المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في حط المهر والإبراء منه] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٣

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك]

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا]

- ‌بَابُ الْوَلِيِّ

- ‌[فُرُوعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ لِوَلِيِّ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْكَفَاءَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَكِيلِ وَالْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الْمَهْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَطِّ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي السَّفَرِ بِالزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُرْسِلُهُ إلَى الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ

- ‌فُرُوعٌ] الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَهْرِ السِّرِّ وَمَهْرِ الْعَلَانِيَةِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ

- ‌[مَطْلَبُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات]

- ‌بَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاق]

- ‌[أَلْفَاظ الطَّلَاق]

- ‌[مَحِلّ الطَّلَاق]

- ‌[أَهْل الطَّلَاق]

- ‌[رُكْن الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ السَّكْرَانِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اعْتِبَارُ عَدَدِ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ]

- ‌بَابُ الْكِنَايَاتِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ

- ‌بَابُ التَّعْلِيقِ

- ‌[مطلب فِي أَلْفَاظ الشَّرْط]

- ‌[مَطْلَبٌ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ بِعَطْفٍ أَوْ بِدُونِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمُبَانَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حِيلَةُ إسْقَاطِ عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ إقْرَارٌ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ]

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَائِدَةٌ فِي شُرَطُ قَبُول الْخُلْعَ وألفاظه]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الْمَرِيضَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] : قَالَ خَالِعَتك عَلَى أَلْفٍ قَالَهُ ثَلَاثًا فَقَبِلَتْ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ:

- ‌[بَاب كَفَّارَة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ:

- ‌[مَطْلَبٌ الْحَمْلُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا]

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ:

- ‌[مطلب فِي عدة الْمَوْت]

- ‌[مَطْلَبٌ عِدَّةُ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا هَلْ تَعْتَدُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُسْكِنَ الْمُعْتَدَّة بِجِوَارِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌[فَرْعٌ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَشَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ شَرَاهَا]

- ‌بَابُ الْحَضَانَةِ:

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الْمَرْأَةِ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ خَادِمِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَبِالْغَيْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَصِيرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُؤْنِسَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الصَّغِيرُ وَالْمُكْتَسِبُ نَفَقَةً فِي كَسْبِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إرْضَاعِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كِنَايَاتِ الْإِعْتَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ]

- ‌بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ بِعْت مِنْك نَصِيبِي]

- ‌بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعَلٍ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحُلْف بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَعْتِقُ]

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] .قَالَ مَرِيضٌ أَعْتِقُوا غُلَامِي بَعْدَ مَوْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ]

- ‌[فُرُوعٌ] أَرَادَ وَطْءَ أَمَتِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ]حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ

- ‌[فُرُوعٌ] حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَالْآخَرُ بَصَلًا وَالْآخَرُ فِلْفِلًا فَطُبِخَ حَشْوٌ فِيهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَكَلُوا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ] قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا

الفصل: ‌[مطلب في حط المهر والإبراء منه]

وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ وَهَبَتْهُ مَهْرَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِكَذَا مِنْ الْمَهْرِ وَقَبِلَتْ صَحَّ، وَيُحْمَلُ عَلَى الزِّيَادَةِ

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا قَصْدِ الزِّيَادَةِ (لَا يُنَصَّفُ) لِاخْتِصَاصِ التَّنْصِيفِ بِالْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ بِالنَّصِّ، بَلْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُ الْأَصْلِ فِي الثَّانِي.

(وَصَحَّ حَطُّهَا) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (عَنْهُ) قَبْلَ أَوْ لَا، وَيَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: وَبَقِيَ مَا إذَا جَدَّدَ بِمِثْلِ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ، وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ تَغْيِيرِ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالثَّانِي شَيْءٌ هُنَا إذْ لَا زِيَادَةَ فِيهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَجِبُ الْمَهْرَانِ.

[تَنْبِيهٌ] فِي الْقُنْيَةِ: جَدَّدَ لِلْحَلَالِ نِكَاحًا بِمَهْرٍ يَلْزَمُ إنْ جَدَّدَهُ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ لَا احْتِيَاطًا اهـ أَيْ لَوْ جَدَّدَهُ لِأَجْلِ الِاحْتِيَاطِ لَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ بِلَا نِزَاعٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ أَشْهَدَ، وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ الِاحْتِيَاطَ كَمَا مَرَّ عَنْ الْجُمْهُورِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ مَهْرِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ

(قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى الزِّيَادَةِ) لِوُجُوبِ تَصْحِيحِ التَّصَرُّفِ مَا أَمْكَنَ، وَاشْتَرَطَ الْقَبُولَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِهِ فَتْحٌ عَنْ التَّجْنِيسِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ، لَكِنْ ارْتَضَى فِي الْفَتْحِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ جَوَازُ الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَيْهَا بِقَرِينَةِ الْهِبَةِ الدَّالَّةِ عَلَى إرَادَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ لِقَصْدِ التَّعْوِيضِ عَنْهُ، فَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الزِّيَادَةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يُنَصَّفُ) أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بَحْرٌ، وَهَذَا خَبَرُ قَوْلِهِ وَمَا فُرِضَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالْمَفْرُوضِ) مُتَعَلِّقٌ بِاخْتِصَاصٍ، وَقَوْلُهُ فِي الْعَقْدِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَفْرُوضِ، وَقَوْلُهُ بِالنَّصِّ: أَيْ قَوْله تَعَالَى - {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237]- مُتَعَلِّقٌ بِاخْتِصَاصٍ: أَيْ وَمَا فُرِضَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ زِيدَ بَعْدَهُ لَيْسَ مَفْرُوضًا فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِيمَا لَوْ فَرَضَ بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّ هَذَا الْفَرْضَ تَعْيِينٌ لِوَاجِبِ الْعَقْدِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَذَلِكَ لَا يَنْتَصِفُ فَكَذَا مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ نَهْرٌ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهَا نِصْفُ مَا فَرَضَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى (قَوْلُهُ وَنِصْفُ الْأَصْلِ فِي الثَّانِي) أَيْ فِيمَا لَوْ زَادَ بَعْدَ الْعَقْدِ

[مَطْلَبٌ فِي حَطِّ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ]

ُ (قَوْلُهُ وَصَحَّ حَطُّهَا) الْحَطُّ: الْإِسْقَاطُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَقَيَّدَ بِحَطِّهَا لِأَنَّ حَطَّ أَبِيهَا غَيْرُ صَحِيحٍ لَوْ صَغِيرَةً، وَلَوْ كَبِيرَةً تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا. فَفِي هِبَةِ الْخُلَاصَةِ خَوْفُهَا بِضَرْبٍ حَتَّى وَهَبَتْ مَهْرَهَا لَمْ يَصِحَّ لَوْ قَادِرًا عَلَى الضَّرْبِ. اهـ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِكْرَاهِ وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الطَّوْعِ أَوْلَى قُنْيَةٌ. وَأَنْ لَا تَكُونَ مَرِيضَةً مَرَضَ الْمَوْتِ. وَلَوْ اخْتَلَفَ مَعَ وَرَثَتِهَا فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ أَنَّهُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْمَهْرَ خُلَاصَةٌ. وَلَوْ وَهَبَتْهُ فِي مَرَضِهَا فَمَاتَ قَبْلَهَا فَلَا دَعْوَى لَهَا بَلْ لِوَرَثَتِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا، وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ) قَيَّدَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا أَيْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِأَنَّ الْحَطَّ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ بَحْرٌ. وَمَعْنَى عَدَمِ صِحَّتِهِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْهُ مَا دَامَ قَائِمًا، فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ سَقَطَ الْمَهْرُ عَنْهُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَبْرَأْتُك عَنْ هَذَا الْعَبْدِ يَبْقَى الْعَبْدُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ. اهـ. نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَيَرْتَدُّ بِالرَّدِّ) أَيْ كَهِبَةِ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ذَكَرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بَحْثًا وَقَالَ لَمْ أَرَهُ. وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْبَحْرِ بِمَا فِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَبْرَأْتُك وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت، أَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَالَتْ أَبْرَأْت زَوْجِي يُبَرَّأُ زَوْجِي إلَّا إذَا رَدَّهُ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ إنَّمَا هُوَ رَدَّ الْحَطَّ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْحَطَّ إبْرَاءٌ مَعْنًى

ص: 113

(وَالْخَلْوَةُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي كَالْوَطْءِ (بِلَا مَانِعٍ حِسِّيٍّ) كَمَرَضٍ لِأَحَدِهِمَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ (وَطَبْعِيٍّ) كَوُجُودِ ثَالِثٍ عَاقِلٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَجَعَلَهُ فِي الْأَسْرَارِ مِنْ الْحِسِّيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلطَّبْعِيِّ مِثَالٌ مُسْتَقِلٌّ (وَشَرْعِيٍّ) كَإِحْرَامٍ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ. (وَ) مِنْ الْحِسِّيِّ (رَتَقٌ) بِفَتْحَتَيْنِ: التَّلَاحُمُ (وَقَرْنٌ) بِالسُّكُونِ: عَظْمٌ (وَعَفَلٌ) بِفَتْحَتَيْنِ: غُدَّةٌ (وَصِغَرٌ) وَلَوْ بِزَوْجٍ (لَا يُطَاقُ مَعَهُ الْجِمَاعُ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ كَمَرَضٍ لِأَحَدِهِمَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ) أَيْ أَوْ يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَقِيلَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَرَضِهَا، وَأَمَّا مَرَضُهُ فَمَانِعٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ تَكَسُّرٍ وَفُتُورٍ عَادَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.

قُلْت: إنْ كَانَ التَّكَسُّرُ وَالْفُتُورُ مِنْهُ مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ أَوْ مُضِرًّا لَهُ كَانَ مِثْلَ الْمَرْأَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْمَنْعِ أَوْ الضَّرَرِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالصَّحِيحِ، فَمَا وَجْهُ كَوْنِ مَرَضِهِ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْخُلُوِّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّ مَرَضَهُ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ وَطْئِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ التَّفْصِيلِ فِيهِ بِخِلَافِ مَرَضِهَا فَتَأَمَّلْ.

مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ فِي الْأَسْرَارِ مِنْ الْحِسِّيِّ) قُلْت: وَجَعَلَهُ فِي الْبَحْرِ مَانِعًا لِتَحَقُّقِ الْخَلْوَةِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ لِإِقَامَةِ الْخَلْوَةِ مَقَامَ الْوَطْءِ شُرُوطًا أَرْبَعَةً: الْخَلْوَةُ الْحَقِيقِيَّةُ، وَعَدَمُ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ أَوْ الطَّبَعِيِّ أَوْ الشَّرْعِيِّ، فَالْأَوَّلُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ ثَالِثٌ فَلَيْسَتْ بِخَلْوَةٍ وَعَنْ مَكَان لَا يَصْلُحُ لِلْخَلْوَةِ كَالْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ الْعَامِّ وَالْحَمَّامِ إلَخْ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْأَسْرَارِ أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ، وَعَلَيْهِ فَالْمَانِعُ الْحِسِّيُّ مَا يَمْنَعُهَا مِنْ أَصْلِهَا أَوْ مَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا كَالْمَرَضِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلطَّبَعِيِّ مِثَالٌ مُسْتَقِلٌّ) فَإِنَّهُمْ مَثَّلُوا لِلطَّبَعِيِّ بِوُجُودِ ثَالِثٍ وَبِالْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ شَرْعًا وَيَنْفِرُ الطَّبْعُ عَنْهُ فَهُوَ مَانِعٌ حِسِّيٌّ طَبَعِيٌّ شَرْعِيٌّ، وَالثَّانِي طَبَعِيٌّ شَرْعِيٌّ، نَعَمْ سَيَأْتِي عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّ جَارِيَةَ أَحَدِهِمَا تَمْنَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ بِحَضْرَتِهَا طَبْعًا مَعَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ شَرْعًا، فَهُوَ مَانِعٌ طَبَعِيٌّ لَا شَرْعِيٌّ، لَكِنَّهُ حِسِّيٌّ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَإِحْرَامٍ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَبْلَ وُقُوفِ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ طَوَافٍ. وَأَطْلَقَ فِي إحْرَامِ النَّفْلِ فَعَمَّ مَا إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ط.

قُلْت: فَالظَّاهِرُ التَّعْمِيمُ الْأَخِيرُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْحُرْمَةُ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْحِسِّيِّ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْعَطْفِ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّتْقَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ يَخْرُجُ عَنْ الْمَوَانِعِ الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ الْحِسِّيِّ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ ط (قَوْلُهُ بِالسُّكُونِ) نَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لِلْقَاضِي زَكَرِيَّا أَنَّ الْقَرَنَ بِفَتْحِ رَائِهِ أَرْجَحُ مِنْ إسْكَانِهَا (قَوْلُهُ عَظْمٌ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُغْرِبِ: الْقَرَنُ فِي الْفَرْجِ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ سُلُوكِ الذَّكَرِ فِيهِ إمَّا غُدَّةٌ غَلِيظَةٌ أَوْ لَحْمٌ أَوْ عَظْمٌ وَامْرَأَةٌ رَتْقَاءُ بِهَا ذَلِكَ اهـ وَمُقْتَضَاهُ تَرَادُفُ الْقَرَنِ وَالرَّتْقِ (قَوْلُهُ وَعَفَلٌ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ، وَقَوْلُهُ غُدَّةٌ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ فِي خَارِجِ الْفَرْجِ. فَفِي الْقَامُوسِ إنَّهُ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ شَبِيهٌ بِالْأُدْرَةِ لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِزَوْجٍ) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ: أَيْ وَلَوْ كَانَ الصِّغَرُ مُصَاحِبَ الزَّوْجِ، يَعْنِي لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا صَغِيرًا. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي خَلْوَةِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ قَوْلَانِ وَجَزَمَ قَاضِي خَانْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَلِذَا قَيَّدَ فِي الذَّخِيرَةِ بِالْمُرَاهِقِ اهـ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ بِخَلْوَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً لِأَنَّ تَصْرِيحَهُمْ بِوُجُوبِهَا بِالْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ شَامِلٌ لِخَلْوَةِ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ لَا يُطَاقُ مَعَهُ الْجِمَاعُ) وَقَدَرَتْ الْإِطَاقَةَ بِالْبُلُوغِ، وَقِيلَ بِالتِّسْعِ وَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّقْدِيرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ: وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ تُطِيقُهُ وَأَرَادَ الدُّخُولَ وَأَنْكَرَ الْأَبُ

ص: 114

وَ) بِلَا (وُجُودِ ثَالِثٍ مَعَهُمَا) وَلَوْ نَائِمًا أَوْ أَعْمَى (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الثَّالِثُ (صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ) بِأَنْ لَا يُعَبِّرُ عَمَّا يَكُونُ بَيْنَهُمَا (أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ) لَكِنْ فِي. الْبَزَّازِيَّةِ: إنْ فِي اللَّيْلِ صَحَّتْ لَا فِي النَّهَارِ، وَكَذَا الْأَعْمَى فِي الْأَصَحِّ (أَوْ جَارِيَةَ أَحَدِهِمَا) فَلَا تَمْنَعُ بِهِ يُفْتَى مُبْتَغًى

(وَالْكَلْبُ يَمْنَعُ إنْ) كَانَ (عَقُورًا) مُطْلَقًا. وَفِي الْفَتْحِ: وَعِنْدِي أَنَّ كَلْبَهُ لَا يَمْنَعُ مُطْلَقًا (أَوْ) كَانَ (لِلزَّوْجَةِ وَإِلَّا) يَكُنْ عَقُورًا وَكَانَ لَهُ (لَا) يَمْنَعُ وَبَقِيَ مِنْهُ

ــ

[رد المحتار]

فَالْقَاضِي يُرِيهَا لِنِسَاءٍ وَلَمْ يَعْتَبِرْ السِّنَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَبِلَا وُجُودِ ثَالِثٍ) قَدَّرَ قَوْلَهُ بِلَا لِيَكُونَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِلَا مَانِعٍ حِسِّيٍّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ طَبْعِيٌّ فَقَطْ، لَكِنْ عَلِمْت مَا فِيهِ. قَالَ ط: وَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ ذَاكَ تَمْثِيلٌ مِنْ الشَّارِحِ وَهَذَا مِنْ الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَائِمًا أَوْ أَعْمَى) لِأَنَّ الْأَعْمَى يُحِسُّ، وَالنَّائِمُ يَسْتَيْقِظُ وَيَتَنَاوَمُ فَتْحٌ، وَدَخَلَ فِيهِ الزَّوْجَةُ الْأُخْرَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ، بِنَاءً عَلَى كَرَاهَةِ وَطْئِهَا بِحَضْرَةِ ضَرَّتِهَا بَحْرٌ.

قُلْت: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ وَأَمَتَهُ بِحَضْرَةِ النَّائِمِينَ إذَا كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ بِهِ، فَإِنْ عَلِمُوهُ كُرِهَ اهـ وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْخَلْوَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّوْمِ تَأَمَّلْ.

وَفِي الْبَحْرِ: وَفَصَّلَ فِي الْمُبْتَغَى فِي الْأَعْمَى، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى حَالَةٍ تَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ أَصَمَّ إنْ كَانَ نَهَارًا لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا تَصِحُّ اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَصَمِّ غَيْرَ الْأَعْمَى، أَمَّا لَوْ كَانَ أَعْمَى أَيْضًا فَلَا فَرْقَ فِي حَقِّهِ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ) وَقِيلَ يَمْنَعَانِ فَتْحٌ قُلْت: يَظْهَرُ لِي الْمَنْعُ فِي الْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ أَقْوَى حَالًا مِنْ الْكَلْبِ الْعَقُورِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَعْمَى) قَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي حَقِّهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) زَادَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ، ثُمَّ قَالَ: وَجَزَمَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْنَعُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ غِشْيَانِهَا بَيْنَ يَدَيْ أَمَتِهِ طَبْعًا اهـ أَيْ وَكَذَا بَيْنَ يَدَيْ أَمَتِهَا بِالْأَوْلَى لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ لَا تَحِلُّ لَهُ. قُلْت: وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: لَوْ كَانَ الثَّالِثُ جَارِيَةً لَهُ، رُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا تَصِحُّ خَلْوَتُهُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا تَصِحُّ اهـ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَوَّلِ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِوَطْءِ الْمَنْكُوحَةِ بِمُعَايَنَةِ الْأَمَةِ دُونَ عَكْسِهِ، لَكِنَّ هَذَا يَظْهَرُ فِي أَمَتِهِ دُونَ أَمَتِهَا، عَلَى أَنَّ نَفْيَ الْبَأْسِ شَرْعًا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ نُفْرَةِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ عَنْهُ، وَحَيْثُ كَانَ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا مَرَّ، وَعَزَاهُ أَيْضًا فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ إلَى الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْخَانِيِّةِ: لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لِمُوَافَقَتِهِ الدِّرَايَةَ وَالرِّوَايَةَ، وَلِذَا قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: الْعَجَبُ كَيْفَ يُجْعَلُ الْمَذْهَبُ الْمُفْتَى بِهِ مَا هُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْإِمَامِ وَصَاحِبِيهِ مَعَ عَدَمِ اتِّجَاهِهِ فِي الْمَعْنَى

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ عَقُورًا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَلْبُهُ أَوْ كَلْبُهَا (قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ مُطْلَقًا) أَيْ عَقُورًا أَوْ لَا، وَعَلَّلَهُ فِي الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْكَلْبَ قَطُّ لَا يَعْتَدِي عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا عَلَى مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ سَيِّدِهِ عَنْهُ. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَلَوْ رَآهُ الْكَلْبُ فَوْقَهَا يَكُونُ سَيِّدُهُ فِي صُورَةِ الْغَالِبِ لَهَا فَلَا يَعْدُو عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهَا الزَّوْجُ أَنْ تَكُونَ فَوْقَهُ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي صُورَةِ الْغَالِبَةِ لَهُ وَأَمْكَنَ أَنْ يَعْدُوَ عَلَيْهَا الْكَلْبُ لَكِنْ يَمْنَعُهُ سَيِّدُهُ عَنْهَا فَتَصِحُّ الْخَلْوَةُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ لِلزَّوْجَةِ) أَيْ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَقُورٍ وَكَانَ لِلزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَانِعًا لَكِنْ مُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَلْبِهِ وَكَلْبِهَا لِأَنَّ كَلْبَهَا وَإِنْ رَآهَا تَحْتَ الزَّوْجِ يُمْكِنُ أَنْ تَمْنَعَهُ عَنْهُ فَلَا يَعْدُو عَلَيْهِ فَتَصِحُّ الْخَلْوَةُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ) بِالْوَاوِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَوْ وَهُوَ تَحْرِيفٌ. اهـ. ح أَيْ لِأَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: عَقُورٌ لَهُ أَوْ لَهَا، وَغَيْرُ عَقُورٍ كَذَلِكَ، فَذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ الْمَانِعَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: عَقُورٌ مُطْلَقًا، وَغَيْرُ عَقُورٍ هُوَ لَهَا وَبَقِيَ غَيْرُ مَانِعٍ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ هِيَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَقُورٍ وَكَانَ لَهُ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ إلَخْ) وَبَقِيَ أَيْضًا مِنْ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا فَإِذَا خَلَا بِهَا طَلُقَتْ فَيَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَنْ الْوَاقِعَاتِ

ص: 115

عَدَمُ صَلَاحِيَةِ الْمَكَانِ كَمَسْجِدٍ وَطَرِيقٍ وَحَمَّامٍ وَصَحْرَاءَ وَسَطْحِ وَبَيْتٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ، وَمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا.

(وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ وَالْمَنْذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْقَضَاءِ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِحَّتِهَا) فِي الْأَصَحِّ، إذْ لَا كَفَّارَةَ بِالْإِفْسَادِ وَمَفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَأَمْسَكَ فَخَلَا بِهَا

ــ

[رد المحتار]

قَالَ: وَزَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ فِي هَذَا الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا فِي الْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ هُنَا احْتِيَاطًا اهـ وَمَشَى الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي صَفْحَةٍ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ افْتَرَقَا أَنَّ امْتِنَاعَهَا مِنْ تَمْكِينِهِ فِي الْخَلْوَةِ يَمْنَعُ صِحَّتَهَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا، لَا لَوْ بِكْرًا (قَوْلُهُ عَدَمُ صَلَاحِيَةِ الْمَكَانِ) أَيْ لِلْخَلْوَةِ وَصَلَاحِيَتِهِ، بِأَنْ يَأْمَنَا فِيهِ اطِّلَاعَ غَيْرِهِمَا عَلَيْهِمَا كَالدَّارِ وَالْبَيْتِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَقْفٌ، وَكَذَا الْمَحَلُّ الَّذِي عَلَيْهِ قُبَّةٌ مَضْرُوبَةٌ، وَالْبُسْتَانُ الَّذِي لَهُ بَابٌ مُغْلَقٌ، بِخِلَافِ مَا لَيْسَ لَهُ بَابٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ بَحْرٌ؛ وَلَوْ كَانَا فِي مَخْزَنٍ مِنْ خَانٍ يَسْكُنُهُ النَّاسُ فَرَدَّ الْبَابَ وَلَمْ يُغْلِقْ وَالنَّاسُ قُعُودٌ فِي وَسَطِهِ غَيْرُ مُتَرَصِّدِينَ لِنَظَرِهِمَا صَحَّتْ، وَإِنْ كَانُوا مُتَرَصِّدِينَ فَلَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَمَسْجِدٍ وَطَرِيقٍ) لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَجْمَعُ النَّاسِ فَلَا يَأْمَنُ الدُّخُولَ عَلَيْهِ سَاعَةً فَسَاعَةً وَكَذَا الْوَطْءُ فِيهِ حَرَامٌ. قَالَ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَالطَّرِيقُ مَمَرُّ النَّاسِ عَادَةً وَذَلِكَ يُوجِبُ الِانْقِبَاضَ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ بَدَائِعُ.

قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا الْوَطْءُ فِيهِ حَرَامٌ إلَخْ أَنَّهُ مَانِعٌ وَإِنْ كَانَ خَالِيًا وَبَابُهُ مُغْلَقٌ فَتَأَمَّلْ. وَفِي الْفَتْحِ وَلَوْ سَافَرَ بِهَا فَعَدَلَ عَنْ الْجَادَّةِ بِهَا إلَى مَكَان خَالٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ وَحَمَّامٍ) أَيْ بَابُهُ مَفْتُوحٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ مَقْفُولًا عَلَيْهِمَا وَحْدَهُمَا فَلَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهَا كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَسَطْحٍ) أَيْ لَيْسَ عَلَى جَوَانِبِهِ سُتُرٌ وَكَذَا إذَا كَانَ السِّتْرُ رَقِيقًا أَوْ قَصِيرًا بِحَيْثُ لَوْ قَامَ إنْسَانٌ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا فَتْحٌ. وَفِيهِ: وَلَا تَصِحُّ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ. وَقَالَ شَدَّادٌ: إنْ كَانَتْ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ صَحَّتْ لِأَنَّهَا كَالسَّاتِرِ. وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ تَصِحُّ عَلَى سَطْحٍ لَا سَاتِرَ لَهُ إذَا كَانَتْ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ. وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا تَصِحَّ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْإِحْسَاسُ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْبَصَرِ؛ أَلَا تَرَى إلَى الِامْتِنَاعِ لِوُجُودِ الْأَعْمَى وَلَا إبْصَارَ لِلْإِحْسَاسِ. اهـ.

قُلْت: الْإِحْسَاسُ إنَّمَا يُمْكِنُ إذَا كَانَ مَعَهُمَا أَحَدٌ عَلَى السَّطْحِ، أَمَّا لَوْ كَانَ فَوْقَهُ وَحْدَهُمَا وَأَمِنَا مِنْ صُعُودِ أَحَدٍ إلَيْهِمَا لَمْ يَبْقَ الْإِحْسَاسُ إلَّا بِالْبَصَرِ وَالظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ تَمْنَعُهُ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَبَيْتٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ نَظَرَ إنْسَانٌ رَآهُمَا، وَفِيهِ خِلَافٌ.

فَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: إنْ كَانَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنٍ فَهِيَ خَلْوَةٌ. وَاخْتَارَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ مَانِعٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَحْرٌ. وَوَجْهُهُ أَنَّ إمْكَانَ النَّظَرِ مَانِعٌ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى الدُّخُولِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ (وَقَوْلُهُ وَمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا) لِأَنَّ التَّمَكُّنَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ الْمَعْرِفَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَعْرِفْهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ وَطْئِهَا إذَا عَرَفَهَا وَلَمْ تَعْرِفْهُ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَعْرِفْهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا فَتَأَمَّلْ ح.

قُلْت: إنَّ هَذَا الْمَانِعَ بِيَدِهِ إزَالَتُهُ، بِأَنْ يُخْبِرَهَا أَنَّهُ زَوْجُهَا فَلَمَّا جَاءَ التَّقْصِيرُ مِنْ جِهَتِهِ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْخَلْوَةِ فَيَلْزَمُ الْمَهْرُ ط

(قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، لَكِنْ صَرَّحَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْمَنْعِ فِي التَّطَوُّعِ شَاذَّةٌ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ: وَفِي صَوْمِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْمَنْذُورَاتِ رِوَايَتَانِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْخُلُوَّ وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ لَا يَمْنَعُهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ يَمْنَعُ. اهـ.

ص: 116

أَنْ تَصِحَّ وَكَذَا كُلُّ مَا أَسْقَطَ الْكَفَّارَةَ نَهْرٌ (بَلْ الْمَانِعُ صَوْمُ رَمَضَانَ) أَدَاءً وَصَلَاةُ الْفَرْضِ فَقَطْ (كَالْوَطْءِ) فِيمَا يَجِيءُ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ خَصِيًّا) أَوْ خُنْثَى إنْ ظَهَرَ حَالُهُ وَإِلَّا فَنِكَاحُهُ مَوْقُوفٌ، وَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا بَسَطَهُ فِي النَّهْرِ.

ــ

[رد المحتار]

وَقَوْلُ الْكَنْزِ وَصَوْمُ الْفَرْضِ يَدْخُلُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَاتُ وَالْمَنْذُورَاتُ فَيَكُونُ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِرِوَايَةِ الْمَنْعِ فِي غَيْرِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ فِيهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ جَائِزٌ فِي رِوَايَةٍ، وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الْكَنْزِ تَعْبِيرُ الْخَانِيَّةِ بِالْأَصَحِّ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مُقَابِلَهُ صَحِيحٌ، وَكَذَا قَوْلُ الْهِدَايَةِ وَصَوْمُ الْقَضَاءِ وَالْمُنْذَرِ كَالتَّطَوُّعِ فِي رِوَايَةٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ رِوَايَةَ كَوْنِهِمَا كَصَوْمِ رَمَضَانَ أَقْوَى، وَبِهَذَا يَتَأَيَّدُ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَوْمُ الْفَرْضِ وَلَوْ مَنْذُورًا مَانِعًا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ إفْسَادُهُ وَإِنْ كَانَ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَهُوَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ. اهـ. (قَوْلُهُ أَنْ تَصِحَّ) أَيْ الْخَلْوَةُ، لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِشُبْهَةٍ خِلَافُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله فَإِنَّهُ يَرَى الْفِطْرَ بِأَكْلِهِ نَاسِيًا وَلَا كَفَّارَةَ ط (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ مَا أَسْقَطَ الْكَفَّارَةَ) كَشُرْبٍ وَجِمَاعٍ نَاسِيًا وَنِيَّةٍ نَهَارًا وَنِيَّةٍ نَفْلًا ط (قَوْلُهُ وَصَلَاةُ الْفَرْضِ فَقَطْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَا شَكَّ أَنَّ إفْسَادَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَرَامٌ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، فَيَنْبَغِي أَنْ تُمْنَعَ مُطْلَقًا، مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ لَا تُمْنَعُ كَالنَّفْلِ مَعَ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا.

وَأَغْرَبُ مِنْهُ مَا فِي الْمُحِيطِ أَنَّ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ لَا تُمْنَعُ إلَّا الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا بِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ اهـ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَأَنَّ الْوَاجِبَةَ تَمْنَعُ الْأُولَى. اهـ.

قُلْت: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي إحْرَامِ الْحَجِّ بَيْنَ فَرْضِهِ وَنَفْلِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لُزُومِ الْقَضَاءِ وَالدَّمِ. وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ. أَمَّا الصَّوْمُ فَظَاهِرٌ لِلُزُومِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ فِي فَرْضِهِ، بِخِلَافِ نَفْلِهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهِ بِالْفِطْرِ يَسِيرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا الْقَضَاءُ لَا غَيْرُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ. وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مُشْكِلٌ، إذْ لَيْسَ فِي فَرْضِهَا ضَرَرٌ زَائِدٌ عَلَى الْإِثْمِ وَلُزُومِ الْقَضَاءِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي نَفْلِهَا وَوَاجِبِهَا، نَعَمْ الْإِثْمُ فِي الْفَرْضِ أَعْظَمُ وَفِي كَوْنِهِ مَنَاطًا لِمَنْعِ صِحَّةِ الْخُلُوِّ خَفَاءٌ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ كَالنَّفْلِ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ اخْتِيَارِ الْكَنْزِ إطْلَاقَ فَرْضِ الصَّوْمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَكَذَا الصَّلَاةُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا كَفَرْضِ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ نَفْلِهِ لِأَنَّهُ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ إفْطَارُهُ بِلَا عُذْرٍ فِي رِوَايَةٍ، وَنَفْلُ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ بِلَا عُذْرٍ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فَكَانَ كَفَرْضِهَا، وَلَعَلَّ الْمُجْتَهِدَ قَامَ عِنْدَهُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا لَمْ يَظْهَرْ لَنَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فِيمَا يَجِيءُ) أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ مَجْبُوبًا) أَيْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ، مِنْ الْجَبِّ: وَهُوَ الْقَطْعُ. قَالَ فِي الْغَايَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَطْعَ الْخُصْيَتَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْمَجْبُوبِ، وَلِذَا اقْتَصَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ عَلَى قَطْعِ الذَّكَرِ ح عَنْ النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ أَوْ خَصِيًّا) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٌ، وَهُوَ مَنْ سُلَّتْ خُصْيَتَاهُ وَبَقِيَ ذَكَرُهُ ح (قَوْلُهُ إنْ ظَهَرَ حَالُهُ) أَيْ إنْ ظَهَرَ قَبْلَ الْخَلْوَةِ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ وَالْخُنْثَى رَجُلٌ وَظَهَرَ أَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ فَإِنَّ وَطْأَهُ حِينَئِذٍ جَائِزٌ فَتَكُونُ الْخَلْوَةُ كَالْوَطْءِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ فَلَا تَكُونُ خَلْوَتُهُ كَالْوَطْءِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ أَطْلَقَ صِحَّةَ خَلْوَتِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِظُهُورِ حَالِهِ، وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ سَتَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ فِي النَّهْرِ) عِبَارَتُهُ: وَيَجِبُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْ ظَهَرَ حَالُهُ أَمَّا الْمُشْكِلُ فَنِكَاحُهُ مَوْقُوفٌ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُ، وَلِهَذَا لَا يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ مَنْ تَخْتِنُهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ النَّظَرِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ اهـ أَيْ فَلَا يُبِيحُ الْوَطْءَ بِالْأَوْلَى فَلَا تَصِحُّ خَلْوَتُهُ كَالْخَلْوَةِ بِالْحَائِضِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّبْيِينِ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَفَادَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ يَتَبَيَّنُ بِالْبُلُوغِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَةُ

ص: 117

وَفِيهِ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ الْعُنَّةَ قَدْ تَكُونُ لِمَرَضٍ أَوْ ضَعْفِ خِلْقَةٍ أَوْ كِبَرِ سِنٍّ (فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ) وَلَوْ مِنْ الْمَجْبُوبِ (وَ) فِي (تَأَكُّدِ الْمَهْرِ) الْمُسَمَّى (وَ) مَهْرِ الْمِثْلِ بِلَا تَسْمِيَةٍ وَ (النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَالْعِدَّةِ وَحُرْمَةِ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا) فِي عِدَّتِهَا

(وَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَمُرَاعَاةِ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي حَقِّهَا)

ــ

[رد المحتار]

الرَّجُلِ وَقَدْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ مِنْ حِينِ عَقْدِ الْأَبِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أُجِّلَ كَالْعِنِّينِ، وَإِنْ زَوَّجَ رَجُلًا تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ صِحَّةِ خَلْوَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ عَلِمْت أَنَّ مَا نَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْأَصْلِ: لَوْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ رَجُلًا فَوَصَلَ إلَيْهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ؛ أَوْ امْرَأَةً فَبَلَغَ فَوَصَلَ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا أُجِّلَ كَالْعِنِّينِ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ.

أَيْ أَنَّ ظَاهِرَ مَا فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ الرَّجُلِ إلَيْهِ أَيْ وَطْئِهِ لَهُ أَوْ بِوُصُولِهِ إلَى الْمَرْأَةِ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَظُهُورِ عَلَامَةٍ فِيهِ، وَأَنَّ الْوَطْءَ يَحِلُّ قَبْلَ التَّبْيِينِ، وَأَنَّ الْخَلْوَةَ بِهِ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَدْ تَبَيَّنَ حَالُهُ وَقَدْ لَا يَتَبَيَّنُ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمَبْسُوطِ جَزَمَ بِتَبَيُّنِ حَالِهِ بِالْبُلُوغِ، وَأَنَّهُ قَبْلَ التَّبَيُّنِ يَكُونُ نِكَاحُهُ مَوْقُوفًا فَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الْخَلْوَةِ قَبْلَ التَّبَيُّنِ لِعَدَمِ حِلِّ الْوَطْءِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ جَازَ مَعْنَاهُ جَازَ الْعَقْدُ بَيَّنَ بِذَلِكَ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ ذَلِكَ رَافِعٌ لِإِشْكَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ حِلُّ الْوَطْءِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ: أَيْ إنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ هَذِهِ الْعَلَامَةُ لَا أَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَلَا بِعَدَمِهَا بَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى ظُهُورِ عَلَامَةٍ أُخْرَى وَقَوْلُ الْمَبْسُوطِ إنَّ يَتَبَيَّنُ بِالْبُلُوغِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ؛ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ قَدْ يَبْقَى حَالُهُ مُشْكِلًا بَعْدَهُ. كَمَا إذَا حَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ وَأَمْنَى مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ؛ وَقَدْ يُتَبَيَّنُ حَالُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ كَأَنْ يَبُولَ مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَتَصِحُّ خَلْوَتُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَقْيِيدَ صِحَّةِ الْخَلْوَةِ بِتَبَيُّنِ حَالِهِ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ حِلِّ الْوَطْءِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِمَرَضٍ إلَخْ) وَكَذَا السِّحْرُ، وَيُسَمَّى الْمَعْقُودُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ عَنْ الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ إلَخْ) الَّذِي حَقَّقَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا ثُمَّ رَآهُ مَنْقُولًا عَنْ الْخَصَّافِ أَنَّ الْخَلْوَةَ لَمْ تَقُمْ مُقَامَ الْوَطْءِ إلَّا فِي حَقِّ تَكْمِيلِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ. قَالَ: مَا سِوَاهُ فَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ كَالنَّسَبِ، أَيْ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ خَلْوَةٌ أَصْلًا، كَمَا فِي تَزَوُّجِ مَشْرِقِيٍّ مَغْرِبِيَّةً أَوْ مِنْ أَحْكَامِ الْعِدَّةِ كَالْبَقِيَّةِ. وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ النَّهْرِ حَيْثُ تَابَعَ أَخَاهُ فِي هَذَا التَّحْقِيقِ ثُمَّ خَالَفَهُ النَّظْمُ الْآتِي.

وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ سَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي عَقْدِ الْفَوَائِدِ. لَكِنَّهُ أَفَادَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَوْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ ثَبَتَ نَسَبُهُ لِلتَّيَقُّنِ بِأَنَّ الْعُلُوقَ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَأَنَّ الطَّلَاقَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَلَوْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ لَا يَثْبُتُ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ اخْتَلَى بِهَا فَطَلَّقَهَا يَثْبُتُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. قَالَ: فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الْخُصُوصِيَّةُ لِلْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْمَجْبُوبِ) لِإِمْكَانِ إنْزَالِهِ بِالسِّحَاقِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِنِّينِ أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ إذَا خَلَا بِهَا ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَفِي تَأَكُّدِ الْمَهْرِ) أَيْ فِي خَلْوَةِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، أَمَّا الْفَاسِدُ فَيَجِبُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ لَا بِالْخَلْوَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ فِيهِ، فَكَانَ كَالْخَلْوَةِ بِالْحَائِضِ (قَوْلُهُ وَالْعِدَّةِ) وُجُوبُهَا مِنْ أَحْكَامِ الْخَلْوَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَحِيحَةً أَمْ لَا ط: أَيْ إذَا كَانَتْ فِيهِ نِكَاحٌ صَحِيحٌ، أَمَّا الْفَاسِدُ فَتَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ بِالْوَطْءِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ فِي عِدَّتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِنِكَاحٍ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ ط

(قَوْلُهُ وَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ) أَيْ لَوْ طَلَّقَ الْحُرَّةَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِهَا لَا يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ أَمَةً مَا دَامَتْ الْحُرَّةُ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ الطَّلَاقُ بَائِنًا (قَوْلُهُ وَمُرَاعَاةِ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي حَقِّهَا) بَيَانُهُ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ طَلَاقُهَا فِي الْحَيْضِ بِدْعِيٌّ فَلَا يَحِلُّ بَلْ يُطَلِّقُهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَا وَطْءٌ فِيهِ وَهُوَ أَحْسَنُ أَوْ ثَلَاثَةً مُتَفَرِّقَةً فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ لَا وَطْءٌ فِيهَا وَهُوَ حَسَنٌ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ فَإِنَّ طَلَاقَهَا وَاحِدَةً وَلَوْ فِي الْحَيْضِ حَسَنٌ، وَإِذَا كَانَتْ الْمُخْتَلَى بِهَا

ص: 118

وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقٍ بَائِنٍ آخَرَ عَلَى الْمُخْتَارِ (لَا) تَكُونُ كَالْوَطْءِ (فِي حَقِّ) بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ كَالْغُسْلِ وَ (الْإِحْصَانِ وَحُرْمَةِ الْبَنَاتِ وَحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ وَالرَّجْعَةِ

ــ

[رد المحتار]

كَالْمَوْطُوءَةِ تَوَقَّفَ طَلَاقُهَا بِالطُّهْرِ فَلَا يَحِلُّ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقٍ بَائِنٍ آخَرَ إلَخْ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ فِي عِدَّةِ الْخَلْوَةِ، وَقِيلَ لَا اهـ وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَأَمَّا وُقُوعُ طَلَاقٍ آخَرَ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ فَقَدْ قِيلَ لَا يَقَعُ وَقِيلَ يَقَعُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ يَجِبُ الْقَوْلُ بِالْوُقُوعِ احْتِيَاطًا، ثُمَّ هَذَا الطَّلَاقُ يَكُونُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَلَا شُبْهَةَ فِي وُقُوعِهَا، فَإِذَا طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ طَلْقَةً أُخْرَى فَمُقْتَضَى كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً قَبْلَ الدُّخُولِ أَنْ لَا تَقَعَ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ، لَكِنْ لَمَّا اخْتَلَفَتْ الْأَحْكَامُ فِي الْخَلْوَةِ فِي أَنَّهَا تَارَةً تَكُونُ كَالْوَطْءِ وَتَارَةً لَا تَكُونُ جَعَلْنَاهَا كَالْوَطْءِ فِي هَذَا فَقُلْنَا بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ احْتِيَاطًا لِوُجُودِهَا فِي الْعِدَّةِ، وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ آخَرُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً بِخِلَافِ هَذِهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَ كَوْنِ الطَّلَاقِ الثَّانِي بَائِنًا هُوَ الِاحْتِيَاطُ أَيْضًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلطَّلَاقِ الْأَوَّلِ. وَأَفَادَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّهُ بَائِنٌ أَيْضًا لِأَنَّ طَلَاقَ قَبْلِ الدُّخُولِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْعِدَّةِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِجَعْلِنَا الْخَلْوَةَ كَالْوَطْءِ احْتِيَاطًا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُ الْوَطْءِ فِي الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقُّ الزَّوْجِ وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّهُ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ يَنْفُذُ عَلَيْهِ فَيَقَعُ بَائِنًا، وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ لَا تَعْقُبُهُ الرَّجْعَةُ يَلْزَمُ كَوْنُ الثَّانِي مِثْلَهُ. اهـ. وَيُشِيرُ إلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ طَلَاقٌ بَائِنٌ آخَرُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَائِنٌ أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ بَعْدَهُ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الذَّخِيرَةِ هُوَ الطَّلَاقُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَافْهَمْ. ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وُقُوعُ الْبَائِنِ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَإِنْ كَانَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ، وَطَلَاقُ الْمَوْطُوءَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُخَالِفُ الْخَلْوَةُ الْوَطْءَ فِي ذَلِكَ.

وَأَجَابَ ح: بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَهُوَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وُقُوعَ طَلَاقٍ بَعْدَ آخَرَ. اهـ. وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْبَائِنَ قَدْ يَلْحَقُ الْبَائِنَ فِي الْمَوْطُوءِ فَلَا يَدْفَعُ الْمُخَالَفَةَ الْمَذْكُورَةَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَالْغُسْلِ) أَيْ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَالْإِحْصَانِ) فَلَوْ زَنَى بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ لَا يَلْزَمُهُ الرَّجْمُ لِفَقْدِ شَرْطِ الْإِحْصَانِ وَهُوَ الْوَطْءُ. قَالَ فِي عَقْدِ الْفَرَائِدِ: وَهَذَا إنْ لَمْ يَفْهَمْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ فَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ ثُبُوتِ الْإِحْصَانِ لَهَا بِذَلِكَ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِيهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِ صَرِيحٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْت: وَفِي الْبَحْرِ وَلَمْ يُقِيمُوهَا مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الْإِحْصَانِ إنْ تَصَادَقَا عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ، وَإِنْ أَقَرَّا بِهِ لَزِمَهُمَا حُكْمُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا صَدَقَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَحُرْمَةُ الْبَنَاتِ) أَيْ لَمْ يُقِيمُوا الْخُلُوَّ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ خَلَا بِزَوْجَتِهِ بِدُونِ وَطْءٍ وَلَا مَسٍّ بِشَهْوَةٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا، بِخِلَافِ الْوَطْءِ وَالْكَلَامُ فِي الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ وَغَيْرِهِمَا، فَمَا حَرَّرَهُ فِي عَقْدِ الْفَرَائِدِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ حُرْمَةَ الْبَنَاتِ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الصَّاحِبَيْنِ، وَالْخِلَافُ فِي الْفَاسِدَةِ. قَالَ الثَّانِي تَحْرُمُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَحْرُمُ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمِمَّا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ الْخِلَافِ مَمْنُوعٌ كَمَا بَسَطَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ) أَيْ لَا تَحِلُّ مُطَلَّقَةُ الثَّلَاثِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ خَلْوَةِ الثَّانِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَطْئِهِ لِحَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ (قَوْلُهُ وَالرَّجْعَةِ) أَيْ لَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالْخَلْوَةِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ

ص: 119

وَالْمِيرَاثِ) وَتَزْوِيجُهَا كَالْأَبْكَارِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَمَا نَظَمَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ فَقَالَ:

وَخَلْوَةُ الزَّوْجِ مِثْلُ الْوَطْءِ

فِي صُوَرٍ وَغَيْرُهُ وَبِهَذَا الْعَقْدِ تَحْصِيلُ

تَكْمِيلُ مَهْرٍ وَإِعْدَادٍ كَذَا نَسَبٌ

إنْفَاقٌ سُكْنَى وَمَنْعُ الْأُخْتِ مَقْبُولُ

وَأَرْبَعٌ وَكَذَا قَالُوا الْإِمَا وَلَقَدْ

رَاعَوْا زَمَانَ فِرَاقٍ فِيهِ تَرْحِيلُ

وَأَوْقَعُوا فِيهِ تَطْلِيقًا إذَا لَحِقَا

وَقِيلَ لَا وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ الْقِيلُ

أَمَّا الْمَعَايِرُ فَالْإِحْصَانُ يَا أَمَلِي

وَرَجْعَةٌ وَكَذَا التَّوْرِيثُ مَعْقُولُ

سُقُوطُ وَطْءٍ وَإِحْلَالٍ لَهَا وَكَذَا

تَحْرِيمُ بِنْتٍ نِكَاحُ الْبِكْرِ مَبْذُولُ

كَذَلِكَ الْفَيْءُ وَالتَّكْفِيرُ مَا فَسَدَتْ

عِبَادَةٌ وَكَذَا بِالْغُسْلِ تَكْمِيلُ

ــ

[رد المحتار]

بَعْدَ الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بَحْرٌ: أَيْ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بَائِنًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَالْمِيرَاثِ) أَيْ لَوْ طَلَّقَهَا وَمَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّةِ الْخَلْوَةِ لَا تَرِثُ بَزَّازِيَّةٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى.

وَحَكَى ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي عَقْدِ الْفَرَائِدِ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهَا تَرِثُ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَعَلَى هَذَا أَيْ مَا فِي الشَّرْحِ لَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا لَا تَرِثُ، وَبِهِ جَزَمَ الطَّوَّاقِيُّ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْحِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ حَامِدْ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ مُفْتِي دِمَشْقَ اهـ. (قَوْلُهُ وَتَزْوِيجِهَا كَالْأَبْكَارِ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ كَالثَّيِّبَاتِ لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ فَإِنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ الْوَطْءِ دُونَ الْخَلْوَةِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْوَطْءِ فِي تَزْوِيجِهَا كَالثَّيِّبَاتِ بَلْ تُزَوَّجُ كَالْأَبْكَارِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَمَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّهَا تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الثَّيِّبُ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرِ السَّبْعَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زِيَادَةِ أَرْبَعَةٍ أُخْرَى فِي النَّظْمِ الْمَذْكُورِ، وَهِيَ: سُقُوطُ الْوَطْءِ، وَالْفَيْءِ، وَالتَّكْفِيرِ، وَعَدَمِ فَسَادِ الْعِبَادَةِ.

وَبَقِيَ مَسْأَلَتَانِ أَيْضًا لَمْ يَذْكُرْهُمَا لِعَدَمِ تَسْلِيمِهِمَا، وَهُمَا أَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تَكُونُ إجَازَةَ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا لِلْمَهْرِ بَعْدَهَا عِنْدَهُمَا. أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَهَا الْمَنْعُ بَعْدَ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، وَزَادَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ أَيْضًا بَقَاءَ عُنَّةِ الْعِنِّينِ، وَيُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي النَّظْمِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مِثْلٍ وَالضَّمِيرُ لِلْوَطْءِ أَيْ وَمُغَايَرَةٌ لِلْوَطْءِ فِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً (قَوْلُهُ وَبِهَذَا الْعَقْدِ تَحْصِيلٌ) جُمْلَةُ مَنْ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَالْعِقْدُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ شُبِّهَ الشِّعْرُ الْمَنْظُومُ بِعِقْدِ الدُّرِّ الْمَنْظُومِ (قَوْلُهُ تَكْمِيلُ مَهْرٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِصُوَرِ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ وَإِعْدَادٌ) بِالْكَسْرِ، وَالْمُرَادُ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ وَأَرْبَعٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْأُخْتِ (قَوْلُهُ الْإِمَا) جَمْعُ أَمَةٍ، وَقَصَرَهُ لِلضَّرُورَةِ؛ وَلَوْ أَسْقَطَ لَامَ وَلَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْ قَصْرِهِ (قَوْلُهُ فِرَاقٍ فِيهِ تَرْحِيلُ) الْمُرَادُ بِهِ الطَّلَاقُ. اهـ. ح.

وَأَمَّا التَّرْحِيلُ، فَهُوَ مِنْ تَرَحَّلَ الْقَوْمُ عَنْ الْمَكَانِ: انْتَقَلُوا: أَيْ طَلَاقٌ فِيهِ نَقْلُ الزَّوْجَةِ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ مِنْ عِصْمَتِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَأَوْقَعُوا فِيهِ) أَيْ فِي الْإِعْدَادِ بِمَعْنَى الْعِدَّةِ. اهـ. ح فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَذْكُورٍ وَهُوَ الْإِعْدَادُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إذَا لَحِقَا) الضَّمِيرُ لِلتَّطْلِيقِ وَالْأَلِفُ لِلْإِطْلَاقِ. اهـ. ح وَالْمُرَادُ بِلِحَاقِهِ وُقُوعُهُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ طَلَاقٍ سَابِقٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْقِيلُ) بَدَلٌ مِنْ الْأَوَّلِ ح (قَوْلُهُ وَرَجْعَةٌ) أَيْ فِي صُورَتَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِهِ وَالرَّجْعَةُ (قَوْلُهُ سُقُوطُ وَطْءٍ) أَيْ مَا يَلْزَمُهُ فِيهِ بِالْوَطْءِ لَا يَسْقُطُ بِالْخَلْوَةِ، فَحَقُّ الزَّوْجَةِ فِي الْقَضَاءِ الْوَطْءُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْخَلْوَةِ وَكَذَا الْعِنِّينُ إذَا اخْتَلَى بِهَا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْوَطْءُ بِهَا، فَلِلزَّوْجَةِ طَلَبُ التَّفْرِيقِ، وَعَلَى هَذَا الْحَلِّ يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ بَقَاءِ الْعُنَّةِ الْمَذْكُورِ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ، لَكِنْ يُسْتَغْنَى بِهِ أَيْضًا عَنْ ذِكْرِ الْفَيْءِ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُمَا مَعًا أَوْ إسْقَاطَهُمَا مَعًا تَأَمَّلْ

ص: 120

(وَلَوْ افْتَرَقَا فَقَالَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَالَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْقَوْلُ لَهَا) لِإِنْكَارِهَا سُقُوطَ نِصْفِ الْمَهْرِ؛ وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَطْءَ وَلَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ فِي الْخَلْوَةِ، فَإِنْ بِكْرًا صَحَّتْ وَإِلَّا لَا لِأَنَّ الْبِكْرَ إنَّمَا تُوطَأُ كَرْهًا

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ كَذَلِكَ الْفَيْءُ) يَعْنِي إنْ آلَى مِنْهَا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْمُدَّةِ كَانَ فَيْئًا، وَإِنْ خَلَا بِهَا لَا اهـ ح (قَوْلُهُ التَّكْفِيرُ) يَعْنِي إنْ وَطِئَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ خَلَا بِهَا لَا اهـ ح وَفِي النَّهْرِ: وَعَدُّ التَّكْفِيرِ هُنَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي، إذْ الْكَلَامُ فِي الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ وَصَوْمُ الْأَدَاءِ يُفْسِدُهَا كَمَا مَرَّ ط (قَوْلُهُ مَا فَسَدَتْ عِبَادَةٌ) مَا نَافِيَةٌ، يَعْنِي إنْ وَطِئَهَا فِي عِبَادَةٍ يُفْسِدُهَا الْوَطْءُ فَسَدَتْ وَإِنْ خَلَا بِهَا لَا. اهـ. ح.

وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى سَابِقِهِ، فَإِنَّ مَا يَفْسُدُ بِالْوَطْءِ كَالْإِحْرَامِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْمَنْذُورُ يُفْسِدُ الْخَلْوَةَ وَالْكَلَامَ فِي الصَّحِيحَةِ، إلَّا أَنْ يُمَثِّلَ بِمَا لَا يُفْسِدُ الْخَلْوَةَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَصَوْمِ غَيْرِ الْأَدَاءِ وَصَلَاةِ النَّافِلَةِ تَأَمَّلْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي إسْقَاطُ التَّكْفِيرِ وَفَسَادِ الْعِبَادَةِ وَزِيَادَةُ فَقْدِ الْعُنَّةِ، فَتَصِيرُ الْأَحْكَامُ الَّتِي خَالَفَتْ الْخَلْوَةَ فِيهَا الْوَطْءَ عَشَرَةً، وَقَدْ نَظَمْتُهَا فِي بَيْتَيْنِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا لِلْعِلْمِ بِأَنَّ مَا سِوَاهَا لَا يُخَالِفُ فِيهَا الْخَلْوَةُ الْوَطْءَ فَقُلْت

وَخَلْوَتُهُ كَالْوَطْءِ فِي غَيْرِ عَشَرَةٍ

مُطَالَبَةٌ بِالْوَطْءِ إحْصَانٌ تَحْلِيلٌ

وَفَيْءٌ وَإِرْثٌ رَجْعَةٌ فَقْدُ عُنَّةٍ

وَتَحْرِيمُ بِنْتٍ عَقْدُ بِكْرٍ وَتَغْسِيلٌ

(قَوْلُهُ فَقَالَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ) يُطْلَقُ الدُّخُولُ عَلَى الْوَطْءِ وَعَلَى الْخَلْوَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْأَوَّلُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الِاخْتِلَافُ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ الْوَطْءِ، أَوْ فِي الْخَلْوَةِ الْمُجَرَّدَةِ لَا فِي الْوَطْءِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْخَلْوَةِ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ مُؤَكِّدَةٌ لِتَمَامِ الْمَهْرِ فَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْخَلْوَةِ لَمْ تَظْهَرْ ثَمَرَةٌ لِلِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهَا لِإِنْكَارِهَا سُقُوطَ نِصْفِ الْمَهْرِ) كَذَا فِي الْقُنْيَةِ لِلزَّاهِدِيِّ، وَنَظَمَهُ ابْنُ وَهْبَانَ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ تَتَبَّعَ هَذَا الْفَرْعَ فَمَا ظَفِرَ بِهِ وَلَا وَجَدَ مَا يُنَاقِضُهُ وَوَجْهُهُ مَاشٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ. اهـ.

قُلْت: رَأَيْته فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ أَيْضًا، وَحَكَى فِيهِ قَوْلَيْنِ، فَذَكَرَ مَا مَرَّ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ وَكِتَابٍ آخَرَ، ثُمَّ عَزَا إلَى الْأَسْرَارِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ. اهـ. وَيَظْهَرُ لِي أَرْجَحِيَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَالدُّخُولُ أَوْ الْمَوْتُ مُؤَكِّدٌ لَهُ وَالطَّلَاقُ قَبْلَهُمَا مُنَصِّفٌ لَهُ فَسَبَبُ وُجُوبِ الْكُلِّ مُتَحَقِّقٌ وَالْمُصَنَّفُ لَهُ عَارِضٌ، وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُ الْعَارِضَ وَتَتَمَسَّكُ بِالسَّبَبِ الْمُحَقَّقِ الْمُوجِبِ لِلْكُلِّ وَلِذَا تَثْبُتُ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِتَمَامِ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَا يَعُودُ نِصْفُ الْمَهْرِ الْمَقْبُوضِ إلَى مِلْكِهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَرْأَةِ فِيهِ وَالزَّوْجِ وَإِنْ أَنْكَرَ الزِّيَادَةَ عَلَى النِّصْفِ لَكِنَّهُ مُقِرٌّ بِسَبَبِهَا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ وَادَّعَى الرَّدَّ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ فَدَعْوَاهُ الرَّدَّ إنْكَارٌ لِلضَّمَانِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِسَبَبِهِ فَلَا يُقْبَلُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَطْءَ) كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ أَنْكَرَ الدُّخُولَ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ فِي الْوَطْءِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْخَلْوَةِ، لِيَكُونَ إشَارَةً إلَى رَدِّ مَا قَالَهُ فِي الْأَسْرَارِ: أَيْ أَنَّ إنْكَارَهُ لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مُدَّعٍ لِسُقُوطِ النِّصْفِ بِالْعَارِضِ عَلَى السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْكُلِّ فَكَانَ إنْكَارُهَا هُوَ الْمُعْتَبَرَ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ أَنْكَرَتْ بِالتَّاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَوْلَ لَهَا وَإِنْ أَنْكَرَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا فِي هَذَا الدُّخُولِ الَّذِي ادَّعَتْهُ، لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ اعْتَرَفَتْ بِعَدَمِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْوَطْءَ حَتَّى يُقَابَلَ بِإِنْكَارِهَا لَهُ (قَوْلُهُ إنَّمَا تُوطَأُ كَرْهًا) لِأَنَّهَا تَسْتَحِي بِالطَّبْعِ، فَلَمْ تَكُنْ بِالِامْتِنَاعِ مُخْتَارَةً لِعَدَمِ تَأَكُّدِ الْمَهْرِ، بِخِلَافِ الثَّيِّبِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهَا لِعَدَمِ تَأَكُّدِ الْمَهْرِ

ص: 121

كَمَا بَحَثَهُ الطَّرَسُوسِيُّ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَلَوْ قَالَ إنْ خَلَوْت بِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَلَا بِهَا طَلُقَتْ) بَائِنًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَوَجَبَ نِصْفُ الْمَهْرِ) وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بَزَّازِيَّةٌ

(وَتَجِبُ الْعِدَّةُ فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْخَلْوَةِ وَلَوْ فَاسِدًا (احْتِيَاطًا) أَيْ اسْتِحْسَانًا لِتَوَهُّمِ الشُّغْلِ (وَقِيلَ) قَائِلُهُ الْقُدُورِيُّ وَاخْتَارَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَقَاضِي خَانْ (إنْ كَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا) كَصَوْمٍ (وَتَجِبُ) الْعِدَّةُ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الطَّرَسُوسِيُّ) أَيْ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَالْبَحْثُ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّ الطَّرَسُوسِيَّ نَقَلَ أَوَّلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا خَلَا بِهَا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ قَالَ: وَفِي طَلَاقِ النَّوَازِلِ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا التَّفْصِيلَ وَقَالَ قُلْته عَلَى وَجْهِ التَّفَقُّهِ وَلَمْ أَظْفَرْ فِيهِ بِنَقْلٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّوْفِيقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا إذَا صَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ كَذَّبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (قَوْلُهُ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَبَعًا لِشَيْخِهِ صَاحِبِ الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ فَخَلَا بِهَا) أَيْ خَلْوَةً صَحِيحَةً لِأَنَّهَا الْمُتَبَادِرُ مِنْ لَفْظِ الْخَلْوَةِ. اهـ. ح. أَيْ فِي قَوْلِ الْحَالِفِ إنْ خَلَوْت بِك فَيُرَادُ بِهَا الْخَالِيَةُ عَمَّا يَمْنَعُهَا أَوْ يُفْسِدُهَا مِمَّا مَرَّ، وَالْمُرَادُ مَا يُفْسِدُهَا مِنْ غَيْرِ التَّعْلِيقِ، لِمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ مُفْسِدٌ لَهَا، فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ، الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَالْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ مَعَ أَنَّهَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَاسِدَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، فَالْمُرَادُ بِالصَّحِيحَةِ فِيهِ الْخَالِيَةُ عَمَّا يُفْسِدُهَا سِوَى فَسَادِ النِّكَاحِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ بَائِنًا) لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ يَكُونُ بَائِنًا مِنَحٌ. أَيْ فَهُنَا أَوْلَى لِعَدَمِ صِحَّتِهَا فَإِنَّهَا لَا تُمَاثِلُ الْوَطْءَ إلَّا فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ ط (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ) عِلَّةٌ لِطَلُقَتْ، وَأَمَّا عِلَّةُ كَوْنِهِ بَائِنًا فَهِيَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِنَحِ أَفَادَهُ ح. (قَوْلُهُ وَوَجَبَ نِصْفُ الْمَهْرِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ لِعَدَمِ الْخَلْوَةِ الْمُمَكِّنَةِ مِنْ الْوَطْءِ. اهـ. أَيْ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ فَكَانَ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الْوَطْءِ شَرْعًا (قَوْلُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهِمَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا فِي الْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ احْتِيَاطًا. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ كَيْفَ الْقَطْعُ بِوُجُوبِهَا مَعَ مُصَادَمَتِهِ لِلنَّقْلِ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ وَالْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ فَلَيْسَتْ مِنْ قِسْمِ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ وَلَا الْفَاسِدَةِ فَتَأَمَّلْ، وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ إنَّمَا تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ إذَا تَحَقَّقَ التَّسْلِيمُ. اهـ.

أَقُولُ: التَّسْلِيمُ مِنْهَا مَوْجُودٌ وَلَكِنْ عَاقَهُ مَانِعٌ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ كَالْعِنِّينِ، وَكَمَا لَوْ دَخَلَ عَلَيْهَا فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ بِالصَّلَاةِ، وَكَوْنُهَا خَلْوَةً بِأَجْنَبِيَّةٍ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ شَرْطُ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَوُقُوعُ الطَّلَاقِ دَلِيلُ تَحَقُّقِ الْخَلْوَةِ، إذْ لَوْلَاهَا لَمْ يَقَعْ غَيْرَ أَنَّهُ وُجِدَ بَعْدَ تَحَقُّقِهَا مَانِعٌ مِنْ جِهَتِهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَتَصْرِيحُهُمْ بِوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ شَامِلٌ لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَقَوْلُ الْبَزَّازِيَّةِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ فَهُوَ مُصَادَمَةُ نَقْلٍ بِنَقْلٍ أَصَحَّ مِنْهُ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ قَضَاءً وَدِيَانَةً.

وَفِي الْفَتْحِ قَالَ الْعَتَّابِيُّ: تَكَلَّمَ مَشَايِخُنَا فِي الْعِدَّةِ الْوَاجِبَةِ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ ظَاهِرًا أَوْ حَقِيقَةً، فَقِيلَ لَوْ تَزَوَّجَتْ وَهِيَ مُتَيَقِّنَةٌ بِعَدَمِ الدُّخُولِ حَلَّ لَهَا دِيَانَةً لَا قَضَاءً (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ إلَخْ) هَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ أَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ فِي الْخَلْوَةِ فِيهِ بَلْ بِحَقِيقَةِ الدُّخُولِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِتَوَهُّمِ الشَّغْلِ) أَيْ شَغْلِ الرَّحِمِ نَظَرًا إلَى التَّمَكُّنِ الْحَقِيقِيِّ، وَكَذَا فِي الْمَجْبُوبِ لِقِيَامِ احْتِمَالِ الشَّغْلِ بِالسَّحْقِ وَهِيَ حَقُّ الشَّرْعِ وَحَقُّ الْوَلَدِ، وَلِذَا لَا تَسْقُطُ لَوْ أَسْقَطَاهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهَا الْخُرُوجُ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ، وَتَتَدَاخَلُ الْعِدَّتَانِ وَلَا يَتَدَاخَلُ حَقُّ الْعَبْدِ فَتْحٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الْعَتَّابِيُّ (قَوْلُهُ تَجِبُ الْعِدَّةُ) لِثُبُوتِ التَّمَكُّنِ

ص: 122

(وَإِنْ) كَانَ (حِسِّيًّا) كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ مُدْنِفٍ (لَا) تَجِبُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ نَصُّ مُحَمَّدٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَفِي الْمُجْتَبَى: الْمَوْتُ أَيْضًا كَالْوَطْءِ فِي حَقِّ الْعِدَّةِ وَالْمَهْرِ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ دُخُولِهِ لَهَا حَلَّتْ بِنْتُهَا

(قَبَضَتْ أَلْفَ الْمَهْرِ فَوَهَبَتْهُ لَهُ وَطَلُقَتْ قَبْلَ وَطْءٍ رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِنِصْفِهِ) لِعَدَمِ تَعَيُّنِ النُّقُودِ فِي الْعُقُودِ (وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ أَوْ قَبَضَتْ نِصْفَهُ فَوَهَبَتْهُ الْكُلَّ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (أَوْ مَا بَقِيَ) وَهُوَ النِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) وَهَبَتْ (عَرْضَ الْمَهْرِ) كَثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لَا) رُجُوعَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ.

(نَكَحَهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ) نَكَحَهَا (عَلَى أَلْفِ إنْ أَقَامَ بِهَا وَعَلَى أَلْفَيْنِ

ــ

[رد المحتار]

حَقِيقَةً فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ مُدْنِفٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْأَوْجَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُخَصَّ الصِّغَرُ بِغَيْرِ الْقَادِرِ وَالْمَرَضُ بِالْمُدْنِفِ لِثُبُوتِ التَّمَكُّنِ حَقِيقَةً فِي غَيْرِهِمَا. اهـ.

قُلْت: وَنَصَّ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالْمُدْنِفِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْقَامُوسِ: دَنِفَ الْمَرِيضُ كَفَرِحَ ثَقُلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَصُّ مُحَمَّدٍ) أَيْ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الَّذِي رَوَى مَسَائِلَهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ الْإِمَامِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَبَعًا لِشَيْخِهِ فِي الْبَحْرِ، وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَالشُّرُنْبُلالِيَّةِ (قَوْلُهُ الْمَوْتُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّ الْخَلْوَةَ كَالْوَطْءِ فِيهِمَا، وَالْمُرَادُ الْمَوْتُ قَبْلَ الدُّخُولِ: أَيْ مَوْتُ الرَّجُلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ، وَمَوْتُ أَيِّهِمَا كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ كَمَا أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْعِدَّةِ وَالْمَهْرِ) أَيْ إذَا مَاتَ عَنْهَا لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَاسْتَحَقَّتْ جَمِيعَ الْمَهْرِ كَالْمَوْطُوءَةِ (قَوْلُهُ فَقَطْ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُجْتَبَى وَفِيمَا سِوَاهُ كَالْعَدَمِ.

قُلْت: وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يُعْطَى حُكْمُهُ أَيْضًا فِي الْإِرْثِ لِأَنَّ الْإِرْثَ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ فَلِذَا تَحَقَّقَ قَبْلَ الْخَلْوَةِ الْخَلْوَةُ الَّتِي هِيَ دُونَ الْوَطْءِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ حَلَّتْ بِبِنْتِهَا) أَيْ كَمَا تَحِلُّ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، فَلَا تَحْرُمُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ عَلَى مَا مَرَّ

(قَوْلُهُ فَوَهَبَتْهُ لَهُ) ذَكَرَ الضَّمِيرَ لِأَنَّ الْأَلِفَ مُذَكَّرٌ لَا يَجُوزُ تَأْنِيثُهُ كَمَا فِي ط عَنْ الْمِصْبَاحِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَتْ نِصْفَهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ) أَيْ وَخَلْوَةٍ نَهْرٌ، وَهِيَ وَطْءٌ حُكْمًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ النُّقُودِ فِي الْعُقُودِ) وَلِذَا لَوْ أَشَارَ فِي النِّكَاحِ إلَى دَرَاهِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَدْفَعَ مِثْلَهَا جِنْسًا وَنَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً؛ وَلَوْ لَمْ تَهَبْ شَيْئًا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ لَهَا إمْسَاكُ الْمَقْبُوضِ وَدَفْعُ غَيْرِهِ وَلِذَا تُزَكِّي الْكُلَّ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ بِالْهِبَةِ عَيْنُ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ نِصْفُ الْمَهْرِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَبَضَتْ نِصْفَهُ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ قَبَضَتْ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَإِنَّهُ تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَتْ الْأَقَلَّ وَوَهَبَتْهُ الْبَاقِي فَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى بَحْرٌ أَيْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ فِي الصُّورَتَيْنِ فَيَكُونَ قَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي إشَارَةً إلَى أَنَّ هِبَةَ الْأَلْفِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمَعْنَى هِبَةِ الْأَلْفِ بَعْدَ قَبْضِ النِّصْفِ أَنَّهَا وَهَبَتْ لَهُ الْمَقْبُوضَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ أَوْ وَهَبَتْ عَرْضَ الْمَهْرِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّبْ، إذْ لَوْ وَهَبَتْهُ بَعْدَمَا تَغَيَّبَ فَاحِشًا يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَتْ لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهَا وَهَبَتْهُ عَيْنًا أُخْرَى، أَمَّا الْعَيْبُ الْيَسِيرُ فَكَالْعَدَمِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ فِي الْمَهْرِ مُتَحَمَّلٌ، وَقَيَّدَ بِالْهِبَةِ لِأَنَّهَا لَوْ بَاعَتْهُ مِنْهُ يَرْجِعُ بِالنِّصْفِ: أَيْ نِصْفَ قِيمَتِهِ لَا نِصْفَ الثَّمَنِ الْمَدْفُوعِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ وَهَبَتْهُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهِ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ، وَلَوْ وَهَبَتْهُ الْأَكْثَرَ أَوْ النِّصْفَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَرْضِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مِنْ خُصُوصِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ الْعَرْضَ فِيهِ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فَيَتَسَامَحُ فِيهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ عَيْنُ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِتَعَيُّنِهِ فِي الْفَسْخِ كَتَعَيُّنِهِ فِي الْعَقْدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا دَفْعُ بَدَلِهِ، حَتَّى لَوْ تَغَيَّبَ فَاحِشًا فَوَهَبَتْهُ لَهُ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَمَا مَرَّ نَهْرٌ.

ص: 123

إنْ أَخْرَجَهَا، فَإِنْ وَفَّى) بِمَا شَرَطَهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (وَأَقَامَ) بِهَا فِي الثَّانِيَةِ (فَلَهَا الْأَلْفُ) لِرِضَاهَا بِهِ. فَهُنَا صُورَتَانِ: الْأُولَى تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ مَعَ ذِكْرِ شَرْطٍ يَنْفَعُهَا

ــ

[رد المحتار]

[تَتِمَّةٌ] حُكْمُ الْمَوْزُونِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ حُكْمُ النَّقْدِ، أَمَّا الْمُعَيَّنُ مِنْهُ فَكَالْعَرْضِ. وَاخْتُلِفَ فِي التِّبْرِ وَالنُّقْرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَفِي رِوَايَةٍ كَالْعَرْضِ، وَفِي أُخْرَى كَالْمَضْرُوبِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ نَهْرٌ،

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى سِتِّينَ وَجْهًا لِأَنَّ الْمَهْرَ إمَّا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ مِثْلِيٌّ غَيْرُهُمَا أَوْ قِيَمِيٌّ، فَالْأَوَّل عَلَى عِشْرِينَ وَجْهًا لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ إمَّا الْكُلُّ أَوْ النِّصْفُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ النِّصْفِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ فَهِيَ عَشَرَةٌ، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مَضْرُوبًا أَوْ تِبْرًا فَهِيَ عِشْرُونَ، وَالْعَشَرَةُ الْأُولَى فِي الْمِثْلِيِّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ لَا، وَكَذَا فِي الْقِيَمِيِّ، وَالْأَحْكَامُ مَذْكُورَةٌ اهـ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ.

قُلْت: وَيُزَادُ مِثْلُهَا فَتَصِيرُ مِائَةً وَعِشْرِينَ، بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَوْهُوبَ إمَّا الْكُلُّ أَوْ النِّصْفُ أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الْأَقَلُّ. فَهِيَ أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ فِي الْخَمْسَةِ الْمَارَّةِ تَبْلُغُ عِشْرِينَ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مَضْرُوبًا أَوْ تِبْرًا فَهِيَ أَرْبَعُونَ وَكَذَا فِي كُلٍّ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ أَرْبَعُونَ، وَقَدْ مَرَّ حُكْمُ هِبَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الْأَقَلِّ

(قَوْلُهُ فَإِنْ وَفَّى) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ مَاضِي يُوَفِّي تَوْفِيَةً لَا بِالتَّخْفِيفِ مِنْ وَفَّى يَفِي وَفَاءً بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَإِلَّا يُوَفِّ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ وَأَقَامَ بِهَا) إنَّمَا ذَكَرَ التَّوْفِيَةَ فِي الْأُولَى دُونَ هَذِهِ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى جَعَلَ الْمُسَمَّى مَالًا وَغَيْرَ مَالٍ وَهُوَ مَا شَرَطَهُ لَهَا وَوَعَدَهَا بِهِ مِنْ عَدَمِ إخْرَاجِهَا أَوْ عَدَمِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا، أَمَّا هُنَا فَالْمُسَمَّى مَالٌ فَقَطْ رَدَّدَ فِيهِ بَيْنَ الْقَلِيلِ عَلَى تَقْدِيرٍ وَالْكَثِيرِ عَلَى تَقْدِيرٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَلَيْسَ هُنَا فِي الْمُسَمَّى وَعْدٌ بِشَيْءٍ لِيُنَاسِبَهُ التَّعْبِيرُ بِالتَّوْفِيَةِ، يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ قَدْ يُرَدِّدُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهَا ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا كَمَا يَأْتِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الْأُولَى إلَخْ) ضَابِطُهَا أَنْ يُسَمِّيَ لَهَا قَدْرًا وَمَهْرَ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْهُ وَيَشْتَرِطُ مَنْفَعَةً لَهَا أَوْ لِأَبِيهَا أَوْ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا وَكَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةَ الِانْتِفَاعِ مُتَوَقِّفَةً عَلَى فِعْلِ الزَّوْجِ لَا حَاصِلَةً بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهَا رَدَّ شَيْءٍ لَهُ، وَذَلِكَ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ، أَوْ عَلَى أَنْ يُكْرِمَهَا أَوْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً، أَوْ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَ أَبَاهَا ابْنَتَهُ، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ أَخَاهَا، أَوْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا، فَلَوْ الْمَنْفَعَةُ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يُوَفِّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُسَمَّى لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَمِثْلُهُ الْأُولَى لَوْ شَرَطَ مَا يَضُرُّهَا كَالتَّزَوُّجِ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ وَلَوْ كَانَ الْمَشْرُوطُ غَيْرَ مُبَاحٍ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، فَلَوْ الْمُسَمَّى عَشَرَةً فَأَكْثَرَ وَجَبَ لَهَا وَبَطَلَ الْمَشْرُوطُ وَلَا يَكْمُلُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْتَفِعُ بِالْحَرَامِ فَلَا يَجِبُ عِوَضٌ بِفَوَاتِهِ؛ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَعِتْقِ أَخِيهَا أَوْ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ لَا الْمُضَارِعِ عَتَقَ الْأَخُ وَطَلُقَتْ الضَّرَّةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً لِمُقَابَلَتِهَا بِغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ وَهُوَ الْبُضْعُ وَلِلزَّوْجَةِ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَالْوَلَاءُ لَهُ إلَّا إذَا قَالَ وَعِتْقُ أَخِيهَا عَنْهَا فَهُوَ لَهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ، وَعَلَى أَنْ تَرُدَّ. عَلَيْهِ عَبْدًا يَنْقَسِمُ الْأَلْفُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، وَعَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ فَإِنْ كَانَا سَوَاءً صَارَ نِصْفُ الْأَلْفِ ثَمَنًا لِلْعَبْدِ وَالنِّصْفُ صَدَاقًا فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ ذَلِكَ وَإِنْ بَعْدَهُ نُظِرَ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسَمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ وَإِنْ أَكْثَرَ فَإِنْ وَفَّى بِالشَّرْطِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ، وَتَمَامُهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَفِي اشْتِرَاطِ الْكَرَامَةِ وَالْهَدِيَّةِ كَلَامٌ سَيَأْتِي.

وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وُجُوهٍ لِأَنَّ الشَّرْطَ إمَّا نَافِعٌ لَهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ ضَارٌّ، وَكُلٌّ إمَّا حَاصِلٌ بِمُجَرَّدِ النِّكَاحِ أَوْ مُتَوَقِّفٌ عَلَى فِعْلِ الزَّوْجِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْ السِّتَّةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا، وَكُلٌّ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكُلٌّ إمَّا أَنْ يُبَاحَ الِانْتِفَاعُ بِالشَّرْطِ أَوْ لَا، وَكُلٌّ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهَا

ص: 124

وَالثَّانِيَةُ تَسْمِيَةُ مَهْرٍ عَلَى تَقْدِيرٍ وَغَيْرِهِ عَلَى تَقْدِيرٍ (وَإِلَّا) يُوَفِّ وَلَمْ يَقُمْ (فَمَهْرُ الْمِثْلِ) لِفَوْتِ رِضَاهَا بِفَوَاتِ النَّفْعِ (وَ) لَكِنْ (لَا يُزَادُ) الْمَهْرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ (عَلَى أَلْفَيْنِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْ أَلْفٍ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَصَّفَ الْمُسَمَّى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِسُقُوطِ الشَّرْطِ. وَقَالَا الشَّرْطَانِ صَحِيحَانِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَتْ قَبِيحَةً وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ جَمِيلَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ الشَّرْطَانِ) اتِّفَاقًا فِي الْأَصَحِّ لِقِلَّةِ الْجَهَالَةِ

ــ

[رد المحتار]

رَدَّ شَيْءٍ أَوْ لَا، وَكُلٌّ إمَّا أَنْ يَحْصُلَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ أَوْ لَا، فَهِيَ مِائَتَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَكَأَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ أَقَامَ بِهَا أَوْ أَنْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا أَوْ إنْ كَانَتْ مَوْلَاةً أَوْ إنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً أَوْ ثَيِّبًا وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَ أَضْدَادَهَا (قَوْلُهُ بِفَوَاتِ النَّفْعِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى سَمَّى لَهَا مَالَهَا فِيهِ نَفْعٌ وَهُوَ عَدَمُ إخْرَاجِهَا وَعَدَمُ التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا وَنَحْوُهُ، فَإِذَا وَفَّى فَلَهَا الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ صَلُحَ مَهْرًا وَقَدْ تَمَّ رِضَاهَا بِهِ، وَعِنْدَ فَوَاتِهِ يَنْعَدِمُ رِضَاهَا بِالْمُسَمَّى فَيُكَمِّلُ مَهْرَ مِثْلِهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ سَمَّى تَسْمِيَتَيْنِ ثَانِيَتُهُمَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِلْجَهَالَةِ كَمَا يَأْتِي فَوَجَبَ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى أَلْفَيْنِ فَقَطْ ح. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ذَاتِ التَّقْدِيرَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُنْقِصُ عَنْ أَلْفٍ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ لِإِنْفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ لَوْ زَادَ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى أَلْفَيْنِ لَيْسَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفَيْنِ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ مَعَهُ بِهِمَا لِتَرَدُّدِ يَدِهِ لَهَا بَيْنَ الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى أَلْفٍ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِالْأَلْفِ وَحْدَهُ بَلْ مَعَ الْوَصْفِ النَّافِعِ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهَا، وَلَوْ نَقَصَ عَنْ أَلْفٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَهَا الْأَلْفُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِ الشَّرْطِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفِ يَجِبُ تَمَامَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ لَا يَثْبُتُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمُسَمَّى فَيَنْتَصِفُ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ وَقَالَا الشَّرْطَانِ صَحِيحَانِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: حَتَّى كَانَ لَهَا الْأَلْفُ إنْ أَقَامَ بِهَا وَالْأَلْفَانِ إنْ أَخْرَجَهَا. وَقَالَ زُفَرُ الشَّرْطَانِ فَاسِدَانِ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُنْقَصُ مِنْ الْأَلْفِ وَلَا يُزَادُ عَلَى أَلْفَيْنِ. وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِجَارَاتِ فِي قَوْلِهِ إنْ خَطَّتْهُ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خَطَّهُ غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ اهـ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ مَا فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ عَلَى خِلَافٍ، وَضَعَّفَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِقِلَّةِ الْجَهَالَةِ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ حَيْثُ أَفْسَدَ الشَّرْطَ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ أَقَامَ بِهَا وَأَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحَّحَ الشَّرْطَيْنِ مَعَ أَنَّ التَّرْدِيدَ مَوْجُودٌ فِي الصُّورَتَيْنِ.

وَأَجَابَ فِي الْغَايَةِ بِأَنَّهُ فِي الْمُتَقَدِّمَةِ دَخَلَتْ الْمُخَاطَرَةُ عَلَى التَّسْمِيَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَعْرِفُ هَلْ يُخْرِجُهَا أَوْ لَا، أَمَّا هُنَا فَالْمَرْأَةُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْحُسْنِ أَوْ الْقُبْحِ وَجَهَالَةُ الزَّوْجِ بِصِفَتِهَا لَا تُوجِبُ خَطَرًا

وَرَدَّهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ إنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَعَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَتْ مَوْلَاةً أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَاطَرَةَ وَلَكِنْ جَهِلَ الْحَالَ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْكُلِّ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الْجَهَالَةَ قَوِيَّةٌ فِي الْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَمْرًا مُشَاهَدًا، وَلِذَا لَوْ وَقَعَ التَّنَازُعُ اُحْتِيجَ إلَى إثْبَاتِهَا فَكَانَ فِيهَا مُخَاطَرَةٌ مَعْنًى، بِخِلَافِ الْجَمَالِ وَالْقُبْحِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فَجَهَالَتُهُ يَسِيرَةٌ لِزَوَالِهَا بِلَا مَشَقَّةٍ.

وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَعَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ. قُلْت: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّ إثْبَاتَهُ بِالتَّسَامُعِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى إثْبَاتِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَكُونُ لَهُ امْرَأَةٌ غَائِبَةٌ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى لَا يَعْلَمُ بِهَا أَحَدٌ بِخِلَافِ الْجَمَالِ وَالْقُبْحِ. فَلِذَا اتَّبَعَ الشَّارِحُ مَا فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِمَا فِي النَّهْرِ

ص: 125

بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّدَ فِي الْمَهْرِ بَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لِلثُّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ، فَإِنَّهَا إنْ ثَيِّبًا لَزِمَهُ الْأَقَلُّ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْ الْأَقَلِّ فَتْحٌ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَكَارَةَ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا لَزِمَهُ الْكُلُّ دُرَرٌ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

(وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ) أَوْ الْأَلْفَيْنِ (أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهَذَا الْعَبْدِ) أَوْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ (وَأَحَدُهُمَا أَوْكَسُ حَكَمَ) الْقَاضِي (مَهْرَ الْمِثْلِ)

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّدَ إلَخْ) هَذَا أَيْضًا مِنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَسْأَلَةِ التَّرْدِيدِ لِلْقُبْحِ وَالْجَمَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرْدِيدَ الْمَهْرِ بَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ إنْ وُجِدَ فِيهِ شَرْطُ الْأَقَلِّ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ بَلْ مَهْرُ الْمِثْلِ، خِلَافًا لَهُمَا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْقُبْحِ وَالْجَمَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي أَيَّ شَرْطٍ وُجِدَ اتِّفَاقًا، وَالْفَرْقُ لِلْإِمَامِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا، وَمُنَاسَبَتُهَا تَعْلِيقُ الْمُسَمَّى عَلَى وَصْفٍ مَرْغُوبٍ لَهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْكُلُّ) لِأَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا شُرِعَ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِمْتَاعِ دُونَ الْبَكَارَةِ ح عَنْ مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ) أَقُولُ: عِبَارَتُهَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ يَجِبُ الْمَهْرُ حَمْلًا لِأَمْرِهَا عَلَى الصَّلَاحِ بِأَنْ زَالَتْ بِوَثْبَةٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِأَزْيَدَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ غَيْرُ بِكْرٍ لَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ، وَالتَّوْفِيقُ وَاضِحٌ لِلْمُتَأَمِّلِ. اهـ.

وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَوَائِدِ الْمُحِيطِ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ قَابَلَ الزِّيَادَةَ بِمَا هُوَ مَرْغُوبٌ وَقَدْ فَاتَ فَلَا يَجِبُ مَا قُوبِلَ بِهِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْبَزَّازِيَّةِ لَيْسَ فِيهِ تَرْجِيحٌ لِلُزُومِ الْكُلِّ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَرْجِيحٌ لِلتَّفْصِيلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّزَوُّجِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِأَزْيَدَ مِنْهُ، نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِنْ أَعْطَاهَا زِيَادَةً عَلَى الْمُعَجَّلِ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ ثَيِّبٌ قِيلَ تَرُدُّ الزَّائِدَ. وَعَلَى قِيَاسِ مُخْتَارِ مَشَايِخِ بُخَارَى فِيمَا إذَا أَعْطَاهَا الْمَالَ الْكَثِيرَ بِجِهَةِ الْمُعَجَّلِ عَلَى أَنْ يُجَهِّزُوهَا بِجِهَازٍ عَظِيمٍ وَلَمْ تَأْتِ بِهِ رَجَعَ بِمَا زَادَ عَلَى مُعَجَّلِ مِثْلِهَا، وَكَذَا أَفْتَى أَئِمَّةُ خُوَارِزْمَ يَنْبَغِي أَنْ يُرْجِعَ الزِّيَادَةَ، وَلَكِنْ صَرَّحَ فِي فَوَائِدِ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ اهـ أَيْ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَصُورَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُعَجَّلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ، فَقَوْلُ الْبَزَّازِيَّةِ تَبَعًا لِلْعِمَادِيَّةِ وَلَكِنْ صَرَّحَ إلَخْ يُفِيدُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الرُّجُوعِ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُ كُلُّ الْمَهْرِ وَلِذَا نَظَمَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَعَبَّرَ عَنْ عَدَمِ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ بِقِيلِ، فَأَفَادَ أَيْضًا تَرْجِيحَ لُزُومِ الْكُلِّ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ صَاحِبِ الدُّرَرِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ الْأَلْفَيْنِ) لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ بَعْدَ الْأَلْفِ لِلْعِلْمِ قَطْعًا بِأَنَّ الْأَلْفَ غَيْرُ قَيْدٍ، فَالْأَوْلَى قَوْلُ الْبَحْرِ: أَوْ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ أَوْ الْأَلْفَيْنِ، فَهُوَ مِثَالٌ آخَرُ مِثْلُ الَّذِي بَعْدَهُ مِمَّا الِاخْتِلَافُ فِيهِ قِيمَةً مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَيُمْكِنُ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ الْأَلْفَيْنِ عَلَى مَجْمُوعِ قَوْلِهِ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَلْفَيْنِ بِأَنْ يَعْطِفَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ كَأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ أَوْ يَقُولَ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ أَوْ هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ) أَيْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَلِمَةِ أَوْ وَلَفْظِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَأَحَدُهُمَا أَوْكَسُ) الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ فِي الْقَامُوسِ الْوَكْسُ كَالْوَعْدِ: النَّقْصُ وَالتَّنْقِيصُ؛ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ اهـ وَقَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُمَا لَوْ تَسَاوَيَا قِيمَةً صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ اتِّفَاقًا بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ. وَقَالَ قَبْلَهُ، لَوْ كَانَا سَوَاءً فَلَا تَحْكِيمَ وَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَخْذِ أَيِّهِمَا شَاءَتْ.

(قَوْلُهُ حُكْمُ مَهْرِ الْمِثْلِ) هَذَا قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَهَا الْأَقَلُّ وَالْمُتُونُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَرَجَّحَ فِي التَّحْرِيرِ قَوْلَهُمَا، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ أَصْلٌ عِنْدَهُ

ص: 126

فَإِنْ مِثْلَ الْأَرْفَعِ أَوْ فَوْقَهُ فَلَهَا الْأَرْفَعُ، وَإِنْ مِثْلَ الْأَوْكَسِ أَوْ دُونَهُ فَلَهَا الْأَوْكَسُ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ (وَفِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ يَحْكُمُ بِمُتْعَةِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، حَتَّى لَوْ كَانَ نِصْفُ الْأَوْكَسِ أَقَلَّ مِنْ الْمُتْعَةِ وَجَبَتْ الْمُتْعَةُ فَتْحٌ.

(وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ) أَوْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ أَوْ فِرَاشِ بَيْتٍ أَوْ عَلَى مَعْلُومٍ مِنْ نَحْوِ إبِلٍ (فَالْوَاجِبُ) فِي كُلِّ جِنْسٍ لَهُ وَسَطٌ (الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ) وَكُلِّ مَا لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ فِيهِ فَالْخِيَارُ لِلزَّوْجِ وَإِلَّا فَلِلْمَرْأَةِ

ــ

[رد المحتار]

وَالْمُسَمَّى خَلَفٌ عَنْهُ إنْ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَقَدْ فَسَدَتْ هُنَا لِلْجَهَالَةِ فَيُصَارُ إلَى الْأَصْلِ. وَعِنْدَهُمَا بِالْعَكْسِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْخِيَارِ لَهَا أَوْ لَهُ، فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ تَأْخُذُ أَيَّهمَا شَاءَتْ، أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أُعْطِيت أَيَّهمَا شِئْت فَإِنَّهُ يَصِحُّ اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ الْمُنَازَعَةِ، وَقَيَّدَ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى أَحَدِ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ الْإِعْتَاقَ عَلَيْهِ يُوجِبُ الْأَقَلَّ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُوجِبٌ أَصْلِيٌّ يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ فَسَادِ التَّسْمِيَةِ فَوَجَبَ الْأَقَلُّ، وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَلَهَا الْأَرْفَعُ) لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْحَطِّ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ فَلَهَا الْأَوْكَسُ) لِأَنَّ الزَّوْجَ رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْأَرْفَعِ وَالْأَوْكَسِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ مَهْرُ الْمِثْلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَجَبَتْ الْمُتْعَةُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الدُّرَرِ تَبَعًا لِلْوِقَايَةِ وَالْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ نِصْفُ الْأَوْكَسِ اتِّفَاقًا مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ أَنَّ الْمُتْعَةَ لَا تَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْأَوْكَسِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، حَتَّى لَوْ زَادَتْ وَجَبَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالدِّرَايَةِ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُحَكِّمَ الْمُتْعَةَ أَفَادَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَزْيَدَ مِنْ نِصْفِ الْأَعْلَى لَا يُزَادُ عَلَى نِصْفِهِ لِرِضَاهَا بِهِ رَحْمَتِيٌّ

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى مَوْضُوعُهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومُ الْجِنْسِ دُونَ الْوَصْفِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَوْلُهُ فَالْوَاجِبُ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ يُفِيدُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّ الْجِنْسَ الْمَعْلُومَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَالْوَسَطُ ذُو حَظٍّ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ مَجْهُولِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ لَا وَسَطَ لَهُ لِاخْتِلَافِ مَعَانِي الْأَجْنَاسِ، وَإِنَّمَا تَخَيَّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْوَسَطَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْقِيمَةِ فَصَارَتْ أَصْلًا فِي حَقِّ الْإِيفَاءِ، وَقَيَّدَ بِالْمُبْهَمِ لِأَنَّهُ فِي الْمُعَيَّنِ بِإِشَارَةٍ كَهَذَا الْعَبْدِ أَوْ الْفَرَسِ يَثْبُتُ الْمَلِكُ لَهَا بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ الزَّوْجَ بِشِرَائِهِ لَهَا، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَكَذَا بِإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ كَعَبْدِي، فَلَا تُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى نَفْسِهِ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ كَالْإِشَارَةِ لَكِنْ فِي هَذَا إذَا كَانَ لَهُ أَعْبُدٌ ثَبَتَ مِلْكُهَا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَسَطٌ وَعَلَيْهِ تَعْيِينُهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ يَتَوَقَّفُ مِلْكُهَا لَهُ عَلَى تَعْيِينِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ كَوْنُ الْإِضَافَةِ كَالْإِبْهَامِ، فَإِنَّهُ فِي الْإِبْهَامِ لَوْ عَيَّنَ لَهَا وَسَطًا أُجْبِرَتْ عَلَى قَبُولِهِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ جِنْسٍ لَهُ وَسَطٌ) قَصَدَ بِهَذَا التَّعْمِيمِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ الْفَرَسَ وَالْعَبْدَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمَا، بَلْ يَعُمُّ كُلَّ جِنْسٍ لَهُ وَسَطٌ مَعْلُومٌ ح.

(قَوْلُهُ وَكُلٌّ مَا لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ فِيهِ إلَخْ) فَإِذَا وَصَفَ الثَّوْبَ كَهَرَوِيٍّ خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ بَالَغَ فِي وَصْفِهِ، بِأَنْ قَالَ طُولُهُ كَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، نَعَمْ لَوْ ذَكَرَ الْأَجَلَ مَعَ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ كَانَ لَهَا أَنْ لَا تَقْبَلَ الْقِيمَةَ لِأَنَّ صِحَّةَ السَّلَمِ فِي الثِّيَابِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى ذِكْرِ الْأَجَلِ، وَفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا ذَكَرَ صِفَتَهُ كَجَيِّدَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ الشَّعِيرِ صَعِيدِيَّةٍ أَوْ بَحْرِيَّةٍ يَتَعَيَّنُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ فِيهَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَجَّلًا كَمَا فِي النَّهْرِ وَالْبَحْرِ؛ فَمَعْنَى كَوْنِ الْخِيَارِ لِلْمَرْأَةِ أَنَّ لَهَا أَنْ لَا تَقْبَلَ الْقِيمَةَ إذَا أَرَادَ إجْبَارَهَا عَلَيْهَا لَا بِمَعْنَى أَنَّ لَهَا أَنْ تُجْبِرَهُ عَلَى الْقِيمَةِ إذَا أَرَادَ دَفْعَ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ السَّلَمُ تَعَيَّنَ حَقُّهَا فِي الْعَيْنِ هَذَا وَفِي الْفَتْحِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ احْتِرَازًا عَمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الزَّوْجَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ عَيْنِ الْوَسَطِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ: وَعَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ الْأَجَلَ مَعَ الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِ الثَّوْبِ بِالطُّولِ

ص: 127

(وَكَذَا الْحُكْمُ) وَهُوَ لُزُومُ الْوَسَطِ (فِي كُلِّ حَيَوَانٍ ذُكِرَ جِنْسُهُ) هُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْأَحْكَامِ (دُونَ نَوْعِهِ) هُوَ الْمَقُولُ عَامُّهُ عَلَى كَثِيرِينَ مُتَّفِقِينَ فِيهَا،

ــ

[رد المحتار]

وَالْعَرْضِ وَالرِّقَّةِ تَعَيَّنَ الثَّوْبُ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، ثُمَّ رَجَّحَ رِوَايَةَ زُفَرَ وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ بِأَنَّهَا الْأَصَحُّ، وَكَذَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَأَقَرَّهُ فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ وَابْنِ مَالِكٍ.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَا بُدَّ فِي عَيْنِ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَوْصَافِ الَّتِي ذَكَرَهَا الزَّوْجُ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ إلَخْ) فَذِكْرُ الْفَرَسِ لَيْسَ قَيْدًا؛ وَلَوْ قَالَ أَوَّلًا وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَعْلُومِ جِنْسٍ وَجَبَ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ لِمَكَانٍ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ فَإِنَّهُ يَعُمُّ نَحْوَ الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ هُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إلَخْ) أَمَّا عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ فَهُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقَائِقِ فِي مَا هُوَ. وَالنَّوْعُ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ مُخْتَلِفِينَ فِي الْأَحْكَامِ) كَإِنْسَانٍ فَإِنَّهُ مَقُولٌ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَأَحْكَامُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّوْبَ تَحْتَهُ الْكَتَّانُ وَالْقُطْنُ وَالْحَرِيرُ وَالْأَحْكَامُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الثَّوْبَ الْحَرِيرَ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ وَغَيْرُهُ يَحِلُّ، فَهُوَ جِنْسٌ عِنْدَهُمْ، وَكَذَا الْحَيَوَانُ تَحْتَهُ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ، وَأَمَّا الدَّارُ فَتَحْتَهَا مَا يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا بِالْبُلْدَانِ وَالْمَحَالِّ وَالسَّعَةِ وَالضِّيقِ وَكَثْرَةِ الْمَرَافِقِ وَقِلَّتِهَا (قَوْلُهُ مُتَّفِقِينَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَحْكَامِ مَثَّلَ لَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْخَاصِّ بِالرَّجُلِ.

وَأَوْرَدَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالْعَاقِلَ وَالْمَجْنُونَ وَأَحْكَامَهُمْ الْمُخْتَلِفَةَ. فَأَجَابُوا بِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ بِالْعَرَضِ لَا بِالْأَصَالَةِ بِخِلَافِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنَّ اخْتِلَافَ أَحْكَامِهِمَا بِالْأَصَالَةِ بَحْرٌ

[تَنْبِيهٌ] : عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ نَحْوَ الْحَيَوَانِ وَالدَّابَّةِ وَالْمَمْلُوكِ وَالثَّوْبِ جِنْسٌ. وَأَنَّ نَحْوَ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوْ الْكَتَّانِ أَوْ الْقُطْنِ نَوْعٌ. وَأَنَّ الَّذِي تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ وَيَجِبُ فِيهِ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ الثَّانِي، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ ذُكِرَ نَوْعُهُ دُونَ وَصْفِهِ كَمَا قَالَ فِي مَتْنِ الْمُخْتَارِ: زَوَّجَهَا عَلَى حَيَوَانٍ فَإِنْ سَمَّى نَوْعَهُ كَالْفَرَسِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ الِاخْتِيَارِ: ثُمَّ الْجَهَالَةُ أَنْوَاعٌ: جَهَالَةُ النَّوْعِ وَالْوَصْفِ كَقَوْلِهِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ فَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ هَذِهِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مَعْلُومُ النَّوْعِ مَجْهُولُ الصِّفَةِ كَقَوْلِهِ عَبْدٌ أَوْ فَرَسٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ فَإِنَّهُ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ الْوَسَطُ إلَخْ فَقَدْ جَعَلَ الدَّابَّةَ وَالثَّوْبَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ مَجْهُولَ النَّوْعِ وَالْوَصْفِ، وَجَعَلَ الْعَبْدَ وَالْفَرَسَ وَالثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ مَجْهُولَ الْوَصْفِ. وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ. فِي تَعْرِيفِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ عِنْدَ النَّوْعِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.

فَإِنْ قُلْت: قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُسَمِّيَ جِنْسَ الْحَيَوَانِ دُونَ الْوَصْفِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ أَوْ حِمَارٍ. أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْجِنْسَ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دَابَّةٍ لَا تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ. فَقَدْ جَعَلَ الْفَرَسَ وَالْحِمَارَ جِنْسًا.

قُلْت: أَرَادَ بِالْجِنْسِ النَّوْعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلِذَا قَابَلَهُ بِالْوَصْفِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْبَحْرِ: لَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِ الْجِنْسِ عَلَى النَّوْعِ لِأَنَّ الْجِنْسَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ إلَخْ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُ الْجِنْسِ فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ عَلَى الْجِنْسِ الْفِقْهِيِّ كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّوْعِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ؛ وَلَوْ سَمَّى جِنْسًا بِأَنْ قَالَ هَرَوِيٌّ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ فَقَدْ سَمَّى الْهَرَوِيَّ جِنْسًا وَلَيْسَ هُوَ جِنْسًا بِالْمَعْنَى الْمَارِّ، وَلَوْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ الْهِدَايَةَ فَقَالَ ذَكَرَ جِنْسَهُ بِدُونِ وَصْفِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ دُونَ نَوْعِهِ لَصَحَّ كَلَامُهُ، بِأَنْ يُرَادَ بِالْجِنْسِ النَّوْعُ لِمُقَابَلَتِهِ لَهُ بِالْوَصْفِ.

ص: 128

بِخِلَافِ قَوْلِ الْجِنْسِ كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ لِأَنَّهُ لَا وَسَطَ لَهُ -

ــ

[رد المحتار]

أَمَّا مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِالنَّوْعِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَجْهُولِ الْجِنْسِ) أَيْ مَا ذُكِرَ جِنْسُهُ بِلَا تَقْيِيدٍ بِنَوْعٍ كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ، فَلَا يَجِبُ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ بَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

[تَنْبِيهٌ] حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا بِإِشَارَةٍ أَوْ إضَافَةٍ فَيَجِبُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا يَكُونُ مُعَيَّنًا؛ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ، فَإِنْ جُهِلَ نَوْعُهُ كَدَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ عُلِمَ نَوْعُهُ وَجَهِلَ وَصْفُهُ كَفَرَسٍ أَوْ ثَوْبٍ هَرَوِيٌّ أَوْ عَبْدٍ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ عُلِمَ وَصْفُ الثَّوْبِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَلَى مَا مَرَّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ يَتَعَيَّنُ الْوَسَطُ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فِي السَّلَمِ؛ وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، فَإِنْ عُلِمَ نَوْعُهُ وَوَصْفُهُ كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ جَيِّدٍ خَالٍ مِنْ الشَّعِيرِ صَعِيدِيٍّ تَعَيَّنَ الْمُسَمَّى وَصَارَ كَالْعَرْضِ الْمُشَارِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا كَالْقَرْضِ وَمُؤَجَّلًا كَالسَّلَمِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَصْفُهُ تَخَيَّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ كَمَا فِي ذِكْرِ الْفَرَسِ أَوْ الْحِمَارِ، هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْفَتْحِ وَالْبَحْرِ مَطْلَبٌ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَثَوْبٍ لَكِنْ يُشْكِلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَثَوْبٍ وَلَمْ يَصِفْهُ كَانَ لَهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ لَهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتْعَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. اهـ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا سَمَّى مَجْهُولَ الْجِنْسِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُسَمًّى مَعْلُومٌ، لَكِنْ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا يُنْظَرَ إلَى الْمُتْعَةِ أَصْلًا لِأَنَّ الْمُسَمَّى هُنَا عَشَرَةٌ فَقَطْ وَذِكْرُ الثَّوْبِ لَغْوٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُكَمِّلْ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ اهـ.

وَأَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الثَّوْبَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِدَّةِ وَالتَّبَرُّعِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي التَّسْمِيَةِ، إذْ لَوْ دَخَلَ لَأَوْجَبَ فَسَادَهَا لِفُحْشِ الْجَهَالَةِ. وَقَالَ فِي فَتَاوَاهُ الْخَيْرِيَّةِ: إنَّهُ زَاغَ فَهْمُ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَأَخِيهِ فِي جَعْلِ الثَّوْبِ لَغْوًا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. اهـ. قُلْت حَمْلُهُ عَلَى الْعِدَّةِ وَالتَّبَرُّعِ هُوَ بِمَعْنَى إلْغَائِهِ فِي التَّسْمِيَةِ. وَوَجْهُ إشْكَالِ هَذَا الْفَرْعِ أَنَّ الثَّوْبَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّسْمِيَةِ لَزِمَ أَنْ يَجِبَ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِلَا نَظَرٍ إلَى الْمُتْعَةِ لِصِحَّةِ تَسْمِيَةِ الْعَشَرَةِ وَإِنْ دَخَلَ فِيهَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى حُكْمَ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً، فَقَدْ صَرَّحَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ فِي الْمَبْسُوطِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عِبَارَةَ مُحَمَّدٍ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ يُهْدِي لَهَا هَدِيَّةً فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَلْفِ. قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَكْرَمَهَا وَأَهْدَى لَهَا هَدِيَّةً فَلَهَا الْمُسَمَّى، وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ اهـ.

قُلْت: فَهُوَ مِثْلُ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ.

وَفِي الْبَدَائِعِ: لَوْ شَرَطَ مَعَ الْمُسَمَّى شَيْئًا مَجْهُولًا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفِ بِالْكَرَامَةِ وَالْهِدَايَةِ يَجِبُ تَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا يَنْقُصُ عَنْ أَلْفٍ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُتْعَةِ. اهـ. وَنُقِلَ نَحْوُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ

ص: 129

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[رد المحتار]

وَالْمُحِيطِ، وَاعْتَرَضَ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ إيجَابِ الْمُسَمَّى بِأَنَّ الْهَدِيَّةَ وَالْإِكْرَامَ مَجْهُولَتَانِ، وَلَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِالْمَجْهُولِ بَلْ تَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَقَدْ أَجَبْت عَنْهُ فِيمَا عَلَّقَتْهُ عَلَى الْبَحْرِ بِمَا حَاصِلُهُ إنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الِاخْتِيَارِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُكْرِمْهَا أَمَّا إذَا أَكْرَمَهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى وَهَذَا عَيْنُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ كَلَامُ مُحَمَّدٍ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالْبَدَائِعِ كَمَا مَرَّ، وَجَهَالَةُ الْهِدَايَةِ وَالْإِكْرَامِ تَرْتَفِعُ بَعْدَ وُجُودِهَا. وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي النَّهْرِ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا أَدْنَى مَا يُعَدُّ إكْرَامًا وَهَدِيَّةً اهـ فَإِذَا لَمْ يُكْرِمْهَا بِشَيْءٍ بَقِيَتْ التَّسْمِيَةُ مَجْهُولَةً لِعَدَمِ رِضَا الْمَرْأَةِ بِالْأَلْفِ وَحْدَهُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تَقَرَّرَ الْفَسَادُ فَوَجَبَتْ الْمُتْعَةُ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ أَوْ عِنْدَ فَسَادِهَا، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ فِي الْبَدَائِعِ لُزُومَ نِصْفِ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ فِي الْعَادَةِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُتْعَةِ كَمَا عَلِمْته مِنْ كَلَامِ. الِاخْتِيَارِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْأَوْكَسِ فَقَدْ حَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهَا ثَوْبًا فَحِينَئِذٍ تَجِبُ لَهَا الْعَشَرَةُ لِأَنَّهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَهُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَ فَسَادِ التَّسْمِيَةِ وَتَجِبُ الْمُتْعَةُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَمَّا دَعْوَى الرَّمْلِيِّ إلْغَاءَ ذِكْرِ الثَّوْبِ لِجَهَالَتِهِ فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْإِكْرَامِ وَالْهِدَايَةِ أَفْحَشُ مِنْ جَهَالَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْإِكْرَامَ تَحْتَ أَجْنَاسِ الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالنُّقُودِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَمَعَ هَذَا لَمْ يُلْغُوهُ، فَعَدَمُ إلْغَاءِ الثَّوْبِ بِالْأَوْلَى. وَأَيْضًا يُشْكِلُ عَلَى إلْغَائِهِ اعْتِبَارُ الْمُتْعَةِ. وَعَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ لَا إشْكَالَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ

مَطْلَبُ مَسْأَلَةِ دَرَاهِمِ النَّقْشِ وَالْحَمَّامِ وَلِفَافَةِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِمَا وَنَظِيرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَنَّ الْبِكْرَ لَهَا أَشْيَاءُ زَائِدَةٌ عَلَى الْمَهْرِ: مِنْهَا مَا يُدْفَعُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَدَرَاهِمَ لِلنَّقْشِ وَالْحَمَّامِ وَثَوْبٍ يُسَمَّى لِفَافَةَ الْكِتَابِ وَأَثْوَابٍ أُخَرَ يُرْسِلُهَا الزَّوْجُ لِيَدْفَعَهَا أَهْلُ الزَّوْجَةِ إلَى الْقَابِلَةِ وَبَلَّانَةِ الْحَمَّامِ وَنَحْوِهَا. وَمِنْهَا مَا يُدْفَعُ بَعْدَ الدُّخُولِ كَالْإِزَارِ وَالْخُفِّ وَالْمِكْعَبِ وَأَثْوَابِ الْحَمَّامِ، وَهَذِهِ مَأْلُوفَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرُوطِ عُرْفًا؛ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ لَا يَدْفَعَ ذَلِكَ يَشْتَرِطُ نَفْيَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ يُسَمِّي فِي مُقَابَلَتِهِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً يَضُمُّهَا إلَى الْمَهْرِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا فِي الْخَيْرِيَّةِ فَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْكُتُبِ مِنْ أَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ يُوجِبُ إلْحَاقَ مَا ذُكِرَ بِالْمَشْرُوطِ، وَإِنْ عُلِمَ قَدْرُهُ لَزِمَ كَالْمَهْرِ وَإِلَّا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ ذَكَرَ عَلَى سَبِيلِ الْعِدَّةِ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْأَخِيرُ، وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ صَرِيحٌ فِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ الْمَارَّةِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْبَحْرِ:

وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ تُعْتَبَرُ فِي الْعُرْفِ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَهْرِ، غَيْرَ أَنَّ الْمَهْرَ مِنْهُ مَا يُصَرِّحُ بِكَوْنِهِ مَهْرًا وَمِنْهُ مَا يَسْكُتُ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ إرَادَةِ تَسْلِيمِهِ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ نَفْيِهِ أَوْ تَسْمِيَةِ مَا يُقَابِلُهُ كَمَا مَرَّ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرُوطِ لَفْظًا فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ عِدَّةً وَتَبَرُّعًا، وَكَوْنُ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ صَرِيحًا فِيهِ قَدْ عَلِمْت مَا يُنَاقِضُهُ وَيُنَافِيهِ. وَقَدْ رَأَيْت فِي الْمُلْتَقَطِ التَّصْرِيحِ بِلُزُومِهِ كَمَا قُلْنَا حَيْثُ ذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ مَنْعِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ فَقَالَ: ثُمَّ إنْ شَرَطَ لَهَا شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا فَأَوْفَاهَا ذَلِكَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا، وَكَذَلِكَ الْمَشْرُوطُ عَادَةً كَالْخُفِّ وَالْمِكْعَبِ وَدِيبَاجِ اللِّفَافَةِ وَدَرَاهِمِ السَّكَرِ عَلَى مَا هُوَ عَادَةُ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ، وَإِنْ شَرَطُوا أَنْ لَا يُدْفَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يَجِبُ، وَإِنْ سَكَتُوا لَا يَجِبُ إلَّا مَنْ صَدَّقَ الْعُرْفَ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ فِي الْإِعْطَاءِ لِمِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ وَلِلْعُرْفِ الضَّعِيفِ لَا يَلْحَقُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ بِالْمَشْرُوطِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ أَفْتَى بِهِ فِي فَتَاوِيهِ.

ص: 130