوْ نَظَرْنَا إلَى لَفْظِ أَكَلْت الْحِنْطَةَ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ إذْ قَوْلُك أَكَلْت حِنْطَةً مِثْلُهُ فِي أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ أَوْ مَجَازُهُ الْمُسْتَعْمَلُ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ رَدِّهِ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَكَذَا يُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي لَا أَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ، وَفِي لَا آكُلُ لَحْمًا حَيْثُ اُعْتُبِرَ لَفْظُ أَرْكَبُ وَآكُلُ فَصُرِفَ إلَى الْمَعْهُودِ وَقَيَّدَ بِهِ لَفْظَ دَابَّةٍ وَلَفْظَ لَحْمًا بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ مُعَرَّفِهِ وَمُنَكَّرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْخَارِجِ) أَيْ اتِّفَاقًا نَهْرٌ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ حِنْطَةً بِالتَّنْكِيرِ (قَوْلُهُ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ) فِي النَّوَازِلِ لَوْ اتَّخَذَ مِنْهُ خَبِيصًا أَخَافُ أَنْ يَحْنَثَ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي حِنْثِهِ إذَا أَكَلَ مِنْهُ مَا يُسَمَّى فِي دِيَارِنَا بِالْكُسْكُسِيِّ نَهْرٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي الشَّامِ بِالْمَغْرِبِيَّةِ مِثْلُهُ الشَّعِيرِيَّةُ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ إنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ قُلْنَا نَعَمْ، وَلَكِنْ حَقِيقَةٌ مَهْجُورَةٌ وَلَمَّا تَعَيَّنَ الْمَجَازُ سَقَطَتْ الْحَقِيقَةُ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ نَكَحْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ، فَزَنَى بِهَا لَا يَحْنَثُ لِانْصِرَافِ يَمِينِهِ إلَى الْعَقْدِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْوَطْءَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي أَكْلِ عَيْنِ النَّخْلَةِ) إلَّا أَنَّهُ لَوْ نَوَى أَكْلَ عَيْنِ الدَّقِيقِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ خُبْزِهِ لِأَنَّهُ نَوَى الْحَقِيقَةَ بَحْرٌ أَيْ بِخِلَافِ النَّخْلَةِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ فَالشَّامِيُّ بِالْبُرِّ إلَخْ) هَذَا حَيْثُ لَا مَجَاعَةَ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُسَمَّى خُبْزًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَالطَّبَرِيُّ) نِسْبَةٌ إلَى طَبَرِسْتَانَ وَهِيَ اسْمُ آمُلَ وَأَعْمَالِهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا يُحَارِبُونَ بِالْفَأْسِ وَمَعْنَاهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: أَخَذَ الْفَأْسَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالْمُرَادُ بِالْفَأْسِ الطَّبْرُ وَهُوَ مُعَرَّبُ تِبْرٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

مَطْلَبُ وَلَا يَأْكُلُ خُبْزًا

(قَوْلُهُ فَلَوْ دَخَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ: وَقَدْ سُئِلْتُ لَوْ أَنَّ بَدْوِيًّا اعْتَادَ أَكْلَ خُبْزِ الشَّعِيرِ فَدَخَلَ بَلَدَهُ الْمُعْتَادَ فِيهَا أَكْلُ خُبْزِ الْحِنْطَةِ وَاسْتَمَرَّ هُوَ لَا يَأْكُلُ إلَّا الشَّعِيرَ، فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا فَقُلْت يَنْعَقِدُ عَلَى عُرْفِ نَفْسِهِ فَيَحْنَثُ بِالشَّعِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ إلَّا إذَا كَانَ الْحَالِفُ يَتَعَاطَاهُ فَهُوَ مُتَّهَمٌ فِيهِ فَيُصْرَفُ كَلَامُهُ إلَيْهِ لِذَلِكَ وَهَذَا مُنْتَفٍ فِيمَنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ بَلْ هُوَ مُجَانِبٌ لَهُمْ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْخَاصَّ مُعْتَبَرٌ لَيْسَ لَفْظُهُ مَوْجُودًا فِي الْفَتْحِ بَلْ مَعْنَاهُ فُهِمَ مِنْهُ فَافْهَمْ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ قُلْت: وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ، وَلَكِنْ أَفْتَى كَثِيرٌ بِاعْتِبَارِهِ مَحَلَّهُ فِيمَا عَدَا الْأَيْمَانَ أَمَّا هِيَ فَالْعُرْفُ الْخَاصُّ مُعْتَبَرٌ فِيهَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مَنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِمْ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ انْصَرَفَ إلَى الْخَابِزَةِ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يُقَالَ انْصَرَفَ إلَى مَا تَضْرِبُهُ فِي التَّنُّورِ لَا مَا تَعْجِنُهُ وَتُهَيِّئُهُ لِلضَّرْبِ.

فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ خُبْزِ هِنْدٍ فَإِنْ كَانَتْ خَبَزَتْهُ فِي التَّنُّورِ حَنِثَ؛ وَإِنْ كَانَتْ عَجَنَتْهُ وَهَيَّأَتْهُ أَيْ قَطَّعَتْهُ أَقْرَاصًا لِلْخُبْزِ وَخَبَزَهُ غَيْرُهَا لَا يَحْنَثُ وَإِلَّا فَبَعْدَ التَّصْرِيحِ بِاسْمِهَا لَا يَدْخُلُ غَيْرُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنْ خُبْزِ فُلَانَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَ فُلَانَةَ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا يَتَنَاوَلُ الْخَابِزَةَ وَالْعَاجِنَةَ. هَذَا كُلُّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ بِالْإِضَافَةِ إضَافَةَ الصَّنْعَةِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ إضَافَةَ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْخُبْزِ الْمَمْلُوكِ لَهَا وَلَوْ كَانَ الْعَاجِنُ وَالْخَابِزُ غَيْرَهَا كَمَا لَا يَخْفَى

ص: 775

ظَهِيرِيَّةٌ وَمِنْهُ الرُّقَاقُ لَا الْفَطَائِرُ وَالثَّرِيدُ أَوْ بَعْدَمَا دَقَّهُ أَوْ فَتَّهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْزًا وَحَنِثَ فِي لَا يَأْكُلُ طَعَامًا مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ بِأَكْلِ خَلِّهِ أَوْ زَيْتِهِ أَوْ مِلْحِهِ وَلَوْ بِطَعَامِ نَفْسِهِ لَا لَوْ أَخَذَ مِنْ نَبِيذِهِ أَوْ مَائِهِ فَأَكَلَ بِهِ خُبْزًا وَفِي لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَ سَوِيقًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ إنْ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ سَالَ السَّمْنُ حَنِثَ وَإِلَّا لَا جَوْهَرَةً وَفِي الْبَدَائِعِ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَاضْطُرَّ لِمَيْتَةٍ فَأَكَلَ لَمْ يَحْنَثْ.

(وَالشِّوَاءُ وَالطَّبِيخُ) يَقَعَانِ (عَلَى اللَّحْمِ) الْمَشْوِيِّ وَالْمَطْبُوخِ بِالْمَاءِ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَاسْمُ الطَّبِيخِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَطْبُوخٍ بِالْمَاءِ وَلَوْ بِوَدَكٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُجْتَبَى. وَفِي النَّهْرِ: الطَّعَامُ يَعُمُّ مَا يُؤْكَلُ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخُبْزِ الرُّقَاقُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ ذَلِكَ بِالرُّقَاقِ الْبِيسَانِيِّ بِمِصْرَ، أَمَّا الرُّقَاقُ الَّذِي يُحْشَى بِالسُّكْرِ وَاللَّوْزِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الْخُبْزِ فِي عُرْفِنَا كَمَا لَا يَخْفَى بَحْرٌ.

قُلْت: وَذَلِكَ كَاَلَّذِي يُعْمَلُ مِنْهُ الْبَقْلَاوَة وَالسَّنْبُوسِكُ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْكَعْكِ وَالْبُقْسُمَاطِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْزًا فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ لَا الْفَطَائِرُ) الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ: الْقَطَائِفُ وَأَمَّا الْفَطَائِرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَذَلِكَ فَهِيَ اسْمٌ عِنْدَنَا لِمَا يُعْجَنُ بِالسَّمْنِ وَيُخْبَزُ أَقْرَاصًا كَالْخُبْزِ وَلَا يُسَمَّى خُبْزًا فِي الْعُرْفِ وَكَذَا مَا يُوضَعُ فِي الصَّوَانِيِ وَيُخْبَزُ وَيُسَمَّى بُغَاجَهْ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَكَذَا الزَّلَابِيَةُ (قَوْلُهُ وَالثَّرِيدُ إلَخْ) فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَهُوَ أَنْ تَفُتَّ الْخُبْزَ ثُمَّ تَبُلَّهُ بِمَرَقٍ مِصْبَاحٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا يَحْنَثُ بِالثَّرِيدِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْزًا مُطْلَقًا، وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ وَأَكَلَهُ بَعْدَ مَا تَفَتَّتَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْزًا، وَلَا يَحْنَثُ بِالْعَصِيدِ وَالطَّطْمَاجِ، وَلَا يَحْنَثُ لَوْ دَقَّهُ فَشَرِبَهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حِيلَةِ أَكْلِهِ أَنْ يَدُقَّهُ فَيُلْقِيَهُ عَصِيدَةً وَيُطْبَخَ حَتَّى يَصِيرَ الْخُبْزُ هَالِكًا اهـ مَا فِي الْفَتْحِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ.

قُلْت: وَمُقْتَضَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَحْنَثَ لَوْ فَتَّهُ بِلَا طَبْخٍ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ ثَرِيدًا لِأَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يَصِيرَ الْخُبْزُ هَالِكًا يَقْتَضِي أَنَّ بَقَاءَ عَيْنِهِ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ خُبْزًا وَهَذَا مُوَافِقٌ لِعُرْفِنَا الْآنَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي حَلِفِهِ: لَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ حَيْسًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ تَمْرٌ مُفَتَّتٌ وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ السَّمْنِ أَوْ غَيْرِهِ، نَعَمْ لَوْ دَقَّ الْخُبْزَ وَشَرِبَهُ بِمَاءٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ شُرْبٌ لَا أَكْلٌ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَغِيفًا وَفَتَّ أَرْغِفَةً وَأَكَلَ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَتَّ رَغِيفًا وَاحِدًا وَأَكَلَهُ كُلَّهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ عُرْفُ زَمَانِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبُ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا

(قَوْلُهُ وَحَنِثَ فِي لَا يَأْكُلُ طَعَامًا إلَخْ) الْأَنْسَبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالشِّوَاءُ وَالطَّبِيخُ عَلَى اللَّحْمِ، كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَالْمِلْحِ لَا يُسَمَّى فِي عُرْفِنَا طَعَامًا، فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِعَدَمِ حِنْثِهِ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي النَّهْرِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَا فِي ح حَيْثُ قَالَ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَالطَّعَامُ كَالطَّبِيخِ مَا يُطْبَخُ عَلَى النَّارِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِطَعَامِ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ خَلَطَ ذَلِكَ بِطَعَامِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ سَالَ السَّمْنُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي مُخْتَصَرِ الْحَاكِمِ وَاعْتَبَرَ فِي الْأَصْلِ وُجُودَ الطَّعْمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي قَوْلِنَا أَكَلَ طَعَامًا يَنْصَرِفُ إلَى أَكْلِ الطَّعَامِ الْمُعْتَادِ وَالتَّقْيِيدِ بِالِاضْطِرَارِ لِلْحِلِّ، وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ بِدُونِهِ بِالْأَوْلَى

(قَوْلُهُ عَلَى اللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ وَالْمَطْبُوخِ بِالْمَاءِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَخَرَجَ مَا يُشْوَى أَوْ يُطْبَخُ مِنْ غَيْرِ اللَّحْمِ قَالَ فِي النَّهْرِ: فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شِوَاءً لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَزَرِ وَالْبَاذِنْجَانِ الْمَشْوِيَّيْنِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ مَا يُشْوَى وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخًا لَا يَحْنَثُ، إلَّا بِأَكْلِ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِالْمَاءِ لِتَعَذُّرِ التَّعْمِيمِ إذْ الدَّوَاءُ مِمَّا يُطْبَخُ، وَكَذَا الْفُولُ الْيَابِسُ، فَصُرِفَ إلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِمَا وَفِي عَطْفِ الطَّبِيخِ عَلَى الشِّوَاءِ إيمَاءٌ إلَى تَغَايُرِهِمَا وَهَذَا لِأَنَّ الْمَاءَ مَأْخُوذٌ فِي مَفْهُومِ الطَّبِيخِ، وَإِلَّا لَكَانَا سَوَاءً وَلِذَا لَوْ أَكَلَ قَلِيَّةً لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى طَبِيخًا

ص: 776

عَلَى وَجْهِ التَّطَعُّمِ كَجُبْنٍ وَفَاكِهَةٍ لَكِنْ فِي عُرْفِنَا لَا (وَالرَّأْسُ مَا يُبَاعُ فِي مِصْرِهِ) أَيْ مِصْرِ الْحَالِفِ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ.

(وَالْفَاكِهَةُ وَالتُّفَّاحُ وَالْبِطِّيخُ وَالْمِشْمِشُ) وَنَحْوُهَا (لَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ) خِلَافًا لَهُمَا خِلَافَ عَصْرٍ وَالْعِبْرَةُ لِلْعُرْفِ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يُعَدُّ فَاكِهَةً عُرْفًا. ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ.

ــ

[رد المحتار]

وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْ مَرَقَةٍ يَحْنَثُ لِمَا فِيهِ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّحْمِ وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى طَبِيخًا وَإِنْ كَانَ لَا يُسَمَّى لَحْمًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ أَيْ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا يَحْنَثُ بِالْمَرَقِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى لَحْمًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَجْزَاءُ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ كَجُبْنٍ) الَّذِي رَأَيْته فِي النَّهْرِ خُبْزٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي عُرْفِنَا لَا) عِبَارَةُ النَّهْرِ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الطَّعَامَ فِي عُرْفِنَا لَا يُطْلَقُ عَلَى مَا ذُكِرَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْزِمَ بِعَدَمِ حِنْثِهِ بِهِ اهـ.

وَرَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةِ النَّهْرِ عَنْ خَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَا نَصُّهُ: الَّذِي رَأَيْته بِخَطِّ الشَّارِحِ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ مُرَادِفٌ لِلطَّبِيخِ لَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ إلَّا بِمَا يُسَمَّى طَبِيخًا اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَانِيَّةِ لَا يَشْتَرِي طَعَامًا فَاشْتَرَى حِنْطَةً حَنِثَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: فِي عُرْفِنَا الْحِنْطَةُ لَا تُسَمَّى طَعَامًا إنَّمَا الطَّعَامُ هُوَ الْمَطْبُوخُ (قَوْلُهُ مَا يُبَاعُ فِي مِصْرِهِ) وَهُوَ مَا يُكْبَسُ فِي التَّنُّورِ أَيْ يُطْعَمُ وَيُدْخَلُ فِيهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعُمُومَ الْمُتَنَاوِلَ لِلْجَرَادِ وَالْعُصْفُورِ غَيْرُ مُرَادٍ، فَصَرَفْنَاهُ إلَى مَا تُعُورِفَ نَهْرٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي زَمَانِنَا هُوَ خَاصٌّ بِالْغَنَمِ فَوَجَبَ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ مِصْرٍ وَقَعَ فِيهِ حَلِفُ الْحَالِفِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَمَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلِيَّ اعْتِبَارُ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ إنْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا وَإِلَّا فَالْعُرْفُ إلَخْ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ إنَّمَا هُوَ لِلْعُرْفِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ مَنْظُورًا إلَيْهِ لَمَا تَجَاسَرَ أَحَدٌ عَلَى خِلَافِهِ فِي الْفُرُوعِ اهـ وَفِي الْبَدَائِعِ وَالِاعْتِمَادُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْعُرْفِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْبِطِّيخُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُقَالُ الطِّبِّيخُ أَيْضًا أَخْضَرَ كَانَ أَوْ أَصْفَرَ وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْبِطِّيخَ لَيْسَ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَمَا هُنَا رِوَايَةُ الْقُدُورِيِّ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَالْمِشْمِشُ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ وَفَتْحِهِمَا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَبِضَمِّهِمَا نَقَلَهُ الْأُجْهُورِيُّ الشَّافِعِيُّ مُحَشِّي التَّحْرِيرِ ط.

مَطْلَبُ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً

(قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) كَالْخَوْخِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْإِجَّاصِ وَالْكُمَّثْرَى، فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي حَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِمَا يُتَفَكَّهُ بِهِ أَيْ يُتَنَعَّمُ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ زِيَادَةً فِي الْمُعْتَادِ مِنْ الْغِذَاءِ الْأَصْلِيِّ. وَفِي الْمُحِيطِ مَا رُوِيَ أَنَّ الْجَوْزَ وَاللَّوْزَ فَاكِهَةٌ فِي عُرْفِهِمْ، أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِلتَّفَكُّهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّهَا مِمَّا قَدْ يُتَغَذَّى بِهَا فَسَقَطَتْ عَنْ كَمَالِ التَّفَكُّهِ، فَلَا يَتَنَاوَلُهَا مُطْلَقُ الْفَاكِهَةِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَهِيَ فَاكِهَةٌ نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْيَابِسَ مِنْهَا كَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَحَبِّ الرُّمَّانِ لَيْسَتْ بِفَاكِهَةٍ كَمَا فِي الرُّمَّانِيِّ قُهُسْتَانِيٌّ، وَكَذَا لَا خِلَافَ فِي الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالْفَقُّوسِ وَالْعَجُّورِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ النَّوْعَ الْأَوَّلَ فَاكِهَةٌ كَمَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْأَخِيرَ لَيْسَ بِفَاكِهَةٍ وَفِي الْوَسَطِ خِلَافٌ نَهْرٌ (قَوْلُهُ خِلَافَ عَصْرٍ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ إنَّ الْعِنَبَ وَأَخَوَيْهِ لَيْسَ بِفَاكِهَةٍ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِهِ لَا يُعَدُّ مِنْهَا وَعُدَّ مِنْهَا فِي زَمَنِهِمَا. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَبْنَى هَذَا الْجَمْعِ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّهَا قَدْ يُتَغَذَّى بِهَا مَبْنَاهُ اللُّغَةُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِجَوَازِ كَوْنِ الْعُرْفِ وَافَقَ اللُّغَةَ فِي زَمَنِهِ ثُمَّ خَالَفَهَا فِي زَمَانِهِمَا وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ إلَخْ) صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ.

ص: 777

(وَالْحَلْوَى مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ حَامِضٌ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ خَبِيصٍ وَعَسَلٍ وَسُكَّرٍ) لَكِنَّ الْمَرْجِعَ فِيهِ إلَى عَادَاتِ النَّاسِ، فَفِي بِلَادِنَا لَا حِنْثَ فِي فَانِيذٍ وَعَسَلٍ وَسُكَّرٍ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.

(وَالْإِدَامُ مَا يَصْطَبِغُ بِهِ الْخُبْزُ) إذَا اخْتَلَطَ بِهِ (كَخَلٍّ وَزَيْتٍ وَمِلْحٍ) لِذَوْبِهِ فِي الْفَمِ (لَا اللَّحْمُ وَالْبَيْضُ وَالْجُبْنُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا) بِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّهْذِيبِ. وَفِيهِ: فَمَا يُؤْكَلُ وَحْدَهُ غَالِبًا كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَجَوْزٍ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حَلْوَى

(قَوْلُهُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ حَامِضٌ) كَالتِّينِ وَالتَّمْرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ حَامِضٌ فَخَلَصَ مَعْنَى الْحَلَاوَةِ فِيهِ فَلَوْ أَكَلَ عِنَبًا أَوْ بِطِّيخًا أَوْ رُمَّانًا أَوْ إجَّاصًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ مِنْ جِنْسِهِ مَا لَيْسَ بِحُلْوٍ، وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حَلَاوَةً فَهُوَ كَالْحَلْوَى وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَتْنِ حَيْثُ أَطْلَقَهُ مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ تَفْسِيرًا لِلْحَلْوَى عِنْدَهُمْ وَقَالُوا الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُلْوَ وَالْحَلْوَى وَالْحَلَاوَةَ وَاحِدٌ، وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَالْحُلْوُ اسْمٌ لِلْعَسَلِ الْمَطْبُوخِ عَلَى النَّارِ بِنَشًا وَنَحْوِهِ وَأَمَّا الْحَلْوَى وَالْحَلَاوَةُ فَاسْمٌ لِسُكَّرٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ مَاءِ عِنَبٍ طُبِخَ وَعُقِدَ وَالْحَلَاوَةِ الْجَوْزِيَّةِ وَالسِّمْسِمِيَّةِ اهـ قُلْت: وَفِي زَمَانِنَا الْحُلْوُ كُلُّ مَا يُتَحَلَّى بِهِ مِنْ فَاكِهَةٍ وَغَيْرِهَا وَعِنَبٍ وَخَبِيصَةٍ وَكُنَافَةٍ وَقَطَائِفَ، وَأَمَّا الْحَلَاوَةُ وَالْحَلْوَى بِالْقَصْرِ فَهِيَ اسْمٌ لِنَوْعٍ خَاصٍّ كَالْجَوْزِيَّةِ وَالسِّمْسِمِيَّةِ مِمَّا يُعْقَدُ وَكَذَا مَا يُطْبَخُ مِنْ السُّكَّرِ أَوْ الْعَسَلِ بِطَحِينٍ أَوْ نَشًا (قَوْلُهُ لَا حِنْثَ فِي فَانِيذٍ) فِيهِ نَظَرٌ. فَفِي الْمِصْبَاحِ الْفَانِيذُ نَوْعٌ مِنْ الْحَلْوَى يُعْمَلُ مِنْ الْقَنْدِ وَالنَّشَا اهـ وَفِيهِ أَيْضًا الْقَنْدُ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ السُّكَّرُ فَالسُّكَّرُ مِنْ الْقَنْدِ كَالسَّمْنِ مِنْ الزُّبْدِ

(قَوْلُهُ وَالْإِدَامُ مَا يَصْطَبِغُ بِهِ الْخُبْزُ) فِي الْمُغْرِبِ صَبَغَ الثَّوْبَ بِصِبْغٍ حَسَنٍ وَصِبَاغٍ وَهُوَ مَا يُصْبَغُ بِهِ وَمِنْهُ الصَّبْغُ وَالصِّبَاغُ مِنْ الْإِدَامِ لِأَنَّ الْخُبْزَ يُغْمَسُ فِيهِ وَيُلَوَّنُ بِهِ كَالْخَلِّ وَالزَّيْتِ. اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ وَيَخْتَصُّ بِكُلِّ إدَامٍ مَائِعٍ كَالْخَلِّ، وَفِي التَّنْزِيلِ - {وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ} [المؤمنون: 20]- قَالَ الْفَارَابِيُّ: وَاصْطَبَغَ بِالْخَلِّ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاصْطَبَغَ مِنْ الْخَلِّ وَهُوَ فِعْلٌ لَا يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولٍ صَرِيحٍ فَلَا يُقَالُ اصْطَبَغَ الْخُبْزُ بِخَلٍّ. اهـ. وَفِي الْفَتْحِ وَالِاصْطِبَاغُ افْتِعَالٌ مِنْ الصَّبْغِ، وَلَمَّا كَانَ ثُلَاثِيُّهُ وَهُوَ صَبَغَ مُتَعَدِّيًا لِوَاحِدٍ جَاءَ الِافْتِعَالُ مِنْهُ لَازِمًا فَلَا يُقَالُ اصْطَبَغَ الْخُبْزُ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْمَفْعُولِ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُقَامَ مَقَامَ الْفَاعِلِ إذَا بُنِيَ الْفِعْلُ لَهُ وَإِنَّمَا يُقَامُ غَيْرُهُ مِنْ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَنَحْوِهِ فَلِذَا يُقَالُ اصْطَبَغَ بِهِ. اهـ. قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ لَا يَذْكُرَ لَفْظَ الْخُبْزِ وَإِنْ تَبِعَ فِيهِ النَّهْرَ (قَوْلُهُ لِذَوْبِهِ فِي الْفَمِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُصْبَغُ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَفِي الْمُحِيطِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ إدَامًا وَلَا يَأْتَدِمُ

(وَقَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ مُحَمَّدٌ: التَّمْرُ وَالْجَوْزُ لَيْسَ بِإِدَامٍ لِأَنَّهُ يُفْرَدُ بِالْأَكْلِ فِي الْغَالِبِ فَكَذَا الْعِنَبُ وَالْبِطِّيخُ وَالْبَقْلُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ تَبَعًا لِلْخُبْزِ بَلْ يُؤْكَلُ وَحْدَهُ غَالِبًا وَكَذَا سَائِرُ الْفَوَاكِهِ،

ص: 778