الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ أَرْبَعَةٌ: الِانْقِلَابُ، وَالِاقْتِصَارُ، وَالِاسْتِنَادُ، وَالتَّبْيِينُ فَالِانْقِلَابُ: صَيْرُورَةُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً كَالتَّعْلِيقِ. وَالِاقْتِصَارُ: ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ. وَالِاسْتِنَادُ: ثُبُوتٌ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْمَحَلِّ كُلَّ الْمُدَّةِ، كَلُزُومِ الزَّكَاةِ حِينَ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا لِوُجُودِ النِّصَابِ. وَالتَّبْيِينُ: أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ تَقَدُّمُ الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا تَطْلُقُ مِنْ حِينِ الْقَوْلِ فَتَعْتَدُّ مِنْهُ (أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ مَتَى مَا لَمْ أُطَلِّقْك وَسَكَتَ طَلُقَتْ) لِلْحَالِ بِسُكُوتِهِ (وَفِي إنْ لَمْ أُطَلِّقْك
ــ
[رد المحتار]
[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]
ُ (قَوْلُهُ أَنَّ طَرِيقَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ أَرْبَعَةٌ) الْمُرَادُ جِنْسُ الطَّرِيقِ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِقَوْلِهِ أَرْبَعَةٌ ط (قَوْلُهُ وَالتَّبْيِينُ) كَذَا عِبَارَتُهُمْ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّبَيُّنِ أَيْ الظُّهُورِ (قَوْلُهُ كَالتَّعْلِيقِ) كَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَإِنَّ أَنْتِ طَالِقٌ عِلَّةٌ لِثُبُوتِ حُكْمِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ، مِثْلُ بِعْت عِلَّةٌ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَأَعْتَقْت عِلَّةٌ لِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ لَكِنَّهُ بِالتَّعْلِيقِ لَمْ يَنْعَقِدْ عِلَّةً إلَّا عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَنْعَقِدُ عِلَّةً فِي الْحَالِ، وَالتَّعْلِيقُ يُؤَخِّرُ نُزُولَ حُكْمِهِ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَنَا لِانْعِقَادِ عِلَّتِهِ فِي وَقْتِ الْمِلْكِ لَا عِنْدَهُ لِعَدَمِهِ كَمَا بُسِطَ فِي الْأُصُولِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ) كَإِنْشَاءِ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهَا ح عَنْ الْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِنَادُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ، وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ، وَكَالنِّصَابِ فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ وَكَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ تُنْتَقَضُ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لَهُمَا. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْمَحَلِّ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الِاسْتِنَادِ وَالتَّبْيِينِ كَمَا أَوْضَحَهُ عَنْ الْمِنَحِ. وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالُوهُ: لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ بَاعَهُمَا أَوْ لَمْ يَبِعْهُمَا أَوْ بَاعَ الْأُمَّ فَقَطْ أَوْ بِالْعَكْسِ عَتَقَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا، وَعَتَقَتْ الْأُمُّ بِالْإِجْمَاعِ لَوْ لَمْ يَبِعْهَا، وَهَذَا لِأَنَّ عِنْدَهُ لَمَّا اسْتَنَدَ الْعِتْقُ سَرَى إلَى الْوَلَدِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْرِي لِعَدَمِ الِاسْتِنَادِ، وَلَوْ بَاعَهَا فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ لِتَمَامِ الشَّهْرِ؛ فَعِنْدَهُ لَا تَعْتِقُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِنَادِ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِي أَثْنَائِهِ وَعِنْدَهُمَا تَعْتِقُ لِأَنَّهُ مُقْتَصِرٌ وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ حِينَ الْحَوْلِ) أَيْ حِينَ تَمَامِهِ (قَوْلُهُ مُسْتَنِدًا لِوُجُودِ النِّصَابِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ بِشَرْطِ وُجُودِ النِّصَابِ كُلَّ الْمُدَّةِ. قَالَ ط: الْمُرَادُ أَنْ لَا يُعْدَمَ كُلُّهُ فِي الْأَثْنَاءِ لِأَنَّهُ إذَا عُدِمَ جَمِيعُهُ ثُمَّ مَلَكَ نِصَابًا آخَرَ وَلَوْ بَعْدَ الْأَوَّلِ بِسَاعَةٍ اُعْتُبِرَ حَوْلٌ مُسْتَأْنَفٌ. (قَوْلُهُ تَطْلُقُ مِنْ حِينِ الْقَوْلِ) أَيْ بِلَا اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْمَحَلِّ، حَتَّى لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْقَوْلِ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي الدَّارِ لَا تَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ إيقَاعَ الثَّانِي كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ فَتَعْتَدُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ حِينِ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَسَكَتَ) مُحْتَرَزُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَفِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْك أَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ لِلْحَالِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ زَمَانَ لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ حَيْثُ لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ يَوْمَ لَمْ أُطَلِّقْك لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى زَمَانٍ أَوْ مَكَان خَالٍ عَنْ طَلَاقِهَا، وَبِمُجَرَّدِ سُكُوتِهِ وُجِدَ الْمُضَافُ إلَيْهِ فَيَقَعُ " وَمَا " وَإِنْ كَانَتْ مَصْدَرِيَّةً إلَّا أَنَّهَا تَأْتِي نَائِبَةً عَنْ ظَرْفِ الزَّمَانِ، وَمِنْهُ {مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 31] وَهِيَ وَإِنْ اُسْتُعْمِلَتْ لِلشَّرْطِ إلَّا أَنَّ الْوَضْعَ لِلْوَقْتِ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ اسْتَدْعَى الْوَقْتَ لَا مَحَالَةَ فَرُجِّحَتْ جِهَةُ الْوَقْتِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ. وَفِيهِ: ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْك وَنَحْوِهِ. وَمِنْ ثُمَّ قَيَّدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا وَهُوَ الْأَوْلَى، نَعَمْ لَوْ قَالَ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الثَّلَاثُ مُتَتَابِعَاتٍ وَلِذَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرَ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك) ذِكْرُهُمْ إنْ وَإِذَا هُنَا بِالتَّبَعِيَّةِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لَهُمَا بَابُ التَّعْلِيقِ ط
لَا) تَطْلُقُ بِالسُّكُوتِ بَلْ يَمْتَدُّ النِّكَاحُ (حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَطْلِيقِهِ فَتَطْلُقُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَيَكُونُ فَارًّا.
(وَإِذَا مَا وَإِذَا بِلَا نِيَّةٍ مِثْلَ إنْ عِنْدَهُ وَ) مِثْلَ (مَتَى عِنْدَهُمَا) وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا. (وَإِنْ نَوَى الْوَقْتَ أَوْ الشَّرْطَ اُعْتُبِرَتْ) نِيَّتُهُ اتِّفَاقًا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةُ الْفَوْرِ فَعَلَى الْفَوْرِ.
(وَفِي) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْك أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ الْوَصْلِ) بِقَوْلِهِ مَا لَمْ أُطَلِّقْك (طَلُقَتْ بِ) الْمُنَجَّزَةِ (الْأَخِيرَةِ) فَقَطْ
ــ
[رد المحتار]
عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَا تَطْلُقُ بِالسُّكُوتِ إلَخْ) لِأَنَّ شَرْطَ الْبَرِّ تَطْلِيقُهُ إيَّاهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ مِمَّنْ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَأْتِي مَا لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا فَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْحِنْثِ وَهُوَ عَدَمُ التَّطْلِيقِ، وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ أَوْ دَلَالَةِ الْفَوْرِ كَمَا يَأْتِي فِي إذَا (قَوْلُهُ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَوْتَهُ كَمَوْتِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ يَقَعُ بِمَوْتِهِ لَا بِمَوْتِهَا لِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا يُمْكِنُهُ الدُّخُولُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْيَأْسُ بِمَوْتِهَا فَلَا يَقَعُ، أَمَّا الطَّلَاقُ فَإِنَّهُ يَتَحَقَّقُ الْيَأْسُ عَنْهُ بِمَوْتِهَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ) أَيْ شَرْطِ الْحِنْثِ؛ أَمَّا فِي مَوْتِهِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي مَوْتِهَا فَلِتَحَقُّقِ الْيَأْسِ عَنْهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِذَا حَكَمْنَا بِوُقُوعِهِ قَبْلَ مَوْتِهَا لَا يَرِثُهَا الزَّوْجُ لِأَنَّهَا بَانَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَمْ تَبْقَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ حَالَةَ الْمَوْتِ، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِالْبَيْنُونَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ صَرِيحًا لِانْتِفَاءِ الْعِدَّةِ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْوُقُوعَ فِي آخِرِ جُزْءٍ لَا يَتَجَزَّأْ فَلَمْ يَلِهِ إلَّا الْمَوْتُ وَبِهِ تَبَيَّنَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ عَدَمَ إرْثِهِ مِنْهَا مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ تَقْيِيدَ الزَّيْلَعِيِّ عَدَمَهُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ أَوْ الثَّلَاثِ غَيْرُ صَحِيحٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ فَارًّا) أَيْ إذَا كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فِي حَالِ إشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ وَيَأْتِي فِي بَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ: لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ فِي صِحَّتِهِ وَحَنِثَ مَرِيضًا كَانَ فَارًّا وَهَذَا مِنْهُ رَحْمَتِيٌّ، فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَرِثَتْهُ بِحُكْمِ الْفِرَارِ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا وَإِلَّا لَا تَرِثُهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مِثْلُ إنْ عِنْدَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ عِنْدَهُ مَا لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا وَتَطْلُقُ عِنْدَهُمَا لِلْحَالِ بِسُكُوتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إذَا عِنْدَهُ هُنَا حَرْفٌ لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ ظَرْفًا وَحَرْفًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ بِالشَّكِّ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ النُّحَاةِ كَمَا فِي الْمُغْنِي، لَكِنَّ ذِكْرَ أَنَّ جُمْهُورَهُمْ عَلَى أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الشَّرْطِ وَلَا تَخْرُجُ عَنْ الظَّرْفِيَّةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مُرَجِّحٌ لِقَوْلِهِمَا هُنَا، وَقَدْ رَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى الْوَقْتَ أَوْ الشَّرْطَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِإِذَا مَعْنَى مَتَى صُدِّقَ اتِّفَاقًا قَضَاءً وَدِيَانَةً لِتَشْدِيدِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَا إذَا نَوَى بِإِذَا مَعْنَى إنْ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ عِنْدَهُمَا دِيَانَةً فَقَطْ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمَا ظَاهِرَةٌ فِي الظَّرْفِيَّةِ وَالشَّرْطِيَّةِ احْتِمَالٌ فَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي اهـ وَالْبَحْثُ أَصْلُهُ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ، وَانْظُرْ لَوْ نَوَى بِأَنَّ الْفَوْرَ هَلْ يَصِحُّ: الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ كَمَا لَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةُ الْفَوْرِ) وَهِيَ قَدْ تَكُونُ لَفْظِيَّةً وَقَدْ تَكُونُ مَعْنَوِيَّةً، فَمِنْ الْأَوَّلِ طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي، فَقَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْ فَأَنْتِ كَذَا كَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَمِنْ الثَّانِي مَا لَوْ طَلَبَ جِمَاعَهَا فَأَبَتْ فَقَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي الْبَيْتَ فَأَنْتِ كَذَا فَدَخَلَتْهُ بَعْدَمَا سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ طَلُقَتْ وَالْبَوْلُ لَا يَقْطَعُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الطِّيبُ وَنَحْوُهُ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ كَذَلِكَ، وَفِي الصَّلَاةِ خِلَافٌ نَهْرٌ: أَيْ إذَا خَافَتْ خُرُوجَ وَقْتِهَا. قَالَ الْحَسَنُ: لَا تَقْطَعُ الْفَوْرَ وَبِهِ يُفْتَى. وَقَالَ نُصَيْرٌ: تَقْطَعُ وَسَتَأْتِي مَسَائِلُ الْفَوْرِ فِي آخِرِ بَابِ الْيَمِينِ عَلَى الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَحْرٌ، وَفِي الْمِثَالَيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ قَرِينَةِ الْفَوْرِ فِي إنْ وَإِنْ كَانَتْ لِمَحْضِ الشَّرْطِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَعَلَى الْفَوْرِ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةُ الْفَوْرِ فَتَطْلُقُ عَلَى الْفَوْرِ ط.
(قَوْلُهُ مَعَ الْوَصْلِ) فَلَوْ كَانَ مَفْصُولًا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُعَلَّقَةِ، وَفَائِدَةُ وُقُوعِ الْمُنَجَّزَةِ دُونَ الْمُعَلَّقَةِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ لَوْ كَانَ ثَلَاثًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ بِالْمُنَجَّزِ فَقَطْ بَحْرٌ.
اسْتِحْسَانًا.
[فَرْعٌ]
قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ ثَلَاثًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَحِيلَتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى أَلْفٍ وَلَا تَقْبَلُ الْمَرْأَةُ، فَإِنْ مَضَى الْيَوْمُ لَا تَطْلُقُ بِهِ يُفْتَى خَانِيَّةٌ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ الْمُقَيَّدَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُطْلَقِ
(أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَنَكَحَهَا لَيْلًا حَنِثَ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ) أَيْ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لَمْ تَتَخَيَّرْ وَلَوْ نَهَارًا بَقِيَ لِلْغُرُوبِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْيَوْمَ مَتَى قُرِنَ بِفِعْلٍ مُمْتَدٍّ يَسْتَوْعِبُ الْمُدَّةَ يُرَادُ بِهِ النَّهَارُ كَالْأَمْرِ بِالْيَدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهُ بِيَدِهَا يَوْمًا أَوْ شَهْرًا، وَمَتَى قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَسْتَوْعِبُهَا يُرَادُ بِهِ مُطْلَقَ الْوَقْتِ
ــ
[رد المحتار]
قُلْتُ: بَلْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ وَاحِدَةً حَيْثُ لَمْ تَقَعْ الْمُعَلَّقَةُ أَيْضًا بَلْ هَذِهِ فَائِدَةُ تَنْجِيزِ الْوَاحِدَةِ مَوْصُولًا فَإِنَّهُ لَوْلَا إيقَاعُهُ الْوَاحِدَةَ مَوْصُولًا لَوَقَعَ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقَةُ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ وَاحِدَةً فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَنْجِيزِ الْوَاحِدَةِ وَعَدَمِهِ إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ الْآتِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ الْمُضَافُ وَالْمُنَجَّزُ جَمِيعًا إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا وَقَعَ الْمُضَافُ وَحْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّهُ وُجِدَ زَمَانَ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِيهِ وَإِنْ قَلَّ، وَهُوَ زَمَانُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ زَمَانَ الْبِرِّ مُسْتَثْنًى بِدَلَالَةِ حَالِ الْحَالِفِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ بِالْيَمِينِ الْبِرُّ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا بِجَعْلِ هَذَا الْقَدْرِ مُسْتَثْنًى، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ الْمُقَيَّدَ) أَيْ بِقَوْلِهِ عَلَى أَلْفٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُطْلَقِ أَيْ الَّذِي فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِالْمُقَيَّدِ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا وُجِدَ التَّطْلِيقُ وَلَوْ مُقَيَّدًا انْعَدَمَ شَرْطُ الْحِنْثِ وَهُوَ عَدَمُ التَّطْلِيقِ. .
مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ الْيَوْمُ مَتَى قُرِنَ بِفِعْلٍ مُمْتَدٍّ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْيَوْمَ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْيَوْمِ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَا يُسْتَعْمَلُ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ بَلْ هُوَ اسْمٌ لِسَوَادِ اللَّيْلِ وَضْعًا وَعُرْفًا، فَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت لَيْلًا لَمْ تَطْلُقْ إنْ دَخَلَتْ نَهَارًا، أَمَّا لَفْظُ الْيَوْمِ فَيُطْلَقُ عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ حَقِيقَةً اتِّفَاقًا قِيلَ: وَعَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ حَقِيقَةً أَيْضًا فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا، وَقِيلَ: مَجَازًا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِرَاكِ: أَيْ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى تَكَرُّرِ الْوَضْعِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْيَوْمَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالنَّهَارُ مِنْ طُلُوعِهَا إلَى غُرُوبِهَا وَلَوْ نَوَى بِالْيَوْمِ بَيَاضَ النَّهَارِ صُدِّقَ قَضَاءً، لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ فَيُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، ثُمَّ الْيَوْمُ إنَّمَا يَكُونُ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ فِيمَا لَا يَمْتَدُّ إذَا كَانَ مُنَكَّرًا فَلَوْ عُرِّفَ بِأَلْ الَّتِي لِلْعَهْدِ الْحُضُورِيِّ مِثْلُ لَا أُكَلِّمُك الْيَوْمَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِبَيَاضِ النَّهَارِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. وَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الْفَرْعُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ مِمَّا يَمْتَدُّ لَاسْتَغْنَى عَنْ هَذَا التَّقْيِيدِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَ اللَّيْلِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَمْتَدُّ مَعَ أَنَّ الْيَوْمَ مُعَرَّفٌ بِالْعَهْدِ الْحُضُورِيِّ فَكَيْفَ يَكُونُ لِغَيْرِهِ فَالْحَقُّ مَا فِي الْبَحْرِ، نَعَمْ قَدْ يَدْخُلُ اللَّيْلُ إذَا اقْتَرَنَ الْمُعَرَّفُ بِمَا يَدْخُلُهُ كَمَا فِي أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَغَدًا، فَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ دَخَلَتْ فِيهِ اللَّيْلَةُ. قَالَ فِي التَّلْوِيحِ وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ: أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَيْنِ " وَفِي مِثْلِهِ يَسْتَتْبِعُ اسْمُ الْيَوْمِ اللَّيْلَةَ، بِخِلَافِ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ " فَإِنَّ الْيَوْمَ الْمُنْفَرِدَ لَا يَسْتَتْبِعُ بِإِزَائِهِ مِنْ اللَّيْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ مَتَى قُرِنَ بِفِعْلٍ مُمْتَدٍّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمُمْتَدِّ مَا يَصِحُّ ضَرْبُ الْمُدَّةِ لَهُ كَالسَّيْرِ وَالرُّكُوبِ وَالصَّوْمِ وَتَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ وَتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ، وَبِمَا لَا يَمْتَدُّ عَكْسُهُ كَالطَّلَاقِ وَالتَّزَوُّجِ وَالْكَلَامِ وَالْعَتَاقِ وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ بَحْرٌ. فَيُقَالُ: لَبِسْت الثَّوْبَ يَوْمَيْنِ، وَرَكِبْت الْفَرَسَ يَوْمًا، بِخِلَافِ قَدِمْت يَوْمَيْنِ وَدَخَلْت ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَلْوِيحٌ. وَذَكَرَ بَعْضُ مُحَشِّيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِامْتِدَادِ اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ امْتِدَادُ بَقَائِهَا مَجَازًا وَالْقَرِينَةُ التَّقْيِيدُ بِالْيَوْمِ لَا أَصْلُهُمَا أَيْ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الرُّكُوبِ الْحَرَكَةُ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا فَوْقَ الدَّابَّةِ وَاللُّبْسِ جَعْلُ الثَّوْبِ عَلَى بَدَنِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَدٍّ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ يَسْتَوْعِبُ الْمُدَّةَ إلَى مَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ امْتِدَادٌ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ النَّهَارَ لَا مُطْلَقُ الِامْتِدَادِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّكَلُّمَ مِنْ قَبِيلِ غَيْرِ
كَإِيقَاعِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُك شَهْرًا كَانَ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لَغْوًا وَتَطْلُقُ لِلْحَالِ
(أَنَا مِنْك طَالِقٌ) أَوْ بَرِيءَ (لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَوْ نَوَى) بِهِ الطَّلَاقَ (وَتَبِينُ فِي الْبَائِنِ وَالْحَرَامِ) أَيْ أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ (إنْ نَوَى) لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لِإِزَالَةِ الْوَصْلَةِ وَالتَّحْرِيمَ لِإِزَالَةِ الْحِلِّ وَهُمَا مُشْتَرَكَانِ فَتَصِحُّ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْك أَوْ عَلَيْك لَمْ يَقَعْ بِخِلَافِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ حَيْثُ يَقَعُ
ــ
[رد المحتار]
الْمُمْتَدِّ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَمْتَدُّ زَمَانًا طَوِيلًا لَكِنْ لَا بِحَيْثُ يَسْتَوْعِبُ النَّهَارَ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ التَّكَلُّمَ غَيْرُ مُمْتَدٍّ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ الْحَقُّ وَجَزَمَ بِهِ الْهِنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي بِأَنَّهُ مُمْتَدٌّ، وَجَعَلَ مَا فِي الْهِدَايَةِ ظَنًّا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَرَجَّحَهُ أَيْضًا فِي الْفَتْحِ. وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِ الِامْتِدَادِ بِنَهَارٍ بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَمَا حَقَّقَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ التَّلْوِيحِ: مَا يَصِحُّ ضَرْبُ الْمُدَّةِ لَهُ تَأَمَّلْ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَالْأَمْرِ بِالْيَدِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْمُمْتَدِّ الْمَظْرُوفُ: أَيْ الْعَامِلُ فِي الْيَوْمِ لَا الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْيَوْمُ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِامْتِدَادِهِ، وَعَدَمِهِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَظْرُوفًا أَيْضًا لَكِنَّهُ ذُكِرَ لِتَعْيِينِ الظَّرْفِ، وَالْمَقْصُودُ بِذِكْرِ الظَّرْفِ إنَّمَا هُوَ إفَادَةُ وُقُوعِ الْعَامِلِ فِيهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُضَافُ إلَيْهِ، وَمَظْرُوفُ الْيَوْمِ مِمَّا يَمْتَدُّ كَأَمْرُكِ بِيَدِك يَوْمَ يَرْكَبُ زَيْدٌ وَقَدْ يَكُونَانِ مِنْ غَيْرِ الْمُمْتَدِّ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ وَفِي هَذَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ اعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ الْمَظْرُوفِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَظْرُوفُ مُمْتَدًّا وَالْمُضَافَ إلَيْهِ غَيْرُ مُمْتَدٍّ كَأَمْرُكِ بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ يَرْكَبُ زَيْدٌ، وَفِي هَذَيْنِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ، وَاتَّفَقُوا فِيهِمَا عَلَى اعْتِبَارِ الْمَظْرُوفِ فَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ رَكِبَ لَيْلًا لَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ اتِّفَاقًا وَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمُضَافُ إلَيْهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فِي هَذَيْنِ بَلْ اعْتَبَرَهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِمَا بَيْنَ اعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ الْمَظْرُوفِ، فَعَلَى هَذَا لَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا فِي الْكَشْفِ وَالتَّلْوِيحِ وَغَيْرِهِمَا وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ حَكَى الْخِلَافَ، وَعَلَى مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَشَرْحِ الْوِقَايَةِ مِنْ تَرْجِيحِ اعْتِبَارِ الْمُمْتَدِّ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَصْلِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْخُلُوِّ عَنْ الْمَوَانِعِ، فَلَا تَمْتَنِعُ مُخَالَفَتُهُ لِلْقَرِينَةِ، فَكَثِيرًا مَا يَمْتَدُّ الْفِعْلُ مَعَ كَوْنِ الْيَوْمِ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ، مِثْلُ ارْكَبُوا يَوْمَ يَأْتِيكُمْ الْعَدُوُّ، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاَللَّهِ يَوْمَ يَأْتِيكُمْ الْمَوْتُ، وَبِالْعَكْسِ مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَصُومُ زَيْدٌ، وَأَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ تَكْسِفُ الشَّمْسُ، أَفَادَهُ فِي التَّلْوِيحِ (قَوْلُهُ كَإِيقَاعِ الطَّلَاقِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ: الطَّلَاقُ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ الْمُرَادُ بِهِ إيقَاعُهُ لَا كَوْنُ الْمَرْأَةِ طَالِقًا لِأَنَّهُ يَمْتَدُّ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُسْتَمِرٌّ لَا فَائِدَةَ فِي تَعْلِيقِ الظَّرْفِ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْشَاءُ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَمْتَدُّ بَلْ يَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ صُدُورِهِ لَا أَثَرِهِ وَهُوَ كَوْنُهَا طَالِقًا.
(قَوْلُهُ أَوْ بَرِيءَ) بِخِلَافِ أَنْتِ بَرِيئَةٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ كَمَا يَأْتِي فِي الْكِنَايَاتِ، أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ) لِأَنَّ مَحَلِّيَّةَ الطَّلَاقِ قَائِمَةٌ بِهَا لَا بِهِ، فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ إضَافَةٌ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَيَلْغُو نَهْرٌ، وَلِهَذَا لَوْ مَلَّكَهَا الطَّلَاقَ فَطَلَّقَتْهُ لَا يَقَعُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ) الْأَوْلَى وَأَنَا بِالْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ) أَيْ لَفْظَهَا مَوْضُوعٌ لِإِزَالَةِ وَصْلَةِ النِّكَاحِ مِنْ الْبَوْنِ وَهُوَ الْفَصْلُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَهُمَا مُشْتَرَكَانِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ: أَيْ الْوَصْلَةُ وَالتَّحْرِيمُ مُشْتَرَكَانِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؛ أَوْ بِكَسْرِهَا مَبْنِيًّا لِلْمَعْلُومِ أَيْ الزَّوْجَانِ مُشْتَرَكَانِ فِي الْوَصْلَةِ وَالتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: أَنَا بَائِنٌ أَوْ أَنَا حَرَامٌ، ثُمَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ التَّقْيِيدِ بِمِنْك وَعَلَيْك كَمَا فِي الْبَحْرِ ط. وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ لَمْ بِدُونِ حَتَّى (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ الْخِلَافُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ أَوْ الْحَرَامَ إذْ كَانَ مُضَافًا إلَيْهَا تَعَيَّنَ لِإِزَالَةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَصْلَةِ وَالْحِلِّ، وَإِذَا أُضِيفَ إلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى فَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ أَنَا بَائِنٌ مِنْهَا أَوْ حَرَامٌ
إذَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنِّي، نَعَمْ لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا شَرْطُ قَوْلِهَا بَائِنٌ مِنِّي.
وَيَقَعُ بِأَبْرَأْتُك عَنْ الزَّوْجِيَّةِ بِلَا نِيَّةٍ
(أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ مَعَ عِتْقِ مَوْلَاك إيَّاكَ فَأَعْتَقَ) سَيِّدُهَا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ (وَلَهُ الرَّجْعَةُ) لِوُجُودِ التَّطْلِيقِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ. وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ أَنَّ كَلِمَةَ مَعَ إذَا أُقْحِمَ بَيْنَ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ يَحِلُّ مَحَلَّ الشَّرْطِ.
(وَلَوْ عُلِّقَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (عِتْقُهَا وَطَلَاقُهَا بِمَجِيءِ الْغَدِ فَجَاءَ) الْغَدُ (لَا رَجْعَةَ لَهُ) لِتَعَلُّقِهِمَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ (وَعِدَّتُهَا) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (ثَلَاثُ حِيَضٍ) احْتِيَاطًا.
ــ
[رد المحتار]
عَلَيْهَا اهـ ح (قَوْلُهُ إذَا نَوَى) هَذَا الْقَيْدُ جَارٍ فِي أَنْتِ حَرَامٌ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، أَمَّا فِي الْفَتْوَى فَيَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنِّي) رَدَّ عَلَى مَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ مِنِّي يَكُونُ بَاطِلًا وَهُوَ سَهْوٌ، وَمَحَلُّهُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدُ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْحُرْمَةَ أَوْ الْبَيْنُونَةَ إلَيْهَا كَأَنْتِ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهَا، وَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ كَأَنَا حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ لَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهَا؛ وَإِنْ خَيَّرَهَا فَأَجَابَتْ بِالْحُرْمَةِ أَوْ الْبَيْنُونَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِضَافَتَيْنِ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْك أَنْتِ بَائِنٌ مِنِّي أَنَا بَائِنٌ مِنْك (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ) فِي حَالِ الْغَضَبِ وَغَيْرِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ طَلَاقٌ صَرِيحٌ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِي كِنَايَاتِ الْجَوْهَرَةِ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ نِكَاحِك يَقَعُ إنْ نَوَى؛ وَفِي أَنَا بَرِيءٌ مِنْ طَلَاقِك لَا يَقَعُ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الشَّيْءِ تَرْكٌ لَهُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ التَّطْلِيقَ بِالْإِعْتَاقِ غَيْرَ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ مَجَازًا مِنْ اسْتِعَارَةِ الْحُكْمِ لِلْعِلَّةِ؛ وَالْمُعَلَّقُ يُوجَدُ بَعْدَ الشَّرْطِ فَتَطْلُقُ وَهِيَ حُرَّةٌ. وَهَذَا لِأَنَّ الشَّرْطَ مَا يَكُونُ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَلِلْحُكْمِ تَعَلُّقٌ بِهِ وَالْمَذْكُورُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. وَأُورِدُ أَنَّ كَلِمَةَ مَعَ لِلْقِرَانِ فَيَكُونُ مُنَافِيًا لِمَعْنَى الشَّرْطِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا قَدْ تُذْكَرُ لِلْمُتَأَخِّرِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُقَارِنِ لَتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ وَمِنْهُ {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] وَصُيِّرَ إلَيْهِ هُنَا لِمُوجِبٍ هُوَ وُجُودُ مَعْنَى الشَّرْطِ لَهَا، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ بَيْنَ جِنْسَيْنِ) كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْعُسْرِ وَالْيُسْرِ ط (قَوْلُهُ يَحِلُّ مَحَلَّ الشَّرْطِ) فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ أَعْتَقْتُك فَتَكُونُ مَعَ بِمَعْنَى بَعْدَ ح
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ إلَخْ) أَيْ عَلَّقَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتِ حَرَّةٌ، وَقَالَ الزَّوْجُ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ط. (قَوْلُهُ بِمَجِيءِ الْغَدِ) أَيْ مَثَلًا إذْ الْمَدَارُ اتِّحَادُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ) أَيْ اتِّفَاقًا فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ لَمَّا تَعَلَّقَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ وَجَبَ أَنْ تَطْلُقَ زَمَانَ نُزُولِ الْحُرِّيَّةِ فَيُصَادِفُهَا وَهِيَ حُرَّةٌ لِاقْتِرَانِهِمَا وُجُودًا فَلَا تَحْرُمُ بِهِمَا حُرْمَةً غَلِيظَةً. وَلَهُمَا أَنَّ زَمَانَ ثُبُوتِ الْعِتْقِ هُوَ زَمَانُ ثُبُوتِ الطَّلَاقِ ضَرُورَةَ تَعَلُّقِهِمَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ. وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْعِتْقَ فِي زَمَانِ ثُبُوتِهِ لَيْسَ بِثَابِتٍ لِإِطْبَاقِ الْعُقَلَاءِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ فِي زَمَانِ ثُبُوتِهِ لَيْسَ بِثَابِتٍ فَلَا تُصَادِفُهُ التَّطْلِيقَتَانِ وَهِيَ حُرَّةٌ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْعِتْقَ ثَمَّةَ شَرْطٌ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَعْدَهُ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ اتِّفَاقًا بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ ثَلَاثُ حِيَضٍ) أَيْ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ وَضْعُ الْحَمْلِ ط. (قَوْلُهُ احْتِيَاطًا) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ ح يَعْنِي أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالِاحْتِيَاطِ لِوُجُوبِ الِاعْتِدَادِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَهِيَ أَمَةٌ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهَا حَيْضَتَيْنِ وَلِذَا بَانَتْ بِالطَّلْقَتَيْنِ، لَكِنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ لِلِاحْتِيَاطِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا وَإِنْ طَلُقَتْ فِي حَالِ الرِّقِّيَّةِ لَكِنْ لَمَّا أَعْقَبَهُ الْحُرِّيَّةَ بِلَا مُهْلَةٍ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَإِنْ كَانَ عِلَّةً
(وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (مَرِيضًا لَا تَرِثُ مِنْهُ) لِوُقُوعِهِ وَهِيَ أَمَةٌ فَلَا تَرِثُ مَبْسُوطٌ
(أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِالْأَصَابِعِ) الْمَنْشُورَةِ (وَقَعَ بِعَدَدِهِ) بِخِلَافِ مِثْلِ هَذَا، فَإِنَّهُ إنْ نَوَى ثَلَاثًا وَقَعْنَ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ فِي الذَّاتِ وَمِثْلُ لِلتَّشْبِيهِ فِي الصِّفَاتِ، وَلِذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ لَا مِثْلَ إيمَانِ جِبْرِيلَ بَحْرٌ (وَتُعْتَبَرُ الْمَنْشُورَةُ)
ــ
[رد المحتار]
لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَالْعِلَّةُ مُقَارِنَةٌ لِلْمَعْلُولِ فِي الزَّمَانِ لَكِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فِي الرُّتْبَةِ تَأَمَّلْ. أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَوُجُوبُ الِاعْتِدَادِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ ظَاهِرٌ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِعْتَاقِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلِذَا لَمْ تَبِنْ بِالطَّلْقَتَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا) أَيْ وَقْتَ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لَا تَرِثُ مِنْهُ) إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ط، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَرِثُ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ فِيهَا بَعْدَ الْإِعْتَاقِ كَمَا مَرَّ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، فَيَكُونُ قَدْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَتَرِثُ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ وَهِيَ أَمَةٌ أَيْ وَالْأَمَةُ لَا تَرِثُ، فَلَا يَتَحَقَّقُ الْفِرَارُ. قَالَ فِي النَّهْرِ. وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنْ تَرِثَ اهـ أَيْ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَتَرِثُ، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى
(قَوْلُهُ الْمَنْشُورَةِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتُعْتَبَرُ الْمَنْشُورَةُ (قَوْلُهُ وَقَعَ بِعَدَدِهِ) أَيْ بِعَدَدِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ الْأَصَابِعِ الْإِشَارَةَ اللُّغَوِيَّةَ أَوْ بِعَدَدِ مَا أَشَارَ بِهِ مِنْهَا الْإِشَارَةَ الْحِسِّيَّةَ تَأَمَّلْ، فَإِنْ أَشَارَ بِثَلَاثٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ أَوْ بِثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ أَوْ بِوَاحِدَةٍ فَوَاحِدَةٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ بِعَدَدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَهُوَ الْعَدَدُ الْمُفَادُ كَمَيِّتُهُ بِالْأَصَابِعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِذَا لِأَنَّ الْهَاءَ لِلتَّنْبِيهِ وَالْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ وَذَا لِلْإِشَارَةِ اهـ وَانْظُرْ هَلْ الْإِشَارَةُ إلَى غَيْرِ الْأَصَابِعِ مِنْ الْمَعْدُودَاتِ كَذَلِكَ أَمْ لِاخْتِصَاصِ إرَادَةِ الْعَدَدِ فِي الْعَادَةِ بِالْأَصَابِعِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مِثْلِ هَذَا) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلَ هَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ) أَيْ بَائِنَةٌ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. وَبَيَانُهُ مَا نَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ: أَيْ هَذَا اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ فِي الْعَدَدِ أَوْ الصِّفَةِ وَهِيَ الشِّدَّةُ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يُحْمَلُ عَلَى التَّشْبِيهِ فِي الصِّفَةِ لِأَنَّهُ أَدْنَى اهـ أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْوَاقِعَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ شَبِيهَةٌ بِالثَّلَاثِ فِي الشِّدَّةِ وَهِيَ الْبَيْنُونَةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَافَ) أَيْ فِي هَذَا ط (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الْكَافِ وَمِثْلِ ط. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ إيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ (قَوْلُهُ كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ) فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ فِي الْفَرْدَيْنِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ (قَوْلُهُ لَا مِثْلَ إيمَانِ جِبْرِيلَ) لِزِيَادَتِهِ فِي الصِّفَةِ مِنْ كَوْنِهِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ فَيَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ الِاطْمِئْنَانِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] الْآيَةَ. وَبِهِ يَحْصُلُ زِيَادَةُ الْقُرْبِ وَرَفْعُ الْمَنْزِلَةِ، لَكِنْ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ هُنَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ قَوْلِهِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ إيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ، وَلَكِنْ يَقُولُ آمَنُ بِمَا آمَنَ بِهِ جِبْرِيلُ اهـ وَكَذَا مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ إنَّ إيمَانَنَا مِثْلُ إيمَانِ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّا آمَنَّا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرُبُوبِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عز وجل بِمِثْلِ مَا أَقَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَصَدَّقَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ، فَمِنْ هَاهُنَا إيمَانُنَا مِثْلُ إيمَانِهِمْ لِأَنَّا آمَنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ آمَنَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ مِمَّا عَايَنَتْهُ مِنْ عَجَائِبِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ نُعَايِنْهُ نَحْنُ، وَلَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْنَا فَضَائِلُ فِي الثَّوَابِ عَلَى الْإِيمَانِ وَجَمِيعِ الْعِبَادَاتِ إلَخْ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَيْنَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ تَخَالُفًا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ. وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ الْأُولَى عَلَى الْعَالِمِ لِأَنَّهُ قَالَ: أَقُولُ إيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ وَلَا أَقُولُ مِثْلَ إيمَانِ جِبْرِيلَ. وَالثَّانِيَةُ عَلَى غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ: أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ. وَالثَّالِثَةُ عَلَى مَا إذَا فَصَّلَ، وَصَرَّحَ بِالْمُؤْمِنِ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْمِثْلِيَّةِ لِعَدَمِ الْإِيهَامِ بَعْدَ التَّصْرِيحِ، فَيَجُوزُ لِلْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ "
لَا الْمَضْمُومَةُ إلَّا دِيَانَةً كَكَفٍّ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْإِشَارَةِ فِي الْكَفِّ نَشْرُ كُلِّ الْأَصَابِعِ. وَنَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ قَضَاءً بِنِيَّةِ الْإِشَارَةِ بِالْكَفِّ وَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا يَقَعُ وَاحِدَةً لِفَقْدِ التَّشْبِيهِ.
وَلَوْ قَالَ أَنْتِ هَكَذَا مُشِيرًا
ــ
[رد المحتار]
وَلِلْعَلَّامَةِ ابْنِ كَمَالٍ بَاشَا رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِيهَا (قَوْلُهُ كَكَفٍّ) يَعْنِي إذَا نَوَى الْكَفَّ صُدِّقَ دِيَانَةً وَوُقِفَتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّ الْكَفَّ وَاحِدَةٌ ح (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذَا الِاعْتِمَادِ، وَكَأَنَّهُ فَهِمَهُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَحْرِ، وَهُوَ فَهْمٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا تَعْرِفُهُ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَالْإِشَارَةُ تَقَعُ بِالْمَنْشُورَةِ مِنْهَا. فَلَوْ نَوَى الْإِشَارَةَ بِالْمَضْمُومَتَيْنِ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً، وَكَذَا إذَا نَوَى الْإِشَارَةَ بِالْكَفِّ حَتَّى تَقَعَ فِي الْأُولَى ثِنْتَانِ وَفِي الثَّانِيَةِ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. اهـ. قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَأَرَادَ بِالْأُولَى نِيَّةَ الْإِشَارَةِ بِالْمَضْمُومَتَيْنِ، وَبِالثَّانِيَةِ نِيَّتَهَا بِالْكَفِّ، فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً فِي الصُّورَتَيْنِ، وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ أَشَارَ إلَيْهَا بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ الْمَنْشُورَةِ. اهـ. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِنْ كَانَ يَعْنِي بِثَلَاثِ أَصَابِعَ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَيَقُولُ: إنَّمَا أَشَرْت بِالْكَفِّ دِينَ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ إرَادَةَ الْكَفِّ تَصِحُّ دِيَانَةً مَعَ الْإِشَارَةِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَقَطْ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَالْإِشَارَةُ تَقَعُ بِالْمَنْشُورَةِ مِنْهَا دُونَ الْمَضْمُونَةِ لِلْعُرْفِ وَلِلسُّنَّةِ؛ وَلَوْ نَوَى الْإِشَارَةَ بِالْمَضْمُومَتَيْنِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً، وَكَذَا لَوْ نَوَى الْإِشَارَةَ بِالْكَفِّ وَالْإِشَارَةُ بِالْكَفِّ أَنْ تَقَعَ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا مَنْشُورَةً، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ ذَكَرَهَا فِي الْمِعْرَاجِ: الْأَوَّلُ لَوْ جَعَلَ ظَهْرَ الْكَفِّ إلَى الْمَرْأَةِ وَبُطُونَ الْأَصَابِعِ الْمَنْشُورَةِ إلَيْهِ صُدِّقَ قَضَاءً وَبِالْعَكْسِ لَا. الثَّانِي لَوْ بَاطِنُ كَفِّهِ إلَى السَّمَاءِ فَالْعِبْرَةُ لِلنَّشْرِ وَإِنْ لِلْأَرْضِ فَلِلضَّمِّ الثَّالِثُ إنْ نُشِرَا عَنْ ضَمٍّ فَالْعِبْرَةُ لِلنَّشْرِ، وَإِنْ ضُمَّا عَنْ نَشْرٍ فَلِلضَّمِّ اهـ مُلَخَّصًا فَقَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْإِشَارَةُ تَقَعُ بِالْمَنْشُورَةِ: أَيْ بِدُونِ تَفْصِيلٍ بِقَرِينَةِ حِكَايَتِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ بَعْدَهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ الْأَقْوَالَ الْمَذْكُورَةَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ: أَيْ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَنْشُورَةِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالْإِشَارَةُ بِالْكَفِّ أَنْ تَقَعَ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا مَنْشُورَةً كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ لِمَا عَلِمْت، وَلِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ صَرِيحَ الْهِدَايَةِ وَغَايَةَ الْبَيَانِ وَكَافِي الْحَاكِمِ صِحَّةُ إرَادَةِ الْكَفِّ دِيَانَةً مَعَ نَشْرِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ نَشْرِ الْأَصَابِعِ كُلِّهَا عَزَاهُ فِي الْفَتْحِ إلَى مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَلَعَلَّهُ قَوْلٌ آخَرُ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُصَدَّقُ قَضَاءً كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْفَتْحِ كَمَا أَوْضَحْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ، فَيُوَافِقُ مَا يَأْتِي عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ نَشْرَ الْكُلِّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ الثَّلَاثَ بَلْ الْكَفَّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ نَشْرِ الْبَعْضِ، إذْ لَوْ ضَمَّ الْكُلَّ فَهُوَ أَظْهَرُ فِي إرَادَةِ الْكَفِّ دُونَ الثَّلَاثِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت ظُهُورَ وَجْهٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلِمَ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَنَوَى الثَّلَاثَ وَلَمْ يَذْكُرْ بِلِسَانِهِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِفَقْدِ التَّشْبِيهِ) أَيْ بِالْعَدَدِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَتَحَقَّقُ الطَّلَاقُ بِدُونِ اللَّفْظِ لَا يَتَحَقَّقُ عَدَدُهُ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ لَمْ أَرَهُ) كَذَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِشَارَةِ وَجَزَمَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَغْوٌ وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَقَالَ: لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُشْعِرُ بِهِ وَالنِّيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ بِغَيْرِ اللَّفْظِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي تَعْلِيلِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْأَصَابِعِ تُفِيدُ الْعِلْمَ بِالْعَدَدِ عُرْفًا وَشَرْعًا إذَا اُقْتُرِنَتْ بِالِاسْمِ الْمُبْهَمِ اهـ وَلِإِطْلَاقٍ هُنَا يُشَارُ إلَيْهِ بِهِ فَتَأَمَّلْ: وَقَدْ رَأَيْت كَمَا ذَكَرْته بِالْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ اهـ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ مُلَخَّصًا. وَرَأَيْت بِخَطِّ السَّائِحَانِيِّ: مُقْتَضَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ بِثَلَاثٍ. قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: إذَا نَوَى يَقَعُ أَنَّهُ يَقَعُ هُنَا إذَا نَوَى. وَفِيهَا أَيْضًا إذَا قَالَ: طَالِقٌ فَقِيلَ: مِنْ عَنَيْت فَقَالَ: امْرَأَتِي طَلُقَتْ؛ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ مِنِّي ثَلَاثًا طَلُقَتْ إنْ نَوَى أَوْ كَانَ فِي مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا قَالُوا: يُخْشَى أَنْ لَا يُصَدَّقَ اهـ وَكَذَا نَقَلَ الرَّحْمَتِيُّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ الْأُولَى ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ هَكَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ بِثَلَاثٍ. اهـ.
وَلَمْ يَقُلْ طَالِقٌ لَمْ أَرَهُ. (وَلَوْ أَشَارَ بِظُهُورِهَا فَالْمَضْمُومَةُ) لِلْعُرْفِ، وَلَوْ كَانَ رُءُوسُهَا نَحْوَ الْمُخَاطَبِ فَإِنْ نَشَرَ عَنْ ضَمٍّ فَالْعِبْرَةُ لِلنَّشْرِ، وَإِنْ ضُمَّا عَنْ نَشْرٍ فَالضَّمُّ ابْنُ كَمَالٍ.
(وَ) يَقَعُ (بِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ أَوْ أَلْبَتَّةَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقَعُ رَجْعِيًّا لَوْ مَوْطُوءَةً (أَوْ أَفْحَشَ الطَّلَاقِ أَوْ طَلَاقَ الشَّيْطَانِ أَوْ الْبِدْعَةِ، أَوْ أَشَرَّ الطَّلَاقِ،
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُرْتَبِطٌ بِلَفْظِ: طَالِقٌ مُقَدَّرًا، وَقَوْلُ الرَّمْلِيِّ إنَّ اللَّفْظَ لَا يُشْعِرُ بِهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْمِ الْمُبْهَمِ لَفْظُ هَكَذَا الْمُرَادُ بِهِ الْعَدَدُ الَّذِي أُشِيرَ بِهِ إلَيْهِ، وَسَمَّاهُ مُبْهَمًا لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَرِّحْ بِكَمِّيَّتِهِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي النَّهْرِ. وَالِاسْمُ الْمُبْهَمُ مَذْكُورٌ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَيُفِيدُ الْعِلْمَ بِعَدَدِ الطَّلَاقِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي نَوَاهُ الْمُتَكَلِّمُ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بِثَلَاثٍ دَلَّ عَلَى عَدَدِ طَلَاقٍ مُقَدَّرٍ نَوَاهُ الْمُتَكَلِّمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْعَدَدَ فِي أَحَدِهِمَا صَرِيحٌ وَفِي الْآخَرِ غَيْرَ صَرِيحٍ، وَهَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا إلَى الْأَصَابِعِ الثَّلَاثِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِثَلَاثٍ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَشَارَ بِظُهُورِهَا فَالْمَضْمُومَةُ) أَرَادَ بِهِ تَقْيِيدَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَتُعْتَبَرُ الْمَنْشُورَةُ لَا الْمَضْمُومَةُ أَيْ تُعْتَبَرُ إذَا أَشَارَ بِبُطُونِهَا، بِأَنْ جَعَلَ بَاطِنَ الْمَنْشُورَةِ إلَى الْمَرْأَةِ وَظَهْرَهَا إلَى نَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ أَشَارَ بِظُهُورِهَا بِأَنْ جَعَلَ ظَهْرَهَا إلَى الْمَرْأَةِ وَبَاطِنَهَا إلَيْهِ فَالْمُعْتَبَرُ الْمَضْمُومَةُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ عَبَّرَ عَنْهُ فِي الْهِدَايَةِ بِقِيلِ، وَصَرَّحَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَقَالَ: إنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمَنْشُورَةُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ، فَلَا تُعْتَبَرُ الْمَضْمُومَةُ مُطْلَقًا قَضَاءً لِلْعُرْفِ وَالسُّنَّةِ، وَتُعْتَبَرُ دِيَانَةً كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمَوَاهِبِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَالْفَتْحِ. وَقِيلَ: النَّشْرُ لَوْ عَنْ طَيٍّ وَالطَّيُّ لَوْ عَنْ نَشْرٍ، وَقِيلَ: إنَّ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى السَّمَاءِ فَالْمَنْشُورُ وَإِنْ لِلْأَرْضِ فَالْمَضْمُومُ اهـ. وَكَذَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْإِطْلَاقُ، وَعَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمُفَصَّلَةُ ضَعِيفَةٌ وَإِنْ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا فِي الْوِقَايَةِ وَالدُّرَرِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَيَقَعُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ وُقُوعِ الْبَائِنِ بِوَصْفِ الطَّلَاقِ بِمَا يُنْبِئُ عَنْ الشِّدَّةِ وَالزِّيَادَةِ نَهْرٌ، وَفَاعِلُ يَقَعُ قَوْلُهُ الْآتِي وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ (قَوْلُهُ أَلْبَتَّةَ) مَصْدَرُ بَتَّ أَمْرَهُ إذَا قَطَعَ بِهِ وَجَزَمَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَذَكَرَهُ هُنَا لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ دُونَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي بَعْدَهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْهِدَايَةِ لَكِنَّ كَلَامَ دُرَرِ الْبِحَارِ وَشَرْحِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ. (قَوْلُهُ أَوْ أَفْحَشَ الطَّلَاقِ) أَشَارَ بِهِ إلَى كُلِّ وَصْفٍ عَلَى أَفْعَلَ مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ لِلتَّفَاوُتِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْبَيْنُونَةِ، وَهُوَ أَفْحَشُ مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقَ الشَّيْطَانِ أَوْ الْبِدْعَةِ) وَإِنَّمَا وَقَعَ بَائِنًا، لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ سُنِّيٌّ غَالِبًا. فَإِنْ قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ وَلَا نِيَّةَ، فَإِنْ كَانَ فِي طُهْرٍ فِيهِ جِمَاعٌ أَوْ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ سَاعَتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ حَتَّى تَحِيضَ أَوْ يُجَامِعَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ. قُلْت: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا هُوَ وُقُوعُ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ بِلَا نِيَّةٍ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ تَقَعُ السَّاعَةَ أَوْ بَعْدَ وُجُودِ شَيْءٍ بَحْرٌ، لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وُقُوعُ بَائِنَةٍ لِلْحَالِ وَإِنْ لَمْ تَتَّصِفْ بِهَذَا الْوَصْفِ لِأَنَّ الْبِدْعِيَّ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيمَا ذَكَرَهُ، إذْ الْبَائِنُ بِدْعِيٌّ كَمَا مَرَّ. اهـ. قُلْت: وَبِوُقُوعِ الْبَائِنَةِ لِلْحَالِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ هَذَا الْبَابِ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الْبَائِنِ، وَقَدْ تَكُونُ فِي الطَّلَاقِ حَالَةَ الْحَيْضِ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي الْبَيْنُونَةِ فَلَا تَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَكَذَا إذَا قَالَ طَلَاقَ الشَّيْطَانِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي أَنْتِ طَالِقٌ
أَوْ كَالْجَبَلِ أَوْ كَأَلْفٍ، أَوْ مِلْءَ الْبَيْتِ، أَوْ تَطْلِيقَةً شَدِيدَةً، أَوْ طَوِيلَةً، أَوْ عَرِيضَةً أَوْ أَسْوَهُ، أَوْ أَشَدَّهُ، أَوْ أَخْبَثَهُ) أَوْ أَخْشَنَهُ (أَوْ أَكْبَرَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ، أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَعْظَمَهُ وَاحِدَةً بَائِنَةً) فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلَاقَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ (إنْ لَمْ يَنْوِ ثَلَاثًا) فِي الْحُرَّةِ وَثِنْتَيْنِ فِي الْأَمَةِ، فَيَصِحُّ لِمَا مَرَّ،
ــ
[رد المحتار]
لِلْبِدْعَةِ إذَا نَوَى وَاحِدَةً بَائِنَةً صَحَّ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ. اهـ. لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ ذَكَرَ أَوَّلًا وُقُوعَ الْبَائِنِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ قَالَ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَكُونُ رَجْعِيًّا، فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا قَوْلُ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ، وَمَا فِي الْبَدَائِعِ أَوَّلًا قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الْبَائِنَ إلَّا بِنِيَّتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَنْوِهِ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ كَالْجَبَلِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصْفَ بِمَا يُنْبِئُ عَنْ الزِّيَادَةِ يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ وَالتَّشْبِيهُ كَذَلِكَ أَيُّ شَيْءٍ كَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ كَرَأْسِ إبْرَةٍ وَكَحَبَّةِ خَرْدَلٍ وَكَسِمْسِمَةٍ لِاقْتِضَاءِ التَّشْبِيهِ الزِّيَادَةَ وَاشْتَرَطَ أَبُو يُوسُفَ ذِكْرَ الْعِظَمِ مُطْلَقًا. وَزُفَرُ أَنْ يَكُونَ عَظِيمًا عِنْدَ النَّاسِ، فَرَأْسُ إبْرَةٍ بَائِنٌ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَكَالْجَبَلِ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ فَقَطْ، وَكَعِظَمِ الْجَبَلِ عِنْدَ الْكُلِّ، وَكَعِظَمِ إبْرَةٍ عِنْدَ الْأَوَّلِينَ. وَمُحَمَّدٌ قِيلَ مَعَ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ مَعَ الثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ كَأَلْفٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ التَّشْبِيهِ فِي الْقُوَّةِ أَوْ فِي الْعَدَدِ، فَإِنْ نَوَى الثَّانِيَ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِلَّا يَثْبُتُ الْأَقَلُّ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ وَكَذَا مِثْلُ أَلْفٍ وَمِثْلُ ثَلَاثٍ، بِخِلَافِ كَعَدَدِ الْأَلِفِ أَوْ كَعَدَدِ الثَّلَاثِ فَثَلَاثٌ بِلَا نِيَّةٍ، وَفِي وَاحِدَةٍ كَأَلْفِ وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ، لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا تَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ مِلْءِ الْبَيْتِ) وَجْهُ الْبَيْنُونَةِ بِهِ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَمْلَأُ الْبَيْتَ لِعِظَمِهِ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ يَمْلَؤُهُ لِكَثْرَتِهِ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَعِنْدَ عَدَمِهَا يَثْبُتُ الْأَقَلُّ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ أَوْ تَطْلِيقَةً شَدِيدَةً إلَخْ) لِأَنَّ مَا يَصْعُبُ تَدَارُكُهُ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَيُقَالُ فِيهِ لِهَذَا الْأَمْرِ طُولٌ وَعَرْضٌ وَهُوَ الْبَائِنُ بَحْرٌ، قَيَّدَ بِذِكْرِ التَّطْلِيقَةِ لِأَنَّ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَوِيَّةً أَوْ شَدِيدَةً أَوْ طَوِيلَةً أَوْ عَرِيضَةً كَانَ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ صِفَةً لِلطَّلَاقِ بَلْ لِلْمَرْأَةِ قَالَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَبِطَوِيلَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طُولَ كَذَا أَوْ عَرْضَ كَذَا لَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَتْ بَائِنَةً أَيْضًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَخْشَنَهُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ قَبْلَ النُّونِ وَيَرْجِعُ إلَى مَعْنَى الْأَشَدِّيَّةِ ط (قَوْلُهُ أَوْ أَكْبَرَهُ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَمَّا أَكْثَرُهُ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ فَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلَاقَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ) وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْبَيْنُونَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ لِلْحَالِ، وَكَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْمَالِ وَبَعْدَهُ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ مَصْدَرٌ يَحْتَمِلُ الْفَرْدَ الِاعْتِبَارِيَّ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فِي الْحُرَّةِ وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ فَتَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَالْفَاءُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ فَإِنْ نَوَى مَا ذَكَرَ صَحَّ أَفَادَهُ ح. فَإِنْ قَالَتْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَصْدَرَ فِي نَحْوِ أَشَدَّ الطَّلَاقِ. قُلْت: قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنَّ الْمَعْنَى طَالِقٌ طَلَاقًا هُوَ أَشَدُّ الطَّلَاقِ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ، فَكَانَ أَشَدُّ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ [تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ نِيَّةِ الثَّلَاثِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ: لَكِنْ قَالَ الْعَتَّابِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي تَطْلِيقَةٍ شَدِيدَةٍ أَوْ طَوِيلَةٍ أَوْ عَرِيضَةٍ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُعْمَلُ فِي الْمُحْتَمِلِ وَتَطْلِيقَةٌ بِتَاءِ الْوَحْدَةِ لَا تَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ وَنَسَبَهُ إلَى السَّرَخْسِيِّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. قُلْت: لَكِنَّ الْمُتُونَ عَلَى خِلَافِهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّاءَ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هُنَا لِلْوَحْدَةِ بَلْ لِتَأْنِيثِ اللَّفْظِ أَوْ زَائِدَةً كَقَوْلِهِمْ فِي الذَّنَبِ ذَنَبَةٌ، وَفِي أَمْثَالِ الْعَرَبِ: إذَا أَخَذْت بِذَنَبَةِ الضَّبِّ أَغْضَبْته ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ؛ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ التَّاءَ هُنَا لِلْوَحْدَةِ فَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ قَدْ عَلَّلُوا صِحَّةَ نِيَّةِ الثَّلَاثِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ بِأَنَّهُ وَصْفُ الطَّلَاقِ بِالْبَيْنُونَةِ، وَهِيَ نَوْعَانِ: خَفِيفَةٌ وَغَلِيظَةٌ، فَإِذَا نَوَى الثَّانِيَةَ صَحَّ، فَيُقَالُ حِينَئِذٍ: إنَّ تَاءَ الْوَحْدَةِ لَا تُنَافِي إرَادَةَ الْبَيْنُونَةِ الْغَلِيظَةِ وَهِيَ مَا لَا تَحِلُّ لَهُ الْمَرْأَةُ مَعَهَا إلَّا بِزَوْجٍ آخَرَ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ بَلْ نَوَى حُكْمَ الثَّلَاثِ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ الْغَلِيظَةُ، وَنَظِيرُهُ
كَمَا لَوْ نَوَى بِطَالِقٍ وَاحِدَةً وَبِنَحْوِ بَائِنٍ أُخْرَى فَيَقَعُ ثِنْتَانِ بَائِنَتَانِ؛ وَلَوْ عَطَفَ وَقَالَ وَبَائِنٌ أَوْ ثُمَّ بَائِنٌ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَرَجْعِيَّةٌ؛ وَلَوْ بِالْفَاءِ فَبَائِنَةٌ ذَخِيرَةٌ.
(كَمَا) يَقَعُ الْبَائِنُ (لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِي بِهَا نَفْسَك) لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا إلَّا بِالْبَائِنِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك لَهُ الرَّجْعَةُ؛ وَقِيلَ: لَا جَوْهَرَةٌ. وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ الثَّانِي، وَخَطَّأَ مَنْ أَفْتَى بِالرَّجْعِيِّ فِي التَّعَالِيقِ، وَقَوْلُ الْمُوثَقِينَ تَكُونُ طَالِقًا طَلْقَةً تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا إلَخْ؛
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُمْ: لَوْ نَوَى الثَّلَاثَ بِأَنْتِ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ فَهِيَ ثَلَاثٌ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَوْ نَوَى حُكْمَ الثَّلَاثِ لَا لَفْظَهَا لِأَنَّ اللَّفْظَ بَائِنٌ وَحَرَامٌ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ هُنَا، عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ فَرْدٌ اعْتِبَارِيٌّ وَلِهَذَا صَحَّ إرَادَتُهُ بِالْمَصْدَرِ وَلَمْ تَصِحَّ إرَادَةُ الثِّنْتَيْنِ بِهِ لِأَنَّهُمَا عَدَدٌ مَحْضٌ، وَفَرْدِيَّتُهُ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَا، فَلَا يُنَافِي تَاءَ الْوَحْدَةِ " هَذَا مَا ظَهَرَ لِي. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَوَى) تَشْبِيهٌ فِي الصِّحَّةِ ط (قَوْلُهُ وَبِنَحْوِ بَائِنٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ كِنَايَةٍ قُرِنَتْ بِطَالِقٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ بَائِنَتَانِ) أَيْ عَلَى أَنَّ التَّرْكِيبَ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، ثُمَّ بَيْنُونَةُ الْأُولَى ضَرُورَةُ بَيْنُونَةِ الثَّانِيَةِ إذْ مَعْنَى الرَّجْعِيِّ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَذَلِكَ مُنْتَفٍ بِاتِّصَالِ الْبَائِنَةِ الثَّانِيَةِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي وَصْفِهَا بِالرَّجْعِيَّةِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَطَفَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ الْمَسْأَلَةَ بِدُونِ عَطْفٍ (قَوْلُهُ فَرَجْعِيَّةٌ) أَيْ فَهِيَ طَالِقٌ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْفَاءِ فَبَائِنَةٌ) أَيْ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَمَا أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَهِيَ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً اهـ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ بِلَا مُهْلَةٍ، وَالطَّلَاقُ الَّذِي يَعْقُبُهُ الْبَيْنُونَةُ لَا يَكُونُ إلَّا بَائِنًا؛ أَمَّا الْوَاوُ فَلَا تَقْتَضِي التَّعَقُّبَ بَلْ تَصْلُحُ لَهُ وَلِلتَّرَاخِي الَّذِي هُوَ مَعْنَى ثُمَّ وَالطَّلَاقُ الَّذِي تَتَرَاخَى عَنْهُ الْبَيْنُونَةُ لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ بَائِنًا فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَبَائِنٌ لَغْوًا، وَلَا تَحْتَمِلُ الْوَاوُ عَلَى التَّعْقِيبِ لِأَنَّهُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ يُرَادُ الْأَدْنَى وَهُوَ الرَّجْعِيُّ هُنَا، كَمَا لَا يُرَادُ تَكْرِيرُ الْإِيقَاعِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ؛ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَتَعَيَّنْ تَكْرِيرُ الْإِيقَاعِ مَعَ وُجُودِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ، فَكَانَ يَنْبَغِي وُقُوعُ بَائِنَتَيْنِ مَعَ الْوَاوِ وَثُمَّ، وَمَفْهُومُ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ النِّيَّةِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى تَكْرِيرَ الْإِيقَاعِ مَعَ الْحُرُوفِ الثَّلَاثَةِ أَوْ نَوَى بِالْبَائِنِ الثَّلَاثَ أَنَّهُ يَقَعُ مَا نَوَى.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ إلَخْ) يُشْعِرُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ غَيْرُ مَنْقُولٍ حَيْثُ قَالَ: فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ كَمَا أَفْتَى بِهِ مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ، وَاسْتَظْهَرَ لَهُ بِمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا وَصَفَ الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْبَيْنُونَةِ كَانَ بَائِنًا إلَخْ (قَوْلُهُ تَمْلِكِي بِهَا نَفْسَك) حَقُّهُ أَنْ يُقَالَ تَمْلِكِينَ لِأَنَّهُ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ بِالنُّونِ، نَعَمْ سُمِعَ حَذْفُهَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَبِيت أُسَرِّي وَتَبِيتِي تَدْلُكِي
…
وَجْهَك بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الذَّكِيِّ
وَهُوَ لُغَةٌ خَرَّجَ عَلَيْهَا بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ حَدِيثَ «كَمَا تَكُونُوا يُوَلَّى عَلَيْكُمْ» وَحَدِيثَ «لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا» (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا إلَّا بِالْبَائِنِ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَقَالَ أَيْضًا إذَا وُصِفَ الطَّلَاقُ بِصِفَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْبَيْنُونَةِ كَانَ بَائِنًا اهـ وَهَذِهِ الصِّفَةُ بِمَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً لِأَنَّ مِلْكَهَا نَفْسَهَا يُنَافِي الرَّجْعِيَّ الَّذِي يَمْلِكُ هُوَ رَجْعَتَهَا فِيهِ بِدُونِ رِضَاهَا. (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ الثَّانِيَ) وَذَلِكَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا وُصِفَ الطَّلَاقُ بِضَرْبٍ مِنْ الشِّدَّةِ وَالزِّيَادَةِ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقَعُ بِهِ الرَّجْعِيُّ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ فَيَلْغُو كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك. وَرَدَّهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ وَبِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّجْعَةِ مَمْنُوعَةٌ: أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهَا الرَّجْعِيُّ بَلْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ وَغَايَةُ الْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجْعَةِ وَقَوْلِ الْبَائِنِ (قَوْلُهُ وَخَطَّأَ) أَيْ نَسَبَهُ إلَى الْخَطَأِ، مِثْلُ فَسَّقْته نَسَبْته إلَى الْفِسْقِ، وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الْمُوَثِّقِينَ بِالْجَرِّ قَالَ ح: عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى التَّعَالِيقِ وَهُوَ بِكَسْرِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُمْ عُدُولُ دَارِ الْقَاضِي
لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ: إنْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً فَهِيَ بَائِنَةٌ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا يَقَعُ رَجْعِيًّا، الْوَصْفُ لَا يَسْبِقُ الْمَوْصُوفَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكَذَا ثُمَّ قَبْلَ دُخُولِهَا الدَّارَ قَالَ جَعَلْته بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا انْتَهَى، وَمُفَادُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي: مَتَى تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَك، إذْ غَايَتُهُ مُسَاوَاتُهُ لَأَنْتِ بَائِنٌ، وَالْوَصْفُ لَا يَسْبِقُ الْمَوْصُوفَ.
كَذَا حَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِي الْكِنَايَاتِ:
ــ
[رد المحتار]
وَيُسَمُّونَ بِالشُّهُودِ، وَسُمُّوا مُوَثَّقِينَ لِأَنَّهُمْ يُوَثِّقُونَ مَنْ يَشْهَدُ بِبَيَانِ أَنَّهُ ثِقَةٌ اهـ أَوْ لِأَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ صُكُوكَ الْوَثَائِقِ أَفَادَهُ ط. قُلْت: وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْبَحْرِ. وَقَدْ أَلَّفَ فِيهَا رِسَالَةً أَيْضًا هِيَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: مَتَى ظَهَرَ لِي امْرَأَةٌ غَيْرُك أَوْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ مَهْرِك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَك ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِهَا. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ بَائِنٌ وَرُدَّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) انْتِصَارٌ لِذَلِكَ الْمُفْتِي. وَرَدَّهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي الْمِنَحِ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ فِي حَادِثَةِ التَّعَالِيقِ هُوَ الطَّلَاقُ الْمَوْصُوفُ بِالْبَيْنُونَةِ. وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَزَّازِيَّةِ: الْمُعَلَّقُ وَصْفُ الْبَيْنُونَةِ فَقَطْ وَالْمَوْصُوفُ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، فَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ التَّعَالِيقِ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنًا وَلَا قَائِلَ بِمَنْعِهِ تَأَمَّلْ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْأُولَى قَدْ عُلِّقَتْ الصِّفَةُ وَحْدَهَا عَلَى وُجُودِ الْمَوْصُوفِ، وَالْحُكْمُ فِي الْمُعَلَّقِ أَنَّهُ لَوْلَا التَّعْلِيقُ لَوُجِدَ فِي الْحَالِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ فِي الْحَالِ بَيْنُونَةُ طَلْقَةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ وَلَا كَوْنُهَا ثَلَاثًا لِأَنَّ الْوَصْفَ لَا يَسْبِقُ مَوْصُوفَهُ، وَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ جَعَلَ الطَّلْقَةَ الْمُعَلَّقَةَ بَائِنَةَ أَوْ ثَلَاثًا قَبْلَ وُجُودِهَا فَيَلْزَمُ أَيْضًا سَبْقُ الصِّفَةِ مَوْصُوفَهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الْكِنَايَاتِ مَعَ بَعْضِ تَغْيِيرٍ، وَقَدْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَقِيسَةِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ مُسَاوَاتُهُ لِأَنْتِ بَائِنٌ) كَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ مُسَاوَاتُهُ لِهُوَ بَائِنٌ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِوَصْفِ الطَّلَاقِ فَقَطْ، وَقَدْ عَلِمْت عَدَمَ الْمُسَاوَاةِ، نَعَمْ هُوَ مُسَاوٍ لِأَنْتِ بَائِنٌ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ مَعًا فَصَارَ فِي مَعْنَى مَتَى تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ بَائِنٌ، فَهَذَا نَطَقَ بِالْحَقِّ بِلَا قَصْدٍ. [تَتِمَّةٌ] يَقَعُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ الْعَوَامّ: أَنْتِ طَالِقٌ تَحِلِّي لِلْخَنَازِيرِ وَتَحْرُمِي عَلَيَّ وَأَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَتَحْرُمِي عَلَيَّ إنْ كَانَ لِلْحَالِ فَخِلَافُ الْمَشْرُوعِ لِأَنَّهَا لَا تَحْرُمُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلِاسْتِقْبَالِ فَصَحِيحٌ وَلَا يُنَافِي الرَّجْعَةَ، وَكَذَلِكَ أَفْتَى بِالرَّجْعِيِّ فِي قَوْلِهِمْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا يَرُدُّك قَاضٍ وَلَا عَالِمٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ الشَّرْعِيِّ.
وَأَيَّدَهُ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْمِنَحِ بِمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَرَجْعِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَبَائِنٌ اهـ وَقَالَ: إنَّ قَوْلَهُمْ لَا يَرُدُّك قَاضٍ إلَخْ مِثْلُ قَوْلِهِ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك لِأَنَّ حَذْفَ الْوَاوِ كَإِثْبَاتِهَا كَمَا لَوْ ظَاهَرَ، لَا مِثْلَ عَلَيَّ أَنْ لَا رَجْعَةَ اهـ. قُلْت: وَالْفَرْقُ أَنَّ عَلَيَّ أَنْ لَا رَجْعَةَ قَيْدٌ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ، فَهُوَ فِي مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا مَشْرُوطًا فِيهِ عَدَمُ الرَّجْعَةِ: أَيْ طَلَاقًا بَائِنًا، فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَصَفَ الطَّلَاقَ بِضَرْبٍ مِنْ الشِّدَّةِ وَالزِّيَادَةِ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ. أَمَّا وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَلَيْسَ صِفَةً لِلطَّلَاقِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ أَخْبَرَ بِهِ عَمَّا هُوَ خِلَافُ الشَّرْعِ، فَإِنَّ الشَّرْعَ هُوَ وُقُوعُ الرَّجْعِيِّ بِأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَقَوْلُهُ وَلَا رَجْعَةَ لَغْوٌ، مِثْلُ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَبَائِنٌ أَوْ ثُمَّ بَائِنٌ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ لَا يَرُدُّك قَاضٍ إلَخْ لَيْسَ صِفَةً لِلطَّلَاقِ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ
(بِخِلَافِ) أَنْتِ طَالِقٌ (أَكْثَرِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ، وَلَا يَدِينُ فِي) إرَادَةِ (الْوَاحِدَةِ) كَمَا لَوْ قَالَ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِرَارًا أَوْ أُلُوفًا أَوْ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ فَثَلَاثٌ هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
ــ
[رد المحتار]
الْمَذْكُورَةِ؛ وَمِثْلُهُ تَحِلِّي لِلْخَنَازِيرِ وَتَحْرُمِي عَلَيَّ.
وَقَدْ خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى الرَّحْمَتِيِّ فَجَزَمَ بِأَنَّ هَذَا وَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، نَعَمْ وَلَوْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ وَتَحْرُمِي عَلَيَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَقَعَ بِهِ أُخْرَى بَائِنَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ كَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَبَائِنٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْعَوَامّ فِي زَمَانِنَا أَيْضًا: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا أَحَلَّك الشَّيْخُ حَرَّمَك شَيْخٌ، فَإِنَّ مُرَادَهُمْ بِالثَّانِي تَأْبِيدُ الْحُرْمَةِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ كُلَّمَا حَلَلْت لِي حُرِّمْت عَلَيَّ فَكُلَّمَا عَقَدَ عَلَيْهَا بَانَتْ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الْإِخْبَارَ عَنْ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ دُونَ إنْشَاءِ التَّحْرِيمِ وَدُونَ جَعْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ صِفَةً لِلطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِخِلَافِ الْمَشْرُوعِ، لَكِنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ إنْشَاءَ تَأْبِيدِ الْحُرْمَةِ؛ فَمَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلِ الْحَائِكِ مِنْ وُقُوعِ الرَّجْعِيِّ بِهِ فَقَطْ مَرَّةً وَاحِدَةً غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ مِمَّا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيَّدَ بِذَلِكَ لِيَعْلَمَ بِالْأُولَى مَا إذَا قَالَهُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَلِيُفِيدَ أَنَّ هَذَا التَّحْرِيفَ هُنَا لَا يَضُرُّ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ لُغَةً عَامِّيَّةً، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُصَحَّفَةِ، فَلَا يَرِدُ مَا اعْتَرَضَ بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ هَذَا ذُهُولٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِهِمْ ضَبَطَهُ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَلَمْ نَرَ أَحَدًا ضَبَطَهُ بِالْمُثَنَّاةِ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ إلَّا أَكْثَرَهُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ، وَلَا يَدِينُ إذَا قَالَ نَوَيْت وَاحِدَةً (قَوْلُهُ وَلَا يَدِينُ فِي إرَادَةِ الْوَاحِدَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَدِينُ فِي إرَادَةِ الثِّنْتَيْنِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ قَدْ يُرَادُ بِهِ أَصْلُ الْفِعْلِ: أَيْ كَثِيرُ الطَّلَاقِ، فَكَانَ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً. اهـ. ح قُلْت: لَكِنْ يَأْتِي تَرْجِيحُ أَنَّ الْكَثِيرَ ثَلَاثٌ لَا اثْنَتَانِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَكْثَرَ وَكَثِيرٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَكْثَرَ الطَّلَاقِ) أَيْ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ ضَبْطَهُ بِالْمُثَنَّاةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُثَلَّثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِرَارًا) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِرَارًا تَطْلُقُ ثَلَاثًا إنْ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ. اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ قَبْلَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَرَقَةٍ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَلْفَ مَرَّةٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ اهـ وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا، وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ آخِرَ بَابِ الْإِيلَاءِ. أَقُولُ: وَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ أَلْفَ مَرَّةٍ بِمَنْزِلَةِ تَكْرِيرِهِ مِرَارًا مُتَعَدِّدَةً، وَالْوَاقِعُ بِهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ، فَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ إذَا أَمْكَنَ جَعْلُ الثَّانِي خَبَرًا عَنْ الْأَوَّلِ، كَمَا فِي أَنْتِ بَائِنٌ أَنْتِ بَائِنٌ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْكِنَايَاتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الثَّلَاثَ بِأَنْتِ حَرَامٌ أَوْ بِأَنْتِ بَائِنٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ " لِأَنَّ لَفْظَ وَاحِدَةٍ صَالِحٌ لِلْبَيْنُونَةِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى، وَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ مِرَارًا بِمَنْزِلَةِ تَكْرَارِ هَذَا اللَّفْظِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ، وَالْوَاقِعُ بِالْأُولَى رَجْعِيٌّ، وَكَذَا بِمَا بَعْدَهَا إلَى الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَالصَّرِيحُ يَلْحَقُ الصَّرِيحَ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَلِذَا قَيَّدَ بِالْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّ غَيْرَهَا تَبِينُ بِالْمَرَّةِ الْأُولَى لَا إلَى عِدَّةٍ فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا، فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامَ فَقَدْ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأَفْهَامِ.
(قَوْلُهُ أَوْ أُلُوفًا) جَمْعُ أَلْفٍ ح أَيْ فَيَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ وَيَلْغُو الزَّائِدُ (قَوْلُهُ أَوْ لَا قَلِيلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَوْهَرَةِ: وَإِنْ قَالَ أَنْتَ طَالِقٌ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ تَقَعُ ثَلَاثًا هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الْقَلِيلَ وَاحِدَةٌ وَالْكَثِيرَ ثَلَاثٌ " فَإِذَا قَالَ أَوَّلًا: لَا قَلِيلَ فَقَدْ قَصَدَ الثَّلَاثَ ثُمَّ لَا يُعْمَلُ قَوْلُهُ وَلَا كَثِيرٌ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ يَقَعُ الثَّلَاثُ فِي الْمُخْتَارِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: ثِنْتَانِ فِي الْأَشْبَاهِ اهـ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ.
وَلَوْ قَالَ: أَقَلَّ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ؛ وَلَوْ قَالَ عَامَّةَ الطَّلَاقِ أَوْ أَجَلَّهُ أَوْ لَوْنَيْنِ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ الثَّلَاثِ أَوْ كَبِيرَ الطَّلَاقِ فَثِنْتَانِ، وَكَذَا لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ عَلَى الْأَشْبَهِ مُضْمَرَاتٌ. وَفِي الْقُنْيَةِ: طَلَّقْتُك آخِرَ الثَّلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَثَلَاثٌ وَطَالِقٌ آخَرَ، ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ فَوَاحِدَةٌ. وَالْفَرْقُ دَقِيقٌ حَسَنٌ.
[فُرُوعٌ]
يَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ التَّطْلِيقَةِ وَاحِدَةٌ، وَكُلَّ تَطْلِيقَةٍ ثَلَاثٌ،
ــ
[رد المحتار]
ثُمَّ قَالَ: وَحُكِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: لَا قَلِيلَ فَقَدْ قَصَدَ إيقَاعَ الثِّنْتَيْنِ، لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ كَثِيرٌ فَلَا يُعْمَلُ قَوْلُهُ وَلَا كَثِيرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ. اهـ. وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ، وَمَبْنَاهُمَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْكَثِيرِ.
فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كَثِيرًا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْكَثِيرَ هُوَ الثَّلَاثُ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي الْفَتَاوَى يَقَعُ ثِنْتَانِ. اهـ. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَرْجَحِيَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ) أَيْ رَجْعِيَّةٌ لِعَدَمِ مَا يُفِيدُ الْبَائِنَ " وَلِأَنَّ الرَّجْعِيَّ أَقَلُّ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: عَامَّةَ الطَّلَاقِ) إنَّمَا وَقَعَ بِهِ ثِنْتَانِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْغَالِبِ وَغَالِبُ الطَّلَاقِ ثِنْتَانِ ط (قَوْلُهُ أَوْ أَجَلَّهُ) كَأَنَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ الْكَاتِبِ. وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ جُلَّهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَجُلُّ الشَّيْءِ: مُعْظَمُهُ أَمَّا الْأَجَلُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا رَحْمَتِيٌّ. وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ ط مِنْ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِالْأَجَلِّ الْأَعْظَمَ مِنْ جِهَةِ الْكَمِّ فَثَلَاثٌ، أَوْ مِنْ جِهَةِ مُوَافَقَتِهِ لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي طُهْرٍ لَا وَطْءَ فِيهِ وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ لَوْنَيْنِ مِنْهُ) وَهُمَا طَلْقَتَانِ رَجْعِيَّتَانِ؛ وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَلْوَانٍ فَثَلَاثَةٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ فَثَلَاثَةٌ، وَإِنْ نَوَى أَلْوَانَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ صَحَّ دِيَانَةً، وَكَذَا ضُرُوبًا أَوْ أَنْوَاعًا أَوْ وُجُوهًا مِنْ الطَّلَاقِ ذَخِيرَةٌ. قُلْت: وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ نَوَى أَلْوَانَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً لِمَا مَرَّ مِنْ أَصْلِ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا وَصَفَ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ) الَّذِي فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَغَيْرِهَا؛ فَلْيُرَاجَعْ كِتَابُ الْمُضْمَرَاتِ؛ نَعَمْ كُلُّ وَجْهٍ فَوَجْهُ الْوَاحِدَةِ أَنَّهُ لَمَّا نَفَى الْكَثِيرَ أَثْبَتَ الْقَلِيلَ فَلَا يُفِيدُ نَفْيُهُ بَعْدُ. وَوَجْهُ الثِّنْتَيْنِ أَنَّ الْكَثِيرَ ثَلَاثٌ وَالْقَلِيلَ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا نَفَاهُمَا ثَبَتَ مَا بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ دَقِيقٌ حَسَنٌ) وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ أَضَافَ الْآخَرَ إلَى ثَلَاثٍ مَعْهُودَةٍ ومعهوديتها بِوُقُوعِهَا بِخِلَافِ الْمُنَكَّرِ. اهـ. ح. أَقُولُ: هَذَا بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَتِمُّ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ فِي أَوَّلِ بَابِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ مِنْ تَعْرِيفِ لَفْظِ ثَلَاثٍ فِي الْأُولَى وَتَنْكِيرِهِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّهُ مُنَكَّرٌ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا رَأَيْته فِي عِدَّةِ كُتُبٍ كالتتارخانية وَالْهِنْدِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْفَرْقَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّ الْآخِرَ هُوَ الثَّالِثُ، وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَقَدُّمِ مِثْلَيْهِ، عَلَيْهِ لَكِنَّهُ فِي الْأُولَى أَخْبَرَ عَنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَصَفَ الْمَرْأَةَ بِكَوْنِهَا آخِرَ الثَّلَاثِ بَعْدَ الْإِيقَاعِ وَهِيَ لَا تُوصَفُ بِذَلِكَ فَبَقِيَ أَنْتِ طَالِقٌ وَبِهِ تَقَعُ الْوَاحِدَةُ. اهـ.
فَمَنَاطُ الْفَرْقِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي فِي الْأَوَّلِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ فِي الثَّانِي لَا مِنْ التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ فَافْهَمْ مُمْكِنٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لَفْظَ آخَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَرْفُوعٌ خَبَرًا وَثَانِيًا عَنْ أَنْتِ لِيَصِيرَ وَصْفًا لِلْمَرْأَةِ؛ أَمَّا لَوْ كَانَ مَنْصُوبًا يَكُونُ وَصْفًا لِلطَّلَاقِ فَيُسَاوِي الصُّورَةَ الْأُولَى، وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ مَنْصُوبًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ خَبَرًا ثَانِيًا بَعِيدٌ
(قَوْلُهُ يَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لِأَنَّ كُلًّا إذَا أُضِيفَتْ إلَى مُعَرَّفٍ أَفَادَتْ عُمُومَ الْأَجْزَاءِ، وَأَجْزَاءُ الطَّلْقَةِ لَا تَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ، وَإِذَا أُضِيفَتْ
وَعَدَدَ التُّرَابِ وَاحِدَةٌ، وَعَدَدَ الرَّمْلِ ثَلَاثٌ، وَعَدَدَ شَعْرِ إبْلِيسَ أَوْ عَدَدَ شَعْرِ بَطْنِ كَفِّي وَاحِدَةٌ، وَعَدَدَ شَعْرِ ظَهْرِ كَفِّي أَوْ سَاقِي أَوْ سَاقِك أَوْ فَرْجِك أَوْ عَدَدَ مَا فِي هَذَا الْحَوْضِ مِنْ السَّمَكِ وَقَعَ بِعَدَدِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا لَا
لَسْت لَك بِزَوْجِ أَوْ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ.
أَوْ قَالَتْ لَهُ لَسْت لِي بِزَوْجٍ
ــ
[رد المحتار]
إلَى مُنَكَّرٍ أَفَادَتْ عُمُومَ الْأَفْرَادِ. اهـ. ح وَلِذَا كَانَ قَوْلُك كُلُّ الرُّمَّانِ مَأْكُولٌ كَاذِبًا لِأَنَّ قِشْرَهُ لَا يُؤْكَلُ، بِخِلَافِ كُلِّ رُمَّانٍ بِالتَّنْكِيرِ، وَهَذَا عِنْدَ الْخُلُوِّ عَنْ الْقَرَائِنِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. [تَنْبِيهٌ] ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ: لَوْ قَالَ: كُلَّ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْهَا فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ. قُلْت: وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَصْدَرٌ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ بِخِلَافِ الطَّلْقَةِ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ فَهُوَ ثَلَاثٌ، وَلَا فَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَ كُلِّ الطَّلَاقِ وَالطَّلَاقِ كُلِّهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَعَدَدَ التُّرَابِ وَاحِدَةٌ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ شَبَّهَ بِالْعَدَدِ فِيمَا لَا عَدَدَ لَهُ فَقَالَ طَالِقٌ كَعَدَدِ الشَّمْسِ أَوْ التُّرَابِ أَوْ مِثْلِهِ. فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَجْعِيَّةٌ وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْعَدَدِ فِيمَا لَا عَدَدَ لَهُ لَغْوٌ وَلَا عَدَدَ لِلتُّرَابِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالْعَدَدِ إذَا ذُكِرَ الْكَثْرَةُ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ يَقْتَضِي ضَرْبًا مِنْ الزِّيَادَةِ كَمَا مَرَّ. أَمَّا لَوْ قَالَ: مِثْلَ التُّرَابِ يَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَدَدَ الرَّمْلِ ثَلَاثٌ) أَيْ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ التُّرَابُ غَيْرَ مَعْدُودٍ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ إفْرَادِيٍّ بِخِلَافِ رَمْلٍ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ لَا يَصْدُقُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ نَهْرٌ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ صَادِقًا عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَالتُّرَابِ وَالْمَاءِ وَالْعَسَلِ، فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ إفْرَادِيٍّ، بِخِلَافِ مَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَمُيِّزَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ بِالتَّاءِ كَالرَّمْلِ وَالتَّمْرِ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَالْجَمْعُ ذُو أَفْرَادٍ أَقَلُّهَا ثَلَاثٌ فَيَقَعُ بِإِضَافَةِ الْعَدَدِ إلَى ثَلَاثٍ.
(قَوْلُهُ وَعَدَدَ شَعْرِ إبْلِيسَ إلَخْ) أَيْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لَوْ أَضَافَهُ إلَى عَدَدٍ مَجْهُولِ النَّفْي وَالْإِثْبَاتِ أَوْ إلَى عَدَدٍ مَعْلُومِ النَّفْيِ كَالْمِثَالَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا بَائِنَةٌ أَوَّلًا، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فِي عَدَدِ التُّرَابِ أَنَّهَا بَائِنَةٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرَجْعِيَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ أَنْ يَلْغُوَ ذِكْرُ الْعَدَدِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَقَعَ بِعَدَدِهِ) أَيْ مِمَّا يَقْبَلُهُ الْمَحَلُّ وَالزَّائِدُ لَغْوٌ ط (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ الشَّعْرِ بِأَنْ أُطْلِيَ بِالنُّورَةِ مَثَلًا وَلَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ السَّمَكِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ السَّمَكِ أَمَّا فِيهِمَا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَوْضِ سَمَكٌ تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَكَانَ الصَّوَابُ ذِكْرَهَا مَعَ مَسْأَلَةِ شَعْرِ إبْلِيسَ وَشَعْرِ بَطْنِ كَفِّي. وَقَدْ ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ عَلَّلَ فِي الْمُحِيطِ مَسْأَلَةَ السَّمَكِ وَشَعْرِ إبْلِيسَ وَبَطْنِ كَفِّي بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ شَعْرٌ وَلَا سَمَكٌ لَمْ يُعْتَبَرْ ذِكْرُ الْعَدَدِ بَلْ يَصِيرُ لَغْوًا وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ ظَهْرِ كَفِّي وَقَدْ أُطْلِيَ، وَمَسْأَلَةِ بَطْنِ كَفِّي أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى عَدَدِ الشُّعُورِ النَّابِتَةِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَعْرٌ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ، وَفِي الثَّانِيَةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى عَدَدِ الشَّعْرِ. اهـ. قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ ظَهْرَ الْكَفِّ وَمِثْلُهُ السَّاقُ وَالْفَرْجُ لَمَّا كَانَ مَحَلُّ الشَّعْرِ غَالِبًا وَزَوَالُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِعَارِضٍ صَارَ الْعَدَدُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ عَدَمِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَعْلُومَ الِانْتِفَاءِ كَشَعْرِ بَطْنِ كَفِّي أَوْ مَجْهُولَهُ وَلَا يُمْكِنُ عِلْمُهُ كَشَعْرِ إبْلِيسَ أَوْ يُمْكِنُ، لَكِنْ انْتِفَاؤُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَارِضٍ كَسَمَكِ الْحَوْضِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ عَدَدٍ
فَقَالَ صَدَقْت طَلَاقٌ إنْ نَوَاهُ خِلَافًا لَهُمَا. وَلَوْ أَكَّدَ بِالْقَسَمِ أَوْ سُئِلَ أَلِك امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ لَا تَطْلُقُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ نَوَى لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالسُّؤَالَ قَرِينَتَا إرَادَةِ النَّفْيِ فِيهِمَا. وَفِي الْخُلَاصَةِ: قِيلَ لَهُ: أَلَسْت طَلَّقْتهَا؟ تَطْلُقُ بِبَلَى لَا بِنَعَمْ. وَفِي الْفَتْحِ: يَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ لِلْعُرْفِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَتْ لَهُ: أَنَا امْرَأَتُك، فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كَانَ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ، وَتَطْلُقُ لِاقْتِضَاءِ الطَّلَاقِ النِّكَاحَ وَضْعًا.
عَلِمَ أَنَّهُ حَلَفَ وَلَمْ يَدْرِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَغَا كَمَا لَوْ شَكَّ أَطَلَّقَ أَمْ لَا. وَلَوْ شَكَّ أَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ.
ــ
[رد المحتار]
بَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ مُطْلَقًا لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ السَّمَكِ لَمَّا أَمْكَنَ وُجُودُ الْعَدَدِ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ بِقَدْرِهِ.
(قَوْلُهُ طَلَاقٌ إنْ نَوَاهُ) لِأَنَّ الْجُمْلَةَ تَصْلُحُ لِإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ كَمَا تَصْلُحُ لِإِنْكَارِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ بِالنِّيَّةِ وَقَيَّدَ. بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِدُونِهَا اتِّفَاقًا لِكَوْنِهِ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا دَلَالَةٌ الْحَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يَصْلُحُ جَوَابًا فَقَطْ وَهُوَ أَلْفَاظٌ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ طَلَاقٌ إلَى أَنَّ الْوَاقِعَ بِهَذِهِ الْكِنَايَةِ رَجْعِيٌّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ لَا تَطْلُقُ اتِّفَاقًا وَإِنْ نَوَى) وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا نِكَاحٌ، أَوْ لَا حَاجَةَ لِي فِيك بَدَائِعُ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ الْوُقُوعَ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ سُؤَالِهِ. قَالَ: وَلَوْ قَالَ: لَا نِكَاحَ بَيْنَنَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْأَصْلُ أَنَّ نَفْيَ النِّكَاحِ أَصْلًا لَا يَكُونُ طَلَاقًا بَلْ يَكُونُ جُحُودًا وَنَفْيُ النِّكَاحِ فِي الْحَالِ يَكُونُ طَلَاقًا إذَا نَوَى وَمَا عَدَاهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ اهـ بَحْرٌ (قَوْلُهُ قَرِينَتَا إرَادَةُ النَّفْيِ فِيهِمَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ لِتَأْكِيدِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ فَلَا يَكُونُ جَوَابُهُ الْأَخِيرَ، وَكَذَا جَوَابُ السُّؤَالِ وَالطَّلَاقِ لَا يَكُونُ إلَّا إنْشَاءً فَوَجَبَ صَرْفُهُ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ النِّكَاحِ كَاذِبًا (قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ: أَلَسْت طَلَّقْتهَا وَوُجِدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي ح.
قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَنَارِ: وَذَكَرَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ مُوجِبَ نَعَمْ تَصْدِيقُ مَا قَبْلَهَا مِنْ كَلَامٍ مَنْفِيٍّ أَوْ مُثْبَتٍ اسْتِفْهَامًا كَانَ أَوْ خَبَرًا كَمَا إذَا قِيلَ لَك: قَامَ زَيْدٌ أَوْ أَقَامَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ فَقُلْت: نَعَمْ كَانَ تَصْدِيقًا لِمَا قَبْلَهُ وَتَحْقِيقًا لِمَا بَعْدَ الْهَمْزَةِ، وَمُوجِبُ بَلَى إيجَابُ مَا بَعْدَ النَّفْيِ اسْتِفْهَامًا كَانَ أَوْ خَبَرًا فَإِذَا قِيلَ: لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ فَقُلْت: بَلَى كَانَ مَعْنَاهُ قَدْ قَامَ، إلَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ الْعُرْفُ حَتَّى يُقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ اهـ (قَوْلُهُ وَفِي الْفَتْحِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُفَرِّقُونَ بَلْ يَفْهَمُونَ مِنْهُمَا إيجَابَ الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ) أَيْ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ كَانَ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ وَتَطْلُقُ) أَيْ فَإِذَا كَانَ أَنْكَرَهُ؛ يَلْزَمُهُ مَهْرُهَا وَنَفَقَةُ عِدَّتِهَا؛ وَتَرِثُهُ لَوْ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ لِاقْتِضَاءِ الطَّلَاقِ النِّكَاحَ وَضْعًا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لُغَةً وَشَرْعًا رَفْعُ الْقَيْدِ الثَّابِتِ بِالنِّكَاحِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ سَبْقِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى مَا يُقَدَّرُ لِصِحَّةِ الْكَلَامِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ أَنْتِ امْرَأَتِي وَأَنْتِ طَالِقٌ، كَمَا قَالُوا فِي: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ قُلْت: وَهَذَا حَيْثُ لَا مَانِعَ. فَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ النِّكَاحِ عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ لَهَا: مَا أَنْتِ لِي بِزَوْجَةٍ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالنِّكَاحِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى أَنَّ مَا أَرَادَ الطَّلَاقَ حَقِيقَةً اهـ: أَيْ لِأَنَّ تَصْرِيحَهُ بِنَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ يُنَافِي اقْتِضَاءَهَا فَلَا يَكُونُ الطَّلَاقُ مُرَادًا بِهِ حَقِيقَةً.
(قَوْلُهُ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ) أَيْ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، إلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ بِالْأَكْثَرِ أَوْ يَكُونَ أَكْبَرَ ظَنِّهِ. وَعَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي إذَا كَانَ لَا يَدْرِي أَثْلَاثٌ أَمْ أَقَلُّ يَتَحَرَّى؛ وَإِنْ اسْتَوَيَا عَمِلَ بِأَشَدِّ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ أَشْبَاهٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ ط: وَعَلَى قَوْلِ الثَّانِي اقْتَصَرَ قَاضِي خَانْ؛ وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالِاحْتِيَاطِ خُصُوصًا فِي بَابِ الْفُرُوجِ. اهـ. قُلْت: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَضَاءِ وَالثَّانِي عَلَى الدِّيَانَةِ؛ وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ الْمُتُونِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ. لَوْ قَالَ