المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فروع]حلف لا يساكن فلانا فساكنه في عرصة دار - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٣

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك]

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا]

- ‌بَابُ الْوَلِيِّ

- ‌[فُرُوعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ لِوَلِيِّ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْكَفَاءَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَكِيلِ وَالْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الْمَهْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَطِّ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي السَّفَرِ بِالزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُرْسِلُهُ إلَى الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ

- ‌فُرُوعٌ] الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَهْرِ السِّرِّ وَمَهْرِ الْعَلَانِيَةِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ

- ‌[مَطْلَبُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات]

- ‌بَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاق]

- ‌[أَلْفَاظ الطَّلَاق]

- ‌[مَحِلّ الطَّلَاق]

- ‌[أَهْل الطَّلَاق]

- ‌[رُكْن الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ السَّكْرَانِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اعْتِبَارُ عَدَدِ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ]

- ‌بَابُ الْكِنَايَاتِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ

- ‌بَابُ التَّعْلِيقِ

- ‌[مطلب فِي أَلْفَاظ الشَّرْط]

- ‌[مَطْلَبٌ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ بِعَطْفٍ أَوْ بِدُونِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمُبَانَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حِيلَةُ إسْقَاطِ عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ إقْرَارٌ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ]

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَائِدَةٌ فِي شُرَطُ قَبُول الْخُلْعَ وألفاظه]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الْمَرِيضَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] : قَالَ خَالِعَتك عَلَى أَلْفٍ قَالَهُ ثَلَاثًا فَقَبِلَتْ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ:

- ‌[بَاب كَفَّارَة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ:

- ‌[مَطْلَبٌ الْحَمْلُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا]

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ:

- ‌[مطلب فِي عدة الْمَوْت]

- ‌[مَطْلَبٌ عِدَّةُ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا هَلْ تَعْتَدُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُسْكِنَ الْمُعْتَدَّة بِجِوَارِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌[فَرْعٌ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَشَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ شَرَاهَا]

- ‌بَابُ الْحَضَانَةِ:

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الْمَرْأَةِ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ خَادِمِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَبِالْغَيْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَصِيرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُؤْنِسَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الصَّغِيرُ وَالْمُكْتَسِبُ نَفَقَةً فِي كَسْبِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إرْضَاعِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كِنَايَاتِ الْإِعْتَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ]

- ‌بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ بِعْت مِنْك نَصِيبِي]

- ‌بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعَلٍ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحُلْف بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَعْتِقُ]

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] .قَالَ مَرِيضٌ أَعْتِقُوا غُلَامِي بَعْدَ مَوْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ]

- ‌[فُرُوعٌ] أَرَادَ وَطْءَ أَمَتِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ]حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ

- ‌[فُرُوعٌ] حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَالْآخَرُ بَصَلًا وَالْآخَرُ فِلْفِلًا فَطُبِخَ حَشْوٌ فِيهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَكَلُوا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ] قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا

الفصل: ‌[فروع]حلف لا يساكن فلانا فساكنه في عرصة دار

أَوْ غَلْقِ بَابٍ أَوْ اشْتَغَلَ بِطَلَبِ دَارٍ أُخْرَى أَوْ دَابَّةٍ، وَإِنْ بَقِيَ أَيَّامًا أَوْ كَانَ لَهُ أَمْتِعَةٌ كَثِيرَةٌ فَاشْتَغَلَ بِنَقْلِهَا بِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَكْرِيَ دَابَّةً لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ نَوَى التَّحَوُّلَ بِبَدَنِهِ دُيِّنَ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَكْفِي خُرُوجُهُ بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ (بِخِلَافِ الْمِصْرِ) وَالْبَلَدِ (وَالْقَرْيَةِ) فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِنَفْسِهِ فَقَطْ.

[فُرُوعٌ]

حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ

، أَوْ هَذَا فِي حُجْرَةٍ، وَهَذَا فِي حُجْرَةٍ حَنِثَ إلَّا أَنْ تَكُونَ دَارًا كَبِيرَةً.

وَلَوْ تَقَاسَمَاهَا بِحَائِطٍ بَيْنَهُمَا إنْ عَيَّنَ الدَّارَ فِي يَمِينِهِ حَنِثَ وَإِنْ نَكَّرَهَا لَا. وَلَوْ دَخَلَهَا فُلَانٌ غَصْبًا إنْ أَقَامَ مَعَهُ حَنِثَ عَلِمَ أَوْ لَا، وَإِنْ انْتَقَلَ فَوْرًا

ــ

[رد المحتار]

عُذْرٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ لِمَا فِي آخِرِ أَيْمَانِ الْفَتْحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ قَالَ لَهَا: إنْ سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَ لَيْلًا فَهِيَ مَعْذُورَةٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا هُوَ الْأَصَحُّ إلَّا لِخَوْفِ لِصٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ غَلْقِ بَابٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ بِهَدْمِ بَعْضِ الْحَائِطِ وَلَمْ يَهْدِمْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقُدْرَةُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ عِنْدَ النَّاسِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَقِيَ أَيَّامًا) هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ طَلَبَ الْمَنْزِلِ مِنْ عَمَلِ النَّقَلَةِ فَصَارَ مُدَّةَ الطَّلَبِ مُسْتَثْنًى إذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الطَّلَبِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَكْرِيَ دَابَّةً) أَيْ لِنَقْلِ الْمَتَاعِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَثَلًا إذْ لَا يَلْزَمُهُ النَّقْلُ بِأَسْرَعِ الْوُجُوهِ، بَلْ بِقَدْرِ مَا يُسَمَّى نَاقِلًا فِي الْعُرْفِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ دُيِّنَ) أَيْ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ.

[فَرْعٌ] حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَلَمْ يَكُنْ سَاكِنُهَا فِيهَا، لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ وَيَنْقُلَ إلَيْهَا مِنْ مَتَاعِهِ مَا يُبَاتُ فِيهِ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي مَنْزِلِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِنَفْسِهِ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلِ الْمَتَاعِ وَالْأَهْلِ فَتْحٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي عَصْرِنَا يُعَدُّ سَاكِنًا بِتَرْكِ أَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ فِيهَا وَلَوْ خَرَجَ وَحْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ قَالَ الرَّمْلِيُّ كَوْنُهُ يُعَدُّ سَاكِنًا مُطْلَقًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ إنَّمَا يُعَدُّ سَاكِنًا إذَا كَانَ قَصْدُهُ الْعَوْدَ، أَمَّا إذَا خَرَجَ مِنْهَا لَا بِقَصْدِ الْعَوْدِ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا وَلَعَلَّهُ مُفِيدٌ بِذَلِكَ.

[فُرُوعٌ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ]

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا

(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا) فَإِنْ كَانَ سَاكِنًا مَعَهُ فَإِنْ أَخَذَ فِي النُّقْلَةِ وَهِيَ مُمْكِنَةٌ وَإِلَّا حَنِثَ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَ وَهَبَ لَهُ الْمَتَاعَ وَقَبَضَهُ مِنْهُ وَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَيْسَ مِنْ رَأْيِهِ الْعَوْدُ فَلَيْسَ بِمُسَاكَنٍ. وَكَذَلِكَ إنْ أَوْدَعَهُ الْمَتَاعَ أَوْ أَعَارَهُ ثُمَّ خَرَجَ وَلَا يُرِيدُ الْعَوْدَ بَحْرٌ. وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة لَا تَثْبُتُ الْمُسَاكَنَةُ إلَّا بِأَهْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَتَاعِهِ (قَوْلُهُ فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ) أَيْ سَاحَتِهَا وَهَذَا فِي بَيْتٍ أَوْ غُرْفَةٍ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ أَوْ هَذَا فِي حُجْرَةٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ، وَنُسْخَةُ أَوْ أَحْسَنُ وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْبَحْرِ (قَوْلُهُ حَنِثَ) فَلَوْ نَوَى أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ أَوْ حُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ يَكُونَانِ فِيهِ مَعًا لَمْ يَحْنَثْ، حَتَّى يُسَاكِنَهُ فِيمَا نَوَى وَإِنْ نَوَى بَيْتًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ بَزَّازِيَّةٌ. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ الْقَرْيَةِ أَوْ فِي الدُّنْيَا فَسَاكَنَهُ فِي دَارٍ حَنِثَ. وَلَوْ سَكَنَ كُلٌّ فِي دَارٍ فَلَا إلَّا إذَا نَوَى (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ دَارًا كَبِيرَةً) نَحْوَ دَارِ الْوَلِيدِ بِالْكُوفَةِ وَدَارِ نُوحٍ بِبُخَارَى لِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ ظَهِيرِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَاسَمَاهَا إلَخْ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فِي دَارٍ فَاقْتَسَمَاهَا وَضَرَبَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَفَتَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ بَابًا ثُمَّ سَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَائِفَةٍ فَإِنْ سَمَّى دَارًا بِعَيْنِهَا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَلَمْ يَنْوِ فَلَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَوَجْهُهُ كَمَا قَالَ السَّائِحَانِيُّ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا عُقِدَتْ عَلَى دَارٍ بِعَيْنِهَا يَحْنَثُ بَعْدَ زَوَالِ الْبِنَاءِ فَبَعْدَ الْقِسْمَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَوْ دَخَلَهَا فُلَانٌ غَصْبًا) مَعْنَاهُ وَسَكَنَهَا لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ رَمْلِيٌّ، وَمَرَّ أَنَّ الْمُسَاكَنَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِأَهْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَتَاعِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَقَلَ فَوْرًا) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ

ص: 752

وَكَمَا لَوْ نَزَلَ ضَيْفًا، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ الْحَالِفُ فَسَكَنَ فُلَانٌ مَعَ أَهْلِهِ بِهِ يُفْتَى لِأَنَّهُ لَمْ يُسَاكِنْهُ حَقِيقَةً، وَلَوْ قَيَّدَ الْمُسَاكَنَةَ بِشَهْرٍ حَنِثَ بِسَاعَةٍ لِعَدَمِ امْتِدَادِهَا بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ بَحْرٌ. وَفِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى:

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَكَمَا لَوْ نَزَلَ ضَيْفًا) أَيْ لَا يَحْنَثُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْأَصْلِ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ زَائِرًا أَوْ ضَيْفًا فَأَقَامَ فِيهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يَحْنَثُ وَالْمُسَاكَنَةُ بِالِاسْتِقْرَارِ وَالدَّوَامِ وَذَلِكَ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ. اهـ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَنَزَلَ الْحَالِفُ وَهُوَ مُسَافِرٌ مَنْزِلَ فُلَانٍ فَسَكَنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يَحْنَثُ، حَتَّى يُقِيمَ مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ الْكُوفَةَ فَمَرَّ بِهَا مُسَافِرًا وَنَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَنِثَ اهـ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ بِدُونِ قَوْلِهِ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَأَوْهَمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الضَّيْفِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ الْإِمَامِ يَحْنَثُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قِيَامَ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ وَالْمَتَاعِ بَزَّازِيَّةٌ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى فِيمَا إذَا سَافَرَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، وَسَكَنَ الْحَالِفُ مَعَ أَهْلِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ أَقْرَبُ إلَى مَظِنَّةِ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَيَّدَ الْمُسَاكَنَةَ بِشَهْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ كَذَا فَسَاكَنَهُ سَاعَةً فِيهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْمُسَاكَنَةَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُقِيمُ بِالرَّقَّةِ شَهْرًا لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُقِمْ جَمِيعَ الشَّهْرِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ الرِّقَّةَ شَهْرًا فَسَكَنَ سَاعَةً حَنِثَ اهـ.

قُلْت: فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ لَفْظِ الْمُسَاكَنَةِ وَلَفْظِ الْإِقَامَةِ، وَعَلَّلَهُ الْفَارِسِيُّ فِي بَابِ يَمِينِ الْأَبَدِ وَالسَّاعَةِ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى تَلْخِيصِ الْجَامِعِ بِأَنَّ الْوَقْتَ فِي غَيْرِ الْمُقَدَّرِ بِالْوَقْتِ ظَرْفٌ لَا مِعْيَارٌ، وَالْمُسَاكَنَةُ وَالْمُجَالَسَةُ وَنَحْوُهُمَا غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِالْوَقْتِ لِصِحَّتِهَا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَإِنْ قَلَّتْ فَيَكُونُ الْوَقْتُ لِتَقْدِيرِ الْمَنْعِ الثَّابِتِ بِالْيَمِينِ لَا لِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ بِالْوَقْتِ، وَذَكَرَ أَنَّ السُّكْنَى لَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ فِيهَا الْمَشَايِخُ فَقِيلَ: كَالْمُسَاكَنَةِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ اسْتِيعَابُهَا الْوَقْتَ. اهـ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْإِقَامَةَ مُقَدَّرَةٌ بِالْوَقْتِ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُسَمَّى إقَامَةً مَا لَمْ تَمْتَدَّ مُدَّةً، وَيُشِيرُ إلَى هَذَا مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا حَلَفَ لَا يُقِيمُ فِي هَذِهِ الدَّارِ كَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ إذَا قَامَ فِيهَا أَكْثَرَ النَّهَارِ أَوْ أَكْثَرَ اللَّيْلِ يَحْنَثُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ إذَا أَقَامَ فِيهَا سَاعَةً وَاحِدَةً يَحْنَثُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِالرِّقَّةِ شَهْرًا فَلَيْسَ بِحَانِثٍ حَتَّى يُقِيمَ بِهَا تَمَامَ الشَّهْرِ اهـ. وَمُفَادُهُ: أَنَّ الْإِقَامَةَ مَتَى قُيِّدَتْ بِالْمُدَّةِ لَزِمَ فِي مَفْهُومِهَا الِامْتِدَادُ، وَتَقَيَّدَتْ بِالْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمُسَاكَنَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ امْتِدَادُهَا مُطْلَقًا لِصِدْقِهَا عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَلَا تَكُونُ الْمُدَّةُ قَيْدًا لَهَا بَلْ قَيْدٌ لِلْمَنْعِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ عَنْ الْمُسَاكَنَةِ فِي الشَّهْرِ، فَإِذَا سَكَنَ يَوْمًا مِنْهُ حَنِثَ لِعَدَمِ الْمَنْعِ، هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ هُنَا إنَّ الْمُسَاكَنَةَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ مَعْنَاهُ لَا يَلْزَمُ فِي تَحَقُّقِهَا الِامْتِدَادُ، بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ إذَا قُرِنَتْ بِالْمُدَّةِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمُسَاكَنَةَ مِمَّا يَمْتَدُّ بِخِلَافِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا يُمْكِنُ امْتِدَادُهَا وَهَذَا غَيْرُ الْمَعْنَى وَالْمُرَادُ هُنَا وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ فَادَّعَوْا أَنَّ مَا هُنَا مُنَاقِضٌ لِمَا مَرَّ وَأَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ " عَدَمِ " مِنْ قَوْلِهِ لِعَدَمِ امْتِدَادِهَا فَافْهَمْ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَنَيْت الْمُسَاكَنَةَ جَمِيعَ الشَّهْرِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَقِيلَ قَضَاءً أَيْضًا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

قُلْت: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ الْآنَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا شَهْرًا أَوْ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا شَهْرًا أَنَّهُ يُرَادُ جَمِيعُ الْمُدَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَفِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالضَّرْبِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الضَّرْبِ الْقَصْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ. اهـ. ح.

ص: 753

حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا فَضَرَبَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَا يَحْنَثُ

(وَحَنِثَ فِي لَا يَخْرُجُ) مِنْ الْمَسْجِدِ (إنْ حُمِلَ وَأُخْرِجَ) مُخْتَارًا (بِأَمْرِهِ وَبِدُونِهِ) بِأَنْ حُمِلَ مُكْرَهًا (لَا) يَحْنَثُ (وَلَوْ رَاضِيًا بِالْخُرُوجِ) فِي الْأَصَحِّ (وَمِثْلُهُ لَا يَدْخُلُ أَقْسَامًا وَأَحْكَامًا وَإِذَا لَمْ يَحْنَثْ) بِدُخُولِهِ بِلَا أَمْرِهِ أَوْ بِزَلَقٍ أَوْ بِعَثْرٍ أَوْ هُبُوبِ رِيحٍ أَوْ جَمْحِ دَابَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ ظَهِيرِيَّةٌ (لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ) لِعَدَمِ فِعْلِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) الصَّحِيحِ فَتْحٌ وَغَيْرُهُ،

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَمَعَ هَذَا لَا مُنَاسَبَةَ لِذِكْرِهِ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ اسْتَوْضَحَ بِهِ قَوْلَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ إنْ أَقَامَ مَعَهُ حَنِثَ عَلِمَ أَوْ لَا

(قَوْلُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ) قَيَّدَ بِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ احْتِرَازًا عَنْ الدَّارِ الْمَسْكُونَةِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْقُدُورِيُّ: الْخُرُوجُ مِنْ الدَّارِ الْمَسْكُونَةِ أَنْ يَخْرُجَ بِنَفْسِهِ وَمَتَاعِهِ وَعِيَالِهِ، وَالْخُرُوجُ مِنْ الْبَلْدَةِ وَالْقَرْيَةِ أَنْ يَخْرُجَ بِبَدَنِهِ خَاصَّةً زَادَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا خَرَجَ بِبَدَنِهِ فَقَدْ بَرَّ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ لَمْ يُرِدْ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ زَادَ فِي الْمُنْتَقَى إلَخْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَخْرُجَ بِبَدَنِهِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ أَيْضًا فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ فَافْهَمْ، نَعَمْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ: لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى الرَّحِيلِ مِنْهَا بِأَهْلِهِ إنْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا إلَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْخُرُوجَ بِبَدَنِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ حَمَلَ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَلَمْ يَمْتَنِعْ فِي الصَّحِيحِ خَانِيَّةٌ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ تَصْحِيحُ الْحِنْثِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هَذَا. وَاعْتَرَضَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ ذِكْرَ الْإِكْرَاهِ هُنَا بِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَلَوْ رَاضِيًا إذْ لَا يُجَامِعُ الْإِكْرَاهُ الرِّضَا. اهـ.

وَفِي الْفَتْحِ: وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِخْرَاجِ مُكْرَهًا هُنَا أَنْ يَحْمِلَهُ وَيُخْرِجَهُ كَارِهًا لِذَلِكَ لَا الْإِكْرَاهُ الْمَعْرُوفُ هُوَ أَنْ يَتَوَعَّدَهُ حَتَّى يَفْعَلَ فَإِنَّهُ إذَا تَوَعَّدَهُ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ حَنِثَ، لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُعْدِمُ الْفِعْلَ عِنْدَنَا اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ. وَاعْتَرَضَ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ التَّعْلِيلَ بِمَا قَالُوا فِي لَا أَسْكُنُ الدَّارَ فَقُيِّدَ وَمُنِعَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ لِلْإِكْرَاهِ تَأْثِيرًا فِي إعْدَامِ الْفِعْلِ. وَأَجَبْت عَنْهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُعْدَمُ الْفِعْلُ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَى فَاعِلِهِ إذَا أُعْدِمَ الِاخْتِيَارُ وَهُنَا دَخَلَ بِاخْتِيَارِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ خَرَجَ بِقَدَمَيْهِ لِلتَّهْدِيدِ لَمْ يَحْنَثْ وَقِيلَ حَنِثَ. اهـ. وَمُفَادُهُ اعْتِمَادُ عَدَمِ الْحِنْثِ لَكِنْ فِي إكْرَاهِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ لَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَأُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى دَخَلَ عَتَقَ وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّ الْفِعْلَ وَهُوَ الْخُرُوجُ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْحَالِفِ لِعَدَمِ الْأَمْرِ وَهُوَ الْمُوجِبُ لِلنَّقْلِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ يَحْنَثُ إذَا حَمَلَهُ بِرِضَاهُ لَا بِأَمْرِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ فَلَمْ يَفْعَلْ صَارَ كَالْآمِرِ.

وَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّ انْتِقَالَ الْفِعْلِ بِالْأَمْرِ لَا بِمُجَرَّدِ الرِّضَا وَلَمْ يُوجَدْ الْأَمْرُ وَلَا الْفِعْلُ مِنْهُ فَلَا يُنْسَبُ الْفِعْلُ إلَيْهِ، وَلَوْ قِيلَ: إنَّ الرِّضَا نَاقِلٌ دُفِعَ بِفَرْعٍ اتِّفَاقِيٍّ وَهُوَ مَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يُتْلِفَ مَالَهُ فَفَعَلَ لَا يَضْمَنُ الْمُتْلِفُ لِانْتِسَابِ الْإِتْلَافِ إلَى الْمَالِكِ بِالْأَمْرِ فَلَوْ أَتْلَفَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ يَنْظُرُ لَمْ يَنْهَهُ ضَمِنَ بِلَا تَفْصِيلٍ لِأَحَدٍ بَيْنَ كَوْنِهِ رَاضِيًا أَوْ لَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَقْسَامًا) مِنْ الْحَمْلِ وَالْإِدْخَالِ بِالْأَمْرِ أَوْ بِغَيْرِهِ مُكْرَهًا أَوْ رَاضِيًا قُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ وَأَحْكَامًا) مِنْ الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَحْنَثْ) شَرْطٌ، جَوَابُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ ط (قَوْلُهُ أَوْ بِزَلَقٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا أَمْرِهِ أَيْ بِزَلَقِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ زَلِقَ كَفَرِحَ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ بِزَلَقٍ (قَوْلُهُ أَوْ بِعَثْرٍ) بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ فَهُوَ بِسُكُونِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: عَثَرَ كَضَرَبَ وَنَصَرَ وَعَلِمَ وَكَرُمَ عَثْرًا وَعِثْيَرًا وَعِثَارًا وَتَعَثَّرَ كَبَا. اهـ. ط (قَوْلُهُ أَوْ جَمْحِ دَابَّةٍ) فِي الْمِصْبَاحِ جَمَحَ الْفَرَسُ بِرَاكِبِهِ يَجْمَحُ جِمَاحًا بِالْكَسْرِ وَجُمُوحًا اسْتَعْصَى حَتَّى غَلَبَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) رَاجِعٌ إلَى جَمِيعِ الْمَعَاطِيفِ ط (قَوْلُهُ فَتْحٌ وَغَيْرُهُ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ قَالَ السَّيِّدُ أَبُو شُجَاعٍ: تَنْحَلُّ وَهُوَ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ: لَا تَنْحَلُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَقَاضِي خَانْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يَحْنَثُ لِانْقِطَاعِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَيْفَ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَبَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا فِي الذِّمَّةِ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذَا فِي الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ دَخَلَ

ص: 754

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ بِهِ يُفْتَى لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي فَتَاوِيهِ فَأَفْتَى بِانْحِلَالِهَا أَخْذًا بِقَوْلِ أَبِي شُجَاعٍ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ لَكِنَّك عَلِمْت الْمُعْتَمَدَ.

(وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ لَا يَخْرُجُ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ إنْ خَرَجَ إلَيْهَا) قَاصِدًا عِنْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ بَابِ دَارِهِ مَشَى مَعَهَا أَمْ لَا لِمَا فِي الْبَدَائِعِ إنْ خَرَجْتِ إلَّا إلَى الْمَسْجِدِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْمَسْجِدَ ثُمَّ بَدَا لَهَا فَذَهَبَتْ لِغَيْرِ الْمَسْجِدِ لَمْ تَطْلُقْ (ثُمَّ أَتَى أَمْرًا آخَرَ) لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْخُرُوجِ وَالذَّهَابِ وَالرَّوَاحِ وَالْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ النِّيَّةُ عِنْدَ الِانْفِصَالِ لَا الْوُصُولِ إلَّا فِي الْإِتْيَانِ.

ــ

[رد المحتار]

بَعْدَ هَذَا الْإِخْرَاجِ هَلْ يَحْنَثُ؟ فَمَنْ قَالَ انْحَلَّتْ قَالَ لَا يَحْنَثُ، وَهَذَا بَيَانُ كَوْنِهِ أَرْفَقَ بِالنَّاسِ، وَمَنْ قَالَ لَمْ تَنْحَلَّ قَالَ حَنِثَ. وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

وَقَوْلُهُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ بَعْدَ هَذَا الْإِخْرَاجِ يَعْنِي ثُمَّ خَرَجَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فَأُخْرِجَ مَحْمُولًا بِدُونِ أَمْرِهِ وَإِذَا لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ بِهَذَا الْإِخْرَاجِ يَحْنَثُ لَوْ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بِنَفْسِهِ لَا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ) ذَكَرَ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ فِي فَتَاوَى صَاحِبِ الْبَحْرِ، بَلْ وَجَدَ مَا يُخَالِفُهُ. قُلْت: وَلَعَلَّ ذَلِكَ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَتِهِ وَإِلَّا فَقَدْ وَجَدْته فِيهَا.

(قَوْلُهُ قَاصِدًا) أَيْ قَاصِدًا الْخُرُوجَ إلَيْهَا فَلَوْ قَصَدَ الْخُرُوجَ لِغَيْرِهَا حَنِثَ وَإِنْ ذَهَبَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ عِنْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ بَابِ دَارِهِ) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يُعَدُّ خَارِجًا بِهَا، فَلَوْ كَانَ فِي مَنْزِلٍ مِنْ دَارِهِ فَخَرَجَ إلَى صَحْنِهَا ثُمَّ رَجَعَ لَا يَحْنَثُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَابِ الدَّارِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ خَارِجًا فِي جِنَازَةِ فُلَانٍ مَا دَامَ فِي دَارِهِ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَشَى مَعَهَا أَمْ لَا وَلِمَا اسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَارَةِ الْبَدَائِعِ أَيْضًا.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْخُرُوجُ عَلَى قَصْدِ الْجِنَازَةِ وَالْخُرُوجُ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ، وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا لِيَمْشِيَ مَعَهَا أَوْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا عِلَّةُ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا أَتَى أَمْرًا آخَرَ بَعْدَ خُرُوجِهِ إلَيْهَا فَهِيَ مَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الْإِتْيَانَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْخُرُوجُ (قَوْلُهُ وَالذَّهَابِ) كَوْنُ الذَّهَابِ مِثْلَ الْخُرُوجِ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَقِيلَ كَالْإِتْيَانِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُصُولُ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ قَالَ الْبَاقَانِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ نَعَمْ لَوْ نَوَى بِالذَّهَابِ الْإِتْيَانَ أَوْ الْخُرُوجَ فَكَمَا نَوَى. اهـ.

قُلْت: وَالْإِرْسَالُ وَالْبَعْثُ كَالْخُرُوجِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْوُصُولُ. فَفِي الذَّخِيرَةِ: لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُرْسِلْ إلَيْك أَوْ إنْ لَمْ أَبْعَثْ إلَيْك هَذَا الشَّهْرَ نَفَقَتَك فَأَنْتِ كَذَا فَضَاعَتْ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ وَالرَّوَاحِ) هُوَ بَحْثٌ لِلْبَحْرِ كَمَا يَأْتِي وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ اسْتِعْمَالُهُ مُرَادًا بِهِ الْوُصُولُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ تَكْفِي أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ) تَابَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ وَقَيَّدَ بِالْإِتْيَانِ لِأَنَّ الْعِيَادَةَ وَالزِّيَارَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْوُصُولُ وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: إذَا حَلَفَ لَيَعُودَنَّ فُلَانًا وَلَيَزُورَنَّهُ فَأَتَى بَابَهُ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَتَى بَابَهُ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ حَنِثَ. اهـ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِتْيَانَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتِي فُلَانًا فَهُوَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ أَوْ حَانُوتَهُ لَقِيَهُ أَوْ لَمْ يَلْقَهُ وَإِنْ أَتَى مَسْجِدَهُ لَمْ يَحْنَثْ رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ. فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْعِيَادَةَ وَالزِّيَارَةَ مِثْلُ الْإِتْيَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْوُصُولِ إلَى الْمَنْزِلِ دُونَ صَاحِبِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ الِاسْتِئْذَانُ فَهُمَا أَقْوَى مِنْ الْإِتْيَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْوُصُولِ، فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُمَا بِالْخُرُوجِ وَالذَّهَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمُ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْإِتْيَانِ) صَوَابُهُ إلَّا فِي الْإِتْيَانِ وَالْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ كَمَا عَلِمْت مِنْ اشْتِرَاطِ الْوُصُولِ

ص: 755

فَلَوْ حَلَفَ (لَا يَخْرُجُ أَوْ لَا يَذْهَبُ) أَوْ لَا يَرُوحُ بَحْرٌ بَحْثًا (إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا) قَصَدَ غَيْرَهَا أَمْ لَا نَهْرٌ (حَنِثَ إذَا جَاوَزَ عِمْرَانَ مِصْرِهِ عَلَى قَصْدِهَا) إنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مُدَّةَ سَفَرٍ وَإِلَّا حَنِثَ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ فَتْحٌ بَحْثًا، وَفِيهِ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مَعَ فُلَانٍ الْعَامَ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَ الْبُيُوتَ، وَفِي لَا يَخْرُجُ مِنْ بَغْدَادَ

ــ

[رد المحتار]

فِي الثَّلَاثَةِ وَمِثْلُهُ الصُّعُودُ. فَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ صَعِدْت هَذَا السَّطْحَ فَأَنْتِ كَذَا فَارْتَقَتْ مِرْقَاتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَقِيلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي الذَّهَابِ. وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ وَعِنْدِي لَا يَحْنَثُ هُنَا بِالِاتِّفَاقِ اهـ.

قُلْت: وَصَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ صُعُودَ السَّطْحِ الِاسْتِعْلَاءُ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْوُصُولِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ: إنْ صَعِدْت إلَى السَّطْحِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ تَأَمَّلْ، وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى لَزِمَ رَجُلًا فَحَلَفَ الْمُلْتَزِمُ لَيَأْتِيَنَّهُ غَدًا فَأَتَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَزِمَهُ فِيهِ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ، وَلَوْ لَزِمَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَتَحَوَّلَ إلَى غَيْرِهِ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَنْزِلَ الَّذِي تَحَوَّلَ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ آتِك غَدًا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَأَتَاهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَقَدْ بَرَّ بِخِلَافِ إنْ لَمْ أُوَافِك لِأَنَّهُ عَلَى أَنْ يَجْتَمِعَا

(قَوْلُهُ فَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْخُرُوجِ وَالذَّهَابِ إلَخْ ط (قَوْلُهُ بَحْرٌ بَحْثًا) يُؤَيِّدُهُ الْعُرْفُ وَكَذَا مَا فِي الْمِصْبَاحِ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ يَتَوَهَّمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الرَّوَاحَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي آخِرِ النَّهَارِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الرَّوَاحُ وَالْغُدُوُّ عِنْدَ الْعَرَبِ يُسْتَعْمَلَانِ فِي الْمَسِيرِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ رَاحَ إلَى الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَهُ كَذَا» أَيْ مَنْ ذَهَبَ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَرْجِعْ بِالْأَوْلَى فَهُوَ غَيْرُ قَيْدٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ رَجَعَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يَرْجِعْ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ وَنَحْوِهَا

(قَوْلُهُ قَصَدَ غَيْرَهَا أَمْ لَا) أَيْ لِأَنَّ الْحِنْثَ تَحَقَّقَ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِهَا، فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَعْدَمَا خَرَجَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الذَّهَابَ إلَى غَيْرِهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَتْحٌ بَحْثًا) حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ قَالُوا إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا جَاوَزَ عُمْرَانَهُ عَلَى قَصْدِهَا كَأَنَّهُ ضَمَّنَ لَفْظًا آخَرَ مَعْنَى أُسَافِرُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُضِيَّ إلَيْهَا سَفَرٌ لَكِنْ عَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مُدَّةُ سَفَرٍ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مِنْ الدَّاخِلِ. اهـ.

قُلْت: يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَى مَكَّةَ سَفَرٌ وَالْإِنْسَانُ لَا يُعَدُّ مُسَافِرًا إذَا لَمْ يَتَجَاوَزْ عُمْرَانَ مِصْرِهِ اهـ أَيْ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ إلَى الْجِنَازَةِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْجِنَازَةُ فِي الْمِصْرِ اُعْتُبِرَ فِي الْخُرُوجِ انْفِصَالُهُ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ خَارِجَ الْمِصْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْمَقْبَرَةِ، أَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْقَرْيَةِ مَثَلًا مِمَّا يَلْزَمُ مِنْهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمِصْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مُدَّةَ سَفَرٍ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَسَدٍ: سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ الرِّقَّةِ مَا الْخُرُوجُ؟ قَالَ، إذَا جَعَلَ الْبُيُوتَ خَلْفَ ظَهْرِهِ لِأَنَّ مَنْ حَصَلَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ. اهـ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخُرُوجَ إذَا كَانَ مِنْ الْبَلَدِ فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يُجَاوِزَ عُمْرَانَ مِصْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ إلَى مَقْصِدِهِ مُدَّةُ سَفَرٍ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خُرُوجًا مِنْ الْبَلَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ اهـ. وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) لَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ بَلْ هُوَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَعَ فُلَانٍ الْعَامَ) الَّذِي فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ الْعَامَ أَيْ هَذِهِ السَّنَةَ فَهُوَ ظَرْفُ زَمَانٍ مُعَرَّفٌ بِأَلْ الَّتِي لِلْحُضُورِ (قَوْلُهُ بَرَّ) فَإِذَا بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ رَجَعَ بِلَا ضَرَرٍ بَحْرٌ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ لَا عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ وَلِذَا قَالَ: فَإِذَا بَدَا لَهُ إلَخْ

ص: 756

فَخَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ وَالْمَقَابِرُ خَارِجُ بَغْدَادَ حَنِثَ (وَفِي لَا يَأْتِيهَا لَا) يَحْنَثُ إلَّا بِالْوُصُولِ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى (كَمَا) لَا يَحْنَثُ (لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا تَأْتِيَ امْرَأَتُهُ عُرْسَ فُلَانٍ فَذَهَبَتْ قَبْلَ الْعُرْسِ وَكَانَتْ ثَمَّةَ حَتَّى مَضَى) الْعُرْسُ لِأَنَّهَا مَا أَتَتْ الْعُرْسَ بَلْ الْعُرْسُ أَتَاهَا ذَخِيرَةٌ.

حَلَفَ (لَيَأْتِيَنَّهُ) فَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ أَوْ حَانُوتَهُ لَقِيَهُ أَمْ لَا (فَلَوْ لَمْ يَأْتِهِ حَتَّى مَاتَ) أَحَدُهُمَا (حَنِثَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ) وَكَذَا كُلُّ يَمِينٍ مُطْلَقَةٍ أَمَّا الْمُؤَقَّتَةُ فَيُعْتَبَرُ آخِرُهَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّهِ فَلَا حِنْثَ وَقَوْلُهُ: حَنِثَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ لَا يَحْنَثُ لِبُطْلَانِ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ كَمَا مَرَّ

ــ

[رد المحتار]

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ فَإِذَا خَرَجَ مَعَهُ فَجَاوَزَ الْبُيُوتَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فَقَدْ بَرَّ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ وُجُوبَ الْقَصْرِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ السَّفَرِ وَكَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا.

[تَنْبِيهٌ]

يُعْلَمُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ جَوَابُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِيمَنْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِمُجَاوَزَتِهِ الْعُمْرَانَ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ إلَى مَكَان بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُدَّةُ السَّفَرِ، فَإِذَا بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ رَجَعَ بِلَا ضَرَرٍ وَبِهِ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ السَّفَرِ كَمَا قُلْنَا لَا مُجَرَّدِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بِهِ السَّفَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَخَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ) أَيْ خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ مَعَ الْجِنَازَةِ بِأَنْ جَاوَزَ الْعُمْرَانَ قَالَ ط: لَكِنَّ الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِصْرَ فَزَارَ الْإِمَامَ لَا يُعَدُّ خَارِجًا مِنْهَا فِي عُرْفِنَا. اهـ.

قُلْت: لَكِنْ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْخُرُوجِ مُطْلَقًا لِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ يُعَدُّ خَارِجًا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ إلَّا فِي الْإِتْيَانِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى) هُوَ أَنَّ الْخُرُوجَ الِانْفِصَالُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ وَأَمَّا الْإِتْيَانُ فَعِبَارَةٌ عَنْ الْوُصُولِ قَالَ تَعَالَى - {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا} [الشعراء: 16]- (قَوْلُهُ فَذَهَبَتْ قَبْلَ الْعُرْسِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا تُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهَا أَتَتْ الْعُرْسَ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي مُبَادِيهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَذْهَبُ إلَى وَلِيمَةٍ فَذَهَبَ لِطَلَبِ غَرِيمِهِ لَا يَحْنَثُ اهـ أَيْ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ فِي الْوَلِيمَةِ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْإِسْبِيجَابِيُّ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ أَوْ حَانُوتَهُ) فَلَوْ أَتَى مَسْجِدَهُ لَا يَكْفِي فَالشَّرْطُ الْوُصُولُ إلَى مَحَلِّهِ لَا الِاجْتِمَاعُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا) قُدِّرَ لَفْظُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَخْتَصُّ بِمَوْتِ الْحَالِفِ فَقَطْ، بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ حَنِثَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ) أَيْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِالطَّلَاقِ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ تَبْقَى الْيَمِينُ لَامِكَانِ الْإِتْيَانِ بَعْدَ مَوْتِهَا، نَعَمْ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ طَلَاقَهَا مِثْلُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَحْنَثُ بِمَوْتِهَا أَيْضًا لِتَحَقُّقِ الْيَأْسِ عَنْ الشَّرْطِ بِمَوْتِهَا إذْ لَا يُمْكِنُ طَلَاقُهَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ عَنْ الْفَتْحِ، وَكَلَامُ الْفَتْحِ هُنَا مُوهِمٌ خِلَافَ الْمُرَادِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ يَمِينٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْإِتْيَانِ، بَلْ كُلُّ فِعْلٍ حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَطْلَقَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِوَقْتٍ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْبِرِّ مِثْلُ لَيَضْرِبَنَّ زَيْدًا أَوْ لَيُعْطِيَنَّ فُلَانَةَ أَوْ لَيُطَلِّقَنَّ زَوْجَتَهُ وَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ عَنْ الْبِرِّ يَكُونُ بِفَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلِذَا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَأَصْلُ هَذَا الْحَالِفِ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ لَا يَحْنَثُ مَا دَامَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَائِمَيْنِ لِتَصَوُّرِ الْبِرِّ فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. اهـ. بَحْرٌ قَالَ ح وَهَذَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى النَّفْيِ لَا يَحْنَثُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَيُمْكِنُ حِنْثُهُ حَالًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُؤَقَّتَةُ فَيُعْتَبَرُ آخِرُهَا) أَيْ آخِرُ وَقْتِهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ آخِرُهُ أَيْ آخِرُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ أَيْ فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ) لِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِآخِرِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ (قَوْله لِبُطْلَانِ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ يَمِينَهُ لَوْ كَانَتْ بِالطَّلَاقِ مَثَلًا لَا تَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي التَّعْلِيقَ بِغَيْرِ الْقُرْبِ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً. اهـ. ح (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ)

ص: 757

فَتَدَبَّرْ.

حَلَفَ (لَيَأْتِيَنَّهُ غَدًا إنْ اسْتَطَاعَ فَهِيَ) اسْتِطَاعَةُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ فَتَقَعُ (عَلَى رَفْعِ الْمَوَانِعِ) كَمَرَضٍ أَوْ سُلْطَانٍ وَكَذَا جُنُونٌ أَوْ نِسْيَانٌ بَحْرٌ بَحْثًا (وَإِنْ نَوَى) بِهَا (الْقُدْرَةَ) الْحَقِيقِيَّةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْفِعْلِ (صَدَقَ دِيَانَةً) لَا قَضَاءً عَلَى الْأَوْجَهِ فَتْحٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ أَظْهَرَ الزَّاهِدِيُّ اعْتِزَالَهُ هُنَا فِي الْمُجْتَبَى أَظْهَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ.

(لَا تَخْرُجِي) بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ (إلَّا بِإِذْنِي) أَوْ بِأَمْرِي أَوْ بِعِلْمِي أَوْ بِرِضَايَ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ أَوَّلَ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ فَتَدَبَّرْ) أَمْرٌ بِالتَّدَبُّرِ إشَارَةً إلَى خَفَاءِ إفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ حَنِثَ وَوَجْهُهَا أَنَّ حِنْثَهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْيَمِينِ صَحِيحَةً قَبْلَ الْمَوْتِ، إذْ الْبَاطِلَةُ لَا حِنْثَ فِيهَا وَالْحُكْمُ بِاللِّحَاقِ مُرْتَدًّا وَإِنْ كَانَ مَوْتًا حُكْمًا لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا لِبُطْلَانِ الْيَمِينِ بِمُجَرَّدِ الرَّدِّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِاللِّحَاقِ الَّذِي هُوَ فِي حُكْمِ الْمَوْتِ فَحَيْثُ بَطَلَتْ الْيَمِينُ قَبْلَ الْمَوْتِ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ حَتَّى مَاتَ الْمَوْتُ الْحَقِيقِيُّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحِنْثُ بِالْمَوْتِ الْحُكْمِيِّ فَافْهَمْ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّهُ إنْ اسْتَطَاعَ

(قَوْلُهُ فَهِيَ اسْتِطَاعَةُ الصِّحَّةِ) أَيْ الِاسْتِطَاعَةُ الْمَعْلُومَةُ مِنْ اسْتَطَاعَ هِيَ سَلَامَةُ آلَاتِ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَصِحَّةُ أَسْبَابِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَالْمُرَادُ بِالْآلَاتِ الْجَوَارِحُ فَالْمَرِيضُ لَيْسَ بِمُسْتَطِيعٍ وَصِحَّةُ الْأَسْبَابِ تَهْيِئَةٌ لِإِرَادَةِ الْفِعْلِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ، فَخَرَجَ الْمَمْنُوعُ نَهْرٌ أَيْ مَنْ مَنَعَهُ سُلْطَانٌ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ) أَيْ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97]- بِخِلَافِ الْمَعْنَى الْآتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ فَتَقَعُ عَلَى رَفْعِ الْمَوَانِعِ) يَشْمَلُ الْمَانِعَ الْمَعْنَوِيَّ كَالْمَرَضِ وَالْحِسِّيَّ كَالْقَيْدِ وَنَحْوِهِ فَيُسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ سَلَامَةِ الْآلَاتِ، وَلِهَذَا فَسَّرَهَا مُحَمَّدٌ بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يَمْرَضْ وَلَمْ يَمْنَعْهُ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَجِئْ أَمْرٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِهِ فَلَمْ يَأْتِهِ حَنِثَ. اهـ. (قَوْلُهُ بَحْرٌ بَحْثًا) حَيْثُ قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا نَسِيَ الْيَمِينَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ النِّسْيَانَ مَانِعٌ وَكَذَا لَوْ جُنَّ فَلَمْ يَأْتِهِ حَتَّى مَضَى الْغَدُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ الْمُقَارِنَةَ لِلْفِعْلِ) أَيْ الَّتِي تُخْلَقُ مَعَهُ بِلَا تَأْثِيرٍ لَهَا فِيهِ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَتْحٌ (قَوْلُهُ صَدَقَ دِيَانَةً) فَإِذَا لَمْ يَأْتِهِ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا يَحْنَثُ كَأَنَّهُ قَالَ لَآتِيَنَّك إنْ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى إتْيَانِي وَهُوَ إذَا لَمْ يَأْتِ لَمْ يُخْلَقْ إتْيَانُهُ وَلَا اسْتِطَاعَتُهُ الْمُقَارِنَةُ وَإِلَّا لَأَتَى فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقِيلَ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ لِأَنَّ اسْمَ الِاسْتِطَاعَةِ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لَكِنْ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَنْ الْقَرِينَةِ لِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ بِخُصُوصِهِ فَصَارَ ظَاهِرًا فِيهِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الظَّاهِرِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَدْ أَظْهَرَ الزَّاهِدِيُّ اعْتِزَالَهُ هُنَا) وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ أَنَّهُ لَيْسَ لِإِنْسَانٍ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ، وَأَرَادَ بِهِمْ أَهْلَ الِاعْتِزَالِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَعِبَارَتُهُ هُنَا وَفِي قَوْلِهِ أَيْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ حَقِيقَةُ الِاسْتِطَاعَةِ فِيمَا يُقَارِنُ الْفِعْلَ نَظَرٌ قَوِيٌّ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالسُّنِّيَّةِ أَنَّ الْقُدْرَةَ تُقَارِنُ الْفِعْلَ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ وَسَائِرُ الْكَفَرَةِ الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ قَادِرِينَ عَلَى الْإِيمَانِ وَكَانَ تَكْلِيفُهُمْ بِالْإِيمَانِ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ وَكَانَ إرْسَالُ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَإِنْزَالُ الْكُتُبِ وَالْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ ضَائِعَةً فِي حَقِّهِمْ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِهَذِهِ الْقُدْرَةِ حَتَّى يَلْزَمَ مَا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَشْرُوطٌ بِالْقُدْرَةِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ سَلَامَةُ الْآلَاتِ وَصِحَّةُ الْأَسْبَابِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ.

ص: 758

(شُرِطَ) لِلْبَرِّ (لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ) إلَّا لِغَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ فُرْقَةٍ وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبُ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي

(قَوْلُهُ شُرِطَ لِلْبِرِّ لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ) لِلْبِرِّ مُتَعَلِّقٌ بِشُرِطَ، وَلِكُلِّ مُتَعَلِّقٌ بِنَائِبِ الْفَاعِلِ وَهُوَ إذْنٌ لَا بِشُرِطَ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْدِيَةُ فِعْلٍ بِحَرْفَيْنِ مُتَّفِقَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِذْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِإِذْنِي أَمَّا مَا بَعْدَهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمْرُ أَوْ الْعِلْمُ أَوْ الرِّضَا، وَإِنَّمَا شُرِطَ تَكْرَارُهُ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى خُرُوجٌ مَقْرُونٌ بِالْإِذْنِ فَمَا وَرَاءَهُ دَاخِلٌ فِي الْمَنْعِ الْعَامِ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا تَخْرُجِي خُرُوجًا إلَّا خُرُوجًا مُلْصَقًا بِإِذْنِي، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيُشْتَرَطُ فِي إذْنِهِ لَهَا أَنْ تَسْمَعَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَأَنْ تَفْهَمَهُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا عَهْدَ لَهَا بِهَا فَخَرَجَتْ حَنِثَتْ، وَأَنْ لَا تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِذْنَ فَلَوْ قَالَ لَهَا اُخْرُجِي أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ خَرَجْت لَيُخْزِيَنَّك اللَّهُ لَا يَكُونُ إذْنًا صَرَّحَ بِهِ مُحَمَّدٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا فِي غَضَبٍ اُخْرُجِي يَنْوِي التَّهْدِيدَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ اُخْرُجِي حَتَّى تَطْلُقِي اهـ مُلَخَّصًا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَامَتْ لِلْخُرُوجِ فَقَالَ دَعُوهَا تَخْرُجُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا، وَلَوْ سَمِعَ سَائِلًا فَقَالَ لَهَا أَعْطِيهِ لُقْمَةً فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى إعْطَائِهِ بِلَا خُرُوجٍ كَانَ إذْنًا بِالْخُرُوجِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ اللَّحْمَ فَهُوَ إذْنٌ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ إلَى بَعْضِ أَقَارِبِهِ فَخَرَجَتْ لِكَنْسِ الْبَابِ أَوْ خَرَجَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ حَنِثَ، وَلَوْ اسْتَأْذَنَتْ فِي زِيَارَةِ الْأُمِّ فَخَرَجَتْ إلَى بَيْتِ الْأَخِ لَا يَحْنَثُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالْخُرُوجِ، إلَّا إنْ قَالَ إنْ خَرَجْت إلَى أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِي وَفِي لَا تَخْرُجِي إلَّا بِرِضَايَ فَإِذْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أَوْ سَمِعْت وَلَمْ تَفْهَمْ لَا يَحْنَثُ بِالْخُرُوجِ لِأَنَّ الرِّضَا يَتَحَقَّقُ بِلَا عِلْمِهَا بِخِلَافِ الْإِذْنِ، وَفِي إلَّا بِأَمْرِي فَالْأَمْرُ أَنْ يُسْمِعَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ رَسُولِهِ وَفِي الْإِرَادَةِ وَالْهَوَى وَالرِّضَا لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهَا، وَفِي إلَّا بِعِلْمِي لَا يَحْنَثُ لَوْ خَرَجَتْ وَهُوَ يَرَاهَا أَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ بَعْدَهُ بِلَا عِلْمِهِ اهـ مُلَخَّصًا، وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا فَرْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُخَاطَبُ الزَّوْجَةَ أَوْ الْعَبْدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ أَوْ حَتَّى يَأْذَنَ أَوْ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ، أَوْ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ، أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي دَارِهِ وَاَللَّهِ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِي فَإِنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الْإِذْنُ فِي هَذَا كُلِّهِ لِأَنَّ قُدُومَ فُلَانٍ لَا يَتَكَرَّرُ عَادَةً وَالْإِذْنُ فِي الْكَلَامِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُوجَدُ مِنْ الْكَلَامِ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَكَذَا خُرُوجُ الرَّجُلِ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ عَادَةً، بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا ذَلِكَ الْخُرُوجَ الْمَأْذُونَ فِيهِ لَا كُلَّ خُرُوجٍ إلَّا بِنَصٍّ صَرِيحٍ فِيهِ مِثْلُ أَذِنْت لَك أَنْ تَخْرُجِي كُلَّمَا أَرَدْت الْخُرُوجَ كَذَا فِي الْفَتْحِ. اهـ.

[تَتِمَّةٌ]

فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ فَمَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَطَلَتْ الْيَمِينُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ اهـ وَفِي الذَّخِيرَةِ: حَلَفَ لَا يَشْرَبُ بِغَيْرِ إذْنِ فُلَانٍ فَنَاوَلَهُ فُلَانٌ بِيَدِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ بِاللِّسَانِ وَشَرِبَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ بَلْ هُوَ دَلِيلُ الرِّضَا (قَوْلُهُ أَوْ فُرْقَةٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: ثُمَّ انْعِقَادُ الْيَمِينِ عَلَى الْإِذْنِ فِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِيِّ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَاَللَّهِ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي مُقَيَّدٌ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَصِحُّ لِمَنْ لَهُ الْمَنْعُ وَهُوَ مِثْلُ السُّلْطَانِ إذَا حَلَّفَ إنْسَانًا لَيَرْفَعَنَّ إلَيْهِ خَبَرَ كُلِّ دَاعِرٍ فِي الْمَدِينَةِ كَانَ عَلَى مُدَّةِ وِلَايَتِهِ فَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَخَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ اهـ فَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْإِذْنِ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِقِيَامِ النِّكَاحِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي أَوَاخِرِ الْأَيْمَانِ مَعَ عِدَّةِ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَهُوَ كَوْنُ الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ تَصِيرُ مُقَيَّدَةً بِدَلَالَةِ الْحَالِ، بَقِيَ لَوْ خَرَجَتْ فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ هَلْ يَحْنَثُ؟ يَظْهَرُ لِي عَدَمُهُ لِأَنَّهَا وَإِنْ

ص: 759

دُيِّنَ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِخُرُوجِهَا مَرَّةً بِلَا إذْنٍ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا خَرَجْت فَقَدْ أَذِنْت لَك سَقَطَ إذْنُهُ، وَلَوْ نَهَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْوَلْوَالِجِيَّة. وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ: حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَنْقُلُ أَهْلَهُ لِبَلَدِ كَذَا فَرَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ فَبَعَثَ رَجُلًا بِإِذْنِهِ فَنَقَلَ أَهْلَهُ لَا يَحْنَثُ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (إلَّا إنْ أَوْ حَتَّى) آذَنَ لَك لِأَنَّهُ لِلْغَايَةِ وَلَوْ نَوَى التَّعَدُّدَ صَدَقَ.

(حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يُرَادُ بِهِ نِسْبَةَ السُّكْنَى إلَيْهِ) عُرْفًا وَلَوْ تَبَعًا أَوْ بِإِعَارَةٍ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ وَمَعْنَاهُ

ــ

[رد المحتار]

كَانَتْ مَمْنُوعَةً لَكِنَّ مَانِعَهَا الشَّرْعُ لَا الزَّوْجُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ دُيِّنَ) أَيْ وَلَا يَصْدُقُ فِي الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خَانِيَّةٌ أَيْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا دُيِّنَ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ مَرَّةً مُوجِبٌ الْغَايَةَ فِي قَوْلِهِ حَتَّى آذَنَ وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْغَايَةِ مُنَاسَبَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا بَعْدَهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُمَا فَيُسْتَعَارُ إلَّا بِإِذْنِي لِمَعْنَى حَتَّى آذَنَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ إلَخْ) أَيْ لَوْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ ثُمَّ خَرَجَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً بِلَا إذْنٍ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَهَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلَّمَا خَرَجْت إلَخْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ابْنُ الْفَضْلِ، حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حَنِثَ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ ثُمَّ قَالَ لَهَا كُلَّمَا نَهَيْتُك فَقَدْ أَذِنْت لَك فَنَهَاهَا لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ عِبَارَةً فَارِسِيَّةً وَقَالَ بَعْدَهَا ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ ذَهَبَ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَبَعَثَ إلَيْهَا أَصْحَابُ السُّلْطَانِ حَتَّى أَخْرَجُوهَا عَلَى كُرْهٍ مِنْهَا وَذَهَبُوا بِهَا إلَى زَوْجِهَا بِسَمَرْقَنْدَ بِأَمْرِ الزَّوْجِ هَلْ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؟ فَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ عَلَى ظَاهِرِ جَوَابِ الْكِتَابِ أَنَّ لِلزَّوْجِ نَقْلَهَا مِنْ بَلْدَةٍ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى بَعْدَمَا أَوْفَى الْمُعَجَّلَ لِأَنَّهُ صَحَّ الْأَمْرُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الزَّوْجِ وَانْتَقَلَ فِعْلُ الْمُخْرَجِ إلَيْهِ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ أَخْرَجَهَا بِنَفْسِهِ، أَمَّا عَلَى اخْتِيَارِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْلُهَا لَمْ يَصِحَّ الْأَمْرُ وَلَمْ يَنْتَقِلْ فِعْلُ الْمُخْرَجِ إلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَيْ لَوْ قَالَ لَا تَخْرُجِي إلَّا أَنْ آذَنَ أَوْ حَتَّى آذَنَ لَك، فَإِنَّهُ يَكْفِي الْإِذْنُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ لِلْغَايَةِ، أَمَّا حَتَّى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إلَّا أَنْ فَتَجُوزُ بِإِلَّا عَنْهَا لِتَعَزُّرِ اسْتِثْنَاءِ الْإِذْنِ مِنْ الْخُرُوجِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ إلَّا إنْ نَسِيَ فَدَخَلَهَا نَاسِيًا ثُمَّ دَخَلَ ذَاكِرًا لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إلَّا نَاسِيًا لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ دُخُولٍ دُخُولًا بِصِفَةٍ فَبَقِيَ مَا سِوَاهُ دَاخِلًا تَحْتَ الْيَمِينِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى حَتَّى فَلَمَّا دَخَلَهَا نَاسِيًا انْتَهَتْ الْيَمِينُ. اهـ. (قَوْلُهُ صَدَقَ) أَيْ قَضَاءً لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ بَحْرٌ.

مَطْلَبُ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يُرَادُ بِهِ نِسْبَةَ السُّكْنَى

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَبَعًا) حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ وَهِيَ تَسْكُنُ مَعَ زَوْجِهَا حَنِثَ بِالدُّخُولِ نَهْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ.

قُلْت: وَهُوَ خِلَافُ مَا سَيَذْكُرُهُ آخِرَ الْأَيْمَانِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ وَيَظْهَرُ لِي أَرْجَحِيَّةَ مَا هُنَا حَيْثُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ نِسْبَةَ السُّكْنَى عُرْفًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَيْتَ الْمَرْأَةِ فِي الْعُرْفِ مَا تَسْكُنُهُ تَبَعًا لِزَوْجِهَا وَانْظُرْ مَا سَنَذْكُرُهُ آخِرَ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِعَارَةٍ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ السُّكْنَى بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ إلَّا إذَا اسْتَعَارَهَا لِيَتَّخِذَ فِيهَا وَلِيمَةً فَيَدْخُلَهَا الْحَالِفُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجْهُ فِيهِ ظَاهِرٌ نَهْرٌ أَيْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَسْكَنًا لَهُ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ يُرَادُ يَعْنِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي دَارِ زَيْدٍ أَنْ يُرَادَ بِهَا نِسْبَةُ الْمِلْكِ، وَقَدْ أُرِيدَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْعَارِيَّةُ وَنَحْوَهَا وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ مَعْنًى عَامٌّ يَكُونُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِهِ وَهُوَ نِسْبَةُ السُّكْنَى: أَيْ مَا يَسْكُنُهَا زَيْدٌ بِمِلْكٍ أَوْ عَارِيَّةٍ، لَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِزَيْدٍ وَسَاكِنُهَا غَيْرُهُ فَحَلَفَ رَجُلٌ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ، فَمُقْتَضَى كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ نِسْبَةَ

ص: 760

كَوْنُ مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْمَجَازِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ حَنِثَ بِدُخُولِهَا مُطْلَقًا) وَلَوْ حَافِيًا أَوْ رَاكِبًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ مَتَى كَانَتْ مُتَعَذِّرَةً أَوْ مَهْجُورَةً صِيرَ إلَى الْمَجَازِ، حَتَّى لَوْ اضْطَجَعَ وَوَضَعَ قَدَمَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ

(وَشُرِطَ لِلْحِنْثِ فِي) قَوْلِهِ (إنْ خَرَجْت مَثَلًا) فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ ضَرَبْت عَبْدَك فَعَبْدِي حُرٌّ (لِمُرِيدِ الْخُرُوجِ) وَالضَّرْبِ

ــ

[رد المحتار]

السُّكْنَى أَنْ لَا يَحْنَثَ وَفِي الْمُجْتَبَى عَنْ الْإِيضَاحِ أَنَّ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَيْنِ، وَقِيلَ: إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ غَيْرُهَا يَسْكُنُهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا فَيَحْنَثُ. اهـ.

قُلْت: وَجَزَمَ فِي الْخَانِيَّةِ بِالْحِنْثِ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَهُوَ مُرَجَّحٌ لِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ يُرَادُ بِهِ نِسْبَةُ السُّكْنَى أَوْ الْمِلْكِ، لَكِنْ مَشَى فِي الْمُحِيطِ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ.

فَفِي النَّهْرِ: اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ فَدَارُهُ مُطْلَقًا دَارٌ يَسْكُنُهَا، فَلَوْ دَخَلَ دَارَ غَلَّتِهِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ تَفَرَّعَ مَا فِي الْمُجْتَبَى إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَعَبْدِي حُرٌّ وَإِنْ دَخَلْت دَارَ عَمْرٍو فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَدَخَلَ دَارَ زَيْدٍ وَهِيَ فِي يَدِ عَمْرٍو بِإِجَارَةٍ لَمْ يَعْتِقْ، وَتَطْلُقُ، فَإِنْ نَوَى شَيْئًا صُدِّقَ اهـ:

قُلْت: لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى وَكَذَا فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْهُ يَعْتِقُ وَتَطْلُقُ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُتَفَرِّعٌ عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَا عَلَى مَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَآجَرَهَا فُلَانٌ، فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ فِيهِ رِوَايَتَانِ قَالُوا عَدَمُ الْحِنْثِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ عِنْدَهُمَا كَمَا تَبْطُلُ بِالْبَيْعِ تَبْطُلُ بِالْإِجَارَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَمِلْكِ الْيَدِ لِلْغَيْرِ اهـ.

قُلْت: هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ أَوَّلًا قَوْلُهُمَا وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ وَيُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهَا إذَا بَقِيَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ لِأَحَدٍ تَبْقَى النِّسْبَةُ لَهُ فَيَحْنَثُ الْحَالِفُ بِدُخُولِهَا وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ سَاكِنًا فِي غَيْرِهَا تَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ]

فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ ثُمَّ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ عَمْرٍو فَبَاعَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ عِنْدَهُ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْمُسْتَحْدَثُ بَعْدَ الْيَمِينِ يَدْخُلُ فِيهَا لَوْ مَاتَ مَالِكُ الدَّارِ فَدَخَلَ لَا يَحْنَثُ لِانْتِقَالِهَا لِلْوَرَثَةِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: يَحْنَثُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهَا الْوَرَثَةُ وَبَقِيَتْ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اهـ مُلَخَّصًا.

مَطْلَبُ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ

(قَوْلُهُ وَلَوْ حَافِيًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ مُنْتَعِلًا لِأَنَّهُ مَعَ النَّعْلِ لَمْ تَمَسَّ قَدَمُهُ الْأَرْضَ فَيَشْمَلُ الْحَافِيَ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ مُتَعَذِّرَةً) نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ أَوْ مَهْجُورَةً) كَمَا فِي مِثَالِنَا (قَوْلُهُ وَوَضَعَ قَدَمَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ جَسَدُهُ خَارِجَ الدَّارِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَمَتَى صَارَ اللَّفْظُ مَجَازًا عَنْ غَيْرِهِ لَا يُعْتَبَرُ اللَّفْظُ بِحَقِيقَتِهِ، وَيَنْصَرِفُ إلَى الْمَجَازِ كَمَا فِي وَضْعِ الْقَدَمِ إلَّا لِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْمَجَازِ، فَتُعْتَبَرُ الْحَقِيقَةُ فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ ارْتَقَيْت هَذَا السُّلَّمَ أَوْ وَضَعْت رِجْلَك عَلَيْهِ فَأَنْتِ كَذَا فَوَضَعَتْ رِجْلَهَا عَلَيْهِ وَلَمْ تَرْتَقِ حَنِثَ لِأَنَّ الْعَطْفَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْحَقِيقَةَ ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْمُنْتَقَى لَأَضْرِبَنَّكَ بِالسِّيَاطِ حَتَّى أَقْتُلَك فَهَذَا عَلَى الضَّرْبِ الْوَجِيعِ، وَلَوْ قَالَ: لَأَضْرِبَنَّكَ بِالسَّيْفِ حَتَّى تَمُوتِي فَذَا عَلَى الْمَوْتِ عُرِفَ مُرَادُهُ مِنْ تَقَيُّدِهِ بِالسَّيْفِ اهـ.

قُلْت: وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي لَمْ تُهْجَرْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ.

(قَوْلُهُ لِمُرِيدِ الْخُرُوجِ وَالضَّرْبِ) أَيْ لِشَخْصٍ أَرَادَ الْخُرُوجَ أَوْ أَرَادَ الضَّرْبَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ أَيْ قَوْلِ الْحَالِفِ، وَقَوْلُهُ فِعْلُهُ فَوْرًا نَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ وَضَمِيرُهُ لِلْمَذْكُورِ مِنْ الْخُرُوجِ وَالضَّرْبِ.

ص: 761

(فِعْلُهُ فَوْرًا) لِأَنَّ قَصْدَهُ الْمَنْعُ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ عُرْفًا وَمَدَارُ الْأَيْمَانِ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ تُسَمَّى يَمِينَ الْفَوْرِ تَفَرَّدَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله بِإِظْهَارِهَا وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ.

(وَ) كَذَا (فِي) حَلِفِهِ (إنْ تَغَدَّيْت) فَكَذَا (بَعْدَ قَوْلِ الطَّالِبِ) تَعَالَ (تَغَدَّ مَعِي) شُرِطَ لِلْحِنْثِ (تَغَدِّيهِ مَعَهُ) ذَلِكَ الطَّعَامَ الْمَدْعُوَّ إلَيْهِ (وَإِنْ ضَمَّ) إلَى إنْ تَغَدَّيْت (الْيَوْمَ أَوْ مَعَك)

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي يَمِينِ الْفَوْرِ

(قَوْلُهُ فَوْرًا) سُئِلَ السُّغْدِيُّ بِمَاذَا يُقَدَّرُ الْفَوْرُ؟ قَالَ بِسَاعَةٍ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ فَقَالَ الزَّوْجُ إنْ خَرَجْت فَعَادَتْ وَجَلَسَتْ وَخَرَجَتْ بَعْدَ سَاعَةٍ لَا يَحْنَثُ حَمَوِيٌّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ حِنْثِهِ إذَا خَرَجَتْ بَعْدَ سَاعَةٍ تَغَيُّرُ تِلْكَ الْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ مَعَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ، يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الْفَتْحِ تَهَيَّأَتْ لِلْخُرُوجِ، فَحَلَفَ لَا تَخْرُجُ فَإِذَا جَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ الَّذِي تَهَيَّأَتْ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ خَرَجْت السَّاعَةَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

قُلْت: وَهُوَ مُفَادُ عِبَارَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَيْضًا، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ إنْ لَمْ تَقُومِي السَّاعَةَ وَتَجِيئِي إلَى الدَّارِ فَأَنْتِ كَذَا فَقَامَتْ السَّاعَةَ وَلَبِسَتْ الثِّيَابَ وَخَرَجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَجَلَسَتْ حَتَّى خَرَجَ الزَّوْجُ فَخَرَجَتْ وَأَتَتْ الدَّارَ بَعْدَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ رُجُوعَهَا وَجُلُوسَهَا مَا دَامَتْ فِي تَهَيُّؤِ الْخُرُوجِ لَا يَكُونُ تَرْكًا لِلْفَوْرِ كَمَا لَوْ أَخَذَهَا الْبَوْلُ فَبَالَتْ قَبْلَ لُبْسِ الثِّيَابِ اهـ مُلَخَّصًا إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ فَإِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ عَدَمُ الْخُرُوجِ وَهُوَ تَرْكٌ فَيَتَحَقَّقُ بِتَحَقُّقِ ضِدِّهِ وَهُوَ الْجُلُوسُ عَلَى وَجْهِ الْإِعْرَاضِ فَإِنَّهَا إنَّمَا جَلَسَتْ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ الْخُرْجَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا فَيَتَحَقَّقُ عَدَمُ الْخُرُوجِ سَوَاءٌ تَغَيَّرَتْ الْهَيْئَةُ أَوْ لَا وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي الْمَجِيءُ الْمُثْبَتُ، وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِفِعْلِهِ وَالْفَاعِلُ إذَا تَهَيَّأَ لِلْفِعْلِ وَجَلَسَ مُنْتَظِرًا لَهُ عَازِمًا عَلَيْهِ لَا يَكُونُ مُعْرِضًا عَنْهُ بَلْ هُوَ فَاعِلٌ حُكْمًا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ هُنَا لِيُعْلَمَ بِهَا أَنَّ الْجُلُوسَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْإِعْرَاضِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ ضِدُّ الْفِعْلِ الْمُرَادِ ظَاهِرًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ تُسَمَّى يَمِينَ الْفَوْرِ إلَخْ) مِنْ فَارَتْ الْقِدْرُ غَلَتْ اُسْتُعِيرَ لِلسُّرْعَةِ أَوْ مِنْ فَوَرَانِ الْغَضَبِ انْفَرَدَ الْإِمَامُ بِإِظْهَارِهَا، وَكَانَتْ الْيَمِينُ أَوَّلًا قِسْمَيْنِ: مُؤَبَّدَةً أَيْ مُطْلَقَةً وَمُؤَقَّتَةً، وَهَذِهِ مُؤَبَّدَةٌ لَفْظًا مُؤَقَّتَةٌ مَعْنًى تَتَقَيَّدُ بِالْحَالِ، إمَّا بِأَنْ تَكُونَ بِنَاءً عَلَى أَمْرٍ حَالِيٍّ كَمَا مُثِّلَ أَوْ أَنْ تَقَعَ جَوَابًا بِالْكَلَامِ يَتَعَلَّقُ بِالْحَالِ كَمَا فِي إنْ تَغَدَّيْت أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْفَتْحِ عَنْ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ الْحِنْثَ بِهَا اعْتِبَارًا لِلْإِطْلَاقِ اللَّفْظِيِّ.

(قَوْلُهُ تَغَدِّيهِ مَعَهُ) نَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ فَلَوْ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ فَتَغَدَّى لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ جَوَابَهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ فَيَنْطَبِقُ عَلَى السُّؤَالِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ ذَلِكَ الطَّعَامَ الْمَدْعُوَّ إلَيْهِ) كَذَا فِي الْإِيضَاحِ لِابْنِ كَمَالٍ مَعْزِيًّا إلَى الْهِدَايَةِ، وَاَلَّذِي فِي الْهِدَايَةِ هُوَ مَا سَمِعْته، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْفِعْلَ أَيْ التَّغَدِّيَ وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّعَامَ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ الْغَدَاءِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَأَنَّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْغَدَاءِ إلَخْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ إلَى أَكْلِ الْغَدَاءِ أَوْ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْغَدَاءَ عَلَى التَّغَدِّي تَسَاهُلًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي الْغَدَاءُ الْأَكْلُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الظُّهْرِ قَالَ فِي الْفَتْحِ هُنَاكَ وَهَذَا تَسَاهُلٌ مَعْرُوفُ الْمَعْنَى فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ اهـ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ كَمَالٍ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ يَحْنَثُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُوَ التَّغَدِّي مَعَ الطَّالِبِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَدْعُوُّ إلَيْهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الطَّالِبِ وَلَا فِي كَلَامِ الْحَالِفِ تَعْيِينُ طَعَامٍ، بَلْ لَوْ دَعَاهُ إلَى الْغَدَاءِ مَعَهُ قَبْلَ حُضُورِ طَعَامٍ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ الْجَوَابَ يَنْطَبِقُ عَلَى السُّؤَالِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ الطَّالِبُ تَغَدَّ مَعِي هَذَا الطَّعَامَ تَقَيَّدَ بِهِ أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا الْفَهْمَ الَّذِي فَهِمَهُ ابْنُ كَمَالٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ وَإِنْ عَوَّلَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْيَوْمَ أَوْ مَعَك) مَفْعُولُ ضَمَّ أَيْ بِأَنْ قَالَ إنْ تَغَدَّيْت الْيَوْمَ أَوْ قَالَ إنْ تَغَدَّيْت مَعَك حَنِثَ

ص: 762

فَعَبْدِي حُرٌّ (حَنِثَ بِمُطْلَقِ التَّغَدِّي) لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْجَوَابِ فَجُعِلَ مُبْتَدِئًا وَفِي طَلَاقِ الْأَشْبَاهِ إنْ لِلتَّرَاخِي إلَّا بِقَرِينَةِ الْفَوْرِ وَمِنْهُ طَلَبَ جِمَاعَهَا فَأَبَتْ فَقَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي الْبَيْتَ فَدَخَلَتْ بَعْدَ سُكُونِ شَهْوَتِهِ حَنِثَ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ

ــ

[رد المحتار]

بِمُطْلَقِ التَّغَدِّي. وَاعْتَرَضَ ح قَوْلَهُ: أَوْ مَعَك بِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّؤَالِ لِأَنَّ السُّؤَالَ فِيهِ لَفْظَةُ مَعَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ تَغَدَّ عِنْدِي كَمَا قَالَ فِي الْكَنْزِ اهـ.

قُلْت: لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ لَهُ تَغَدَّ مَعِي فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَتَغَدَّى فَذَهَبَ إلَى بَيْتِهِ وَتَغَدَّى مَعَ أَهْلِهِ لَا يَحْنَثُ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ يَمِينَهُ عُقِدَتْ عَلَى غَدَاءٍ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ الَّذِي دَعَاهُ إلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهِ لَا أَتَغَدَّى خَرَجَ جَوَابًا لِسُؤَالِ الْمُخَاطَبِ وَأَمْكَنَ جَعْلُهُ جَوَابًا لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ، فَيُجْعَلُ جَوَابًا وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ وَالسُّؤَالُ وَقَعَ عَلَى غَدَاءٍ بِعَيْنِهِ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: تَغَدَّ مَعِي أَيْ هَذَا الْغَدَاءَ، فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ فِي السُّؤَالِ كَأَنَّهُ قَالَ تَغَدَّ مَعِي هَذَا الْغَدَاءَ وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَتَغَدَّى مَعَك لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ، وَمَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ جَوَابًا فَجُعِلَ ابْتِدَاءً وَلَا قَيْدَ فِيهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّرَاجِيَّةِ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَغَدَّيْت مَعَك زِيَادَةٌ عَلَى الْجَوَابِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ مَعَ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ الطَّالِبِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَلِعُمُومِهِ الْمَدْعُوَّ إلَيْهِ وَغَيْرَهُ أَيْ التَّغَدِّيَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ح فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إطْلَاقُ الْغَدَاءِ عَلَى التَّغَدِّي كَمَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ تَسَاهُلًا (قَوْلُهُ حَنِثَ بِمُطْلَقِ التَّغَدِّي) الْإِطْلَاقُ بِالنَّظَرِ لِلْيَوْمِ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ تَغَدَّى مَعَهُ أَوْ فِي بَيْتِهِ مَثَلًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَبِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ مَعِي تَغَدِّيهِ مَعَهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ، وَلَا يَحْنَثُ إنْ تَغَدَّى مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ ط.

(قَوْلُهُ فَجَعَلَ مُبْتَدِئًا) لَكِنْ لَوْ نَوَى الْجَوَابَ دُونَ الِابْتِدَاءِ صُدِّقَ دِيَانَةً لِأَنَّ احْتِمَالَ كَوْنِهِ جَوَابًا قَائِمٌ لَا قَضَاءً لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ فِيمَا فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ إنْ تَغَدَّيْت وَنَوَى مَا بَيْنَ الْفَوْرِ وَالْأَبَدِ كَالْيَوْمِ أَوْ الْغَدِ لَمْ يُصَدَّقْ أَصْلًا لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمَلْفُوظِ وَالْحَالُ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ فَانْتَفَى دَلَالَةُ الْحَالِ، وَدَلَالَةُ الْمَقَالِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَنَوَى عَدَدًا أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا وَنَوَى لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي شَرْحِهِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ إنَّ لِلتَّرَاخِي إلَخْ) احْتَرَزَ بِهَا عَنْ إذَا فَإِنَّهَا لِلْفَوْرِ فَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا فَعَلْت كَذَا فَلَمْ أَفْعَلْ كَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَفْعَلْ عَلَى أَثَرِ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْفَوْرِ أَيْضًا اهـ وَمَعْنَى كَوْنِ إنَّ لِلتَّرَاخِي أَنَّهَا تَكُونُ لِلتَّرَاخِي وَغَيْرِهِ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةِ الْفَوْرِ، وَالْمُرَادُ فِعْلُ الشَّرْطِ الَّذِي دَخَلَتْ عَلَيْهِ، وَمَا رُتِّبَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت فَكَذَا وَخَرَجَتْ فَوْرًا أَوْ بَعْدَ يَوْمٍ مَثَلًا حَنِثَ إلَّا لِقَرِينَةِ الْفَوْرِ، فَيَتَقَيَّدُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَمِنْهُ مَا مَثَّلَ بِهِ وَكَذَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ إنْ دَخَلْت دَارَك فَلَمْ أَجْلِسْ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ اهـ أَيْ الْجُلُوسُ عَلَى فَوْرِ الدُّخُولِ، وَفِيهَا أَيْضًا إنْ بَعَثْت إلَيْك فَلَمْ تَأْتِنِي فَعَبْدِي حُرٌّ، فَبَعَثَ إلَيْهِ فَأَتَاهُ ثُمَّ بَعَثَ إلَيْهِ ثَانِيًا فَلَمْ يَأْتِهِ حَنِثَ وَلَا يَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالْبِرِّ حَتَّى يَحْنَثَ مَرَّةً فَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ الْيَمِينُ. اهـ.

مَطْلَبُ إنْ ضَرَبْتنِي وَلَمْ أَضْرِبْك

وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ ضَرَبْتنِي وَلَمْ أَضْرِبْك فَهَذَا عَلَى الْمَاضِي عِنْدَنَا كَأَنَّهُ قَالَ وَلَمْ أَكُنْ ضَرَبْتُك قَبْلَ ضَرْبِك إيَّايَ وَإِنْ نَوَى بَعْدُ صَحَّ أَيْ إنْ ضَرَبْتنِي ابْتِدَاءً وَلَمْ أَضْرِبْك بَعْدَهُ، وَيَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ كَلِمَةَ وَلَمْ تَقَعْ عَلَى الْأَبَدِ كَإِنْ أَتَيْتنِي وَلَمْ آتِك إنْ زُرْتنِي وَلَمْ أَزُرْك وَقَدْ تَقَعُ عَلَى الْفَوْرِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مَعَانِي كَلَامِ النَّاسِ وَكَذَلِكَ تَقَعُ عَلَى قَبْلُ وَعَلَى بَعْدُ كَمَا مَرَّ وَفِي إنْ كَلَّمْتنِي وَلَمْ أُجِبْك عَلَى بَعْدَ لِأَنَّ الْجَوَابَ لَا يَتَقَدَّمُ، وَعَلَى الْفَوْرِ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ حَنِثَ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الدُّخُولُ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ فَاتَ فَصَارَ شَرْطُ الْحِنْثِ عَدَمُ الدُّخُولِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ وُجِدَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ)

ص: 763

طُولُ التَّشَاجُرِ لَا يَقْطَعُ الْفَوْرَ، وَكَذَا لَوْ خَافَتْ فَوْتَ الصَّلَاةِ فَصَلَّتْ أَوْ اشْتَغَلَتْ بِالْوُضُوءِ لِصَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ اشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ عُذْرٌ شَرْعًا وَكَذَا عُرْفًا.

(مُرَكَّبُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ) وَالْمُكَاتَبِ (لَيْسَ لِمَوْلَاهُ فِي حَقِّ الْيَمِينِ إلَّا) بِشَرْطَيْنِ (إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقًا وَ) قَدْ (نَوَاهُ) فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ (حَلَفَ لَا يَرْكَبُ فَالْيَمِينُ عَلَى مَا يَرْكَبُهُ النَّاسُ) عُرْفًا مِنْ فَرَسٍ وَحِمَارٍ (فَلَوْ رَكِبَ ظَهْرَ إنْسَانٍ) أَوْ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً أَوْ فِيلًا (لَا يَحْنَثُ) اسْتِحْسَانًا إلَّا بِالنِّيَّةِ ظَهِيرِيَّةٌ.

ــ

[رد المحتار]

عِبَارَتُهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا لَمْ تَجِيئِي إلَى الْفِرَاشِ هَذِهِ السَّاعَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهُمَا فِي التَّشَاجُرِ فَطَالَ بَيْنَهُمَا كَانَ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَتْ إلَى الْفِرَاشِ لَا يَحْنَثُ اهـ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ سُكُونِ شَهْوَتِهِ فَيُقَيَّدُ بِهِ مَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الِاخْتِيَارِ فَيَنْبَغِي تَقَيُّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ تَسْكُنْ شَهْوَتُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهَا الْبَوْلُ فَبَالَتْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقِيلَ الصَّلَاةُ تَقْطَعُ الْفَوْرَ لِأَنَّهَا عَمَلٌ آخَرُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَاشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ) أَيْ إذَا خَافَتْ فَوْتَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ، وَهَذَا تَكْرَارٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ وَهِيَ تُصَلِّي تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ اشْتَغَلَتْ بِالتَّطَوُّعِ أَوْ بِالْوُضُوءِ أَوْ أَكَلَتْ أَوْ شَرِبَتْ حَنِثَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعُذْرٍ شَرْعًا. اهـ.

مَطْلَبُ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ

(قَوْلُهُ مَرْكَبُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَنْوِيَهَا. الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمَوْلَى لَكِنَّهُ يُضَافُ لِلْعَبْدِ عُرْفًا وَكَذَا شَرْعًا قَالَ صلى الله عليه وسلم «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ» الْحَدِيثَ فَتَخْتَلُّ الْإِضَافَةُ إلَى الْمَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ إذْ الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ لِلسَّيِّدِ عِنْدَهُمَا هِدَايَةٌ.

قُلْت: وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَأْذُونِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَيَحْنَثُ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ إذَا نَوَاهُ بِالْأَوْلَى اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ) لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ هُنَا، وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةَ مُكَاتَبِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَيْسَ بِمُضَافٍ إلَى الْمَوْلَى لَا ذَاتًا وَلَا يَدًا اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَاهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ دَابَّتَهُ مِلْكٌ لَهُ لَا لِمَوْلَاهُ وَلِذَا يَضْمَنُهَا الْمَوْلَى بِالْإِتْلَافِ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا فَتَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت الْقُهُسْتَانِيَّ قَالَ: وَالْإِضَافَةُ إلَى الْمَأْذُونِ تُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ رَكِبَ مَرْكَبَ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ اسْتِحْسَانًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ اسْمُ الدَّابَّةِ لِمَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ إذَا قَالَ دَابَّةَ فُلَانٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَهُ بِالرُّكُوبِ الْمُعْتَادِ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْحِمَارُ وَالْبَغْلُ وَالْفَرَسُ، فَيُقَيَّدُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْجَمَلُ مِمَّا يُرْكَبُ أَيْضًا فِي الْأَسْفَارِ وَبَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَلَا يَحْنَثُ بِالْجَمَلِ إلَّا إذَا نَوَاهُ، وَكَذَا الْفِيلُ وَالْبَقَرُ إذَا نَوَاهُ حَنِثَ وَإِلَّا لَا، وَيَنْبَغِي إنْ كَانَ الْحَالِفُ مِنْ الْبَدْوِ أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَى الْجَمَلِ أَيْضًا بِلَا نِيَّةٍ لِأَنَّ رُكُوبَهُ مُعْتَادٌ لَهُمْ، وَكَذَا إنْ كَانَ حَضَرِيًّا جَمَّالًا وَالْمَحْلُوفُ عَلَى دَابَّتِهِ جَمَّالٌ دَخَلَ فِي يَمِينِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَإِذَا كَانَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ انْعِقَادَهَا عَلَى الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، فَلَوْ نَوَى بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ بِأَنْ نَوَى الْحِمَارَ دُونَ الْفَرَسِ مَثَلًا لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً لِأَنَّ نِيَّةَ الْخُصُوصِ لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ اللَّفْظِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي كَذَا فِي الْفَتْحِ.

قُلْت: أَيْ لِأَنَّ الْمَحْمُولَ عَلَى الْعُرْفِ هُوَ لَفْظُ أَرْكَبُ لَا لَفْظُ دَابَّةٍ فَإِنَّ لَفْظَ دَابَّةٍ يَشْمَلُ الْكُلَّ عُرْفًا وَلُغَةً وَإِنَّمَا خَصَّصَ الْعُرْفُ لَفْظَ أَرْكَبُ بِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، فَلَوْ نَوَى بَعْضَهَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الْفِعْلِ وَلَا عُمُومَ لَهُ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ، ثُمَّ حَيْثُ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى الْعُرْفِ الْمُعْتَادِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْحَالِفَ لَوْ كَانَ لَيْسَ مِمَّنْ يَرْكَبُ الْحِمَارَ أَنْ لَا يَحْنَثَ

ص: 764